الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
عظم شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله أصل عظيم من آكد الأصول الإسلامية وأوجبها وألزمها، حتى ألحقه بعض العلماء بالأركان التي لا يقوم بناء الإسلام إلا عليها، وإنما أرسلت الرسل وأنزلت الكتب للأمر بالمعروف الذي رأسه وأصله التوحيد، وللنهي عن المنكر الذي رأسه وأصله الشرك والعمل لغير الله، وشرع الجهاد لأجل ذلك، وإن كان الجهاد قدرًا زائدًا على مجرد الأمر والنهي.
إذ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله يتوقف قيام الدين، فلولاه ما قام الإسلام، ولا ظهر دين الله، ولا علت كلمته، ويتوقف أيضًا قيام الدولة الإسلامية واستقامتها وصلاحها على القيام به، كما أن صلاح العباد متوقف على القيام به.
وبيان ذلك: أن جماع الدين وجميع الولايات هو أمر ونهي، والأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف، والنهي الذي بعث الله به رسوله هو النهي عن المنكر، وبهذا نعت الله النبي والمؤمنين فقال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (1) وجميع الولايات -كولاية الحكم، وولاية الحرب، وولاية المال، وولاية الحسبة، وغيرها، إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وولي الأمر إنما نُصِّب ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهذا هو مقصود الولاية، ولهذا يجب على كل ولي أمر أن يستعين بأهل الصدق والعدل، فإن تعذر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل.
(1) سورة التوبة آية: 71.
بل إن صلاح العباد جميعهم يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ إن صلاح العباد ومعائشهم في طاعة الله ورسوله، ولا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس كما قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (1) ولا يرى تركه والمداهنة فيه إلا من أضاع حظه ونصيبه من العلم والإيمان، فما أَجَلَّ هذا الأصل وما أَعْظَمَهُ وأخطر شأنه في الإسلام؟ (2) .
(1) سورة آل عمران آية: 110.
(2)
انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ج28 ص75 -67 وص306، وانظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية جـ7 ص33 -34.