الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيعية الكبرى في شهر محرم وصفر ولا سيما العاشر من محرم وهو اليوم الذي قتل فيه " الحسين " وكان المجتمعون يحتشدون بصمت أمام القبر ويوحدون صفوفهم في قراءة الزيارات التي كانت عملية تثقيفية وراءها حكماء وعلماء أحكموا فيها وضع الخطة التي تجمع الشيعة على خط واحد لا تنفصم عراه، وحقاً كان المخططون في وضع تلك الزيارات عباقرة استطاعوا تفهم النفسية الشيعية في عهد الأمويين والعباسيين تفهماً مطلقاً فجاءت تلك الزيارات وتداولها تداولاً عاماً في المواسم الخاصة بمثابة استمرار منظم في مقاومة الخلافة، وهكذا أصبح التثقيف المذهبي عن طريق تلك الزيارات عاماً وشائعاً وشاملاً رغماً عن إرادة السلطة الحاكمة، لقد حدث كل ذلك في عهد لم تعرف فيه الصحافة ولا المدارس العامة ولا الإعلام الشامل ولا وسائل الطباعة ولا التنظيمات الحزبية، ولذلك لا نجد غرابة عندما نعلم أن " المتوكل " العباسي منع الناس من زيارة الإمام " الحسين " وأمر بحرث قبره حتى يخفي معالمه عن الناس، واليوم وبعد أن انتهى كل شيء ولا يوجد للأمويين ولا للعباسيين وخلافتهم أثر في العالم الإسلامي ولا لذلك التطاحن الفكري حول الخلافة والخلفاء فهل نحن معاشر الشيعة نرغب أن نسير في الطريق نفسه الذي سرنا عليه ثلاثة عشر قرناً ونقف أمام قبور الأئمة ونردد كلاماً رددناه قروناً وقروناً لا فائدة ترجى من ورائه ولا أثر يترتب عليه؟ اللهم إلا بعض المقاطع من الدعوات الخالصة التي تشكل جزءاً صغيراً من الزيارة فحسب، ثم إلى متى سنفضل كلام المخلوق على الخالق؟ وما هي الفائدة
التي يجنيها الأئمة أنفسهم من قراءة هذه الخطب الرنانة أمام قبورهم؟ أليس من الأفضل حقاً أن نأخذ بسنة النبي الكريم - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ونتلو آيات من الذكر الحكيم أمام قبور أئمتنا؟ فإن فيها الثواب والرحمة وفيها النور والهدى ليس للزائر فحسب بل حتى للمزور وإن كان نبياً أو إماماً.
التصحيح
من كل ما أسلفناه يظهر بوضوح أن هذه الزيارات التي ملأت كتب الزيارة ويحتفظ بها كل شيعي في بيته ويقر} ها عندما يدخل مشهداً من مشاهد أهل
البيت زيارات تثقيفية وضعت في عهدٍ كانت الشيعة فيه بحاجة إلى التثقيف المذهبي، وإني لا أشك أن الإمام " علياً " إذا كان يستمع إلى بعض الفقرات التي جاءت في تلك الزيارات وفيها إعطاء الأئمة صفات تفوق صفات البشر وتكون قريبة من صفات الله أو شريكة معه فقد كان يجري الحد على قارئها وواضعها على السواء، وهنا أود أن أطلب من الشيعة في كل الأرض أن تفكر ملياً في زيارتها لقبور الأئمة بهذه العبارات التي لا تجدي خيراً لهم ولا للأئمة كما أود أن أُحَمِّل المسؤولية مرةً أخرى على الزعامات المذهبية التي عودت الشيعة على هذا الطريق فحتى هذا اليوم لم أصادف مرجعاً من مراجع الشيعة وهو يدخل مشهداً من مشاهد الأئمة يفضل قراءة القرآن الكريم على تلك الزيارات عندما يقف أمام المشهد ولست أدري لماذا نحن معاشر الشيعة نترك كلام الله ونكن إلى كلام المخلوق وحتى على فرض صحة صدروها من الإمام فلماذا نفضل كلامه على كلام الله؟ وإذا كان الغرض من الزيارة الحصول على ثواب الآخرة فقراءة القرآن الكريم تضمن ذلك الثواب وإذا كان الغرض منها إكرام الإمام فقراءة القرآن تضمن له ذلك أيضاً، وإنني لعلى علم ويقين أن هذه النظرة التصحيحية ستواجه ذلك الجواب التقليدي الذي طالما سمعناه من فقهائنا - سامحهم الله - وهو أن هذه الزيارات وردت من أئمتنا فلا بد أنهم كانوا أعرف منا بالأمر، ومع أنني هنا لا أستطيع أن أناقش أئمتنا
وبيننا وبينهم حاجز الحياة والموت ولكنني لو كنت في زمن الإمام " علي بن محمد " وكنت داخلاً معه إلى مشهد الإمام " الحسين " وسمعته يقرأ زيارة الوارث والجامعة وهو أمام القبر لأجريت معه هذا لحوار:
أنا" يا ابن رسول الله هل هذه الزيارة هي كلام الله أم كلام المخلوق؟.
الإمام: كلام مخلوق.
لسألت ثانيةً: هل كلام المخلوق أفضل من كلام الله؟
الإمام: كلام الله.
ولسألت مرةً أخرى: فلماذا فضلت كلام المخلوق على كلام الله ولم تقرأ القرآن الكريم؟
ولست أدري ماذا كان يجيب الإمام عند الوصول إلى هذه النقطة،
إن تصور مثل هذا الحوار لا يعني أنني أعتقد صدور هذه الزيارات من أئمة الشيعة ولكنني ذهبت إلى أبعد الاحتمالات لكي أسد الطريق على الذين يتذرعون بعمل الإمام في كل شيء.
وأختم هذا الفصل بحديث روته كتب الصحاح عن رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? الذي قال: ? تركت فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً? أما الشيعة فتروي (1): ? تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً? فم أحسن وأفضل وأجمل للشيعة أن تأتمر بأمر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وتجمع بين كتاب الله والعترة في مكان واحد حسب الرواية التي ترويها عن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم -.
(1) - ذكر بعض كتب الصحاح أيضاً مثل الترمذي ما روته كتب الشيعة.