الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[9 \ 4] ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَرُوِيَ عَنِ الْكَلْبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، بَعَثَهُ حِينَ أُنْزِلَتْ «بَرَاءَةٌ» بِأَرْبَعٍ: أَلَّا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. \
5
وَلَا يَقْرَبَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا.
وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ.
وَلَا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَانَ ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ بِالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شَوَّالٍ، وَآخِرُهُ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، أَوْ يَوْمُ عَرَفَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِعْلَامِ الْمَذْكُورِ مِنْ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَلَا يَخْفَى انْتِهَاؤُهَا فِي الْعَشْرِ مِنْ رَبِيعٍ الثَّانِي.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ مِنْ شَوَّالٍ، وَآخِرُهُ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ غَرِيبٌ، وَكَيْفَ يُحَاسَبُونَ بِمُدَّةٍ لَمْ يَبْلُغْهُمْ حُكْمُهَا، وَإِنَّمَا ظَهَرَ لَهُمْ أَمْرُهَا يَوْمَ النَّحْرِ، حِينَ نَادَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ.
يُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ مُخَالَفَةِ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ جَازَ قِتَالُهُمْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ [9 \ 7]، وَهَذَا الْمَفْهُومُ فِي الْآيَتَيْنِ صَرَّحَ بِهِ جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ [9 \ 12] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْآيَةَ.
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى. مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [9 \ 36] ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ.
وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: آخِرُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي حَقِّهِمُ الْمُحَرَّمُ، وَحَكَى نَحْوَ قَوْلِهِ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الضَّحَّاكُ.
وَلَكِنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَشْهُرُ الْإِمْهَالِ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ السِّيَاقُ، مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي رِوَايَةِ الْعَوْفِيِّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ [9 \ 5]، أَيْ: إِذَا انْقَضَتِ الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي حَرَّمْنَا عَلَيْكُمْ قِتَالَهُمْ فِيهَا، وَأَجَّلْنَاهُمْ فِيهَا، فَحَيْثُمَا وَجَدْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ; لِأَنَّ عَوْدَ الْعَهْدِ عَلَى مَذْكُورٍ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّرٍ، مَعَ أَنَّ الْأَشْهُرَ الْأَرْبَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ سَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهَا فِي آيَةٍ أُخْرَى اهـ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ.
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ هَمُّوا بِإِخْرَاجِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، وَصَرَّحَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ بِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ بِالْفِعْلِ، كَقَوْلِهِ: يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ الْآيَةَ [60 \ 1]، وَقَوْلِهِ: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ [47 \ 13]، وَقَوْلِهِ: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَةَ [9 \ 40]، وَذَكَرَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ: مُحَاوَلَتَهُمْ لِإِخْرَاجِهِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوهُ، كَقَوْلِهِ: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ [8 \ 30]، وَقَوْلِهِ: وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ الْآيَةَ.
نَهَى اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ، وَلَوْ كَانُوا قُرَبَاءَ، وَصَرَّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: بِأَنَّ الِاتِّصَافَ بِوَصْفِ الْإِيمَانِ مَانِعٌ مِنْ مُوَادَّةِ الْكُفَّارِ وَلَوْ كَانُوا قُرَبَاءَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ الْآيَةَ [58 \ 22] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وُلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ.