الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا الله (1) ?
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني (2) .... ?
ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (3) .... ?
التصحيح
ومرةً أخرى نعود إلى الفكرة التصحيحية الكبرى وهي غربلة الكتب وتنقيحها وتهذيبها من الشوائب والأخبار غير الصحيحة التي جاءت فيها، وإذا ذكرنا أعلاه بعض أسماء الكتب التي يعتبرها فقهاء الشيعة كتباً معتبرة والتي أُلِّفَت في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع ولكن من المهم أن نذكر أيضاً أن الكتب التي أُلِّفت في العهد الثاني من الصراع أي في عهد الدولة الصفوية لهي أدهي بكثير من تلك التي كتبت في وقت متقدم، فلقد جَمَعَت بعض هذه الكتب بين صفحاتها من عجائب الأمور والأقوال ما لا يرتضيه أي عاقل وأي محب لأهل بيت الرسالة ولعل من نافلة القول أن نذكر هنا علة وجه التحديد موسوعة " بحار الأنوار " الضخمة التي وضعها المولى " محمد باقر المجلسي " باللغة العربية وفي مجلدات تربو على العشرين، إن هذه الموسوعة هي بحق من أكثر الموسوعات نفعاَ وضرراً فهي في الوقت الذي تجمع في طياتها تراثاً علمياً غنياً وتمد الباحثين والعلماء فهي تحتوي أيضاً على أقوال ضارة ومواضيع ركيكة أضرت بالشيعة والوحدة الإسلامية أعظم الضرر وأكبره، ومع أن المؤلف يعترف في مقدمة كتابه الذي سماه " بحاراً " لأنه كالبحر الذي يوجد فيه الصدف والخزف، فكتابه أيضاً يحتوي على الضار والنافع شأنه شأن البحر ولكن مع الأسف إن الخزف الموجود في كتاب البحار قد أضر الشيعة والوحدة الإسلامية أكثر من أي أثر آخر أُلِّفَ حتى الآن في التاريخ الشيعي.
لقد خصص المؤلف شطراً كبيراً من موسوعته في معاجز أئمة الشيعة وهي مليئة بالأفكار الغلوائية التي تحتوي على قصص في المعاجز والكرامات تنسب إلى أئمتنا حقاً إنها حكايات تصلح لتسلية الأطفال، والجانب الآخر الهدام في هذه الموسوعة هو التركيز على الطعن وتجريح الخلفاء الراشدين وبصورة مقذعة في بعض الأحيان الأمر الذي اتخذه تجار
(1) - النمل 65
(2)
- البقرة 186
(3)
- ق 16
الطائفية البغيضة فرصة مواتية لإثارة العداء بين الشيعة والسنة ولا زالت الكتب التي تؤلَّف ضد الشيعة تركز تركيزاً مباشراً على كتب " المجلسي " و " المجلسي " ألَّف كتباً باللغة الفارسية أيضاً وهي لا تقل في محتواها عن موسوعته العربية، ولا شك أن عصر " المجلسي " وتأييد النظام الحاكم للمذهب الشيعي ولعلماء المذهب كان من أهم عوامل تأليف موسوعة مثل " بحار الأنوار " الكتاب الذي كان يضمن الخلاف الأبدي بين الشيعة في إيران وبين الأكثرية الساحقة من المسلمين الذين كانت الخلافة الإسلامية المجاورة لإيران تحكمهم باسم " أمير المؤمنين " و "المجلسي " الذي ولد في عام / 1073 / هجري وتوفي في عام / 1111 / هجري كان معاصراً للشاه " سليمان " والسلطان " حسين " من الملوك الصفويين وعُيِّن برتبة " شيخ الإسلام " وأنيطت به الشؤون الدينية في إيران بأمر الشاهين الذين حكما إيران في أزهى عصور الدولة الصفوية، وقبل أكثر من ثلاثين عاماً عندما أرادت دار للنشر في إيران أن تجدد طبع موسوعة " البحار " في مئة مجلد أمر الإمام " الطباطبائي البروجردي " الزعيم الأعلى للطائفة الشيعية آنذاك أن يخضع الكتاب للتهذيب والتنقيح ويجرد من كل الروايات والقصص التي فيها تجريح للخلفاء الراشدين ولكن الناشر الذي كان من أكبر تجار الطائفية وبتعاون مع جهات مشبوهة بدأ بطباعة الموسوعة من المجلدات الضخمة التي لا تحتوي على تلك الروايات والقصص المضرّة متجاهلاً التسلسل الوارد في الموسوعة وتم طبع المجلدات الضارّة بعد وفاة الإمام " البروجردي "
وعرضت في المكتبات الإسلامية لتكون وقوداً جديداً لإثارة الضغناء والشحناء بين المسلمين، ولقد أنبئت أخيراً أن الموسوعة طبعت مرة أخرى في لبنان بمساعدة جهة لها اتصال عميق بالدوائر الاستعمارية التي كانت سياستها الدائمة فرق تسد.
وفي معرض حديثنا عن غربلة كتب روايات الشيعة لا بد من أن نذكر هنا وبكل صراحة أن الدفاع الذي يقدمه بعض فقهائنا لصحة الروايات التي نريد غربلتها هو أن علم الدراية أو علم الرجال يساند صحة صدور تلك الروايات عن أئمة الشيعة وصدور بعض المعجزات والكرامات عنهم، وليت شعري أن أفهم أيهما أفضل للقبول والإتباع علم الدراية والرجال أم كتاب الله الكريم وسنة رسوله وبعدهما العقل والمنطق والبرهان، ورسول الله?
صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول: كل ما وافق الكتاب فخذوه وما عارضه فانبذوه (1) .... ? وقبل أن أختم هذا الفصل لا بد من الإشارة إلى موضوع له من الأهمية بمكان فقد دأب كثير من فقهائنا والمعنيين بالشؤون الشيعية - في رفضهم لقبول غربلة الكتب المشار إليها من المواضيع التي تقصم ظهر الوحدة الإسلامية - أن يتذرعوا بالقول إن كتب السنة أيضاً مليئة بما يجرح الشيعة وترميهم بالزندقة والكفر والخروج عن الإسلام، لقد صارحنا فقهاءنا من الشيعة وقلنا لهم إن كتبكم طعنت وجرحت الخلفاء الراشدين الذين لهم مكانة كبرى في قلوب المسلمين وأزواج النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم -وصحابته، والسنة لا تقول مثل هذا الكلام في أئمة الشيعة بل تكرمهم وتذكر فضائلهم ولكن حينما يريد علماء السنة الدفاع عن أعز وأكرم فئة ترى فيها امتداداً لرسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وقد ذكرتها الكتب الشيعية بما لا يليق بمكانتها فلا بد وان توجه السهام نحو صدور أولئك الذين دونوا مثل تلك الأقوال في كتبهم، ومن هنا نستطيع القول أن وطأة الكتب الشيعية وما فيها من كلام جارح على
الخلفاء هي أقسى وأشد كثيراً على السنة مما تقوله السنة في الشيعة نفسها، وبما أننا نريد بعون الله وإرادته أن ننهي هذا الخلاف إلى الأبد ونقدم حلولاً تصحيحية تضمن إنهاءها عاجلاً أو آجلاً فكان لا بد من سلوك طريق الصراحة ونحن هنا في موقف أمام الله والتاريخ والمسلمين جميعاً، فلذلك نقول أنه توجد في بعض الكتب التي ألفها كُتّاب السنة طعناً أو جرحاً في حق بعض أئمة الشيعة ونقصد بأئمة الشيعة هنا أئمة آل البيت ووصفهم بعبارة أئمة الشيعة هو وصف مجازي دأب عليه الاصطلاح وإلا فإن أئمة آل البيت كالحسن والحسين وزين العابدين وغيرهم من آل البيت هم أئمة لأهل السنة أيضاً، ومن يجرح هؤلاء يعتبر مجروحاً في موازين أهل السنة أيضاً ومن الواضح أنني لا أقصد بأولئك الكتاب الخوارج الذين لهم موقف واضح وصريح من الإمام " علي " ومع أنني أعترف أن كتباً من هذا النوع نادرة جداً إلا أنها تؤخذ كرأس رمح يمنع القيام بالحركة التصحيحية ويستغلها المتاجرون بالطائفية الذين لا يريدون أن تتم الوحدة الإسلامية الكبرى فيستندون على
(1) - أجمعت رواة السنة والشيعة على صحة هذا الحديث
مثل تلك الكتب النادرة التي لا تتداولها الأيدي كثيراً ولكن وجودها يعتبر ذريعة، وإنني أدعو الله مخلصاً أن يوفق المصلحين من أمة محمد - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - بغربلة أمثال تلك الكتب أيضاً حتى تكون مهمتنا شاملة وعامّة.