الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطبة أولى لعيد الفطر أيضا]
خطبة أولى لعيد الفطر أيضا يكبر تسع مرات متوالية ثم يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. الله أكبر ما نطق بذكره وتعظيمه ناطق، الله أكبر ما صدق في قصده وعمله صادق، الله أكبر ما أقيمت شعائر الدين الله أكبر ما رفرفت بالنصر أعلام المؤمنين، الله أكبر كلما صام صائم، وأفطر، وكلما لاح صباح عيد، وأسفر الله أكبر، كلما لاح برق، وأنور، وكلما أرعد سحاب، وأمطر الحمد لله الذي سهل لعباده طريق العبادة، ويسر، ووفاهم أجورهم من خزائن جوده التي لا تنفد، ولا تحصر، ومن عليهم بأعياد تعود عليهم بالخيرات، والبركات، وتتكرر، وتابع لهم بين مواسم العبادة لتشيد الأوقات بالطاعة، وتعمر فما انقضى شهر الصيام حتى أعقبه بشهور حج بيت الله المطهر نحمده على نعمه التي لا تحصى، ولا تحصر، ونشكره على فضله وإحسانه، وحق له أن يشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله انفرد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده بأجل مقدر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من تعبد لله، وصلى، وزكى، وحج، واعتمر صلى الله عليه، وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهر وعلى أصحابه الذين سبقوا إلى الخيرات، فنعم الصحب والمعشر، وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الفجر، وأنور، وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واعرفوا نعمته عليكم بهذا العيد السعيد، فإنه اليوم الذي توج الله به شهر الصيام، وافتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام، وأجزل فيه للصائمين والقائمين جوائز البر والإكرام عيد امتلأت القلوب به فرحا وسرورا، وازدانت به الأرض بهجة ونورا؛ لأنه اليوم الذي يخرج فيه المسلمون إلى مصلاهم لربهم حامدين معظمين، وبنعمته بإتمام الصيام والقيام مغتبطين ولخيره وثوابه مؤملين راجين يسألون ربهم الجواد الكريم أن يتقبل عملهم، وأن يتجاوز عن مسيئهم، وأن يعيد عليهم مثل هذا اليوم، وهم في خير وأمن وإيمان واجتماع على الحق والعبادة وابتعاد عن الباطل والعصيان.
عيدنا معشر المسلمين ليس عيد مبتدعة، ولا مشركين، فالأعياد الشرعية ثلاثة عيد الأسبوع
وهو يوم الجمعة، وعيد الفطر وعيد النحر، وليس في الإسلام سواها عيد ليس في الإسلام عيد لميلاد، ولا لانتصار جيوش وأجناد، ولا لتسلم زمام الملك والرئاسة على العباد، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم أصحابه، وهو أحب الناس إليهم لميلاده عيدا، وهذه انتصارات المسلمين في بدر واليرموك والقادسية وغيرها لم يقم المسلمون لها عيدا، وهذا قيام الخلافة لأبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وأكرم بهم قادة خلفاء وولاة أمناء لم يقم المسلمون لقيام الخلافة فيهم عيدا، ولو كانت إقامة الأعياد لمثل هذه الأمور خيرا لسبقنا إليه من سبقونا في العلم والعبادة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة المسلمين في العلم بعدهم، واعلموا رحمكم الله أنه قد ثبت دخول شهر شوال هذا اليوم ثبوتا شرعيا، وإن اختلاف البلدان في دخول الشهر غير ضار، وذلك لأن مطالع القمر تختلف بحسب البلدان بإجماع أهل المعرفة في ذلك، فإذا كانت الشمس تزول هنا مثلا قبل من كان غربا عنا، وتجب علينا صلاة الظهر، ولا تجب عليهم؛ لأن الشمس لم تزل عندهم كذلك ربما يرى القمر في منطقة ما، فيثبت دخول الشهر في حقهم دون من لم يروه، فيثبت العيد في حق من رأوه، ولا يثبت العيد في حق من لم يروه. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، والله أكبر، ولله الحمد، واشكروا أيها المسلمون نعمة الله عليكم بهذا الدين القويم والصراط المستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات والأرض صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ألا وهو دين الإسلام الذي أكمله الله لعباده، ورضيه لهم دينا، وأتم به النعمة عليهم، فهو دين الهدى والحق والصلاح والرشد دين يأمر بعبادة الله وحده، ويأمر بالصدق والنصح والعدل والإحسان، وينهى عن الشكر والكذب والغش والجور والطغيان يأمر بكل خلق شريف فاضل، وينهى عن كل خلق رزيل سافل إذا تأمله العاقل المنصف عرف قدره، وأنه لو تجمع أذكياء العالم كلهم، واتعبوا قرائحهم وأذهانهم في تشريع نظم تساوي نظمه لم يجدوا إلى ذلك سبيلا، ولعاد الذهن خاسئا كليلا، فلا حكم أحسن من حكم الله، ولا قوانين، ولا نظما أقوم للعباد مما سنه الله، فتمسكوا به ترشدوا واسلكوا، طريقه تهتدوا، وتعبدوا الله به تسعدوا، وانصروه بمحاربة من عاداه تنصروا قال الله تعالى:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]
أيها المسلمون: إننا اليوم بحاجة ماسة إلى التآلف والتناصح وتوحيد القصد والعمل
والتعاون في الحق، وأن نعالج مشاكلنا وأمراضنا الدينية والاجتماعية معالجة المخلص الذي يقصد حصول المصلحة، واندفاع المضرة لا يقصد انتصارا لنفسه، ولا مجرد أخذ برأيه، ولا التنكيت واللوم على غيره، وإنما يقصد إصلاح الدين والمجتمع، وبهذه النية الطيية، وبسلوك الحكمة في الوصول إلى المطلوب يحصل الفلاح، والنجاح إن شاء الله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . الخ.