الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
(مسألة) * (وإن قال أنت طالق ثلاثا واستثنى بقلبه إلا واحدة وقعت الثلاث وإن قال نسائي طوالق واستثنى واحدة بقلبه لم تطلق)
وجملة ذلك أن ما يتصل باللفظ من قرينة أو استثناء على ثلاثة أضرب (أحدها) ما لا يصح نطقاً ولا نية وذلك نوعان (أحدهما) ما يرفع حكم اللفظ كله مثل أن يقول أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثاً وأنت طالق طلقة لا تلزمك ولا تقع عليك فهذا لا يصح بلفظه ولا نيته لأنه يرفع حكم اللفظ كله فيصير الجميع لغوا فلا يصح هذا في اللغة بالاتفاق وإذا كان كذلك سقط الاستثناء والصفة ووقع الطلاق (الضرب الثاني) ما يقبل لفظاً ولا يقبل نية لا في الحكم ولا فيما بينه وبين الله تعالى وهو استثناء الأقل فهذا يصح لفظاً لأنه من لسان العرب ولا يصح بالنية مثل أن يقول أنت طالق ثلاثاً واستثنى بقلبه إلا واحدة أو أكثر فهذا لا يصح لأن العدد نص فيما يتناوله لا يحتمل غيره فلا يرتفع بالنية ما ثبت بنص اللفظ فإن اللفظ أقوى من النية ولو نوى بالثلاث اثنتين كان مستعملاً للفظ في غير ما يصلح له فوقع مقتضى اللفظ ولغت نيته، وحكي عن بعض الشافعية أنه يقبل فيما بينه وبين الله تعالى كما لو قال نسائي طوالق واستثنى بقلبه إلا فلانة، والفرق بينهما أن نسائي اسم عام يجوز التعبير به عن بعض ما وضع له وقد استعمل العموم بازء الخصوص كثيراً فإذا أراد به البعض صح وقوله ثلاثاً اسم عدد للثلاث لا يجوز
التعبير به عن عدد غيرها ولا يحتمل سواها بوجه فإذا أراد بذلك اثنتين فقد أراد باللفظ ما لا يحتمله وإنما تعمل النية في صرف اللفظ المحتمل إلى أحد محتملاته فأما ما لا يحتمل فلا فإنه لو عملنا بها فيما لا يحتمل كان عملاً بمجرد النية ومجرد النية لا يعمل في نكاح ولا طلاق ولا بيع، ولو قال نسائي الأربع طوالق أو قال لهن اربعتكن طوالق واستثنى بعضهن بالنية لم يقبل على قياس ما ذكرناه ولا يدين فيه لأنه عنى باللفظ ما لا يحتمله (الضرب الثالث) ما يصح نطقاً وإذا نواه دين فيما بينه وبين الله تعالى وذلك مثل تخصيص العام واستعمال اللفظ في مجازه مثل قوله نسائي طوالق يريد بعضهن أو ينوي بقوله طالق أي من وثاق فهذا يقبل إذا كان لفظاً واحداً لأنه وصل كلامه بما بين به مراده وإن كان بنيته قبل منه فيما بينه وبين الله تعالى لأنه أراد تخصيص اللفظ العام واستعماله في الخصوص وهذا سائغ في الكلام فلا يمنع من استعماله والتكلم به ويكون اللفظ بنيته منصرفاً إلى ما أراده دون ما لم يرده وهل يقبل ذلك في الحكم؟ يخرج على روايتين (إحداهما) يقبل لأنه فسر كلامه بما لا يحتمله فصح كما لو قال أنت طالق أنت طالق وأراد بالثانية إفهامها (والثانية) لا يقبل لأنه خلاف الظاهر وهو مذهب الشافعي والأول أولى إن شاء الله تعالى لأن
أكثر نصوص القرآن العامة أريد بها الخصوص، ومن شرط هذا ان تكون النية مقارنة للفظ وهو أن يقول نسائي طوالق يقصد بهذا اللفظ بعضهن فأما إن كانت متأخرة عن اللفظ مثل أن قال نسائي طوالق ثم بعد فراغه نوى بلفظه بعضهن لم تنفعه النية ووقع الطلاق بجميعهن وكذلك لو طلق نساءه ونوى بعد طلاقهن أي من وثاقي لزمه الطلاق لأنه مقتضى اللفظ والنية إلا أن خبره نية لا لفظ معها فلا تعمل، ومن هذا الضرب تخصيص حال دون حال مثل أن يقول أنت طالق ثم يصله بشرط أو صفة مثل قوله إن دخلت الدار أو بعد شهر أو قال إن دخلت الدار بعد شهر فهذا يصح إذا كان نطقاً بغير خلاف وإن نواه ولم يلفظ به دين، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين قال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم فيمن حلف لا تدخل الدار وقال نويت شهراً يقبل منه
أو قال إذا دخلت دار فلان فأنت طالق ونوى تلك الساعة وذلك اليوم قبلت نيته والرواية الأخرى لا يقبل فإنه قال إذا قال لامرأته أنت طالق ونوى في قلبه إلى سنة تطلق ليس بنظر إلى نيته وقال إذا قال أنت طالق وقال نويت إن دخلت الدار لا يصدق، ويمكن الجمع بين هاتين الروايتين بأن يحمل قوله في عدم القبول على الحكم فلا يكون بينهما اختلاف، والفرق بين هذه الصورة والتي قبلها أن ارادة الخاص بالعام شائع كثير وإرادة الشرط من غير ذكره غير سائغ فهو قريب من الاستثناء ويمكن أن يقال هذا كله من جملة التخصيص
(فصل) إذا قالت له امرأة من نسائه طلقني فقال نسائي طوالق ولا نية له طلقن كلهن بغير خلاف لأن لفظه عام وإن قالت له طلق نساءك فقال نسائي طوالق فكذلك وحكي عن مالك ان السائلة لا تطلق في هذه الصورة لان الخطاب يقصر على سببه الخاص وسببه سؤال طلاق من سواها ولنا إن اللفظ عام فيها ولم يرد به غير مقتضاه فوجب العمل بعمومه كالصورة الأولى والعمل بعموم اللفظ أولى من خصوص السبب لأن ذلك الحكم هو للفظ فيجب اتباعه والعمل بمقتضاه في خصوصه وعمومه، وكذلك لو كان أخص من السبب لوجب قصره على خصوصه واتباع صفة اللفظ دون صفة السبب، فأما إن أخرج السائلة بنيته دين فيما بينه وبين الله تعالى في الصورتين وقيل في الحكم وقيل في الصورة الثانية لأن خصوص السبب دليل على نيته ولم يقبل في الصورة الأولى قاله ابن حامد لأن طلاقه جواب لسؤالها الطلاق لنفسها فلا يصدق في صرفه عنها لأنه يخالف الظاهر من وجهين ولأنها سبب الطلاق وسبب الحكم لا يجوز إخراجه من العموم بالتخصيص وقال القاضي يحتمل أن لا تطلق لأن لفظه عام والعام يحتمل التخصيص
* (باب الطلاق في الماضي والمستقبل) * * (مسألة) * (إذا قال لزوجته أنت طالق أمس أو قبل أن أنكحك ينوي الايقاع وقع في الحال) لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ
* (مسألة) * (وإن لم ينو لم يقع في ظاهر كلامه) فروي عنه فيمن قال لزوجته أنت طالق أمس وإنما تزوجها اليوم ليس بشئ وهذا قول أبي بكر وقال القاضي في بعض كتبه يقع الطلاق وهو مذهب الشافعي لأنه وصف المطلقة بما لا تتصف به فلغت الصفة ووقع الطلاق كما لو قال لمن لا سنة لها ولا بدعة أنت طالق للسنة أو قال أنت طالق طلقة لا تلزمك، ووجه الأول أن الطلاق رفع للاستباحة ولا يمكن رفعها في الزمن الماضي فلم يقع كما لو قال أنت طالق قبل قدوم زيد بيومين فقدم اليوم فإن أصحابنا لم يختلفوا في أن الطلاق لا يقع وهو قول أصحاب الشافعي وهذا طلاق في زمن ماض ولأنه علق الطلاق بمستحيل فلغا كما لو قال أنت طالق إن قلبت الحجر ذهباً، والحكم في قوله أنت طالق قبل أن تزوجك كما إذا قال أنت طالق أمس * (مسألة) * (وحكي عن أبي بكر أنه يقع إذا قال قبل أن أتزوجك ولا يقع إذا قال أنت طالق أمس) قال القاضي ورأيت بخط أبي بكر في جزء مفرد أنه قال إذا قال أنت طالق قبل أن أتزوجك طلقت ولو قال أنت أمس لم يقع لأن أمس لا يمكن وقوع الطلاق فيه وقبل تزوجها متصور
الوجود فإنه يمكن أن يتزوجها ثانياً وهذا الوقت قبله فوقع في الحال كما لو قال انت طالق قبل قدوم زيد * (مسألة) * (وإذا قال أردت أن زوجا قبلي طلقها أو طلقتها أنا في نكاح قبل هذا قبل منه إذا احتمل الصدق في ظاهر كلام أحمد) إذا أراد الاخبار أنه كان طلقها هو أو زوج قبله في ذلك الزمان الذي ذكره وكان قد وجد ذلك قبل منه ذكره أبو الخطاب وقال القاضي يقبل على ظاهر كلام أحمد لأنه فسره بما يحتمله وإن أراد اني كنت طلقتك أمس فكذبته لزمتها الطلقة وعليها العدة من يومها لأنها اعترفت أن أمس لم يكن من عدتها * (مسألة) * فإن مات أو جن أو خرس قبل العلم بمراده فهل تطلق؟ على وجهين) بناء على اختلاف القولين في المطلق إن قلنا لا يقع به شئ لم يلزمه ههنا شئ وإن قلنا بوقوعه ثم وقع ههنا * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم قبل مضي شهر لم تطلق بغير خلاف من أصحابنا)
وهو قول أكثر أصحاب الشافعي لأنه تعليق للطلاق على صفة كان وجودها ممكناً فوجب اعتبارها وإن قدم زيد مع مضي الشهر لم تطلق لانه لابد من جزء يقع الطلاق فيه * (مسألة) * (وإن قدم بعد شهر وجزء يقع الطلاق فيه تبينا وقوعه فيه لأنه ايقاع للطلاق بعد عقده) وبهذا قال الشافعي وزفر وقال أبو حنيفة وصاحباه يقع عند قدومه لأنه جعل الشهر شرطاً لوقوع الطلاق فلا يسبق الطلاق شرطه
ولنا أنه أوقع الطلاق في زمن على صفة فإذا حصلت الصفة وقع فيه كما لو قال أنت طالق قبل شهر رمضان بشهر أو قبل موتك بشهر فإن أبا حنيفة خاصة يسلم ذلك ولا نسلم أنه جعل الشهر شرطاً وليس فهى حرف الشرط * (مسألة) * (وإن خالعها بعد اليمين بيوم وكان الطلاق بائناً ثم قدم بعد الشهر بيومين صح الخلع وبطل الطلاق) لأنه صادفها بائناً وإن قدم بعد شهر وساعة وقع الطلاق دون الخلع ولها الرجوع بالعوض إلا أن يكون الطلاق رجعيا لان الرجعية يصح خلعها (فصل) فإن مات أحدهما بعد عقد الصفة بيومين ثم قدم زيد بعد شهر وساعة من حين عقد الصفة لم يرث أحدهما الآخر لأنا تبينا أن الطلاق قد كان وقع قبل موت الميت منهما فلم يرثه صاحبه إلا أن يكون الطلاق رجعياً فإنه لا يقطع التوارث ما دامت في العدة فإن قدم بعد الموت بشهر وساعة تبينا أن الفرقة وقعت بالموت ولم تقع بالطلاق، فإن قال أنت طالق قبل موتي بشهر فمات أحدهما قبل مضي شهر لم يقع طلاق لأن الطلاق لا يقع في الماضي وإن مات بعد عقد اليمين بشهر وساعة تبينا وقع الطلاق في تلك الساعة ولم يتوارثا إلا أن يكون الطلاق رجعيا وتموت في عدتها * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق قبل موتي طلقت في الحال) لأن ما قبل موته من حين عقد الصفة محل للطلاق فوقع لأوله، وإن قال قبل موتك أو موت زيد فكذلك وإن قال أنت طالق قبيل موتي أو قبيل قدوم زيد لم يقع في الحال وإنما يقع ذلك في الجزء الذي
يليه الموت لأن ذلك تصغير يقتضي الجزء الصغير الذي يبقى وإن قال أنت طالق قبل قدوم زيد أو قبل دخولك الدار فقال القاضي تطلق في الحال سواء قدم زيد أو لم يقدم بدليل قول الله تعالى (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) ولم يوجد الطمس في المأمورين ولو قال لغلامه اسقيني قبل أن أضربك فسقاه في الحال عد ممتثلا وإن لم يضربه وإن قال أنت طالق قبل موت زيد وعمرو بشهر فقال القاضي تتعلق الصفة بأولهما موتا لأن اعتباره بالثاني يفضي إلى وقوعه بعد موت الأول واعتباه بالأول لا يفضي إلى ذلك فكان أولى * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق بعد موتي أو مع موتي لم تطلق نص عليه أحمد) وكذلك إن قال بعد موتك أو مع موتك وبه قال الشافعي ولا نعلم في مخالفا لأنها تبين بموت أحدهما فلا يصادف الطلاق نكاحا يزيله * (مسألة) * (وإن تزوج أمة أبيه ثم قال إذا مات أبي أو اشتريتك فأنت طالق فمات أبوه أو اشتراها لم يقع الطلاق) اختاره القاضي لأنه بالموت والشراء يملكها فينفسخ نكاحها بالملك وهو زمن الطلاق فلم يقع كما لو قال أنت طالق مع موتي ويحتمل أن تطلق اختاره أبو الخطاب لأن الموت سبب ملكها وطلاقها
وفسخ النكاح يترتب على الملك فيوجد الطلاق في زمن الملك السابق على الفسخ فيثبت حكمه وهذا أظهر إن شاء الله تعالى.
(فصل) وإن قال الأب إذا مت فأنت حرة وقال الابن إذا مات أبي فأنت طالق وكانت تخرج من من الثلث فكذلك لأن بعضها ينقل إلى الورثة فيملك الابن جزءاً منها فينفسخ به النكاح فيكون ذلك جميعها في فسخ النكاح ومنع وقوع الطلاق فإن أجاز الورثة عتقها فذكر بعض أهل العلم أن هذا ينبني على الإجازة هل هي تنفيذ أو عطية مبتدأة؟ فإن قلنا هي عطية مبتدأة فقد انفسخ النكاح قبلها فلم يقع الطلاق وإن قلنا هي تنفيذ لما فعل السيد وقع الطلاق وكذلك إن أجاز الزوج وحده عتق ابنه فإن كان على الأب دين يستغرق تركته لم يعتق.
قال شيخنا والصحيح أن ذلك لا يمنع نقل التركة إلى الورثة
فهو كما لو لم يكن عليه دين في فسخ النكاح فإن كان الدين لا يستغرق التركة وكانت تخرج من الثلث بعد اداء الدين عتقت وطلقت وإن لم تخرج من الثلث لم تعتق كلها فيكون حكمها في فسخ النكاح ومنع الدين كما لو استغرق الدين التركة وإن أسقط الغريم الدين بعد الموت لم يقع الطلاق لأن النكاح انفسخ قبل اسقاطه.
* (فصل) * قال الشيخ رضي الله عنه (وإن قال أنت طالق لاشربن الماء الذي في الكون ولا ماء
فيه أو لأقتلن فلانا الميت أو لأصعدن السماء أو لأطيرن أو إن لم أصعد السماء ونحوه طلقت في الحال وقال أبو الخطاب في موضع لا تنعقد يمينه) وجملة ذلك أنه قد استعمل الطلاق والعتاق استعمال القسم وجعل جواب القسم جواباً له فإذا قال أنت طالق لأقومن وقام لم تطلق امرأته فإن لم يقم في الوقت الذي عينه حنث هذا قول أكثر أهل العلم منهم سعيد بن المسيب والحسن وعطاء والزهري وسعيد بن جبير والشعبي والثوري وأصحاب الرأي وقال شريح يقع طلاقه وإن قام لأنه طلق طلاقاً غير معلق بشرط فوقع كما لو لم يقم ولنا أنه حلف برفيه فلم يحنث كما لو حلف بالله تعالى وإن قال أنت طالق إن أخاك لعاقل وكان أخوها عاقلاً لم يحنث وإن لم يكن عاقلاً حنث كما لو قال والله إن أخاك لعاقل وإن شك في عقله لم يقع الطلاق لأن الأصل بقاء النكاح فلا يزول بالشك وإن قال أنت طالق لا أكلت هذا الرغيف فأكله حنث وإلا فلا وإن قال أنت طالق ما أكلته لم يحنث أن كان صادقاً ويحنث ان كان كاذبا كما لو قال والله ما أكلته وإن قال أنت طالق لولا أبوك لطلقتك وكان صادقاً لم تطلق وإن كان كاذباً لم تطلق ولو قال أن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق لأكرمتك طلقت في الحال ولو قال أن حلفت بعتق عبدي فأنت طالق ثم قال عبدي حر لاقومن طلقت المرأة وإن قال إن حلفت بعتق عبدي فأنت طالق لقد صمت أمس عتق العبد
رجعنا إلى مسائل الكتاب وهو ما إذا علقه على مستحيل كقوله أنت طالق لاشربن الماء الذي
في الكوز ولا ماء فيه أو لأقتلن الميت وقع الطلاق في الحال كما لو قال انت طالق أو لم أبع عبدي فمات العبد ولأنه علق الطلاق على نفي فعل مستحيل وعدمه معلوم في الحال وفي الثاني وقوع الطلاق لما ذكرناه وكذلك قوله أنت طالق لأصعدن السماء أو لأطيرن أو إن لم أصعد السماء أو أطيرن وذكر أبو الخطاب عن القاضي أنه لا تنعقد يمينه والصحيح أنه يحنث فإن الحالف على فعل الممتنع كاذب حانث قال الله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) إلى قوله (وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) ولأنه لو حلف على فعل متصور فصار ممتنعا حنث بذلك فلأن يحنث بكونه ممتنعا حال يمينه أولى * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق إن شربت ماء الكوز ولا ماء فيه وإن صعدت السماء أو إن شاء الميت أو البهيمة لم تطلق في أحد الوجهين وتطلق في الآخر) إذا علق الطلاق على فعل مستحيل كالذي ذكرناه ونحوه كقوله ان جمعت بين الضدين أو كان الواحد أكثر من اثنين وسواء كان مستحيلا عقلا أو عادة كقوله ان طرت أو صعدت السماء أو قلبت الحجر ذهباً أو شربت ماء النهر كله أو حملت الجبل ففيه وجهان: (أحدهما) يقع الطلاق في الحال لأنه أردف الطلاق بما يرفع جملته ويمنع وقوعه في الحال وفي الثاني فلم يصح كاستثناء الكل وكما لو قال أنت طالق طلقة لا تقع عليك (والثاني) لا يقع، وهو الصحيح، ولأنه علق الطلاق بصفة لم توجد
ولأن ما يقصد تبعيده يعلق على المحال.
قال الله تعالى في حق الكفار (لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) .
وقال الشاعر إذا شاب الغراب أتيت أهلي * وصار القار كاللبن الحليب أي لا يأتيهم أبداً، وقيل إن علقه على ما يستحيل عقلا وقع في الحال لأنه لا وجود له فلم تتعلق به الصفة وبقي مجرد الطلاق فوقع، وإن علقه على المستحيل عادة كالطيران وصعود السماء لم يقع لأن له وجودا أو قد وجد جنس ذلك في معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء فجاز تعلق الطلاق به ولم يقع قبل وجوده.
* (مسألة) * (وإن قال أنت طالق اليوم إذا جاء غداً فعلى وجهين) وقال القاضي لا تطلق، وقال أبو الخطاب يقع في الحال لأنه علقه بشرط محال، فلغا الشرط
ووقع الطلاق كما لو قال لمن لا سنة لطلاقها ولا بدعة أنت طالق للسنة أو للبدعة وقال في المجرد لا يقع لأن شرطه لم يتحقق لأن مقتضاه وقوع الطلاق إذا جاء غد في اليوم ولا يأتي غد إلا بعد ذهاب اليوم وذهاب محل الطلاق وهو قول أصحاب الشافعي.
(فصل) في الطلاق في زمن مستقبل.
* (مسألة) * (إذا قال أنت طالق غداً أو يوم السبت في رجب طلقت بأول ذلك)
إذا قال أنت طالق في شهر عينه كشهر رجب وقع الطلاق في أول جزء من الليلة الأولى منه، وذلك حين تغرب الشمس من آخر الشهر الذي قبله وهو شهر جمادي، وبهذا قال أبو حنيفة.
وقال أبو ثور يقع الطلاق في آخر رجب لأن ذلك يحتمل وقوعه في أوله وآخره فلا يقع إلا بعد زوال الاحتمال ولنا أنه جعل الشهر ظرفاً للطلاق فإذا وجد ما يكون ظرفاً له طلقت كما لو قال إذا دخلت الدار فانت طالق فإذا دخلت أول جزء منها طلقت فأما إن قال إن لم أقضك حقك في شهر رمضان فامرأتي طالق لم تطلق حتى يخرج رمضان قبل قضائه لأنه إذا قضاه في آخره لم توجد الصفة وفي الموضعين لا يمنع من وطئ زوجته قبل الحنث.
وقال مالك يمنع وكذلك كل يمين على فعل يفعله يمنع من الوطئ قبل فعله لأن الظاهر أنه على حنث لان الحنث ترك الفعل وليس بفاعل ولنا أن طلاقه لم يقع فلا يمنع من الوطئ لأجل اليمين كما لو حلف لا فعلت كذا ولو صح ما ذكره لوجب إيقاع الطلاق، ولو قال أنت طالق غداً أو يوم السبب وقع الطلاق في أول جزء منه لما ذكرنا * (مسألة) * (ولو قال أنت طالق اليوم أو في هذا الشهر فكذلك لما ذكرنا وإن قال أردت في آخره أو أوسطه أو يوم كذا من الشهر أو في النهار دون الليل قبل فيما بينه وبين الله تعالى، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين)(إحداهما) يقبل وهو الصحيح ولأن آخر الشهر منه فإرادته لا تخالف ظاهر لفظه وكذلك
وسطه إذا ليس أوله بأولى في ذلك من وسطه وآخره بل ربما كان آخره أولى لأنه متيقن وما قبله مشكوك فيه
(والثانية) لا يقبل لأنه لو أطلق لتناول أوله فأما إن قال أنت طالق في أول رمضان أو غرة رمضان أو في رأس شهر رمضان أو استقبال شهر رمضان أو مجئ شهر رمضان طلقت بأول جزء منه ولم يقبل قوله أردت أوسطه أو آخره ظاهراً أو باطناً لأن لفظه لا يحتمله.
وإن قال بانقضاء رمضان أو انسلاخه أو نفاده أو مضيه طلقت في آخر جزء منه.
وإن قال أنت طالق أول نهار من شهر رمضان أو في أول يوم منه طلقت بطلوع فجر أول يوم منه لأن ذلك أول النهار واليوم ولهذا لو نذر اعتكاف يوم أو صيام يوم لزمه من طلوع الفجر وإن قال أنت طالق إذا كان رمضان أو إلى رمضان أو إلى هلال رمضان أو في هلال رمضان طلقت ساعة يستهل إلا أن يكون من الساعة إلى الهلال فتطلق في الحال.
وإن قال أنت طالق في مجئ ثلاثة أيام طلقت في أول اليوم الثالث * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق اليوم وغداً وبعد غدا أو في اليوم وفي غد وفي بعده فهل تطلق ثلاثاً أو واحدة؟ على وجهين)[أحدهما] تطلق واحدة لأنها إذا طلقت اليوم فهي طالق في غد وفي بعده (والثاني) تطلق ثلاثاً لأن ذكره لأوقات الطلاق يدل على تعداده لعدم الفائدة ثم ذكر أوقاته بدون تعداد وقيل في الأولى واحدة لما ذكرنا للوجه الأول وفي الثانية ثلاثاً لأن ذكره في وتكرارها يدل على تكرار الطلاق
* (مسألة) * (وإن قال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم طلقت في آخر جزء منه إذا بقي من اليوم مالا يتسع لتطليقها فيه) وهذا اختيار أبي الخطاب وقول أصحاب الشافعي، وحكى القاضي فيها وجهين هذا ووجها آخر أن الطلاق لا يقع وحكي ذلك عن أبي بكر وابن سريج لأن محل الطلاق اليوم ولا يوجد شرط طلاقها إلا بخروجه فلا يبقى من محل طلاقها ما يقع الطلاق فيه ولنا أن خروج اليوم يفوت به طلاقها فوجب وقوعه قبله في آخر وقت الامكان كموت أحدهما في اليوم وذلك لأن معنى يمينه إن فاتني طلاقك اليوم فأنت طالق فيه فإذا بقي من اليوم ما لا يتسع لتطليقها فقد فاته طلاقها فيه فوقع حينئذ كما يقع طلاقه في مسئلتنا في آخر حياة أولهما موتاً وما ذكروه باطل
بما لو مات أحدهما في اليوم فإن محل الطلاق يفوت بموته ومع ذلك فإن الطلاق يقع قبيل موته كذا ههنا فإن قال لها أنت طالق اليوم إن لم أتزوج عليك اليوم أو إن لم اشتر لك ثوباً اليوم ففيه الوجهان والصحيح منهما وقوع الطلاق بها إذا بقي من اليوم مالا يتسع لفعل المحلوف عليه فيه، فإن قال لها أنت طالق إن لم أطلقك اليوم طلقت بغير خلاف في آخر اليوم في أحد الوجهين، والوجه الآخر بعد خروج اليوم وإن قال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك فهو كقوله أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم لأنه جعل عدم طلاقها شرطاً لطلاقها اليوم والشرط يتقدم المشروط
(فصل) فإن قال لعبده إن لم أبعك اليوم فامرأتي طالق اليوم ولم يبعه حتى خرج اليوم ففيه الوجهان وإن أعتق العبد أو مات أو مات الحالف أو المرأة في اليوم طلقت زوجته حينئذ لأنه قد فات بيعه وإن دبره أو كاتبه لم تطلق امرأته لأن بيعه جائز ومن منع بيعهما قال يقع الطلاق بذلك كما لو مات وإن وهب العبد لإنسان لم يقع الطلاق لأنه يمكن عوده إليه فيبيعه فلم يفك بيعه ولو قال أن لم أبع عبدي فامرأتي طالق ولم يقيده باليوم فكاتب العبد لم يقع الطلاق لأنه يمكن عجزه فلم يعلم فوات البيع فإن عتق بالكتابة أو غيرها وقع الطلاق حينئذ لأنه قد فات بيعه * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق يوم يقدم زيد فماتت غدوة وقدم بعد موتها فهل يقع بها لطلاق؟ على وجهين) .
[أحدهما] يبين أن طلاقها وقع من أول اليوم لأنه لو قال أنت طالق يوم الجمعة طلقت من أوله فكذا إذا قال أنت طالق يوم يقدم زيد ينبغي أن تطلق بطلوع فجره (والثاني) لا يقع الطلاق لأن شرطه قدوم زيد ولم يوجد إلا بعد موت المرأة فلم يقع بخلاف يوم الجمعة فإن شرط الطلاق مجئ يوم الجمعة وقد وجد وههنا شرطان فلا تطلق بأحدهما والأول أولى ليس هذا شرطاً إنما هو بيان للوقت الذي يقع فيه الطلاق معرفاً بفعل يقع فيه فيقع في أوله كقوله
أنت طالق اليوم الذي نصلي فيه الجمعة، وإن قال أنت طالق في اليوم الذي يقدم فيه زيد، وكذلك
لو مات الرجل غدوة ثم قدم زيد أو مات لزوجان قبل قدوم زيد كان الحكم كما لو ماتت المرأة ولو قال أنت طالق في شهر رمضان إن قدم زيد فقدم زيد فيه ففيه وجهان [أحدهما] لا تطلق حتى يقدم زيد لأن قدومه شرط فلا يتقدمه المشروط بدليل ما لو قال أنت طالق إن قدم زيد فإنها لا تطلق قبل قدومه بالاتفاق وكما لو قال إذا قدم زيد (والثاني) أنه إن قدم زيد تبينا وقوع الطلاق من أول الشهر وهو أصح قياساً على المسألة التي قبل هذه * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق في غد إذا قدم زيد فماتت قبل قدومه لم تطلق حتى يقدم لأن إذا اسم زمن مستقبل فمعناه أنت طالق غداً وقت قدوم زيد فإن لم يقدم زيد في غد لم تطلنى وإن قدم بعده لأنه قيد طلاقها بقدوم مقيد بصفة فلا تطلق حتى توجد، وإن ماتت غدوة وقدم بعد موتها لم تطلق لأن الوقت الذي أوقع طلاقها فيه لم يأت وهي محل للطلاق فلم تطلق كما لو ماتت قبل دخوله ذلك اليوم.
* (مسألة) * (وإن قال أنت طالق اليوم غداً طلقت اليوم واحدة لأن من طلقت اليوم فهي طالق غدا * (مسالة) * (فإن أراد طالق اليوم وطالق غداً فتطلق طلقتين في اليومين فإن قال أردت أنها تطلق في أحد اليومين طلقت اليوم ولم تطلق غداً لأنه جعل الزمان كله ظرفاً لوقوع الطلاق فوقع في أوله
* (مسألة) * (وإن أراد نصف طلقة اليوم ونصفها غدا فتعلق اليوم واحدة وغداً الاخرى لأن النصف يكمل فيصير طلقة تامة وإن قال أردت نصف طلقة اليوم وباقيها غداً احتمل وجهين [أحدهما] لا تطلق إلا واحدة لأنه إذا قال نصفها اليوم كملت كلها فلم يبق لها بقية تقع غداً ولم يقع شئ غيرها لأنه ما أوقعه، وذكر القاضي هذا لاحتمال أيضاً في المسألة الأولى وهو مذهب الشافعي، ذكر اصحابه فيها الوجهين، ويحتمل أن يقع اثنتان كالمسألة التي قبلها * (مسألة) * (وإن قال أنت طالق إلى شهر طلقت عند انقضائه) إذا قال أنت طالق إلى شهر كذا أو سنة كذا فهو كما لو قال في شهر كذا أو سنة كذا ولا يقع طلاق إلا في أول ذلك الوقت، وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة تطلق في الحال لأن قوله أنت
طالق إيقاع في الحال وقوله إلى شهر كذا توقيت له وغاية وهو لا يقبل التأقيت فوقع في الحال لأنه لا يقبل التأقيت.
ولنا أن ذلك قد روي عن ابن عباس وأبي ذر ولأن هذا يحتمل أن يكون توقيتاً لايقاعه كقول الرجل أنا خارج إلى سنة أي بعد سنة وإذا احتمل الأمرين لم يقع الطلاق بالشك وقد ترجح ما ذكرناه من وجهين.
[أحدهما] أنه جعل للطلاق غاية ولا غاية لآخره وإنما الغاية لأوله (والثاني) ان ما ذكرناه عمل باليقين وما ذكروه أخذ بالشك.
(فصل) فإن نوى طلاقها في الحال إلى سنة كذا وقع في الحال، لأنه يقر على نفسه بما هو أغلط ولفظه يحتمله.
(فصل) وإن قال أنت طالق من اليوم إلى سنة طلقت في الحال لأن من لابتداء الغاية فيقتضي أن طلاقها من اليوم فإن قال أردت تكرير طلاقها من حين لفظت به إلى سنة طلقت من ساعتها ثلاثاً إذا كانت مدخولا بها.
قال أحمد إذا قال لها أنت طالق من اليوم إلى سنة يريد التوكيد وكثرة الطلاق فتلك طالق من ساعتها.
* (مسألة) * (وإن قال أنت طالق في آخر الشهر أو أول أخره طلقت في أول جزء من آخر يوم منه لأنه آخره.
وإن قال في آخر أوله طلقت في آخر أول يوم منه لأنه أوله) وقال أبو بكر تطلق في المسئلتين بغروب شمس الخامس عشر منه لأن الشهر نصفان أول وآخر فآخر أوله يلي أول آخره وهذا قول أبي العباس بن شريح وقال أكثرهم كقولنا وهو أصح فإن ما عدا اليوم الأول لا يسمى أول الشهر ويصح نفيه عنه وكذلك لا يمسى أوسط الشهر آخره ولا يفهم ذلك من اطلاقه لفظه فوجب أن لا يصرف كلام الحالف إليه ولا يحمل عليه
* (مسألة) * (وإن قال إذا مضت سنة فأنت طالق طلقت إذا مضى اثنا عشر شهراً بالاهلة ويكمل
الشهر الذي حلف إلى تمام اثني عشر شهرا بالأهلة) لقوله تعالى (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس) فإن حلف في أول شهر فإذا مضى اثنا عشر شهراً وقع طلاقه وإن حلف في أثناء شهر عددت ما بقي منه ثم حسبت بعد بالأهلة فإذا مضت أحد عشر شهراً بالأهلة نظرت ما بقي من الشهر الأول فكملت ثلاثين يوماً لأن الشهر اسم لما بين هلالين فإن تفرق كان ثلاثين يوماً، وفيه وجه آخر انه تعتبر الشهور كلها بالعدد نص عليه أحمد فيمن نذر صيام شهرين متتابعين فاعترض الأيام قال يصوم ستين يوماً، وإن ابتدأ من شهر فصام شهرين كانا ثمانية وخمسين يوماً أجزأه وذلك لأنه لما صام نصف شهر وجب تكميله من الذي يليه فكان ابتداء الثاني من نصفه أيضاً فوجب أن يكمله بالعدد وهذا المعنى موجود في السنة، ووجه الأول أنه أمكن استيفاء أحد عشر شهرا بالاهلة فوجب الاعتبار بها كما لو كانت يمينه في أول شهر ولا يلزمه أن يتم الأول من الثاني بل يتمه من آخر الشهور وإن قال أردت بقولي سنة إذا انسلخ ذو الحجة قبل لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ * (مسألة) * (وإن قال إذا مضت السنة فأنت طالق طلقت بانسلاخ ذي الحجة)
لأنه لما عرفها بلام التعريف انصرفت إلى السنة المعروفة التي آخرها ذو الحجة وإن قال أردت بالسنة اثني عشر شهراً قبل لأن السنة اثنا عشر شهراً حقيقة * (مسألة) * (وإذا قال أنت طالق في كل سنة طلقة فهذه صفة صحيحة) لأنه يملك إيقاعه في كل سنة فإذا جعل ذلك صفة جاز ويكون ابتداء المدة عقيب يمينه لأن كل أجل ثبت بمطلق العقد ثبت عقيبه كقوله والله لاكلمك سنة فتقع الأولى في الحال لأنه جعل السنة ظرفاً للطلاق فيقع في أول جزء منها وتقع الثانية في أول الثانية والثالثة إن دخلتها عليها وهي في نكاحه لكونها لم تنقض عدتها أو راجعها في عدة الطلقة الأولى وعدة الثانية أو جدد نكاحها بعد أن بانت فإن انقضت عدتها فبانت منه ودخلت السنة الثانية وهي بائن لم تطلق لكونها غير زوجة له فإن تزوجها في أثنائها اقتضى قول أكثر أصحابنا وقوع الطلاق عقيب تزوجه بها لأنه جزء من السنة الثانية التي
جعلها ظرفاً للطلاق ومحلا له وكان سبيله أن يقع في أولها فمنع منه كونها غير محل للطلاق لعدم نكاحه حينئذ، فإذا عادت الزوجة وقع في أولها، وقال القاضي تطلق بدخول السنة الثالثة، وعلى قول التميمي ومن وافقه ننحل الصفة بوجودها في حال البينونة فلا تعود بحال، وإن لم يتزوجها حتى دخلت السنة الثالثة ثم نكحها طلقت عقيب زويجها ثم طلقت الثالثة بدخول السنة الرابعة وعلى قول القاضي لا تطلق إلا بدخول السنة الرابعة ثم تطلق الثالثة بدخول الخامسة، وعلى قول التميمي قد انحلت الصفة، واختلف
في مبدأ السنة الثانية فظاهر ما ذكره القاضي أن أولها بعد انقضاء اثني عشر شهرا من حين يمينه وكذلك قال أصحاب الشافعي، وقال أبو الخطاب ابتداء السنة الثانية أول المحرم على ما ذكرناه لأنها السنة المعروفة فإذا علق ما يتكرر على تكرر السنين انصرف إلى السنين المعروفة لقول الله تعالى (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام) * (مسألة) * وإن قال أردت بالسنة اثني عشر شهراً قبل لأنها سنة حقيقة، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين) (أصحهما) أنه يقبل لما ذكرنا (والثانية) لا يقبل لأنه يخالف الظاهر وإن قال أردت أن أبتدئ السنين من المحرم دين ولم يقبل في الحكم ذكره القاضي لأنه خلاف الظاهر.
قال شيخنا والأولى أنه يخرج على روايتين لأنه محتمل مخالف للظاهر * (مسألة) * (وإذا قال أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم ليلاً لم تطلق إلا أن يريد باليوم الوقت فتطلق وقت قدومه لأن الوقت يسمى يوما قال الله تعالى (ومن يولهم يومئذ دبره) * (مسألة) * (وإن قدم ميتاً أو مكرهاً لم تطلق) إذا كان محمولاً لم تطلق لأنه لم يقدم وإنما قدم به وهذا قول الشافعي ونقل عن أبي بكر أنه يحنث
لأن الفعل ينسب إليه ولذلك يقال دخل الطعام البلد إذا حمل إليه ولو قال أنت طالق إذا دخل الطعام البلد طلقت إذا حمل إليه
ولنا أن الفعل ليس منه والفعل لا ينسب إلى غير فاعله إلا مجازاً والكلام عند تحقيقه إذا أمكن فأما الطعام فلا يمكن وجود الفعل منه حقيقة فتعين حمل الدخول فيه على مجازه، فأما إن قدم بنفسه لاكراه فعلى قول الخرقي لا يحنث وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وقال أبو بكر يحنث وحكاه عن أحمد لأن الفعل منه حقيقة وينسب إليه قال الله تعالى (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها) ويصح أمر المكره بالفعل قال الله تعالى (ادخلوا أبواب جهنم) ولولا أن الفعل يتحقق منه لما صح أمره به، ووجه الأول أنه بالإكراه زال اختياره فإذا وجدت الصفة منه كان كوجود الطلاق منه وهذا فيما إذا طلق وإن كانت له نية حمل عليها كلامه ويقيد بها (فصل) فإن قدم مختاراً حنث الحالف سواء علم القادم باليمين أو جهلها قال أبو بكر الخلال يقع الطلاق قولا واحداً وقال أبو عبد الله بن حامد إن كان القادم ممن لا يمنع القدوم بيمينه كالسلطان والحاج والرجل الأجنبي حنث الحالف ولا يعتبر علمه ولا جهله وإن كان ممن يمتنع باليمين من القدوم كقرابة لهما أو لأحدهما أو غلام لأحدهما فجهل اليمين أو نسيها فالحكم فيه كما لو حلف على فعل نفسه ففعله جاهلاً أو ناسياً وفي ذلك روايتان كذلك ههنا وذلك أنه إذا لم يكن ممن تمنعه اليمين كان تعليقاً للطلاق
على صفة ولم يكن يميناً فأشبه ما لو علقه على طلوع الشمس وإن كان ممن يمتنع كان يميناً فيعذر فيها بالنسيان والجهل وينبغي أن تعتبر على هذا القول نية الحالف وقرائن أحواله الدالة على قصده فإن كان قصده بيمينه منع القادم من القدوم كان يمينا وإن كان قصده جعله صفة في طلاقها مطلقة لم يكن يميناً ويستوي فيه علم القادم وجهله ونسيانه وجنونه وإفاقته مثل أن يقصد طلاقها إذا حصل معها محرمها ولا يطلقها وحدها وتعتبر قرائن الأحوال فمتى علق اليمين على قدوم غائب بعيد يعلم أنه لا يعلم اليمين ولا يمتنع بها أو فعل صغير أو مجنون أو من لا يمتنع بها لم تكن يمينا وإن علق ذلك على فعل حاضر يعلم بيمينه ويمتنع لأجلها من فعل ما علق الطلاق عليه كان يميناً ومتى اشكلت الحال فينبغي أن يقع الطلاق لأن لفظه يقتضي وقوع الطلاق عند وجود هذه الصفة على العموم وإنما ينصرف عن ذلك بدليل فمتى شككنا في الدليل المخصص وجب العمل بمقتضى العموم
(فصل) فإن قال إن تركت هذا الصبي يخرج فأنت طالق فانفلت الصبي بغير اختيارها فخرج فإن كان نوى أن لا يخرج فقد حنث وإن نوى أن لا تدعه لم يحنث نص أحمد على معنى هذا وذلك لأن اليمين إذا وقعت على فعلها فقد فعل الخروج بغير اختيار منها فكانت كالمكره إذا لم يمكنها حفظه ومنعه وإن نوى فعله فقد وجد وحنث وإن لم تعلم نيته انصرفت يمينه إلى فعلها لأنه الذي تناوله لفظه فلا يحنث إلا إذا خرج بتفريطها في حفظه أو باختيارها
(فصل) وإن حلف لا تأخذ حقك مني فأكره على دفعه أو أخذ منه قهراً حنث لأن المحلوف عليه فعل الأخذ وقد أخذه مختاراً وإن أكره صاحب الحق على أخذه خرج على الوجهين فيمن أكره على القدوم وإن وضعه الحالف في حجرة أو بين يديه أو جنبه فلم يأخذه لم يحنث لأن الأخذ ما وجد وإن أخذه الحاكم أو السلطان من الغريم فدفعه إلى المستحق فأخذه فقال القاضي لا يحنث وهو مذهب الشافعي لأنه ما أخذه منه وإن قال لا تأخذ حقك علي حنث لأنه قد أخذ حقه الذي عليه والمنصوص عن أحمد أنه يحنث في الصورتين قاله أبو بكر وهو الذي يقتضيه مذهبه لأن الايمان عنده على الأسباب لا على الأسماء ولأنه لو وكل وكيلا فأخذه منه كان آخذاً لحقه منه عرفاً ويمسى آخذاً قال الله تعالى (وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) وقال (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل) وإن كان اليمين من صاحب الحق فخلف لا أخذت حقي فالتفريع فيها كالتي قبلها فإن تركها الغريم في أثناء متاع في خرج ثم دفع الخرج إلى الحالف فأخذه ولم يعلم أنها فيه لم يحنث لأن هذا ليس معدوداً أخذاً ولا يبرأ بها الغريم منها، وإن كانت اليمين لا أعطيك حقك فأحذه الحاكم منه كرها ودفعه إلى الغريم لم يحنث وإن أكرهه على دفعه إليه خرج على الوجهين في المكره وان أعطاه باختياره حنث وإن وضعه في حجره أو جيبه أو صندوقه وهو يعلم حنث لأنه أعطاه وإن دفعه إلى الحاكم اختياراً ليدفعه إلى الغريم فدفعه أو أخذه من ماله باختياره فدفعه إلى الغريم حنث وقال القاضي لا يحنث والمذهب أنه يحنث لأنه أوصله إليه مختاراً
فأشبه ما لو دفعه إلى وكيله فأعطاه إياه ولأن الأيمان على الأسباب لا على الأسماء على ما ذكرناه فيما مضى
(فصل) وإن قال إن رأيت أباك فأنت طالق فرأته مينا أو نائماً أو مغمى عليه أو رأته من خلف زجاج أو جسم شفاف طلقت لأنها رأته وإن رأت خياله في ماء أو مرآة أو ضوءه على حائط أو غيره لم تطلق لأنها لم تره وإن أكرهت على رؤيته خرج على الوجهين (باب تعليق الطلاق بالشروط) يصح ذلك من الزوج ولا يصح من الأجنبي فلو قال ان تزوجت فلانة أو إن تزوجت امرأة فهي طالق لم تطلق ان تزوجها وعنه تطلق اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في هذه المسألة فالمشهور عنه أنه لا يقع الطلاق وهو قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وبه قال عطاء والحسن وعروة وجابر بن زيد وسوار القاضي والشافعي وأبو ثور وابن المنذر ورواه الترمذي عن علي رضي الله عنه وجابر بن عبد الله وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين وشريح وغير واحد من فقهاء التابعين وروى عن أحمد رحمه الله ما يدل على وقوع الطلاق وهو قول الثوري وأصحاب الرأي لأنه يصح تعليقه على الاخطار فصح على
حدوث الملك كالوصية والأول أصح إن شاء الله تعالى لما روى عمرو بن شعيب عنه أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق فيما لا يملك ولا طلاق لابن آدم فيما لا يملك " قال الترمذي هذا حديث حسن وهو أحسن ما روي في هذا الباب وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عيه وسلم قال " لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك ابن آدم وإن عينها رواه الدارقطني وروى أبو بكر في الشافعي عن الخلال عن الرمادي عن عبد الرزاق عن معمر عن جوبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا طلاق قبل نكاح " قال أحمد هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من الصحابة ولأن من لا يقع طلاقه بالمباشرة لا تنعقد له صفة كالمجنون ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فيكون إجماعاً قال أبو بكر في كتاب الشافعي لا يختلف قول أبي عبد الله أن الطلاق إذا وقع قبل النكاح لا يقع والرواية الأولى أصح لأنه تعليق للطلاق قبل الملك فأشبه ما لو قال إن دخلت الدار فانت طالق ثم تزوج الأجنبية ودخلت فإن الطلاق لا يقع بغير خلاف نعلمه كذلك هذا
* (مسألة) * (وإن قال لأجنبية إن قمت فانت طالق فتزوجها ثم قامت لم تطلق) رواية واحدة لا نعلم فيه خلافا لأنه لم يضفه إلى زمن يقع فيه الطلاق فأشبه ما لو اسلم في معدوم ولم يذكر له أجلاً يوجد السلم فيه
* (مسألة) * (وإن علق الزوج الطلاق بشرط لم تطلق قبل وجوده) لأنه إزالة ملك بني على التغليب والسراية أشبه العتق * (مسألة) * (وإن قال عجلت ما علقته لم يتعجل) لانه تعلق بالشرط فلم يكن له تغييره فإن أراد تعجيل طلاق سوى تلك الطلقة وقعت بها فإذا جاء الزمن الذي علق الطلاق به وهي زوجته وقع بها الطلاق المعلق * (مسألة) * (وإن قال سبق لساني بالشرط ولم اراده وقع في الحال) لأنه أقر على نفسه بما يوجب التغليظ من غير تتمة وهو يملك إيقاعه في الحال (فصل) وإذا تخلل الشرط وحكمه غيرهما تخللا منتظماً كقوله أنت طالق يا زانية ان قمت لم يقطع التعليق وقال القاضي يحتمل ان يقطعه ويجعل كسكتة كما لو قال بنيهما سبحان الله أو أستغفر الله ذكره صاحب المحرر * (مسألة) * (فإن قال أنت طالق ثم قال أردت ان قمت دين) لأنه أعلم بنيته وما ادعاه محتمل فأشبه ما لو قال أنت طالق ثم قال من وثاقي ولم يقبل في الحكم نص عليه لأنه يدعي خلاف ما يقتضيه اطلاق اللفظ وقال شيخنا في كتاب الكافي يخرج على روايتين
(إحداهما) لا يقبل لما ذكرنا والثانية يقبل لأنه محتمل أشبه ما لو قال أنت طالق ثم قال أردت من وثاقي وهذا مثله والله أعلم (فصل) وأدوات الشرط ست إن وإذا ومتى ومن وأي وكلما * (مسألة) * (وليس فيها ما يقتضي التكرار الا كلما)
لأن موضوعها للتكرار قال الله تعالى (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) ولا نعلم في ذلك خلافاً فأما متى ففيها وجهان (أحدهما) إنها تقتضي التكرار ذكره أبو بكر لأنها تستعمل للتكرار بدليل قول الشاعر متى تأته تعشو إلى ضوء تاره * تجد خير نار عندها خير موقد أي في كل وقت ولأنها تستعمل في الشرط والجزاء ومتى وجد الشرط ترتب عليه جزاؤه (الثاني) لا تقتضيه قال شيخنا وهو الصحيح لأنها اسم زمن بمعنى أي وقت وبمعنى إذا فلا تقتضي ما لا يقتضيانه وكونها تستعمل للتكرار في بعض أحيانها لا يمنع استعمالها في غيره مثل إذا وأي وقت فانهما يستعملان في الأمرين قال الله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم - وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم - وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها؟) وقال الشاعر قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم * طاروا إليه زرافات ووحدانا
وكذلك أي وقت وزمان فانهما يستعملان للتكرار وسائر الحروف يجازى بها إلا أنها لما كانت تستعمل للتكرار وغيره لا تحمل على التكرار إلا بدليل كذلك حتى * (مسألة) * (وكلها على التراخي إذا تجردت عن لم فإذا اتصلت بها صارت على الفور إلا إن وفي إذا وجهان) متى علق الطلاق بإيجاد فعل بواحد منها كان على التراخي فإن قال إن قمت أو إذا قمت أو من قام منكن أو أي وقت قمت أو متى قمت أو كلما قمت فأنت طالق فمتى قامت طلقت لوجود الشرط وإن مات أحدهما قبل وجود الشرط سقط اليمين * (مسألة) * (وإن اتصلت بها أي بلم صارت على الفور إلا ان فانها عليا لتراخي لأنها لا تقتضي وقتاً إلا ضرورة أن الفعل لا يقع إلا في وقت فهي مطلقة في الزمان كله) فإذا قال إن لم تدخلي الدار فأنت طالق لم يقع الطلاق إلا عند تعذر إبقاعه بالموت أو ما يقوم مقامه * (مسألة) * (وفي إذا وجهان)(أحدهما) هي على التراخي وهو قول أبي حنيفة ونصره القاضي لأنها تستعمل شرطاً بمعنى ان.
قال الشاعر:
* وإذا تصبك خصاصة فتحملي * فجزم بها كما يجزم بإن ولأنها تستعمل بمعنى متى وان وإذا احتمات الأمرين فاليقين بقاء النكاح فلا يزول بالاحتمال (والآخر) أنها على الفور وهو قول أبي يوسف ومحمد وهو المنصوص عن الشافعي لأنها اسم لزمن
مستقبل فتكون كمتى وأما المجازاة بها فلا تخرجها عن موضعها فان متي بجازي بها ألا ترى إلى قول الشاعر متى تأته تعشو إلى ضوء ناره * تجد خير نار عندها خير موقد ومن يجازى بها أيضاً وكذلك أي وسائر الحروف ولم يخرجها ذلك عن كونها للفور في النفي (فصل) وقولهم ان هذه الأدوات الأربع في النفي تكون على الفور صحيح في كلما وأي ومتى فأنها تعم الزمان فإذا قال كلما لم أطلقك أو أي وقت لم أطلقك أو متى لم أطلقك فأنت طالق ثم مضى زمن يملك طلاقها فيه ولم يطلقها طلقت لوجوده الصفة فانها اسم لوقت الفعل فيقدر بهذا ولهذا يصح السؤال به فتقول متى دخلت أو أي وقت دخلت أما من فليست من أسماء الزمان انما تعم الأشخاص فلا يظهر لي انها تقتضي الفور لذلك فعلى هذا إذا قال من لم أطلقها منكن فهي طالق لم تطلق واحدة منهن إلا أن يتعذر طلاقها كما قلنا في أن..إذا قال إن لم أطلقك فأنت طالق فإن كل واحدة منهما ليست من أسماء الزمان * (مسألة) * (وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق إلا في كلما وفي متى في أحد الوجهين وقد ذكرنا دليل الوجهين في مقتضى التكرار وعدمه) * (مسألة) * (فإذا قال إذا أكلت رمانة فأنت طالق وكلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت ثلاثاً لوجود صفة النصف مرتين والجميع مرة فتطلق بكل نصف طلقة وبالرمانة طلقة ولو
جعل مكان كلما (إن) لم تطلق إلا طلقتين بصفة النصف مرة وبالكمال مرة ولا تطلق بالنصف الآخر لأنها لا تقتضي التكرار * (مسألة) * (ولو علق طلاقها على صفات ثلاث فاجتمن في عين واحدة نحو أن يقول أن رأيت رجلا
فأنت طالق وإن رأيت أسود فأنت طالق وإن رأيت فقيها فأنت طالق فرأت رجلاً أسود فقيها طلقت ثلاثاً) لوجود الصفات الثلاث فيه أشبه ما لو رأت ثلاثة فيهم الثلاث صفات (فصل) وهذه الحروف الستة إذا تقدم جزاؤها عليها لم تحتج إلى حروف الفاء في الجزاء كقوله أنت طالق إن دخلت الدار وإن تأخر جزاؤها احتاجت في الجزاء إلى حرف الفاء إذا كان جملة من مبتدأ وخبر كقوله: إن دخلت الدار فانت طالق، وإنما اختصت بالفاء لأنها للتعقيب فتربط بين الجزاء وشرطه وتدل على تعقيبه به.
* (مسألة) * (وإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق لم تطلق إلا في آخر جزء من حياة أحدهما إلا أن يكون له نية) لأن حرف إن موضوع للشرط لا يقتضي زمناً ولا يدل عليه إلا من حيث إن الفعل المعلق به من ضرورته الزمان فلا يتقيد بزمن معين فما علق عليه كان على التراخي سواء في ذلك الإثبات والنفي.
فعلى هذا إذا قال إن لم أطلقك فأنت طالق ولم ينو وقتاً بعينه ولم يطلقها كان على التراخي لا يحنث بتأخره لأن كل زمن يمكن أن يفعل فيه ما حلف عليه فلم يفت الوقت، فإذا مات أحدهما علمنا حنثه حينئذ لأنه لا يمكن إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما فتبين أنه يقع إذا لم يبق من حياته ما يتسع لتطليقها وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ولا نعلم فيه بين أهل العلم خلافاً، ولو قال أن لم أطلق عمرة فحفصة طالق فأي الثلاثة مات أولا وقع الطلاق قبل موته لأن تطليقه حفصة على وجه تنحل به يمينه إنما يكون في حياتهم جميعاً، وكذلك إن قال إن لم أعتق عبدي أو إن لم أضربه فامرأتي طالق وقع بها الطلاق في آخر جزء من حياة أولهم موتاً، فأما إن عين وقتاً بلفظه او نيته تعين وتعلقت يمينه به قال أحمد إذا قال إن لم أضرب فلاناً فأنت طالق ثلاثاً فهو على ما أراد من ذلك لأن الزمان المحلوف على ترك الفعل فيه تعين بينته وإرادته فصار كالمصرح به في لفظه فإن مبنى الأيمان على النية لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وإنما لأمرئ ما نوى "(فصل) ولا يمنع من وطئ زوجته قبل فعل ما حلف عليه، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي،
وقال سعيد بن المسيب والحسن والشعبي ومالك وأبو عبيد لا يطأ حتى يفعل لأن الأصل عدم الفعل ووقوع الطلاق.
وروى الأثرم عن أحمد مثل ذلك، وقال الانصاري وربيعة ومالك يضرب له أجل المولي كما لو حلف أن لا يطأها
ولنا أنه نكاح صحيح لم يقع فيه طلاق ولا غيره من أسباب التحريم فحل له الوطئ فيه كما لو قال إن طلقتك فأنت طالق، وقولهم الأصل عدم الفعل ووقوع الطلاق قلنا هذا الأصل لم يقتض وقوع الطلاق فلم يقتض حكمه ولو وقع الطلاق بعد وطئه لم يضر كما لو طلقها ناجزاً وعلى أن الطلاق ههنا إنما يقع في زمن يمكن الوطئ بعده بخلاف قوله إن وطئتك فأنت طالق.
(فصل) إذا كان المعلق طلاقاً بائناً فماتت لم يرثها لأن طلاقه أبانها منه فلم يرثها كما لو طلقها ناجزا عند موتها فإن مات ورثته نص عليه أحمد في رواية أبي طالب إذا قال الرجل لزوجته أنت طالق ثلاثاً إن لم أتزوج عليك ومات ولم يتزوج عليها ورثته، وإن ماتت لم يرثها وذلك لأنها تطلق في آخر حياته فأشبه طلاقه لها في تلك الحال ونحو هذا قال عطاء ويحيى الأنصاري.
ويتخرج لنا أنها لا ترثه أيضاً وهذا قول سعيد بن المسيب والحسن والشعبي وأبي عبيد لأنه إنما طلقها في صحته وإنما تحقق شرط وقوعه في المرض فلم ترثه كما لو علقه على فعلها ففعلته في مرضه، وقال أبو حنيفة إن حلف إن لم تأت البصرة فأنت طالق فلم تفعل فإنهما لا يتوارثان، وإن قال إن لم آت البصرة فأنت طالق فمات ورثته وإن ماتت لم يرثها فإنه في الأول علق الطلاق على فعلها فإذا امتنعت منه فقد حققت شرط الطلاق فلم ترثه كما لو قال إن دخلت الدار فانت طالق فدخلتها، وإذا علقه على فعل نفسه فامتنع كان الطلاق منه فأشبه ما لو نجزه في الحال، ووجه الأول أنه طلاق في مرض موته فمنعه ميراثها ولم يمنعها كما لو طلقها
ابتداء ولأن الزوج أخر الطلاق اختياراً منه حتى وقع ما علق عليه في مرضه فصار كالمباشر له، فأما ما ذكره عن أبي حنيفة فحسن إذا كان الفعل مما لا مشقة عليها فيه لأن تركها له كفعلها لما حلف عليها لتتركه، وإن كان مما فيه مشقة فلا ينبغي أن يسقط ميراثها بتركه، كما لو حلف عليها بترك
مالا بدلها من فعله.
(فصل) إذا حلف ليفعلن شيئاً ولم يعين له وقتاً بلفظه ولا نيته فهو على التراخي أيضاً لأن لفظه مطلقاً بالنسبة إلى الزمان كله فلا يتقيد بدون تقييده ولذلك لما قال الله تعالى في الساعة (قل بلى وربي لتأتينكم) وقال (قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئون بما علمتم) وذلك على التراخي ولما قال الله (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) كان ذلك على التراخي فإن الآية نزلت في نوبة الحديبية في سنة ست وتأخر الفتح إلى سنة ثمان ولذلك روي عن عمر أنه قال قلت للنبي صلاى لله عليه وسلم أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونتطوف به؟ قال " بلى أفأخبرتك أنك آتيه العام؟ " قلت لا قال " فإنك آتيه ومطوف به " وهذا لا خلاف فيه نعلمه.
* (مسألة) * (وإن قال إذا لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها فهل تطلق في الحال؟ على وجهين) بناء على قولنا هي على الفور أو على التراخي وقد ذكرنا وجه القولين * (مسألة) * (وإن قال كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن فيه طلاقها ثلاثاً ولم يطلقها
طلقت ثلاثاً) لأن كلما تقتضي التكرار على ما بينا قال الله تعالى (كلما جاء أمة رسولها كذبوه) فيقتضي زمن تكرار الطلاق بتكرار الصفة والصفة عدم طلاقه لها، فإذا مضى زمن يمكن فيه أن يطلقها ولم يفعل فقد وجدت الصفة فتقع واحدة وثانية وثالثة إن كانت مدخولاً بها وإن لم تكن مدخولاً بها بانت بالأولى ولم يلزمها ما بعدها لأن البائن لا يقع عليها طلاق * (مسألة) * (ولو قال العامي إن دخلت الدار فانت طالق بفتح الهمزة فهو شرط لأن العامي لا يريد بذلك إلا الشرط ولا يعرف أن مقتضاها التعليل فلا يريده فلا يثبت له حكم ما لا يعرفه ولا يريده كما لو نطق بكلمة الطلاق بلسان لا يعرفه، وإن كان نحوياً وقع في الحال لأن أن المفتوحة ليست للشرط إنما هي للتعليل فمعناه أنت طالق لانت دخلت الدار أو لدخولك الدار، كقوله تعالى (يمنون عليك أن أسلموا - وتخر الجبال هذا أن دعوا للرحمن ولدا - ويخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم) قال القاضي هذا التفصيل قياس المذهب، وحكي عن الخلال أن حكم النحوي حكم العامي في أنه لا يقع طلاقه بذلك إلا أن ينويه لأن الطلاق يحمل على العرف في حقهما جميعاً، وقال أبو بكر
تطلق في الحال في حقهما جميعاً عملاً بمقتضى اللغة، واختلف أصحاب الشافعي على ثلاثة أوجه (أحدها) يقع في الحال في حقهما جميعاً كقول أبي بكر (والثاني) يكون شرطاً في حق العاص وتعليلاً في حق النحوي على ما ذكره القاضي (والثالث) يقع الطلاق إلا أن يكون من أهل الأعراب فيقول أردت بالشرط فيقبل
لأنه لا يجوز صرف الكلام عن مقتضاه إلا بقصده، فان أنت طالق إذا دخلت الدار طلقت في الحال لأن إذ للماضي ويحتمل أن لا يقع لأن الطلاق لا يقع في زمن ماض كقوله أنت طالق أمس * (مسألة) * (وإن قال إن قمت وأنت طالق طلقت في الحال لأن الواو ليست جواباً للشرط فإن قال أردت بها الجزاء أو أردت أني أجعل قيامها وطلاقها شرطين لشئ ثم أمسكت دين لأن ما قاله محتمل وهل يقبل في الحكم؟ على روايتين)[إحداهما] لا يقبل لأنه خلاف الظاهر (والثانية) يقبل لأن قوله يحتمله وهو أعلم بمراده، وإن جعل لهذا جزاء فقال إن دخلت الدار وأنت طالق فعبدي حر صح ولم يعتق العبد حتى تدخل الدار وهي طالق لان الواو وههنا للحال كقول الله تعالى (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ولو قال إن دخلت الدار طالقاً فانت طالق فدخلت وهي طالق طلقت أخرى لأن هذا حال فجرى مجرى قوله إن دخلت الدار راكبة.
(فصل) فإن قال إن دخلت الدار أنت طالق لم تطلق حتى تدخل، وبه قال بعض الشافعية وقال محمد بن الحسن تطلق في الحال لأنه لم يعلقه بدخول الدار بالفاء التي إنما يتعلق بها فيكون كلاما مستأنفاً غير معلق بشرط فيثبت حكمه في الحال.
ولنا أنه أنى يحرف الشرط فيدل بذلك على أنه أراد بتعليق وإنما حذف الفاء وهي مرادة كما
يحذف المبتدأ تارة والخبر أخرى لدلالة باقي الكلام على المحذوف، ويجوز أن يكون حذف الفاء على التقديم والتأخير ومهما أمكن حمل كلام العاقل على فائدة وتصحيحه عن الفساد وجب، وفيما ذكرنا تصحيحه وفيما ذكروه إلغاؤه، وإن قال أردت الإيقاع في الحال وقع لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ.
وإن قال
أنت طالق وإن دخلت الدار وقع الطلاق في الحال لأن معناه أنت طالق في كل حال ولا يمنع من ذلك دخولك لدار كقول النبي صلى الله عليه وسلم " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، وإن زنى وإن سرق " وقال صلى الله عليه وسلم " صلهم وإن قطعوك وأعطهم وإن حرموك "، وإن قال أردت الشرط دين وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين، فإن قال إن دخلت لدار فأنت طالق وإن دخلت الاخرى فمنى دخلت الأولى طلقت سواء دخلت الأخرى أو لم تدخل ولا تطلق الأخرى وقال ابن الصباغ تطلق بدخول كل واحدة منهما ومقتضى اللغة ما قلناه، وإن قال أردت جعل الثاني شرطاً لطلاقها أيضاً طلقت بكل واحدة منهما لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ، وإن قال أردت أن دخول الثانية شرط لطلاق الثانية، فهو على ما أراده، وإن قال إن دخلت الدار وإن دخلت هذه الأخرى فأنت طالق فقد قيل لا نطلق إلا بدخولهما لانه جعل طلاقها جزاء لهذين الشرطين ويحتمل أن تطلق بإحداهما أيهما كان لأنه ذكر شرطين بحرفين فيقتضي كل واحد منهما جزاء افترك ذكر جزاء الأول وكان الجزاء الآخر دالاً عليه كما لو قال ضربت وضربتي زيد، قال الفرزدق
ولكن نصفا لو سبب وسبني * بنو عبد شمس من قريش وهاشم والتقدير سبني هؤلاء وسببتهم، وقال الله تعالى (عن اليمين وعن الشمال قعيد) أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد.
(فصل) ولو قال أنت طالق لو قمت كان ذلك شرطاً بمنزلة قوله إن قمت ويحكى هذا عن أبي يوسف لأنها لو لم تكن للشرط لكانت لغواً، والأصل اعتبار كلام المكلف وقيل يقع الطلاق في الحال وهذا قول بعض أصحاب الشافعي لأنها بعد الاثبات تستعمل لغير المنع كقوله تعالى (وإنه لقسم لو تعلمون عظم - ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون) وإن قال أردت أن أجعل لها جواباً دين، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين * (مسألة) * (وإن قال إن قمت فقعدت فأنت طالق أو إن قمت ثم قعدت لم تطلق حتى تقوم ثم تقعد لأنهما حرفا ترتيب وكذلك إن قال إن قعدت إذا قمت أو إن قعدت إن قمت لأن اللفظ اقتضى
تعليق الطلاق بالعقود بعد القيام (فصل) وإن قال إن قمت إذا قعدت أو إن قمت إن قعدت لم تطلق حتى تقعد ثم تقوم وكذلك إن قال أنت طالق إن أكلت إذا لبست أو إن أكلت إن لبست أو إن أكلت متى لبست لم تطلق حتى تلبس ثم تأكل ويسميه النحويون اعتراض الشرط على الشرط فيقتضي تقديم المتأخر وتأخير المتقدم
لأنه جعل الثاني في اللفظ شرطاً للذي قبله والشرط يتقدم المشروط.
قال الله تعالى (ولا بنفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم) فلو قال لامرأته إن أعطيتك إن وعدتك ان سألتيني فأنت طالق لم تطلق حتى تسأله ثم يعدها ثم يعطيها لأنه شرط في العطية الوعد وفي الوعد السؤال فكأنه قال إن سألتني فوغدتك فأعطيتك وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وقال القاضي إذا كان الشرط بإذا كقولنا وفيما إذا كان بإن مثل قوله إن شربت إن أكلت أنها تطلق بوجودهما كيفما وجدا قال لأن أهل العرف لا يعرفون ما يقوله أهل العربية في هذا فتعلقت اليمين بما يعرفه أهل العرف بخلاف ما إذا كان الشرط بإذا.
قال شيخنا والصحيح الأول وليس لأهل العرف في هذا عرف فإن هذا الكلام غير متداول بينهم ولا ينطقون به إلا نادراً فيجب الرجوع فيه إلى مقتضاه عند أهل اللسان والله أعلم.
* (مسألة) * (وإن قال إن قمت وقعدت فأنت طالق طلقت بوجودهما كيفما كان) لأن الواو لا تقتضي ترتيباً ولا تطلق بوجود أحدهما لأنها للجمع فلم يقع قبل وجودهما جميعاً وعنه أنها تطلق بوجود أحدهما وخرجه القاضي وجهاً بناء على إحدى الروايتين فيمن حلف لا يفعل شيئاً ففعل بعضه والأول أصح وهذه الرواية بعيدة جداً تخالف الأصول ومقتضى اللغة والعرف وعامة أهل
العلم فإنه لا خلاف بينهم في أنه إذا علق الطلاق على شرطين مرتبين في مثل قوله إن قمت فقعدت أنه لا يقع بوجود أحدهما فكذلك هنا ثم يلزم على هذا ما لو قال إن أعطيتني درهمين فأنت طالق أو إذا مضى شهران فأنت طالق فإنه لا خلاف في أنها لا تطلق قبل وجودهما جميعاً وكان قوله يقتضي الطلاق
باعطائه بعض درهم ومضي بعض يوم وأصول الشرع تشهد بأن الحكم المعلق بشرطين لا يثبت إلا بهما وقد نص أحمد رحمه الله في أنه إذا قال إذا حضت حيضة فأنت طالق أو إذا صمت يوماً فأنت طالق أنها لا تطلق حتى تحيض حيضة كاملة وإذا غابت الشمس من اليوم الذي يصوم فيه طلقت وأما اليمين فإنه متى كان في لفظه أو نيته ما يقتضي جميع المحلوف عليه لم يحنث إلا بفعل جميعه وفي مسئلتنا ما يقتضي تعليق الطلاق بالشرطين لتصريحه بهما وجعلهما شرط للطلاق والحكم لا يثبت بدون شرطه على أن اليمين مقتضاها المنع مما حلف عليه فيقتضي المنع من فعل جميعه كنهي الشارع عن شئ يقتضي المنع من كل جزء منه كما يقتضي المنع من جملته وما علق على شرط جعل جزاء وحكماً والجزاء لا يوجد بدون شرطه والحكم لا يتحقق قبل تمام شرطه لغة وعرفاً وشرعاً * (مسألة) * (وإن قال ان قمت أو قعدت فأنت طالق طلقت بوجود أحدهما) لأن أو لاحد الشيئين، كذلك إن قال إن أكلت أو إن لبست أو لا أكلت ولا لبست لأن
أو تقتضي تعليق الجزاء على واحد من المذكور، كقوله سبحانه (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)(فصل) في تعليقه بالحيض) قال الشيخ رحمه (إذا قال لامرأته إن حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض لأن الصفة وجدت وكذلك حكمنا أنه حيض في المنع من الصلاة والصيام فإن بان أن الدم ليس بحيض لم تطلق، وبه قال الثوري وأصحاب الرأي لأنا تبينا أن الصفة لم توجد (فصل) وإذا قال لطاهر إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر نص عليه لأنها لا تحيض حيضة إلا بذلك ولا تعتد بالحيضة التي هي فيها لأنها ليست حيضة كاملة، وإن قال إذا حضت حيضة فأنت طالق وإذا حضت حيضتين فأنت طالق فحاضت حيضة طلقت طلقة واحدة فإذا حاضت الثانية عند طهرها وإن قال إدا حضت حيضة فأنت طالق ثم إذا حضت حيضتين فأنت طالق لم تطلق الثانية حتى تطهر من الحيضة الثالثة لأن ثم للترتيب فتقتضي حيضتين بعد الطلقة الاولى لكونها مرتبتين عليها.
* (مسألة) * (وإذا قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق طلقت إذا ذهب نصف الحيضة) وينبغي أن يحكم بوقوع الطلاق إذا حاضت نصف عادتها لأن الأحكام تعلقت بالعادة فيتعلق بها وقوع الطلاق، ويحتمل أن لا يقع الطلاق حتى يمضي سبعة أيام ونصف لانا لا نتيقن مضي نصف الحيض إلا بذلك إلا أن تطهر لأقل من ذلك ومتى طهرت تبينا وقوع الطلاق في نصف الحيضة،
وحكي عن القاضي أنه يلغو قوله نصف حيضة فعلى هذا يتعلق طلاقها بأول الدم لانها لا نصف لها فيكون كقوله إذا حضت وقيل يلغو قوله نصف فهو كقوله إذا حضت حيضة، والأول أصح فإن الحيض له مدة أقلها يوم وليلة أو يوم فيكون له حقيقة والجهل بقدر ذلك لا يمنع وجوده وتعلق الحكم به كالحمل.
* (مسألة) * (وإن قال إذا طهرت فأنت طالق وكانت طاهراً لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر) وهذا يحكى عن أبي يوسف، وقال بعض أصحاب الشافعي الذي يقتضيه مذهب الشافعي أنها تطلق بما يتجدد من طهرها وكذلك قال في قوله إذا حضت فأنت طالق فكانت حائضاً أنها تطلق بما يتجدد من الحيض لأنه قد وجد منها الحيض والطهر فوقع الطلاق لوجود صفته ولنا أن إذا اسم لزمن مستقبل يقتضي فعلاً مستقبلاً، وهذا الطهر والحيض مستدام غير متجدد ولا يفهم من إطلاق حاضت المرأة وطهرت إلا ابتداء ذلك فتعلقت الصفة به فأما إذا قال إذا طهرت فأنت طالق وهي حائض طلقت بانقطاع الدم قبل الغسل نص عليه أحمد في رواية إبراهيم الحربي وذكر أبو بكر في التنبيه فيها قولاً أنها لا تطلق حتى تغتسل بناء على العدة في أنها لا تنقضي إلا بالغسل ولنا أن الله تعالى قال (ولا تقربوهن حتى يطهرن) أي ينقطع دمهن فإذا تطهرن أي اغتسلن ولأنه قد ثبت لها أحكام الطهارات في وجوب الصلاة وصحة الطهارة والصيام وإنما بقي بعض الأحكام
وقوفا على وجود الغسل ولأنها ليست حائضاً فيلزم أن تكون طاهراً لأنهما ضدان على التعيين فيلزم من انتفاء أحدهما وجود الآخر.
* (مسألة) * (وإذا قالت قد حضت وكذبها قبل قولها في نفسها في أحد الروايتين بغير يمين لأنها أمينة على نفسها) وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وهو ظاهر المذهب لأن الله قال (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) قيل هو الحيض والحمل ولولا أن قولها فيه مقبول ما حرم الله عليها كتمانه وصار كقوله تعالى (ولا تكتموا الشهادة) لما حرم كتمانها دل على قبولها كذا ههنا ولأنه معنى فيها لا يعرف إلا من جهتها فوجب الرجوع الى قولها فيه كقضاء عدتها (والرواية الثانية) لا يقبل قولها ويختبرها النساء بإدخال قطنة في الفرج في الزمان الذي ادعت الحيض فيه فإن ظهر الدم فهي حائض وإلا فلا.
قال أحمد في رواية منها في رجل قال لامرأته إذا حضت فأنت طالق وعبدي حر قالت قد حضت ينظر إليها النساء فتعطى قطنة فتخرجها فإن خرج الدم فهي حائض تطلق ويعتق العبد، قال أبو بكر وبهذا أقول لأن الحيض يمكن التوصل الى معرفته من غيرها فلم يقبل فيه مجرد قولها كدخول الدار والأول المذهب ولعل أحمد إنما اعتبر البينة في هذه الرواية من أجل عتق العبد فإن قولها إنما يقبل في حق نفسها دون غيرها وهل تعتبر يمينها إذا قلنا القول قولها؟ على وجهين بناء على ما إذا ادعت أن زوجها طلقها وأنكرها
ولا يقبل قولها إلا في حق نفسها خاصة دون غيرها من طلاق أخرى أو عتق عبد نص عليه أحمد في رجل قال لامرأته إذا حضت فأنت طالق وهذه معك لامرأة أخرى قالت قد حضت من ساعتها تطلق هي ولا تطلق هذه حتى تعلم لأنها مؤتمنة في حق نفسها دون غيرها فصارت كالمودع يقبل قوله في الرد على المودع دون غيره.
* (مسألة) * (ولو قال قد حضت فأنكرته طلقت بإقراره) لأنه أقر بما يوجب طلاقها فأشبه ما لو قال قد طلقتها * (مسألة) * (فإن قال إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت قد حضت وكذبها طلقت وحدها) لأن قولها مقبول على نفسها ولا تطلق الضرة إلا أن تقيم بينة على حيضها وإن ادعت الضرة أنها قد حاضت لم تقبل لأن معرفتها بحيض غيرها كمعرفة الزوج به وإنما اؤتمنت على نفسها في حيضها، وإن
قال قد حضت وأنكرت طلقتا بإقراره.
* (مسألة) * (وإن قال لامرأتيه إن حضتما فأنتما طالقتان فقالتا قد حضنا فصدقهما طلقتا) لأنهما أقرتا وصدقهما فوجدت الصفة في حقهما وإن كذبهما لم تطلق واحدة منهن لأن طلاق كل واحدة منهما معلق على شرطين حيضها وحيض ضرتها ولا يقبل قول ضرتها عليها فلم يوجد الشرطان وإن كذب إحداهما طلقت المكذبة وحدها لأن قولها مقبول في حقها وقد صدق الزوج
ضرتها فوجد الشرطان في طلاقها ولم تطلق المصدقة لان قول ضرتها غير مقبول في حقها ولم يصدقها الزوج فلم يوجد شرط طلاقها * (مسألة) * (وإن قال ذلك لأربع فقد علق طلاق كل واحدة منهن على حيض الأربع فإن قلن قد حضن فصدقهن طلقن) لأنه قد وجد حيضهن بتصديقه وإن كذبهن لم تطلق واحدة منهن لأن شرط طلاقهن حيض الأربع ولم يوجد وإن صدق واحدة أو اثنتين لم تطلق واحدة منهن لأنه لم يوجد الشرط لكون قول كل واحدة منهن لا يوجد إلا في نفسها وإن صدق ثلاثاً طلقت المكذبة وحدها لأن قولها مقبول في حيضها وقد صدق الزوج صواحبها فوجد حيض الأربع في حقها فطلقت ولا تطلق المصدقات لأن قول المكذبة غير مقبول في حقهن.
* (مسألة) * (وإن قال كلما حاضت إحدا كن فضرائرها طوالق) فقد جعل حيض كل واحدة منهن شرطاً لطلاق ضرائرها فقلن قد حضن فصدقهن طلقت كل واحدة منهن لا قولهن غير مقبول عليه في طلاق غيرهن وإن صدق واحدة منهن لم تطلق لأنه لا ليس لها صاحبة ثبت حيضها وطلقت ضراتها طلقة طلقة لأن لهن صاحبة قد ثبت حيضها وإن صدق اثنتين طلقت كل
واحدة منهما طلقة لأن كل واحدة منهما ضرة مصدقة وطلقت المكذبتان طلقتين طلقتين لأن لكل واحدة منهما ضرتين مصدقتين وإن صدق ثلاثاً طلقت المكذبة ثلاثاً لأن لها ثلاث ضرائر مصدقات
وطلقت كل واحدة من المصدقات طلقتين لأن لكل واحدة ضرتين مصدقتين (فصل) إذا قال لامرأتيه إن حضتما حيضة واحدة فأنتما طالقتان لم تطلق واحدة منهما حتى تحيض كل واحدة منهما حيضة واحدة ويكون التقدير إن حاضت كل واحدة منكما حيضة واحدة فأنتما طالقتان ويكون كقوله تعالى (فاجلدوهم ثمانين جلدة) أي فاجلوا كل واحد منهم ثمانين جلدة، ويحتمل أن يتعلق بها الطلاق بحيض احداهما حيضة لأنه لما تعذر وجود الفعل منهما وجب اضافته الى إحداهما كقوله تعالى (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) وإنما يخرج من أحدهما.
وقال القاضي يغلو قول حيضة واحدة لأن حيضة وحدة من امرأتين محال فيبقى كأنه قال إن حضتما فأنتما طالقتان وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي والوجه الآخر لا تنعقد هذه الصفة لأنها مستحيلة فيصير كتعليق الطلاق بالمستحيلات.
والوجه الأول أولى لأن فيه تصحيح كلام المكلف بحمله على محل سائغ وتبعيداً لوقوع الطلاق واليقين بقاء النكاح فلا يزول حتى يوجد ما يقع به الطلاق يقينا وغير هذا الوجه لا يحصل به اليقين فإن أراد بكلامه أحد هذه الوجوه حمل عليه وإذا ادعى ذلك قبل منه وإذا قال أردت أن تكون الحيضة الواحدة منهما فهو تعليق للطلاق بمستحيل فيحتمل أن يلغو قوله حيضة
ويحتمل أن يقع الطلاق لأن هذه الصفة لا توجد فلا يوجد ما علق عليها ويحتمل أن يقع الطلاق في الحال ويلغو بناء على ما ذكرناه في تعليق الطلاق على المستحيل (فصل) إذا كان له أربع نسوة فقال أيتكن لما أطأها فضرائرها طوالق وقيده بوقت فمضى الوقت ولم يطأهن طلقن ثلاثاً ثلاثاً لأن لكل واحدة ثلاث ضرائر غير موطوءات وإن وطئ ثلاثاً وترك واحدة لم تطلق المتروكة لأنها ليست لها ضرة غير موطؤة وتطلق كل واحدة من الموطوءات طلقة طلقة وإن وطئ اثنتين طلقتا طلقتين وإن لم يقيده بوقت كان وقت الطلاق مقيداً بعمره وعمرهن فأيتهن مانت طلقت كل واحدة من ضرائرها طلقة طلقة وإذا ماتت أخرى فكذلك وإذا مات هو طلقن كلهن في آخر جزء من حياته * (فصل في تعليقه بالحمل) * قال شيخنا رحمه الله تعالى (إذا قال إن كنت حاملاً فأنت طالق فتبين
أنها كانت حاملاً تبينا وقوع الطلاق من حين اليمين وإلا فلا) ويعلم حملها بأن تلد لأقل من ستة أشهر من حين اليمين فيقع الطلاق لوجود شرطه، وإن ولدت لأكثر من أربع سنين لم تطلق لأنا علمنا براءتها من الحمل وإن ولدت لأكثر من ستة أشهر ولأقل من أربع سنين ولم يكن لها من يطؤها طلقت لأنها كانت حاملا وإن كان لها زوج يطؤها فولدت لأقل من ستة أشهر من حين وطئه طلقت لأننا علمنا أنه ليس من الوطئ وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر من حين وطئ الزوج بعد اليمين ولأقل من أربع سنين من حين عقد الصفة لم تطلق لأن يقين النكاح باق والظاهر
حدوث الولد من الوطئ لأن الأصل عدمه قبله * (مسألة) * (وإن قال إن لم تكوني حاملاً فأنت طالق فهي بالعكس) ففي كل موضع يقع الطلاق في التي قبلها لا يقع ههنا وفي كل موضع لا يقع ثم يقع ههنا لأنها ضدها إلا إذا أتت بولد لأكثر من ستة أشهر ولأقل من أربع سنين هل يقع الطلاق ههنا؟ فيه وجهان (أحدهما) تطلق لأن الأصل عدم الحمل قبل الوطئ والثاني لا تطلق لأن الأصل بقاء النكاح * (مسألة) * (ويحرم وطؤها قبل استبرائها في إحدى الروايتين ان كان الطلاق بائناً نص عليه أحمد) وكذلك يحرم في التي قبلها لاحتمال الحمل فغلب التحريم وقال القاضي يحرم الوطئ وإن كان الطلاق رجعياً سواء قلنا إن الرجعية مباحة أو محرمة لأنه يمنع المعرفة بوقوع الطلاق وعدمه وقال أبو الخطاب فيه رواية أخرى أن الوطئ لا يحرم لأن الأصل بقاء النكاح وبراءة الرحم من الحمل فإن استبرأها حل وطؤها على الروايتين ويكفي في الاستبراء حيضة قال أحمد في رواية أبي الخطاب إذا قال لامرأته متى حملت فأنت طالق لا يقربها حتى تحيض فإذا طهرت وطئها فإن تأخر حيضها أريت النساء من أهل المعرفة فإن لم يوجدن أو خفي عليهن انتظر عليها تسعة أشهر غالب مدة الحمل، وذكر القاضي رواية أخرى أنها تستبرأ بثلاثة قروء لأنه استبراء الحرة وهو أحد الجهين لأصحاب الشافعي قال شيخنا
والصحيح ما ذكرناه لأن المقصود معرفة براءة رحمها وهو يحصل بحيضة بدليل قوله عليه السلام " لا توطأ حامل
حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة " يعني حتى تعلم براءتها من الحمل بحيضة ولأن ما تعلم به البراءة في حق الامة والحرة واحد لأنه أمر حقيقي لا يختلف بالرق والحرية، وأما العدة ففيها نوع تعبد لا يجوزان يعدى بالقياس وهل يعتد بالاستبراء قبل عقد اليمين أو بالحيضة التي حلف فيها؟ على وجهين (أصحهما) الاعتداد به لأنه يحصل به ما يحصل بالاستبراء بعد اليمين (والثاني) لا يعتد به لأن الاستبراء لا يقدم على سببه ولأنه لا يعتد به في استبراء الأمة المملوكة قال أحمد إذا قال لامرأته إذا حبلت فأنت طالق يطؤها في كل طهر مرة يعني إذا حاضت ثم طهرت حل وطؤها لان الحيض علم على براءتها من الحمل ووطؤها سبب له فإذا وطئها اعتزلها لاحتمال أن تكون قد حملت من وطئه فطلقت به * (مسألة) * (وإذا قال إن كنت حاملاً بذكر فأنت طالق واحدة وإن كنت حاملاً بأنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكراً وانثى طلقت ثلاثا لوجود الصفة) ولو قال إن كان حملك غلاماً فأنت طالق واحدة وإن كان حملك جارية فأنت طالق اثنتين فولدت غلاماً وجارية لم تطلق لأن حملها كله ليس بغلام ولا جارية.
ذكره القاضي في المجرد وأبو الخطاب، وبه قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال القاضي في الجامع في وقوع الطلاق وجهان بناء على الروايتين فيمن حلف لا لبست ثوبا من غزلها فلبس ثوباً فيه من غزلها
(فصل) في تعليقه بالولادة إذا قال إن ولدت ذكراً فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكراً ثم أنثى طلقت بالأول وبانت بالثاني ولم تطلق به.
ذكره أبو بكر لأن العدة انقضت بوضعه فصادفها الطلاق فلم يقع كما لو قال إذا مت فأنت طالق، وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي وحكى عن ابن حامد أنها تطلق لأن زمن البينونة زمن الوقوع فلا تنافي بينهما، والصحيح الأول لما ذكرنا وقد نص أحمد فيمن قال أنت طالق مع موتي أنها لا تطلق فهذا أولى فإن ولدتهما دفعة واحدة طلقت ثلاثاً لوجود الشرطين.
* (مسألة) * (فإن أشكل كيفية وضعهما وقعت واحدة بيقين ولغا ما زاد فلا تلزمه الثانية لأنه مشكوك فيه والورع أن يلتزمها)
وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي، قال القاضي قياس المذهب أن يقرع بينهما لانه يحتمل كل واحدة منهما احتمالاً مساوياً للأخرى فيقرع بينهما كما لو أعتق عبديه معاً ثم نسيه فإن قال إن كان أول ما تلدين ذكراً فأنت طالق واحدة وإن كان أنثى فأنت طالق اثنتين فولدتهما دفعة واحدة لم يقع بها شئ لأنه لا أول فيهما فلم توجد الصفة وإن ولدتهما دفعتين طلقت بالأول وبانت بالثاني ولم تطلق به إلا على قول ابن حامد وقد ذكرناه
* (مسألة) * (ولا فرق بين أن تلده حياً أو ميتاً) لان الشرط ولادة ذكر أو أنثى وقد وجد، لأن العدة تنقضي به وتصير به الجارية أم ولد كذلك هذا (فصل) إذا قال إن كنت حاملاً بغلام فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدت غلاماً كانت حاملاً به وقت اليمين تبينا أنها طلقت واحدة حين حلف وانقضت عدتها بوضعه وإن ولدت أنثى طلقت ولادتها طلقتين واعتدت بالقروء، وان ولد غلاماً وجارية وكان الغلام أولهما ولادة تبينا أنها طلقت واحدة وبانت بوضع الجارية ولم تطلق بهما إلا على قول ابن حامد وإن كانت الجارية ولدت أولاً طلقت ثلاثاً واحدة بحمل الغلام واثنتين بولادة الجارية وانقضت عدتها بوضع الغلام.
(فصل) فإن كان له أربع نسوه، فقال كلما ولدت واحدة منكن فضرائرها طوالق فولدن دفعة واحدة طلقتن كلهن ثلاثاً ثلاثاً، وان ولدن في دفعات وقع بضرائر الأولى طلقة طلقة فإذا ولدت الثانية بانت بوضع الولد ولم تطلق وهل يطلق سائرهن؟ فيه احتمالان [أحدهما] لا يقع بهن طلاق لانها لما انقضت عدتها بانت فلم يبقين ضرائر لها والزوج إنما علق بولادتها اطلاق ضرائرها.
(والوجه الثاني) يقع بكل واحدة طلقة طلقة لأنهن ضرائرها في حال ولادتها، فعلى هذا يقع بكل واحدة من اللتين لم يلدن طلقتان طلقتان وتبين هذه، ويقع بالوالدة الاولى طلقة فإذا ولدت الثالثة
بانت وفي وقوع الطلاق بالباقيتين وجهان، فإذا قلنا يقع بهن طلقت الرابعة ثلاثا والاولى طلقتين وبانت الثانية والثالثة وليس فيهن من له رجعتها إلا الأولى ما لم تنقض عدتها وإذا ولدت الرابعة لم تطلق واحدة منهن وتنقضي عدتها بذلك، وإن قال كلما ولدت واحدة منكن فسائركن طوالق أو فباقيكن طوالق فكلما ولدت واحدة منهن وقع بباقيهن طلقة طلقة وتبين الوالدة بوضع ولدها إلا الأولى، والفرق بين هذه وبين التي قبلها إن الثانية والثالثة يقع الطلاق بباقيهن بولادتهما ههنا وفي الأولى لا يقع لأنهن لم يبقين ضرائرها وههنا لم يعلقه بذلك وإن قال كلما ولدت واحدة منكن فأنتن طوالق فكذلك إلا أنه لا يقع على الاولى طلقة بولادتها، فإن كانت الثانية حاملاً باثنتين فوضعت الأولى منهما وقع بكل واحدة من ضرائرها طلقة في المسائل كلها ووقع بها طلقة في المسألة الثالثة، وإذا وضعت الثالثة أو كانت حائلا باثنتين فكذلك فتطلق الرابعة وتطلق كل واحدة من الوالدات طلقتين طلقتين في المسئلتين الأوليين وثلاثاً ثلاثاً في المسألة الثالثة ثم كلما وضعت واحدة منهن تمام حملها انقضت به عدتها، قال القاضي إذا كان له زوجتان فقال كلما ولدت واحدة منكما فأنتما طالقتان، فولدت إحداهما يوم الخميس طلقتا
جميعاً ثم ولدت الثانية يوم الجمعة بانت وانقضت عدتها ولم تطلق وطلقت الأولى ثانية فإن كانت كل واحدة منهما حائلا باثنين طلقتا بوضع الثانية طلقة طلقة أيضاً، ثم إذا ولدت الأولى تمام حملها انقضت عدتها به وطلقت الثانية ثلاثاً فإذا وضعت الثانية تمام حملها انقضت عدتها به (فصل) في تعليقه بالطلاق إذا قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال أنت طالق وقعت واحدة بالمباشرة وأخرى بالصفة إن كانت مدخولاً بها لأنه جعل تطليقها شرط الوقوع طلاقها فإذا وجد الشرط وقع الطلاق، وإن كانت غير مدخول بها بانت بالأولى ولم تقع الثانية لأنه لا عدة عليها ولا تمكن رجعتها فلا يقع طلاقها إلا بائناً ولا يقع الطلاق بالبائن فإن قال عنيت بقولي هذا أنك تكونين طالقاً بما أوقعته عليك ولم أرد طلاقاً سوى ما باشرتك به دين وهل يقبل في الحكم، لا يخرج على روايتين [إحداهما] لا يقبل وهو مذهب الشافعي لأنه خلاف الظاهر إذ الظاهر أن هذا تعليق للطلاق بشرط الطلاق ولأن اخباره إياها بوقوع طلاقه بها لا فائدة فيه
(والوجه الثاني) لا يقبل قوله لأنه يحتمل ما قاله فقيل كما لو قال أنت طالق أنت طالق، وقال أردت بالثاني التأكيد أو افهامها.
* (مسألة) * (إذا قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال إن قمت فانت طالق فقامت طلقت بقيامها