الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للأخبار ولعادة الناس فيما بينهم ولتخرج المفوضة عن شبه الموهوبة وليكون ذلك أقطع للخصومة ويمكن حمل قول ابن عباس ومن وافقه على الاستحباب فلا يكون بين القولين فرق والله أعلم *
(مسألة) * (وإن مات أحدهما قبل الإصابة وقبل الفرض ورثه صاحبه ولها مهر نسائها)
إذا مات أحدهما قبل الإصابة وقبل الفرض فللآخر الميراث بغير خلاف فيه فإن الله تعالى فرض لكل واحد من الزوجين فرضا وعقد الزوجية ههنا صحيح ثابت فيورث به لدخوله في عموم النص (فصل)(ولها مهر نسائها وعنه أنه يتنصف بالموت إلا أن يكون قد فرضه لها) ظاهر المذهب أن لها مهر نسائها وهو الصحيح إن شاء الله تعالى وإليه ذهب ابن مسعود ابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري واسحاق.
وروي عن علي وابن مسعود وابن عمر والزهري وربيعة ومالك والاوزاعي لا مهر لها لأنها فرقة وردت على تفويض صحيح قبل فرض ومسيس فلم يجب بها مهر كفرقة الطلاق وقال أبو حنيفة كقولنا في المسلمة وكقولهم في الذمية وعن أحمد رواية أخرى لا يكمل وتنصف إذا لم يكن
فرضه لها لأن المفروض لها تخالف التي لم يفرض لها في الطلاق فجاز أن تخالفها بعد الموت وللشافعي قولان كالروايتين ولنا ما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قضى لامرأة لم يفرض لها زوجها صداقاً ولم
يدخل بها حتى مات فقال لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل ابن سنان الأشجعي فقال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق مثل ما قضيت قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وهو نص في محل النزاع ولأن الموت معنى يكمل به المسمى فكمل به مهر المثل للمفوضة كالدخول، وقياس الموت على الطلاق لا يصح فإن الموت يتم به النكاح فيكمل به الصداق والطلاق يقطعه ويزيله قبل إتمامه وكذلك وجبت العدة بالموت قبل الدخول ولم تجب بالطلاق وكمل المسمى بالموت ولم يكمل بالطلاق فإنها زوجة مفارقة بالموت فكمل لها الصداق كالمسلمة أو كما لو سمى لها ولأن المسلمة والذمية لا يختلفان في الصداق في موضع فوجب أن لا يختلفا ههنا وإن كان قد فرضه لها لم يتنصف بالموت على الروايتين جميعاً * (مسألة) * (فإن طلقها قبل الدخول لم يكن لها عليه إلا المتعة) إذا طلقت المفوضة البضع قبل الدخول فليس لها إلا المتعة نص عليه أحمد في رواية جماعة وهو قول ابن عمر وابن عباس والحسن وعطاء وجابر بن زيد والشعبي والنخعي والزهري والثوري والشافعي وأبي عبيد وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى أن لها نصف مهر مثلها لأنه نكاح صحيح يوجب مهر المثل بعد الدخول فيجوب نصفه بالطلاق قبل الدخول كما لو سمى لها محرما، وقال مالك والليث وابن أبي ليلى المتعة مستحبة غير واجبة لأن الله تعالى قال (حقا على المحسنين) فخصهم بها فيدل على أنها على سبيل الاحسان والتفضيل والإحسان ليس بواجب ولأنها لو كانت واجبة لم يخص المحسنين دون غيرهم
ولنا قول الله تعالى (ومتعوهن على الموسع قدره) والأمر يقتضي الوجوب وقال تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) وقال تعالى (إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن
فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن) ولانه طلاق في نكاح يقتضي عوضاً فلم يعر عن العوض كما لو سمى مهراً وأداء الواجب من الإحسان فلا تعارض بينهما (فصل) فإن فرض لها بعد العقد ثم طلقها قبله فلها نصف ما فرض لها ولا متعة وهذا قول ابن عمر وعطاء والشعبي والنخعي والشافعي وأبي عبيد، وعن أحمد أن لها المتعة ويسقط المهر وهو قول أبي حنيفة لأنه نكاح عري عن تسمية فوجبت المتعة كما لو لم يفرض لها ولنا قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) ولأنه مفروض يستقر بالدخول فيتنصف بالطلاق قبله كالمسمى في العقد (فصل) والمتعة تجب على كل زوج لكل زوجة مفوضة طلقت قبل الدخول وسواء في ذلك الحر والعبد والحرة والامة والمسلم والذمي والمسلمة والذمية وحكي عن أبي حنيفة لا متعة للذمية وقال الأوزاعي إن كان الزوجان أو أحدهما رقيقاً فلا متعة ولنا عموم النص ولأنها قائمة مقام نصف المهر في حق من سمى فتجب لكل زوجة على كل زوج كنصف المسمى ولأن ما يجب من الفرض يستوي فيه المسلم والكافر والحر والعبد كالمهر (فصل) فأما المفوضة المهر وهي التي يزوجها على ما شاء أحدهما أو التي زوجها غير أبنها بغير
إذنها بغير صداق أو التي مهرها فاسد فإنه يجب لها مهر المثل ويتنصف بالطلاق قبل الدخول ولا متعة لها هذا ظاهر كلام الخرقي وهو مذهب الشافعي، وعن أحمد أن لها المتعة دون نصف المهر وهو الذي ذكره شيخنا في الكتاب كالمفوضة البضع وهو مذهب أبي حنيفة لأنه خلا عقدها عن تسمية صحيحة فأشبهت التي لم يسم لها شئ.
ولنا أن هذه لها مهر واجب قبل الطلاق فوجب أن يتنصف كما لو سماه أو نقول لم ترض بغير صداق فلم تجب المتعة كالمسمى لها، وتفارق التي رضيت بغير عوض فإنها رضيت بغير صداق وعاد نصفها سليماً ففرضت المتعة بخلاف مسئلتنا (فصل) وكل فرقة يتنصف بها المسمى توجب المتعة إذا كانت مفوضة وما سقط به المسمى من الفرق كاختلاف الدين والفسخ بالرضاع ونحوه إذا جاء من قبلها لا يجب به متعة لأنها أقيمت مقام
نصف المسمى فسقطت في كل موضع يسقط كما تسقط الابدال إذا سقط مبدلها (فصل) قال أبو داود سمعت أحمد سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يكن فرض لها مهراً ثم وهب لها غلاماً ثم طلاقها قبل الدخول قال لها المتعة، وذلك لأن الهبة لا تنقص بها المتعة كما لا ينقص بها نصف المسمى وكان المتعة وانما تجب بالطلاق فلا يصح قضاؤها قبله ولأنها واجبة فلا نقص بالهبة كالمسمى * (مسالة) * (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، فأعلاها خادم وأدناها كسوة يجوز لها أن تصلي فيها) وجملة ذلك أن المتعة معتبرة بحال الزوج في يساره وإعساره نص عليه أحمد وهو وجه الاصحاب
الشافعي والوجه الآخر هو معتبر بحال الزوجة لأن المهر معتبر بها كذلك؟؟؟؟؟ القائمة مقامه ومنهم من قال يجزئ في المتعة ما يقع عليه الاسم كما يجزئ في الصداق ذلك ولنا قول الله تعالى (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) وهذا نص في أنها معتبرة بحال الزوج ولأنها تختلف ولو أجزأ ما يقع عليه الاسم سقط الاختلاف، ولو اعتبر بحال المرأة لما كان على الموسع قدره وعلى المقتر قدره.
إذا ثبت هذا فقد اختلفت الرواية عن أحمد فيها فروي عنه أعلاها خادم إذا كان موسراً وإن كان فقيراً متعها كسوتها درعاً وخماراً وثوباً تصلي فيه ونحو ذلك قال ابن عباس والزهري والحسن قال ابن عباس أعلى المتعة الخادم ثم دون ذلك النفقة ثم دون ذلك الكسوة ونحو ما ذكرنا في أدناها قال الثوري والاوزاعي وعطاء ومالك وأبو عبيد وأصحاب الرأي قالوا درع وخمار وملحفة * (مسألة) * (وعن أحمد يرجع في تقديرها إلى الحاكم) وهو أحد قولي الشافعي لأنه أمر لم يرد الشرع بتقديره وهو مما يحتاج إلى الاجتهاد فيجب الرجوع فيه إلى الحاكم كسائر المجتهدات وعنه يجب لها نصف مهر المثل ذكرها القاضي في المجرد فقال هي مقدرة بما يضاف مهر المثل لأنها بدل عنه فيجب أن تنقدر به، قال شيخنا وهذه الرواية تضعف لوجهين
(أحدهما) أن نص الكتاب يقتضي تقديرها بحال الزوج وتقديرها بنصف المهر يوجب اعتبارها
بحال المرأة لأن مهرها معتبر بها لا بزوجها (الثاني) أنا لو قدرناها بنصف مهر المثل لكانت نصف مهر المثل إذ ليس المهر معينا في ش؟؟، ووجه الرواية الأولى قول ابن عباس أعلى المتعة الخادم ثم دون ذلك الكسوة رواه أبو حفص اسناده وقدرها بكسوة يجوز لها الصلاة فيها لأن الكسوة الواجبة بمطلق الشرع تتقدر بذلك كالكسوة في الكفارة والسترة في الصلاة، وروى كنيف السلمي أن عبد الرحمن بن عوف طلق تماضر الكلبية فحملها بجارية سوداء يعني متعها قال إبراهيم العرب تسمي المتعة للتحميم وهذا فيما إذا تشاحا في قدرها فإن سمح لها بزيادة على الخادم أو رضيت بأقل من الكسوة جاز لأن الحق لهما وهو مما يجوز بذله فجاز ما اتفقا عليه كالصداق وقد روي عن الحسن بن علي أنه متع المرأة بعشرة آلاف درهم فقالت * متاع قليل من حبيب مفارق * * (مسألة) * (فان دخل بها استقر مهر المثل لأن الوطئ في نكاح من غير مهر خالص لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن طلقها بعد ذلك فهل تجب المتعة؟ على روايتين أصحهما لا تجب) كل من وجب لها نصف المهر لم تجب لها متعة سواء كانت ممن سمى لها صداقاً أو لم يسم لها لكن فرض لها بعد العقد وبهذا قال أبو حنيفة فيمن سمى لها وهو قديم قولي الشافعي وروي عن أحمد لكل مطلقة متاع وروي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن
وسعيد بن جبير وأبي قلابة والزهري وقتادة والضحاك وأبي ثور لظاهر قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) ولقوله سبحانه لنبيه عليه السلام (قل لأزواجك - إلى قوله - فتعالين أمتعكن) فعلى هذه الرواية لكل مطلقة متاع سواء كانت مفوضة أو سمى لها مدخولاً بها أو غيرها لما ذكرنا وظاهر المذهب أن المتعة لا تجب إلا المفوضة التي لم يدخل بها إذا طلقت قال أبو بكر كل من روي عن أبي عبد الله فيما أعلم روي عنه أنه لا بحكم بالمتعة إلا لمن سمي لها مهر إلا حنبلا روي عن أحمد أن لكل مطلقة متاعاً قال أبو بكر والعمل عليه عندي لولا تواتر الروايات عنه بخلافها ولنا قوله تعالى (ولا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) الآية فخص الأولى بالمتعة والثانية بنصف المفروض مع تسلمه
للنساء قسمين وإثباته لكل قسم حكماً فيدل ذلك على اختصاص كل قسم بحكمه وهذا يخص ما ذكروه ويحتمل أن يحمل الأمر بالمتاع في غير المفوضة على الاستحباب كدلالة الآيتين اللتين ذكرناهما على نفي وجوبها جمعاً بين دلالات الآيات والمعنى فإنه عوض واجب في عقد فإذا سمي فيه عوض صحيح لم يجب غير كسائر عقود المعاوضة ولأنها لا تجب لها المتعة قبل الفرقة ولا ما يقوم مقامها فلم يجب لها عند الفرقة كالمتوفى عنها زوجها (فصل) قد ذكرنا أن الزوج إذا طلق المسمى لها أو المفوضة المفروض لها بعد الدخول فلا
متعة لواحدة منهما على رواية حنبل وذكرنا قول من ذهب إليه فظاهر المذهب أنه لا متعة لواحدة منهما وهو قول أبي حنيفة وللشافعي قولان كالروايتين وقد ذكرنا ذلك.
إذا هذا فإنه يستحب أن يمتعها نص عليه أحمد فقال أنا أوجبها على من لم يسم لها صداقاً فإن كان قد سمى لها صداقاً فلا أوجبها عليه واستحب أن يمتع وان سمى لها صداقاً، وإنما استحب ذلك لعموم النص الوارد فيها ودلالته على ايجابها وقول علي ومن سمينا من الأئمة بها فلما امتنع الوجوب لدلالة الآيتين المذكورتين على نفي الوجوب ودلالة المعنى المذكور عليه تعين حمل الأدلة الدالة عليها على الاستحباب أو على أنه أريد به الخصوص، وأما المتوفى عنها فلا متعة لها بالإجماع لأن النص العام لم يتناولها وإنما تناول المطلقات ولأنها أخذت العوض المسمى لها في عقد المعاوضة فلم يجب لها به سواه كما في سائر العقود * (فصل) * قال الشيخ رضي الله عنه (ومهر المثل معتبر بما يساويها من نساء عصباتها كأختها وعمتها وبنت أخيها وعمها) يعتبر جميع أقاربها كأمها وخالتها وقال مالك يعتبر بمن هي في مثل حمالها ومالها وشرفها ولا يختص باقربائها لأن الأغراض إنما تختلف بذلك دون الأقارب ولنا قوله في حديث ابن مسعود لها مهر نسائها ونساؤها أقاربها وما ذكره فنحن نشترطه ونشترط معه أن تكون من نساء أقاربها لأنها أقرب إليهن، وقوله إنما يختلف بهذه الأوصاف دون الأقارب لا يصح لأن المرأة تطلب لحسبها كما جاء في الأثر وحسبها يختص به أقاربها ويزداد المهر بذلك ويقل
وقد يكون الحي وأهل القرية لهم عادة في الصداق ورسم مقرر لا يشاركهم فيه غيرهم ولا يغيرونه بتغير الصفات فيعتبر ذلك دون سائر الصفات، واختلفت الرواية عن أحمد فيمن يعتبر من أقاربها فقال في رواية حنبل لها مهر مثلها من نسائها من قبل أبيها فاعتبر بنساء العصبات خاصة وهذا مذهب الشافعي وقال في رواية إسحاق بن هانئ لها مهر نسائها مثل أمها أو أختها أو عمتها أو بنت عمها اختاره أبو بكر وهذا مذهب أبي حنيفة وابن أبي ليلى لأنهن من نسائها والأولى أولى فإنه قد روي في قصة بروع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في تزويج بنت واشق بمثل مهر نساء قومها، ولأن شرف المرأة معتبر في مهرها وشرفا بنسبها وأمها وخالتها لا يساويانها في شرفها، وقد تكون أمها مولاة وهي شريفة، وقد تكون أمها قرشية وهي غير قرشية، وينبغي أن يكون الاقرب فالاقرب، فأقرب نساء عصباتها أخواتها لأبيها، ثم عماتها، ثم بنات عمها الأقرب فالأقرب * (مسألة) * (وتعتبر المساواة في المال والجمال والعقل والادب والسن والبكارة والثيوبة والبلد) وصراحة نسبها وكل ما يختلف لاجله الصداق وإنما اعتبرت هذه الصفات كلها لأن مهر المثل بدل متلف فاعتبرت الصفات المقصودة فيه فإن لم يكن في عصباتها من هو في مثل حالها فمن نساء أرحامها كأمها وجداتها وخالاتها وبناتهن.
* (مسألة) * (فإن لم يوجد إلا دونها زيدت بقدر فضيلتها) لأن زيادة فضيلتها تقتضي زيادة في المهر فتقدرت الزيادة بقدر الفضيلة، وإن لم يوجد إلا فوقها نقصت بقدر نقصها كأرش العيب بقدر نقص المبيع (فصل) ويجب مهر المثل حالا لأنه بدل متلف فأشبه قيم المتلفات ولا يكون إلا من نقد البلد لما ذكرنا ولا تلزم الدية لأنها تختلف باختلاف صفات المتلف بل هي مقدرة بالشرع فكانت بحكم ما جعله من الحلول والتأجيل فلا يعتبر بها غيرها ولأنها عدل بها عن سائر الأبدال فيمن وجب عليه فكذلك في تأجيلها تخفيفاً عنه بخلاف غيرها
* (مسألة) * (فإن كانت عادة نسائها تأجيل المهر فرض مؤجلاً في أحد الوجهين) لأنه مهر مثلها (والثاني) يفرض حالا لما ذكرنا وإن كان عادتهم التخفيف عن عشيرتهم دون
غيرهم اعتبر ذلك وهذا مذهب الشافعي، فإن قيل فإذا كان مهر المثل بدل متلف يجب أن لا يختلف باختلاف المتلف كسائر المتلفات، قلنا النكاح يخالف سائر المتلفات فان سائر المتلفات المقصود بها المالية خاصة فلم تختلف باختلاف المتلفين والنكاح يقصد به أعيان الزوجين فاختلف باختلافهم ولأن سائر المتلفات لا تختلف باختلاف العوائد والمهر يختلف بالعادات، فإن المرأة إن كانت من قوم عادتهم تخفيف مهور نسائهم وجب مهر المرأة منهم خفيفاً، وإن كانت أفضل وأشرف من نساء عادتهم تثقيل المهر وعلى هذا متى كانت عادتهم التخفيف لمعنى مثل الشرف واليسار ونحو ذلك اعتبر جريا على عادتهم * (مسألة) * (فإن لم يكن لها أقارب اعتبر شبهها من أهل بلدها) فإن عدم ذلك اعتبرنا أقرب النساء شبهاً بها من أقرب البلاد إليها من غيرهم كما اعتبرنا قرابتها البعيد إذا لم يوجد القريب.
* (فصل) * قال رضي الله عنه (فأما النكاح الفاسد فمتى إفترقا قبل الدخول بطلاق أو غيره فلا مهر) لأن المهر يجب بالعقد والعقد فاسد، فإن وجوده كالعدم ولأنه عقد فاسد فيخلو من العوض كالبيع الفاسد * (مسألة) * (فان دخل بها استقر المسمى وعنه يجب مهر المثل وهي أصح) المنصوص عن أحمد أن لها المسمى لأن في بعض ألفاظ حديث عائشة " ولها الذي أعطاها بما أصاب منها " قال القاضي حدثناه أبو بكر البرقاني وأبو محمد الخلال بإسناديهما، وقال أبو حنيفة الواجب الأقل من المسمى أو مهر المثل لأنها إن رضيت بدون مهر مثلها فليس لها أكثر منه كالعقد الصحيح وإن كان المسمى أكثر لم تجب الزيادة بعقد غير صحيح، والصحيح وجوب مهر المثل، أومأ إليه أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي لقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها فجعل لها
المهر بالاصابة، والاصابة إنما توجب مهر المثل ولأن العقد ليس بموجب بدليل الخبر وأنه لو طلقها قبل مسيسها لم يكن لها شئ وإذا لم يكن موجباً كان وجوده كعدمه وبقي الوطئ موجباً بمفرده فأوجب مهر المثل كوطئ الشبهة ولأن القسمة لو فسدت لوجب مهر المثل فإذا فسد العقد من أصله كان أولى، وقول أبي حنيفة أنها رضيت بدون صداقها إنما يصح إذا كان العقد هو الموجب، وقد بينا أنه إنما يجب بالاصابة فيوجب مهر المثل كاملا كوطئ الشبهة.
* (مسألة) * (ولا يستقر بالخلوة) وهو قول أكثر أهل العلم، وقال أصحابنا يستقر قياساً على العقد الصحيح ونص عليه أحمد والأول أولى لأن الصداق لم يجب بالعقد وإنما أوجبه الوطئ ولم يوجد ولذلك لا يتنصف بالطلاق قبل الدخول فأشبه الخلوة بالأجنبية ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل لها المهر بما استحل من فرجها ولم يوجد ذلك في الخلوة بغير إصابة وقد ذكرناه.
(فصل) إذا تزوجت المرأة تزويجاً فاسداً لم يحل تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها فإن امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه نص عليه أحمد، وقال الشافعي لا حاجة إلى فسخ ولا طلاق لأنه نكاح غير منعقد أشبه النكاح في العدة ولنا أنه نكاح يسوغ فيه الاجتهاد فاحتيج في التفريق إلى إيقاع فرقة كالصحيح المختلف فيه ولأن تزويجها من غير فرقة يفضي إلى تسليط زوجين عليها كل واحد منهما يعتقد صحة نكاحه وفساد نكاح الآخر ويفارق النكاح الباطل من هذين الوجهين فعلى هذا متى تزوجت بآخر قبل
التفريق لم يصح الثاني ولم يجز تزويجها حتى يطلق الأولان أو يفسخ نكاحهما ومتى كان التفريق قبل الدخول فلا مهر لأنه عقد فاسد لم يتصل به قبض فلم يجب به عوض كالبيع الفاسد وإن كان بعد الدخول فلها المهر لما ذكر وإن تكرر الوطئ لم يجب به أكثر من مهر واحد بدليل قوله عليه الصلاة السلام " فلها المهر بما استحل من فرجها " ولأنه إصابة في عقد أشبه الاصابة في العقد الصحيح * (مسألة) * (ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهة والمكرهة على الزنا ولا يجب معه أرش البكارة ويحتمل أن يجب للمكرهة) وأما الموطوءة بشبهة فيجب لها مهر المثل بغير خلاف علمناه ويجب للمكرهة على الزنا في ظاهر المذهب، وعن أحمد لا يجب لها مهر إن كانت ثيبا اختاره أبو بكر ولا يجب معه أرش البكارة، وذكر القاضي أن أحمد ذكر في رواية أبي طالب في حق الأجنبية إذا أكرهها على الزنا فعليه المهر وأرش البكارة وهذا قول الشافعي، وقال أبو حنيفة لا مهر للمكرهة على الزنا.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " فلها المهر بما استحل من فرجها " وهي حجة على أبي حنيفة فإن المكرهة مستحل لفرجها فإن الاستحلال الفعل في غير موضع الحل لقوله عليه السلام " ما آمن بالقرآن من استحل محارمه " وهو حجة أيضاً على من أوجب الارش لكونه أوجب المهر وحده من غير أرش ولأنه استوفى ما يجب بدله بالشبهة وفي العقد الفاسد فوجب بالتعدي كاتلاف المال وأكل طعام الغير ولنا أنه لا يجب الارش لانه وطئ ضمن بالمهر فلم يجب معه أرش كسائر الوطئ يحققه ان المهر بدل المنفعة المستوفاة بالوطئ وبدل المتلف لا يختلف بكونه في عقد فاسد وكونه تمحض عدوانا ولأن الأرش يدخل في المهر لكون الواجب لها مهر المثل ومهر البكر يزيد على مهر الثيب ببكارتها فكانت الزيادة في المهر مقابلة لما أتلف من البكارة ولا يجب عوضها مرة ثانية يحققه انه أخذ أرش البكارة مرة لم يجز أخذه
مرة أخرى فتصير كأنها معدومة ولا يجب لها إلا مهر ثيب ومهر الثيب مع أرش البكارة هو مهر البكر فلا تجوز الزيادة عليه (فصل) ولا فرق بين كون الموطوءة أجنبية أو من ذوات محارمه وهو اختيار أبي بكر ومذهب النخعي ومكحول وأبي حنيفة والشافعي وعن أحمد رواية أخرى أن النساء من ذوات محارمه لا مهر لهن وهو قول الشعبي لأن تحريمهن تحريم أصل فلا يجب به مهر كالواط وفارق من حرمت تحريم المصاهرة فإن تحريمها طال، وكذلك ينبني أن يكون الحكم فيمن حرمت بالرضاع لأنه طارئ وكذلك ينبغي أن يكون الحكم فيمن حرمت بالرضاع لأنه طارئ أيضاً، وعن أحمد رواية أخرى أن من تحرم ابنتها لا مهر لها كالام والبنت والأخت ومن تحل ابنتها كالعمة والخالة فلها المهر لأن تحريمها أخف.
ولنا أن ما ضمن للأجنبي ضمن للمناسب كالمال ومهر الامة ولانه أتلف منفعة بضعها بالوطئ فلزمه مهرها كالاجنبية ولأنه محل مضمون على غيره فوجب عليه ضمانه كالمال وبهذا فارق اللواط فإنه غير مضمون على أحد (فصل) ولا يجب المهر بالوطئ في الدبر ولا اللواط لأن الشرع لم يرد ببدله ولا هو إتلاف لشئ فأشبه القبلة والوطئ دون الفرج، وقال في المحرر يجب بوطئ المرأة في الدبر كالوطئ في القبل والأول أولى لأنه ليس بسبب للبضعية أشبه اللواط، ولا يجب للمطاوعة على الزنا لأنها باذلة لما يجب
بذله لها فلم يجب شئ كما لو أذنت له في قطع يدها فقطعها إلا أن تكون أمة فيكون المهر لسيدها ولا يسقط ببذلها لأن الحق لغيرها فأشبه ما لو بذلت قطع يدها (فصل) ومن طلق امرأته قبل الدخول طلقة وظن أنها لا تبين بها فوطئها لزمه مهر المثل ونصف المسمى، وقال مالك لا يلزمه إلا مهر واحد.
ولنا أن المفروض تنصف بطلاقه بقوله سبحانه (فنصف ما فرضتم) ووطؤه بعد ذلك عري عن الفعل فوجب به مهر المثل كما لو علم أو كغيرها أو كما لو وطئها غيره فأما من نكاحها باطل بالاجماع
كالمزوجة والمعتدة إذا نكحها رجل فوطئها عالماً بالحال وتحريم الوطئ وهي مطاوعة عالمة فلا مهر لأنه زنا يوجب الحد وهي مطاوعة عليه وإن جهلت تحريم ذلك أو كونها في العدة فالمهر لها لانه وطئ شبهة وقد روى أبو داود بإسناده أن رجلاً يقال له نصر بن أكتم نكح امرأة فولدت لأربعة أشهر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم لها الصداق بما استحل من فرجها وفي لفظ قال " الصداق بما استحللت من فرجها فإذا ولدت فاجلدوها " وروى سعيد في سننه عن عمران بن كثير أن عبيد الله بن الحر تزوج امرأة من قومه يقال لها الدرداء فانطلق عبيد الله فلحق بمعاوية ومات أبو الجارية فزوجها أهلها رجلا يقول له عكرمة فبلغ ذلك عبيد الله فقدم فخاصمهم إلى علي فقصوا عليه قصتهم فرد عليه المرأة وكانت حاملاً من عكرمة فوضعت على يد عدل فقالت المرأة لعلي أنا أحق بمالي أو عبيد الله؟ قال بل أنت أحق بمالك.
قالت فاشهدوا أن ما كان لي عند عكرمة من صداق فهو له.
فلما وضعت ما في بطنها ردها على عبيد الله بن الحر وألحق الولد بأبيه * (مسألة) * (وإذا دفع أجنبية فأذهب عذرتها فعليه أرش بكارتها) وقال القاضي يجب مهر المثل إذا دفع أجنبية فأذهب عذرتها أو فعل ذلك بأصبعه أو غيرها فعليه أرش بكارتها وهو مذهب الشافعي لأنه إتلاف حر لم يرد الشرع بتقدير عوضه فرجع في ديته إلى الحكومة كسائر ما لم يقدر ولأنه إذا لم يكمل به الصداق في حق الزوج ففي حق الأجنبي أولى وروى عن أحمد أن لها صداق نسائها اختاره القاضي وقال أحمد إن تزوج امرأة فدفعها هو وأخوه فأذهبا
عذرتها ثم طلقها قبل الدخول فعلى الزوج نصف المهر وعلى الأخ نصفه روي عن علي وابنه الحسن وعبد الله بن معقل وعبد الملك بن مروان فروى سعيد ثنا هشيم ثنا مغيرة عن إبراهيم أن رجلاً كان عنده أجنبية فخافت امرأته أن يتزوجها فاستعانت نسوة فضبطنها لها فأفسدت عذرتها وقالت لزوجها إنها فجرت فأخبر علي رضي الله عنه بذلك فأرسل إلى امرأته والنسوة فلما أتينه لم يلبثن أن اعترفن فقال للحسن بن علي اقض فيها يا حسن فقال الحد على من قذفها والمهر عليها وعلى الممسكات فقال علي لو كلفت
الإبل طحناً لطحنت وما يطحن يومئذ بعير قال ثنا هشيم أنا إسماعيل بن سالم أخبرنا الشعبي أن جواري أربعا قالت احداهن هي رجل وقالت الأخرى هي امرأة وقالت الثالثة هي أبوالتي زعمت أنها رجل وقالت الرابعة هي أبوالتي زعمت أنها امرأة فخطبت التي زعمت أنها أبو الرجل التي زعمت أنها أبو المرأة فزوجوها إياها فعمدت إليها فافسدتها باصبعها فرفع ذلك إلى عبد الملك بن مروان فجعل الصداق بينهن أربعاً وألقي حصة التي أمكنت من نفسها فبلغ ذلك عبد الله بن معقل فقال لو وليت أنا لجعلت الصداق على التي أفسدت الجارية وحدها وهذه قصص نشرت ولم تنكر فكانت إجماعاً ولأن اتلاف العذرة مستحق بعقد النكاح فإذا أتلفه أجنبي وجب المهر كنفقة البضع والقول الأول هو القياس لولا ما روي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرش البكارة ما بين مهر البكر والثيب والله أعلم * (مسألة) * (فان فعل ذلك الزوج ثم طلق قبل الدخول لم يكن لها عليه إلا نصف المسمى) وقال أبو يوسف ومحمد عليه الصداق كاملاً لأنه أذهب عذرتها في نكاح صحيح فأشبه ما لو أذهبها بالوطئ.
ولنا قول الله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) وهذه مطلقة قبل المسيس فأشبه ما لو لم يدفعها ولأنه أتلف ما يستحق إتلافه بالعقد فلم يضمنه لغيره كما لو اتلف عذرة أمته ويتخرج أن يجب لها الصداق كاملاً فإن أحمد قال إذا فعل ذلك أجنبي عليه الصداق ففيما إذا فعله الزوج أولى فإن ما يجب به الصداق ابتداء أحق بتقدير الصداق وقد روي عن أحمد فيمن أخذ امرأته وقبض عليها أو نظر إليها وهي عريانة أن عليه الصداق كاملاً فهذا أولى
* (مسألة) * (وللمرأة منع نفسها حتى تقبض مهرها إذا كان حالاً) قال إبن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها فإن قال الزوج لا أسلم إليها الصداق حتى أسلمها أجبر على تسليم الصداق أولاً ثم تجبر
هي على تسليم نفسها ومذهب الشافعي في هذا على نحو مذهبه في البيع ولنا أن في إجبارها على تسليم نفسها أولاً خطر إتلاف البضع والامتناع من بذل الصداق فلا يمكن الرجوع في البضع بخلاف المبيع الذي يجبر على تسليمه قبل تسليم ثمنه فإذا تقرر ذلك فلها النفقة إن امتنعت لذلك وإن كان معسراً بالصداق لأن امتناعها بحق فإن كان الصداق مؤجلا فليس لها منع نفسها قبل قبضه لأن رضاها بتأجيله رضى منها بتسليم نفسها قبل قبضه كالثمن المؤجل في البيع فإن حل المؤجل قبل تسليم نفسها لم يكن لها منع نفسها أيضا لأن التسليم قد وجب عليها واستقر قبل قبضه فلم يكن لها أن تمتنع منه فإن كان بعضه حالاً وبعضه مؤجلاً فلها منع نفسها قبل قبض العاجل دون الآجل فإن سلمت نفسها قبل قبضه ثم أرادت منع نفسها حتى تقبضه فهل لها ذلك؟ على وجهين وقد توقف أحمد رحمه الله عن الجواب في هذه المسألة وذهب أبو عبد الله بن بطة وأبو إسحاق بن شاقلا إلى أنها ليس لها ذلك وهو قول مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد لأن التسليم استقر به العوض برضى المسلم فلم يكن لها أن تمنع نفسها بعد ذلك كما لو سلم البائع المبيع وذهب أبو عبد الله بن حامد إلى أن لها ذلك وهو مذهب أبي حنيفة لأنه تسليم يوجبه عليها عقد النكاح فملكت أن تمتنع منه قبل قبض صداقها الأول فأما إن وطئها مكرهة لم يسقط حقها من الامتناع لأنه حصل بغير رضاها فهو كالمبيع إذا أخذه المشتري من البائع كرها فان أخذت الصداق فوجدت به عيباً فلها منع نفسها حتى يبذله أو يعطيها أرشه لأن صداقها صحيح وإن لم تعلم عيبه حتى سلمت نفسها خرج على وجهين فيما إذا سلمت نفسها قبل قبض صداقها نم بدا لها أن تمتنع والأولى ههنا أن لها الامتناع لأنها إنما سلمت نفسها ظناً أنها قد قبضت صداقها بخلاف المسألة المقيس عليها وكل موضع قلنا لها الامتناع من تسليم نفسها فلها السفر بغير إذن الزوج لأنه لم يثبت للزوج عليها حق الحبس فصارت كمن لا زوج لها، ولو بقي منه درهم كان كبقاء جميعه لأن كل من ثبت له الحبس بجميع البدل
ثبت له الحبس ببعضه كسائر الديون * (مسألة) * (وإن أعسر بالمهر قبل الدخول فلها الفسخ إذا كان حالاً) اختاره أبو بكر لأنه تعذر الوصول إلى عوض العقد قبل تسليم العوض فكان لها الفسخ كما لو أعسر المشتري بالثمن قبل تسليم المبيع وفيه وجه آخر ليس لها الفسخ اختاره ابن حامد قال شيخنا وهو الصحيح لأنه دين فلم ينفسخ بالاعسار به كالنفقة الماضية ولأنه لا نص فيه ولا يصح قياسه على الثمن في المبيع لأن الثمن كان مقصود البائع والعادة تعجيله والصداق فضلة ونحلة ليس هو المقصود في النكاح ولذلك لا يفسد النكاح بفساده ولا بترك ذكره والعادة تأخيره ولأن أكثر من يشتري بثمن حال يكون موسراً به وليس الأكثر أن من يتزوج بمهر يكون موسراً به وفيه وجه ثالث أنه ان أعسر قبل الدخول فلها الفسخ كما لو أفلس المشتري والمبيع بحاله فإن كان بعد الدخول لم يملك الفسخ لأن المعقود عليه قد استوفي فأشبه ما لو أفلس المشتري بعد تلف المبيع أو بعضه وللشافعي نحو هذه الوجوه وقيل إذا أعسر بعد الدخول انبنى على منع نفسها إن قلنا لها منع نفسها بالدخول فلها الفسخ كما قبل الدخول، وإن قلنا ليس لها منع نفسها فليس لها الفسخ كما لو أفلس بدين آخر * (مسألة) * (ولا يجوز الفسخ في ذلك كله إلا بحكم حاكم) لأنه فسخ يجتهد فيه مختلف فيه فأشبه الفسخ للعنة والفسخ للإعسار بالنفقة ولأنه لو فسخ بغير حكم اعتقدت أن النكاح انفسخ وأبيح لها أن تتزوج والزوج يعتقد أنها زوجته لم ينفسخ نكاحها فيصير للمرأة زوجان كل واحد يعتقد حلها له وتحريمها على الآخر وهذا لا يجوز في الإسلام وفيه وجه آخر أنه يجوز بغير حكم حاكم كخيار المعتقة تحت العبد والصحيح الأول ولا يصح قياسه على المعتقة لأن ذلك متفق عليه وهذا مختلف فيه
* (باب الوليمة) * وهي اسم لدعوة العرس خاصة لا يقع هذا الاسم على غيره كذلك حكاه ابن عبد البر عن ثعلب
وغيره من أهل اللغة وقال بعض أصحابنا وغيرهم إنها تقع على كل طعام لسرور حادث إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر وقول أهل اللغة أقوى لأنهم أهل اللسان وهم أعرف بموضوعات اللغة وأعلم بلسان العرب والعذيرة اسم لدعوة الختان وتسمى الاعذار والخرس والخرسة، عند الولادة والذكيرة دعوة البناء يقال ذكر وخرس مشدد والنقيعة عند قدوم الغائب يقال نقع مخفف والعقيقة الذبح لأجل الولد.
قال الشاعر: كل الطعام تشتهي ربيعه * الخرس والاعذار والنقيعة والحذاق الطعام عند حذاق الصبي والمأدبة اسم لكل دعوة لسبب كانت أو لغير سبب والآدب صاحب المأدبة قال الشاعر: نحن في المشتاة ندعو الجفلى * لا يرى الآدب منا ينتقر والجفلى في الدعوة أن يعم الناس بدعوته والنقرى هو أن يخص قوما دون قوم * (مسألة) * (وهي مستحبة) لا خلاف بين أهل العلم في أن الوليمة في العرس سنة مشروعة لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها
وفعلها فقال لعبد الرحمن بن عوف حين قال له تزوجت " أولم ولو بشاة " وقال أنس ما أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب جعل يبعثني أدعو له الناس فاطعمهم لحماً وخبزأً حتى شبعوا وقال أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطفى صفية لنفسه فخرج بها حتى بلغ بها ثنية الصهباء فبنى بها ثم صنع حيساً في نطع صغير ثم قال " ائذن لمن حولك " فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية متفق عليهن ويستحب أن يولم بشاة لحديث عبد الرحمن بو عوف وقال أنس ما أولم النبي صلى الله عليه وسلم على شئ من نسائه ما أولم على زينب أولم بشاة لفظ البخاري فإن أولم بغير هذا جاز فقد أولم النبي صلى الله عليه وسلم على صفية بحيس وأولم على بعض نسائه بمدين من شعير (فصل) وليست واجبة في قول أكثر أهل العلم وقال بعض أصحاب الشافعي هي واجبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها عبد الرحمن بن عوف ولأن الإجابة إليها واجبة
ولنا أنها طعام لسرور حادث فأشبه سائر الأطعمة والخبر محمول على الاستحباب لما ذكرنا وكونه أمر بشاة ولا خلاف في أنها لا تجب وما ذكروه من المعنى لا أصل له ثم هو باطل بالسلام ليس هو بواجب واجابة المسلم واجبة.
* (مسألة) * (والإجابة إليها واجبة إذا عينه الداعي المسلم في اليوم الأول)
قال ابن عبد البر لا خلاف في وجوب الإجابة إلى الوليمة لمن دعي إليها إذا لم يكن فيها لهو، وبه يقول مالك والشافعي والثوري والعنبري وأبو حنيفة وأصحابه ومن أصحاب الشافعي من قال هي من فروض الكفايات لأن الإجابة اكرام وموالاة فهي كرد السلام ولنا ما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها " وفي لفظ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليها " وقال أبو هريرة شر الطعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله رواهن البخاري، وهذا عام في معنى قوله شر الطعام طعام الوليمة والله أعلم أي طعام اليمة التي يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ولم يرد أن كل وليمة طعامها شر الطعام فإنه لو أراد ذلك لما أمر بها ولا ندب إليها ولا أمر بالإجابة إليها ولا فعلها ولأن الإجابة تجب بالدعوة فكل من دعى فقد وجب عليه الإجابة (فصل) وإنما تجب الإجابة على من عين بالدعوة بان يدعو رجلاً بعينه أو جماعة معينين * (مسألة) * (فإن دعا الجفلى كقوله يا أيها الناس تعالوا إلى الطعام أو يقول الرسول أمرت أن أدعو كل من لقيت أو شئت لم تجب الإجابة ولم تستحب لأنه لم يعين بالدعوة فلم تتعين عليه الإجابة ولأنه غير منصوص عليه ولا يحصل كسر قلب الداعي بترك إجابته وتجوز الإجابة بهذا لدخوله في عموم الدعاء.