الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف الإمام " علي " من الخلافة
قلنا قبل قليل أن التشيع كان يعني حب الإمام " علي " وأهل بيته وإعطاءه حق الأولوية في الخلافة وإعطاء أولاده مثل هذا الحق من بعده ولا أعتقد أن هناك أحد لا يعرف الأسباب الدافعة إلى هذا الاعتقاد، فالإمام " علي " ترعرع ونشأ في بيت الرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وهو يحدثنا عن تلك النشأة بقوله:(وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ويكنفني إلى فراشه ويُمسني جسده ويشُمني عرفه وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل)(1)
ويستمر الإمام في بيان منزلته عند رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ويقول: (ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال هذا الشيطان أيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير وإنك لعلى خير).
ولنستمع إليه مرة أخرى وهو يقول: (ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وإن رأسه لعلى صدري ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله صلى الله عليه وآله والملائكة أعواني فضجت الدار
(1) - نهج البلاغة ج2 ص157
والأفنية .... ملأٌ يهبط وملأٌ يعرج وما فارقت سمعي هيمنة فهم يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه فمن ذا أحق به مني حياً وميتاً فانفذوا على بصائركم (1)).
وهذا هو الإمام " علي " يصف نفسه وموقعه من رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? مرة أخرى في كتاب بعثة واليه في البصرة " عثمان بن حنيف " جاء فيها: (وأنا من رسول الله كالصنو والذراع من العضد) وبعد كل هذا فالإمام هو زوج " الزهراء " وأبو الحسنين وبطل المسلمين ومن أعظم بناة الإسلام ودافع عن الرسول الكريم ورسالته بقلبه ولسانه ودمه وعرقه وهو بعد غلام لم يبلغ الحلم وقد شاء الله أن تكون شهادته حيث كان مولده فقد ولد " علي " في بيت الله واستشهد في بيت الله، وقد تكتمل الصورة المشرقة " لعلي " وجهاده وموقعه من قلب الإسلام عندما نعلم علم اليقين وحسب الأحاديث المتواترة الصحيحة التي رواها رواة الشيعة والسنة على السواء في حب الرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? " لعلي " وتقديره إياه، فالنبي زوجَّه " فاطمة الزهراء " بأمر من السماء ورفض أولئك الذين تقدموا لخطبتها بقوله:(إنما أنتظر بها القضاء) وعندما نزل القضاء تم ذلك الزواج الميمون بين " علي " و " فاطمة ".
وفي غزوة الخندق يصف النبي الكريم " علياً " بجملتين تضاهيان كل الأحاديث التي رويت عنه في فضائل " علي " حقاً عن كل حرف من تلك الكلمات الخالدات المشرقات يعتبر وساماً نبوياً ينصبه محمد? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ?على صدر " علي بن أبي طالب " إنه وسام أعطى الجهاد والإخلاص والتفاني والإيمان بالله موقعه السرمدي في حياة الدهر وتخليد العظماء، والجملتان صدرتا عن الرسول في خلال ساعة أو أكثر منها بقليل وذلك عندما ذهب " علي " ليلتقي بعدو الإسلام وبطل المشركين " عمرو بن ود " والذي كان يبارز لوحده جماعات ورجالاً قال? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: اللهم برز الإسلام كله إلى الشرك كله ?
(1) - نهج البلاغة ج2 ص172