الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ردوده عليهم عددًا من أقوالهم وقواعدهم.
الأمر الخامس: استجلاء العِبَر والدروس:
يمكن استجلاء الآتي:
1 -
ما نال شيخ الإِسلام -رحمه الله تعالى- منزلة الإِمامة في العلم والدِّين إلّا من آثار التقوى واليقين والصبر فى ذات الله تعالى على المكاره؛ ولهذا قال: "بالصبر واليقين تُنال الإِمامة في الدِّين".
2 -
من أعظم أسباب الفوز والنصر، الزهد في المناصب والولايات، والكف عن زخرفها، وكما كان شيخ الإسلام كذلك، فقد كان أئمة الإسلام على هذه الجادة منهم الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- ولهذا قيل في ترجمته:"أتته الدنيا فأباها، والولايات فقلاها".
فمسكين من يتطلع إليها ويقول: أنا لها، ومغبون -والله- من دفع ثمنها مُقّدمًا بالتنازل عن شيء من دينه، والملاينة على حساب علمه ويقينه، وكُلُّ امرئ حسيب نفسه.
3 -
البذاذة من الإيمان، والاقتصاد في أُمور المعاش من وظائف أهل الإِسلام، وهكذا كان شيخ الإِسلام -رحمه الله تعالى- مجتنبًا التَّرَفُّه في المعاش، وتطلب الملاذ، فما أحلاه من أدب.
4 -
إِنّها "العصامية لا العظامية".
ليس الفتى من يقول كان أبي
…
إن الفتى من يقول ها أنذا
فَسُحْقًا لعشاق: العصبية -الطبقية- الذين يتغنون بأَمجاد أَسلافهم وقد تسفلوا، ويستعلون على الناس بأهليهم وأذوائهم وقد تقذروا؛ ليُقال لهم: نعم الآباء ولكن بئس ما خلفوا، وإن افتخار المرء بوصف أَبيه، مثل افتخار الكوسج بلحية أخيه، أما من جمع بين الحسنيين، وفاز بالفضيلتين، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وهكذا كان شيخ الإِسلام -رحمه الله تعالى- فلم يركن إلى الدنيا، وأخذ يتغنى بآبائه فيقول: والدي مفتي الحنابلة، وجدِّي المجد شيخ الإِسلام
…
بل سلك جادة العلم والإِيمان حتى صار زينة لأهل الإِسلام.
5 -
لا تكاد نفسه تشبع من العلم، ولا تروى من المطالعة، ولا تمل من الاشتغال به، ولا تكل من البحث فيه، وقل أن يدخل في علم إلا ويفتح له فيه؛ ولهذا قال الذهبي:"ما رأيته إلا ببطن كتاب".
قال السخاوي في: "الجواهر والدرر: 1/ 117" بسنده عن الشمس بن الديري قال: "سمعت علاء الدين البسطامي ببيت المقدس يقول: وقد سأله هل رأيت الشيخ تقي الدين بن تيمية؟ فقال: نعم، قلت: فكيف كانت صفته؟ فقال. هل رأيت قبة الصخرة؟ قلت: نعم، قال: كان كقبة الصخرة مُلِيء كُتبًا ولها لسان يَنْطِق" انتهى.
هذا مع انصراف عن أُمور الدنيا انصرافًا كليًّا، إذْ ليس له من المعلوم إلا اليسير، وقد تكفّل أخوه شرف الدِّين بشؤونه.
وهذا يفيد الدرس الآتي: وهو عدم اجتماع الضدِّين فكما أن:
حُبُّ الكتابِ وحبُّ ألحان الغنا
…
في قلب عبد ليس يجتمعان
فحب العلم وإشغال القلب والبدن بالمال وجمعه وتنميته، والمكاثرة فيه لا يجتمعان، فكلما منحت هذا من جهدك ووقتك ضاع من ذاك، فَلْنَبْكِ على حالنا؟.
6 -
ولما سافر -رحمه الله تعالى- إلى مصر سنة 700 نزل عند عم تلميذه ابن فضل الله العمري، وكان سفره للحض على الجهاد، فَرُتِّبَ له مرتب، وأعطيات، فلم يقبل منها شيئًا.
فهل يعتبر من ابتلوا بالتسول على مستوى رفيع، ويتنمر الواحد منهم على معارفه وإِخوانه، والرفعاء منهم يعلمون أنه في الظاهر: مطاع متبوع، وهو في الباطن عبد مطيع تابع ذليل.
على أن الأرض لا تخلو من المتأسِّين بالصالحين، الذين تجردوا من هذه الحظوظ، ولم يتدنَّسوا بشيء منها.
7 -
دروس وعبر مما ناله -رحمه الله تعالى- من الأذايا في ذات الله -تعالى-:
إِنّ عالمًا يفتح الله عليه بميراث علم النبوة، وينظر في واقع الحياة فيرى من ظلمات الإعراض عن الوحي والتنزيل ما الله به عليم: حلولية، اتحادية، طرقية بدعية، جهمية، معتزلة، أَشاعرة، مقلدة متعصبة، وكل يرى أن ما هو عليه هو الحق، ثم يأتي حامل الضياء، فيكاسر هؤلاء وهؤلاء، لاشك سيكون له خصوم وخصوم مما أدّى إلى سَجْنِه تارة، والترسيم عليه تارة، ومناظرته تارة، وإذايته بالمحن الأُخرى تارة أُخرى، وإِغراء السفهاء، وتسليط