الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام تناقضه فإذا كان للإرهابيين ولمن وراءهم أطماع سياسية يريدون تنفيذها فعليهم أن لا يستغلوا اسم الدين والمذهب وتكون لديهم الشجاعة الكافية لكي يتحملوا وزر أعمالهم لا أن يحملوها لمذهبهم ولدينهم.
التصحيح
لقد وضع القرآن الكريم دستوره الأبدي في حرمة الإرهاب بكل أشكاله وصوره ولا سيما عندما يؤخذ البريء مكان المذنب وقال: ?ولا تزر وازرة وزر أخرى (1) .... ? إن هذه الجملة البليغة تعطي نوراً وإشراقاً لكل من يتخذ القرآن له إماماً وهادياً، وإذا ما نظرنا إلى سيرة أئمة الشيعة وعملهم نرى أنهم كانوا أبعد الناس عن الإرهاب وأكثرهم مقتاً له، وهذا هو الإمام " الحسين " يخاطب الفئة التي هجمت على خيام حرمه وأهل بيته في يوم عاشوراء بكلام لم ينساه التاريخ فقد قال لهم: ?يا شيعة أبي سفيان إن لم يكن لكم دين ولن تخافوا المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم إن النسوة ليس عليهن جناح .. ? وهكذا وضع الإمام " الحسين " - وهو سيد الشهداء والإمام الذي اشتهرت الشيعة بالحب الجارف نحوه - الخط الفاصل بين الشجاعة والجبن وبين الكرامة الإنسانية التي فيها رضا الله والعمل المقيت الذي فيه سخط الله وبهذه العبارات البليغات الصريحات أمر " الحسين " المسلمين سواء كانوا من شيعته أو شيعة غيره أن يسلكوا طريق الكرامة حتى في معاملة الأعداء وأسرى الحرب وأن لا يسيئوا إلى الأطفال والنساء حتى وإن كانوا هم في حالة حرب مع رجالهم، وهذا هو " مسلم بن عقيل " سفير " الحسين " إلى أهل " الكوفة " يأبى من قتل " عبيد الله بن زياد " غيلة وذلك بعد أن هيأ له " هانئ بن عروة " الفرصة وقال:(نحن أهل بيت لا نغدر) و " عبيد الله بن زياد " قدم إلى الكوفة بعد أن بايع أهلها " مسلم بن عقيل " كسفير "
(1) - الزمر 7
للحسين " ولكنهم خذلوه وانضموا إلى الوالي الجديد ولم يبق لمسلم أم يقاتل حتى يقتل أو يغتال " ابن زياد " ويعود إلى السلطة من جديد ولكنه رفض أن يقوم بعمل لا تقره الكرامة والرجولة حتى وإن كان في ذلك مصرعه وخيبة المهمة التي أنيطت به، وهكذا نرى أن النتائج مهما كانت لها من الأهمية فلا تبررها مقدمات دنيئة مثل الغيلة والغدر في دستور الإسلام الخالد وفي عرف أهل بيت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم -
ولنستشهد مرةً أخرى بعمل الإمام " علي " والذي تقول الشيعة إناه تقتدي به ويعتقد بعض فقهائنا ولا سيما أولئك الذين يرون أنفسهم من أنصار الإرهاب بأن عمل الإمام حجة ونقول لهم: إن الإمام نهى أصحابه عن القيام بأي عمل يتنافى مع الكرامة الإنسانية حتى أنه أمر برفع الحواجز التي وضعها جيشه على نهر الفرات في حرب " صفين " لمنع جيش " الشام " من الحصول على الماء ونهى عسكره من القيام بأي عمل يتنافى مع السيرة المتبعة في الحروب بين الرجال، وعندما قتل الثائرون الخليفة " عثمان ابن عفان " وعلم الإمام بذلك لطم " الحسنين " على خدهما لعدم منعهما الثائرين من التقرب إلى الخليفة المقتول وكما نعلم كان " للحسنين " مقام عظيم عند الإمام " علي " عبر عنه في إحدى حروبه وعندما كانا يتقدمان صفوف المحاربين بقوله: ?املكوا عني الغلامين فإني أخاف أن ينقطع بهما نسل رسول الله? وعندما نلقي نظرة فاحصة على عصر الرسول الكريم - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - نعلم علم اليقين أن الإرهاب لم يكن معروفاً لديهم وعندما هدّد " أبو لؤلؤة " الخليفة " عمر بن الخطاب " بقوله: (سأصنع لك رحى تحدث عنها العرب) قال الخليفة: ?هددني ابن المجوسية? ولكنه لم يفعل شيئاً بالنسبة إليه ولم يأمر بحجزه أو إبعاده، ولهذا يمكن القول: إن فكرة الاغتيالات لم تكن تراود نفوس المسلمين في عصر الرسالة والخلفاء الراشدين ولم تكن معروفة لديهم ولذلك لم ينظر المسلمون
إليها بنظرة الجد والحزم، وبعد اغتيال الخليفة " عمر بن الخطاب " على يد " أبو لؤلؤة " لم يأخذ سلفه " عثمان وعلي " الحذر مما أصاب الخليفة فكان قتل الخليفة " عثمان " أشبه ما يكون بالغيلة والإمام " عليا " قتل على يد خارجيّ اسمه " ابن ملجم " وفي أثناء صلاة الصبح ولقد قيل له أكثر من مرة أن يأخذ حذره من الخوارج ولكنه كان يرفض ذلك بقوله: ?كفى بالموت حارساً? ولذلك نستطيع القول
بعد كل هذا: إن البيئة الإسلامية الصحيحة كانت ترفض أن تنسب إليها شيئاً باسم الغيلة والإرهاب ولذلك لم يعط لعمل كهذا شرعية الوقاية منه بل نظرت إليها كحركة إجرامية عابرة والإسلام منها براء والمسلمون في مقت منه وإنها أعمال لا يقوم بها إلا أناس على شاكلة " أبو لؤلؤة " المجوسي و " ابن ملجم " الخارجي وأمثالهما نادر وقليل.
وأعود مرةً أخرى إلى الإرهاب وأقول: إن العمال الإرهابية وراءها مخططون يعرفون النفسية القلقة التي يتصف بها المتطوعون للعمل الإرهابي فهم يستغلون تلك النفوس ويمنونهم بحور عين وكأس من معين مضافاً إليهما دروساً في الشجاعة والبطولات والتخليد في التاريخ وأخذ الثأر وهكذا يرسلون ضحاياهم إلى حيث العمل الإرهابي وهم يجلسون بعيداً عن حلبة الصراع ليقطفوا ثمار النتائج التي يرومون إليها فهم يقضون أوقاتهم في القلاع الحصينة الآمنة وأتباعهم في ساحات الانتحار ينفذون إنزال الدمار بالأبرياء والممتلكات باسم الله ورسوله والإمام " علي ".