الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقِيلَ: صَلَاةُ الْعِيدِ، وَالنَّحْرُ: قِيلَ فِيهِ أَقْوَالٌ عَدِيدَةٌ:
أَوَّلُهَا: فِي نَحْرِ الْهَدْيِ أَوْ نَحْرِ الضَّحِيَّةِ: وَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِقَوْلِ مَنْ حَمَلَ الصَّلَاةَ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ، وَأَنَّ النَّحْرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «لَمَّا ضَحَّى قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، وَسَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَحُثُّ عَلَى الضَّحِيَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: إِنِّي عَلِمْتُ الْيَوْمَ يَوْمَ لَحْمٍ فَعَجَّلْتُ بِضَحِيَّتِي، فَقَالَ لَهُ: شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ؟ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدَنَا لَعَنَاقًا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ شَاةٍ، أَفَتُجْزِئُ عَنِّي؟ قَالَ: اذْبَحْهَا، وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ غَيْرَكَ» .
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ مَبْحَثُ الضَّحِيَّةِ وَافِيًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [22 \ 28]، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي مَعَانِي: وَانْحَرْ: أَيْ ضَعْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عَلَى نَحْرِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه.
وَأَقْوَالٌ أُخْرَى لَيْسَ عَلَيْهَا نَصٌّ.
وَالنَّحْرُ: هُوَ طَعْنُ الْإِبِلِ فِي اللَّبَّةِ عِنْدَ الْمَنْحَرِ مُلْتَقَى الرَّقَبَةِ بِالصَّدْرِ.
وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي النَّحْرِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عُمُومِ الصَّلَاةِ وَعُمُومِ النَّحْرِ أَوِ الذَّبْحِ لِمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [6 \ 162] .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ النَّحْرَ لِلْإِبِلِ، وَالذَّبْحَ لِلْغَنَمِ، وَالْبَقَرَ مُتَرَدَّدٌ فِيهِ بَيْنَ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلُ، وَلَوْ عَمَّمَ النَّحْرَ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ عَمَّمَ الذَّبْحَ فِي الْجَمِيعِ لَكَانَ جَائِزًا، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ.
وَقَالُوا: إِنَّ الْحِكْمَةَ فِي تَخْصِيصِ الْإِبِلِ بِالنَّحْرِ، هُوَ طُولُ الْعُنُقِ، إِذْ لَوْ ذُبِحَتْ لَكَانَ مَجْرَى الدَّمِ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى مَحَلِّ الذَّبْحِ بَعِيدًا فَلَا يُسَاعِدُ عَلَى إِخْرَاجِ جَمِيعِ الدَّمِ بِيُسْرٍ، بِخِلَافِ النَّحْرِ فِي الْمَنْحَرِ، فَإِنَّهُ يُقَرِّبُ الْمَسَافَةَ وَيُسَاعِدُ الْقَلْبَ عَلَى دَفْعِ الدَّمِ كُلِّهِ، أَمَّا الْغَنَمُ فَالذَّبْحُ مُنَاسِبٌ لَهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
[3]
. قَالَ الْبُخَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«شَانِئَكَ» : عَدُوَّكَ اهـ.
وَالْأَبْتَرُ: هُوَ الْأَقْطَعُ الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ.
وَأَنْشَدَ أَبُو حَيَّانَ، قَوْلَ الشَّاعِرِ:
لَئِيمٌ بَدَتْ فِي أَنْفِهِ خُنْزُوَانَةٌ
…
عَلَى قَطْعِ ذِي الْقُرْبَى أَجُذُّ أَبَاتِرَ
وَقَالَ: «شَانِئَكَ» : مُبْغِضَكَ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ يُخْبِرُ سبحانه وتعالى: أَنَّ مُبْغِضَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْأَقْطَعُ.
فَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ.
قَالَ لِقُرَيْشٍ: دَعُوهُ، فَإِنَّهُ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، إِذَا مَاتَ اسْتَرَحْتُمْ، فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَقَدْ جَاءَ مِصْدَاقُهَا بِالْفِعْلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ [8 \ 7] فَقَتَلَ صَنَادِيدَ قُرَيْشٍ، وَصَدَقَ الْوَعِيدَ فِيهِمْ.
وَمِثْلُهُ عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [6 \ 45] .
وَجَاءَ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [111 \ 1] .
فَهِيَ فِي مَعْنَاهَا أَيْضًا.
وَبَقِيَ ذِكْرُ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي عَقِبِهِ مِنْ آلِ بَيْتِهِ، وَفِي أُمَّتِهِ كُلِّهَا.
كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [94 \ 4] .ُُ