الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الخطبة الثانية لعيد الأضحى]
الخطبة الثانية لعيد الأضحى يكبر سبع مرات متوالية ثم يقول: -
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. الحمد لله الذي بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين، بعثه بدين الهدى والرحمة فأنقذ الله به من الهلكة وهدى به من الضلالة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من هذا الدين القويم الذي رضيه لكم، فلقد أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع وهو واقف بعرفة:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وإنه لجدير بنا أن نغتبط بهذا الدين الذي وصفه ربنا سبحانه بالكمال من لدنه من لدن حكيم خبير رؤوف رحيم. أيها المسلمون: إن ديننا ولله الحمد كامل من جميع الوجوه، كامل من جهة عبادة الله، كامل من جهة معاملة عباد الله، فهو كامل من جهة العبادة حيث كانت العبادات المشروعة فيه مصلحة للقلوب والأبدان للشعوب والأفراد غير مفوتة لما تقتضيه مطالب الحياة، ولو أن الناس تفكروا في أنفسهم في هذا الدين تفكيرا عميقا متعقلا لوجدوا أنه لم يترك خيرا إلا أمر به ووضح طرقه بأوضح بيان وأيسره، وأنه لم يترك شرا إلا حذر منه وبين مغبته ومضرته، ولو تفكروا في أنفسهم لوجدوا أن تمسكهم بدينهم أمر ضروري لصلاح أعمالهم واستقامة أحوالهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71] ولو تفكروا في أنفسهم لما حصل للكثير منهم تلك الزهادة في دينهم ولما آثروا عليه شيئا من أمور الدنيا {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16 - 17] أيها المسلمون: إن الإسلام لم يطلب منكم أمرا يشق عليكم ولا أمرا تفوت به مصالحكم بل هو بنفسه مصالح وخيرات وأنوار وبركات، فتمسكوا بها أيها المسلمون وقوموا بشرائعه مخلصين لله متبعين لرسوله، أحبوا الله ورسوله ليسهل عليكم طاعة الله ورسوله، فإن الوصول إلى المحبوب غاية
يسهل دونها كل الصعاب، أقيموا الصلاة بفعلها في أوقاتها مع الجماعة فإن التخلف عن الجماعة من علامات النفاق، أدوا الصلاة بطمأنينة فلا صلاة لغير مطمئن فيها، وإن الصلاة إذا أديت على الوجه المطلوب كانت عونا على فعل الطاعات وترك المحرمات وتحمل المشقات، يقول الله تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] ويقول الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] آتوا الزكاة التي أوجب الله عليكم في أموالكم، ادفعوها إلى مستحقيها قبل أن تفارقوا هذا المال فيكون غنيمة لمن بعدكم وعليكم الغرم والإثم {مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ - وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 10 - 11] أنفقوا على من أوجب الله عليكم نفقته من الأهل والأقارب فإنكم مسؤولون عن ذلك، وإن الإنفاق عليهم من الإحسان والله يحب المحسنين ومن صلة الأرحام وسيصل الله الواصلين، واحترموا بعضكم بعضا فإن نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم وقف في مثل هذا اليوم في جماهير المسلمين بمنى يخطبهم ويعلن تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة، ولقد صارت الأموال منتهكة عند كثير من المسلمين، وإن لم يكن ذلك بطريق ظاهر تجدهم ينتهكون الأموال بالغش والكذب والدعاوى الباطلة والرشا المغرية واستعمال أموال الدولة للمصالح الخاصة، ولقد صارت الأعراض منتهكة هي الأخرى فأصبحت الغيبة التي تسمى السبابة أصبحت متفكها في كثير من المجالس، فاحذروا أيها المسلمون من تعدي حدود الله في النفوس والأموال والأعراض، وأدوا الحقوق قبل أن تؤخذ يوم القيامة من أعمالكم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
واعلموا رحمكم الله أن هذه الأيام الثلاثة المقبلة هي أيام التشريق التي لا يجوز صيامها كما لا يجوز صيام يوم العيد، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:«أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل فأكثروا فيها من ذكر الله بالتكبير والتهليل والتحميد في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات» .
واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها،
وإياكم والانجراف خلف التيارات المنحرفة التي تصدكم عن دينكم وتعوقكم في السير إلى ربكم خلف نبيكم، فإن كل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم انصرنا على أعدائنا وأصلح أمورنا واهد ولاتنا لما فيه الخير والصلاح في ديننا ودنياك إنك جواد كريم.