الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يخادعون الله وهو خادعهم) فلا تصح بأن تصف الله بأنه خادع أو مخادع على وجه الإطلاق قل خادع من يخادعه كذلك المستهزئ لا يصح أن نقول الله مستهزئ على سبيل الإطلاق بل نقول مستهزئ بمن يستهزئ به وكذلك الكيد نقول إن الله لا يكيد على أحد إلا من كاد عليه لقوله تعالى (إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً)
القسم الرابع: - مالا يصح أن ينسب لله إطلاقاً وهو ما تضمن نقصاً مطلقاً فهذا لا يصح أن يضاف إلى الله إطلاقاً مثل الخائن والعياذ بالله هذا لا يمكن أن نصف الله به مطلقاً ا. هـ.
ثانياً: الأسماء المقترنة
(1)
من يقرأ كتاب الله عز وجل يلاحظ اقتران أسماء الله الحسنى بعضها ببعض نحو الغنى الحميد والسميع البصير فما سر هذا الاقتران؟
إن كل اسم من أسماء الله تعالى يتضمن صفة من صفاته سبحانه وكل صفة من صفاته صفة كمال فإذا اقترنت صفة كمال بصفة كمال أخرى نشأ عن ذلك كمال آخر غير الكمال الذي يدل عليه الاسم الواحد والصفة الواحدة مثال ذلك (الغفور الرحيم) فالمغفرة صفة كمال والرحمة صفة كمال آخر واقتران مغفرته برحمته كمال ثالث فيستحق سبحانه الثناء على مغفرته والثناء على رحمته والثناء على اجتماعهما
أضف إلى ما سبق أن اقتران الصفات الإلهية ببعضها كمال عظيم ينشأ منه خير وفضل يحتاجه ويفيد منه العباد، كاقتران الغنى بالكرم مثلاً في قوله تعالى (فإن ربي غني كريم) [النمل: 40] إذ من المعلوم أنه ليس كل غني كريماً وليس كل كريم غنياً وإنك لن تفيد من الغني إذا كان بخيلاً ولا من الكريم إذا كان فقيراً وليس هناك من غني كريم غناه تام وكرمه تام إلا الله تعالى الأمر الذي يدفع بالعبد إلى الاعتماد عليه سبحانه وحده ورجائه دون غيره.
(1)
…
من معالم التوحيد د. مروان القيسي ص 209
إن ما سبق ليس سوى توضيح للكمال الذي ينشأ من اقتران الغنى بالكرم ولا ريب أن هناك كمالات أخرى عظيمة تنشأ من اقتران أسماء إلهية أخرى بعضها ببعض.
ومما ورد ذكره من الأسماء الحسنى مقترنا في القرآن الكريم:
1 -
الله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين: الفاتحة
2 -
الله أحد الله الصمد: الإخلاص
3 -
البر الرحيم: الطور:28
4 -
التواب الرحيم: البقرة: 128
5 -
الحق المبين: النور: 25
6 -
الحكيم الحميد: فصلت: 42
7 -
الحكيم الخبير: الأنعام: 18
8 -
الحكيم العليم: الحجر: 25
9 -
…
الحليم الغفور: الإسراء: 44
10 -
الحميد المجيد: هود: 73
11 -
الحي القيوم: البقرة: 255
12 -
الخبير البصير: الإسراء: 17
13 -
الخالق البارئ المصور: الحشر: 24
14 -
الخلاق العليم: الحجر: 86
15 -
الرب الرحيم: يس: 58
16 -
الرؤوف الرحيم: البقرة: 143
17 -
الرحمن الرحيم: الفاتحة
18 -
الرحيم الغفور: سبأ: 2
19 -
الرحيم الودود: هود: 90
20 -
السميع البصير: الشورى: 11
21 -
السميع العليم: آل عمران: 34
22 -
السميع القريب: سبأ: 50
23 -
الشاكر العليم: النساء: 147
24 -
الشكور الحليم: التغابن: 17
25 -
العليم الحليم: الحج: 59
26 -
العليم الحكيم: الأنفال: 71
27 -
العليم القدير: الشورى: 50
28 -
العليم الخبير: التحريم:3
29 -
العفو الغفور: النساء: 43
30 -
العفو القدير: النساء: 149
31 -
العزيز الوهاب: ص: 9
32 -
العزيز الحكيم: آل عمران: 62
33 -
العزيز الحميد: إبراهيم: 1
34 -
العزيز الرحيم: الشعراء: 217
35 -
العزيز العليم: غافر: 2
36 -
العزيز الغفور: الملك: 2
37 -
العزيز الغفار: ص: 66
38 -
العزيز المقتدر: القمر: 42
39 -
العلي الحكيم: الشورى: 51
40 -
العلي الكبير: الحج: 62
41 -
العلي العظيم: الشورى: 4
42 -
الغفور الحليم: آل عمران: 155
43 -
الغفور الشكور: الشورى: 23
44 -
الغفور الرحيم: البقرة: 218
45 -
الغني الكريم: النمل: 40
46 -
الغني الحميد: البقرة: 267
47 -
الغني الحليم: البقرة: 263
48 -
الفتاح العليم: سبأ: 26
49 -
القوي العزيز: هود: 66
50 -
القريب المجيب: هود: 61
51 -
اللطيف الخبير: الأحزاب: 34
52 -
الملك الحق: طه: 114
53 -
الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر: الحشر: 23
54 -
الملك القدوس العزيز الحكيم: الجمعة: 1
55 -
المليك المقتدر: القمر: 55
56 -
الواسع الحكيم: النساء: 130
57 -
الواسع العليم: آل عمران: 73
58 -
الواحد القهار: الرعد: 16
59 -
الولي الحميد: الشورى:28
ومما ورد ذكره من الأسماء الإلهية مقترناً في السنة النبوية:
- التواب الغفور (1)
(1) لما رواه ابن عمر قال (إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: " رب أغفر لى وتب على إنك أنت التواب الغفور مائة مرة) أخرجه أحمد (2/21) و (2/67) و (2/84) وصححه الألباني في " الأحاديث الصحيحة "(556)
- الرحيم الحيي الكريم (1)
- الحيي الستير (2)
- العظيم الحليم (3)
ولعل الله ييسر لمن يفرد بحثاً في توضيح وجه الكمال في اقتران الأسماء في الكتاب والسنة.
وللإمام ابن القيم كلام جميل في الحكمة من اقتران أسماء الله تعالى
وختم الآيات بها أنقلها للفائدة فقال: رحمه الله: " أمر سبحانه بتدبر كلامه والتفكر فيه، وفي أوامره ونواهيه وزواجره ولولا ما تضمنه من الحكم والمصالح والغايات المطلوبة والعواقب الحميدة، التي هي محل الفكر لما كان للتفكر فيه معنى وإنما دعاهم إلى التفكر والتدبر ليطلعهم ذلك على حكمته البالغة وما فيه من الغايات والمصالح المحمودة التي توجب لمن عرفها إقراره بأنه تنزيل من حكيم حميد.
فإن ما في خلق الله وأمره من الحكم والمصالح المقصودة بالخلق والأمر والغايات الحميدة أمر تشهد به الفطر والعقول ولا ينكره سليم الفطرة.
ويذكر تعالى هذين الاسمين عند ذكر مصدر خلقه وشرعه تنبيهاً على أنهما إنما صدرا عن حكمة مقصودة مقارنة للعلم المحيط التام لقوله: (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم)[النمل: 6]
وقوله: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم)[الزمر: 1]
(1) لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله رحيم حيي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع فيهما خيراً) أخرجه الحاكم عن أنس وهو في صحيح الجامع الصغير (1768) .
(2)
رواه أبو داود برقم (4012) ، والنسائي (1/70) ، والبيهقي (1/198) .
(3)
لما رواه مسلم (48/83) عن ابن عباس (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم) .
فذكره العزة المتضمنة لكمال القدرة والتصرف، والحكمة المتضمنة لكمال الحمد والعلم.
وقوله: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم)[المائدة: 38]
وسمع بعض الأعراب قارئاً يقرؤها (والله غفور رحيم) فقال: ليس هذا كلام الله، فقال: أتكذب بالقرآن؟ فقال: لا ولكن لا يحسن هذا فرجع القارئ إلى خطئه فقال: (عزيز حكيم) فقال: صدقت
وإذا تأملت ختم الآيات بالأسماء والصفات وجدت كلامه مختتماً بذكر الصفة التي يقتضيها ذلك المقام حتى كأنها ذكرت دليلاً عليه وموجبة له وهذا كقوله: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)[المائدة: 118] أي: فإن مغفرتك لهم مصدر عن عزة هي كمال القدرة لا عن عجز وجهل.
وقوله: (ذلك تقدير العزيز العليم)[يس: 38وفصلت: 12والزخرف:9] في عدة مواضع من القرآن يذكر ذلك عقيب ذكره الأجرام العلوية وما تضمنه من فلق الإصباح وجعل الليل سكناً وإجراء الشمس والقمر بحساب لا يعدوانه وتزيين السماء الدنيا بالنجوم وحراستها وأخبر أن هذا التقدير المحكم المتقن صادر عن عزته وعلمه ليس أمراً اتفاقياً لا يمدح به فاعله ولا يثنى عليه به كسائر الأمور الاتفاقية
ومن هذا ختمه سبحانه قصص الأنبياء وأممهم في سورة الشعراء عقيب كل قصة: (وإن ربك لهو العزيز الرحيم)[الشعراء: 9، 68، 104، 122، 140، 159، 175، 191] فإن ما حكم به لرسله وأتباعهم ولأعدائهم صادر عن عزة ورحمة فوضع الرحمة في محلها وانتقم من أعدائه بعزته ونجى رسله وأتباعهم برحمته والحكمة الحاصلة من ذلك أمر مطلوب مقصود وهي غاية الفعل لا أنها أمر اتفاقي.
وأخبر تعالى بأن حكمه أحسن الأحكام وتقديره أحسن التقادير ولولا
مطابقته للحكمة والمصلحة المقصودة المرادة لما كان كذلك إذ لو كان حسنه لكونه مقدوراً معلوماً كما يقوله النفاة لكان هو وضده سواء فإنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير فكان كل معلوم مقدور أحسن الأحكام وأحسن التقادير وهذا ممتنع قال تعالى: (ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)[المائدة: 50] وقال: (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)[النساء: 125] فجعل هذا أن يختار لهم ديناً سواه ويرتضي ديناً غيره كما يمتنع عليه العيب والظلم.
وقال تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)[فصلت: 33]
وقال: (فقدرنا فنعم القادرون)[المرسلات: 23]
وقال: (فتبارك الله أحسن الخالقين)[المؤمنون: 14]
فلا أحسن من تقديره وخلقه لوقوعه على الوجه الذي اقتضته حكمته ورحمته وعلمه.
وقال تعالى: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)[الملك: 3]
ولولا مجيئه على أكمل الوجوه وأحسنها ومطابقتها للغايات المحمودة والحكم المطلوبة لكان كله متفاوتاً أو كان عدم تفاوته أمراً اتفاقياً لا يحمد فاعله لأنه لم يرده ولم يقصده وإنما اتفق أن صار كذلك.
وتأمل حكمه القرآن كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ: السميع العليم (1) في الأعراف وحم السجدة
وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذين يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ السميع البصير في سورة حم المؤمن فقال: (إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ
(1) قال تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم)[الأعراف: 200] وقال عز وجل: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)[فصلت: 36] 0
بالله إنه هو السميع البصير) [غافر: 56] لأن أفعال هؤلاء معاينة ترى بالأبصار وأما نزغ الشيطان فوساوس وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يرى بالبصر ويدرك بالرؤية. كما جرت عادة القرآن بتهديد المخاطبين وتحذيرهم بما يذكره من صفاته
التي تقتضي الحذر والاستقامة كقوله: (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)[البقرة: 209] وقوله: (من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعاً بصيراً)[النساء: 134]
والقرآن مملوء من هذا وعلى هذا فيكون في معنى ذلك أني أسمع ما يردون به عليك وما يقابلون به رسالاتي، وأبصر ما يفعلون، ولا ريب أن المخاطبين بالرسالة بالنسبة إلى الإجابة والطاعة نوعان: أحدهما قابلوها بقولهم: صدقت، ثم عملوا بموجبها، والثاني قابلوها بالتكذيب ثم عملوا بخلافها، فكانت مرتبة المسموع منهم قبل مرتبة البصر فقدم ما يتعلق به على ما يتعلق بالمبصر
اقتران الواسع بالعليم:
قال تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم)[البقرة: 261]
وقد ختم الآية باسمين من أسمائه الحسنى مطابقين لسياقها وهما الواسع والعليم فلا يستبعد العبد هذه المضاعفة ولا يضيق عنها عطنه (1) فإن المضاعف واسع العطاء واسع الغنى واسع الفضل ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها لكل منفق فإنه عليم بمن تصلح له هذه
(1)" عطنه ": العطن: المناخ حول الورد أي مبرك الإبل ومربض الغنم عند المساء. وفلان ضيق العطن: أي قليل الصبر والحيلة عند الشدائد، بخيل
المضاعفة وهو أهل لها، ومن لا يستحقها ولا هو أهل لها، فإن كرمه وفضله لا يناقض حكمته بل يضع فضله مواضعه لسعته ورحمته ويمنعه من ليس من أهله بحكمته وعلمه.
اقتران الغني بالحليم:
قال تعالى: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم)[البقرة: 263]
وختم الآية بصفتين مناسبتين لما تضمنته فقال: (والله غني حليم) وفيه معنيان:
أحدهما: أن الله غني عنكم لن يناله شيء من صدقاتكم وإنما الحظ الأوفر لكم في الصدقة فنفعها عائد عليكم لا إليه سبحانه وتعالى فكيف يمن بنفقته ويؤذي مع غنى الله التام عنها وعن كل ما سواه ومع هذا فهو حليم إذ لا يعاجل المنان بالعقوبة وفي ضمن هذا الوعيد والتحذير
والمعنى الثاني: أنه سبحانه وتعالى مع غناه التام من كل وجه فهو الموصوف بالحلم والتجاوز والصفح مع عطائه الواسع وصدقاته العميمة فكيف يؤذي أحدكم بمنه وأذاه مع قلة ما يعطي ونزارته وفقره.
ولكمال غناه استحال إضافة الولد والصاحبة والشريك والشفيع بدون إذنه إليه ولكمال عظمته وعلوه وسع كرسيه السموات والأرض ولم تسعه أرضه ولا سمواته، ولم تحط به مخلوقاته بل هو العالي على كل شيء وهو بكل شيء محيط ولا تنفد كلماته ولا تبدل ولو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مداداً وأشجار الأرض أقلاماً فكتب بذلك المداد وبتلك الأقلام لنفد المداد وفنيت الأقلام ولم تنفد كلماته إذ هي غير مخلوقة (1)
(1) أسماء الله الحسنى للإمام ابن القيم جمع وترتيب يوسف على وأيمن عبد الرزاق ص 296-301.
القاعدة الثانية (1)
أسماء الله تعالى أعلام (2) وأوصاف (3)
أعلام باعتبار دلالتها على الذات (4) وأوصاف باعتبار ما دلت
(1) هذه القاعدة لبيان أن أسماء الله أعلام وأوصاف بخلاف أعلام البشر فإنها أعلام محضة ولهذا يقول الدارمي في رده على بشر المريسي (1/162) وقد يسمى الرجل حكيماً وهو جاهل، وحكماً وهو ظالم، وعزيزاً وهو حقير، وكريماً وهو لئيم، وصالحاً وهو طالح، وسعيداً وهو شقي، ومحموداً وهو مذموم، وحبيباً وهو بغيض، وأسداً، وحماراً، وكلباً، وجدياً، وكليباً وهراً وحنظلة وعلقمة وليس كذلك ا. هـ ونظير هذا شيئان:
أ) أعلام النبي صلى الله عليه وسلم فإنها أعلام وأوصاف
انظر في ذلك شرح شفا القاضي عياض للملا علي قاري (1/485، 514) ، ونسيم الرياض شرح شفا القاضي عياض للخفاجي (2/380، 392) والمواهب اللدنية للقسطلاني (2/10) وشرحها للزرقاني (3/112) وسبل الهدي والرشاد للصالحي (1/400)
قال ابن القيم في زاد المعاد (1/86) عن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أنها كلها نعوت ليست أعلاماً محضة لمجرد التعريف بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال ا. هـ
وقال الزرقاني في شرح المواهب (3/113) عن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أن كلها تدل على معان شريفة ولذا قال ابن القيم أن محمداً علم وصفة في حقه صلى الله عليه وسلم وان كان علماً محضاً في حق غيره وهذا شأن أسمائه كأسماء الله أعلام دالة على معان هي أوصاف مدح فلا تضاد فيها العلمية الوصفية ولما كانت الأسماء قوالب المعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب وأن لا تكون معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه بل للأسماء تأثير في المسميات وللمسميات تأثير في أسمائها في الحسن والقبح والثقل واللطافة والكثافة كما قيل
وقل إن أبصرت عيناك ذا لقب
…
إلا ومعناه ان فكرت في لقبه
ب) أسماء القرآن وانظر في ذلك البرهان للزركشي (1/273) والإتقان للسيوطي (1/159) والتبيان لطاهر الجزائري اعتنى به الشيخ أبو غدة رحمه الله ص 155، والتدمرية لشيخ الإسلام وشرحها لفالح آل مهدي ص226
(2)
…
العلم هو الذي يعين مسماه مطلقاً من غير قرينة وقد قال ابن مالك: اسم يعين المسمى مطلقاً
…
علمه كجعفر وخرنقا
(3)
سيأتي معنى الوصف والفرق بينه وبين الاسم في الملحق
(4)
الذات لها معان سنذكرها في الملحق والمراد هنا ما قام بنفسه.
عليه من المعاني وهي بالاعتبار الأول (1) مترادفة (2) لدلالتها على مسمى واحد وهو الله عز وجل وبالاعتبار الثاني (3) متباينة (4) لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ " الحي العليم القدير السميع البصير الرحمن الرحيم العزيز الحكيم " كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه وتعالى لكن معنى الحي غير معنى العليم غير معنى القدير وهكذا (5)
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليه (6) كما في قوله تعالى (وهو الغفور الرحيم)[الأحقاف:8]
(1) أي باعتبار دلالتها على الذات فإنها مترادفة لأن العليم بمعنى السميع بمعنى البصير وهكذا لدلالته على مسمى واحد
(2)
الترادف هو الألفاظ الكثيرة لمعنى واحد مثل: أسد وليث، وقمح وبر وحنطة وهكذا
انظر شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 31 وشرح المنهاج للجاربردي (1/306) وشرح مختصر ابن الحاجب للأصفهاني (1/175)
(3)
أي باعتبار ما تدل عليه من المعاني فإنها متباينة لأن السمع غير البصر وهكذا
قال في مراقي السعود:
اللفظ والمعنى إذا تعددا
…
معاً تباين كراح واغتدا
انظر شرح الولاتي على المراقي ص24وانظر شرح النونية لابن عيسى (2/252)
(4)
التباين هو الاختلاف بين الألفاظ باعتبار تعدد معناها.
مثل: حديد، كتاب، سماء، سيف
انظر توضيح المنطق للمدلوح ص30
وقال في مراقي السعود المطبوع مع شرح الولاتي ص26:
وما يرى لنوع ذا يخالف
…
كالبر والقمح هو المرادف
وليس منه ما به لمقصد
…
زيادة كالسيف والمهند
(5)
يقول الإمام ابن القيم في كتاب الأسماء الحسنى الذي جمعه يوسف بن علي ص 255:
اختلف النظار في هذه الأسماء: هل هي متباينة نظراً إلى تباين معانيها وأن كل اسم يدل على معنى غير ما يدل الآخر أم هي مترادفة لأنها تدل على ذات واحدة فمدلولها لا تعدد فيه وهذا شأن المترادفات؟ والنزاع لفظي في ذلك.
والتحقيق أن يقال: هي مترادفة بالنظر إلى الذات متباينة بالنظر إلى الصفات وكل اسم منها يدل على الذات الموصوفة بتلك الصفة بالمطابقة وعلى أحدهما وحده بالتضمن وعلى الصفة الأخرى بالالتزام.
وانظر التدمرية لشيخ الإسلام وشرحها لفالح آل مهدي ص226
(6)
ذكر المؤلف الأدلة على أن أسماء الله أعلام وأوصاف من القرآن ولإجماع أهل اللغة = = والعرف وسيأتي للمسألة مزيد من التفصيل في الملحق.
انظر تمهيد الأوائل للباقلاني ص 228 وتبصرة الأدلة في أصول الدين لأبي المعين النسفي (1/201إلى 209)
وقوله: (وربك الغفور ذو الرحمة)(1)[الكهف: 58] فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم ولا سميع إلا لمن له سمع ولا بصير إلا لمن له بصر وهذا أمر أبين من أن يحتاج
إلى دليل (2) .
وبهذا علم ضلال من سلبوا (3) أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل (4) وقالوا: " إن الله تعالى سميع بلا سمع وبصير بلا بصر وعزيز بلا
(1)
…
والشاهد من الآية قوله (ذو الرحمة) وقد ذكر المفسرون أن معناها: صاحب الرحمة أي أن الرب موصوف بها، ففرق بين الرحيم وبين (ذو الرحمة) تأكيداً لإثبات الصفة لله
يقول الآلوسي في تفسيره (15/305) : وعلى هذا يكون ذو الرحمة أبلغ من كل واحد من الرحمن الرحيم وإن كانا معا أبلغ منه ولذا جاء بهما في البسملة دونه، ومن أنصف لم يشك في أن قولك فلان ذو العلم أبلغ من قولك فلان عليم بل ومن قولك: فلان العليم من حيث أن الأول يفيد أنه صاحب ماهية العلم ومالكها ولا كذلك الأخيران ا. هـ
وقد أول الخلف صفة الرحمة إما بالإنعام أو بإرادة الأنعام.
وانظر الرازي (21/121) وحاشية الشهاب على البيضاوي (6/198)
⦗ص: 28⦘
_
(2)
وهو كما قال المؤلف حفظه الله، وللنسفي في التبصرة تفصيل في ذلك.
وقال في مراقي السعود:
وعند فقد الوصف لا يشتق
…
وأعوز المعتزلي الحق
يعني أن الذات إذا لم تتصف بالمصدر فلا يصح الاشتقاق لها منه فلا يصح اشتقاق الضارب لمن لم يقم منه ضرب أصلاً ولا اشتقاق الأسود لمن لم يقم به سواد خلافاً للمعتزلة القائلين بجواز ذلك مع عدم اتصاف الذات بالمصدر
انظر نثر الورود للشنقيطي (1/129) وأقاويل الثقات للشيخ مرعي الكرمي ص 67
(3)
…
السلب بمعني النفي أي نفوا المعاني والصفات من أسماء الله
انظر التحفة المهدية شرح التدمرية لفالح المهدي ص 50
(4)
من المعتزلة والفلاسفة وغيرهما الذين نفوا الصفات
والتعطيل لغة: التفريغ وفي الاصطلاح هنا: إنكار ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات أو ِإنكار بعضه فهو نوعان:
تعطيل كلي كتعطيل الجهمية الذين أنكروا الصفات وغلاتهم ينكرون الأسماء أيضاً =
عزة وهكذا " (1) .
وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء (2) وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع (3) والعقل على بطلانها.
* أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنه الواحد الأحد فقال تعالى (إن بطش ربك لشديد * إنه هو يبدىء ويعيد * وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد * فعال لما يريد)(4)[البروج: 12-16]
= ب - تعطيل جزئي كتعطيل الأشعرية الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض وأول من عرف بالتعطيل من هذه الأمة هو الجعد بن درهم.
(1)
…
ذهب جمهور المعتزلة إلى أن الله عالم بالذات لا بعلم زائد على الذات وهكذا في بقية الصفات ولهذا قالوا: عليم بلا علم، سميع بلا سمع إذ لو أنكروا أن الله يعلم لكفرهم المسلمون فهم يثبتون الاسم والأثر وينفون الصفة كما سيأتي في القاعدة الثالثة.
وذهب أبو الهذيل العلاف إلى أن الله عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته، حي بحياة وحياته ذاته، كذا في الملل للشهرستاني (1/50) ونقل الأشعري في المقالات (1/265) عن أبي الهذيل أنه يقول: لله علم هو هو وقدرة هي هو وحياة هي هو وسمع هو هو وكذلك في سائر صفات الذات
قال الشهرستاني في الملل (1/50) = والفرق بين قول القائل: عالم بذاته لا بعلم وبين قول القائل: عالم بعلم هو ذاته: أن الأول نفي الصفة والثاني إثبات ذات هو بعينة صفة أو إثبات صفة هي بعينها ذات
وقد ذكر الجويني في الإرشاد ص 101 أن قول أبي الهذيل يعد من فضائحه وتناقضاته
وسيأتي التعليق على مسألة هل الصفة زائدة على الذات بعد الانتهاء من قواعد الأسماء عند كلامنا على أن الأسماء ليست مخلوقة
(2)
…
ولهذا كان يقول واصل بن عطاء كما في الملل (1/46) : إن من أثبت معنى صفة قديمة فقد أثبت إلهين
ونقل الشهرستاني في نهاية الأقدام في علم الكلام (ص: 191: إن المعتزلة تأثروا بالفلاسفة في نفيهم للصفات ا. هـ.
والقديم: يطلق على أمرين:
أ - المتقدم على غيره فيقال: هذا قديم للعتيق.
الأزلي فيقال: الله قديم أي أزلي ولهم حجة أخرى هي أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه وسيأتي الرد عليها.
(3)
…
السمع هو القرآن والسنة وسيمر بك هذا التعبير كثيراً فتنبه له قاله المؤلف.
(4)
…
في هذه الآية وصف الله نفسه بالبطش وأنه الذي يبدىء ويعيد وأنه الغفور الودود وأنه
وقال تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى * والذي أخرج المرعى * فجعله غثاءً أحوى)(1)
[الأعلى: 1-5] ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء.
- وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات (2) بائنة (3) من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد وإنما هي من صفات من اتصف بها فهي قائمة به وكل موجود (4) فلابد له من تعدد صفاته ففيه صفة الوجود (5)
= صاحب العرش وأنه المجيد وأنه الفعال.
ملاحظة: اختلف القراء في كلمة المجيد فقرأ نافع وعاصم وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بالرفع على أنه صفة لقوله (ذو) وقرأ حمزة والكسائي والمفضل عن عاصم المجيد بالخفض على أنه نعت للعرش وهو قول الأزهرى كما في كتابه القراءات (2/763) واستظهره ابن أبي مريم في الموضح (3/1356) أو أنه صفة (لربك) كما هو قول أبي على الفارسي في الحجة (6/1393)
وانظر الخلاف في الكشف لمكي القيسي (2/369) ومشكل إعراب القرآن لمكي (2/809) والفريد للهمداني (4/653)
(1)
فوصف نفسه بأنه الأعلى وأنه الذي خلق وأنه الذي سوى وقدر وهدى وأخرج المرعى.
(2)
ذوات: خبر ليس منصوب بالكسرة.
(3)
أي منفصلة.
(4)
…
(أي حقيقة كما سيأتي في القاعدة الأولى من قواعد الصفات، إذ أن الوجود قسمان
أ) وجود ذهني وهو الذي يكون في الأذهان كالتصورات والخيالات التي تدور في النفس
ب) وجود خارجي ويسمى بالوجود العيني وهو الوجود المادي للشيء المتشخص في الأعيان كالشجر والحجر.
انظر تعريفات الجرجاني ص 104، كشاف التهانوي (4/301) ومنظومة السبزواري مع شرحها للمرتضي المطهري (1/205) والأجوبة المرضية لتقريب التدمرية لبلال الجزائري ص 35
(5)
…
ظاهر كلام المؤلف أن الوجود صفة لله ومشى عليه السفاريني في اللوامع (1/42) وللناس في ذلك أقوال: