الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدخل السادس أُمنية العلماء بجمعها والمجاميع لها
العلماء الذين لآثارهم قدم صدق في الأُمة، يحفها إخوانهم واللاحقون بهم بالعناية بها والدلالة عليها؛ ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في مقدمة:"إعلام الموقعين": إن فتاوى حبر الأُمة ابن عباس رضي الله عنهما لو جمعت لكانت ثلاثين مجلدًا.
ومن هذا الباب اشتغال تلاميذ الإِمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى- بجمع مسائله، حتى جاء تلميذ تلامذته الخلال فجمعها في ثلاثين مجلدًا باسم:"الجامع لمسائل الإِمام أحمد" كما بينت ذلك مفصلًا في "المدخل المفصل".
وشيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- قد نهض تلامذته فمن بعدهم إلى يومنا هذا بجمع آثاره وإِعدادها بمجاميع لها، فإنَّ له -رحمه الله تعالى- في المسألة الواحدة مؤلفات كثيرة، وقواعد، وأَجوبة، إِذا اجتمعت بلغت مجلدات كثيرة كما نبه على ذلك تلميذه ابن عبد الهادي في:"العقود الدرية: ص/ 27 - 48".
منها: في مسألة القرآن، وفي الرد على منكري المعاد. وفي فروع الفقه، وفي زيارة القبور وفي شد الرحال إليها، وفي الطلاق والخلع نحو عشرين مجلدًا، وفي مسألة العلو مجلدات كثيرة.
وفي أجوبة لشرح أحاديث وبيان درجتها.
وكان أول جمع ما ذكره ابن عبد الهادي بقوله: ص/28: "وقد جمع بعض أصحابه قطعة كبيرة من فتاويه الفروعية، وبوبها على أبواب الفقه في مجلدات كثيرة تُعرف بالفتاوى المصرية، سمّاها بعضهم: "الدرر المضية من فتاوى ابن تيمية" انتهى.
وهذه الفتاوى المصرية طبعت باسم: "الفتاوى الكبرى" في خمسة مجلدات غير منسوبة لجامع لها، طبعها فرج الله الكردي، وهي التي كانت تسمى:"القواعد النورانية من الفتاوى المصرية" وهذا الاسم: "القواعد النورانية" ليس هو كتاب: "القواعد النورانية" المطبوع في مجلد والذي أدخل في: مجموع ابن قاسم.
ثم إن: "الدرر المضية
…
" مختصر الفتاوى المصرية هي للبعلي وقد طبعت باسم: "مختصر الفتاوى المصرية".
وإِذا قابلت بين هذا المختصر للبعلي وبين ما طبعه الكردي باسم: "مجموع الفتاوى الكبرى" يتبين لك أن ما طبعه الكردي باسم: "الفتاوى الكبرى" يمشي مع مختصرها للبعلي في المجلد الأول، وبعض الثاني، والرابع (إلى ص/ 297) من الكبرى هي الكبرى فقط، أما الباقي فهو مضموم إليها من كتبه الأخرى.
ثم لا أعلم بعد ذلك من قام بالجمع والترتيب لها في مجاميع من القرن الثامن حتى ظهور المطابع في العالم الإِسلامي، فقد طبع نحو عشرين مجموعًا، منها ما يتكون من رسالتين فأكثر، مثل: طبع تسع رسائل ملحقة بكتاب: "جامع البيان في تفسير القرآن" لمعين بن صفي بالمطبع الفاروقي بدلهي "الهند" سنة 1296،
ومنها: "مجموعة الرسائل والمسائل" تحتوي على رسائل كثيرة لشيخ الإِسلام وهي في خمسة أجزاء طبعت 1341، ومنها:"مجموعة الرسائل الصغرى" نشرها محمَّد بدر الدين النعساني طبعت سنة 1323 فيها تسع رسائل. ومنها: "شذرات البلاتين" بتحقيق محمَّد حامد الفقي. طبعت 1375 هـ. ومنها ما طبع ضمن رسائل لعلماء آخرين مثل: "مجموعة الرسائل المنيرية" فيها تسع رسائل لشيخ الإِسلام -رحمه الله تعالى- طبعت سنة 1343. ثم اجتمعت همة الشيخ/ عبد الرحمن بن قاسم المتوفى سنة 1392 - رحمه الله تعالى- لهذا العمل فأخرج كتابه: "مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية" في خمسة وثلاثين مجلدًا وساعده ابنه محمَّد على ذلك.
ثم الشيخ محمَّد رشاد سالم المتوفى 1407 - رحمه الله تعالى- في كتابه: "جامع الرسائل" طبع منه مجلدان، وهذا العالم الفاضل هو صاحب الجهود العظيمة في تحقيق عدد من كتب شيخ الإِسلام، ولو لم يكن له إلا تحقيق "منهاج السنة" لكفاه فخرًا على الدهر.
ثم الشيخ محمَّد بن عبد الرحمن بن قاسم في: "المستدرك" ضمنه عشر رسائل.
وجَمْعُ آثار هذا الإِمام في مجموع مرتب على أبواب العلم أُمنية العلماء من تلامذته إلى عصرنا، وهذه بعض كلماتهم في ذلك:
فهذا ابن مُرِّي المتوفى بعد سنة 728 يكتب رسالة لتلاميذ شيخ الإِسلام ابن تيمية وقد ضمنها الوصية بكتب هذا الإِمام
ونشرها وإشاعة نسخها من غير تصرف فيها ولو كانت مكررة، والحرص على مقابلتها، وجَمْع الأشباه والنظائر في مكان واحد، ويشير إلى الشيخ أبي عبد الله -أي ابن رُشَيِّق- فيوصي بالاحتفاظ به وتزويده من المال كفايته وبذل الأموال الكثيرة لهذا المطلب؛ لأنه قليل ذات اليد حتى يتم له هذا الأمر، ويوصيهم بالتصحيح والمقابلة، ومراجعة رؤوس تلامذة الشيخ مثل: ابن القيم، والمزي، وشرف الدين بن عبد اللّه، في كلام طويل نحو خمس صفحات من ص 87: من "الجامع لسيرة شيخ الإِسلام" ثم ختمه بقوله:
"ووالله -إن شاء الله- ليقيمن الله سبحانه لنصر هذا الكلام ونشره، وتدوينه وتفهمه، واستخراج مقاصده، واستحسان غرائبه وعجائبه، رجالًا هم إلى الآن في أصلاب آبائهم
…
" انتهى.
وقد بَرَّت يمين ابن مُرِّي -بحمد الله ومنته- فقام الشيخ عبد الرحمن بن قاسم المتوفى سنة 1392 رحمه الله تعالى بمساعدة ابنه محمَّد المتوفى سنة 1421 - رحمه الله تعالى- بعد نحو ستة قرون بهذه المهمة الجليلة في: "مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية".
وقد ذكر ابن قاسم أن هذا الجهد هو بدءٌ، ويستحث همم العلماء لإكماله فيقول في مقدمة:"المجموع: أ/ د":
"ولعظيم النفع بفتاويه، والثقة منها، واعتماد مبتغي الصواب عليها، فتشت عن مختصراتها في بعض مكتبات نجد والحجاز والشام وغيرها، فجمعت منها أكثر من ثلاثين مجلدًا ورتبتها: وهو بدءٌ. وإلا فعسى الله -سبحانه- أن يقيض لفتاويه من يجمعها من