الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطريق، وشكى إليه مدة خاطراً فقال: يا سيلي يخطر لي أن طالما أوتي بالرجل سارقاً أو شارباً أو غير ذلك، فيقال لي: هو من جماعة الشيخ عمر وكنت أحب أن لو كانت جماعتك أخياراً. فقال له: يا عيسى، وكان هذا خطابه في الغالب لو أن إنساناً جاء إلى معلم نجار، ومعه ضبة منجورة محكمة الصناعة، لا تحتاج إلى شيء أصلاً فقال له: اعمل لي هذه الضبة أما كان يتعجب منه. ويقول له: وما أصنع فيها، وهي ضبة تامة الصناعة محكمة متقنة لا تحتاج إلى إصلاح ما هذا إلا عبث قال: نعم قال: فلو جاء بقطعة خشب غير مصنوعة فقال اعمل لي هذه ضبة محكمة ماذا كان يصنع بها. قال: كان يبادر، ويصنعها قال: ولذلك لو جاءني الكمل مثل فلان وفلان وعدد جماعة من كمل العلماء والصالحين، ما كانوا يحتاجون إلي وإنما يجيئني هؤلاء الذي تذكر لأنهم يحتاجون إلى إصلاحهم وتربيتهم، فأعجب عيسى باشا جوابه وقال. الشيخ موسى الكناوي: لما حضر الشيخ محمد ابن الشيخ علوان إلى دمشق، ونزل عند الشيخ عمر بمنزله عند جامع التوبة بمحلة العقيبة خارج دمشق، كنت أنا ممن حضره للسلام عليه، وسماع كلامه في التصوف: فتكلم بكلام سرده سرداً كالمحفوظ عنده، ونزل بعضه على أبيات من ألفية بن مالك في النحو فقال في قوله:" فالثاني أولى عند أهل البصرة " أي عند أهل البصيرة عند أهل البصائر، فثقل كلامه علي وعلى كثير من الحاضرين، وسبب ذلك قوة كلامه، وشدة فهمه على الحاضرين " فسكت الشيخ محمد ابن الشيخ علوان، وأتوا بالشيخ عمر فتكلم بكلام صادر عن عمل وفوق أفارتحت أنا وكثير ممن الحاضرين من أصحاب الشيخ عمر إلى كلام الشيخ عمر وكانوا فوق مائتي نفس، فرحمه الله ورضي عنه، وكان وفاة الشيخ عمر في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، ودفن بزاويته، وحدثني شيخنا مفتي السادة الشافعية بدمشق نفع الله تعالى به قال: ظهر في الشمس تغير، وظلمة تشبه الكسوف يوم موت الشيخ عمر العقيبي رحمه الله تعالى.
عيسى بن محمد الصفوي
عيسى بن محمد بن عبد الله بن محمد السيد الشريف العلامة المحقق المدقق الفهامة أبو الخير قطب الدين الحسيني الإيجي الشافعي الصوفي المعروف بالصفوي، نسبة إلى جده لأمه السيد صفي الدين والد الشيخ معين الدين الإيجي صاحب التفسير، كان مولده في سنة تسعمائة واشتغل في النحو والصرف على أبيه، وتفقه به في المحرر وأخذ عنه الرسالة الصغرى والكبرى للسيد الشريف الجرجاني في المنطق وهما اللتان عملهما مؤلفهما لولده محمد، وسماهما بالغرة والمرة، ثم لازم الشيخ أبا الفضل
الكازواني الصديقي القرشي، صاحب الحاشية على تفسير البيضاوي، والشرح على إرشاد القاضي شهاب الدين الهندي ست سنين بكجرات من بلاد الهند، فقرأ عليه المختصر والمطول مع حاشية الشريف إلى باب القصر، وشرح الطوالع والتجريد، مع حاشية الدواني وأجاز له، ثم فارقه وسمع بالهند أيضاً على أبي الفضل الاستراباذي، أشياء بقراءة غيره، ورحل إلى دلي، وحضر مجلس العلماء بها عند السلطان إبراهيم بن السلطان إسكندر شاه، وبحث معهم فظهر فضله وأكرمه السلطان وأدرك الجلال الدواني، وأجاز له، ثم حج وجاور بمكة المشرفة سنين، وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وصحب بالمدينة الشيخ الصالح الزاهد المعمر أحمد بن موسى النبتيتي المجاور بها، فلقنه الذكر، وصافحه، وشابكه وأرخى له العذبة، وأذن له في ذلك وأخبره أنه تلقى ذلك من جماعة منهم جده لأمه السيد معين الدين الصفوي، تجاه وجه النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع وتسعمائة عن والده السيد صفي الدين، عن الشيخ زين الدين الخوافي، وذكر له أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ثم دخل دمشق في حدود سنة تسع - بتقديم التاء - وثلاثين وتسعمائة فأخذ عنه جماعة من أهل دمشق وحلب، ودرس بدمشق في شرح الكافية، للعلامة الرضي وكان يعتمد على كلام الشيخ جمال الدين بن مالك، ولا يعتمد على كلام الشيخ جمال الدين بن هشام الأنصاري، وزار بدمشق مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام ببرزة، وضريح سعد بن عبادة وأبي مسلم الخولاني، وتميم الداري، والسيد مدرك، والسيدة زينب، والشيخ محيي الدين بن العربي، وغيرهم من الصالحين، وزار بيت المقدس، وسافر إلى الروم مرتين وأنعم عليه السلطان سليمان رحمه الله تعالى بخمسين عثمانياً في خزينة مصر، وأدخل في المرة الثانية على السلطان، وأوصي أن لا يجهر بالسلام كما هو المعروف، فلما دخل على السلطان جهر بالسلام عملاً بالسنة، فأكرمه السلطان، وزاد في جامكيته عشرين عثمانياً وأنعم على أولاده، وأولاد أولاده بأربعة وعشرين عثمانياً تجري عليهم إلى انقطاع النسل، ثم رجع إلى حلب، فقدمها الشيخ محمد الإيجي نزيل دمشق للقائه، وعادا جميعاً إلى دمشق وكان ممن أخذ عنه بحلب، وتلقن منه الذكر، ولبس الخرقة الشيخ رضي الدين بن الحنبلي مؤرخ حلب، ثم رحل السيد قطب الدين عيسى إلى مصر واستوطنها، ولما حج شيخ الإسلام والدي في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة من طريق مصر، ودخل مصر يوم الخميس رابع جمادى الأولى، حضر السيد عيسى للسلام عليه، فيمن حضر من شيوخ مصر القاهرة وأعيانها إذ ذاك، وكان في صحبة الوالد ولده الأخ العلامة شهاب الدين، فكتب الأخ شرح الكافية، من تأليفات السيد المشار إليه، وقرأه عليه وأخذ عنه، وللسيد مؤلفات منها شرح الكافية المذكور، وهو شرح مختصر وشرح الغرة للسيد الشريف الجرجاني في المنطق وشرح الفوائد الغياثية في المعاني والبيان قال ابن الحنبلي: وهو مما لم يكمله
ومختصر النهاية لابن الأثير في نحو نصف حجمها وتفسير من سورة عم إلى آخر القرآن وكان مع ما كان عليه من العلم والتحقيق يحب الصالحين ويميل إلى بر الفقراء، وزيارة قبور الأولياء، حتى رحل من حلب إلى بغداد لزيارة أوليائها، وكان له مزيد اعتقاد في سيدي محمد بن عراق، وله قصة في تغسيله، وحمل سريره تقدمت في ترجمته في الطبقة الأولى، ومما اتفق أن تلميذ السيد قطب الدين عيسى المذكور، وهو الشيخ محمد الكيلاني الصوفي التروسي، رآه ذات ليلة في المنام، وحوله جماعة في مكان لطيف قال: فقيل لي إنه القطب ثم غاب عني ساعة فقلت في نفسي إن من شأن القطب أن يغيب عن العين، ويظهر تارة أخرى قال: فظهر لي قال: فجئته صبيحة الرؤيا، وكنت قد انقطعت عنه في يوم أرسل فيه ورائي لأتغدى عنده فلم يمكنني التوجه إليه، فبادر بقوله:
إنك قد انقطعت عنا نهاراً أما ليلاً فلا، وكتب إليه ابن الحنبلي وهو بمكة: ك قد انقطعت عنا نهاراً أما ليلاً فلا، وكتب إليه ابن الحنبلي وهو بمكة:
من محب مشتاق في كل آن
…
لأناس مقرهم في الجنان
ذكرهم في مجالس الأنس أغنى
…
عن سماع الغنا وذكر الغواني
هو بالتادفي غدا ذا اشتهار
…
واقتداء بمذهب النعمان
حلبي ولادة ومقاماً
…
قد تسمى أبوه بالبرهان
لشريف وسيد صفوي
…
هو للقطب إذ أضاء مدان
بل هو القطب في الوجود فحاول
…
دعوة منه لاجتلاب التهاني
نير الوجه صالح ذو علوم
…
دونها في جلائها النيران
سار نحو الشمال والروم قدماً
…
فبدا القطب طائراً عن عنان
بل بدت شمس فضله كنضار
…
وبدت أنجم الهدى كالجمان
ثم نحو الحجاز سار فقلنا
…
من نواه فوات نيل الأمان
ورأينا أمراً عجيباً غريباً
…
ما رأيناه في قديم الزمان
كان قطب الشمال حساً فأضحى
…
إثر ذاك المسير قطب يمان
جمع الله شملنا وأرانا
…
وجهه في سلامة وأمان
وغدا نجله السعيد سعيداً
…
معرباً عن صلاحه الأصغران
ما مضى للحجاز قوم وزاروا
…
حجرة المصطفى الرفيع المكان
صلوات عليه ثم سلام
…
دائم ما تعاقب الملوان
وعلى الآل والصحاب جميعاً
…
وعن التابعين كل أوان