الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الخطبة الخامسة في وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج]
الخطبة الخامسة
في وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. الحمد لله الذي خلق كل شيء، فقدره تقديرا، وفاوت بين خلقه في ذواتهم وصنعاتهم وأعمالهم حكمة وتدبيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وكان الله على كل شيء قديرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى الخلق كافة بشيرا ونذيرا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فقد قال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] وقال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]
أيها الناس إن من هاتين الآيتين الكريمتين يتبين لنا مدى نقص المرأة في عقلها وتدبيرها، ففي الآية الأولى بيان نقص عقلها وإدراكها وإحاطتها حتى فيما تستشهد عليه، ويطلب منها رعايته وضبطه. وفي الآية الثانية بيان نقص تدبيرها وتصرفها، وأنها بحاجة إلى مسؤول يتولى القيام عليها، وهو الرجل لهذا وجب على الرجال رعاية النساء، والقيام عليهن لتكميل ما فيهن من نقص:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] وإنه كلما عظم الخطر عظمت المسؤولية، وكلما كثرت أسباب الفتنة، وجبت قوة الملاحظة، وإننا في عصر عظم فيه الخطر، وكثرت أسباب الفتنة بما فتح علينا من زهرة الدنيا واتصالنا بالعالم الخارجي مباشرة أو بواسطة وسائل الإعلام وبسبب ضعف كثير من الرجال أو تهاونهم بالقيام بمسؤوليتهم تجاه نسائهم وقع كثير من النساء في شرك هذه الفتنة، وهاوية ذلك الخطر حتى إنك لترى المرأة الشابة تخرج من بيتها إلى السوق بألبسة مغرية، ألبسة جميلة إما قصيرة وإما طويلة ضيقة ليس فوقها إلا عباءة قصيرة أو طويلة يفتحها الهواء أحيانا، وترفعها هي نفسها عمدا أحيانا، تخرج بخمار تستر به وجهها لكنه أحيانا يكون رقيقا يصف لون جلد وجهها، وأحيانا تشده على وجهها شدا قويا بحيث تبرز مرتفعات وجهها كأنفها ووجنتها. تخرج لابسة من حلي الذهب ما لبست، ثم تكشف عن
ذراعيها حتى يبدو الحلي، كأنما تقول للناس: شاهدوا ما عَلَيَّ فتنة كبرى ومحنة عظمى.
تخرج متطيبة بطيب قوي الرائحة يفتن كل من في قلبه مرض من الرجال، وربما خلع ثياب الحياء، فصار يلاحقها. تخرج من بيتها تمشي في السوق مشيا قويا كما يمشي أقوى الرجال وأشبهم كأنما تريد أن يعرف الناس قوتها ونشاطها، وتمشي كذلك في السوق مع صاحبتها تمازحها، وتضاحكها بصوت مسموع، وتدافعها بتدافع منظور. وتقف على صاحب الدكان تبايعه، وقد كشفت عن يديها وعن ذراعيها، وربما تمازحه، أو يمازحها، أو يضحك معها إلى غير ذلك مما يفعله بعض النساء من أسباب الفتنة والخطر العظيم والسلوك الشاذ الخارج عن توجيهات الإسلام وطريق أمة الإسلام. يقول الله تعالى لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم وهن القدوة:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن» . هكذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن خير لهن» . خير لهن من أي شيء؟ من مساجد الله فكيف بخروجهن للأسواق؟ ويقول الله عز وجل: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: 60] فإذا كانت المرأة من العجائز ممنوعة من التبرج بالزينة، فكيف تكون الشابة التي هي محل الفتنة؟ ويقول الله سبحانه وتعالى:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار، وهو ما تغطي به رأسها على جيبها ليستر ما قد يبدو من رقبتها، أو يربو على صدرها، فكيف تخالف المرأة المسلمة المؤمنة بالله ورسوله إلى محاولة إبداء وجهها وهو محل الفتنة والتعلق بها؟ ويقول الله سبحانه:{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31] وهو الخلخال الذي تلبسه برجلها وتخفيه بثوبها، فإذا ضربت برجلها على الأرض سمع صوته، فإذا كانت المرأة منهية أن تفعل ما يعلم به زينة الرجل المخفاة، فكيف بمن تكشف عن ذراعها حتى تشاهد زينة اليد؟ إن فتنة المشاهدة أعظم من فتنة السماع، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:«صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» . ويعني بهم الظلمة من ذوي السلطة الذين يضربون الناس بغير حق، أما من يضربون الناس بحق لتقويمهم وتأديبهم، فليسوا من هؤلاء، وقد يكون المقصود من الحديث كراهة هذا النوع من السياط. أما النوع الثاني، فيقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات