المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الخطبة الثانية عشرة في الحذر من أعداء المسلمين] - الضياء اللامع من الخطب الجوامع - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌[الخطبة الثامنة في الحث على الجمعة والجماعة]

- ‌[الخطبة التاسعة في صلاة الكسوف]

- ‌[الخطبة العاشرة في أن ذكر الله يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح]

- ‌[الخطبة الحادية عشرة في أذكار معينة وعامة]

- ‌[الخطبة الثانية عشرة في التحذير من بعض الألبسة]

- ‌[الفرع الثالث في الزكاة]

- ‌[الخطبة الأولى في بيان الأموال الزكوية]

- ‌[الخطبة الثانية في بيان زكاة النخيل]

- ‌[الفرع الرابع في الصيام وزكاة الفطر وعيد الفطر]

- ‌[الخطبة الأولى في استقبال شهر رمضان المبارك]

- ‌[الخطبة الثانية في نماذج من نعم الله في شهر رمضان]

- ‌[الخطبة الثالثة في بيان شيء من آداب الصيام ومفطراته]

- ‌[الخطبة الرابعة في فضل قراءة القرآن]

- ‌[الخطبة الخامسة في فضل ليلة القدر وقيام الليل]

- ‌[الخطبة السادسة في أحكام زكاة الفطر]

- ‌[الخطبة الأولى لعيد الفطر المبارك]

- ‌[خطبة أولى لعيد الفطر أيضا]

- ‌[الخطبة الثانية لعيد الفطر المبارك]

- ‌[الفرع الخامس في الحج والأضحية]

- ‌[الخطبة الأولى في شروط وجوب الحج]

- ‌[الخطبة الثانية في صفة الحج والعمرة]

- ‌[الخطبة الثالثة في نماذج من محظورات الإحرام]

- ‌[الخطبة الرابعة في التنبيه على بعض أمور يعتقدها العوام وهي مخالفة للشرع]

- ‌[الخطبة الخامسة في حكم الأضحية وصفاتها]

- ‌[خطبة أولى لعيد الأضحى]

- ‌[الخطبة الثانية لعيد الأضحى]

- ‌[الفرع السادس الجهاد]

- ‌[الخطبة الأولى في وجوب إعداد القوة للأعداء]

- ‌[الخطبة الثانية في بيان أسباب الهزيمة وما قد تؤدي إليه من نتائج]

- ‌[الخطبة الثالثة في بيان خيانة اليهود]

- ‌[القسم الرابع في المعاملات]

- ‌[الفرع الأول النصيحة والأمانة]

- ‌[الخطبة الأولى في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة]

- ‌[الخطبة الثانية في وجوب التناصح بين الرعية والرعاة]

- ‌[الخطبة الثالثة في معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال]

- ‌[الخطبة الرابعة في المشورة]

- ‌[الخطبة الخامسة في أداء الأمانة]

- ‌[الخطبة السادسة في وجوب سلوك الحكمة في المعاملات وغيرها]

- ‌[الخطبة السابعة في حال الناس بالنسبة لولاتهم وحال أهل الخير]

- ‌[الخطبة الثامنة في استعمال الحكمة في الأمور]

- ‌[الفرع الثاني البيوع واكتساب المال]

- ‌[الخطبة الأولى المال فتنة انقسم الناس فيها]

- ‌[الخطبة الثانية في أحوال السابقين في الورع ونماذج من المعاملات المحرمة]

- ‌[الخطبة الثالثة في بعض شروط البيع]

- ‌[الخطبة الرابعة في حكم التحيل على الربا]

- ‌[الخطبة الخامسة في نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا]

- ‌[الفرع الثالث في الوقف والوصية]

- ‌[الخطبة الأولى في تحريم الوصية لبعض الورثة]

- ‌[الخطبة الثانية في التحذير من الوصية لبعض الورثة]

- ‌[الخطبة الثالثة في حكم التصرف في الوقف]

- ‌[القسم الخامس النكاح]

- ‌[الفرع الأول شروط النكاح]

- ‌[الخطبة الأولى في نماذج من شروط النكاح وكيفية طلاق السنة]

- ‌[الخطبة الثانية في شروط النكاح وكيفية طلاق السنة أيضا]

- ‌[الخطبة الثالثة في تربية الأولاد وتعليمهم أيضا]

- ‌[الفرع الثاني في الصداق]

- ‌[الخطبة الأولى في مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء]

- ‌[القسم السابع في الحدود والقصاص]

- ‌[الفرع الأول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[الخطبة الأولى في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[الخطبة الثانية في التحذير من إضاعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[الخطبة الثالثة في أن الأمر بالمعروف واجب على الجميع]

- ‌[الخطبة الرابعة في أقسام الناس بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[الفرع الثاني في القصاص والحدود]

- ‌[الخطبة الأولى في الحكمة في القصاص والحدود]

- ‌[الخطبة الثانية في عقوبة الزنا واللواط]

- ‌[القسم الثامن في النفقات والأطعمة]

- ‌[الخطبة الأولى في تنوع إنفاق المال]

- ‌[الخطبة الثانية في حكم شرب الدخان ومضاره]

- ‌[الخطبة الثالثة في مضار الخمر والتحذير منه]

- ‌[القسم التاسع في مواضيع عامة]

- ‌[الخطبة الأولى في نجاة المتقين]

- ‌[الخطبة الثانية في انهماك الناس في الدنيا وتحصيل المال]

- ‌[الخطبة الثالثة في التحذير من إطلاق اللسان]

- ‌[الخطبة الرابعة في حديث عبد الرحمن بن سمرة في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم عجبا]

- ‌[الخطبة الخامسة في نماذج من أنواع الظلم]

- ‌[الخطبة السادسة في أن ترقي علوم الصناعة من تعليم الله]

- ‌[الخطبة السابعة في حكم استماع آلات اللهو]

- ‌[الخطبة الثامنة في بيان الحكمة في تفاوت الناس في الرزق]

- ‌[الخطبة التاسعة في أن تطبيق الإسلام هو الكفيل للأمة بالنصر]

- ‌[خطبة استسقاء]

- ‌[خطبة ثانية في الاستسقاء]

- ‌[القسم العاشر في خطب لشهور معينة]

- ‌[الخطبة الأولى في شهر محرم ومبدأ التاريخ الإسلامي]

- ‌[الخطبة الثانية في قصة موسى مع فرعون]

- ‌[الخطبة الثالثة في شوال]

- ‌[الخطبة الرابعة في وداع العام]

- ‌[القسم الثاني من الضياء اللامع من الخطب الجوامع]

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[القسم الأول في العلم والإفتاء]

- ‌[الخطبة الأولى في الحث على طلب العلم]

- ‌[الخطبة الثانية في تحريم الإفتاء بغير علم]

- ‌[القسم الثاني في أصول الدين]

- ‌[الخطبة الأولى في كمال الإسلام ويسره وسهولته]

- ‌[الخطبة الثانية في حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال]

- ‌[الخطبة الثالثة في وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به]

- ‌[الخطبة الرابعة في تحقيق التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك]

- ‌[الخطبة الخامسة في شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته]

- ‌[الخطبة السادسة في شيء من آيات الله الدالة على قدرته أيضا]

- ‌[الخطبة السابعة في شيء من آيات الله تعالى أيضا]

- ‌[الخطبة الثامنة في خلق السماوات والأرض]

- ‌[الخطبة التاسعة فيما سخره الله لبني آدم وأكرمهم به]

- ‌[الخطبة العاشرة في الإيمان بالقدر]

- ‌[الخطبة الحادية عشرة حقيقة الإيمان وعلاماته]

- ‌[الخطبة الثانية عشرة في الحذر من أعداء المسلمين]

- ‌[الخطبة الثالثة عشر اتخاذ الحذر من الأعداء بمقابلتهم بمثل سلاحهم]

- ‌[الخطبة الرابعة عشرة في شيء من أسباب النصر على الأعداء وإبطال كيدهم]

- ‌[الخطبة الخامسة عشرة في تحقيق نصر الله تعالى لمن ينصره]

- ‌[الخطبة السادسة عشرة في تخلف النصر عمن لم يقم بأسبابه]

- ‌[الخطبة السابعة عشرة في ذكر الله تعالى]

- ‌[القسم الثالث في التفسير]

- ‌[الخطبة الأولى في تفسير آيات من سورة ق]

- ‌[الخطبة الثانية في تفسير بعض الآيات من سورة الطور]

- ‌[الخطبة الثالثة في تفسير آيات من سورة الواقعة]

- ‌[الخطبة الرابعة في تفسير سورة العصر]

- ‌[الخطبة الخامسة في الحث على التمسك بكتاب الله والتحذير من مخالفته]

- ‌[القسم الرابع في الفقه]

- ‌[الفرع الأول في الصلاة]

- ‌[الخطبة الأولى في فضل الصلاة وكفر تاركها]

- ‌[الخطبة الثانية في التحذير من إضاعة الصلاة]

- ‌[الخطبة الثالثة فيما يتهاون به بعض الناس من شؤون الصلاة]

- ‌[الخطبة الرابعة في صفة الصلاة]

- ‌[الخطبة الخامسة في الحث على إقامة الصلاة مع الجماعة]

- ‌[الخطبة السادسة في مسؤولية الإمام والمأموم]

- ‌[الخطبة السابعة في صلاة الكسوف]

- ‌[الفرع الثاني في اللباس]

- ‌[الخطبة الأولى فيما يحرم من اللباس]

- ‌[الخطبة الثانية في بعض ما يحرم من اللباس]

- ‌[الخطبة الثالثة في تحريم لبس الذهب على الرجال]

- ‌[الخطبة الرابعة في التحذير من تشبه الرجل بالمرأة]

- ‌[الخطبة الخامسة في وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج]

الفصل: ‌[الخطبة الثانية عشرة في الحذر من أعداء المسلمين]

[الخطبة الثانية عشرة في الحذر من أعداء المسلمين]

الخطبة الثانية عشرة

في الحذر من أعداء المسلمين إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الإسلام التي لا يعدلها نعمة تلك النعمة التي ضل عنها كثيرا من الناس وهداكم الله تعالى بمنه إليها تلك النعمة التي عشتم عليها وعاش عليها آباؤكم فلم يجر ولله الحمد على بلادكم استعمار مستعمر جاس خلال الديار بجنوده وعتاده فخرب الديار وأفسد الأديان والأفكار اشكروا الله تعالى على هذه النعمة وحافظوا على بقائها واستمرارها واسألوا الله الثبات عليها وإياكم إياكم أن تتعرضوا لما يزيلها ويسلبها منكم فتخسروا دنياكم وآخرتكم.

عباد الله إن الإسلام منذ بزغ نجمه وأعداؤه يحاولون القضاء عليه بكل ما يستطيعون من قوة: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32] فلقد حاول أعداء الإسلام أن يقضوا عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم في عهد خلفائه الراشدين ثم في العصور التالية إلى وقتنا هذا حاولوا القضاء على الإسلام وبني الإسلام بالعنف والصراع المسلح تارة وبالمكر والخداع والخطط الهدامة تارة أخرى ولسنا مجازفين عندما نقول ذلك فبين أيديكم التاريخ يشهد بما نقول وبين أيديكم شهادة أعظم وأصدق وهي شهادة الله تعالى في كتابه وكفى بالله شهيدا وليست هذه المحاولة من أعداء المسلمين من صنف واحد منهم ولكن من سائر أصناف الأعداء من المشركين واليهود والنصارى وسائر الكفار والمنافقين، اسمعوا ما قال الله تعالى في المشركين وهم يفتنون الناس عن دينهم:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]

ص: 356

وقال في اليهود والنصارى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] وقال فيهم أيضا: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109] وقال في سائر الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ - بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران: 149 - 150] وقال في المنافقين: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا - وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 88 - 89]

فهذه أيها المسلمون شهادة الله تعالى على أعدائكم بما يريدون منكم وما يحاولونه من صدكم عن دينكم وأي شهادة أعظم من شهادة الله وأي شهادة أصدق من شهادته فهو العليم بنيات عباده وأحوالهم وإن التاريخ في ماضيه البعيد لن يخفي ما شهد الله تعالى به عليهم كما نطق به في وقته الحاضر على ألسنة قادة الكفر السياسيين والمفكرين قال أحد رؤساء الوزارة البريطانية سابقا: لن تستطيع أوروبة السيطرة على الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان ما دام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين.

وقال الحاكم الفرنسي في الجزائر قبل استقلالها. لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن ويتكلمون بالعربية فيجب أن نزيل القرآن من وجودهم ونقتلع العربية من ألسنتهم.

هكذا يغري قادة الكفر بإزالة القرآن من الوجود وهم لا يعنون إزالة نسخ القرآن من أيدي المسلمين إنما يريدون أن يزيلوا من المسلمين روح القرآن والعمل به حتى لا يبقى بين المسلمين من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه.

وقال رئيس جمعيات المنصرين في مؤتمر القدس المنعقد قبل أكثر من أربعين عاما يخاطب جماعة التنصير إن مهمتكم ليس في إدخال المسلمين في النصرانية إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها.

هذا أيها المسلم كلام قادة الكفر في الغرب فماذا عن كلام قادة الكفر في الشرق؟ لقد كتبت إحدى الصحف الشيوعية في روسيا تقول: من المستحيل تثبيت الشيوعية قبل سحق الإسلام نهائيا.

فكفار الشرق والغرب كلهم أعداء للإسلام كلهم

ص: 357

يريدون القضاء عليه لأنه هو الذي يخيفهم ويرعبهم كما أقر به أحد رؤساء الوزارة البريطانية في كلامه السابق وقال أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية قبل أكثر من ست وعشرين سنة إن الخطر الذي يهددنا تهديدا مباشرا وعنيفا هو الخطر الإسلامي.

ولا تعجبوا أيها الإخوة من تصريح هؤلاء بالخوف من الإسلام فإن الله يقول: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] وجماعة الكفر لم يخافوا من المسلمين اليوم لأن المسلمين اليوم في حال يرثى لها من الضعف والذل ليس لهم هيبة ولا منهم خوف بسبب تفرقهم في دينهم وإعراض الكثيرين منهم عنه، وإنما يخاف جماعة الكفر من الإسلام نفسه فوالله لو أن المسلمين طبقوا الإسلام عقيدة وعملا لملكوا مشارق الأرض ومغاربها قال الله تعالى:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ - إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء: 105 - 106]

أيها المسلمون: إذا كان قادة الكفر في الشرق والغرب يخافون ذلك الخوف من دينكم فيسحاولون سلبه عنكم بكل وسيلة كما فعلوا ويفعلون.

وإن من أكبر الوسائل وأعظمها خطرا سفر الشباب إلى بلاد الكفر حيث يذهب إليهم شباب ناشئ في عنفوان شبابهم وفي وقت تطلعهم إلى الاستقلال الفكري والعملي قابل للتوجيه الجديد فكرا وسلوكا غير متحصن بحصانة قوية من علم أو دين أو تجربة تغره المظاهر وتجذبه الدعاية وتجترفه الشبهة التي تلقي بين يديه في دينه وسلوكه وعاداته يذهب هؤلاء الشباب إلى بلاد الكفر لا ذهاب الدعاة إلى الإسلام المرشدين للخلق ولكن ذهاب التلميذ المستلهم المتلقف لما يلقى إليه وبطبيعة التلمذة سيكون قابلا لما يلقى إليه على علاته عاجزا نفسيا أو اضطراريا عن مناقشة أستاذه فليقل ما شاء وإن الخطر على هؤلاء الذاهبين إليهم كما يكون في حقول التعليم يكون كذلك في إقامتهم في بلاد كفر لا يسمعون فيها أذانا ولا يشاهدون مساجد تقام فيها شعائر الإسلام وإنما يسمعون أجراس النواقيس ويشاهدون معابد اليهود والنصارى ومسارح اللهو ومعاقل الخمر والفساد وعبادة المادة فيرجع الكثير من هؤلاء وقد انقلب في دينه رأسا على عقب ولوثوا أدمغتهم بقذارة الكفر والإلحاد والشك في دين الإسلام ورسوله وشريعته.

فيا أيها الشاب المسلم يا من ولدت في الإسلام وربيت عليه يا من عشت بين أبوين مسلمين على الفطرة يا

ص: 358

من ترددت في أرض المسلمين صباحا ومساء تسمع الأذان وتصلي مع المسلمين يدوي في جوك خمس مرات في اليوم والليلة قول الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح أنت الآن على مقربة من الشهادة الإعدادية أو التوجيهية شهادة المتوسطة أو الثانوية فلا تلق بدينك إلى التهلكة تذهب إلى بلاد كفر لا تسمع فيها مؤذنا ولا تشهد جماعة ولا ترى مساجد يذكر فيها اسم الله تعالى وإنما هو الكفر واللهو والغفلة والاعراض عن الله تعالى أهلها كما قال الله تعالى فيهم: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12] يتمتعون بما أوتوا من زهرة الدنيا فإذا ماتوا فالنار والعذاب يقال لهم إذا عرضوا عليها: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: 20]

أيها الشاب المسلم ألم تعلم أن هذه الحياة الدنيا التي تعيشها ليست هذه الحياة سواء عشتها هنا أو هناك ألم تر ما فيها من تنغيص وكدر ومحن وفتن ألم تر الموت يتخطف شبابا وكهولا وشيوخا صباحا ومساء.

إنما الحياة يا أخي حياة الآخرة كما قال ربك عز وجل: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى - يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 23 - 24] وكما قال نبيك صلى الله عليه وسلم «لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها» .

أتدري ما مقدار السوط؟ إنه يبلغ حوالي متر واحد وهو في الجنة خير من الدنيا كلها من أولها إلى آخرها بكل ما فيها من زهرة وترف وجاه ورئاسة وملك لأن نعيم الجنة يبقى وزهرة الحياة تفنى.

أيها الشاب المسلم لقد سمعت وقرأت عن قادة الكفر ماذا يريدون لدينك من القضاء عليه ودينك غنما يتمثل بك أنت فأنت محله وأنت حامله وسيحاولون أن ينزعوه من قلبك فتصبح خاليا من الدين خاويا من الحياة.

فهل تطيب نفسك أن تسلم إليهم قيادها ليوجهوك كيف شاؤا؟ لعلك تغتر بالأماني فتقول أنا ولله الحمد مؤمن فلا يمكن أن تخدعني دعاياتهم وهذا قول طيب لكن الإنسان يشعر بأنه قوي على التخلص من البلاء حين يكون في عافية منه بعيدا عن مواقعه فإذا قرب منه وابتلي به تغيرت حاله وضعفت قوته ونفد صبره فلم يمكنه تخليص نفسه.

ص: 359

استمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع بالدجال فلينأ عنه (أي فليبعد عنه) فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه بما يبعث به من الشبهات» وهكذا نقول لك أيها الشاب بالنسبة لذهابك إلى بلاد الكفر تظن أنك تقوى على التخلص من البلاء بما في قلبك من الإيمان وأنت في بلاد الإسلام ولكن إذا حللت في بلاد الكفر فقد تتغير الحال فابعد عن الشر تقرب من السلامة.

وانظر إلى من ذهب من الشباب إلى بلاد الكفر وهو مستقيم على دينه فرجع من بلاد الكفر منحرفا عنه متغيرا في عقيدته منسلخا عن عبادته ذهب إلى بلاد الكفر وهو يفخر بالإسلام ورجع وهو يسخر به ذهب إلى بلاد الكفر وهو يقيم الصلاة ويقوم بشرائع الإسلام فرجع لا يقيم الصلاة ولا يقوم بشرائع الإسلام أفلا تخشى إذا ذهبت إلى بلاد الكفر أن يصيبك مثل ما أصاب هذا فتخسر دنياك وآخرتك.

أيها الشاب المسلم إن بقاءك في بلادك وهجرك لبلاد الكفر لا يفقدك العلم ولا ينقصك الاستزادة منه فهذه حكومتك وفقها الله تعالى وزادها رشدا وصلاحا وحماية وإصلاحا قد هيأت لك بما أنعم الله به عليها من مال يذلل لها المصاعب ويلبي لها المطالب هيأت لك كليات في جامعات تغنيك عن السفر إلى بلاد الكفر وتبقيك في دار الإسلام قريبا من أهلك وأقاربك وأصدقائك في راحة تامة وطمأنينة وأمن على دينك ولك فيمن تخرجوا منها واحتلوا المراكز اللائقة ولم يفتهم شيء مما قدر لهم من الدنيا لك فيهم أسوة ولك فيمن ذهبوا إلى بلاد الكفر فتغيرت أديانهم عبرة.

ففكر أيها الشاب المسلم بهذا الأمر الخطير تفكيرا جديا بعيد المدى ولا تعدل بسلامة دينك شيئا فهو رأس مالك بل هو حياتك وحكمة وجودك كما قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]

اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا اللهم احفظ علينا ديننا وثبتنا عليه إلى الممات فإنه عصمة أمرنا اللهم أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

ص: 360