المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الرجعة وعندما تمتزج الأسطورة بالعقيدة والأوهام بالحقائق تظهر البدع التي تضحك - الشيعة والتصحيح

[موسى الموسوي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌تقديم

- ‌الإمامة والخلافة

- ‌عقيدة الشيعة الإمامية في الخلافة:

- ‌فكرة الخلافة في عهد الرسول ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم

- ‌التشيع في القرن الثاني الهجري:

- ‌موقف الإمام " علي " من الخلافة

- ‌الإمام " علي " يؤكد شرعية بيعة الخلفاء

- ‌الفصل بين الأوامر الإلهية ورغبات النبي الشخصية

- ‌الحرية الفكرية والاجتماعية في عهد الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم

- ‌صحابة الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وموقفهم من الخلافة

- ‌ أقوال الإمام " علي " في الخلافة:

- ‌ أقوال الإمام " علي " في الخلفاء الراشدين:

- ‌ التصحيح

- ‌ إن موضوع الخلافة يجب وينبغي أن لا يخرج عن إطاره الحقيقي الذي نص عليه القرآن

- ‌ غربلة الكتب الشيعية التي ذكرت روايات عن أئمة الشيعة في ذم الخلفاء الراشدين

- ‌ على الشيعة أن تعتقد جازمةً أن كل الروايات التي ذكرتها كتب الشيعة في حق الخلفاء الراشدين وفي وجود نصوص إلهية في موضوع الخلافة هي روايات وضعت بعد عصر الغيبة الكبرى

- ‌ أن تخرج الشيعة من الانطواء على نفسها وتسلك طريق الإمام " علياً " إن كانت حقاً من أنصاره

- ‌ أنْ تَعْلَم الشيعة في كل مكان تتواجد فيه على هذا الكوكب أن السبب الحقيقي والأساسي لتخلفها الفكري والاجتماعي هو السير وراء زعاماتها المذهبية

- ‌التقية

- ‌ التصحيح

- ‌الإمام المهدي

- ‌الاجتهاد والتقليد

- ‌الخمس

- ‌ ولاية الفقيه

- ‌التصحيح:

- ‌الغلو

- ‌الغلوّ العمليّ

- ‌التصحيح

- ‌زيارة مراقد الأئمة

- ‌التصحيح

- ‌ضرب القامات في يوم عاشوراء

- ‌التصحيح

- ‌الشهادة الثالثة

- ‌التصحيح

- ‌الزواج المؤقت

- ‌شروط الزواج الدائم المتفق عليه لدى المسلمين كافة:

- ‌‌‌شروط الفسخ:

- ‌شروط الفسخ:

- ‌الزواج المؤقت المتفق عليه عند الشيعة الإمامية فقط:

- ‌ التصحيح

- ‌السجود على التربة الحسينية

- ‌التصحيح

- ‌الإرهاب

- ‌التصحيح

- ‌صلاة الجمعة

- ‌التصحيح

- ‌تحريف القرآن

- ‌التصحيح

- ‌الجمع بين الصلاتين

- ‌الرجعة

- ‌التصحيح

- ‌البداء

- ‌التصحيح

- ‌التصحيح بين القبول والرفض

- ‌نص الإجازة العلمية للمؤلف

- ‌المؤلف في سطور

- ‌تنبيه هام

- ‌مؤلفاته المطبوعة:

الفصل: ‌ ‌الرجعة وعندما تمتزج الأسطورة بالعقيدة والأوهام بالحقائق تظهر البدع التي تضحك

‌الرجعة

وعندما تمتزج الأسطورة بالعقيدة والأوهام بالحقائق تظهر البدع التي تضحك وتبكي في آن واحد.

ص: 140

الرجعة

هناك موضوعان يحتلان موقعاً صغيراً في عقيدة الشيعة الإمامية ولا أثر لهما في الحياة الشيعية الاجتماعية والفكرية اللهم إلا أنهما يثيران الجدل والبحث حول المذهب كلما أراد قوم أن لا يترك صغيرة أو كبيرة من الفجوات إلا وقد أحصاها إنهما الرجعة والبداء وقد كنا نود أن نغفل هذين البحثين في كتاب التصحيح ولكن رأيت من الأفضل أن نفرد لكل بحث منهما فصلاً خاصاً به بصورة مقتضبة ولا سيما بعد أن كثرت الكتابات وانتشرت المقالات حول المذهب الشيعي في الآونة الأخيرة وسلطت الأقلام والصحف الضوء على الشيعة ومذهبها وما ينتسب إليها، فكما قلنا فإن موضوعي الرجعة والبداء وإن كانا لا يحتلان الموقع الهام والأساسي في العقيدة الشيعية حتى أن بعض أعلام المذهب فنّدوا الفكرتين وأن الأكثرية الساحقة من الشيعة لا تعرف شيئاً عنهما ولا تدرك مغزاهما لا سيما فكرة البداء وما يحيط بها من جدل عقلي أثاره بعض أعلام الشيعة في مؤلفاتهم إلا أن هناك كتب أُلِّفَت في الموضوعين وتبناهما بعض الأعلام أيضاً ولكن الأدهى من كل هذا أن فكرتي " الرجعة " و " البداء " وردتا في الزيارات التي تقرؤها الشيعة أمام مشاهد وقبور أئمتها في كل صباح ومساء ولم يحدث قط أن الزعامات المذهبية العليا المسيطرة على قلوب وعقول الشيعة اعترضت على هذه الجمل والعبارات أو طلبت حذف هذه المضامين من الزيارات تلك أو فندت محتواها في حين أن بعض تلك الزعامات كان يبدي امتعاضاً أو إنكاراً لفكرة الرجعة والبداء في مجالسه الخاصة ولكنه لم يبد الرأي فيهما علناً ولذلك رأيت أن الواجب يملي عليَّ أن أكمل كتاب التصحيح بالرجعة والبداء وأبدأ بأولاها.

تعني الرجعة في المذهب الشيعي: أن أئمة الشيعة مبتدئاً بالإمام " علي " ومنتهياً بالحسن العسكري الذي هو الإمام الحادي عشر عند الشيعة الإمامية سيرجعون إلى هذه الدنيا ليحكموا المجتمع الذي أرسى قواعده بالعدل والقسط الإمام " المهدي " الذي يظهر قبل رجعة الأئمة ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويمهد الطريق لرجعة أجداده وتسلمهم الحكم وإن كل واحد من الأئمة حسب التسلسل الموجود في إمامتهم سيحكم الأرض ردحاً من الزمن ثم يتوفى مرةً أخرى ليخلفه ابنه في الحكم حتى ينتهي إلى " الحسن العسكري " وسيكون بعد

ص: 141

ذلك يوم القيامة، كل هذا تعويضاً لهم عن حقهم الشرعي في الخلافة والحكومة التي لم يستطيعوا ممارستها في حياتهم قبل الرجعة، والذين كتبوا في الرجعة من أعلام الشيعة فسروا الآية الكريمة: ? ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون (1) ..... ? إن الغرض من العباد الصالحين هم أئمة الشيعة، هذه خلاصة الفكرة أشرنا إليها بإجمال كما أنه لا بد من القول أيضاً إن الذين ألَّفوا الكتب في الرجعة واستشهدوا على وقوعها بالروايات التي ذكرها بعض كتب الروايات المنسوبة إلى أئمة الشيعة لم يكتفوا إلى هذا الحد من القول برجعة أئمة الشيعة فقط بل أضافوا عليها أفكاراً أخرى وكلها أيضاً مستوحاة من تلك الروايات الموضوعة التي أشرنا إليها أكثر من مرة وقالوا: إن الرجعة لا تشمل أئمة الشيعة فحسب بل تشمل غيرهم وذكروا أسماء نفر غير قليل من صحابة الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - زعموا أنهم من أعداء الأئمة والذين منعوهم من الوصول إلى حقهم في الحكم كل هذا حتى يتسنى للأئمة الانتقام منهم في هذه الدنيا.

وقد يخيل إليّ أن الذين كانوا وراء فكرة الرجعة ووضعوا هذه الروايات لإثباتها لم يقصدوا منها رجعة الأئمة بقدر ما كانوا يقصدون رجعة الأعداء حسب زعمهم وذلك للانتقام منهم لأن هذه الفكرة كانت توطد دعامة التفرقة بين الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى تفرقة لا لقاء بعدها، ولو أن الذين كانوا وراء فكرة الرجعة كانوا مخلصين لأئمة الشيعة لم يصوروهم بهذا المظهر الراغب في الحكم حتى أن الله سيعيدهم إلى هذه الدنيا الفانية مرةً أخرى ليحكموا فيها بعض الوقت وهم أئمة لهم جنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين، والإمام " علي " يقول: ? والله إن دنياكم هذه لأهون عندي من ورقة فم جرادة تقضمها ? ومهما يكن من أمر فنحن مع كل الأسف أمام أفكار من هذا النوع وقد ألف فيها بعض أعلامنا كتباً واشتملت الفكرة حيزاً من العقيدة ولو لم يكن جزءاً منها، والفكرة شبيهة مع فارق كبير إلى الفكرة التناسخية التي جاء بها " فيثاغورس "

(1) - الأنبياء 105

ص: 142

وتبناها الفيثاغوريون ولها أنصارها حتى اليوم وظهرت في مظاهر مختلفة وتعابير متفرقة ودخلت إلى بعض العقائد البدائية ولكن الذين ألفوا وصنفوا حول رجعة أئمة الشيعة لم يستعملوا المضامين التي استعملها الفيثاغوريون في صحة التناسخ أو بالأحرى انتقال الروح من جسد إلى جسد آخر لأن التناسخيين لا يعتقدون بوحدة الموضوع في عودة الشخص إلى الدنيا بعد الموت ويعتقدون بتعدد الحياة والموت بصور شتى وأنماط مختلفة ولكن فكرة الرجعة تحتفظ بوحدة الموضوع ولا تكون لأكثر من مرة غير قابلة للتكرار حيث يكون بعدها الموت الثاني ومن ثم البعث والنشور، ومن هنا أود القول: إن الذين كانوا وراء فكرة الرجعة لعلهم كانوا من المتأثرين بالفلسفة الفيثاغورية وأدخلوا الفكرة في المذهب وذلك بعد إجراء تحوير إسلامي عليها شأنهم شأن كل المبدعين في العقائد والمذاهب ولست أدري أيضاً متى دخلت فكرة الرجعة على وجه التحديد إلى الأوهام وألفت حولها الكتب إلا أن

الذي لا شك فيه أن ظهور مثل هذه الأفكار البعيدة عن التعقل ظهرت في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع حيث كانت السذاجة هي الطابع الغالب على الناس والميل إلى الأفكار الغلوائية البعيدة عن المنطق كان له سوق رائج، والبدعة هذه تختلف عن البدع الأخرى التي أضيفت إلى الأفكار الشيعية حيث لم يترتب عليه تنظيم سياسي عملي أو اجتماعي أو اقتصادي اللهم إلا شيء واحد قد يكون هو السبب في اختلاق فكرة الرجعة وهو كما قلنا استكمال العداء وتمزيق الصف الإسلامي بمثل هذه الخزعبلات التي دونت وقيلت في انتقام الأئمة من صحابة الرسول الذين خالفوا النص الإلهي في أمر الإمامة والخلافة فكل حديث من هذا النوع كان ولا يزال يزيد في تأجيج نار الفتنة ويضر بالوحدة الإسلامية ويقضي على كل بادرة من بوادر الألفة والتقريب وهنا أود أن أذكر قصة حدثت لي قبل سنوات عديدة عندما كنت في النجف مقيماً فقد جاءني أحد المشايخ وطلب مني أن أبتاع منه كتاباً قد فرغ لتوه من تأليفه وطبعه اسمه " الشيعة والرجعة " فسألته عن فحواه فقال: إثبات رجوع الأئمة إلى هذه الدنيا فسألته من جديد: ومتى يكون ذلك؟ فقال: بعد ظهور " المهدي " الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فسألته مرةً أخرى: إذن ما هي الفائدة من رجوعهم لأن القسط والعدل قد

ص: 143