المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ هل لازم المذهب مذهب: - المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى

[كاملة الكواري]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌منزلة العلم بأسماء الله وصفاته من الدين:

- ‌سبب تأليف هذا الكتاب:

- ‌ملحق المقدمة

- ‌أولاً: أنواع التوحيد

- ‌ دعاء المسألة ودعاء العبادة

- ‌الفصل الأولقواعد في أسماء الله تعالى

- ‌القاعدة الأولى:أسماء الله كلها حسنى

- ‌ملحق القاعدة الأولى

- ‌ تفصيل القول في كلام المؤلف (لا احتمالا ولا تقديراً)

- ‌ثانياً: الأسماء المقترنة

- ‌الدهر" ليس من أسماء الله تعالى

- ‌ملحق القاعدة الثانية

- ‌أولاً: الفرق بين الاسم والصفة

- ‌ثانياً: تقرير أن أسماء الله أعلام وأوصاف

- ‌ثالثاً معاني الذات:

- ‌رابعاً: حجة المعطلة والرد عليها

- ‌خامساً: الدهر

- ‌ملحق القاعدة الثالثة

- ‌ الفرق بين المتعدي واللازم

- ‌ملحق القاعدة الرابعة

- ‌ هل لازم المذهب مذهب:

- ‌ملحق القاعدة الخامسة

- ‌ملحق القاعدة السادسة

- ‌أولاً: هل أسماء الله محصورة

- ‌ثانياً: تحقيق حديث (أو استأثرت به في علم الغيب عندك)

- ‌ثالثاً: معنى الإحصاء الوارد في الحديث

- ‌رابعاً: طرق حديث تعيين الأسماء الحسنى:

- ‌خامساً: تحقيق حديث إن الله محسن

- ‌مراجع الكتاب

- ‌كتب العقيدة

- ‌كتب التفسير

- ‌علوم القرآن والقراءات

- ‌علوم اللغة

- ‌النحو

- ‌الأدب:

- ‌البلاغة:

- ‌المنطق والفلسفة

- ‌الفقه وأصوله

- ‌أصول الفقه

- ‌الحديث وشروحه

- ‌أسماء الرجال والتاريخ

- ‌مصطلح الحديث

- ‌كتب السيرة

الفصل: ‌ هل لازم المذهب مذهب:

ثالثاً:‌

‌ هل لازم المذهب مذهب:

قبل أن نذكر الخلاف في المسألة لابد أن نحرر محل النزاع كما ذكر المؤلف سابقاً.

1 -

لازم قول الله عز وجل ولازم قول الرسول صلى الله عليه وسلم قول لأن لازم قولهما حق كما سبق.

2 -

إذا التزم القائل باللازم أصبح قولاً له وإذا لم يلتزمه لم يكن قولاً له وقد سبق ذلك

3 -

إذا سكت عن اللازم فهل يكون قولاً أو مذهباً له أم لا؟

اختلف في هذا على أربعة أقوال: -

الأول: أنه ليس مذهباً له وقد سبق أدلة ذلك

قال الشاطبي في الاعتصام (2/64) :

ولازم المذهب: هل هو مذهب أو لا؟ هي مسألة مختلف فيها بين أهل الأصول. والذي كان يقول به شيوخنا البجائيون والمغربيون ويرون أنه رأى المحققين أيضاً: أن لازم المذهب ليس بمذهب.

الثاني: أن لازم المذهب مذهب وهو قول الأثرم والخرقي

انظر الفتاوى (35/289) ، والتخريج د. يعقوب ص 290

الثالث: إن لازم المذهب إن كان قريباً فهو مذهب، وإن كان بعيداً فليس مذهباً.

وقال الكوثري فيما نقله عنه السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص364

" وهذا الاستلزام بين وما يقال من أن لازم المذهب ليس بمذهب إنما هو فيما إذا كان اللزوم غير بين، فاللازم البين لمذهب العاقل مذهب له، وأما من يقول بملزوم مع نفيه للازمه البين فلا يُعَدُّ هذا اللازم مذهباً له لكن يسقطه هذا النفي من مرتبة العقلاء إلى درك الأنعام وهذا هو التحقيق في لازم المذهب

. " انتهى ما أردنا نقله 0

ص: 111

الرابع: التفصيل وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في الفتاوى (29/42) : لازم قول الإنسان نوعان:

أحدهما: لازم قوله الحق فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه فإن لازم الحق حق ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب.

والثاني: لازم قوله الذي ليس بحق فهذا لا يجب التزامه إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض وقد ثبت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين ثم أن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه لكونه قد قال ما يلزمه وهو لا يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه.

وهذا القول هو ظاهر كلام الشيخ ابن عثيمين في الكتاب للتعليل الذي ذكره كما سبق أن وضحنا وهذا هو الصواب لأمور

1 -

أن لازم القول الصحيح حق فلا تمتنع إضافته إلى المجتهد إذ لا ضرر يلحقه في ذلك.

أما اللازم الباطل فلو صحت نسبته للزم تكفير كثير من العلماء كما سبق.

2 -

أن التناقض ليس مستحيلاً على المجتهد لكثرة وقوعه كما سبق أن نقلنا عن شيخ الإسلام في ذلك

3 -

القول بأن لازم المذهب ليس مذهباً على الإطلاق يتعارض مع ما صنعه علماء المذاهب الأربعة من استنتاج مذاهب الأئمة من فتاواهم بطريق التلازم بين ما أفتوا فيه وسكتوا عنه.

4 -

إن كثيراً من اللوازم التي يحكيها العلماء هي ليست لوازم في الحقيقة ولهذا يقول ابن القيم في مختصر الصواعق ص 579

فيا لله كيف لا يستحي العاقل من المجاهرة بالكذب على أئمة الإسلام لكن عذر هذا وأمثاله أنهم يستجيزون نقل المذاهب عن الناس بلازم

ص: 112

أقوالهم، ويجعلون لازم المذهب في ظنهم مذهباً، كما نقل بعض هؤلاء المباهتين أن مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه أن الله لا يرى يوم القيامة، قال لأنه يقول أنه لا يرى إلا الأجسام وقد قام الدليل على أنه سبحانه وتعالى ليس بجسم، فلا يكون مرئياً على قولهم، ونقل هذا أيضاً أن مذهبهم أن الله تعالى يجوز أن يتكلم بشيء ولا يعنى به شيئاً إلزاماً لهم من قولهم إنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله وبهذا القول الباطل الذي لم يقله أحد من أهل الأرض وكما نقل هذا أو غيره من أهل البهتان أن مذهبهم أن الله جسم إلزاماً لهم بقولهم إن الله مستو على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال ا. هـ.

وانظر تحرير المقال د. عياض ص 92، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (2/72)

وأختم الكلام في هذا بما قال الإمام ابن القيم في النونية.

ولوازم المعنى تراد بذكره

وسواه ليس بلازم في حقه

إذقد يكون لزومها المجهول أو

لكن عرته غفلة بلزومها

ولذاك لم يك لازماً لمذاهب

فالمقدمون على حكاية ذاك

لا فرق بين ظهوره وخفائه

سيما إذا ما كان ليس بلازم

لا تشهدوا بالزور ويلكم على

بخلاف لازم ما يقول إلهنا

****

****

****

****

****

****

****

****

****

****

من عارف بلزومها الحقان

قصد اللوازم وهي ذات بيان

قد كان يعلمه بلا نكران

إذ كان ذا سهو وذا نسيان

العلماء مذهبهم بلا برهان

مذهبهم أولو جهل مع العدوان

قد يذهلون عن اللزوم الداني

لكن يظن لزومه بجنان

ما تلزمون شهادة البهتان

ونبينا المعصوم بالبرهان

والمؤلف رحمه الله يقول: بأن لوازم المعنى لا تكون مقصودة عند ذكره إلا ممن يعرف لزومها له، فهذا هو الذي يمكن أن يؤخذ بما يلزم ما يثبته من معان، وأما غيره ممن يجهل اللزوم بينهما فليس بلازم في حقه القصد إلى اللوازم عند ذكر المعنى مهما تكن اللوازم بينة واضحة، إذ قد

ص: 113

يكون لزومها مجهولاً له، أو يكون معلوماً ولكن أصابته غفلة عن ذلك اللزوم بسبب كثرة سهوه ونسيانه، ولذلك قرر العلماء بأن لازم المذهب لا يكون مذهباً بلا حجة ولا برهان، وأن من حكى ذلك عنهم فهو من أجهل الجهل والعدوان، ولا فرق في ذلك بين اللوازم الظاهرة واللوازم الخفية، فإن الإنسان قد يذهل عن اللازم القريب وهذا الحكم إنما هو بالنسبة إلى اللوازم التي ثبت لزومها، أما ما ليس بلازم في الحقيقة ولكن يظن الذهن لزومه فهذا أولى أن لا يعتبر لازماً فلا تشهدوا أيها المعطلة على ما تلزموننا به شهادة زور وبهتان فترمونا بالقول بتلك اللوازم، وأنها مذهب لنا، مع أنا لم نقصدها ولم تخطر لنا في الأذهان عند إثبات الصفات للرحمن ا. هـ من شرح الشيخ خليل هراس (2/253) .

رابعاً: حلول الحوادث

تكلمنا فيما سبق عن حلول الحوادث في الذات الإلهية وذكرنا أنه لا يحل في الذات شيء من المخلوقات وإنما المراد من ذلك إثبات الصفات الفعلية التي تتجدد عند وجود مقتضياتها.

يقول شيخ الإسلام في الفتاوى (6/320) في الفرق بين الحادث والمخلوق

وإذا قالوا: نحن نسمى كل حادث مخلوقاً، فهذا محل نزاع، فالسلف وأئمة أهل الحديث وكثير من طوائف الكلام - كالهشامية والكرامية وأبي معاذ التومنى وغيرهم - لا يقولون: كل حادث مخلوق، ويقولون: الحوادث تنقسم إلى ما يقوم بذاته بقدرته ومشيئته ومنه خلقه للمخلوقات وإلى ما يقوم بائناً عنه وهذا هو المخلوق لأن المخلوق لابد له من خلق، والخلق القائم بذاته لا يفتقر إلى خلق بل هو حصل بمجرد قدرته ومشيئته.

ويقول د. محمد الخميس في كتابه توضيح مصطلحات ابن تيمية ص 16: يقول ابن تيمية (والحادث ممكن ليس بواجب)

أقول: الحادث في الاصطلاح العام للمناطقة والمتكلمين ما وجد بعد

ص: 114

أن لم يكن فهو مرادف للمخلوق وقد يطلق " الحادث " ويراد به المتجدد - فيكون أعم من المخلوق فالحادث على هذا قد يكون مخلوقاً كالحوادث اليومية في الكون وكذا الكون نفسه وقد لا يكون مخلوقاً على كونه متجدداً نحو قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث}

فالذكر المحدث هو القرآن وهو غير مخلوق وإن كان متجدداً أهـ.

بيان اللبس الذي في حلول الحوادث

يقول شارح الطحاوية ص 76: " حلول الحوادث بالرب تعالى، المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيه ولا إثباته في الكتاب ولا في السنة وفيه إجمال فإن أريد بالنفي أنه لا يحل في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن - فهذا نفي صحيح (1) وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد ولا يتكلم بما شاء ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته - فهذا نفي باطل.

وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث فيسلم السني للمتكلم ذلك على أنه نفى عنه - سبحانه - ما لا يليق بجلاله فإذا سلم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل، وهو غير لازم له وإنما أتي هذا السني من تسليم هذا النفي المجمل وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه "

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (6/90)

وإذا قيل قيام هذه الأفعال يستلزم قيام الحوادث به كان كما قيل قيام الصفات له يستلزم قيام الأعراض به ولفظ الأعراض والحوادث لفظان

(1)

سيأتي التعليق على كلام الطحاوي انه لا يحدث له وصف متجدد في الحاشية على القاعدة الخامسة من قواعد الصفات 0

ص: 115

مجملان فإن أريد بذلك ما يعقله أهل اللغة من أن الأعراض والحوادث هي الأمراض والآفات كما يقال: فلان قد عرض له مرض شديد وفلان قد احدث حدثاً عظيماً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " وقال: " لعن الله من احدث حدثاً أو آوى محدثاً " وقال: " إذا حدث أحدكم فلا يصلي حتى يتوضأ "

ويقول الفقهاء: الطهارة " نوعان " طهارة لحدث وطهارة لخبث

ويقول أهل الكلام: اختلف الناس في " أهل الاحداث " من أهل القبلة: كالربا والسرقة وشرب الخمر.

ويقال فلان به عارض من الجن وفلان حدث له مرض فهذه من النقائص التي ينزه الله عنها.

وإن أريد بالأعراض والحوادث اصطلاح خاص فإنما احدث ذلك الاصطلاح من أحدثه من أهل الكلام وليست هذه لغة العرب ولا لغة أحد من الأمم لا لغة القرآن ولا غيره ولا العرف العام ولا اصطلاح أكثر الخائضين في العلم بل مبتدعوا هذا الاصطلاح: هم من أهل البدع المحدثين في الأمة الداخلين في ذم النبي صلى الله عليه وسلم ا. هـ.

ويقول الشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية (1/210)

- ثم نقول لهم: قولكم: إن الرضى حادث بعد أن لم يكن ما الذي يمنع أن يكون الله عز وجل لكمال تصرفه في ملكه يرضى عن أقوام ويسخط عن أقوام يرضى عن الشخص في حال، ويغضب عليه في حال أخرى ما المانع؟

وهل هذا إلا من كمال ربوبيته أن يكون فعالاً ما يريد هذا لا شك أنه من كمال ربوبيته وكماله عز وجل.

- ثم قولكم: إن الحوادث لا تقوم إلا بحادث هذا ليس بصواب لأننا نرى أن الحوادث لا يلزم منها مقارنة المحدث.

ومعنى هذا: أني أنا حادث الآن لا شك أفعالي حادثة هل يلزم من هذه الحادثة أن تقارنني؟

ص: 116

فإذا لا يلزم من قيام الحوادث بالله عز وجل أن يكون هو محدثاً أو حادثاً لأن الحوادث لا يشترط فيها مقارنة المحدث كذلك أفعال الله من الرضى والغضب والسخط وغيرها لا يلزم أن تكون مقارنة لله وعليه فيمكن أن تكون حادثة بعد أن لم تكن

- وقولكم أيضاً: إن الحوادث عرض والعرض لا يقوم إلا بجسم هذا غير صحيح!!

- فالأعراض تقوم بغير الأجسام أيضاً يقال: ليل طويل، وشتاء بارد ومرض مزمن أو شديد فتوصف هذه الأشياء مع أنها ليست أجساماً وبهذا يتبين أن كل تعاليلهم عليلة بل ميتة.

- وانظر هذه المسألة في:

- المطالب العالية للرازي (2/107) حيث قال: فثبت أن القول بحدوث الصفات في ذات الله قول قال به جميع الفرق ا. هـ

- ومنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/382)

- والمقالات السنية في تبرئة ابن تيمية للدمشقية ص 146، وموسوعة أهل السنة للدمشقية (2/1018) .

********

ص: 117

القاعدة الخامسة

أسماء الله تعالى توقيفية (1) لا مجال للعقل فيها (2)

وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص لأن العقل لا يمكنه إدراك (3) ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى: {ولا تقف (4) ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} [الإسراء: 36]

(1) توقيفي: هو تفعيل من الوقف والياء للنسبة والوقف في اللغة: مادة تدل على الحبس والمنع ومنه التوقيف هنا إذ المراد به الوقوف على نص الشارع فلا يجوز الكلام في هذا الباب بطريق القياس أو الاشتقاق اللغوي بل يكتفي بما وردت به نصوص الشرع لفظاً ومعنى فعلم بذلك أن التوقيف هو الاقتصار في الوصف والتسمية على ما وردت به الآيات القرآنية والآثار النبوية لفظاً ومعنى ا. هـ من قواعد البريكان.

(2)

القول بأن أسماء الله توقيفية هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة وفي المسالة أقوال أخرى سنذكرها في الملحق.

وانظر في ذلك: تفسير الرازي (8/180) ، وتفسير البحر المحيط لأبي حيان (4/427) وتفسير ابن عطية (6/154)

(3)

الإدراك هو إحاطة الشيء بكماله قاله الجرجاني في التعريفات.

والإدراك هو المترتبة الثانية من مراتب وصول العلم إلى النفس إذ أنه يكون بتمامه أما المرتبة الأولى فهي الشعور وهو وصول المعنى إلى النفس لا بتمامه.

انظر في ذلك الكليات لأبي البقاء الكفوي ص 66، ومذكرة المنطق للشنقيطي والتوقيف للمناوي ص 336.

(4)

أي لا تتبع من قفاه يقفوه إذا تتبع أثره وهو مشتق من اسم القفا وهو ما وراء العنق.

ومعنى الآية: لا تتبع ما لا علم لك به من قول أو فعل فلا تقل رأيت ولم تره، ولا تقل: سمعت ولم تسمع، ولا تقل: علمت ولم تعلم.

وروى البيهقي في شعب الإيمان (6/109) وأبو نعيم في الحلية (8/189) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من قال في مؤمن ما لا يعلم حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال) ، قال أبو نعيم، حديث غريب تفرد به إسماعيل عن سهل ا. هـ

ص: 118

وقوله: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (1)

[الأعراف: 33] ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أو إنكار (2) ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص (3)

= وقال الكميت:

فلا أرمي البرىء بغير ذنب

ولا أقفو الحواصن إن قفينا

والآية فيها قراءتان غير هذه وهما ليستا من السبعة:

الأولى: ولا تقفو، بإثبات الواو وقال السمين في الدر المصون (4/390) إن إثبات حرف العلة جزماً لغة قوم وضرورة عند آخرين.

الثانية: ولا تقف بزنة ثقل من قاف يقوف أي تتبع أيضاً

انظر تفسير أبي السعود (3/327) ، تفسير أبي حيان (6/32) وتفسير القرطبي (10/257) .

(1)

والشاهد أن تسمية الله بما لم يسم به نفسه قول عليه بلا علم فيكون محرماً.

(2)

ذكرُ المؤلف لإنكار الأسماء هنا من باب المقابلة لأن الكلام في حكم الإثبات لا الإنكار إذ أنه سيذكره في الإلحاد إلا أنه زيادة فائدة.

ويمكن أن يقال إن المسألة في حكم الأسماء إثباتاً ونفياً لكن غالب من يتكلم تحت هذا العنوان يتكلم في الإثبات.

(3)

قال الخازن في تفسيره (2/276) : (يعني أدعو الله بأسمائه التي سمى بها نفسه أو سماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم ففيه دليل على أن أسماء الله توقيفية لا اصطلاحية ومما يدل على صحة هذا القول ويؤكده أنه يجوز أن يقال: يا جواد ولا يجوز أن يقال: يا سخى ويجوز أن يقال: يا عليم ولا يجوز أن يقال: يا عاقل، ويجوز أن يقال: يا حكيم ولا يجوز أن يقال يا طبيب ا. هـ

وقال الزمخشري في الكشاف (2/180) : كما سمعنا البدو يقولون بجهلهم: يا أبو المكارم، يا أبيض الوجه ا. هـ

وقال الخطابي في شأن الدعاء ص 111:

ومن علم هذا الباب، اعني: الأسماء والصفات، ومما يدخل في أحكامه [ويتعلق به من شرائط] أنه لا يتجاوز فيها التوقيف ولا يستعمل فيها القياس، فيلحق بالشيء نظيره في ظاهر وضع اللغة ومتعارف الكلام فالجواد: لا يجوز أن يقاس عليه: السخي وإن كانا متقاربين في ظاهر الكلام وذلك أن السخي لم يرد به التوقيف كما ورد بالجواد ثم أن السخاوة موضوعة في باب الرخاوة واللين يقال: أرض سخية وسخاوية إذا كان فيها لين ورخاوة وكذلك لا يقاس عليه السمح لما يدخل السماحة من معنى اللين =

ص: 119