المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيان هل يجتمع في الشخص الواحد سبب الموالاة وسبب المعاداة: - القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الرسالة

- ‌ معنى -المعروف والمنكر- لغةً:

- ‌ معنى -المعروف والمنكر- شرعًا

- ‌ المراد بالمعروف والمنكر عند اجتماعهما وانفراد أحدهما

- ‌ عظم شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله

- ‌ واجب العلماء وتحذيرهم من التقصير في العمل

- ‌وظيفة المحتسب في الإسلام

- ‌ الأدلة التي تأمر بأداء هذا الواجب

- ‌ الأدلة التي فيها الثناء على أهله والمدح لمن فعله

- ‌ الأدلة التي فيها التوبيخ والوعيد لمن تركه

- ‌ الأدلة التي فيها الذم والعيب لمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌شروط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قدرته عليه:

- ‌مسألة: في وعيد من يأمر بالمعروف ولا يفعله أو ينهى عن المنكر ويفعله

- ‌أمثلة للمعروف الذي يأمر به المحتسب والداعي إلى الله تعالى

- ‌أمثلة للمنكرات المتفشية في المجتمعات الإسلامية التي ينهى المحتسب ويحذر منها

- ‌ أمور ينبغي أن ينتبه لها المنكِر والآمر والناهي قبل أن يأمر وينهى وينكر المنكر

- ‌ كيفية الإنكار على الجاهل لما يرتكبه بأنه منكر:

- ‌ كيفية الإنكار على العالم بأن ما يرتكبه منكر

- ‌ كيفية الإنكار على الوالد من قِبَل ولده

- ‌ كيفية الإنكار على السيد من قبل عبده

- ‌ كيفية الإنكار على الشيخ من قبل تلميذه

- ‌ كيفية الإنكار على الزوج من قبل زوجته

- ‌ كيفية الإنكار على السلطان من قِبَل رعيته

- ‌ معنى الهجر والمراد به:

- ‌ تقسيم الهجر وبيان الشرعي من غيره:

- ‌ الحكمة من الهجر الشرعي:

- ‌ بيان من يشرع معه الهجر من الناس ومن لا يشرع:

- ‌ بيان نهاية وقت الهجر للمهجور:

- ‌ بيان هل يفرق بين الأحوال والأشخاص والأزمان في الهجر:

- ‌ بيان هل يجتمع في الشخص الواحد سبب الموالاة وسبب المعاداة:

- ‌الفصل الثانيفي درجات الإنكار

- ‌الطريق الأول: طريق اللين

- ‌تنبيه لمن يسلك طريق الغلظة والشدة

- ‌الباب الثالثفي الأحوال التي يسقط فيها وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ الحال الأولى:- عدم القبول والانتفاع به

- ‌الحال الثانية: أن يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حصول مفسدة أعظم من ذلك المنكر

- ‌الحال الثالثة: عدم القدرة أو خوف الضرر

- ‌ خطر المداهنة في دين الله:

- ‌ الفرق بين المداراة والمداهنة

- ‌ الحكمة في مشروعية إنكار المنكر والأمر بالمعروف

- ‌ المفاسد المترتبة على ترك إنكار المنكر

- ‌ الحامل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الفصل: ‌ بيان هل يجتمع في الشخص الواحد سبب الموالاة وسبب المعاداة:

7-

‌ بيان هل يجتمع في الشخص الواحد سبب الموالاة وسبب المعاداة:

فيكون منه خير وشر، وبرّ وفجور، وطاعة ومعصية، فيحب من وجه ويبغض من وجه، وبيان الشخص الذي يحب جملة والذي يبغض جملة، والذي يحب من وجه ويبغض من وجه.

المسلم له على المسلم حقوق في الإسلام يجب مراعاتها، وقد يكون له من الذنوب والمعاصي ما يوجب بغضه ومعاداته عليها، فيجتمع في الرجل الواحد خير وشرّ، وبرّ وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة، فيجتمع فيه موجبا الإكرام والإهانة، فيستحق من الموالاة والمحبة والثواب بقدر ما فيه من الخير، ويستحق من المعاداة والبغض والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيحب ويوالى ويكرم من وجه، ويبغض ويعادى ويهان من وجه آخر، ومثاله اللصّ الفقير، تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته.

هذا أصل درج عليه أهل السنة والجماعة واتفقوا عليه، فقالوا: إن الله يعذب بالنار من أهل الكبائر من يعذبه، ثم يخرجهم بشفاعة من يأذن له في الشفاعة وبفضله ورحمته، كما استفاضت بذلك السنة.

ص: 143

وخالفهم في هذا الأصل الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم، فلم يجعلوا الناس إلا مستحقًّا للثواب فقط، أو مستحقًّا للعقاب فقط، وأنكروا أن يجتمع في الرجل الواحد موجبا الإكرام والإهانة، وموجبا الموالاة والمعاداة، والحب والبغض، والثواب والعقاب، فخالفوا بذلك نصوص الكتاب والسنة، وسلف الأمة.

وأما الشخص الذي يحب جملة: فهو من آمن بالله ورسوله وقام بوظائف الإسلام ومبانيه العظام، علمًا وعملًا واعتقادًا، وأخلص أعماله وأفعاله وأقواله لله وانقاد لأوامره، وانتهى عما نهى الله عنه ورسوله، وأحب في الله ووالى في الله، وأبغض في الله وعادى في الله، وقدَّم قول رسوله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد كائنًا من كان، إلى غير ذلك من القيام بحقوق الإسلام وشرائعه.

ص: 144

وأما الذي يبغض جملة: فهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولم يؤمن بالقدر خيره وشره، وأنه كله بقضاء الله وقدره، أو أنكر البعث بعد الموت، أو ترك أحد أركان الإسلام الخمسة، أو أشرك بالله سبحانه وتعالى في عبادته أحدًا من الأنبياء والأولياء الصالحين، وصرف لهم نوعًا من أنواع العبادة، كالحب والدعاء، والخوف والرجاء، والتعظيم والتوكل، والاستغاثة والاستعاذة والاستعانة، والذبح والنذر والإنابة والذل، والخضوع والخشوع والخشية والرغبة والرهبة، والتعلق على غير الله في جميع الطلبات وكشف الكربات، وإغاثة اللهفات، أو ألحد في أسماء الله وصفاته واتبع غير سبيل المؤمنين، أو من قام به ناقض من نواقض الإسلام، وبالجملة فهو من ترك جميع المأمورات وارتكب جميع المحذورات.

وأما الذي يحب من وجه ويبغض من وجه آخر: فهو المسلم الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا، فيحب ويوالى على قدر ما معه من الخير، ويبغض ويعادى على قدر ما معه من الشر (1) .

(1) انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية جـ28 ص203 -213، وانظر رسالة إرشاد الطالب للشيخ سليمان بن مسحمان ص 13 - 29، ورسالة منهاج أهل الحق والاتباع للمؤلف السابق ص 84 - 85.

ص: 145

قال صاحب "فتح الباري" على قصة الثلاثة الذين خلفوا عام تبوك "وفيها ترك السلام على من أذنب، وجواز هجره أكثر من ثلاث، وأما النهي عن الهجر فوق الثلاث، فمحمول على من لم يكن هجرانه شرعيًّا.

وقال: وفيها سقوط ردّ السلام على المهجور عمن سلّم عليه، إذ لو كان واجبًا لم يقل كعب: هل حرّك شفتيه برد السلام؟ " اهـ (1) .

(1) انظر فتح الباري جـ8 ص 24. وانظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية جـ7 ص 40 - 41.

ص: 146