الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَامَ الْكَفَّارِ، وَقَدْ صَرَّحَ تَعَالَى بِهَذَا الْمَدْلُولِ فِي قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ [8 \ 15]، إِلَى قَوْلِهِ: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [8 \ 16] ، وَفِي الْأَمْرِ بِالْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَضْيَقِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ وَقْتُ الْتِحَامِ الْقِتَالِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَنْبَغِي لَهُ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا سِيَّمَا فِي وَقْتِ الضِّيقِ، وَالْمُحِبُّ الصَّادِقُ فِي حُبِّهِ لَا يَنْسَى مَحْبُوبَهُ عِنْدَ نُزُولِ الشَّدَائِدِ.
قَالَ عَنْتَرَةُ فِي مُعَلَّقَتِهِ: [الْكَامِلُ]
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ
…
مِنِّي وَبِيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمِي
وَقَالَ الْآخَرُ:
ذَكَرْتُكِ وَالْخَطِيُّ يَخْطُرُ بَيْنَنَا
…
وَقَدْ نَهَلَتْ فِينَا الْمُثَقَّفَةُ السُّمْرُ تَنْبِيهٌ
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كُلُّ «لَعَلَّ» فِي الْقُرْآنِ فَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ إِلَّا الَّتِي فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ: وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ [129] ، فَهِيَ بِمَعْنَى «كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ» .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: لَفْظَةُ «لَعَلَّ» قَدْ تَرِدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مُرَادًا بِهَا التَّعْلِيلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:[الطَّوِيلُ]
فَقُلْتُمْ لَنَا كُفُّوا الْحُرُوبَ لَعَلَّنَا نَكُفُّ وَوَثَّقْتُمْ لَنَا كُلَّ مُوثَقِ فَلَمَّا كَفَفْنَا الْحَرْبَ كَانَتْ عُهُودُكُمْ كَشِبْهِ سَرَابٍ بِالْمَلَا مُتَأَلِّقِ فَقَوْلُهُ «لَعَلَّنَا نَكُفُّ» يَعْنِي: «لِأَجْلِ أَنْ نَكُفَّ» ، وَكَوْنُهَا لِلتَّعْلِيلِ لَا يُنَافِي «مَعْنَى التَّرَجِّي» ; لِأَنَّ وُجُودَ الْمَعْلُولِ يُرْجَى عِنْدَ وُجُودِ عِلَّتِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ الْآيَةَ.
نَهَى اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَنِ التَّنَازُعِ، مُبَيِّنًا أَنَّهُ سَبَبُ الْفَشَلِ، وَذَهَابُ الْقُوَّةِ، وَنَهَى عَنِ الْفُرْقَةِ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [3 \ 103] ، وَنَحْوِهَا مِنَ الْآيَاتِ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [8 \
46]
، أَيْ: قَوَّتُكُمْ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: نَصْرُكُمْ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: الرِّيحُ لِفُلَانٍ؛ إِذَا كَانَ غَالِبًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:[الْوَافِرُ]