الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ أَخْفَوْا بِهِ عَمَلَهُمْ عَلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، وَيَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ الْآيَةَ [11 \ 5] .
وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ: أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ [11 \ 5] ، وَتَثْنَوْنِي مُضَارِعُ اثْنَوْنَى، وَوَزْنُهُ افْعَوْعَلَ مِنَ الثَّنْيِ كَمَا تَقُولُ احْلَوْلَى مِنَ الْحَلَاوَةِ وَصُدُورُهُمْ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ: تَثْنَوْنِي، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْهُ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا مَرَّ فِي الْأَقْوَالِ فِي الْآيَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لِحِكْمَةِ ابْتِلَاءِ الْخَلْقِ، وَلَمْ يَخْلُقْهُمَا عَبَثًا وَلَا بَاطِلًا، وَنَزَّهَ نَفْسَهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَهَدَّدَهُمْ بِالنَّارِ، قَالَ تَعَالَى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [3
8
\ 27] ، وَقَالَ تَعَالَى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [23 \ 115، 116] ، وَقَالَ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [51 \ 56]، وَقَالَ: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [67 \ 2] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ الْآيَةَ، الْمُرَادُ بِالْأُمَّةِ هُنَا: الْمُدَّةُ مِنَ الزَّمَنِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ، أَيْ: تَذَكَّرَ بَعْدَ مُدَّةٍ.
تَنْبِيهٌ
اسْتُعْمِلَ لَفْظُ «الْأُمَّةِ» فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَةَ اسْتِعْمَالَاتٍ:
الْأَوَّلُ: هُوَ مَا ذَكَرْنَا هُنَا مِنَ اسْتِعْمَالِ الْأُمَّةِ فِي الْبُرْهَةِ مِنَ الزَّمَنِ.
الثَّانِي: اسْتِعْمَالُهَا فِي الْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ الْغَالِبُ، كَقَوْلِهِ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ الْآيَةَ [28 \ 23]، وَقَوْلِهِ: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ الْآيَةَ [10 \ 47] ، وَقَوْلِهِ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً الْآيَةَ [2 \ 213] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
الثَّالِثُ: اسْتِعْمَالُ «الْأُمَّةِ» فِي الرَّجُلِ الْمُقْتَدَى بِهِ، كَقَوْلِهِ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً