الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد العدل الطناخي وغيره، وكان ملامتياً يلبس تارة لباس الحمالين، وتارة لباس التراسين، ولما مات وجدوا في داره نحو ثمانين ألف دينار مع أنه كان متجرداً من الدنيا، فوضعها نائب مصر في بيت المال. قال الشعراوي: اجتمعت مرة واحدة عقيب منام رأيته، وذلك أني سمعت قائلاً يقول لي في المنام: الشيخ علي الذويب قطب الشرقية هو، ولم أكن أسمع به أبداً، فسألت الناس عنه فقالوا لي: هذا رجل من أولياء الله تعالى له وجود. قال: وكان يمشي كثيراً على الماء، فإذا أبصره أحد اختفى، وكان يرى كل سنة بعرفة، ويختفي من الناس إذا عرفوه، ومات سنة سبع وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
علي النجار
علي النجار الشيخ المعمر، المقيم بباب الخلق من القاهرة قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: صحبته ساعة واحدة في سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة، وذلك أني كنت ماراً في الخليج الحاكمي أيام الصيف، فوجدته قائماً تحته قنطرة سنقر، وتحت رأسه حجر. فقلت له: السلام عليكم. فقال لي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته. قال: فجلست عنده، فقبض على أصابع يدي، فكاد أن يلصق بعضها لبعض. فقال لي: ما تقول في هذه القوة. فقلت: شديدة. فقال: هذه من لقيمات الزمن الذي أدركناه حال الصبا من الكسب الحلال، وأما لقمة هذا الزمن فإنها تجعل الجسم مثل النخالة من حيث المكاسب ثم قال: يا ولدي عمري الآن بلغ مئة وخمساً وثلاثين سنة قد تغير حال الناس في هذه الثلاث سنين الأخيرة أكثر ما تغير في عمري كله، قد صار ولدك كأنه ما هو ولدك وأخوك كأنه ما هو أخوك، وجارك كأنه عدوك، وصار الإنسان إذا نزلت به مصيبة لا تجد أحداً من الخلق يشكون له لأن الناس قسمان لا ثالث لهما: أحدهما شامت، والآخر قلبه فارغ، وصار الموت تحفة لكل مسلم كما ورد في كلام آخر، ولم يؤرخ الشعرواي وفاته بل قال: ولم أدر الآن أهو حي أو ميت.
علي البرلسي الخواص
على البرلسي الخواص، أحد العارفين بالله تعالى، وأستاذ الشيخ عبد الوهاب الشعراوي الذي أكثر اعتماده في مؤلفاته على كلامه. وطريقه. كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك كان يتكلم على الكتاب، والسنة، وأحوال
القوم، ومقاماتهم بكلام نفيس عال، ويتكلم على خواطر الناس ويكاشفهم، وكان يبيع الجميز وهو شاب عند الشيخ العارف بالله تعالى سيدي إبراهيم المتبولي في بركة الحاج خارج مصر، ثم أذن له الشيخ أن يفتح دكان زيات، فمكث فيها نحو أربعين سنة، ثم ترك ذلك، واشتغل بضفر الخوص إلى أن مات، وكان لا يمل من كسب أحد إلا أن علم ورعه وخوفه من الله تعالى، وكان يرد جميع ما يعطيه له القضاة والأمراء وأعوانهم، ثم قبل ذلك أواخر عمره، وكان يضعه عنده، ويفرقه على من مر بدكانه من العميان والشيوخ والعجائز الذين يسألون الناس، وكان يقول: ينبغي للفقير أن يكون كالبتاء يعرف موضع كل طوبة يضعها فيه، ورمدت عيناه رمداً شديداً، فدفع إليه شخص من معتقديه ثلاثة أنصاف وقال له: انفقها اليوم وأرح عينيك، فردها، وقال له: يا أخي أنا أضفر الخوص في هذا الحال ولا يعجبني أن آكل من كسبي، فكيف آكل من كسبك.! فقال: يا سيدي خاطري طيب بذلك. فقال: أنا خاطري ما هو طيب، وكان إذا وضع الحزمة من الخوص التي يدور عليها اليد يضفر ثلاثين قفة، فإن شعر به أحد قال له: أكتم علي الكل فعل الله تعالى، وكان له طب غريب يداوي به ذوي العاهات والأمراض المزمنة التي عجز عنها الأطباء، وكان يطوف على المساجد يوم الخميس والجمعة يكنسها وينظف أخليتها، ويحمل الكناسة إلى المزابل، وكان ينظف المقياس كل سنة صباح نزول النقطة، فيكشط سلمه من الطين، ثم ينزل يتوضأ ويصلي ركعتين، ثم يدعو ويبكي ويتضرع إلى الله تعالى في طلوع النيل يفعل ذلك كل سنة. قال الشعراوي: وكان يرسل وراءنا ذلك اليوم، ويقول: تعالوا زوروا محل نزول الرحمة لأهل مصر، ويأمرنا أن لا نخرج في الروضة ريحاً ولا نبول، ويقول: من كان له حاجة، فليفعل ذلك في ساحل مصر، ولا تطلبوا الروضة إلا على طهارة، وكان يأخذ معه ذلك النهار الأموال الجزيلة من ذهب وفضة وفلوس مخلوطة، فيفرق على كل من رآه من الفقراء حتى يرجع، وقد استوفى الشيخ عبد الوهاب أحواله في طبقاته، وأورد من كلامه في طريق الله تعالى جملة صالحة في الطبقات، وفي كتابيه المنن والأخلاق والجواهر والدرر وغيرها، وكان كلامه عالياً، وكان يذعن له ولكلامه جماعة من أجلاء علماء مصر كالشيخ ناصر الدين اللقاني، والشيخ شهاب الدين ابن السبكي، والشيخ شهاب الدين الرملي، وقاضي القضاة شهاب الدين الفتوحي، وكان يعجبه كلامه كثيراً. توفي - رحمه الله تعالى - في جمادى الآخرة سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة، ودفن