الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ؟ فَأَصْلُ أبي حنيفة: أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِيهَا وَمَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، حَتَّى إِنَّهُ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ حَيْثُ وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ عَلَى الْإِمَامِ.
وَأَصْلُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ، لَا يَقُومُ مَقَامَهُ، لَا فِي فَرْضٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلِهَذَا أَمَرَ الْمَأْمُومَ بِالتَّسْمِيعِ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ، وَلَمْ يُبْطِلْ صَلَاتَهُ بِنَقْصِ صَلَاةِ الْإِمَامِ إِلَّا فِي مَوَاضِعَ مُسْتَثْنَاةٍ، كَتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنِ الْمَأْمُومِ سُجُودَ السَّهْوِ، وَتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ إِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا، وَإِبْطَالِ صَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مالك وأحمد: فَإِنَّهَا عِنْدَهُمَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ: مِنَ الِاسْتِمَاعِ لِلْقِرَاءَةِ فِي حَالِ الْجَهْرِ، وَالْمُشَارَكَةِ فِي حَالِ الْمُخَافَتَةِ، وَلَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ عِنْدَهَا:" سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " بَلْ يَحْمِدُ جَوَابًا لِتَسْمِيعِ الْإِمَامِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ. وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا فِيمَا يُعْذَرَانِ فِيهِ، دُونَ مَا لَا يُعْذَرَانِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ.
[فَصْلٌ في الصَّلَوَاتُ فِي الْأَحْوَالِ الْعَارِضَةِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ فِي الْأَحْوَالِ الْعَارِضَةِ
كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ: فِي الْخَوْفِ، وَالْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ، وَمِثْلَ الصَّلَاةِ لِدَفْعِ الْبَلَاءِ عِنْدَ أَسْبَابِهِ، كَصَلَوَاتِ الْآيَاتِ فِي الْكُسُوفِ وَنَحْوِهِ، أَوِ الصَّلَاةِ لِاسْتِجْلَابِ النَّعْمَاءِ، كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَمِثْلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَفُقَهَاءُ الْحَدِيثِ كأحمد وَغَيْرِهِ: مُتَّبِعُونَ لِعَامَّةِ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَيُجَوِّزُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ الْمَحْفُوظَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيَخْتَارُونَ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ؛ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ قَطُّ رُبَاعِيَّةً إِلَّا
مَقْصُورَةً، وَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا لَمْ يُبْطِلُوا صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَقَرُّوا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَكْرَهُهُ، وَإِنْ رَأَى تَرْكَهُ أَفْضَلَ، وَفِي ذَلِكَ عَنْ أحمد رِوَايَتَانِ.
وَهَذَا بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا مَرَّاتٍ قَلِيلَةً، فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ تَرْكَهُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ؛ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ، حَتَّى اخْتُلِفَ عَنْ أحمد: هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسَافِرِ النَّازِلِ الَّذِي لَيْسَ بِسَائِرٍ أَمْ لَا؟ وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعِينَ عَلَى جَوَازِ الْقَصْرِ مُخْتَلِفِينَ فِي جَوَازِ الْإِتْمَامِ، وَمُجْمِعِينَ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، مُخْتَلِفِينَ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا.
وَيُجَوِّزُونَ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ.
فَأَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَأَرْبَعَةٌ، وَيُجَوِّزُونَ حَذْفَ الرُّكُوعِ الزَّائِدِ، كَمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُطِيلُونَ السُّجُودَ