المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أبو الحسن الأشعري صاحب التصانيف - العلو للعلي الغفار

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌مُقَدّمَة المُصَنّف

- ‌لَا إِلَه إِلَّا الله عدَّة للقاء الله

- ‌رب يسر وأعن وتمم وَاخْتِمْ بِخَير فِي عَافِيَة يَا كريم

- ‌الْآيَات وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْعُلُوّ

- ‌آيَات الإستواء والعلو

- ‌الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْعُلُوّ

- ‌فَمن الْأَحَادِيث المتواترة الْوَارِدَة فِي الْعُلُوّ

- ‌أَحَادِيث الْمِعْرَاج

- ‌فصل

- ‌فِي رُؤْيَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ربه ليلتئذ اخْتِلَاف

- ‌ذكر مَا اتَّصل بِنَا عَن التَّابِعين فِي مَسْأَلَة الْعُلُوّ

- ‌ذكر مَا قَالَه الْأَئِمَّة عِنْد ظُهُور الجهم ومقالته

- ‌ذكر مَا قَالَه الْأَئِمَّة عِنْد ظُهُور الجهم ومقالته

- ‌قَول أبي حنيفَة عَالم الْعرَاق رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌ابْن جريح شيخ الْحرم ومفتي الْحجاز

- ‌الْأَوْزَاعِيّ أَبُو عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو

- ‌عَالم أهل الشَّام فِي زَمَانه

- ‌مقَاتل بن حَيَّان عَالم خُرَاسَان

- ‌سُفْيَان الثَّوْريّ عَالم زَمَانه

- ‌مَالك إِمَام دَار الْهِجْرَة

- ‌اللَّيْث بن سعد عَالم مصر

- ‌سَلام بن أبي مُطِيع من أَئِمَّة الْبَصْرَة

- ‌حَمَّاد بن سَلمَة إِمَام أهل الْبَصْرَة

- ‌عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون مفتي الْمَدِينَة وعالمها مَعَ مَالك

- ‌حَمَّاد بن زيد الْبَصْرِيّ الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام

- ‌ابْن أبي ليلى قَاضِي الْكُوفَة وعالمها قديم الْمَوْت

- ‌جَعْفَر الصَّادِق سيد العلويين فِي زَمَانه وَأحد أَئِمَّة الْحجاز لم يلْحق الصَّحَابَة

- ‌سَلام مقرىء الْبَصْرَة

- ‌شريك القَاضِي أحد الْكِبَار

- ‌مُحَمَّد بن إِسْحَاق إِمَام أهل الْمَغَازِي

- ‌مسعر بن كدام أحد الْأَئِمَّة

- ‌طبقَة أُخْرَى تالية لمن مضى

- ‌طبقَة أُخْرَى تالية لمن مضى

- ‌جرير الضَّبِّيّ مُحدث الرّيّ

- ‌عبد الله بن الْمُبَارك شيخ الْإِسْلَام

- ‌الفضيل بن عِيَاض شيخ الْحرم

- ‌هشيم بن بشير عَالم أهل بَغْدَاد

- ‌نوح الْجَامِع فَقِيه خُرَاسَان

- ‌عباد بن الْعَوام مُحدث وَاسِط

- ‌القَاضِي أَبُو يُوسُف رحمه الله

- ‌عبد الله بن إِدْرِيس أحد الْأَعْلَام

- ‌مُحَمَّد بن الْحسن فَقِيه الْعرَاق

- ‌بكير بن جَعْفَر السّلمِيّ من عُلَمَاء جرجان

- ‌يحيى الْقطَّان سيد الْحفاظ

- ‌مَنْصُور بن عمار واعظ زَمَانه

- ‌سُفْيَان بن عُيَيْنَة أحد الْأَعْلَام

- ‌أَبُو بكر بن عَيَّاش ذَاك الإِمَام

- ‌عَليّ بن عَاصِم مُحدث وَاسِط

- ‌يزِيد بن هَارُون شيخ الْإِسْلَام

- ‌سعيد بن عَامر الضبعِي عَالم الْبَصْرَة

- ‌وَكِيع بن الْجراح عَالم الْكُوفَة

- ‌عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الإِمَام

- ‌وهب بن جرير من أَئِمَّة الْبَصْرَة

- ‌الْأَصْمَعِي عَالم وقته

- ‌الْخَلِيل بن أَحْمد إِمَام الْعَرَبيَّة

- ‌الْفراء إِمَام الْعَرَبيَّة

- ‌الْخُرَيْبِي أحد أَئِمَّة الْأَثر

- ‌الْخَلِيل بن أَحْمد إِمَام الْعَرَبيَّة

- ‌الْفراء إِمَام الْعَرَبيَّة

- ‌الْخُرَيْبِي أحد أَئِمَّة الْأَثر

- ‌عبد الله بن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ

- ‌النَّضر بن مُحَمَّد الْمروزِي

- ‌طبقَة الشَّافِعِي وَأحمد رضي الله عنهما

- ‌ابْن خُزَيْمَة وعدة

- ‌القعْنبِي ذَاك الإِمَام

- ‌عَفَّان أحد أَعْلَام السّنة

- ‌عَاصِم بن عَليّ شيخ البُخَارِيّ

- ‌الْحميدِي

- ‌عَالم الْمشرق يحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي

- ‌عَالم الرّيّ هِشَام بن عبيد الله الرَّازِيّ

- ‌فَقِيه الْمَدِينَة عبد الْملك بن الْمَاجشون

- ‌مُحَمَّد بن مُصعب العابد شيخ بَغْدَاد

- ‌سنيد بن دَاوُد المصِّيصِي الْحَافِظ

- ‌نعيم بن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ الْحَافِظ

- ‌بشر الحافي زاهد الْعَصْر

- ‌أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام

- ‌أَحْمد بن نصر الْخُزَاعِيّ الشَّهِيد

- ‌زَوْجَة مكي

- ‌قُتَيْبَة بن سعيد شيخ خُرَاسَان

- ‌أَبُو معمر الْقطيعِي الْحَافِظ

- ‌يحيى بن معِين سيد الْحفاظ النجاد

- ‌عَليّ بن الْمَدِينِيّ إِمَام الْمُحدثين

- ‌أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل شيخ الْإِسْلَام رحمه الله وَطيب ثراه وَجعل الْجنَّة مثواه

- ‌إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَالم خُرَاسَان

- ‌أَحْمد بن سَلمَة

- ‌أَحْمد بن سَلمَة

- ‌أَبُو عبد الله بن الْأَعرَابِي لغَوِيّ زَمَانه

- ‌أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِي عَالم أهل الجزيرة

- ‌العيشي من عُلَمَاء الْبَصْرَة

- ‌هِشَام بن عمار عَالم الشَّام

- ‌أَبُو ثَوْر من أَئِمَّة الِاجْتِهَاد

- ‌طبقَة أُخْرَى مِنْهُم الْمُزنِيّ والذهلي وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو زرْعَة

- ‌الذهلي

- ‌البُخَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ

- ‌البُخَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ

- ‌أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ

- ‌يحيى بن معَاذ الرَّازِيّ واعظ زَمَانه

- ‌أَحْمد بن سِنَان مُحدث وَاسِط

- ‌الإِمَام الرباني مُحَمَّد بن أسلم الطوسي

- ‌عبد الْوَهَّاب الْوراق

- ‌حَرْب الْكرْمَانِي

- ‌عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ الْحَافِظ

- ‌عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ الْحَافِظ

- ‌ابْن قُتَيْبَة

- ‌ابْن أبي عَاصِم

- ‌أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ

- ‌ابْن مَاجَه

- ‌ابْن أبي شيبَة

- ‌سهل التسترِي

- ‌ابْن مَاجَه

- ‌ابْن أبي شيبَة

- ‌سهل التسترِي

- ‌أَبُو مُسلم الْكَجِّي الْحَافِظ

- ‌طبقَة أُخْرَى بعد الثلاثمائة

- ‌طبقَة أُخْرَى بعد الثلاثمائة

- ‌زَكَرِيَّا السَّاجِي

- ‌مُحَمَّد بن جرير

- ‌حَمَّاد البوشنجي الْحَافِظ

- ‌إِمَام الْأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَة

- ‌ابْن سُرَيج فَقِيه الْعرَاق

- ‌أَبُو بكر بن أبي دَاوُد مُحدث بَغْدَاد

- ‌عَمْرو بن عُثْمَان الْمَكِّيّ شيخ الصُّوفِيَّة

- ‌ثَعْلَب إِمَام الْعَرَبيَّة

- ‌أَبُو جَعْفَر التِّرْمِذِيّ الْفَقِيه

- ‌أَبُو الْعَبَّاس السراج

- ‌الْحَافِظ أَبُو عوَانَة صَاحب الصَّحِيح

- ‌ابْن صاعد حَافظ بَغْدَاد

- ‌الطَّحَاوِيّ الإِمَام

- ‌نفطويه شيخ الْعَرَبيَّة

- ‌أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ صَاحب التصانيف

- ‌عَليّ بن عِيسَى الشبلي

- ‌أَبُو مُحَمَّد البربهاري الْحسن بن عَليّ بن خلف شيخ الْحَنَابِلَة بِبَغْدَاد

- ‌طبقَة أُخْرَى من أَئِمَّة الْإِسْلَام وعلماء السّنة

- ‌الْعَلامَة أَبُو بكر الصبغي

- ‌أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ مُحدث الدُّنْيَا

- ‌الإِمَام أَبُو بكر الْآجُرِيّ

- ‌الْحَافِظ أَبُو الشَّيْخ

- ‌الْعَلامَة أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ

- ‌الْأَزْهَرِي إِمَام اللُّغَة

- ‌أَبُو بكر شَاذان

- ‌أَبُو الْحسن بن مهْدي الْمُتَكَلّم

- ‌ابْن بطة

- ‌الدَّارَقُطْنِيّ

- ‌ابْن مَنْدَه

- ‌ابْن أبي زيد

- ‌الْخطابِيّ

- ‌ابْن فورك

- ‌ابْن الباقلاني

- ‌أَبُو أَحْمد القصاب

- ‌طبقَة أُخْرَى تَابِعَة لمن مر

- ‌معمر بن زِيَاد

- ‌أَبُو الْقَاسِم اللالكائي

- ‌يحيى بن عمار

- ‌الْقَادِر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ

- ‌أَبُو عمر الطلمنكي

- ‌أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي

- ‌الْفَقِيه سليم

- ‌أَبُو نصر السجْزِي

- ‌أَبُو عَمْرو الداني

- ‌ابْن عبد الْبر

- ‌القَاضِي أَبُو يعلى

- ‌الْبَيْهَقِيّ

- ‌الْخَطِيب

- ‌طبقَة أُخْرَى

- ‌طبقَة أُخْرَى

- ‌الْفَقِيه نصر الْمَقْدِسِي

- ‌إِمَام الْحَرَمَيْنِ

- ‌سعد الزنجاني

- ‌شيخ الْإِسْلَام الْأنْصَارِيّ

- ‌القيرواني

- ‌الْبَغَوِيّ

- ‌أَبُو الْحسن الكرجي

- ‌أَبُو الْقَاسِم التَّيْمِيّ

- ‌ابْن موهب

- ‌الشَّيْخ عبد الْقَادِر

- ‌الشَّيْخ أَبُو الْبَيَان

- ‌الْقُرْطُبِيّ

الفصل: ‌أبو الحسن الأشعري صاحب التصانيف

لنَصّ كتاب الله إِذْ يَقُول {أأمنتم من فِي السَّمَاء} // توفّي نفطويه فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة //

‌أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ صَاحب التصانيف

539 -

قَالَ الإِمَام أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن أبي بشر الْأَشْعَرِيّ الْبَصْرِيّ الْمُتَكَلّم فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ إختلاف المضلين ومقالات الإسلاميين فَذكر فرق الْخَوَارِج وَالرَّوَافِض والجهمية وَغَيرهم إِلَى أَن قَالَ ذكر مقَالَة أهل السّنة وَأَصْحَاب الحَدِيث جملَة قَوْلهم الْإِقْرَار بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَبِمَا جَاءَ عَن الله وَمَا رَوَاهُ الثِّقَات عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يردون من ذَلِك شَيْئا وَأَن الله على عَرْشه كَمَا قَالَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَأَنه لَهُ يدين بِلَا كَيفَ كَمَا قَالَ {لما خلقت بيَدي} وَأَن أَسمَاء الله لَا يُقَال أَنَّهَا غير الله كَمَا قَالَت الْمُعْتَزلَة والخوارج وأقروا أَن لله علما كَمَا قَالَ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ} وأثبتوا السّمع وَالْبَصَر وَلم ينفوا ذَلِك عَن الله كَمَا نفته الْمُعْتَزلَة وَقَالُوا لَا يكون فِي الأَرْض من خير وَشر إِلَّا مَا شَاءَ الله وَأَن الْأَشْيَاء تكون بمشيئته كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} إِلَى أَن قَالَ وَيَقُولُونَ الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق

ويصدقون بالأحاديث الَّتِي جَاءَت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله ينزل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول هَل من مُسْتَغْفِر كَمَا جَاءَ الحَدِيث ويقرون أَن الله يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} وَأَن الله يقرب من خلقه كَيفَ يَشَاء قَالَ {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبل الوريد}

ص: 217

) إِلَى أَن قَالَ فَهَذَا جملَة مَا يأمرون بِهِ ويستعملونه ويرونه وَبِكُل مَا ذكرنَا من قَوْلهم نقُول وَإِلَيْهِ نَذْهَب وَمَا توفيقنا إِلَّا بِاللَّه

وَذكر الْأَشْعَرِيّ فِي هَذَا الْكتاب الْمَذْكُور فِي بَاب هَل الْبَارِي تَعَالَى فِي مَكَان دون مَكَان أم لَا فِي مَكَان أم فِي كل مَكَان فَقَالَ اخْتلفُوا فِي ذَلِك على سبع عشرَة مقَالَة مِنْهَا قَالَ أهل السّنة وَأَصْحَاب الحَدِيث أَنه لَيْسَ بجسم وَلَا يشبه الْأَشْيَاء وَأَنه على الْعَرْش كَمَا قَالَ {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} وَلَا نتقدم بَين يَدي الله بالْقَوْل بل نقُول اسْتَوَى بِلَا كَيفَ وَأَن لَهُ يدين كَمَا قَالَ {خلقت بيَدي} وَأَنه ينزل إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث

ثمَّ قَالَ وَقَالَت الْمُعْتَزلَة اسْتَوَى على عَرْشه بِمَعْنى استولى وتأولوا الْيَد بِمَعْنى النِّعْمَة وَقَوله {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أَي بعلمنا

540 -

وَقَالَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ فِي كتاب جمل المقالات لَهُ رَأَيْته بِخَط الْمُحدث أبي عَليّ بن شَاذان فسرد نَحوا من هَذَا الْكَلَام فِي مقَالَة أَصْحَاب الحَدِيث تركت إِيرَاد أَلْفَاظه خوف الإطالة وَالْمعْنَى وَاحِد

541 -

وَقَالَ الْأَشْعَرِيّ فِي كتاب الْإِبَانَة فِي أصُول الدّيانَة لَهُ فِي بَاب الاسْتوَاء فَإِن قَالَ قَائِل مَا تَقولُونَ فِي الاسْتوَاء

قيل نقُول إِن الله مستو على عَرْشه كَمَا قَالَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَقَالَ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وَقَالَ {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}

وَقَالَ حِكَايَة عَن فِرْعَوْن {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَات فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظنه كَاذِبًا}

ص: 218

) كذب مُوسَى فِي قَوْله إِن الله فَوق السَّمَوَات

وَقَالَ عزوجل {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يخسف بكم الأَرْض} فالسموات فَوْقهَا الْعَرْش فَلَمَّا كَانَ الْعَرْش فَوق السَّمَوَات وكل مَا علا فَهُوَ سَمَاء وَلَيْسَ إِذا قَالَ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء} يَعْنِي جَمِيع السَّمَوَات وَإِنَّمَا أَرَادَ الْعَرْش الَّذِي هُوَ أَعلَى السَّمَوَات أَلا ترى أَنه ذكر السَّمَوَات فَقَالَ {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} وَلم يرد أَنه يملأهن جَمِيعًا

قَالَ ورأينا الْمُسلمين جَمِيعًا يرفعون أَيْديهم إِذا دعوا نَحْو السَّمَاء لِأَن الله مستو على الْعَرْش الَّذِي هُوَ فَوق السَّمَاوَات فلولا أَن الله على الْعَرْش لم يرفعوا أَيْديهم نَحْو الْعَرْش وَقد قَالَ قَائِلُونَ من الْمُعْتَزلَة والجهمية والحرورية أَن معنى اسْتَوَى استولى وَملك وقهر وَأَنه تَعَالَى فِي كل مَكَان وجحدوا أَن يكون على عَرْشه كَمَا قَالَ أهل الْحق وذهبوا فِي الاسْتوَاء إِلَى الْقُدْرَة فَلَو كَانَ كَمَا قَالُوا كَانَ لَا فرق بَين الْعَرْش وَبَين الأَرْض السَّابِعَة لِأَنَّهُ قَادر على كل شَيْء وَالْأَرْض شَيْء فَالله قَادر عَلَيْهَا وعَلى الحشوش

وَكَذَا لَو كَانَ مستوياً على الْعَرْش بِمَعْنى الِاسْتِيلَاء لجَاز أَن يُقَال هُوَ مستو على الْأَشْيَاء كلهَا وَلم يجز عِنْد أحد من الْمُسلمين أَن يَقُول أَن الله مستو على الأخلية والحشوش فَبَطل أَن يكون الاسْتوَاء الِاسْتِيلَاء

وَذكر أَدِلَّة من الْكتاب وَالسّنة وَالْعقل سوى ذَلِك // وَكتاب الْإِبَانَة من أشهر تصانيف أبي الْحسن شهره الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَاعْتمد عَلَيْهِ ونسخه بِخَطِّهِ الإِمَام محيي الدّين النواوي وَنقل الإِمَام أَبُو بكر بن فورك الْمقَالة الْمَذْكُورَة عَن أَصْحَاب الحَدِيث عَن أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ فِي كتاب المقالات وَالْخلاف

ص: 219

بَين الْأَشْعَرِيّ وَبَين أبي مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كلاب الْبَصْرِيّ تأليف ابْن فورك فَقَالَ الْفَصْل الأول فِي ذكر مَا حكى أَبُو الْحسن رضي الله عنه فِي كتاب المقالات من جمل مَذَاهِب أَصْحَاب الحَدِيث وَمَا أبان فِي آخِره أَنه يَقُول بِجَمِيعِ ذَلِك

ثمَّ سرد ابْن فورك الْمقَالة بهيئتها ثمَّ قَالَ فِي آخرهَا فَهَذَا تَحْقِيق لَك من أَلْفَاظه أَنه مُعْتَقد لهَذِهِ الْأُصُول الَّتِي هِيَ قَوَاعِد أَصْحَاب الحَدِيث وأساس توحيدهم

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن ثَابت الطرقي قَرَأت كتاب أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ الموسوم ب الْإِبَانَة أَدِلَّة على إِثْبَات الاسْتوَاء

قَالَ فِي جملَة ذَلِك وَمن دُعَاء أهل الْإِسْلَام إِذا هم رَغِبُوا إِلَى الله يَقُولُونَ يَا سَاكن الْعَرْش

وَمن حلفهم لَا وَالَّذِي احتجب بِسبع

وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي رحمه الله فِي شكاية أهل السّنة مَا نقموا من أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ إِلَّا أَنه قَالَ بِإِثْبَات الْقدر وَإِثْبَات صِفَات الْجلَال لله من قدرته وَعلمه وحياته وسَمعه وبصره وَوَجهه وَيَده وَأَن الْقُرْآن كَلَامه غير مَخْلُوق

سَمِعت أَبَا عَليّ الدقاق يَقُول سَمِعت زَاهِر بن أَحْمد الْفَقِيه يَقُول مَاتَ الْأَشْعَرِيّ رحمه الله وَرَأسه فِي حجري فَكَانَ يَقُول شَيْئا فِي حَال نَزعه لعن الله الْمُعْتَزلَة موهواً ومخرقوا

قَالَ الْحَافِظ الْحجَّة أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر فِي كتاب تَبْيِين كذب المفتري فِيمَا نسب إِلَى الْأَشْعَرِيّ فَإِذا كَانَ أَبُو الْحسن رحمه الله كَمَا ذكر عَنهُ من حسن الِاعْتِقَاد مستصوب الْمَذْهَب عِنْد أهل الْمعرفَة والانتقاد يُوَافقهُ فِي أَكثر مَا يذهب إِلَيْهِ أكَابِر الْعباد وَلَا يقْدَح فِي مذْهبه غير أهل الْجَهْل والعناد فَلَا بُد أَن يحْكى عَنهُ معتقده على وَجهه بالأمانة ليعلم حَاله فِي صِحَة عقيدته فِي الدّيانَة فاسمع مَا ذكره فِي كتاب الْإِبَانَة فَإِنَّهُ قَالَ الْحَمد لله الْوَاحِد الْعَزِيز الْمَاجِد المتفرد بِالتَّوْحِيدِ المتمجد بالتمجيد الَّذِي لَا تبلغه صِفَات العبيد وَلَيْسَ لَهُ مثل وَلَا نديد فَرد فِي خطبَته على الْمُعْتَزلَة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا مَا قَوْلكُم الَّذِي تَقولُونَ وديانتكم الَّتِي بهَا تدينون قيل لَهُ قَوْلنَا الَّذِي بِهِ نقُول وديانتنا الَّتِي بهَا ندين التَّمَسُّك بِكِتَاب الله وَسنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 220

وَمَا رُوِيَ عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأئمة الحَدِيث وَنحن بذلك معتصمون وَبِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَحْمد بن حَنْبَل نضر الله وَجهه قَائِلُونَ وَلمن خَالف قَوْله مجانبون لِأَنَّهُ الإِمَام الْفَاضِل والرئيس الْكَامِل الَّذِي أبان الله بِهِ الْحق عِنْد ظُهُور الضلال وأوضح بِهِ الْمِنْهَاج وقمع بِهِ المبتدعين فرحمة الله من إِمَام مقدم وكبير مفهم وعَلى جَمِيع أَئِمَّة الْمُسلمين

وَجُمْلَة قَوْلنَا أَن نقر بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَمَا جَاءَ من عِنْد الله وَمَا رَوَاهُ الثِّقَات عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نرد من ذَلِك شَيْئا وَأَن الله إِلَه وَاحِد أحد فَرد صَمد لَا إِلَه غَيره وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن الْجنَّة وَالنَّار حق وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور وَأَن الله تَعَالَى مستو على عَرْشه كَمَا قَالَ {الرَّحْمَنُ على الْعَرْش اسْتَوَى} وَأَن لَهُ وَجها كَمَا قَالَ {وَيبقى وَجه رَبك} وَأَنه لَهُ يدين كَمَا قَالَ {بَلْ يَدَاهُ مبسوطتان} وَأَن لَهُ عينين بِلَا كَيفَ كَمَا قَالَ {تجْرِي بأعيننا} وَأَن من زعم أَن اسْم الله غَيره كَانَ ضَالًّا وندين أَن الله يرى بالأبصار يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يرى الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر يرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ

إِلَى أَن قَالَ وندين بِأَنَّهُ يقلب الْقُلُوب وَأَن الْقُلُوب بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِعه وَأَنه يضع السَّمَوَات وَالْأَرْض على إِصْبَع كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ وَأَنه يقرب من خلقه كَيفَ شَاءَ كَمَا قَالَ {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ من حَبل الوريد} وكما قَالَ {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} ونرى مُفَارقَة كل دَاعِيَة إِلَى بِدعَة ومجانبة أهل الْأَهْوَاء وسنحتج لما ذَكرْنَاهُ من قَوْلنَا وَمَا بَقِي بَابا بَابا وشيئاً شَيْئا

ثمَّ قَالَ ابْن عَسَاكِر فتأملوا رحمكم الله هَذَا الِاعْتِقَاد مَا أوضحه وأبينه

واعترفوا بِفضل هَذَا الإِمَام الَّذِي شَرحه وَبَينه

وَقَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَقَالَ الإِمَام أَبُو الْحسن فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ الْعمد فِي الروية ألفنا كتابا كَبِيرا فِي الصِّفَات تكلمنا فِيهِ على أَصْنَاف الْمُعْتَزلَة والجهمية فِيهِ فنون كَثِيرَة من الصِّفَات فِي إِثْبَات الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ وَفِي استوائه على الْعَرْش

كَانَ أَبُو الْحسن أَولا معتزلياً أَخذ عَن أبي عَليّ الجبائي ثمَّ نابذه ورد عَلَيْهِ وَصَارَ متكلماً للسّنة وَوَافَقَ أَئِمَّة الحَدِيث فِي جُمْهُور مَا يَقُولُونَهُ وَهُوَ مَا سقناه عَنهُ من أَنه نقل

ص: 221