الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التصحيح بين القبول والرفض
تصحيح الأفكار الدخيلة والآراء المهلكة وغير السليمة يفرضها القرآن الكريم وسنة رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - والعقل والفطرة السليمة ولا شك أن المواعظ البالغة التي تستمد من هذه الينابيع تستقطب القلوب الصافية والنفوس المستعدة وترشد أهلها إلى الحق أفواجاً.
التصحيح بين القبول والرفض
إن الفكرة التصحيحية التي نادينا بها لأول مرة في تاريخ الشيعة والتشيع لا شك وأنها ستلاقي ردود فعل مختلفة على صعيد العالم الشيعي وذلك حسب البيئة التي يصل إليها نداء الإصلاح ومن الطبيعي أن فئات من رجال الدين والمتاجرين بالطائفية وفي مقدمتهم كثير من الزعماء الدينيين سيقاومون الفكرة التصحيحية بكل ما لديهم من قوة وجهد، وقد نعذر هؤلاء لما يصدر منهم من ردود فعل قد تكون بعضها عنيفة لأن خطر التصحيح يهدد مجدهم وسلطانهم وكياناً بنوا عليه آمالاً عريضة وسيعة طيلة قرون وقرون، غير أن الذي لا شك فيه هو أن الأكثرية الساحقة من الطبقة الواعية المثقفة من أبناء الشيعة ستستجيب لنداء التصحيح وتقف وراءه كالبنيان المرصوص لأن فيه عز الدنيا وخير الآخرة معاً، وهنا أود أن أوجه نصيحة إلى الطبقة الواعية التي بنينا آمال التصحيح عليهم وأقول لهم: إن كلمة الحق تدعم نفسها بنفسها ولا تحتاج إلى العنف والقسوة في الدعوة إليها ولنا في رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - أسوة حسنة حيث يخاطبه سبحانه وتعالى بقوله: ? ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك (1) .... ? ويخاطبه في مكان آخر ويقول: ? ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن (2) .... ? فلذلك يجب على كل فرد يأخذ على عاتقه واجب الدعوة إلى التصحيح أن يسلك طريق الحسنى وعدم الشدة والعنف في مخاطبة غيره ولا سيما الشيوخ والطاعنين في السن فليس من السهل على أناس بلغوا من السن عتياً أن يقلعوا عن عادة في القول أو الفعل تعودوا عليها
منذ سنين الصبا ودُرِّبوا عليها تدريباً، فمثلاً وليس على سبيل الحصر هل يا ترى أن إنساناً ما تعوّد منذ نعومة أظفاره أن يستعين بغير الله وينادي ذلك الغير بكلمة (يا) نبياً كان
(1) - آل عمران 159
(2)
- النحل 125
المنادى أو إماماً أو ولياً يستطيع أن يقلع عن هذه العادة والعقيدة معاً بين عشية وضحاها؟ وكثير من الشيعة ينادون غير الله في طلب المعونة ولست أدري لماذا نحن معاشر الشيعة نترك الله القادر على كل شيء ونستعين بغيره وهو الذي أمرنا بالاستعانة به? إياك نعبد وإياك نستعين (1) .... ? وهو الذي يخاطب عباده بقوله: ? ادعوني أستجب لكم (2) .... ? ويقول سبحانه في مكان آخر? ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (3) .... ? وليس على سبيل الحصر أيضاً فهل يا ترى أن من السهل أن تحمل الشيعة على الإقلاع من السجود على التربة الحسينية التي صنعت في أشكال مختلفة كما أشرنا إليها وهي ترى أن زعماءها الدينيين يسجدون عليها في صلواتهم ومساجدهم مليئة بها؟ وهل يا ترى أن من السهل أن تحمل الشيعة على الإقلاع من تسمية أولادها بالعبودية لغير الله؟ وهذه ظاهرة لا نجدها عند أية فرقة أخرى من الفرق الإسلامية وحتى غير الإسلامية، والشيعة هي الطائفة الوحيدة التي تسلك العبودية لغير الله حتى في تسمية أولادها.
وإذا تصفحنا تاريخ أئمة الشيعة مبتدئاً من الإمام " علي " حتى آخر أئمتهم لم نجد أحداً منهم عبّد ولده لغير الله في التسمية ولست أدري منذ متى بدأت الشيعة تسمي أولادها بهذه التسميات التي تتناقض مع روح الإسلام، فالعبودية لله وليس لغيره والإنسان لا يكون عبداً لإنسان آخر مهما كان شأن ذلك الإنسان عند الله، وأعود مرةً أخرى لأؤكد على الطبقة الداعية للتصحيح وأقول أن تغيير هذا المنحنى الفكري عند الشيعة الإمامية لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها بل يحتاج إلى زمان ومثابرة وصبر وتثقيف حتى يدخل في القلوب ولذلك فإن
(1) - الفاتحة 5
(2)
- غافر 60
(3)
- ق16
المسؤولية خطيرة يجب السير عليها خطوة بعد خطوة ولا سيما أن فكرة التصحيح تلاقي مقاومة عنيفة من قبل أولئك الذين أشرنا إليهم في مقدمة هذا الفصل كما أن علينا أن لا نغفل أبداً تلك القوى الاستعمارية التي لا تزال تتربص بالمسلمين ولا تريد وحدتهم وتسعى للتفرقة بينهم فهي تحاول جاهدةً وعن طريق أقلام مأجورة عاشت على الفرقة وإثارة الضغناء أن تقارع حركة التصحيح وهي لا تدخر جهداً في سبيل ذلك وهناك فئة ساذجة عبَّر عنهم الإمام " علي " عنهم بقوله: ? همج رعاع يميلون مع كل ريح كل ناعق لم يستضيئوا بنور الله ? وهي تسير في ركب زعاماتها المذهبية وتأتمر بأمرها وهي المنفذة لكل البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي عبر القرون.
إن هذه القوى كلها تجتمع كيد واحدةً لتضرب حركة التصحيح ولكنني أقول مسبقاً: إن التصحيح أقوى منهم بكثير وسينتصر عليهم في نهاية المطاف وذلك لأم مقارعة التصحيح والوقوف ضده يرتطم بجدار صلب ضخم لا ولن تستطيع أية قوة أن تنفذ منه وذلك لأننا وضعنا قواعد التصحيح على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وعمل وأقوال الإمام " علي " الذي اتخذها فقهاء المذهب الشيعي حجة على أنفسهم ثم على دعامة العقل الذي اعتبره علماء الشيعة الركن الرابع من أركان استنباط الأحكام الشرعية وهذه الدعائم الأربعة حجة على علماء الشيعة لا ولن يستطيعوا أن يحيدوا عنها أو يقارعوها، وهنا لا بد من العودة على البدء والإشارة الصريحة إلى أن كتب روايات الشيعة ولا سيما تلك التي تعتبر صحيحة وموثوقة على حد تصور فقهائنا وهي لا تخلو كما قلنا من روايات تنسب إلى أئمتنا وهي تتناقض مع ضروريات الإسلام وأصوله وتتناقض مع الأدلة الأربعة التي اعتبرها فقهاء الشيعة أساس الاستنباط للأحكام الفقهية.
إن مثل تلك الروايات الموضوعة في هذه الكتب والتي نسبت إلى أئمة الشيعة الذين أمروا بنبذ كل رواية تنسب إليهم إذا كانت تخالف كتاب الله وسنة رسوله قد تؤخذ كذريعة للوقوف ضد التصحيح وأهدافه، ولذلك نحن نهيب بالطبقة الواعية المثقفة التي نعتبرها السند الأول والأخير