الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
مرتبتا تغيير المنكر أو طريقا الدعوة إلى الله
للدعوة إلى الله طريقان طريق اللين، وطريق الغلظة والقسوة.
ولتغيير المنكر مرتبتان مرتبة اللين، ومرتبة الشدة.
الطريق الأول: طريق اللين
وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإيضاح الأدلة في أحسن أسلوب وألطفه، وقد أرشد القرآن الكريم إلى هذه الطريق وأمر بها في قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1) أي: ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم، إلى سبيل ربك المستقيم، المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح بالحكمة، أي: ليكن بالوجه الحسن، برفق ولين وحسن خطاب، فأمره تعالى بلين الجانب كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (2) ومن الحكمة مراعاة الأحوال في المدعوين، كل أحد على حسب حاله وفهمه، وقبوله وانقياده، ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم.
(1) سورة النحل آية: 125.
(2)
سورة طه آية: 44.
ومن الحكمة البدء بالأهم فالأهم، وبهما يكون قبوله أتم، وبالرفق واللين، فإن انقاد بالحكمة وإلا انتقل معه إلى الدعوة بالموعظة الحسنة، وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، إما بما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها، والنواهي من المضار وتعدادها، وإما بذكر إكرام من قام بدين الله، وإهانة من لم يقم به، وما أعد الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل، وما أعد للعاصين من العقاب العاجل والآجل، فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق، أو كان داعية إلى الباطل، فيجادل بالتي هي أحسن، وهي الطريق التي تكون أدعى لاستجابته عقلًا ونقلًا، ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها، فإنه أقرب إلى حصول المقصود، بشرط أن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها، ولا تحصل الفائدة المرجوة منها، وليكن قصد الداعية هداية الخلق إلى الحق، لا المغالبة ونحوها (1) .
(1) انظر أضواء البيان جـ ص 174 - 175، وانظر تفسير ابن كثير جـ5 ص 102 وتفسير ابن سعدي جـ 4 ص 124 - 125.