الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الشيخ السابع والعشرون] :
[111]
سمعت القاضي الإمام، أنا أبو المعالي عَزِيزي بْن عبد الملك شَيْذَلَة2 رحمه الله من لفظه في شهر رمضان سنة تسعين يقول: إذا أخلص الرجل صدقة، وأحكم عقده، أخذ من علم الشريعة ما لا بد منه، ولا يسع جهله مما يتعين عليه من فروض الأعيان إما علما وتحقيقا، أو سؤالا وتقليدا، والعبد مكلَّف بهذا القدر من العلوم كتكلفة بمقاديره من العلوم3؛ لأن ما لا يُتوصل إلى الواجبات إلا به كان واجبا كسائر الواجبات؛ كوجوب الطهارة في وجوب الصلاة، ووجوب العدد في وجوب الجمعة، ووجوب الزاد والراحلة في وجوب الحج، فيرجع في علم عباداته إلى العالِم تقليدا كما يرجع العالِم إلى علمه تحقيقا؛ فإن العمل بالعلم أصل، وعالم لا عمل له كمثل الحمار يحمل أسفارا، ويجب على العبد أن يكون عالما، أو متعلمًا، أو محبًّا لهما.
[111] لم أعثر عليه.
2 ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "5/ 235-237" وقال: كان فقيهًا فاضلًا فصيحًا، أصوليًّا متكلمًا صوفيًّا، ومن نوادره أنه كان جيلانيًّا، أشعري العقيدة، وله تصانيف كثيرة، وولي قضاء بغداد نيابة عن قاضي القضاة أبي بكر الشاشي، توفي سابع عشر صفر، سنة أربع وتسعين وأربعمائة ببغداد.
3 كذا في الأصل، وأظن أن الصواب:"من الفروض أو الواجبات" أي: هو مكلف بتعلم هذه الفروض كتكلفه بأدائها، والله تعالى أعلم.
ومن أفنَى بالعلم نفسه، وأحيا بالعلم روحه؛ كان مع المتقين في جنات ونهر.
ومعنى التقليد قبول قول المفتى من غير حُجة، ولو أُوجب على الكافة التحقيق دون التقليد أدى ذلك إلى تعطيل المعايش وخراب الدنيا، فجاز أن يكون بعضهم مقلدا، وبعضهم متعلما، وبعضهم عالما، ولن ترتفع درجة في الجنان كدرجة العلماء والمتعلمين ثم درجة المحبين، قَالَ اللَّه سبحانه:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} 1.
[112]
سمعت القاضي الإمام عزيزي شيذله من لفظه في سنة تسعين وأربعمائة يقول:
اللَّهم يا واسع المغفرة، ويا باسط اليدين بالرحمة، افعل بي ما أنت أهله، إلهي أذنبت في بعض الأوقات، وآمنت بك في كل الأوقات، فكيف يغلب بعض عمري مذنبا جميع عمري مؤمنا؟
إلهي لو سألتني حسناتي لجعلتها لك مع شدة حاجتي إليها، وأنا عبد، فكيف لا أرجو أن تهب لي سيئاتي مع غناك عنها، وأنت رب، فيا من أعطنا خير ما في خزائنه وهو الإيمان به قبل السؤال، لا تمنعنا أوسع2 ما في خزائنك، وهو العفو مع السؤال.
إلهي حجتي حاجتي، وعُدَّتي فاقتي، فارحمني، إلهي كيف أمتنع بالذنب من الدعاء، ولا أراك تمتنع3 مع الذنب من العطاء، فإن غفرت فخير راحم أنت، وإن عذبت فغير ظالم أنت، إلهي أنت إلهي سألتك تذللا فأعطني تفضلًا.
1 الأنبياء: 7.
[112]
طبقات الشافعية للسبكي "5/ 236، 237" رواها السبكي عن أم عبد الله زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي، عن ابن الخيِّر، وابن السِّيدي، وابن العُلَّيق، وابن المنِّي إجازة قالوا: أنبأتنا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ الإبري سماعًا
…
فذكره.
2 "أوسع": ليست في الأصل، وأثبتناها من "ب" وطبقات الشافعية.
3 في الطبقات: تمنع.