المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم   ‌ ‌حرف - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٥

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم   ‌ ‌حرف

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم

‌حرف الكاف

2484/ 6197 - " كاتمُ العِلم يلعنُه كلُّ شيءٍ حتى الحوت في البحرِ، والطَّير في السَّماء".

ابن الجوزى في العلل عن أبي سعيد

قال في الكبير بعد أن كمل اسم كتاب العلل بأنه العلل المتناهية في الأخبار الواهية: وقضية صنيع المصنف أن ابن الجوزى سكت عليه والأمر بخلافه، فإنه تعقبه بقوله: لا يصح فيه يحيى بن العلاء، قال أحمد: كذاب يضع.

قلت: لو أدرك ابن الجوزى شارحنا لملأ من نوادره كتابه في أخبار الحمقى والمغفلين، فالمصنف يعزو الحديث للعلل المتناهية في الأحاديث الواهية [1/ 392] الذي معناه أن هذا الحديث واه لأنه واحد من تلك الأخبار الواهية،

ص: 7

والشارح يريد منه ما أراده العامى المستفتى من الفقيه إذ سأله عن صورة وقعت لابنته فاطمة، فأخذ الفقيه كتابا وتلى عليه النص في صورة المسألة عينها، فلم يقتنع به المستفتى، وقال: أريد أن أسمع فيه قضية فاطمة ابنتى باسمها.

2485/ 6198 - "كادَ الحليمُ أن يَكونَ نبيا".

(خط) عن أنس

قال في الكبير: فيه يزيد الرقاشى متروك، والربيع بن صبيح ضعفه ابن معين وغيره، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح.

قلت: في الباب عن عمر، أخرجه الطبرانى في الصغير قال [2/ 64]:

حدثنا محمد بن على بن الوليد البصرى ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعانى ثنا معتمر بن سليمان ثنا كهمس بن الحسن ثنا داود بن أبي هند عن الشعبى عن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب بحديث الضب، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا" الحديث بطوله، وهو موضوع مركب كما قال البيهقى والذهبى، والمتهم به شيخ الطبرانى لأن الباقون ثقات.

2486/ 6199 - "كادَ الفَقْرُ أن يَكونَ كُفرًا، وكَادَ الحسدُ أن يَكُون سَبقَ القَدرَ".

(حل) عن أنس

قلت: قصر المؤلف في عزو هذا الحديث، وقد توسع الحافظ السخاوى فيه في المقاصد الحسنة [311/ 789]، وأطلت في إيراد أسانيده في مستخرجى على مسند الشهاب.

ص: 8

2487/ 6203 - "كانَ علَى مُوسى يومَ كلَّمَهُ ربُّه كِساءُ صوفٍ، وجُبَّة صوفٍ، وكمةُ صوفٍ، وسَرَاويلُ صوفٍ، وكانتْ نعلاهُ من جلدِ حمارٍ ميتٍ".

(ت) عن ابن مسعود

قال الشارح: وهو حديث منكر، بل قيل: موضوع.

قلت: لم يقل أحد في الحديث: إنه موضوع، إنما قيل ذلك في زيادة زادها بعض الرواة، فأورد ابن الجوزى الحديث من طريق عبيد اللَّه بن محمد بن بطة [1/ 192]:

ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد اللَّه بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلم اللَّه موسى يوم كلمه وعليه جبة صوف، وكساء صوف، ونعلاه من جلد حمار غير ذكى، فقال: من ذا العمرانى الذي يكلمنى من هذه؟ قال: أنا اللَّه".

ثم قال ابن الجوزى: هذا لا يصح، وكلام اللَّه لا يشبه كلام المخلوقين، والمتهم به حميد انتهى.

وتعقبه الحافظ في اللسان فقال [4/ 231]: كلا واللَّه، بل حميد برئ من هذه الزيادة فقد أنبأنا به الحافظ أبو الفضل العراقى أنبأنا أبو الفتح الميدومى أنبأنا أبو الفرج بن الصيقل أنبأنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد اللَّه بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يوم كلم اللَّه موسى كانت عليه جبة صوف، وكساء صوف، وكمة صوف، ونعلاه من جلد حمار غير ذكى".

وكذا رواه الترمذى [رقم 1734] عن على بن حجر عن خلف بن خليفة بدون هذه الزيادة.

ص: 9

وكذا رواه سعيد بن منصور عن خلف بدون هذه الزيادة.

وكذا رواه أبو يعلى في مسنده عن أحمد بن حاتم عن خلف بن خليفة بدون هذه الزيادة.

ورواه الحاكم في المستدرك [1/ 28] ظنا منه أن حميدًا الأعرج هو حميد بن قيس المكى الثقة وهو وهم منه، وقد رواه من طريق عمرو بن حفص بن غياث عن أبيه وخلف بن خليفة جميعا عن حميد بدون هذه الزيادة، وما أدرى ما أقول في ابن بطة بعد هذا؟ فما أشك أن إسماعيل الصفار لم يحدث بها قط اهـ.

فإن [ابن] الجوزى جهل هذا أو تجاهله ليدفع التهمة عن ابن بطة الفقيه الحنبلى، وإلا فطرق الحديث كلها متفقة على عدم ذكر تلك الزيادة التي حكم ابن الجوزى بوضعها أو وضع الحديث من أجلها، فكان على الشارح ذكر هذا رفعا للإيهام.

2488/ 6204 - "كانَ داودُ أعبدَ البشرِ".

(ت. ك) عن أبي الدرداء

قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فرده الذهبى بأن عبد اللَّه بن يزيد الدمشقى قال أحمد: أحاديثه موضوعة اهـ، وأفاد الهيثمى أن البزار رواه بإسناد حسن، وبه يعرف أن المصنف لم يصب حيث آثر الرواية التي فيها الكذاب على الرواية الحسنة، بل قال في جواهر العقدين: إن الحديث في صحيح مسلم.

قلت: قدمنا مرارا أن كل قول يخالف قول المصنف فهو في نظر الشارح صواب، وإن كان أفحش الوهم وأقبح الخطإ، وقول المصنف خطأ ولو كان

ص: 10

صوابه أوضح من الشمس في رابعة النهار، ولو فتح اللَّه عين بصيرته لعلم أن الأمر بالعكس.

فهذا الحديث قد وهم نيه كل من الذهبى والهيثمى، وأما الشارح فذلك عشه.

أما الذهبى فإن الحاكم خرج الحديث من طريق محمد بن سعد الأنصارى عن عبد اللَّه بن يزيد الدمشقى [2/ 433]:

ثنا عائذ اللَّه أبو إدريس الخولانى عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

ومن هذا الطريق نفسه خرجه الترمذى وقال: حسن غريب، وكذلك خرجه منه البخارى في التاريخ [3/ 1/ 229]، والدولابى في الكنى وآخرون.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد فتعفبه الذهبى بما نقل عنه الشارح، وذلك لظنه أن عبد اللَّه بن يزيد هو ابن آدم الدمشقى وليس كذلك، بل هو عبد اللَّه بن يزيد بن ربيعة، كذلك صرح به البخارى في التاريخ، فقال:

حدثنى ابن سلام ثنا ابن فضيل عن محمد بن سعد عن عبد اللَّه بن يزيد بن ربيعة الدمشقى حدثنا أبو إدريس به.

وكذلك قال الدولابى في الكنى:

حدثنا النسائى أخبرنا واصل بن عبد الأعلى ثنا محمد بن فضيل عن محمد بن سعد عن عبد اللَّه بن يزيد بن ربيعة به.

بل وقع عند الترمذى [رقم 3490] منسوبا إلى جده، فرواه عن أبي كريب عن محمد بن فضيل عن محمد بن سعد الأنصارى عن عبد اللَّه بن ربيعة الدمشقى به، وحسنه كما سبق.

وأما الهيثمى [8/ 206] فوهم في ذكره الحديث في الزوائد مع كونه في الترمذى.

ص: 11

وأما الشارح فإنه ظن أن ما عزاه الهيثمى إلى البزار سنده غير سند الترمذى والحاكم وليس كذلك، بل هو عند البزار [8/ 206] من هذا الطريق أيضًا.

وأما السيد السمهودى فمصيب فيما عزاه إلى مسلم، ولكنه ليس عند مسلم بهذا اللفظ ولا من حديث أبي الدرداء، بل هو عنده من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أثناء حديث طويل جدا في نحو ورقة [3/ 162، 163] وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "فصم صوم داود نبي اللَّه فإنه كان أعبد الناس، قال: قلت: يا نبي اللَّه وما صوم داود؟ قال: كان يصوم [يوما] ويفطر يوما" الحديث. فأين هو من حديث الباب؟

2489/ 6205 - "كان أيوبُ أحلمَ الناسِ وأصبرَ الناسِ واكظمَهُم لغيظٍ".

الحكيم عن ابن أبزى

قلت: تحرف هذا الاسم على الشارح بابزعى، فكتب عليه: كذا في نسخ، والذي في نوادر الأصول: أبزى.

قلت: ما رأى ذلك في نسخ أصلا وإنما وقع في نسخته جرة فوق الياء لحصارت أبزعى أو كذلك تهيأ له، وإلا فالأصول كلها متفقة على الاسم كما هو مشهور: ابن أبزى، ولا يتصور من المصنف أن يكتبه أبزعى أصلا، لأنه لا وجود لهذا الاسم ولكن هكذا يطمع الشارح والى هذا الحد يصل به ما في باطنه، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون.

والحديث خرجه الحكيم في الأصل السادس والثمانين والمائة (1)، قال [2/ 96]:

(1) هو في الأصل الخامس والثمانين والمائة في المطبوع.

ص: 12

حدثنا عمر بن أبي عمر ثنا ابن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن ابن أبزى به.

2490/ 6206 - "كان الناسُ يعودُون داودَ يَظُنونَ أنَ به مرضًا، وَمَا بِه إلا شدةُ الخوفِ منَ اللَّهِ تعالى".

ابن عساكر عن ابن عمر

قال في الكبير: رواه ابن عساكر في ترجمة داود، وكذا أبو نعيم والديلمى باللفظ المزبور، ولعل المؤلف لم يستحضر كلا منهما، وفيه عندهما محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، قال الذهبى: قال ابن حبان: يضع، وقال ابن عدى: متهم بالوضع، ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى، فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير سديد لإيهامه.

قلت: لا ندرى ولا أحد معنا يدرى ما وجه عدم سداده، ولا ماذا يوهم سوى كون الحديث مخرجًا عند أبي نعيم [7/ 137] وعند ابن عساكر [14/ 338]، فاقتصر المصنف على عزوه لأحدهما، فكان ماذا؟ ولكن [الشارح] يريد أن يخرج من الحق باطلا ومن الصواب خطأ لعله ينفس بذلك عن صدره، وانظر إلى تكراره عزو الحديث لأبي نعيم والديلمى، لتعلم أنه يكتب وهو مفتون القلب مشغول البال لا هم له إلا استخراج عثرات المصنف الخيالية الموهومة المزعومة.

ثم إنه رأى الديلمى [3/ 319، رقم 4843] أسنده من طريق أبي نعيم فصار يتجيش به من غير أن يكون هو الذي رأه عند أبي نعيم، ولا عرف في أي كتاب هو من كتبه، وهو عند أبي نعيم في ترجمة الثورى من الحلية [7/ 137]، فلو علم هذا لصار له ثلاثة أعين، ولكن اللَّه سلم.

ص: 13

2491/ 6207 - "كانَ زكريَّا نجارًا".

(حم. م. هـ) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن ماجه ولم يخرجه البخارى.

قلت: المصنف قد عزاه لابن ماجه [2/ 727 رقم 2150]، وبصر الشارح يضعف عن استيعاب جميع ما في المتن.

والحديث رواه جماعة عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة كما هنا.

ورواه عفان عنه بهذا السند عن أبي هريرة، فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول اللَّه تبارك وتعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} قال: "كان إدريس خياطا، وزكريا نجارا"، رواه الدينورى في المجالسة عن محمد بن عبد العزيز عن عفان به.

ورواه الخلال في الحث على التجارة والصناعة والعمل [ص 8] كما هنا في المتن، وذكر آثارا في صناعة بعض الأنبياء.

2492/ 6211 - "كان الحجرُ الأسودُ أشدَّ بياضًا من الثلجِ حتَّى سودتْهُ خطَايا بَنِى آدَم".

(طب) عن ابن عباس

قلت: هذا الحديث مما أغفله الحافظ الهيثمى فلم يورده في مجمع الزوائد، وقد ورد هذا المعنى عن ابن عباس من طرق متعددة كلها موقوفة عليه وبعضها عنه عن كعب، أخرجها الأزرقى في "تاريخ مكة"، وورد نحوه مرفوعًا من حديث أنس، قال الثقفى في الثامن من الثقفيات:

حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصوفى ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردى ثنا يونس بن بكير عن سعيد بن ميسرة عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كان الحجر

ص: 14

من ياقوت الجنة، فمسحه المشركون فاسود من مسحهم إياه".

2493/ 6213 - "كَبِّرْ كَبِّرْ".

(حم. ن. د) عن سهل بن أبي حثمة (حم) عن رافع بن خديج

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الترمذى، وابن ماجه في "الديات"، والنسائى في "القضاء"، فما أوهمه المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا أولئك غير صواب.

قلت: فيه أمور، الأول: هؤلاء لم يخرجوا حديث رافع بن خديج أصلا، وإنما أخرجوا حديث سهل بن أبي حثمة، ووقع عند الترمذى من طريق يحيى ابن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة، قال يحيى: وحسبت عن رافع بن خديج أنهما قالا الحديث.

الثانى: المصنف عزاه للستة وإنما بعض النساخ حرف رقم "4" إلى "دال"، فدفع الاقتصار على أبي داود.

الثالث: النسائى لم يخرجه في القضاء، بل في القسامة عقب البيوع، وقبل القضاء بعدة كتب، وقد ورد من حديث ابن عمر في قصة الشراب، وفي سياقه ما يدل على أنه من قول الملك للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو نعيم في الحلية [7/ 111]:

حدثنا أبو أحمد الغطريفى ثنا القاسم بن زكريا ومحمد بن إسحاق السراج قالا: حدثنا أبو ميمون محمد بن زكريا المصيصى ثنا أشعث بن شعبة أبو أحمد ثنا أبو إسحاق الفزارى عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كنت أسقى ورجل عن يمينى، ورجل أشب منى، فناولت الشاب، فقيل لى: كبر، أي: اعط الأكبر"، قال أبو نعيم: تفرد

ص: 15

به الفزارى وعنه الأشعث.

قلت: إن صح هذا الخبر فراويه واهم فيه ولابد، وصوابه: أن ابن عمر كان الساقى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

2494/ 6214 - "كبَّرتِ الملائكةُ على آدمَ أربعًا".

(ت) عن أنس (حل) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبى بأن مبارك بن فضالة ليس بحجة.

قلت: هذا يوهم أن الحاكم لم يتعرض لذكر فضالة مع أنه قال [1/ 385 - 386]: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والمبارك بن فضالة من أهل الزهد والعلم بحيث لا يجرح مثله، إلا أن الشيخين لم يخرجاه لسوء حفظه اهـ.

ثم إن الشارح سكت على حديث ابن عباس، وهو من رواية محمد بن زياد الحنفى عن ميمون بن مهران عن ابن عباس، ومحمد بن زياد قال ابن حبان [2/ 250]: كان ممن يضع الحديث على الثقات ويأتى عن الأثبات بالأشياء المعضلات لا يحل ذكره في الكتب إلا على جهة القدح فيه، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار عند أهل الصناعة خصوصا دون غيرهم، ثم قال: حدثنا السختيانى ثنا شيبان بن فروخ ثنا محمد بن زياد به.

2495/ 6215 - "كَبُرت خيانةً أن تُحدِّث أخاكَ حديثًا هُو لكَ بِه مُصدِّقٌ وأنتَ لَهُ بهِ كاذبٌ".

(خد. د) عن سفيان بن أسيد (حم. طب) عن النواس

قال في الكبير على حديث سفيان: قال النووي في الأذكار: إسناده ضعيف لكن لم يضعفه أبو داود، فاقتضى كونه حسنا عنده.

ص: 16

ثم قال (ش) على حديث النواس: قال المنذرى رواه أحمد عن شيخه عمر ابن هارون وفيه خلف، وبقية رجاله ثقات، وقال الهيثمى: عمر بن هارون ضعيف وبقيته ثقات، وسأل شيخه العراقى في حديث سفيان: ضعفه ابن عدى، وفي حديث النواس: سنده جيد.

قلت: الحديثان كلاهما من رواية جبير بن نفير واختلف عليه فيه، فرواه عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، فقال: عن سفيان بن أسيد، ورواه يزيد بن شريح عن جبير بن نفير، فقال: عن النواس بن سمعان.

ثم إن الرواية الأولى أخرجها أيضًا ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى"، وابن سعد في "الطبقات"[7/ 139]، والبغوى في "الصحابة"، والقضاعى في "مسند الشهاب"[1/ 357]، كلهم من طريق بقية عن ضبارة بن مالك الحضرمى عن عبد الرحمن بن جبير به.

والرواية الثانية أخرجها أيضًا أبو نعيم في الحلية [6/ 99] من طريق عمر بن هارون البلخى شيخ أحمد فيه، عن ثور بن يزيد عن يزيد بن شريح به، ثم قال أبو نعيم: تفرد به عمر بن هارون البلخى.

قلت: وليس كما قال أبو نعيم، بل تابعه عليه الوليد بن مسلم، أخرجه البخارى في التاريخ الكبير [4/ 86] عن عبد اللَّه بن منير عن أحمد بن سليمان: ثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد به.

فالحديث من الطريقين صحيح واللَّه أعلم.

2496/ 6223 - "كُتِب عليَّ الأضْحَى، ولم يُكتَبْ عليكُم، وأُمِرتُ بصلاةِ الضُّحى، ولمْ تُؤمرُوا بهَا".

(حم. طب) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال الذهبى: فيه جابر الجعفى [ضعيف] جدا، بل كذاب رافضى خبيث، وقال ابن حجر في التخريج: حديث ضعيف من جميع

ص: 17

طرقه، وصححه الحاكم فذهل اهـ. لكن قال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح.

قلت: هذا افتيات على الحفاظ، وغض من قدرهم وحط من مقامهم، لاسيما الحافظ ابن حجر فإنه من كبرهم حفظا وأشدهم إتقانا وأوسعهم اطلاعا، فإذا كان الحافظ الهيثمى يقول ذلك فمعناه أن الحافظ ما عرف ذلك الطريق الذي رجاله رجال الصحيح، أو رمى حكمه على ضعف طرقه جزافا من غير ضبط ولا تحقيق، أو يكون الحافظ نور الدين غير صادق فيما حكم به من كون رجال أحمد رجال الصحيح، وليس شيء من ذلك واقعا، إنما الشارح عديم الأمانة والتحقيق لا يضبط قولا ولا يحقق نقلا، فأحمد ذكر هذا الحديث [1/ 317] من نحو أربع طرق أو خمسة في كل منها جابر الجعفى، ومع وجوده لا يمكن أن يقول الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، إنما أورد حديث الباب بلفظ [8/ 264]:"كتب على الفجر ولم يكتب عليكم"، ثم قال: وفي رواية: "أمرت بركعتى الضحى ولم تؤمروا بها، وأمرت بالضحى ولم تكتب"، ثم قال: وفي رواية: "ثلاث هن على فرائض، وهن لكم تطوع: الوتر، والفجر، وصلاة الضحى"، وفي رواية:"أمرت بركعتى الضحى والوتر ولم تكتب"، رواه كله أحمد بأسانيد، والبزار بنحوه باختصار، والطبرانى في الكبير والأوسط، وفي "ثلاث هن فرائض" أبو خباب الكلبى وهو مدلس، وبقية رجالها عند أحمد رجال الصحيح، وفي بقية أسانيدها جابر الجعفى وهو ضعيف اهـ.

فأين هذا مما نقله عنه الشارح؟!.

ص: 18

2497/ 6224 - "كُتِبَ علَى ابنِ آدمَ نصيُبه من الزِّنَا مدركا ذلكَ لا محالَة، فالعينانُ زِناهُما النظرُ، والأذنانُ زِناهُما الاستماعُ، واللسان زِنَاه الكلامُ، واليدُ زناهَا البطشُ، والرِّجلُ زِناهَا الخُطَى، والقَلبُ يهوى ويتمنَّى، ويصدِّقُ ذلك الفرج أو يُكَذِّبُه".

(م) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه البخارى مختصرا.

قلت: بل رواه بنحو ما هنا، لكن بلفظ:"إن اللَّه عز وجل كتب"، وقد سبق للمصنف في الألف عزوه للشيخين وغيرهما.

والحديث خرجه أيضًا أحمد [2/ 276]، والطبرانى [10/ 155، 156/ 10303] والحاكم في المستدرك [1/ 55] والدينورى في المجالسة، والطحاوى في مشكل الآثار وغيره، والقضاعى في مسند الشهاب وآخرون.

2498/ 6225 - "كثرةُ الحجِّ والعمرةِ تمنعُ العيْلةَ".

المحاملى في أماليه عن أم سلمة

قال الشارح: المحاملى هو أبو الحسين بن إبراهيم.

قلت: المحاملى هو أبو عبد اللَّه الحسين بن إسماعيل بن محمد، فلا كنيته أبو الحسين، ولا إبراهيم أبوه ولا جده (1).

2499/ 6225 - "كَرامةُ الكتابِ خَتْمُه".

(طب) عن ابن عباس

قال (ش): وفي رواية: "إكرام الكتاب".

(1) انظر الأمالى: (1/ 278، رقم 63).

ص: 19

قلت: ليس كذلك، بل الرواية الأخرى:"كرم الكتاب"، زاد عند القضاعى وهو قوله تعالى:{إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} .

2500/ 6229 - "كرمُ المرءِ دينُه، ومروءتُه عقلُه، وحسبُه خُلقُه".

(حم. ك. هق) عن أبي هريرة

قال في الكبير: رواه البيهقى من وجهين وضعفهما، وقال الحاكم: على شرط مسلم، ورده الذهبى بأن مسلم بن خالد الزنجى ضعيف، وقال البخارى: منكر الحديث، وقال الرازى: لا يحتج به.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن البيهقى لم يخرج الحديث من وجهين، لا ضعيفين ولا صحيحين، وإنما رواه من وجه واحد [10/ 195]، وقال: هذا يعرف لمسلم بن خالد الزنجى، وقد روى من وجهين آخرين ضعيفين اهـ.

فعبر الشارح بأنه رواهما.

ثانيهما: أن الذهبى لم يقل كل ما نقله الشارح، بل: مسلم بن خالد ضعيف، ولم يخرج له مسلم اهـ (1).

والحديث خرجه أيضًا ابن أبي الدنيا [ص 17، رقم 1]، والطبرانى كلاهما في مكارم الأخلاق لهما، والدينورى في المجالسة، وابن حبان في روضة العقلاء كلهم من طريق مسلم بن خالد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة به، ومسلم ابن خالد ضعيف كما سبق.

وله طريقان آخران ضعيفان -كما أشار إليه البيهقى- أحدهما رواه الحاكم من طريق أحمد بن المقدام [1/ 23، 2/ 163]:

(1) انظر الميزان (4/ 102، رقم 8485).

ص: 20

ثنا المعتمر عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن جده عن أبي هريرة به مثله.

وثانيهما رواه القضاعى من طريق أبي يعلى [1/ 143].

ثنا محمد بن المثنى ثنا مهدى بن سليمان ثنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به مرفوعًا بلفظ: "كرم المرء تقواه، ومروءته خلقه، ونسبه دينه، والجبن والجرأة غرائز يضعها اللَّه حيث يشاء".

وفي الباب عن على ومحمد بن على معضلا، وعمر موقوفًا، ذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب.

2501/ 6231 - "كَسْرُ عَظْم الميِّت كَكَسرِه حيّا".

(حم. د. هـ) عن عائشة

قال الشارح: وما ذكره من أن الحديث هكذا هو ما وقع في نسخ الكتاب، والموجود في أصوله القديمة الصحيحة:"كسره عظم الميت وأذاه" إلى آخره، هكذا هو عند مخرجيه المذكورين، فسقط من قلم المؤلف:"وأذاه".

قلت: قبح اللَّه الكذب والتهور، فلفظة:"وأذاه" لا توجد عند أحد من مخرجى هذا الحديث المذكورين لا في الأصول القديمة الصحيحة، ولا في الأصول الحديثة السقيمة، وإنما التهور واستسهال الكذب يوقع في المخازى والمهازل، فاسمع نصوص أصول الحديث ولا تضجر، فإن المقام مقام تحقيق الحق بين خصمين ظالم ومظلوم، قال أحمد [6/ 105]:

حدثنا أبو سعيد ثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي الرجال من بنى النجار قال: سمعت أبا الرجال يحدث عن عمرة عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

وقال أيضًا [6/ 58]:

ص: 21

حدثنا ابن نمير ثنا سعد بن سعيد قال: أخبرتنى عمرة قالت: سمعت عائشة تقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا".

وقال أيضًا [6/ 100]:

حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى "قال: قالت لى عمرة: أعطنى قطعة من أرضك أُدفنُ فيها فإنى سمعت عائشة تقول: "كسر عظم الميت مثل كسر عظم الحى".

قال: محمد وكان مولى من أهل المدينة يحدثه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال أيضًا:

حدثنا عبد الرراق أنا داود بن قيس عن سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره وهو حى"، قال: يرون أنه في الإثم.

وقال أيضًا [6/ 200]:

حدثنا محمد بن بكير أنا ابن جريج أخبرنى سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد أن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته عن عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن كسر عظم الميت ميتا كمثل كسره حيا".

وقال أيضًا [6/ 264]:

حدثنا شجاع بن الوليد عن سعد بن سعيد أخي يحيى ابن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسر عظمه حيا".

وقال أبو داود [3/ 210، رقم 3207]:

حدثنا القعنبى ثنا عبد العزيز بن محمد عن سعد -يعنى ابن سعيد- عن عمرة

ص: 22

بنت عبد الرحمن عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

وقال ابن ماجه [1/ 516، رقم 1616]: حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد العزيز ابن محمد الدراوردى، بسنده ومتنه سواء.

فهذه نصوص الأحاديث في هذه الأصول، ليس في شيء منها ما افتراه الشارح، وأزيدك نصه في أصول أخرى حتى تزداد يقينا بتهوره:

قال ابن سعد في الطبقات:

أخبرنا الفضل بن دكين وعمرو بن الهيثم حدثنا المسعودى قال: حدثنى أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن، قالت لبنى أخ لها: أعطونى موضع قبرى في حائط -ولهم حائط يلي البقيع- فإنى سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: "كسر عظم الميت ميتا ككسره حيا".

أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسى ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن قال: قالت لى عمرة: انظر قطعة من أرضك أدفن فيها، فإنى سمعت عائشة رضى اللَّه عنها تقول:"كسر عظم الميت ككسره حيا".

وقال البخارى في التاريخ الكبير [1/ 1/ 150]:

ثنا آدم ثنا شعبة ثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصارى: سمعت عمتى سمعت عائشة قالت: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

وعن عمرة عن عائشة [من] قولها، ورفعه سعد بن سعيد وحارثة عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى سليمان والدراوردى عن سعد ولم يرفعاه، قال أبو عبد اللَّه: وغير مرفوع أكثر.

ص: 23

وروى عروة والقاسم عن عائشة [من] قولها، وقال الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 108]:

حدثنا بكار بن قتيبة ثنا صفوان بن عيسى ثنا محمد بن عمارة عن عمرة عن عائشة: قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كسر عظام الميت ككسر عظام الحى".

وقال أيضًا [2/ 108]:

حدثنا عبد الملك بن مروان الرقى ثنا شجاع بن الوليد عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا".

وقال أيضًا [2/ 108]:

حدثنا أبو أمية ثنا عبيد اللَّه أنبأنا سفيان عن حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

وقال الدارقطنى:

حدثنا ابن مبشر ثنا أحمد بن المقدام ثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريج ثنا سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته عن عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن كسر عظم الميت ميتا مثل كسره حيا في الإثم".

حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسى ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج وداود بن قيس وأبو بكر بن محمد عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة أنها سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن كسر عظم المسلم ميتا مثل كسره حيا يعنى في الإثم".

حدثنا أبو الأسود عبيد اللَّه بن موسى بن إسحاق ثنا الحنينى ثنا أبو حذيفة ثنا زهير بن محمد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

ص: 24

وقال أبو نعيم في الحلية [7/ 95]:

حدثنا أبو بكر الطلحى ثنا على بن الحسن بن الحسين الرقى ثنا إبراهيم بن محمد بن الصفار ثنا أبو صالح القراء ثنا أبو إسحاق الفزارى عن سفيان عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا"، غريب من حديث الثورى تفرد به الفراء عن الفزارى.

وقال في تاريخ أصبهان [2/ 386]:

حدثنا عبد اللَّه بن محمود بن أحمد حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن العباس ثنا محمد بن المغيرة ثنا النعمان عن أبي الحسن على بن صالح المكى عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا".

وأخرج البيهقى من طريق الشافعى في الأم قال [4/ 158]: وأخبرنى مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت: "كسر عظم الميت ككسر عظم الحى"، قال الشافعى: تعنى في المآثم، قال البيهقى: وقد روى هذا الحديث موصولا مرفوعًا:

أخبرناه أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمدأباذى وأبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال قالا: حدثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمى ثنا عبد الرزاق أنبأنا داود بن قيس ثنا سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

ثم قال: وأخبرنا أبو الحسن العلوى أنبأنا أبو حامد بن الشرقى ثنا محمد بن يحيى غير مرة ثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

ص: 25

وقال الخطيب في التاريخ [12/ 106]:

أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن المظفر الدقاق أخبرنا على بن عمر السكرى ثنا أبو حاتم مكى بن عبدان النيسابورى ثنا أحمد بن حفص ثنا عبيد اللَّه بن موسى عن سفيان عن حارثة عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

وقال أيضًا [13/ 120]:

أخبرنى أحمد بن على القوزى ثنا محمد بن المظفر ثنا عبد اللَّه بن إسحاق المدائنى أخبرنا زياد بن أيوب ثنا على بن مجاهد الرازى ثنا محمد بن إسحاق عن أبي الرجال عن أمه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسر عظم الحى".

وقال الحافظ في الفتح [9/ 113] في كتاب النكاح في باب كثرة النساء على قول ابن عباس عند دفن ميمونة رضي الله عنها: "فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها وارفعوا"، ما نصه: ويستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته وفيه حديث: "كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا" أخرجه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان اهـ.

فانظر إلى هذا وتعجب من قوله: إن الحديث في الأصول التي عزاه إليها المصنف ولا سيما القديمة الصحيحة مذكور فيه زيادة: "وأذاه" والواقع أنه لم يقع عند أحد بتلك الزيادة إلا عند الديلمى في الفردوس، فلما رأى الشارح ذلك فيه جزم بأن كل الأصول خرجته كذلك، وأن تلك كلمة سقطت من قلم المصنف.

2502/ 6233 - "كَفَى بالدَّهرِ واعِظًا وبالموتِ مُفرِّقًا".

ابن السنى في عمل يوم وليلة عن أنس

ص: 26

قلت: ترجم عليه ابن السنى باب: ما يقول إذا بلغه وفاة رجل، وهو عنده من رواية ابن لهيعة عن حنين بن أبي حكيم عن أنس، وابن لهيعة حاله معروف، وقد اختلف عليه قيه فرواه حمدون بن سلام الحذاء عن يحيى بن إسحاق عنه هكذا.

ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن يحيى بن إسحاق:

ثنا ابن لهيعة عن حنين بن أبي حكيم عن عراك بن مالك به مرسلا بالقصة التي ذكرها الشارح في الكبير.

2503/ 6234 - "كفَى بالسَّلامةِ داءً".

(فر) عن ابن عباس

قال في الكبير: وفيه عمران القطان، قال الذهبى: ضعفه يحيى والنسائى، قال الديلمى: وفي الباب عن أنس.

قلت: حديث أنى خرجه القضاعى في مسند الشهاب [2/ 302] من طريق أبي قريش محمد بن جمعة بن خلف الحافظ ولعله في مسنده قال: حدثنا محمد ابن زنبور المكى ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس به.

2504/ 6236 - "كفَى بالمرءِ إثْمًا أن يضيعَ من يقُوت".

(حم. د. ك. هق) عن ابن عمرو بن العاص

قال في الكبير: وسببه -كما في البيهقى- أن ابن عمرو كان ببيت المقدس، فأتاه مولى له فقال: أقيم هنا في رمضان، قال: هل تركت لأهلك ما يقوتهم؟ قال: لا، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: هذه غفلة عجيبة، فهذا ليس بسبب للحديث، إنما هو سبب لتحدث الراوى به، وسبب الحديث هو أن يقع للنبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب تحديثه به وإنشاءه أولا، كما ذكره الشارح، قريبا عند حديث: "كفى بالدهر واعظا

ص: 27

وبالموت مفرقا"، فإن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن جارى يؤذينى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اصبر على أذاه، وكف عنه أذاك، فما لبث إلا يسيرا إذ جاءه فقال: مات الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى" وذكره، فذلك هو سبب الحديث.

وأخرجه أيضًا الطيالسى والخلال في الحث على التجارة والعمل، وأبو حفص العطار في جزئه، والثقفى في الثقفيات، والدارقطنى في الأفراد، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 303]، وأبو نعيم في الحلية [1/ 135] وأبو موسى المدينى في نزهة الحفاظ، وآخرون.

2505/ 6238 - "كفَى بالمرءِ سعادةً أن يوثَقَ بِه في أمر دينِهِ ودُنياه".

ابن النجار عن أنس

قال في الكبير: ورواه القضاعى في الشهاب، وقال شارحه العامرى: حسن غريب.

قلت: بل جهل العامرى قبيح غريب، فإنه يحسن الأحاديث برأيه لا بالنظر في الإسناد، فهذا الحديث من رواية عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن أنس، وعبد الرحيم متروك الحديث، بل قال يحيى بن معين: كذاب (1).

2506/ 6239 - "كفَى بالمرءِ عِلمًا أن يَخشَى اللَّهَ، وكفى بالمرءِ جِهلًا أن يُعجَبَ بِنفسهِ".

(هب) عن مسروق مرسلا

قلت: ورد موصولا من حديث عائشة من رواية مسروق نفسه عنها، لكنه بسياق آخر.

قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 126]:

(1) انظر الميزان: (2/ 605، رقم 5030).

ص: 28

ثنا سعيد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن هشام السرخسى ثنا الحسين بن إدريس الأنصارى ثنا خالد بن هياج بن بسطام ثنا أبي عن عباد بن كثير عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كفى من العلم الخشية، ومن الغيبة أن يذكر الرجل أخاه بما فيه".

وورد عن ابن مسعود من قوله، قال أحمد في الزهد:

حدثنا يزيد -يعنى ابن هارون- ثنا المسعودى عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: "وكفى بخشية اللَّه علما، وكفى بالاغترار جهلا".

وقال ابن بطة في الحيل:

حدثنا أبو شيبة عبد العزيز بن جعفر الخوارزمى ثنا محمد بن إسماعيل أبو عبد اللَّه الضرير حدثنا يزيد بن هارون به، وقال:"وكفى بالاغترار باللَّه جهلا".

2507/ 6242 - "كفَى بالمرءِ كَذِبًا أن يُحدثَ بكلِّ ما سَمِعَ".

(م) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه أبو داود في الأدب مرسلا.

قلت: فيه أمور، الأول: هذا التعبير ساقط لا فائدة فيه دون ذكر اسم المرسل الذي أرسل الحديث، وعيب من العيوب عند أهل الحديث.

الثانى: قوله: ورواه أبو داود في الأدب، يوهم أن لأبي داود كتاب الأدب مفردا كما للبخارى وليس كذلك، فكان عليه أن يقول: في الأدب من سننه [رقم 4992].

الثالث: أبو داود لم يخرج هذا الحديث مرسلا فقط، بل خرجه موصولا أيضًا من حديث أبي هريرة كما سأذكره.

ص: 29

الرابع: أبو داود لم يخرج الحديث بهذا اللفظ، بل لفظه:"كفى بالمرء إثما"، وقد عزاه المصنف لأبي داود وأحمد والحاكم قريبًا قبل هذا بخمسة أحاديث في المتن.

قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر ثنا شعبة (ح)

وحدثنا محمد بن الحسين ثنا على بن حفص ثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة به.

ثم قال أبو داود: لم يذكر حفص أبا هريرة، ولم يسنده إلا هذا الشيخ يعنى على بن حفص المدائنى.

قلت: وليس كذلك، بل أسنده معاذ العنبرى، وعبد الرحمن بن مهدى كلاهما عن شعبة، أخرجه مسلم (1).

2508/ 6243 - "كفَى بالمرءِ من الشرِّ أن يشارَ إليه بالأصابِعِ".

(طب) عن عمران بن حصين

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال ففيه كثير بن مروان المقدسى وهو ضعيف، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: لا يصح.

قلت: وضع الرموز أكثره غلط من النساخ، فكم حديث منكر واه بل موضوع وبآخره علامة الصحيح، ومع هذا فالحديث ورد من وجه آخر مرسلًا، قال ابن المبارك في الزهد:

أخبرنا جعفر بن حيان عن الحسن قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كفى لامرئ من الشر أن يشار إليه بالأصابع في دينه ودنياه إلا من عصم اللَّه".

(1) في مقدمة صحيحه.

ص: 30

2509/ 6244 - "كفَى بالمرْءِ من الكذبِ أن يحدثَ بكلِّ ما سمعَ وكفى بالمرءِ من الشُحِّ أن يقولَ: آخُذُ حقى لا أترك منهُ شيئًا".

(ك) عن أبي أمامة.

قال في الكبير: قال (ك): صحيح، فرده الذهبى بأن هلال بن عمرو وأبوه لا يعرفان.

قلت: ليس في نسختنا من تلخيص المستدرك شيء من هذا، وقد قال الحاكم بعده [2/ 21]: هذا إسناد صحيح، فإن آباء هلال بن العلاء أئمة ثقات، وهلال إمام أهل الجزيرة في عصره اهـ.

فاقتضى أنهما معروفان عند الحاكم بالثقة والعدالة، ثم إن أول الحديث ثابت في الصحيح كما سبق من حديث أبي هريرة فهو شاهد له، وإنما النظر في شطره الثانى، فإن ورد ما يشهد له أيضًا فهو صحيح كما يقول الحاكم.

والحديث خرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 304] من طريق ابن الأعرابى في معجمه قال:

حدثنا هلال بن العلاء بسنده المذكور عند الشارح في الكبير.

2510/ 6253 - "كَفَى بالمرءِ في دينه أن يكثرَ خَطؤه، وينقُصَ حلمهُ، وَتقِلَّ حقيقتهُ، جيفةٌ بالليلِ، بطَّالٌ بالنهارِ، كسولٌ، هَلوعٌ، منوعٌ، رتوعٌ".

(حل) عن الحكم بن عمير

قال في الكبير: وفيه بقية بن الوليد وقد مر غير مرة وعيسى بن إبراهيم، قال الذهبى: تركه أبو حاتم.

قلت: ذكر بقية غلط لأنه ثقة إلا أنه مدلس، وقد صرح في هذا بالتحديث،

ص: 31

فإن أبا نعيم رواه في ترجمة الحكم بن عمير من طريق الحسن بن سفيان [1/ 358]:

ثنا محمد بن مصفى ثنا بقية ثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم به.

وإنما علته عيسى بن إبراهيم وموسى بن أبي حبيب فإنه متروك أيضًا، قال الذهبى: وله عن الحكم بن عمير رجل قيل له صحبة والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقى صحابى كبير، وإنما عرف له رواية عن على بن الحسين اهـ.

وقال أبو حاتم في الحكم بن عمير: إنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر السماع ولا اللقاء أحاديث منكرة من رواية ابن أخته موسى بن أبي حبيب وهو ذاهب الحديث، وروى عن موسى عيسى بن إبراهيم وهو ذاهب الحديث، نقله الحافظ في اللسان [2/ 337، رقم 1373] والمقصود أن ذكر بقية في تعليل هذا الحديث غلط لا وجه له.

2511/ 6254 - "كفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يشارَ إليه بالأصابعِ: إنْ كانَ خيرًا فهو مزلَّةٌ، إلا من رَحِمَ اللَّهُ تعالَى، وإن كان شرًّا فهو شرٌ".

(هب) عن عمران بن حصين

قلت: وقع في بعض نسخ المتن الرمز لهذا الحديث بعلامة ابن حبان أيضًا وهو تحريف، والحديث قد مر الكلام عليه قريبًا، فما هذى به الشارح غفلة منه ونسيان.

2512/ 6256 - "كفَّارةُ الذنبِ الندامةُ، ولو لَمْ تُذنِبوا لأَتَى اللَّهُ بقومٍ يُذنبون فيغفر لهُمْ".

(حم. طب) عن ابن عباس

ص: 32

قال الشارح: بإسناد ضعيف وقول المؤلف حسن غير حسن، وبين في كبيره نقلا عن الحافظ الهيثمى أن علته يحيى بن عمرو بن مالك النكرى وهو ضعيف.

قلت: المؤلف حسن الحديث لا سنده، فإن يحيى بن عمرو وإن ضعفه جماعة فقد احتج به الترمذى والنسائى، وقال الدارقطنى: صويلح يعتبر به، ومع هذا فله شواهد كثيرة حسنة وصحيحة منها حديث:"الندم توبة" وهو صحيح كما سيأتى.

وأما شطره الثانى وهو قوله: "ولو لم تذنبوا. . . " الحديث، فهو صحيح مسلم من حديث أبي هريرة وأبي أيوب، فقول المؤلف حسن وانتقاد الشارح غير حسن.

وحديث الباب أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة، والقضاعى في مسند الشهاب [3/ 350، رقم 4946].

2513/ 6257 - "كفارُة المجلسِ أن يقولَ العبدُ: سبحانَكَ اللهمَّ وبحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ وحدَك لا شريكَ لكَ، أستغفرُكَ وأَتوبُ إليكَ".

(طب) عن ابن عمرو وعن ابن مسعود

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط اهـ. لكن رواه النسائى في اليوم والليلة عن رافع بن خديج، قال [الحافظ العراقى]: سنده حسن.

قلت: فيه أمران، الأول: قوله: وفيه عطاء بن السائب يوهم بل يفيد أن الطبرانى خرج الحديث من طريق واحد عن ابن عمرو وابن مسعود وليس كذلك، فإن تعلق بكونه ذكره عقب حديث ابن مسعود فهو مطالب ببيان من

ص: 33

في حديث عبد اللَّه بن عمرو أو بإقرار كون الحديث حسنا كما قال المصنف، مع أن الحافظ الهيثمى [10/ 141] الذي نقل عنه من في حديث ابن مسعود قد تعرض لحديث عبد اللَّه بن عمرو أيضًا، فقال: وفيه محمد ابن جامع العطار وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة.

الثانى: قوله: لكن رواه النسائى. . . إلخ، يفيد أنه ليس في الباب غيره مع أن في الباب أيضًا عن أنس وأبي هريرة والسائب بن يزيد والزبير بن العوام وجبير بن مطعم وعائشة وغيرهم.

2514/ 6259 - "كفارةُ من اغتبْتَ أنْ تستغفرَ لَهُ".

ابن أبي الدنيا في الصمت عن أنس

قال في الكبير: حكم ابن الجوزى بوضعه وقال: عنبسة بن عبد الرحمن أي أحد رواته متروك، وتعقبه المؤلف بأن البيهقى خرجه في الشعب عن عنبسة أيضًا وقال: إسناده ضعيف، وبأن العراقى في تخريج الإحياء اقتصر على تضعيفه، ورواه عنه الخطيب في التاريخ والديلمى، فاقتصار المصنف هنا على ابن أبي الدنيا غير جيد لإيهامه.

قلت: فيه أمور الأول: أن المصنف لم يقتصر في تعقب ابن الجوزى على ما ذكره الشارح، بل زاد على ذلك ما سأنقله، وإنما المصنف فرق تعقبه عقب حديثين، لأن ابن الجوزى ذكر هذا الحديث [3/ 119] من ثلاثة طرق من حديث سهل بن سعد وأعله بأبى داود النخعى، ومن حديث أنس المذكور في المتن وأعله بعنبسة بن عبد الرحمن، ومن حديث جابر وأعله بحفص بن عمر الأيلى، فتعقبه المصنف بأن البيهقى والعراقى اقتصرا على تضعيفه لتعدد طرقه، وبأن البيهقى أسند عن ابن المبارك أنه قال [5/ 317، رقم 6786]: إذا اغتاب رجل رجلا فلا يخبره به ولكن يستغفر اللَّه، ثم قال البيهقى: روينا في حديث مرفوع بإسناد ضعيف: "كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته"، ثم

ص: 34

اسنده [رقم 6787]، ثم قال: وهذا الإسناد ضعيف وأصح من ذلك في معناه حديث حذيفة قال [رقم 6788]: "كان في لسانى ذرب على أهلى، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أين أنت من الاستغفار يا حذيفة، إنى لأستغفر اللَّه مائة مرة"، قال [5/ 318] وذكره البخارى في تاريخه، ثم قال: قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده مظلمة لأخيه فليستحله منها"، ثم قال البخارى: وهذا أصح، قال البيهقى: فإن صح حديث حذيفة فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالاستغفار رجاء أن يرضى اللَّه تعالى خصمه يوم القيامة لكثرة استغفاره (1).

ثم ذكر المصنف للحديث طريقين آخرين من عند الخطيب والديلمى، فضرب الشارح عن كل هذا.

ثم إن الحديث له من الطرق مما لم يذكره المصنف في التعقبات ما رواه الأزدى في الضعفاء قال:

حدثنا محمد بن جرير الطبرى ثنا محمد بن مرزوق أنا أشعث بن شبيب عن أبي سليمان الكوفى عن ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته، تقول: اللهم اغفر لنا وله".

قال الذهبى: هذا حديث منكر، وأبو سليمان هو داود بن عبد الجبار، قال ابن معين: ليس بثقة.

وأخرجه الطوسى في أماليه من وجه آخر فيه داود بن المحبر وهو كذاب.

الثانى: أن الانتقاد بعدم عزوه للخطيب والديلمى صفاقة وجه متناهية، فإن معرفة كونهما خرجاه ليس هو من علمه واطلاعه، وإنما هو من ذكر المؤلف لذلك في اللآلئ المصنوعة [2/ 163].

(1) في المطبوع من الشعب: "ببركة استغفاره"، انظر (5/ 318 تحت حديث 6789)، ط. دار الكتب العلمية.

ص: 35

الثالث: إنه جهل وغباوة، فإن سند الديلمى فيه أصرم بن حوشب وهو من كبار الوضاعين، وشد الخطيب فيه دينار بن عبد اللَّه وهو كذاب، وقد روى نسخة كلها موضوعة وحاله مشهور معروف، ومع هذا فلفظ الديلمى لا يدخل في هذا الحرف لأنه مصدر بـ "من"، ولفظه:"من ظلم عبدًا مظلمة وفاته أن يتحلله منها فليستغفر اللَّه، فإن ذلك كفارة لها".

2515/ 6261 - "كُفْرٌ باللَّهِ تَبرُّوٌ من نسبٍ، وإنْ دقَّ".

البزار عن أبي بكر

قال الشارح: بإسناد حسن.

قلت: لكن قال ابن وهب في جامعه:

أخبرنى جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن عبد اللَّه بن سخبرة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: "كفر باللَّه من تبرأ من نسب وإن دق، وكفر باللَّه من ادعى على نسب لا يعرف".

وهكذا رواه موقوفًا أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في المسند فقال:

حدثنى أبي حدثنا حجاج ثنا محمد بن طلحة عن أبيه عن أبي معمر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه به.

ثم قال:

حدثنا أبي ثنا عبد الأعلى عن يونس عن الحسن أن أبا بكر قال: "لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم".

فالصحيح في هذا أنه موقوف.

2516/ 6265 - "كُفَّ عنا جُشَاءَك، فإنَ أكثرَهم شبعًا في الدُّنْيَا أطوَلُهُم جُوعًا يومَ القيامِة".

(ت. هـ) عن ابن عمر

ص: 36

قال في الكبير: قال ابن عمر تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، وقال (ت): حسن غريب وذلك الرجل هو أبو جحيفة كما صرح به في عدة روايات وكان لم يبلغ الحلم، قال في المعارف: ولم يأكل بعد ذلك ملء بطنه حتى فارق الدنيا.

قلت: حديث ابن عمر من رواية يحيى البكاء عنه، وهو ضعيف عند الأكثرين، وقد ذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال [2/ 123]: إن هذا حديث منكر.

وأما حديث أبي جحيفة -الذي أشار إليه الشارح- فذكر ابن أبي حاتم في العلل أيضًا [2/ 123] أنه سمع أباه، وذكر حديثا كان في كتاب عمرو بن مرزوق، ولم يحدث به عن مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:"تجشأت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أطولكم شبعا في الدنيا أطولكم جوعا في الآخرة"، فسمعت أبي يقول: هذا حديث باطل، ولم يبلغنى أن عمرو بن مرزوق حدث به قط.

قلت: هذا غلو من أبي حاتم، فالحديث ورد من طرق عن أبي جحيفة، قال الحاكم في المستدرك [4/ 121]:

أخبرنا مكرم بن أحمد القاضى ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا أبو ربيعة فهد ابن عوف ثنا فضل بن أبي الفضل الأزدى أخبرنى عمر بن موسى أخبرنى على ابن الأقمر عن أبي جحيفة قال: "أكلت ثريدة من خبز ولحم سمين، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ فقال: ما هذا؟! كف عنا جشاءك، فإن أكثر الناس في الدنيا شبعا أكثرهم في الآخرة جوعًا".

قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبى بأن فهدا قال: المدينى كذاب، وعمر هالك اهـ.

ص: 37

قلت: لكنه ورد من طريق آخر عن على بن الأقمر، أخرجه أبو نعيم [3/ 345، 346] عن الطبرانى، قال:

حدثنا أحمد بن محمد بن داود السكرى ثنا محمد بن خليد الحنفى ثنا عبد الواحد بن زياد عن مسعر عن على بن الأقمر به، لكنه قال: عن ابن أبي جحيفة عن أبيه، ولفظه:"قال: أكلت خبزا، ثم أتيته صلى الله عليه وسلم فتجشأت، فقال لى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا أبا جحيفة أقصر عنا من جشائك، فإن أطول الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا يوم القيامة".

وله طرق أخرى عن أبي جحيفة، قال البخارى في الكنى [ص 31، رقم 266]:

ثنا عمرو بن محمد ثنا إسحاق بن منصور السلولى سمع عبد السلام بن حرب عن أبي رجاء عن أبي جحيفة به.

ورواه ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى من رواية المقدام بن داود ثنا أسد ابن موسى ثنا على بن ثابت الجزرى عن الوليد بن عمرو بن ساج عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه به.

وقال الحافظ المنذرى: رواه البزار بإسنادين رواة أحدهما ثقات، ورواه ابن أبي الدنيا، والطبرانى في الكبير والأوسط، والبيهقى، وزاد:"فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا، كان إذا تغذى لا يتعشى، وإذا تعشى لا يتغذى"، وفي رواية لابن أبي الدنيا، قال أبو جحيفة: فما ملأت بطنى منذ الثلاثين سنة اهـ.

فنقل الشارح هذا عن المعارف، مع كونه في المستدرك والترغيب ابعاد.

وقال ابن المبارك في الزهد [رقم 213]:

أخبرنا بقية بن الوليد قال: حدثنى أيوب بن عثمان قال: "إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يتجشأ، فقال: اقصر عنا من جشائك، فإن أطول الناس جوعا

ص: 38

يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا".

2517/ 6271 - "كُلُّ أحدٍ أحقُّ بمالِهِ منْ وَالِدِهِ وِولده والناسِ أجْمَعين".

(هق) عن حبان الجمحى

قال في الكبير: رواه البيهقى عن أبي عبيد عن هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن حبان بن أبي جبلة الجمحى، أضار المصنف لصحته وهو ذهول أو قصور، فقد استدرك عليه الذهبى في المهذب فقال: قلت لم يصح مع انقطاعه.

قلت: فيه أمور، الأول: قوله: رواه البيهقى عن أبي عبيد يوهم أن أبا عبيد شيخ للبيهقى وبينهما نحو مائتى سنة، فكان الواجب أن يقول: من طريق أبي عبيد.

الثانى: أن الحديث مرسل لأن حبان بن أبي جبلة تابعى، فكان عليه أن ينبه على ذلك، ولا أقل من أن ينقل كلام البيهقى، لأنه نص على ذلك عقب الحديث.

الثالث: البيهقى لم يرو الحديث من طريق أبي عبيد فقط عن هشيم، بل رواه أيضًا من طريق الحسن بن عرفة عنه، فقال في النفقات:

أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى أنا أبو الحسن الكارزى ثنا على بن عبد العزيز عن أبي عبيد عن هشيم به.

وفي هذا الباب قال الذهبى ما نقله عنه الشارح.

ثم قال البيهقى في المكاتب:

أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهانى أنا على بن عمر الحافظ ثنا أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الجنيد ثنا الحسن بن عرفة عن هشيم به، ثم

ص: 39

قال: هذا مرسل، حبان بن أبي جبلة القرشى من التابعين، ولم يزد الذهبى في هذا الباب على قوله: مرسل.

الرابع: لا يدرى ما سبب ضعفه عند الذهبى، فإن كان الإرسال فظاهر وحكمه معروف، وإن كان من جهة الرجال فهم ثقات، إلا أن عبد الرحمن ابن يحيى متعدد، ولم يقع في الإسناد ما يبينه، فإن عرفه الذهبى بالضعف، وإلا فالأمر فيه محتمل، وإذ ذلك كذلك فللذهبى نظره فيه واجتهاده في تعيينه وللمؤلف كذلك، فمن يجعل أحدهما حجة على الآخر، ولكن الشارح يجعل كل مخالف للمصنف حجة عليه.

2518/ 6274 - "كُلُّ الذنوبِ يُؤخرُ اللَّهُ تعالى ما شاءَ منهَا إلى يومِ القيامةِ، إلا عقوقَ الوالدينِ، فإنَّ اللَّهَ يعجلُه لصاحبِه في الحياةِ الدنيا قبل المماتِ".

(طب. ك) عن أبي بكرة

قال في الكبير: قال (ك): صحيح ورده الذهبى فقال: بكار بن عبد العزيز ضعيف.

قلت: قد قال إسحاق بن منصور عن يحيى: صالح، وقال البزار: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات [6/ 107]، وقال ابن عدى: أرجوا أنه لا بأس به.

والحديث خرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [رقم 591] قال:

حدثنا حامد بن عمر ثنا بكار بن عبد العزيز عن أبيه عن جده هو أبو بكرة به مثله.

ص: 40

2519/ 6276 - "كُلُّ الكذِب يُكتبُ على ابنَ آدمَ إلا ثلاثًا: الرجلُ يكذبُ في الحربِ فإن الحربَ خُدعَةٌ، والرجلُ يكذبُ المرأةَ فَيُرضيهَا، والرجلُ يكذبُ بينَ الرجلين ليُصلِحَ بينهُمَا".

(طب) وابن السنى في عمل يوم وليلة عن النواس

قال: وفيه ضعف وانقطاع، فقول المؤلف حسن ممنوع.

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه محمد بن جامع العطار وهو ضعيف، وقال شيخه العراقى: فيه انقطاع وضعف، ورواه ابن عدى عن أسماء بنت يزيد بلفظ:"سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول: يا أيها الناس ما يحملكم على أن تتابعوا في الكذب كما يتتابع الفراش في النار، كل الكذب" إلى آخر ما هنا.

قلت: أما ما نقله عن العراقى فلا أصل له ولم يقل العراقى ذلك، بل قال: فيه شهر بن حوشب ولم يزد عليه.

وأما الهيثمى فقد قال ذلك [8/ 81]، ولكنه عزا الحديث للطبرانى فقط، والمصنف عزاه له ولابن السنى [رقم 606] معا، وابن السنى وقع عنده في السند متابع لمحمد بن جامع فإنه قال:

أخبرنا أبو يعلى ثنا أحمد بن أيوب بن راشد ومحمد بن جامع حدثنا مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن شهر بن حوشب عن الزبرقان عن النواس به.

ومع هذا فله متابعون آخرون، قال ابن قتيبة في عيون الأخبار:

حدثنا أحمد بن الخليل ثنا سليمان بن داود عن مسلمة بن علقمة به.

وقال البخارى في التاريح: حدثنا قيس بن حفص عن مسلمة بن علقمة به.

وقال الحاكم في علوم الحديث:

ص: 41

أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر القارى ثنا أحمد بن إسحاق بن صالح ثنا قيس ابن حفص الدارمى ثنا مسلمة بن علقمة به مختصرا.

فصح قول المصنف وبطل هراء الشارح.

ثم إن حديث أسماء بنت يؤيد الذي اقتصر على عزوه لابن عدى، هو في مسند أحمد وسنن الترمذى، فعزوه إلى ابن عدى قصور وعيب إلا أن الشارح ليس من أهل ذلك.

2520/ 6279 - "كُلُّ أمتِى معافًى إلا المجاهرَ الذي يعملُ العملَ بالليِل فيستُرُه ربُّهُ ثم يُصبحُ فيقولُ: يا فلان، إنى عَمِلْتُ البارحةَ كذَا وكذَا، فيكشفُ سِترَ اللَّه عز وجل".

(طس) عن أبي قتادة

قال الشارح: بإسناد ضعيف، ونقل في الكبير عن الهيثمى أن فيه عون بن عمارة وهو ضعيف.

قلت: لكن المصنف رمز لصحته كما في بعض النسخ، وذلك لأن حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين شاهد له لأنه بمعناه، بل هو هو تقريبا.

وهذا أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن الطبرانى وغيره فقال [2/ 64]:

حدثنا القاضى أبو أحمد وسليمان بن أحمد الطبرانى وأبو محمد بن حيان هو أبو الشيخ قالوا: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عمران ثنا الحسن بن على الحلوانى ثنا عون بن عمارة حدثنى عبد اللَّه بن المثنى بن عبد اللَّه بن أنس عن ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس عن أنس بن مالك عن أبي قتادة به.

ص: 42

2521/ 6282 - "كلُ امرئٍ في ظِلِّ صدقَتِهِ حتى يُقضَى بين الناسِ".

(حم. ك) عن عقبة بن عامر

قلت: أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [رقم 227]، وابن خزيمة [رقم 2431]، وابن حبان [رقم 817]، وأبو نعيم في الحلية [8/ 181] والطبرانى والبيهقى في الشعب [3/ 212، رقم 3348] والعارف الرفاعى في حال أهل الحقيقة مع اللَّه وغيرهم [ص 55، رقم 11].

2522/ 6284 - "كلُّ أمرٍ ذى بالٍ لا يُبدأُ فيه بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أقطعُ".

عبد القادر الرهاوى في الأربعين عن أبي هريرة.

قال في الكبير: عبد القادر الرهاوى بضم الراء نسبة إلى رهاء بالضم حى من مذحج، ورواه أيضًا الخطيب في تاريخه، زاد في الصغير بإسناد حسن.

قلت: فيه أوهام، الأول: الرها ليس حيا من مذحج، بل هي مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام.

الثانى: الخطيب لم يخرج هذا الحديث في تاريخه، وإنما أخرجه في كتابه الجامع لآداب الراوى والسامع.

الثالث: سند الحديث ليس بحسن، بل باطل موضوع كما بينته في جرء مفرد سميته: الاستعاذة والحسبلة، ممن صحح حديث البسملة وهو مطبوع والحمد للَّه، فلا حاجة بنا إلى ذكر ما فيه هنا.

2523/ 6287 - "كُلُّ بِناء وبالٌ على صاحِبِه يوم القيامة إلا مسجِدًا".

(هب) عن أنس

ص: 43

قال الشارح: رمز المصنف لحسنه.

قلت: هكذا ذكره المصنف مختصرا، وقد أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 216] قال:

أخبرنا القاضى أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم فيما أذن ثنا محمد بن خداش ثنا سليمان بن داود المنقرى ثنا يحيى بن يمان ثنا سفيان الثورى عن أبي عمارة عن أنس بن مالك قال: "مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على رجل يبنى بناء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجدًا يذكر فيه اسمه أو خصا من قصب، فإن اللَّه عز وجل يجعل للمؤمن به لؤلؤة في الجنة". هكذا وقع في الأصل أبو عمارة وصوابه: أبو عمار، فقد ذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سمع أباه، وذكر حديثا رواه مروان بن معاوية عن محمد بن أبي زكريا عن عمار عن أنس قال:"مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جانب دور الأنصار فأبصر قبة مبنية، فقال: يا أنس لمن هذه القبة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم كل بناء وبال على صاحبه إلا بناء كف يعنى يستر"، وذكر الحديث، قال أبي: أرى أن هذا خطأ، وأنه أبو عمار زياد بن ميمون، وابن أبي زكريا مجهول اهـ.

قلت: وبلفظ عمار ذكره البخارى في التاريخ الكبير [1/ 1/ 87]، فقال في ترجمة محمد بن أبي زكريا التميمى روى عن عمار: شيخ له عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في البناء، روى عنه مروان بن معاوية، وقال بعضهم: عن مروان عن محمد بن جرير بن أبي زكريا اهـ.

وأبو عمار زياد بن ميمون ضعيف جدا بل كذاب لكن الحديث له طريق آخر عن أنس عند أحمد [3/ 230] والبخارى في التاريخ الكبير [كنى 45، رقم 385] وأبي داود وابن ماجه وغيرهم من رواية أبي طلحة الأسدى عنه بلفظ: "أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما كان في مسجد أو أو أو"، وفي لفظ أبي داود:"إلا مالا"، وقد سبق للمؤلف ذكره في حرف الألف، فالمنكر من

ص: 44

حديث زياد بن ميمون هو تلك الزيادة، والشارح لا يعلم أن الحديث في المسند والسنن، وإلا لأسخف على عادته غير مبالى بمخالفة أول الحديث لما هنا.

2524/ 6291 - "كُلُّ بني آدمَ حسودٌ، ولا يَضرُّ حاسدًا حسده ما لَمْ يتكلَّمْ باللسانِ أو يعمَلْ باليدِ".

(حل) عن أنس

قال في الكبير: وفيه مجاهيل.

قلت: لم أر هذا الحديث في نسختنا من الحلية، وقد أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 227] قال:

حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى ثنا أشعث بن شداد أبو عبد اللَّه السجستانى ثنا سعد بن يزيد الفراء ثنا موسى شيخ من أهل واسط ثنا قتادة عن أنس به، ولفظه:"كل بنى آدم حسود، وبعض الناس في الحسد أفضل من بعض، فلا يضر حاسد حسدا" الحديث.

وليس في هؤلاء مجاهيل كما يقول الشارح، فإن موسى المذكور هو ابن خلف العمى كما سيأتى لا سيما وللحديث طريق آخر عن موسى المذكور.

قال الحاكم في علوم الحديث (ص 236):

أخبرنى خلف قال: ثنا خلف ثنا خلف ثنا خلف، قال الحاكم: فالأول منهم الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد السجزى، والثانى أبو صالح خلف بن محمد البخارى، والثالث خلف بن سليمان النسفى صاحب المسند، والرابع خلف ابن محمد بن كردوس الواسطى، والخامس خلف بن موسى بن خلف، وقد حدثنا بالحديث أبو صالح قال: أخبرنا خلف بن سليمان قال: أخبرنا خلف ابن محمد.

قلت: هكذا ذكر الحاكم هذا السند ولم يذكر متنه.

ص: 45

وقد أخرجه أبو موسى المدينى في نزهة الحفاظ، قال:

أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم التاجر أنا أبو القاسم المحدث أنا أبو عاصم عبد الواحد بن محمد بن يعقوب الواعظ الهروى بأسفراين (ح).

وأخبرناه عاليا أبو طاهر الحسناباذى أنا أبو عثمان الإمام الصابونى كتابة قالا: حدثنا الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد ثنا خلف بن محمد الختام ثنا خلف بن سليمان النسفى ثنا خلف بن محمد بن كردوس ثنا خلف بن موسى العمى ثنا أبي موسى عن قتادة عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كل بنى آدم حسود"، فذكره مثل لفظ أبي نعيم في التاريخ سواء.

وقال الذهبى في التذكره: قرأت على أحمد بن هبة اللَّه عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا إسحاق بن عبد الرحمن أنا الأمير خلف بن أحمد به مثله، ثم قال: هذا حديث غريب منكر.

2525/ 6293 - "كُلُّ بنى آدمَ ينتمُونَ إلى عَصَبةٍ، إلَّا ولدَ فاطمةَ فأَنا وليُّهُم وأنَا عَصَبَتُهُمْ".

(طب) عن فاطمة الزهراء

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه أبو بشر بن نعامة وهو ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الأحاديث الواهية وقال: لا يصح، فقول المصنف هو حسن غير حسن.

قلت: ليس في الرواة أبو بشر بن نعامة ولا قال ذلك الهيثمى، إنما قال فيه [9/ 172]: بشر بن نعامة، وقد قدمنا أن المصنف يحكم للأحاديث لا للأسانيد، وهذا الحديث له شواهد متعددة منها الذي بعده في المتن، ويكفى في ثبوت هذا الإجماع المنعقد على ذلك وأنه من خصوصياته صلى الله عليه وسلم.

2526/ 6296 - "كُلُّ جَسد نجتَ من سُحتٍ فالنارُ أولَى بهِ".

(طب. حل) عن أبي بكر

ص: 46

قال في الكبير: فيه عبد الواحد بن واصل، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه الأزدى، وعبد الواحد بن زيد قال البخارى والنسائى: متروك، قال أبو نعيم: وفي الباب عن عائشة وجابر.

قلت: فيه أمور، أحدها: أن عبد الواحد بن واصل ليس بضعيف، وليس كل ما ذكره الذهبى في الميزان ضعيفا، فإنه قد يورد الثقة من أجل قول قيل فيه وإن كان غير مقبول، فعبد الواحد روى له البخارى مقرونا، وقال ابن معين: كان ثقة من المتثبتين ما أعلم أنا أخذنا عليه خطأ البتة، وقال العجلى ويعقوب بن شيبة ويعقوب بن سفيان وأبو داود والدارقطنى والخطيب: ثقة.

ثانيها: أن الذهبى لم يذكر عن الأزدى كلاما في هذا الرجل، ونصه في الميزان: عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد صاحب حديث مشهور وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد بن حنبل: أخشى أن يكون ضعيفا، وخرج له البخارى في الصلاة فقرنه بآخر، وقال أحمد أيضًا: لم يكن صاحب حفظ وكتابه صحيح، وقال ابن معين أيضًا: كان من المتثبتين ما أعلم أنا أخذنا عليه خطأ البته انتهى.

ثالثها: أن الأزدى نفسه وإن تكلم فيه فقد اعترف له بالصدق، فذكر الحافظ في التهذيب أن الأزدى حكى عن أحمد بن حنبل أنه ضعفه، ثم قال الأزدى: ما أخرب ما قال أحمد، لأن له أحاديث غير مرضية عن شعبة وغيره، إلا أنه في الجملة قد حمل عنه الناس ويحتمل لصدقه اهـ.

رابعها: أن المصنف عزا الحديث للطبرانى وأبي نعيم، وعبد الواحد المذكور غير موجود في سند أبي نعيم، فإنه أخرجه من غير طريقه فقال [1/ 31]:

حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسين بن سفيان حدثنى يعقوب بن سفيان حدثنى عمرو بن منصور البصرى ثنا عبد الواحد بن زيد عن أسلم الكوفى عن مرة الطيب عن زيد بن أرقم عن أبي بكر به.

ص: 47

ثم قال: ورواه عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة نحوه، والمنكدر ابن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر نحوه.

والشارح قد نقل من نفس الحلية وغفل عن كون السند ليس فيه عبد الواحد بن واصل.

خامسها: أن الحديث معروف بعبد الواحد بن زيد، وفي ترجمته يورده أهل الجرح والتعديل، قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 154]: عبد الواحد بن زيد البصرى العابد كان ممن غلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان فيما يروى، فكثرة المناكير في روايته على قلتها، فبطل الاحتجاج به، وهو الذي روى عن أسلم عن مرة عن زيد بن أرقم عن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يدخل الجنة جسد غذى بحرام".

حدثنا الصوفى ثنا يحيى بن معين ثنا أبو عبيدة الحداد عن عبد الواحد بن زيد عن أسلم اهـ.

وكذلك ذكره الذهبى في ترجمته من الميزان [2/ 672، رقم 5288]، نعم أخرجه في تذكرة الحفاظ في ترجمة عبد الواحد بن واصل أبي الحسين بن النقور في فوائده، قال:

أخبرنا على بن عمر الجرمى ثنا أحمد بن الحسين الصوفى ثنا يحيى بن معين ثنا أبو عبيدة الحداد عن عبد الواحد بن زيد فذكره، ثم قال: غريب جدا.

وهكذا رواه إسحاق بن إبراهيم المروزى عن أبي عبيدة، وسمعناه في منتخب عبد بن حميد عن أبي داود عن عبد الواحد بن زيد كذلك وهو المحفوظ، ولكن هو في مسند أبي يعلى الموصلى من طريقيه عن يحيى بن معين فقال: فرقد السبخى بدل أسلم اهـ.

وله طريق آخر من غير طريق أبي عبيدة الحداد وهو عبد الواحد بن واصل، أخرجه الدينورى في المجالسة:

ص: 48

حدثنا جعفر بن محمد ومحمد بن عبد العزيز قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا عبد الواحد بن زيد به.

وقد عزاه الحافظ المنذرى لأبي يعلى والبزار والطبرانى في الأوسط والبيهقى في الشعب، ثم قال: وبعض أسانيدهم حسن.

وكذلك عزاه الهيثمى لهؤلاء الثلاثة، ثم قال: ورجال أبي يعلى ثقات وفي بعضهم خلاف اهـ.

وهذا منهما كالتوثيق لعبد الواحد بن زيد، فإنه إمام جليل كبير الشأن عظيم القدر من سادات السلف الصالح وأفاضلهم وأورعهم وأزهدهم، وعبادته وزهده هي التي شغلته عن إتقان الحديث، والمحدثون لا يعتبرون إلا الإتقان والضبط، ثم إن الحديث له شواهد كثيرة معروفة من حديث كعب بن عجرة وعقبة بن عامر وجماعة، فقول الشارح: سنده ضعيف جهل منه بالحديث.

2527/ 6297 - "كُلُّ حرفٍ من القرآنِ يُذكَرُ فيهِ القُنوت فَهُوَ الطاعة".

(حم. ع. حب) عن أبي سعيد

قال في الكبير: قال الهيثمى: في إسناد أحمد وأبي يعلى ابن لهيعة وهو ضعيف وقد يحسن حديثه وأقول -أي الهيثمى- فيه أيضًا دراج عن أبي الهيثم وقد سبق أن أبا حاتم وغيره ضعفوه وأن أحمد قال: أحاديثه مناكير.

قلت: وفيه أيضًا أنك لا تعرف الحديث وصناعته ورجاله فلو سكتَّ لكان خيرا لك، فإن رواية دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد نسخة يحسنها أكثر الحفاظ، ويصححها ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وأمثالهم، ولذلك لا يتعرض الهيثمى لذكرهما، ولو كان عندك عقل لأرشدك إلى عدم الاستدراك على مثل الحافظ الهيثمى، ولعلمت أن ابن حبان لا يخرج في الصحيح حديثا ضعيفا من رواية راو منكر الحديث متفق على ضعفه، بل ولاهتديت إلى أنه يجب أن

ص: 49

يكون عنده من غير طريق ابن لهيعة، لأنه وإن كان إماما حافظا إلا أنه لا يدخل في الصحيح عندهم وإن حسن له كثير منهم، وهذا الحديث قد رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج، ومن طريقه رواه الجماعة كأبي نعيم في الحلية [8/ 325] وغيره.

2528/ 6298 - "كُلُّ خطبةٍ ليسَ فيها تشهدٌ فَهِى كاليدِ الجذماءِ".

(د) عن أبي هريرة

قال في الكبير: رواه أبو داود من حديث مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة، وعبد الواحد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الطيالسى: عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها، وعاصم أورده في الضعفاء أيضًا وقال: قال ابن المدينى: لا يحتج بما انفرد به أي وقد انفرد به كما قال البيهقى، قال: وإنما تكلم ابن معين في أبي هاشم الرفاعى لهذا الحديث.

قلت: فيه من دواهى هذا الرجل أمور، الأول: قوله: رواه أبو داود من حديث مسدد، فإن أبا داود رواه [4/ 262، رقم 4841] عن مسدد نفسه، والقاعدة عند أهل الحديث أنهم إذا ذكروا شيخ المخرج قالوا: عن، وإذا ذكروا من فوقه ممن لم يلقه وروى عنه بواسطة أو أكثر قالوا: من حديث فلان، رفعا لما تفيده العنعنة من الاتصال، والغريب أن الشارح دائمًا يقول: رواه فلان عن فلان فيمن يكون بين المخرج وبينه وسائط مما ينبغى أن يقول: من حديث فلان، وفي هذا الموضع عكس فقال: من حديث فلان لئلا يكون مصيبا لا هنا ولا هناك.

الثانى: إن أبا داود رواه عن مسدد وموسى بن إسماعيل كلاهما عن عبد الواحد بن زياد.

الثالث: إن عبد الواحد بن زياد ثقة متفق على جلالته، احتج به البخارى

ص: 50

ومسلم وأثنى عليه الناس ووثقوه، فلا معنى لذكره وتعليل الحديث به، وقد قال ابن عبد البر: أجمعوا لا خلاف بينهم أن عبد الواحد بن زياد ثقة ثبت، وقال ابن القطان الفاسى: ثقة لم يعتل عليه بقادح.

قلت: وقد قدمت مرارا أنه ليس كل من تُكلِمَ فيه ضعيفا، ولا كل من أورده الذهبى كذلك.

الرابع: إن عاصم بن كليب ثقة أيضًا احتج به مسلم في صحيحه ووثقه الناس: أحمد وابن معين وأبو حاتم وأحمد بن صالح والنسائى وأبو داود وابن سعد وابن شاهين وابن حبان، وانفرد ابن المدينى بما قال، فالتعليل به أيضًا من الجهل بالحديث.

الخامس: إن قوله: أي وقد انفرد به -كما قال البيهقى- كذب على البيهقى فإنه ما قال ذلك أصلا، وإنما نقل عن مسلم أن عبد الواحد بن زياد تفرد به، ثم رد ذلك على مسلم كما سأذكره.

السادس: إن قوله: وإنما تكلم ابن معين في أبي هاشم الرفاعى لهذا الحديث، هو خبر بدون مبتدأ وكلام منقطع بدون ارتباط بما قبله يوقع الناظر في الحيرة والاشتباه، ومبتدأ هذا الخبر أن البيهقى خرج الحديث [3/ 209] من طريق حامد بن عمر البكراوى عن عبد الواحد بن زياد، ثم أسند عن أحمد بن سلمة قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لم يرو هذا الحديث عن عاصم بن كليب إلا عبد الواحد بن زياد، فقلت له: حدثنا أبو هشام الرفاعى ثنا ابن فضيل عن عاصم بن كليب به، فقال مسلم: إنما تكلم يحيى ابن معين في أبي هشام بهذا الذي رواه عن ابن فضيل، قال البيهقى: عبد الواحد بن زياد من الثقات الذين يقبل منهم ما تفردوا به انتهى.

فمسلم ادعى أن عبد الواحد بن زياد تفرد به، فلما أخبره أحمد بن سلمة أن أبا هشام الرفاعى تابعه عن ابن فضيل عن عاصم، قال: إن ابن معين قد

ص: 51

تكلم في أبي هشام من أجل هذه المتابعة، كأنه يقول: إن الحديث مما تفرد به عبد الواحد وأبو هشام غلط في روايته عن ابن فضيل، فأجاب البيهقى بأنه على تسليم انفراد عبد الواحد به فهو ثقة لا يضره التفرد، فكلامه مشرق وكلام الشارح مغرب، ورواية أبي هشام الرفاعى خرجها الترمذى في سننه عنه بهذا اللفظ، ثم قال [رقم 1106]: هذا حديث حسن غريب، فهي متابعة جيدة، وأبو هشام الرفاعى ثقة من رجال مسلم، فلا يضيره كلام ابن معين فيه، ولو كان ضائره لما احتج به مسلم نفسه.

السابع: أنه أبو هشام بالألف بعد الشين، والشارح كتبه بالألف بعد الهاء.

الثامن: إن هذا الحديث خرجه أيضًا أحمد [2/ 343] والبخارى في التاريخ الكبير [7/ 229]، والترمذى كما قدمته، والدينورى في المجالسة، وأبو نعيم في الحلية [9/ 43]، ومن عادة الشارح التهويل في الاستدراك على المصنف بما هو أقل من هذا مع وجود المخالفة في اللفظ، فكيف بهذا؟ وذلك مما يدل على القصور التام لأن هذا الحديث غير موجود في مجمع الزوائد.

2529/ 6299 - "كُلُّ خطوةٍ يخطُوها أحدُكُم إلى الصلاةِ يكتب له حسنةً، ويمحُو عنهُ بِها سيئةً".

(حم) عن أبي هريرة

قال الشارح: بإسناد حسن وقول المؤلف: صحيح فيه ما فيه.

وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس على ما ينبغى ففيه إبراهيم بن خالد أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وقال: وثقوه، وقال أبو حاتم: كان يتكلم بالرأى ليس محله محل المستمعين.

قلت: لا ينقضى واللَّه عجبى من هذا الرجل وجرأته على الكذب وأفراطه في التلبيس والخيانة في العلم نسأل اللَّه العافية.

ص: 52

أما الجهل فإن إبراهيم بن خالد المذكور في سند هذا الحديث ليس هو الذي نقل كلام أبي حاتم فيه، بل هو إبراهيم بن خالد بن عبيد القرشى الصنعانى المؤذن شيخ الإمام أحمد وعنه روى هذا الحديث، وقال فيه: كان ثقة وأثنى عليه خيرا، وكذا قال ابن معين: ثقة، ووثقه أيضًا البزار والدارقطنى، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال [8/ 59]: كان مؤذن مسجد صنعاء سبعين سنة، وأما الذي نقل الشارح الكلام فيه فهو إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبى (1) الإمام أحد المذاهب المتبوعة، وهو من أقران أحمد، ولم يرو عنه أحمد فيما أعلم.

وأما الكذب فقوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء مع أنه أورده في الميزان، وإنما كذب الشارح في ذلك ليستر تلبيسه الفاحش وكذبه على الذهبى فيما نقل عنه حتى لا يرجع الناظر إلى الميزان فيتحقق بكذبه، فهو أراد أن يستر التلبيس والكذب بالتلبيس والكذب أيضًا، فاسمع عبارة الذهبى في الميزان بالنص:

إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبى أحد الفقهاء الأعلام، وثقه النسائى والناس، وأما أبو حاتم فتعنت وقال: يتكلم بالرأى فيخطئ ويصيب، ليس محله محل المستمعين في الحديث، فهذا غلو من أبي حاتم سامحه اللَّه، وقد سمع أبو ثور من سفيان بن عيينة وتفقه بالشافعى وغيره، وقد روى عن أحمد بن حنبل، قال: هو عندى في سُلَّافى سفيان، مات سنة أربعين ومائتين ببغداد وقد شاخ انتهى.

فانظر كيف حذف المدح من كلام الذهبى ورده على أبي حاتم، وجهل أن الرجل إمام من الأئمة المتبوعين أصحاب المذاهب، ومن كبار الثقات الفضلاء ليتسنى له الرد على المصنف، وليته كان هو المذكور في الإسناد، بل المذكور رجل آخر.

(1) ذكره ابن حبان في الثقات أيضًا، انظر (8/ 74).

ص: 53

2530/ 6300 - "كُلُّ خلّةٍ يُطبعُ عليها المؤمنُ إلا الخيانةَ والكذِبَ".

(ع) عن سعد

قال الشارح: بإسناد حسن.

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: فيه على بن هاشم مجروح، وقال الدارقطنى: وقفه على سعد أشبه بالصواب، وقال الذهبى في الكبائر: روى بإسنادين ضعيفين.

قلت: فيه أمور، الأول: لم يرمز المصنف لهذا الحديث بشيء لا بعلامة الحسن ولا بغيره.

الثانى: وإذا صح أنه رمز له بذلك فهو كذلك وفوق ذلك كما ستعرفه.

الثالث: أنه جزم في الصغير بأنه حسن، وذا تناقض وتلاعب، إذ بون كبير بين ما هو في الواهيات فهو واه وبين كونه حسنا.

الرابع: على بن هاشم بن البريد ثقة، احتج به مسلم في الصحيح ووثقه الناس، إنما تكلم فيه بعضهم من أجل التشيع، ولذلك اضطرب فيه ابن حبان فذكره في الثقات [7/ 213 - 214] وفي الضعفاء [2/ 110] من أجل صدقه ومن أجل تشيعه وروايته أحاديث الفضائل كما هي عادتهم مع على وأهله وشيعته، قال أحمد: لا بأس به، وقال ابن معين: ثقة، وابن المدينى: كان صدوقا يتشيع، وقال مرة أخرى: كان ثقة، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال النسائى: لا بأس به، وقال ابن سعد: كان صالح الحديث صدوقا، وقال ابن عدى: حدث عنه جماعة من الأئمة، ويروى في فضائل على أشياء لا يرويها غيره، وهو -إن شاء اللَّه- صدوق لا بأس به، وقال العجلى: ثقة، ومن أجل هذا لما ذكر الحافظ نور الدين هذا الحديث في الزوائد [1/ 93] قال: رواه البزار وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح اهـ.

وكذلك عزاه لهما الحافظ المنذرى وقال: رواته رواة الصحيح، وذكره

ص: 54

الدارقطنى في العلل مرفوعًا وموقوفًا وقال: الموقوف أشبه بالصواب اهـ.

ومنه نقل الشارح ما حكاه عن الدارقطنى، وبه تعلم عظيم جرأته في الكذب وهو يتكلم على حديث:"يطبع المؤمن على كل خلة إلا الخيانة والكذب"، وقد ورد أن الخيانة في العلم كالخيانة في المال، فانظر إلى هذا وتعجب.

الخامس: أن للحديث طريقًا آخر كما اعترف هو به نقلا عن الذهبى، وما أراه إلا كاذبا فيما نقل عنه، فقد راجعت كبائر الذهبى فلم أجده ذكر ذلك فيه، بل قال: وفي الحديث: "يطبع المؤمن" فذكره ولم يزد عليه، إلا أنى أشك في الأصل المطبوع أن يكون بعض الجهلة اختصر من الكتاب لبه وروحه وهو عزو الأحاديث، فإن جميع ما فيه مجرد عن العزو، فإن كان الذهبى كتبه كذلك فالشارح كاذب ولابد، وأنا أورد طريقى الحديث:

أما طريق على بن هاشم فأخرجه البزار، وأبو يعلى، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 53، رقم 144]، وابن شاهين في جزئه، والقضاعى في مسند الشهاب كلهم من طريق داود بن رشيد:

ثنا على بن هاشم بن البريد عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه به.

وأما الطريق الثانى فأخرجه ابن شاهين في جزئه أيضًا من طريقين عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد به.

أما الطريق الموقوف الذي ذكره الدارقطنى فأخرجه ابن المبارك في الزهد [رقم 828]، قال: أخبرنا شعبة عن سلمة بن كهيل به موقوفًا على سعد.

2531/ 6301 - "كُلُّ خلقِ اللَّهِ تعالَى حسنٌ".

(حم. طب) عن الشريد بن سويد

قال الشارح في معناه: أي أخلاقه المخزونة عنده التي هي مائة وسبعة عشر كلها حسنة فمن أراد به خيرا منحه منها شيئًا.

ص: 55

قلت: سارت مشرقة وسرت مغربا

شتان بين مشرق ومغرب

فالحديث: "كل خلق اللَّه" بفتح الخاء، والشارح قرأها بضم الخاء واللام، وشرحها كذلك من غير أن يتدبر أو يرجع إلى أصل الحديث.

قال أحمد في المسند [4/ 390]:

ثنا روح ثنا زكريا بن إسحاق ثنا إبراهيم بن ميسرة أنه سمع عمرو بن الشريد يحدث عن أبيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في أثره حتى أخذ ثوبه، فقال ارفع إزارك، قال: فكشف الرجل عن ركبتيه، فقال: يا رسول اللَّه إنى أحنف وتصطك ركبتاى، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كل خلق اللَّه عز وجل حسن، قال: ولم ير ذلك الرجل رافعا إزاره حتى مات".

2532/ 6303 - "كُلُّ دعاءٍ محجوبٌ حتى يُصَلَّى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم".

(فر) عن أنس، (هب) عن على موقوفًا

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الوقف وأنه لم يرو عن على إلا موقوفًا والأمر بخلافه، أما الأول فلأن فيه محمد بن عبد العزيز الدينورى، قال الذهبى: منكر الحديث، وأما الثانى فقد رواه الطبرانى في الأوسط [عن على] موقوفًا وزاد فيه فقال:"كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد"، قال الهيثمى: رجال ثقات اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رواية الديلمى الضعيفة ورواية البيهقى الموقوفة المعلولة وإهماله الطريق المسندة الجيدة الإسناد من سوء التصرف.

قلت: إنه زعم أن ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له غير الوقف والأمر بخلافه، مع أن المصنف رمز له بعلامة الضعيف، فكان ظاهره أنه معلول السند، ثم إنه جعل الوقف علة، والوقف إنما يكون علة إذا ورد الحديث مرفوعًا من رواية راو، ثم رواه آخر عنه أو عن شيخه موقوفًا، فتكون رواية الواقف علة لرواية الرافع، أما إذا روى من أول مرة موقوفًا، فليس الوقف

ص: 56

علة، بل هو حديث قائم بنفسه وذلك هو الذي عزاه المصنف، فكيف يقال: لا علة له غير الوقف؟

ثم إنه انتقد المصنف بكونه ذكر حديث على الموقوف وأعرض عن حديثه المرفوع، فلما أراد أن يذكر المرفوع الذي أعرض عنه المصنف ذكر رواية الطبرانى في الأوسط لحديث على الموقوف أيضًا، وصرح هو نفسه بكونه موقوفًا، ولا تظن أنه أراد أن يقول: مرفوعًا فسبقه قلمه فقال: موقوفًا، بل الحديث كذلك هو عند الطبرانى موقوفًا، وكذلك هو في مجمع الزوائد الذي نقل منه [10/ 10]، ثم رجع بعد هذا الاعتراف فقال: وبه يعرف أن اقتصار المصنف على الرواية الموقوفة. . . إلخ.

وزاد كونها معلولة مع أنه نفسه نقل عن الهيثمى أن رجالها ثقات ولم يذكر إلا علة الروابة المرفوعة بأنها من رواية محمد بن عبد العزبز الدينورى، على أن حديث على قد ورد مرفوعًا كما قال لكنه لم يذكره هنا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يجهل أن حديث على المرفوع قد ذكره المصنف سابقًا في حرف الدال بلفظ:"الدعاء محجوب عن اللَّه حتى يصلى على محمد وأهل بيته" وعزاه لأبي الشيخ.

ثم إنه قال في الشرح الصغير: والموقوف أشبه، فهو ترجيح منه لصنيع المصنف في اختيار الموقوف على المرفوع، وفي الكبير عد ذلك من سوء التصرف، وبالجملة فكلامه أشبه شيء بكلام المجانين، بل كلامهم بلا شك ولا مرية، ثم إن حديث على ورد مرفوعًا أيضًا بهذا [اللفظ] المذكور هنا، أخرجه محمد بن مخلد العطار الدورى في جزئه قال:

حدثنا سليمان بن بويه ثنا سلام بن سليمان ثنا قيس عن أبي إسحاق عن الحارث عن على عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم".

ص: 57

وله طريق آخر عن أبي إسحاق لكنه بسياق آخر، قال الديلمى في مسند الفردوس [3/ 306، رقم 4791]:

أخبرنا أبي أخبرنا يوسف الخطيب وابن القاسم المرابى قالا: حدثنا أبو أحمد الفرضى ثنا الحسين بن يحيى بن عباس عن الحسن بن عرفة عن الوليد بن بكير عن سالم الحرار عن أبي إسحاق عن الحارث عن على رفعه: "ما من دعاء إلا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلى على النبي وعلى آله، فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء".

وله طريق ثالث عن أبي إسحاق، قال أبو الشيخ:

حدثنا محمد بن سهل ثنا أبو مسعود ثنا ابن الأصبهانى ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الكريم عن أبي إسحاق عن الحارث عن على قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الدعاء محجوب عن اللَّه عز وجل حتى يصلى على محمد وأهل بيته".

ومن طريق أبي الشيخ أخرجه الديلمى في مسند الفردوس [3/ 306، رقم 4791]، وفي معناه عن جعفر الصادق مرسلا أو معضلا أخرجه الطوسى في أماليه من طريق أبي بكر محمد بن عمر الجعابى عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد -هو ابن عقدة- عن أحمد بن يحيى عن أسيد بن زيد القرشى عن محمد بن مروان عن جعفر بن محمد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "صلاتكم عليَّ إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم".

وهذا في الحقيقة يرجع إلى حديث على لأن الصادق غالبا لا يروى إلا عن آبائه متصلا.

2533/ 6304 - "كُلُّ ذنبٍ عسى اللَّه أن يغفرَهُ، إلا منْ ماتَ مشركًا، أو قتلَ مُؤمنًا مُتعمِّدًا".

(د) عن أبي الدرداء، (حم. ن. ك) عن معاوية

ص: 58

قال في الكبير: صححه (ك) وأقره الذهبى، قال المناوى وغيره: رجاله ليس فيهم إلا من روى له الشيخان أو أحدهما إلا أبا عوف الأنصارى وهو ثقة، وقال الهيثمى: رواه البزار عن عبادة أيضًا ورجاله ثقات.

قلت: فيه أمور، الأول: قوله: قال المناوى وغيره كذب بغفلة، فإن هذه عبارة المناوى وحده، والشارح لا يتورع عن هذه اللفظة ولا يتنبه لما يلزم عليها.

الثانى: أن الحديث اختلف فيه على ثور بن زيد، فرواه الحاكم [4/ 351] من طريق صفوان بن عيسى عنه عن أبي عون عن أبي إدريس الخولانى عن معاوية، ورواه أبو نعيم في الحلية [6/ 99] من طريق الأوزاعى عن ثور فقال: عن راشد بن سعد عن أبي إدريس به.

الثالث: قوله: ورواه البزار عن عبادة أيضًا، قد يتبادر منه أن أيضًا راجعة إلى عبادة مع أنه لم يتقدم له ذكر، فكان حقه أن يقول: وفي الباب عن عبادة.

ثم إن حديث أبي الدرداء أخرجه أيضًا الحسن بن سفيان والطبرانى [19/ 365]، وأبو نعيم في الحلية [5/ 153] في ترجمة عبد اللَّه بن أبي زكريا.

2534/ 6307 - "كُلُّ راعٍ مسئولٌ عن رعيَّتِهِ".

(خط) عن أنس.

قال في الكبير: وقال تفرد به الزبير بن بكار ورواه عنه الطبرانى ومن طريقه تلقاه الخطيب مصرحا فلو عزاه إليه لكان أولى، ثم إن فيه ربيعة بن عثمان أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال فيه: صدوق، وقال فيه أبو حاتم: منكر الحديث، ورواه أيضًا البيهقى في الشعب.

قلت: فيه أمور، الأول: أن اسم الطبرانى معروف لا يخفى على صغار الطلبة في هذا الفن فضلا عن الحفاظ مثل المصنف، فلا حاجة إلى قوله:

ص: 59

مصرحا، والشارح يظن أنه لو لم يصرح الخطيب به لما عرفه المصنف.

الثانى: أن الطبرانى له مصنفات كثيرة منها المعاجم الثلاثة، فإذا عرف الشارح أن الخطيب خرجه [10/ 341] من طريقه، فكان عليه أن يصرح بالكتاب الذي خرجه فيه وإلا فهو عزو غير تام الفائدة، والطبرانى خرجه في المعجم الصغير [10/ 240].

الثالث: أنه نقل عن الخطيب أنه قال: تفرد به الزبير. . . إلخ، والواقع أنه نقل ذلك عن الطبرانى مصرحا أيضًا، فلو عزاه إليه لكان واجبا أداه وصدقا حكاه.

الرابع: قوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء كذب وتدليس، بل أورده في الضعفاء الذي هو الميزان.

الخامس: أنه حكى توثيقه عن ابن معين والنسائى.

السادس: أن الحديث صحيح متفق عليه من حديث ابن عمر كما سيأتى، وله طرق أخرى عن أنس فلا حاجة إلى ذكر هذا التدقيق.

2535/ 6309 - "كُلُّ سبَبٍ ونسبٍ منقطعٌ يومَ القيامِةِ، إلا سَببِى وَنَسَبِى".

(طب. ك) عن عمر، (طب) عن ابن عباس وعن المسور.

قال في الكبير عقب حديث عمر: قال عمر: فتزوجت أم كلثوم لما سمعت ذلك وأحببت أن يكون بيني وبينه نسب وسبب، خرج هذا السبب البزار، ثم قال عقب حديث ابن عباس والمسور: قال الحاكم: صحيح، وقال الذهبى: بل منقطع، وقال الهيثمى: رجال الطبرانى ثقات.

قلت: فيه أمور، الأول: أن هذا ليس سببا للحديث، بل هو سبب للتحديث -كما قدمته- إذ سبب الحديث هو ما حدث النبي صلى الله عليه وسلم لأجله.

ص: 60

الثانى: أن هذا السبب الحاصل لعُمر على مصاهرة على والتحديث بالحديث لم ينفرد به البزار، بل كل من خرج حديث عمر أو جلهم وهم كثيرون خرجوه، بل وكذلك هو مذكور في حديث ابن عباس والمسور، والغريب أن الشارح نقل نص الحاكم وتعقب الذهبى مما يدل على أنه رأى الحديث في المستدرك [3/ 142]، وهو فيه مذكور بالسبب المذكور، ومع ذلك عزاه إلى البزار، وهو في أقل من هذأ يننقد المصنف ويبالغ في التشنيع والتهويل.

الثالث: أنه أخر كلام الحكم عقب حديث المسور فأوهم أنه قال ذلك فيه، والواقع أنه في حديث عمر، فكان حقه أن يذكره عقبه.

الرابع: أنه أقر الذهبى على ما قاله، وهو وإن كان كما قال الذهبى لأنه من رواية على بن الحسين، إلا أن هذه القصة والحديث مشهورة عن عمر، بل تكاد تكون متواترة عنه، رواها عنه على بن الحسين، والحسن السبط، وعقبة ابن عامر، وعبد اللَّه بن عمر، وجابر بن عبد اللَّه، والمستظل بن حصين، وأسلم مولى عمر، وبعض أهل واقد، وابن عباس وعاصم بن عمر بن قتادة، وعطاء الخراسانى، ومحمد بن قرد وغيرهم.

فرواية على بن الحسين خرجها الحكم [3/ 142] والبيهقى في السنن [7/ 64] ثم قال: وهو مرسل حسن، وقد روى من أوجه أخر موصولا ومرسلا.

ورواية الحسن خرجها البيهقى من رواية ابن أبي مليكة [7/ 64، 114]:

أخبرنى حسن بن حسن عن أبيه "أن عمر خطب إلى على أم كلثوم" فذكره.

ورواية عقبة بن عامر أخرجها الخطيب من رواية الليث بن سعد عن موسى بن على بن رباح اللخمى عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهنى قال: "خطب عمر ابن الخطاب إلى على بن أبي طالب ابنته من فاطمة" فذكره.

ورواية عبد اللَّه بن عمر رواها أسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط قال:

حدثنا محمد بن عمران ثنا أبو لبابه عن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن على بن

ص: 61

أبي طالب قال: سمعت عاصم بن عبد اللَّه قال: سمعت عبد اللَّه بن عمر قال: "صعد عمر بن الخطاب المنبر، فقال: أيها الناس واللَّه ما حملنى على الأكام على على بن أبي طالب إلا أنى سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: كل سبب ونسب وصهر منقطع إلا سببى ونسبى وصهرى، فإنهما يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبهما".

ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"[1/ 199] من وجه آخر، فقال:

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة ثنا أبو جعفر محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا عبادة بن زياد الأسدى ثنا يونس بن أبي يعفور عن أبيه سمعت عبد اللَّه بن عمر يقول: سمعت عمر يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى".

ورواية جابر رواها الطبرانى في الأوسط، وأبو نعيم في الحلية [2/ 34] من رواية الحسن بن سهل الحناط:

ثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: "سمعت عمر يقول" وذكره.

ورواية المستظل خرجها أبو نعيم في المعرفة، وأبو صالح المؤذن في الأربعين له في فضل الزهراء، وابن الأخضر في "معالم العترة" كلهم من طريق شريك عن شيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين عن عمر به، ورجاله موثقون.

ورواية أسلم عن عمر أخرجها الدولابى في "الذرية الطاهرة".

ورواية واقد بن محمد أخرجها الدولابى أيضًا عن واقد بن محمد بن عبد اللَّه ابن عمر عن بعض أهله عن عمر.

ورواية ابن عباس خرجها البزار بسند ضعيف في قصة مطولة وفيه: "ما بال أقوام يزعمون أن قرابتى لا تنفع، إن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى، وإن رحمى موصولة في الدنيا والآخرة، قال عمر: فتزوجت

ص: 62

أم كلثوم لما سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومئذ، وأحببت أن يكون بيني وبينه نسب".

ورواه الخطيب [6/ 182 و 10/ 271] من حديث ابن عباس لم يذكر عمر، وذلك من رواية إبراهيم الحربى عن عبد الرحمن بن بشر عن موسى بن عبد العزيز عن الحكم بن أبان عن عكرمه كن ابن عباس به.

وكذلك رواه الطبرانى كما سبق في المتن.

ورواية عاصم بن عمر بن قتادة رواها ابن إسحاق عنه وهي مرسلة، ورواية عطاء الخراسانى رواها ابن السمان في "فضائل العترة".

ورواية محمد الباقر رواها جماعة منهم ابن سعد في الطبقات عن أنس بن عياض الليثى عن جعفر بن محمد عن أبيه.

ثم إن حديث المسور خرجه أيضًا أحمد [4/ 323 و 332]، والبيهقى [7/ 64] من طريقه ومن طريق غيره.

2536/ 6314 - "كُلُّ شيءٍ بقَدَرٍ حتى العجزُ والكيْسُ".

(حم. م) عن ابن عمر.

قلت: وفي الباب عن عائشة وابن عباس موقوفًا.

قال الطحاوى في "المشكل":

ثنا الربيع بن سليمان الأزدى ثنا يحيى بن سلمة بن قعنب ثنا حسان بن إبراهيم عن سعد بن إبراهيم عن سفيان الثورى عن أبي بردة قال: "سئلت عائشة ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول في القدر؟ قالت: كان يقول: كل شيء بقدر، وكان يعجبه الفأل الحسن".

وقال البخارى في "التاريخ"[1/ 1/ 318، 319]: قال لى ابن عبادة:

ثنا يعقوب ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا إبراهيم بن محمد بن على بن عبد اللَّه

ص: 63

ابن جعفر عن أبيه سمع ابن عباس قال: "كل شيء بقدر حتى وضعك يدك على خدك".

2537/ 6315 - "كُلُّ شيءٍ فَضَلَ عن ظلٍّ بيتِ، وجِلْف الخبزِ، وثَوبٍ يُوارِى عورةَ الرَّجُلِ، والماءِ، لم يكْن لابِن آدمَ فيه حقٌّ".

(حم) عن عثمان.

قال الشارح: بإسناد حسن.

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه حريث بن السائب، قال الذهبى: ضعفه الساجى وفيه حمران قال النسائى: ليس بثقة، وقال أبو داود: رافضى.

قلت: فيه أمور، الأول: أنه قال في الصغير: حسن بعد أن انتقد حكم المصنف به في الكبير.

الثانى: أن حريث بن السائب وثقه ابن معين والعجلى وابن حبان وغيرهم، وصحح له الترمذى، وروى له مسلم في "مقدمة الصحيح"، والساجى إنما ذكره في الضعفاء من أجل أن أحمد تكلم في هذا الحديث، فقال الساجى: قال أحمد: روى عن الحسن عن حمران عن عثمان حديثا منكرا، قال الحافظ: وقد ذكر الأثرم عن أحمد علته، فقال: سئل أحمد عن حريث فقال: هذا شيخ بصرى روى حديثا منكرا عن حمران عن عثمان: "كل شيء فضل" الحديث، قال: قلت: قتادة يخالفه، قال: نعم سعيد عن قتادة عن الحسن عن حمران عن رجل من أهل الكتاب، قال أحمد: ثنا روح ثنا سعيد -يعنى- عن قتادة به اهـ.

وهذا لا يوجب ضعفه، فقد يكون الحديث عند حمران على الوجهين.

الثالث: أن الحديث صححه الترمذى [رقم 2341] والحاكم [4/ 312]،

ص: 64

وأقره الذهبى بلفظ: "ليس لابن آدم"، كما سيأتى للمصنف في حرف اللام، وقد نقل الشارح هناك تصحيحهم.

الرابع: أن حمران المذكور في السند ليس هو الذي قال فيه أبو داود: رافضى، بل هو حمران بن أبان الثقة المعروف المتفق عليه، وأما ذاك فهو حمران بن أعين الكوفى، لم يخرج له إلا ابن ماجه، والعجيب أن الشارح وقف على سند الحديث، ورآه من رواية حمران عن عثمان، والمعروف بالرواية عن عثمان هو مولاه حمران بن أبان، نم ذهب إلى أنه حمران بن أعين، وقد صرح باسم والده الترمذى والحاكم في الرواية الآتية في اللام.

والحديث خرجه أيضًا أبو داود الطيالسى، وأبو نعيم في الحلية [1/ 61] من طريقه باللفظ المذكور هنا، والبيهقى في الشعب [5/ 156، 157، رقم 6179] وغيرهم.

2538/ 6316 - "كُلُّ شيء ليسَ من ذكرِ اللَّهِ فهو لَعِبٌ، إلَّا أنْ يكونَ أربعةً: ملاعبةَ الرجل امرأتَهُ، وتأديبَ الرجلِ فرسَهُ، ومشى الرجلِ بين الغرضَيْنِ، وتعليمَ الرجلِ السباحةَ".

(ن) عن جابر بن عبد اللَّه وجابر بن عمير

قال في الكبير: رمز الصنف لحسنه وهو تقصير فقد قال في الإصابة: إسناده صحيح، فكان حق المصنف أن يرمز لصحته.

قلت: وإذ ذلك كذلك فلم رجعت بعد هذا وقلت في الصغير: إسناده حسن.

2539/ 6317 - "كُلُّ شيءٍ حلٌّ للرجلِ من المرأة في صيامِهِ ما خلا ما بينَ رِجليْهَا".

(طس) عن عائشة.

قال في الكبير: وفيه إسماعيل بن عياش وقد مر غير [مرة] الخلاف فيه

ص: 65

ومعاوية بن طويع أورده الذهبى في الذيل وقال: مجهول.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن معاوية بن طويع ذكره الذهبى في الميزان [4/ 135، رقم 8627]، فما أدرى وجه التلبيس بالذيل.

ثانيهما: أن فيه أيضًا أبا بكر بن أبي مريم، وحقه أن يذكر بدل إسماعيل بن عياش، فإن روايته عن أهل بلده مقبولة.

قال الطبرانى: حدثنا الحسن بن السميدع الأنطاكى ثنا محمد بن المبارك ثنا إسماعيل بن عياش ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن معاوية بن طويع عن عائشة.

2540/ 6323 - "كُلُّ شيءٍ ساءَ المؤمنَ فَهُوَ مصيبةٌ".

ابن السنى في عمل يوم وليلة عن أبي إدريس الخولانى مرسلا.

قال في الكبير: ولد يوم حنين وله رؤية لا رواية فهو من حيث الرؤية صحابى ومن حيث الرواية تابعى.

قلت: هذا باطل من وجهين، أحدهما: أن أبا إدريس لم ير النبي صلى الله عليه وسلم أصلا، ولما انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى كان هو ابن ثلاث سنين وهو بالشام أو بخولان، فكيف رآه؟ ولم ينقل هذا ولا ذكره أحد.

ثانيهما: أنه لو ثبت له هذه الرؤية فهو صحابى صغير وروايته تسمى مرسل صحابى، أما كونه صحابى تابعى فشئ من اختراع الشارح لا يوافقه عليه عقل ولا نقل.

والحديث اختصره المصنف فوقع استغراب في إخراج ابن السنى له لأنه ليس من موضوع الأذكار، قال ابن السنى [رقم 347]:

أخبرنا الحسين بن عبد اللَّه القطان ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة ثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبد اللَّه عن أبي إدريس الخولانى قال: "بينما النبي صلى الله عليه وسلم يمشى هو وأصحابه إذ انقطع شسعه، فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، قالوا: أومصيبة هذه؟ قال: نعم، كل شيء" وذكره.

ص: 66

2541/ 6333 - "كُلُّ عينٍ زانيةٌ، والمرأةُ إذا استعطرَتْ فَمرَّتْ بالمجلسِ فَهِى زانيةٌ".

(حم. ت) عن أبي موسى.

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن الترمذى تفرد به من بين الستة وهو ذهول، فقد رواه أيضًا النسائى في الزينة باللفظ المذكور.

قلت. هذا كذب، قال النسائى [2/ 283]:

أخبرنا إسماعيل بن مسعود ثنا خالد ثنا ثابت بن عمارة عن غنم بن قيس عن الأشعرى قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية" اهـ.

فأين اللفظ المذكور؟ وأين قوله: كل عين زانية؟ ثم إذا كان الأمر كذلك فإن أبا داود خرجه أيضًا في الترجل [رقم 4173] عن مسدد بلفظ: "إذا استعطرت"، فاقتصاره على النسائى جهل وقصور.

2542/ 6334 - "كُلُّ عينِ باكيةٌ يومَ القيامة، إلا عينًا غضَّتْ عن محارِمِ اللَّهِ، وعينًا سهرت في سبيلِ اللَّهِ، وعَينًا خرَجَ منهَا مِثْلُ رأسِ الذُّبابِ من خشيِة اللَّهِ".

(حل) عن أبي هريرة.

قال الشارح: بإسناد حسن.

قلت: كيف يكون سندا حسنا وهو من رواية عمر بن صهبان عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعمر بن صهبان متروك منكر الحديث، وقد قال أبو نعيم [3/ 163]: إنه تفرد به، وقد رواه ابن أبي الدنيا من طريقه فقال: عن صفوان عن أبي هريرة، ولم يذكر أبا سلمة، فإن قيل: إنه في الكبير نقل ذلك عن رمز المصنف، قلت: المصنف إن ثبت ذلك عنه فإنه رمز

ص: 67

للحديث، والحديث قد يكون حسنا دون السند، فإن هذا الحديث له طريق آخر تقدم في:"ثلاثة أعين لا تمسهم النار"، وله شواهد أخرى، والشارح تكلم على سند الحديث وفرق بين المتن والإسناد.

2543/ 6339 - "كُلُّ مَا صنَعْتَ إلى أهلِك فهُو صدقةٌ عليهِمْ".

(طب) عن عمرو بن أمية.

قال في الكبير: رواه من حديث الزبرقان بن عبد اللَّه بن عمرو بن أمية الضمرى عن أبيه عن جده، والزبرقان هذا مشهور وثقه النسائى وغيره وخرج له أيضًا الترمذى وأبو داود، وليس هو بالزبرقان الضمرى ذاك انفرد به، وقد كتبهما الذهبى وأشار إلى ضعف الفرق، وأبوه انفرد به النسائى وذكره ابن حبان في الثقات وجده صحابى مشهور من غير مرة، قال المنذرى عقب عزوه لأبي يعلى والطبرانى: رواته ثقات، وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير فكان حقه الرمز لصحته.

قلت: وأنت كان حقك أن تسكت عما لا تعرف، فقد أتيت بكلام لا يفهم، بل بكلام يشبه كلام السكارى والمجانين، فقد أردت أن تبلغ عما هو الواقع في الرجل فلم تدر ما تقول، وزدت عليك التناقض فتقول: وليس هو بالزبرقان الضمرى احتجاجا منك على صحة السند، ثم ترجع فتقول: إن الذهبى أشار إلى ضعف الفرق بينهما، أي أنهما واحد مع أنك ما ذكرت أولا إلا الضمرى وقلت خرج له الترمذى وهولم يخرج له، وظننت أن قول الحفاظ في حديث: رواته ثقات معناه أنه صحيح وليس كما ظننت، ولو كان كذلك لقال الحافظ المنذرى: إسناده صحيح بدل قوله: رواته ثقات، فإذ عدل عن ذلك، فلو كنت من أهل الفهم في هذا الفن لعرفت أنه عدل عن ذلك لنكتة ولكنك بعيد، هذا داخل فيما ليس من شأنك وبه يعرف أنه كان يجب عليك السكوت وعدم الخوض فيما لا تحسن ولا تعرف.

ص: 68

وبعد فالزبرقان هذا مختلف فيه هل هو واحد أو هما اثنان، لأن بعض الرواة يقول: عن الزبرقان بن عبد اللَّه بن عمرو بن أمية الضمرى، وبعضهم يقول: الزبرقان بن عمرو الضمرى، فأكثر الحفاظ على أنهما واحد، وابن حبان فرق بينهما فجعل ابن عبد اللَّه مجهولا إذ لم يرو عنه إلا كليب بن صبح، ومن أجل ذلك ذكره الذهبى في الضعفاء وجعل ابن عمرو معروفا فذكره في الثقات، وروى البخارى في التاريخ هذا الحديث من طريق يعقوب بن عمرو ابن عبد اللَّه: ثنا الزبرقان بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن أمية.

فجاء فيه باختلاف آخر، فمن أجل هذا الاضطراب في السند اقتصر المؤلف على تحسينه، ثم إن الشارح قال أولا: إن الطبرانى خرجه من حديث الزبرقان ابن عبد اللَّه بن عمرو، ثم رجع فقال: ليس هو ابن عبد اللَّه، بل هو ابن عمرو، ثم رجع فقال: إن الذهبى ضعف الفرق بينهما، فأتى بعجيب من التناقض الدال على حيرته وعدم فهمه لما يقول، فكيف يتجاسر على المؤلف الحافظ، إن هذا لعجب.

2544/ 6340 - "كُلُّ مالِ النبيِّ صدقَةٌ إِلَّا مَا أطعمَهُ أهلَهُ وكساهُمْ، إنَّا لَا نُورَثْ".

(د) عن الزبير.

قال في الكبير: وشهد به جمع من الصحابة.

قلت: هذا قلب للحقائق، فإن الحديث لعمر بن الخطاب، وشهد له به جمع منهم الزبير، والمصنف واهم في عزوه إلى الزبير، بل كان حقه أن يعزوه إلى عمر أو إلى جميع من استشهدهم عمر.

قال أبو داود [2975]:

ثنا عمرو بن مرزوق ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البخترى قال: "سمعت حديثا من رجل فأعجبنى، فقلت: اكتبه لى، فأتى به مكتوبا -أي

ص: 69

منقوطا دخل العباس على عمر وعنده طلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن، وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: ألم تعلموا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كل مال النبي صدقة. . . الحديث، قالوا: بلى" الحديث، ثم إن الشارح قال: سنده حسن، وهو كما ترى من رواية راو مجهول، وإن كان أصل الحديث بقصته مخرجًا في الصحيحين وغيرهما من رواية مالك عن الزهرى عن مالك بن أوس بن الحدثان، لكن الحكم حينئذ للحديث كما يفعل المصنف لا للإسناد كما يقول الشارح.

2545/ 6341 - "كُلُّ مالٍ أُدِّيَ زكاتُه فليْس بكَنْزٍ، وإنْ كانَ مدفُونًا تحتَ الأرضِ، وكلُّ مالٍ لا تؤدَّى زكاتُهُ فهو كنُزٌ، وإنْ كانَ ظاهرًا".

(هق) عن ابن عمر.

قال في الكبير: مرفوعًا وموقوفًا، وقال البيهقى: ليس بمحفوظ والمشهور وقفه.

قلت: الموقوف وإن كانت طرقه عن ابن عمر كثيرة صحيحة إلا أن المرفوع ورد عنه من طريقين وله مع ذلك شاهدان من حديث على وأم سلمة، فالطريق الأول رواه الطبرانى في الأوسط، وابن مردوية في التفسير، والبيهقى [4/ 82، 83] كلهم من طريق سويد بن عبد العزيز عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به.

قال البيهقى: وسويد بن عبد العزيز ليس بالقوى.

والطريق الثانى رواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج قال:

حدثنا الحسن بن سفيان ثنا هارون بن زياد المصيصى ثنا محمد بن كثير عن سفيان عن عبد اللَّه بن دينار عن عبد اللَّه بن عمر به مرفوعًا أيضًا.

ورواه البيهقى في السنن عن أبي حازم الحافظ عن محمد بن يزيد العدل عن

ص: 70

الحسن بن سفيان فقال: حدثنا أحمد بن على الرازى ثنا هارون بن زياد به.

وحديث على رواه الطوسى في أماليه من طريق الفضل بن محمد البيهقى، ثنا هارون بن عمرو المجاشعى ثنا محمد بت جعفر حدثنا أبي عن آبائه عن على قال:"لما نزلت هذه الآية {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مال تؤدى زكاته"، فذكر مثله.

وحديث أم سلمة رواه أبو داود، والحاكم [1/ 390]، والبيهقى [4/ 84] من حديث ثابت بن عجلان. عن عطاء "عن أم سلمة أنها كانت تلبس أوضاحا لها من ذهب، فسألت عن ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: أكنز هو؟، فقال: إذا أديت زكاته فليى بكنز"، ولفظ أبي داود:"فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته، فزكى فليس بكنز"، وقال الحاكم على شرط البخارى اهـ.

فهذا يؤيد المرفوع، وقد قيل: إنه ورد أيضًا من حديث أبي هريرة وابن عباس بمعناه، واللَّه أعلم.

2546/ 6344 - "كُلُّ مؤذٍ في النارِ".

(خط) وابن عساكر عن على.

قال في الكبير: رواه الخطيب في ترجمة عثمان الأشج المعروف بابن أبي الدنيا، قال الخطيب: وعثمان عندى ليس بشيء اهـ. وأورده الذهبى في المتروكين وقال: خبر غريب.

قلت: ما قال الذهبى ذلك ولا ذكر هذا الحديث أصلا، وكذلك الخطيب ليس هو القائل وعثمان عندى ليس بشيء، بل هو ناقل لذلك [11/ 299] عن غيره، فإنه أسند عن أبي القاسم يوسف بن أحمد التمار قال: إن الأشج دخل بغداد واجتمع الناس عليه في دار إسحاق، وأحدقوا به وضايقوه وكنت حاضره، فقال: لا تؤذونى، فإنى سمعت على بن أبي طالب يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كل مؤذ في النار"، وحدث ببغداد خمسة أحاديث،

ص: 71

حفظت منها ثلاثة هذا أحدها، وما علمت أن أحدا ببغداد كتب عنه حرفا واحدا، ولم يكن عندى بذلك الثقة، قال الخطيب عقب هذا: قلت: وقد روى بعض الناس عن المفيد قال: بلغنى أن الأشج مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وهو راجع إلى بلده اهـ.

وأما الذهبى فقال ما نصه [3/ 33، رقم 5500]: عثمان بن خطاب أبو عمرو البلوى المغربى أبو الدنيا الأشج، ويقال: ابن أبي الدنيا طير طرأ على أهل بغداد، وحدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة عن على بن أبي طالب، فافتضح بذلك وكذبه النقادون، روى عنه المفيد وغيره.

قال الخطيب: وعلماء النقل لا يثبتون قوله، ومات سنة 327، قال المفيد سمعته يقول: ولدت في خلافة الصديق، وأخذت لعلى بركاب بغلته أيام صفين، وذكر قصة طويلة اهـ.

فما أدرى كيف تدخل هذه الأوهام على الشارح؟ أو كيف يتعمدها؟ وقد ذكر هذا الحديث القرطبي في تفسيره، ونقله عنه ابن كثير في سورة البقرة، ثم قال بعده: وهذا الحديث ليس بمحفوظ ولا معروف اهـ.

كأنه لم يقف عليه في تاريخ الخطيب، بل وله طريق آخر من حديث أبي هريرة أخرجه الدارقطنى في "غرائب مالك" من رواية هارون بن سعيد المصيصى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه:"المؤذى في النار"، قال الدارقطنى: هارون مجهول، ولا يصح هذا عن مالك.

2547/ 6345 - "كُلُّ مسجدٍ فيه إمامٌ ومؤذنٌ فالاعتكافُ فيه يَصحُّ".

(قط) عن حذيفة.

قال الشارح: قال الذهبى: حديث في نهاية الضعف.

قلت: بل هو حديث موضوع في نهاية البطلان، يلام المصنف على إيراده لأنه مما انفرد به وضاع.

ص: 72

2548/ 6352 - "كلُّ معروفٍ صنعتَهُ إلى غَنِيٍّ أو فقيرٍ فهُوَ صدقَةٌ".

(خط) في الجامع عن جابر (طب) عن ابن مسعود.

قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: إسناده ضعيف، وقال الهيثمى: في سند الطبرانى صدقة بن موسى الدقيقى وهو ضعيف.

قلت: صدقة لم ينفرد به، بل تابعه شعبة عن فرقد، فإن صدقة بن موسى رواه عن فرقد السنجى عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه، كذلك رواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، وفي قضاء الحوائج معا، والطبرانى في "الكبير"[10/ 110] وفي مكارم الأخلاق أيضًا [ص 111، 112]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[ص 16/ 17]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 49] كلهم عن صدقة به.

رواه أبو نعيم في "الحلية"[7/ 194] من طريق أحمد بن يوسف: ثنا مسلم هو ابن إبراهيم ثنا شعبة عن فرقد به مثله.

وله طريق آخر عن عبد اللَّه مرفوعًا بدون ذو الغنى والفقير، أخرجه أبو نعيم في "التاريخ"[1/ 66، 152، 303، 2/ 102] من طريق إسحاق بن الربيع: ثنا العلاء بن المسيب عن أبيه عنه.

وله طريق آخر موقوفًا مثله، أخرجه النسائى في الكبرى، وابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"، وفي "المكارم" من رواية أبي عوانة عن عاصم عن أبي وائل عن عبد اللَّه قال:"كل معروف صدقة" زاد النسائى "وكنا نعد الماعون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عارية الدلو والقدر".

2549/ 6354 - "كُلُّ معروفٍ صدقَةٌ، والدَّالُّ على الخيرِ كفاعِلِهِ، واللَّهُ يُحِبُّ إغاثَةَ اللهفانِ".

(هب) عن ابن عباس.

ص: 73

قال في الكبير: وفيه طلحة بن عمرو، قال أحمد: متروك، وقال الحافظ العراقى: رواه الطبرانى في المستجاد من رواية الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والحجاج ضعيف، وقد جاء مفرقا في أخبار أخر.

قلت: هذا خلط لحديث بحديث، وكتاب المستجاد ليس هو للطبرانى، بل هو للدارقطنى، فهو غلط على العراقى.

وحديث ابن عباس له طربق آخر من غير رواية طلحة بن عمرو، ولكن بدون الزيادة، أخرجه ابن أبي الدنيا، والدولابى في الكنى، وأبو نعيم في الحية من رواية حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا:"كل معروف صدقة".

2550/ 6355 - "كُلُّ من وَردَ القيامةَ عطشانٌ".

(حل. هب) عن أنس.

قال في الكبير: كلاهما من رواية سهل بن نصر عن محمد بن صبيح السماك. . . إلخ.

قلت: أبو نعيم لم يخرجه من طريق سهل بن نصر، بل خرجه من طريق السرى بن عاصم [3/ 54 و 8/ 216]:

ثنا محمد بن صبيح السماك به، وذلك في موضعين من الحلية في ترجمة يزيد الرقاشى من الجزء الثالث، وفي ترجمة ابن السماك من الجزء الثامن، والشارح حمل شد أبي نعيم على شد البيهقى من غير تحقيق ولا تثبت.

2551/ 6358 - "كُلُّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق لَهُ".

(حم. ق. د) عن عمران بن حصين (ت) عن عمر (حم) عن أبي بكر.

ص: 74

قلت: هذا الحديث خرجه جماعة عن جماعة من الصحابة يطول ذكرهم، وانظر حديث:"اعملوا"، وحديث:"كل امرئ" السابقين، والكنى للدولابى (ص 102 من الجزء الثانى)، وطلحة بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن من الميزان، فإنه أسنده عن أبي بكر وتفسير ابن كثير في سورة الليل، فإنه أورده من طرق، "والأدب المفرد" للبخارى (ص 131)، وكتاب السند لعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل (ص 103 وص 111)، والتاريخ الكبير للبخارى (ص 243 ج ثانى قسم أول) و (97 جزء رابع قسم ثانى).

2552/ 6360 - "كُلُّ نادبةٍ كاذبة إلا نادَبة حمزَةَ".

ابن سعد عن سعد بن إبراهم مرسلا.

قلت: الذي في طبقات ابن سعد أنه عن ابن المنكدر لا عن سعد بن إبراهيم، قال ابن سعد:

أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أنا محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر قال: "أقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أحد، فمر على بنى عبد الأشهل ونساء الأنصار يبكين على هلكاهن يندبنهم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لكن حمزة لا بواكى له، قال: فدخل رجال من الأنصار على نسائهم، فقالوا: حولن بكاءكن وندبكن على حمزة، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فطال قيامه يستمع، ثم انصرف، فقام على المنبر من الغد، فنهى عن النياحة كأشد ما نهى عن شيء قط، وقال: كل نادبة"، وذكره.

2553/ 6361 - "كُلُّ نسبٍ وصِهْرٍ مُنقطع يومَ القيامِة إلا نَسَبِى، وصِهْرِى".

ابن عساكر عن عمر.

ص: 75

قال في الكبير: قال الذهبى: فيه ابن وكيع لا يعتمد لكن ورد فيه مرسل حسن.

قلت: هكذا يأتى الشارح بالأنقال مختصرة منحوتة عديمة الفائدة، فمن هو ابن وكيع، فالذهبى لا يقول هذا أصلا، ثم إن النقل في مثل هذه الأحاديث عن الذهبى وأمثاله كابن تيمية مما لا ينبغى، فإن هؤلاء النواصب يودون أن لا يصح حديث في فضل آل البيت، بل ويزيد ابن تيمية وأفراخه فلا يريدون أن يسمعوا حديثا في فضل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث قد مر قريبًا أنه وصل عن عمر حد التواتر مع وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة من الصحابة غير عمر رضي الله عنه ومما لم يذكر هناك كون هذا اللفظ ورد من حديث على عليه السلام، قال الطوسى في أماليه:

أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت أنا ابن عقدة أخبرنا على بن محمد بن على العلوى حدثنى جعفر بن محمد بن عيسى ثنا عبيد اللَّه بن على ثنا على بن موسى الرضى عن أبيه عن جده عن آبائه عن على عليه السلام قال: "قال رسول اللَّه: صلى الله عليه وسلم"، وذكر مثله.

2554/ 6362 - "كُلُّ نعيمٍ زائلٌ إلا نعيمَ أَهْلِ الجِنَّةِ، وكُلُّ همٍّ منقطع إلا همَّ أهلِ النارِ".

ابن لال عن أنس.

قال الشارح: قال الذهبى: باطل.

قلت: هذا من كلام الحسن البصرى سرقه بعض الوضاعين، ورفعه.

قال الدينورى في المجالسة:

ص: 76

حدثنا يوسف بن الضحاك ثنا شيبان بن فروخ عن أبي الأشهب عن (1) قال: وذكر مثله، إلا أنه قال:"وكل غم، بل الهم".

2555/ 6364 - "كُلُّ نفسٍ من بَنِى آدمَ سيد: فالرجل سيدُ أهلِهِ، والمرأةُ سيدةُ بَيْتِهَا".

ابن السنى في عمل اليوم والليلة عن أبي هريرة.

قلت: ترجم عليه ابن السنى بباب إباحة المخاطبة بالسؤدد على الإصابة، ثم قال: أخبرنا أبو يحيى الساجى، وجماعة قالوا: حدثنا أحمد بن عمرو ابن سرح ثنا ابن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث عن أبي يونس عن أبي هريرة به.

2556/ 6365 - "كُلُّ نفقَةٍ يُنفقُها العبدُ يؤجرُ فيهَا إلا البُنيانَ".

(طب) عن خباب.

قال في الكبير عن العراقى: إسناده جيد، ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه عن خباب باللفظ المزبور.

قلت: هذا كذب، قال ابن ماجه [رقم 4613]:

حدثنا إسماعيل بن موسى ثنا شريك عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب، قال: أتينا خبابا نعوده، فقال:"لقد طال سقمى، ولولا أنى سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: لا تمنوا الموت لتمنيته، وقال: إن العبد ليؤجر في نفقته كلها إلا في التراب، أو قال: في البناء" اهـ.

فأين اللفظ المزبور؟ ثم إن الشارح قد ذكر هذا الحديث في حرف الألف وعزاه لابن ماجه، وأين الشارح من ذلك؟.

(1) هكذا في الأصل.

ص: 77

2557/ 6366 - "كُلُّ نفقةٍ ينفقُها المسلمُ يؤجرُ فيها: على نفسِهِ، وعَلَى عيالِهِ، وعلى صديقِهِ، وعلى بهيمته، إلا في بناءٍ إلا بناءَ مسجدٍ يَبْتَغِى به وجهَ اللَّهِ".

(هب) عن إبراهيم مرسلا

قال الشارح: وهو مع إرساله منكر.

وقال في الكبير: فيه على بن الجعد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: متقن فيه تجهم، وقيس بن الربيع قال الذهبى: تابعى له حديث منكر.

قلت: هذا الرجل مصيبة ابتلى اللَّه بها الحديث ورجاله، فهو أبعد الناس من معرفته، وأجهلهم على الاطلاق برجاله، تسلط على ذلك بجهله، فصار يأتى بالعجائب والدواهى.

أول ذلك: أن على بن الجعد ثقة ثبت حافظ مشهور من رجال البخارى، يجل قدره عن أن يعلل به حديث مثل هذا، وكونه فيه تجهم لا دخل له في التعليل، فأكثر رجال الصحيح الثقات الأثبات لاسيما المتقدمين منهم ملموزون بمثل هذه البدع، فلو ردت أحاديثهم لما ثبت أو كاد يثبت في الدنيا حديث.

الثانى: أن قيس بن الربيع المذكور في السند هو شيخ على بن الجعد وهو قيس ابن الربيع الأسدى الكوفى، أحد المشاهير المختلف فيهم وهو ليس بتابعى، بل هو يروى عن التابعين مات سنة خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وستين ومائة، وأما قيس بن الربيع الذي قال فيه الذهبى: له حديث منكر فهو آخر كبر من هذا، قال فيه الذهبى: لا يكاد يعرف عداده في التابعين له حديث أنكر عليه اهـ.

هكذا هو نص الذهبى، وقد غيره الشارح إلى ما ترى لقلة فهمه وعدم أمانته.

الثالث أن الذهبى قال: له حديث أنكر عليه فجزم الشارح بأنه هو هذا الحديث

ص: 78

كما قال في الصغير: وهو مع إرساله منكر، فأتى بوهم مركب على وهم، وذلك أنه جعل قيس بن الربيع الأسدى المشهور المعروف، هو قيس بن الربيع التابعى المجهول، ثم جعل الحديث الذي أشار إليه الذهبى في ترجمة ذلك المجهول هو هذا الحديث الذي رواه قيس بن الربيع المعروف المشهور، ولو راجع اللسان لعرف أن الحديث الذي أشار إليه الذهبى هو غير هذا، بل هو حديث رواه قيس بن الربيع المذكور عن الشمردل بن نبات، وكان في وفد نجران الذين قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلموا، فقال الشمردل:"بأبى أنت وأمى إنى كنت كاهن قومى، وكنت أتطيب فتأتينى الشابة فما يحل لى من ذلك، قال: فصد العرق ومحسمة الطعنة والانتشار إن اضطررت، ولا تجعل في دوائك شرفا ولا ورعان، وعليك بالسنا والسنوت، ولا تداو أحدا حتى تعرف داءه، فقبل ركبتيه، وقال: والذي بعثك بالحق لأنت أعلم منى يعنى بالطب"، فهذا هو الحديث الذي أشار إليه الذهبى وهو الذي أنكر عليه، وأورده ابن الجوزى في العلل المتناهية وسبقه الخطيب الذي خرجه في المتفق والمفترق فقال: في إسناده نظر.

أما حديث الباب فهو ضعيف لإرساله، ولضعف قيس بن الربيع الأسدى أيضًا.

2558/ 6367 - "كُلُّ يمينٍ يحلَفُ بها دونَ اللَّهِ شركٌ".

(ك) عن ابن عمر

قال في الكبير: ورواه عنه أبو نعيم والديلمى.

قلت: الشارح رأى الحديث في مسند الفردوس [3/ 306 رقم 4793] مسندا من طريق أبي نعيم، فعزاه إليه من غير أن يكون رآه في أصل من أصول أبي نعيم، ولا عرف في أيها خرجه، وذلك من تهوره وعدم أمانته، وهو عند أبى

ص: 79

نعيم في "التاريخ" في ترجمة عمر بن محمد بن مسلم (ص 53 من الجزء الأول).

2559/ 6368 - "كُلُّكُم بنُو آدمَ، وآدمُ خُلقَ من ترابٍ، ليَنْتَهِينَّ قومٌ يفتخُرون بآبائِهم أو ليكوننَّ أهونَ على اللَّهِ من الجُعلَانِ".

البزار عن حذيفة

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ذكر، فقد أعله الهيثمى بأن فيه الحسن بن الحسين المعافى وهو ضعيف.

قلت: الحسن المذكور إنما تكلموا فيه لأجل التشيع، وهو جرهم إلى الطعن فيه بغيره.

والحديث حسن كما قال المصنف أو صحيح لكثرة شواهده عن جماعة من الصحابة الذين منهم أبو هريرة، وحديثه بمثل لفظ هذا الحديث، خرجه أبو داود [4/ 333، رقم 5116]، وحسنه الترمذى.

2560/ 6371 - "كُلَّمَا طالَ عمرُ المسلِم كانَ لهُ خيرٌ"

(طب) عن عوف بن مالك

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه النهاس بن فهم وهو ضعيف، فرمز المصنف لحسنه فيه ما فيه.

قلت: وإذ الأمر كذلك فلم قلت في الصغير: إسناده حسن؟ فوقعت في الخطأ الذي أنكرته على المصنف، وأخطأت في كلا الكتابين، أخطأت في الكبير في اعتراضك تحسين المؤلف للحديث الذي حسنه لوجود شواهده الكثيرة المخرجة في الصحاح وغيرها وقد تقدم منها في حرف الخاء، وأخطأت في الصغير في قولك: إسناده حسن مع أن سنده ضعيف، ولم تفرق بين الحكم للحديث وبين الحكم للسند.

ص: 80

2561/ 6372 - "كلماتُ الفرجِ: لا إلهَ إلا اللَّهُ الحليمُ الكريمُ، لا إلهَ إلا اللَّهُ العلى العظيمُ، لا إلهَ إلا اللَّه ربُّ السمواتِ السبِع وربُّ العرشِ الكريمِ".

ابن أبي الدنيا في الفرج عن ابن عباس.

قلت: قال الدينورى في "المجالسة":

حدثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس به.

وقال ابن ترثال في جزئه:

حدثنا أبو القاسم عمر بن محمد بن أحمد بن هارون العسكرى ثنا عبد اللَّه بن الحسن الهاشمى ثنا يزيد بن هارون به.

وقد عقد الحكيم الترمذى في نوادر الأصول الأصل الثامن والسبعين والمائة (1) لكلمات الفرج، فأخرج هذا الحديث بألفاظ معضلا وموقوفًا ومرفوعا عن على، ولم يخرج حديث ابن عباس.

2562/ 6373 - "كلماتٌ من ذكَرهُنَّ مائَة مرة دُبُرَ كلِّ صلاة: اللَّه أكبرُ، سبحان اللَّه، والحمدُ للَّهِ، ولا إله إلا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ لهُ ولا حولَ ولا قوة إلا باللَّهِ العليِّ العظيمِ، لو كانتْ خطاياهُ مثل زبدِ البحرِ لمحَتْهُنَّ".

(حم) عن أبي ذر.

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بجيد، فقد قال الهيثمى: فيه أبو كثير لم أعرفه وبقية رجاله حديثهم حسن.

(1) هو في الأصل السابع والسبعبن والمائة من المطبوع (2/ 81).

ص: 81

قلت: وإذا لم يعرفه الهيثمى [10/ 101] فمن أدراك أن المؤلف لا يعرفه فأبو كثير المذكور ذكره البخارى في الكنى ولم يذكر فيه جرحا، فدل على أنه ثقة ونصه [ص 64، رقم 582]: أبو كثير مولى بنى هاشم سمع أبا ذر الغفارى: "التسبيح في دبر الصلاة يمحو الخطايا" اهـ.

فالحديث حسن كما قال المصنف واعتراض الشارح ليس بجيد، ومن عجائبه أنه رجع في الصغير فقلد المصنف وقال: إسناده حسن.

2563/ 6377 - "كلمتانِ إحداهُما ليس لها ناهيةٌ دونَ العرشِ، والأخرى تملأُ ما بين السماءِ والأرضِ: لا إلهَ إلا اللَّهُ، واللَّهُ أكبرُ".

(طب) عن معاذ

قال الشارح: بإسناد حسن أو ضعيف.

قلت: هذا حكم غريب عجيب، لم يسبق الشارح إليه أحد من الناس، وعلى حد تعبيره نقول: هو حكم فاسد أو باطل.

2564/ 6381 - "كُلِ الثومَ نَيِّئًا، فلولَا أَنِّى أنَاجِى الملكَ لأكلتُهُ".

(حل) وأبو بكر في الغيلانيات عن على.

قال الشارح: وإسناده واه.

وقال في الكبير: فيه حبة العرنى قال الذهبى في الضعفاء: شيعى غال ضعفه الدارقطنى، وقال العراقى ضعفه الجمهور.

قلت: فهم الشارح في كون حبة شيعى غال كما يقوله الذهبى أن حديثه واه، وذلك من جهله المركب، فلا حبة شيعى غال، ولا رواية الشيعى الغالى واهية، فحبة كان عابدا جليلا تقيا خاشعا للَّه تعالى، وثقه أحمد، وقال العجلى: كوفى تابعى ثقة، وقال ابن عدى: لم أر له حديثا منكر جاوز الحد، وإنما تكلم فيه الآخرون لتشيعه، ومعنى هذا التشيع أنه كان محبا لعلى

ص: 82

وحضر معه صفين، ونقل عنه أنه قال: حضر مع على ثمانون بدريا فكذبوه لهذا مع أنه لم يصح عنه، وهب أنه شيعى غال كما يقول النواصب، فما للتشيع وضعف الرواية، متى كان الشيعى ثقة عدلا، وأى علاقة للتشيع بأكل الثوم.

ولِمَ كانت رواية الشيعى ضعيفة ورواية الناصبى الغالى صحيحة كحريز بن عثمان وأمثاله إن هذا العجب، وأعجب منه تدخل الشارح فيما لا يعرفه.

والحديث خرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" عن أبي الشيخ بن حيان: ثنا محمد بن هارون ثنا الحسن بن عرفه ثنا زافر بن سليمان عن إسرائيل عن مسلم الأعور عن حبة العرنى عن على به، بدون قوله:"نيئًا".

أما في الحلية [8/ 357 و 10/ 316] فأخرجه من وجه آخر عن إسرائيل من رواية شيوخ الصوفية محمد بن محمد بن أبي الورد العابد قال: سمعت بشر الحافى يقول: حدثنا المعافى بن عمران عن إسرائيل به.

وأخرجه أبو سعد المالينى في مسند الصوفية قال:

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن يعقوب أنبأنا أبو إسحاق محمد بن بويه ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد العابد قال: سمعت بشر بن الحارث به، بدون قوله:"نيئًا" أيضًا.

وأخرجه أبو عبد الرحمن السلمى في طبقات الصوفية قال: أخبرنا أبو عمرو وسعيد بن القاسم بن العلاء البردعى ثنا أبو طلحة أحمد بن محمد بن عبد الكريم ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد العابد به.

ورواه أبو مسلم الكشى في سننه قال: حدثنا عبد اللَّه بن رجاء ثنا إسرائيل به.

ص: 83

ورواه الطحاوى في معاني الآثار من رواية عبد اللَّه بن صالح وشبابة بن سوار: ثنا إسرائيل به.

2565/ 6385 - "كُلْ ما أصمَيْتَ ودعْ ما أنميْتَ".

(طب) عن ابن عباس.

قال الشارح: بإسناد ضعيف.

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه عثمان بن عبد الرحمن أظنه القرشى وهو متروك.

قلت: الحديث ورد من طريقين عن ابن عباس موقوفًا أخرجهما البيهقى فلو لم يرد إلا كذلك لكانت هذه الرواية ضعيفة، ولكنه ورد من طريقين أخرين مرفوعًا أيضًا.

فرواه أبو نعيم في المعرفة من حديث عمرو بن تميم عن أبيه عن جده مرفوعًا أيضًا.

ورواه ابن سعد في الطبقات [1/ 2/ 60] عن هشام بن محمد بن السائب الكلبى قال:

حدثنى جميل بن مرثد الطائى من بنى معن عن بعض أشياخهم قالوا: قدم عمرو بن المسبح الطائي على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يومئذ ابن مائة وخمسين سنة، فسأله عن الصيد، فقال:"كل ما أصميت، ودع ما أنميت"، فهذا يؤيد رفعه، ويكون الحديث بمجموع طرقه حسنا، واللَّه أعلم.

2566/ 6388 - "كُلْ ما ردَّتْ عليكَ قوسُك".

(حم) عن عقبة بن عامر وحذيفة بن اليمان، (حم د) عن ابن عمرو بن العاص، (هـ) عن أبي ثعلبة.

ص: 84

قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن ابن ماجه تفرد به من بين الستة وليس كذلك، بل هو في أبي داود من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة.

قلت: عبد اللَّه بن عمرو لم يرو عن أبي ثعلبة، بل رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو حديثه، قال أبو داود [3/ 110، رقم: 2857]:

حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال: ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن أعرابيا يقال له: أبو ثعلبة، قال: يا رسول اللَّه: إن لى كلابا مكلبة فأفتنى في صيدها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم. . . " الحديث، والمصنف قد عزاه لأحمد وأبي داود كما ترى، فاعجب لهذه الوقاحة، وسل اللَّه العافية.

2567/ 6389 - "كُلْ مع صاحبِ البلاءِ تواضُعًا لربِّكَ وإيمانًا".

الطحاوى عن أبي ذر.

زاد الشارح في الكبير: في مسنده عن أبي ذر.

قلت: الشارح عديم الأمانة في العلم فاقد الحرمة للحديث بغير علم ولا معرفة ولا توقف ولا تثبت، فالطحاوى ليس له مسند أولا، ولم يخرجه فيه لو فرضنا له مسندا ثانيا، وإنما خرجه في معاني الآثار، قال:

حدثنا على بن زيد ثنا موسى بن داود ثنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي مسلم الخولانى عن أبي ذر به.

2568/ 6393 - "كُلوا التِّينَ فلو قُلت إنَّ فَاكهةً نزلت منَ الجنَّة بلا عجمٍ لقلتُ هي التِّينُ، وإنه يَذْهبُ بالبواسِيرِ، وينفعُ مِن النّقْرسِ".

ابن السنى وأبو نعيم (فر) عن أبي ذر

ص: 85

قال في الكبير: والذي وقفت عليه لابن السنى والديلمى ليس على هذا السياق، بل سياقه بعد قوله هي التين:"وينفع من النقرس" اهـ.

قلت: كذب، واللَّه ما رأى الطب لابن السنى بعينه وإنما رأى الديلمى أسنده من طريقه، ثم إنه لو قال الذي رأيته في مسند الفردوس من طريق ابن السنى بدون ذكر "البواسير" لكان صادقا في حكايته غير مهول بقوله: ليس على هذا السياق، فإنه لم يأت بسياق آخر وإنما حذف ذكر "البواسير" فقط، ولكنه يأتى بمثل هذا للتهويل وتعظيم الأمر على المصنف.

2569/ 6394 - "كُلُوا التَّمْرَ عَلَى الرِّيقِ؛ فإِنَّه يَقْتلُ الدُّودَ".

أبو بكر في الغيلانيات (فر) عن ابن عباس.

قال في الكبير: وفيه أبو بكر الشافعى، قال في الميزان: شيخ للحاكم متهم بالوضع، وعصمة بن محمد قال في الضعفاء: تركوه، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات.

قلت: الشارح جاهل كذاب فأبو بكر الشافعى هو مخرج الحديث وهو ثقة إمام جليل ما حام الضعف حوله ولا ذكره الذهبى في الميزان، ولا توجد في الميزان ترجمة لرجل اسمه أبو بكر الشافعى أصلا، ولا قال الذهبى عنه: شيخ للحاكم متهم بالوضع أصلا، فلا أدرى كيف يجترئ هذا الكذاب على كتب الحديث وأهله؟

وأبو بكر الشافعى ذكره الذهبى في تذكرة الحفاظ وحلَّاه بالإمام الحجة المفيد محدث العراق، ثم نقل عن الخطيب أنه قال: كان ثقة ثبتا حسن التصانيف، وسئل عنه الدارقطنى فقال: ثقة مأمون جبل ما كان في ذلك الوقت أحد أوثق منه، وقال مرة أخرى: هو الثقة المأمون الذي لم يغمز اهـ.

فانظر لهذا الكذاب ما أجرأه على أهل الكذب وعلى أهل الحديث.

ص: 86

"أما الحديث فموضوع (1)، وعلته عصمة بن محمد (2)، فلو كان للشارح علم وعقل لاقتصر على التعليل به.

2570/ 6395 - "كُلُوا البَلَحَ بالتَّمْرِ، كُلُوا الخَلِقَ بالجَدِيدِ، فإنَّ الشَّيْطَان إذَا رآهُ غَضِبَ وقَالَ: عَاشَ ابْنُ آدَمَ حتَّى أكَلَ الخَلِقَ بالجَدِيدِ"

(ن. هـ. ك) عن عائشة.

قال (ش): حديث منكر اتفاقا.

وقال في الكبير: قال الدارقطنى: تفرد به يحيى بن محمد أبو زكير عن هشام، قال العقيلى: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وقال ابن حبان: لا أصل له، قال: وفيه أيضًا محمد بن شداد، قال الدارقطنى: لا يكتب حديثه، وتابعه نعيم بن حماد عن أبي زكير ونعيم غير ثقة، وفي الميزان: هذا حديث منكر رواه الحاكم ولم يصححه مع تساهله اهـ. ومن ثم أورده ابن الجوزى في الموضوع، والحاصل أن متنه منكر وفي سنده ضعفاء، والمنكر من قبيل الضعيف ففيه ضعف على ضعف إن سلم عدم وضعه.

قلت: فيه أمور، الأول: قوله: منكر اتفاقا، فحكاية الاتفاق باطلة، فقد صححه الحاكم في كتاب المدخل، فقال: والقسم الرابع من الصحيح هذه الأحاديث الأفراد الغرائب التي يرويها الثقات العدول، تفرد بها ثقة من الثقات وليس لها طرق مخرجة في الكتب فذكر مثالين، ثم قال: وكذلك حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس وهو فقة مخرج حديثه في كتاب مسلم عن هشام

(1) انظر تنزيه الشريعة (2/ 240)، والموضوعات (3/ 25)، والفوائد المجموعة (180)، وتذكرة الموضوعات (151).

(2)

انظر الضعفاء الكبير للعقيلى (3/ 340، رقم 1366).

ص: 87

عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كلوا البلح بالتمر" الحديث ثم قال وسوى هذا القسم كثيرة كلها صحيحة الإسناد غير مخرجة في الكتابين، يُسْتَدل بالقليل الذي ذكرناه على الكثير الذي تركناه انتهى.

وخرجه أيضًا في علوم الحديث [ص 100 - 101]، ثم قال: تفرد به أبو زكير عن هشام وهو من أفراد البصريين عن المدنيين، فإن يحيى بن محمد بن قيس بصرى مخرج حديثه في كتاب مسلم. . . إلخ، فأين الاتفاق؟.

الثانى: أنه قال: فيه محمد بن شداد وتابعه نعيم بن حماد ونعيم غير ثقة، وهذا كلام ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 121]، وقد تعقبه عليه المصنف بأن محمد بن شداد ونعيم بن حماد بريئان منه، فقد أخرجه النسائى عن عمرو ابن على، وابن ماجه [2/ 1105، رقم 3330] عن أبي بشر بكر بن خلف، والعقيلى [رقم 467] من طريق القاسم بن أمية الحذاء، والبيهقى في "الشعب" من طريقه ومن طريق عبيد اللَّه بن محمد [5/ 1105 رقم 5999] وابن السنى في الطب من طريق محمد بن المثنى، وأبو نعيم في الطب من طريق محمد ابن عمر المقدسى.

قلت: وكذلك رواه من طريق عمرو بن على أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 134]، ومن طريق محمد بن المثنى ابن حبان في الضعفاء [3/ 120]، فهؤلاء ستة كلهم تابعوا محمد بن شداد ونعيم بن حماد عليه، وقد رأى الشارح ذلك في كتاب المصنف الذي منه نقل كلام ابن الجوزى، لكنه يغض عن ذلك قصدا لئلا يظهر فضل المؤلف وحفظه واطلاعه.

الثالث: قوله: وفي سنده ضعفاء، فقد عرفت وعرف هو أيضًا أنه ليس في سنده إلا أبو زكير، وهو مع ذلك مخرج له في صحيح مسلم.

الرابع: قوله: والمنكر من قبيل الضعيف، فهو من باب السماء فوقنا والأرض تحتنا.

ص: 88

الخامس: قوله: ففيه ضعف على ضعف هذه جملة لا تفهم ولا يعرف لها معنى ولا أصل لها ألبتة.

2571/ 6396 - "كُلُّوا جَمِيَعا ولَا تفَرَّقُوا؛ فإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الجَمَاعَةِ".

(هـ) عن عمر.

قال الشارح: بإسناد حسن.

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن، فقد قال المنذرى: فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير واهى الحديث.

قلت: وإذ ذلك كذلك فلم قلت في الصغير: إسناده حسن فتناقضت وما أصبت أولا ولا آخرا؟.

أما أولا: فإن عمرو بن دينار المذكور ليس مما يخفى حاله على أدنى أهل الحديث معرفة فكيف بالمصنف؟

ولكنه حسن الحديث لشواهده وثبوت معناه ولم يحسن سند الحديث.

وأما آخرا: فإنك خالفت ما نقلته وحسنت سند الحديث وسنده ليس بحسن.

2572/ 6402 - "كُلُوا واشْرَبُوا وتَصَدَّقُوا والْبِسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ ولا مَخْيَلَةِ".

(حم. ن. هـ. ك) عن ابن عمرو.

قلت: أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده بزيادة: "حتى ترى نعمة اللَّه عليكم، فإن اللَّه يحب أن يرى نعمته على عبده".

قال الحارث: حدثنا العباس بن الفضل ثنا همام عن قتادة والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

وكذلك رواه بهذه الزيادة ابن أبي الدنيا في الشكر [ص 31]:

ص: 89

ثنا أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم عن همام به.

2573/ 6406 - "كَمَا تَكُونُونَ يُولَّى عَلْيُكُم".

(فر) عن أبي بكرة (هب) عن أبي إسحاق السبيعى مرسلا.

قال في الكبير: رواه الديلمى وكذا القضاعى كلاهما من حديث يحيى بن هاشم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده عن أبي بكرة قال السخاوى: يحيى في عداد من يضع، ثم قال: وله طريق أخرى عند ابن جميع في معجمه، والقضاعى في مسند الشهاب من جهة أحمد بن عثمان الكرمانى. . . إلخ.

قلت: فيه أمور، أحدها: أن القضاعى لم يخرجه من حديث يحيى بن هاشم، وإنما خرجه من طريق واحدة هي التي ذكرها أخيرا، قال القضاعى: أخبرنا هبة اللَّه بن أبي غسان الفارسى أنا عبد الملك بن حسان البكارى ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عمران أنا أحمد بن إبراهيم بن عثمان بن المثنى أبو المثنى الباهلى أن أباه وعمه محمد بن يحيى حدثاه قال: أنا الكرمانى بن عمرو حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة به.

ثانيها: أنه أضاف اسم الكرمانى بن عمرو إلى أحمد بن عثمان الباهلى وجعلهما رجلا واحدا.

ثالثها: قال: في رواية يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده، وهو لا يروى عن أبيه عن جده، وإنما يروى عن أبيه، وأبوه يروى عن الصحابة.

2574/ 6407 - "كَما لا يجتنى من الشَّوْكِ الْعِنَبُ كذلك لَا يَنْزِلُ الفُجَّارُ مَنَازِلَ الأَبْرَارِ، وهُمَا طَرِيقان فَأيُّهُما أخَذْتُم أَدْرَكْتُم".

ابن عساكر عن أبي ذر.

قال في الكبير: وفيه مكبر بن عثمان التنوخى، قال في الميزان عن ابن

ص: 90

حبان: منكر الحديث جدا ثم ساق من مناكيره هذا الخبر.

قلت: الشارح رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم، وجعل ذلك مرجعا يرجع إليه، فكل حديث يجده فيه في ترجمة راو يحكم بأن ذلك الراوى موجود عند جميع مخرجيه، فهذا الحديث له ثلاثة طرق، الأول: من رواية مكبر بن عثمان المذكور، ومن طريقه أخرجه ابن حبان في الضعفاء فقال:

حدثنا أحمد بن على بن المثنى ثنا مؤمل بن إهاب ثنا مكبر بن عثمان التنوخى ثنا الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد عن أبي ذر به.

ومكبر بن عثمان لم ينفرد به عن الوضين، بل تابعه عليه يزيد بن السمط، وهو الطريق الثانى.

أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق أحمد بن أبي الحوارى [1/ 156]:

ثنا مروان بن محمد عن يزيد بن السمط عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد به مرسلا، قال أبو نعيم: رواه غير أحمد فقال: عن يزيد عن أبي ذر.

الطريق الثالث قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 112]:

حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن عيسى بن ماهان الجوال ثنا محمد بن أبان البلخى ثنا كثير بن هشام ثنا فرات بن سليمان ثنا أبو المهاجر الدمشقى عن أبي ذر الغفارى به.

2575/ 6409 - "كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ شيءٌ كَذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ شَيءٌ"

(خط) عن عمر، (حل) عن ابن عمرو.

قلت: ما كتبه الشارح في الكبير على هذا الحديث أخذه باختصار من اللآلئ المصنوعة للمصنف [1/ 23]، فراجعه تقف على الحقيقة.

ص: 91

2576/ 6411 - "كَمَا تَدِينُ تُدَانُ".

(عد) عن ابن عمرو.

قال في الكبير: رواه ابن عدى من جهة مكرم بن عبد اللَّه الجوزجانى عن محمد بن عبد الملك الأنصارى عن نافع عن ابن عمر ثم ضعفه بمحمد المذكور، فعزو الحديث لمخرجه وحذفه من كلامه وتصريحه بتضعيفه غير صواب.

قلت: الشارح جاهل أحمق يظن أن الكامل لابن عدى كمصنف الترمذى والحاكم ونحوهما ممن ألفوا في السنن وتكلموا على الأحاديث، وهو لا يدرى أن الكامل كتاب في ضعفاء الرجال، ومقصود مؤلفه تضعيف الرجال لا تضعيف الأحاديث، فهو يورد الأحاديث الغرائب في ترجمة الرجل ليستدل بها على ضعفه لا بالعكس، ولكن الشارح يكذب ويريد أن يقيم من ذلك الكذب حجة على المصنف، وهو لم ير الكامل بعينه ولا رأى من رآه إلى عدة إضافات، وإنما نقل هذا من عبارة الحفاظ كالسخاوى في المقاصد الحسنة [ص 518، رقم 834]، ثم حرفها وزاد فيها الكذب، واسمع عبارة السخاوى بعد أن ذكر السند المذكور: ومن هذه الوجه أخرجه ابن عدى في الكامل، وضعف محمد. . . إلخ فحرف الشارح قوله: وضعف محمد بقوله: وضعفه بمحمد، ثم صار يهذى بما سمعت ليفضح الشارح (1)، وفي الحقيقة يفضح نفسه، ويكشف الستر عن جهله وقلة صدقه وأمانته.

2577/ 6413 - "كَمْ مِنْ ذِى طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَم عَلَى اللَّه لأَبَرَّهُ مِنْهُم عمَّارُ بنُ يَاسِرٍ".

ابن عساكر عن عائشة.

(1) كذا بالأصل ولعلها سبق قلم والصواب: ليفضح المصنف

ص: 92

قال في الكبير: رواه أيضًا الطبرانى في الأوسط عنها باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف. . . إلخ.

قلت: هذا كذب ما خرجه الطبرانى في الأوسط من حديث عائشة بهذا اللفظ، ولا ذكره الهيثمى كذلك، وإنما ذكر أحاديث أخرى ليس فيها ذكر عمار، ولا هي من حديث عائشة.

2578/ 6416 - "كَمْ مَنْ عَاقِلٍ عَقَلَ عَنِ اللَّه أَمْرَهُ، وَهُوَ حَقِير عِنْدَ النَّاس، ذَمِيْمُ المنظَرِ، ينجُو غَدًا، وَكَمْ مِنْ ظَرِيف اللِّسانِ جَمِيلِ المنْظَرِ عَظِيم الشَّانِ هَالِكٌ غَدًا يَوْمَ القِيَامَةِ".

(هب) عن ابن عمر

قال في الكبير: رواه (هب) من حديث نهشل بن سعيد عن عباد بن كثير عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر ثم قال أعنى البيهقى: تفرد به نهشل بن عباد اهـ. ونهشل هذا قال الذهبى: قال ابن راهويه: كان كذابا، وعباد بن كثير قال البخارى: تركوه، وعبد اللَّه بن دينار قال الذهبى: ليس بالقوى.

قلت: فيه أمران، أحدهما: إن كان الشارح صادقا فيما حكاه عن البيهقى من قوله: تفرد به نهشل عن عباد، فهو متعقب بأن داود بن المحبر تابعه عن عباد، كذلك أخرجه الحارث بن أبي أسامة، وأبو نعيم في الحلية [1/ 313] من طريقه عن داود بن المحبر: ثنا عباد به، وداود كذاب أيضًا.

ثانيهما: قوله وعبد اللَّه بن دينار قال الذهبى: ليس بالقوى، فإن عبد اللَّه بن دينار هذا هو مولى ابن عمر وهو ثقة من رجال الصحيح، والعجب أنه أشهر من نار على علم بين أهل الحديث، لا يخفى إلا على من لم يجلس مجلسا في هذا العلم ولا سمع منه حرفا واحدا، وأعجب منه أن عبد اللَّه بن دينار

ص: 93

الذي ذكره الذهبى في الميزان [2/ 418، رقم 4298] قال فيه: روى عن عمر بن عبد العزيز، فهو متأخر عن مولى ابن عمر الراوى عنه.

2579/ 6418 - "كَمُ مِنْ حَوْرَاء عَيْنَاء مَا كَانَ مَهْرُهَا إلا قَبْضَةً مِنْ حِنطَةٍ أو مِثْلِها مِنْ تَمْرٍ".

(عق) عن ابن عمر.

قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوعات وأقره عليه المؤلف.

قلت: هو كذلك، وقد ورد هذا أيضًا من حديث أبي هريرة وهو موضوع أيضًا، أخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 88] من رواية عمر بن صبح، وهو وضاع عن مقاتل بن حيان عن الأعرج عن أبي هريرة به، فكان على المصنف أن لا يذكره.

2580/ 6419 - "كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَومًا لا يَسْتَكْمِلهُ، وَمُنْتَظِرٍ غَدًا لا يَبْلُغهُ".

(فر) عن ابن عمر.

قال في الكبير: وفيه عون بن عبد اللَّه أورده في اللسان ونقل عن الدارقطنى ما يفيد تضعيفه.

قلت: مسكين هذا الرجل يرحم واللَّه لشدة جهله بالرجال وكثرة دخوله في الفضول، فعون بن عبد اللَّه المذكور في سند هذا الحديث هو عون ابن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود الزاهد العابد المشهور، وهو ثقة من رجال مسلم، ثم هو قديم تابعى يروى عن الصحابة، وعون بن عبد اللَّه الذي ذكره الحافظ في اللسان مغربى إفريقى متأخر يروى عن مالك، قال الحافظ [4/ 387، رقم 1173]: عون بن عبد اللَّه بن عمر بن غانم الإفريقى، غلط في اسمه بعض الرواة، أورده الدارقطنى في ترجمة يحيى بن

ص: 94

سعيد الأنصارى من غرائب مالك من طريق إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسى عن إبراهيم بن محمد بن زياد الأندلسى، يعرف بابن القزاز، عنه حدثنى مالك، ثم أورده من طريق محمد بن وضاح وابن زياد عن سحنون عن عبد اللَّه بن عمر بن غانم عن مالك، وقال: هذا أصح ممن قال: عن عون اهـ.

ثم إن هذا الحديث روى عن عون بن عبد اللَّه بن كلامه، وإنما أسنده عنه بعض الرواة الضعفاء، فترك الشارح النظر فيهم وذهب إلى الرجل الثقة الزاهد العابد الذي هذا كلامه، وأراد تعليل الحديث برجل وافق اسمه وهو متأخر عنه، قال البيهقى في الزهد:

أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى ثنا على بن بندار ثنا حمزة بن محمد الكاتب ثنا نعيم بن حماد ثنا ابن المبارك عن مسعر عن عون بن عبد اللَّه، قال:"كم من مستقبل يوما لا يتمه، ومنتظر غدا لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره".

وقد ورد من وجه آخر مرفوعًا أيضًا عن ابن عمر، أخرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 345، 346] من طريق الحسن بن أحمد بن المبارك الطوسى:

ثنا محمد بن أحمد بن أمية ثنا أبي ثنا نوفل بن سليمان الهنائى عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال:"وعظنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا من الموت غايته، ويا من القبر منزله، ويا من الكفن ستره، ويا من التراب وساده، ويا من الدود جيرانه، ويا من المنكر والنكير زواره، يا أيها المودع غدا عرسه، كم من مستقبل يوما"، وذكره وهو باطل موضوع، نوفل الهنائى متهم بالوضع وكذلك الحسن بن أحمد الطوسى.

ص: 95

2581/ 6421 - "كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيبٌ أوْ عَابِر سَبِيلٍ".

(خ) عن ابن عمر، زاد (حم. ت. هـ)"وعدَّ نفسك من أهل القبور"

قلت: أخرجه أيضًا ابن حبان في روضة العقلاء (ص 126)، والخطابى في "العزلة"(ص 44)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 312) بزيادات كثيرة في أوله، وانظر مستخرجنا على مسند الشهاب.

2582/ 6422 - "كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أشْكَرَ النَّاسِ، وَأحبَّ للنَّاس مَا تُحِبُّ لنَفْسكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحْسِنْ مُجَاَوَرَةَ مَن جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وأقلَّ الضَّحكَ فإنَّ كَثرَة الضَّحِكِ تُمِيت القَلْبَ"

(هب) عن أبي هريرة.

قال في الكبير: وكذلك رواه القضاعى من حديث أبي رجاء وهو متكلم فيه، وفيه أيضًا برد بن سنان قال أبو داود: يرمى بالقدر وبه يعرف أن العامرى لم يصب في زعمه صحته.

قلت: فيه أمور، أحدها: أن الاستدراك بالقضاعى قصور على طريقة الشارح الذي لا يراعى أوائل الحديث. فإن الحديث أخرجه ابن ماجه [2/ 1410، رقم 4217]، والبخارى في "الأدب المفرد" والطبرانى في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية"[10/ 365] وفي "التاريخ"[2/ 302]، والبيهقى في الزهد [2/ 99]، والقشيرى في الرسالة [ص 53]، وابن الأعرابى في المعجم، وغيرهم كلهم من طريق أبي رجاء عن برد بن سنان عن مكحول عن واثلة عن أبي هريرة به، وفي ألفاظهم اختلاف بالنقص والزيادة والتقديم والتأخير، وذلك عذر المصنف في عدم عزوه إليهم.

ص: 96

ثانيها: برد بن سنان ثقة وكونه يرى القدر لا دخل له في الجرح.

ثالثها: للحديث طريق آخر من رواية الحسن عن أبي هريرة، أخرجه أحمد [2/ 310] والترمذى [2/ 50] وأبو نعيم [10/ 365] والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[ص 42].

رابعها: العامرى شارح الشهاب ساقط عن درجة الاعتبار لأنه يحكم على الأحاديث بهواه، فلا يعتبره إلا مثله.

2583/ 6424 - "كُنْتُ نَبِيا وآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ والجَسَدِ".

ابن سعد (حل) عن ميسرة الفجر ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء (طب) عن ابن عباس.

قال الشارح: وهذا حديث منكر.

وقال في الكبير: عن ابن عباس قال: "قيل يا رسول اللَّه متى كنت نبيا؟ فذكره، قال الطبرانى: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد وفيه قيس بن الربيع قال الذهبى: تابعى له حديث منكر، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير وإلا لما أبعد النجعة وهو غريب، فقد خرجه الترمذى في العلل وذكر أنه سأل عنه البخارى فلم يعرفه، قال أبو عيسى: وهو غريب، وأخرجه أحمد والبخارى في التاريخ وابن السكن والبغوى عن ميسرة أيضًا، وأخرجه عنه الحاكم وقال: صحيح وأقره الذهبى، وأخرجه أحمد والطبرانى باللفظ المزبور عنه، قال الهيثمى: رجالهما رجال الصحيح.

قلت: فيه أمور، الأول: قوله في الصغير: وهذا حديث منكر، يفيد بظاهره أن يريد الحديث من أصله وكلامه في الكبير يدل على أنه يريد حديث ابن عباس وحده، وذلك من سوء التصرف.

ص: 97

الثانى: قوله: قال الطبرانى: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد بله وغفلة مضحكة فينه لم يتقدم له ذكر لإسناده، فما هو الإسناد الذي لم يرو عن ابن عباس إلا به؟!

الثالث: قوله: وفيه قيس بن الربيع كذب، فإنه لا وجود له فيه، وإنما علته أنه من رواية جابر الجعفى عن الشعبى عن ابن عباس، وبذلك أعله الحافظ نور الدين الذي ينقل عنه الشارح.

الرابع: قوله: قال الذهبى: تابعى له حديث منكر قد سبق قريبًا في حديث: "كل نفقة يفقها المسلم"، إنه غلط في هذا الرجل غلطا فاحشا مضحكا فاضحا فارجع إليه، فإن قيسا هذا مجهول لم يرو عنه إلا حديث واحد في الطب، وقيس الذي يريده الشارح غيره.

الخامس: أنه قال في الصغير: وهذا حديث منكر اعتمادا على ما قال الذهبى: له حديث أنكر عليه، ففي حديث:"كل نفقة ينفقها المسلم" جعله الشارح هو ذلك الحديث، وهنا جعله هو هذا الحديث، وربما تأتى له أحاديث أخرى فيها قيس بن الربيع، فيقول عن كل واحد منها: هذا حديث منكر ويحملها كلها على قول الذهبى: له حديث أنكر عليه، وقد بينا أنه حديث في الطب، فلا إله إلا اللَّه ما أعجب شأن هذا الرجل الذي أبتلاه اللَّه بالوقيعة في المصنف وجعل جزاءه على ذلك ما ترى من الدواهى التي لم يشاركه فيها مخلوق.

السادس: قوله: وظاهر صنيع. . . إلخ، إنما كان لأحمق مثله أن يتعلق به لو خرجه الترمذى في جامعه الذي هو من الكتب الستة، أما كونه في العلل فهو كتاب من الكتب لا ميزة له على غيره، وهب أنه في جامع الترمذى ولم يعزه إليه، فكان ماذا؟.

السابع: إطلاقه العزو إلى علل الترمذى يفيد أنه في العلل التي بآخر الجامع،

ص: 98

والحديث ليس هو فيه، والقاعدة: إذا عزى إلى العلل المفرد يصرح بذلك.

الثامن: أن هؤلاء المخرجين كلهم قد عزا المصنف الحديث إليهم في الخصائص الكبرى وغيرها من كتبه، فإذا أحب أن يختصر هنا ويقتصر فلا أحد يعد ذلك نقصا، ثم إن حديث ابن أبي الجدعاء أخرجه أيضًا أبو ذر الهروى في جزئه، قال:

أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا كامل بن طلحة ثنا حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن عبد اللَّه بن شقيق عن ابن أبي الجدعاء، قال:"قلت: يا رسول اللَّه متى كنت نبيا؟ قال: إذ آدم بين الروح والجسد".

وأخرجه أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوى به مثله.

2584/ 6433 - "كُونُوا في الدُّنيَا أضْيَافًا، واتَّخذُوا المسَاجدَ بُيُوتًا، وَعَوِّدُوا قُلُوبَكُمُ الرِّقَّةَ، وَأَكْثِرُوا التَّفَكُّرَ وَالبُكَاء، وَلا تَختَلِفَنَّ بكُمُ الأهْوَاءُ، تَبْنُونَ مَا لا تَسْكُنُونَ، وتَجْمَعُونَ مَا لا تَأكُلُونَ، وَتَأملَونَ مَا لَا تُدْرِكُونَ".

الحسن بن سفيان (حل) عن الحكم بن عمير.

قال الشارح: بإسناد حسن.

قلت: بل بإسناد ساقط منكر، فإنه من رواية محمد بن مصفى عن بقية عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير، ومحمد بن مصفى يدلس تدليس التسوية، وقال صالح: حدث بالمناكير، وبقية مدلس أيضًا، وعيسى بن إبراهيم متروك، وموسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم وقال الذهبى: خبره ساقط، وله عن الحكم بن عمير رجل، قيل: له صحبة، والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقى صحابى

ص: 99

كبير، وإنما أعرف له رواية عن على بن الحسين اهـ.

والحكم بن عمير قال أبو حاتم: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منكرة يرويها عيسى بن إبراهيم وهو ضعيف عن موسى بن أبي حبيب وهو ضعيف عن عمه الحكم اهـ.

فإذا كان هذا السند حسنا فما هو المنكر الساقط؟

والعجب أنه قال في الكبير: فيه بقية، وموسى بن أبي حبيب قال الذهبى: ضعفه أبو حاتم اهـ.

ومع ذلك قال في الصغير: إسناده حسن، والذي أوقعه في ذلك تقليده لذلك الجاهل العامرى شارح الشهاب، الذي يصحح ويحسن بهواه وذوقه، فإن هذا الحديث خرجه أيضًا القضاعى في "مسند الشهاب"، ولكن الشارح لم يصرح باسمه، وأراد أن يستأثر بهذه الفائدة الجليلة ولا يعزوها لغيره.

2585/ 6434 - "كُونُوا للعِلْمِ دُعَاةً، وَلَا تَكُونُوا لَهُ رُوَاةً".

(حل) عن ابن مسعود

قال في الكبير: من رواية القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده ابن مسعود.

قلت: هذا الحدبث ما رأيته في الحلية، ولا في كتاب العلم من ترتيبها للحافظ نور الدين الهيثمى، فأخشى أن يكون المصنف واهما في عزوه، والشارح كاذبا فيما ذكر من رواته، فالغالب أنه رأى ذلك في مسند الفردوس، فجزم بأنه في الحلية وليس عندى حرف الكاف منه، بل ناقص من نسختى، فليحرر.

والحديث خرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"[1/ 138]، من حديث على فقال:

ص: 100

حدثنا إبراهيم بن أحمد ثنا أبو الصلت ثنا على بن موسى عن أبيه عن جده عن آبائه مرفوعًا: "كونوا كونوا دراة، ولا تكونوا رواة، حديث تعرفون فقهه خير من ألف تروونه".

وذكره الديلمى في الفردوس [3/ 291، رقم 4742] من حديث ابن عباس مطولا، ولفظه:"كونوا للعلم رعاة، ولا تكونوا له رواة، فقد يرعوى من لا يروى، وقد يروى من لا يرعوى، إنكم لا تكونوا عالمين حتى تكونوا بما علمتم عاملين".

2586/ 6435 - "كَلَامُ ابْنِ آدَمَ كُلُّهُ عَليْه لَا لَهُ، إلا أمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أو نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أوْ ذِكرًا للَّه عز وجل".

(ت. هـ. ك. هب) عن أم حبيبة

قلت: أخرجه أيضًا ابن السنى في عمل يوم وليلة [ص 5]، والبخارى في "التاريخ"[1/ 1/ 261 - 262]، وأحمد في الزهد، والحكيم في نوادر الأصول في الأصل الخمسين ومائة (1).

2587/ 6436 - "كَلَامُ أَهْلِ السَّماواتِ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ".

(خط) عن أنس

قال في الكبير: ورواه في ترجمة خلف الموازينى، وفيه أحمد بن محمد بن عمران، قال الذهبى في الضعفاء: ضعيف، وداود بن صغير قال الدارقطنى وغيره: منكر الحديث، وابن عدى: غال في التشيع، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الواهيات.

قلت: فيه أمور، الأول: الخطيب [12/ 362] خرج الحديث في ترجمة

(1) هو في الأصل التاسع والأربعين والمائة من المطبوع (2/ 3).

ص: 101

خلف المذكور، وأعاده في ترجمة داود بن صغير.

الثانى: المذكور في سند الحديث أحمد بن عمران، وهو غير أحمد بن محمد ابن عمران.

الثالث: أحمد بن عمران برئ من الحديث لأنه توبع عليه في نفس السند الذي رآه الشارح، فلا معنى لذكره فضلا عن ذكر غيره في موضعه.

فالخطيب رواه من طريق أحمد بن عمران عن خلف بن محمد الموازينى عن على بن موسى الديبلى عن داود بن صغير، ثم حول السند فرواه أيضًا من طريق على بن عمر الحربى عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه الصيرفى عن داود بن صغير، ثم أخرجه في ترجمة داود من وجه ثالث عنه من رواية على بن محمد بن عبد اللَّه المروزى عن عبد اللَّه بن محمد بن نصر بن الحجاج المروزى عن داود بن صغير به، فكيف يذكر أحمد بن عمران وهو برئ منه، ثم يذكر بدله رجلا آخر؟.

الرابع: قوله: وقال ابن عدى: كان غاليا في التشيع، كذب محض ما قاله ابن عدى ولا نقله الذهبى ولا يمكن أن يكون غاليا في التشيع وهو شامى، والشام كله نواصب، فما أدرى ما وجه هذا الكذب؟.

2588/ 6437 - "كَلامِى لا ينسَخُ كلامَ اللَّهِ، وكلامُ اللَّهِ يَنْسَخُ كلامِى، وكَلامُ اللَّه ينسخُ بعضُه بعضًا".

(عد. قط) عن جابر

قلت: هذا حديث موضوع يلام المصنف على ذكره، وقد أسخف الشارح هنا سخافته المعتادة بجهله بأن كتاب ابن على موضوع للضعفاء ولإغماض عينه عن رمز المصنف للحديث بعلامة الضعيف، وإن كان هو مخطئا في ذلك، بل الحديث لا يشك ذو علم بالحديث أنه موضوع.

ص: 102

2589/ 6438 - "كيفَ أنتُمْ إِذَا كنتم من دينكُم في مثلِ القمرِ ليلةَ البدرِ لَا يبصرُه منكُم إلا البصيرُ؟ ".

ابن عساكر عن أبي هريرة

قال: ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل قال: إن صدقة ضعفه أحمد. . . إلخ.

قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف، بل إنه قد رمز له بعلامة الضعيف والشارح قليل الحياء، ثم إنه لم يفهم الحديث، فلم يكتب عليه إلا ما هو من باب السماء فوقنا، وهكذا يصنع في كل الأحاديث أو جلها يأتى للموضع الغامض ومحل الشرح يسكت كأنه مخرج لا شارح، ولو أنصف لقال: لم أفهم للحديث معنى، ومعناه أن الدين سينتشر ويتضح برهانه ودلائله حتى يصير في الشهرة والوضوح كالقمر ليلة البدر لا يحتاج إلى دليل، ومع ذلك فلا يبصره ويعمل به إلا البصير الذي فتح اللَّه قفل قلبه وأزال عنه الرين، واللَّه يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.

2590/ 6439 - "كيفَ أنتمُ إذا جارَتْ عليكُم الولاةُ".

(طب) عن عبد اللَّه بن بسر

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، ففيه عمر بن بلال قال الهيثمى: جهله ابن عدى، وقال في الميزان: قال ابن عدى: غير معروف ولا حديثه بمحفوظ وأشار إلى هذا الحديث.

قلت: ليس ابن عدى بنبى يوحى إليه في الرجال، فإن كان قد جهل هذا الرجل، فقد عرفه ابن حبان وذكره في الثقات [5/ 184]، وذلك شرط الحسن -لا سيما- والحديث له شواهد كثيرة قد ترفعه إلى درجة الصحيح (1).

(1) انظر كنز العمال: (رقم 1456)، وابن عساكر في التاريخ (6/ 415).

ص: 103

2591/ 6444 - "كيفَ يقدِّسُ اللَّهُ أمةً لا ياخذُ ضعيفُها حقَّهُ من قويِّهَا، وهو غَيْرُ مُتَعْتَع؟ ".

(ع. هق) عن بريدة.

قال الشارح: وإسناده حسن.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عطاء بن السائب ثقة لكنه اختلط وبقية رجاله ثقات، وقال بعضهم عقب عزوه للبيهقى: فيه عمرو بن قيىس عن عطاء أورده الذهبى في المتروكين وقال: تركوه واتهم أى بالوضع.

قلت: فيه أمور، الأول: أنه قال بعد هذا في الصغير: إسناده حسن، وكيف يكون حسنا من فيه متهم بالوضع على حسب نقله؟!.

الثانى: المذكور في سند الحديث عند البيهقى عمرو بن أبي قيس لا عمرو بن قيس.

الثالث: لم يقل الذهبى لا في عمرو بن قيس، ولا في عمرو بن أبي قيس: تركوه واتهم أصلا، بل ذلك من الكذب الصراح على الذهبى، ثم على هذا البعض المكذوب أيضًا، ومن قلة أمانة الشارح وتلبيسه أنه ينوع الأسماء للميزان، فتارة يسميه الضعفاء، وتارة المتروكين، وتارة ذيل الضعفاء، وتارة الميزان كل ذلك يفعله للتضليل حتى لا يفتضح كذبه، فمن رجع إلى الميزان ولم يجد فيه شيئًا مما نقل عن الذهبى يقول: لعل الذهبى ذكر ذلك في كتاب آخر خاص بالمتروكين، وهكذا حين يقول: ذيل الضعفاء وكلها أسماء لكتاب الميزان.

الرابع: أن عمرو بن أبي قيس المذكور ثقة.

الخامس: ومع ذلك فإن البيهقى رواه من طرق أخرى عن عطاء، لا حاجة إلى التطويل بذكرها، ولكن راجع (10/ 94)، و (6/ 95)، وارجع إلى

ص: 104

حديث: "إن اللَّه لا يقدس أمة"، فقد ذكرت لهذا الحديث هناك عشرة طرق.

2592/ 6747 - "كِيلوُا طعامَكُم، فإنَّ البركةَ في الطعامِ المكيلِ".

ابن النجار عن على

قال في الكبير: ورواه القضاعى وغيره، وقال بعضهم: حسن غريب.

قلت: ما رواه القضاعى أصلا لا من حديث على ولا من حديث غيره، وإنما روى حديث:"كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه"(1) من حديث أبي أيوب، وهو مذكور في المتن قبل هذا، فهناك يجب الاستدراك بالقضاعى وغيره، لا هنا، والبعض الذي أبهمه هو العامرى الجاهل، الذي يحكم على الأحاديث بهواه.

2593/ 6450 - "الكبائرُ سبعٌ: الإشراكُ باللَّهِ، وقتلُ النفسِ التي حرَّمَ اللَّهُ إلا بالحقِّ، وقذفُ المحصنة، والفرَارُ من الزَّحفِ، وأكلُ الرِّبَا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والرجوعُ إِلى الأعرابية بعد الهجرةِ".

(طس) عن أبي سعيد.

قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافا للمؤلف.

وقال في الكبير: فيه عبد السلام بن حرب أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال: صدوق، وقال ابن سعد: في حديثه ضعف، وإسحاق بن عبد اللَّه ابن أبي فروة ساقة الذهبى في الضعفاء وقال: متروك واه.

قلت: هذا كذب وجهل من وجوه، الأول: أن الحديث ليس في سنده عبد السلام بن حرب ولا إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، بل ذلك محض

(1) البخارى (3/ 88)، وابن ماجه (رقم 2231، 2232)، وأحمد (4/ 131، 5/ 414)، والطبرانى (4/ 143).

ص: 105

كذب، وإنما الحديث من رواية أبي بلال الأشعرى وهو لين ضعفه الدارقطنى ومشاه غيره، وذكره ابن حبان في الثقات، فالحديث حسن لذاته صحيح لشواهده الصحيحة المتعددة (1).

الثانى: الكذب في قوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وإنما هو في الميزان.

الثالث: الجهل بأن عبد السلام بن حرب من الطبقة العليا من الثقات المتفق عليهم المخرج لهم في الصحيحين، ولشدة جهله يظن أن كل من ذكره الذهبى ضعيفا مع إعراضه عن ثناء الذهبى على الرجل، فإنه قال فيه:

من كبار مشيخة الكوفة وثقاتهم ومسنديهم، ثم نقل عن الترمذى أنه قال: ثقة حافظ، وعن الدارقطنى: ثقة حجة، وعن ابن معين: ثقة وعن غيرهم.

الرابع: الكذب في نقله عن الذهبى أنه قال في إسحاق: متروك واه، فإنه نقل عن غيره أنه قال: متروك، ولم يقل هو ذلك، ولا قال: واه وإنما زادها هذا الكذاب ليعظم المسألة ويهول الأمر.

2594/ 6452 - "الكبائرُ: الإشراكُ باللَّهِ، وقذفُ المحصنةِ، وقتلُ النفس المؤمنةِ، والفِرارُ يوم الزَّحف، وأكلُ مالِ اليتيمِ، وعقوقُ الوالدينِ المسلمينِ، وإلحادٌ بالبيتِ قبلَتكم أحياءً وأمواتًا".

(هق) عن ابن عمر.

قال في الكبير: رمز لصحته وفيه عبد الحميد بن سنان، قال في الميزان لا يعرف ووثقه بعضهم، وقال البخارى: حديثه عن ابن عمر فيه نظر.

(1) انظر الطبرانى في الكبير (17/ 48)، والمغنى عن حمل الأسفار (4/ 17)، وابن كثير في التفسير (2/ 237، 244).

ص: 106

قلت: لا وجود لعبد الحميد بن سنان في سند الحديث أصلا، قال البيهقى [3/ 409]:

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو وقالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا العباس بن محمد ثنا حسين بن محمد المرورزى ثنا أيوب عن طيسلة بن على، قال:"سألت ابن عمر، وهو في أصل الأراك يوم عرفة وهو ينضح على رأسه الماء ووجهه، فقلت له: يرحمك اللَّه حدثنى عن الكبائر، فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:" وذكره.

وإنما يوجد عبد الحميد بن سنان في حديث آخر خرجه البيهقى [3/ 408] قبل هذا من حديث عمير بن قتادة بسياق آخر، فقال:

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضى إملاء حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشى ثنا معاذ بن هانئ ثنا حرب بن شداد ثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه -وكانت له صحبة- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: "ألا إن أولياء اللَّه المصلون، من يقم الصلوات الخمس التي كتبن عليه، ويصوم رمضان يحتسب صومه، يرى أنه عليه حق، ويعطى زكاة ماله يحتسبها، ويجتنب الكبائر التي نهى اللَّه عنها، فقال رجل: يا رسول اللَّه ما الكبائر؟ قال هن تسع: الشرك إشراك باللَّه، وقتل نفس مؤمن بغير حق، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا، ثم قال: لا يموت رجل لم يعمل بهؤلاء الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتى الزكاة إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذهب".

قال البيهقى: سقط من كتابى أو من كتاب شيخى "السحر" انتهى.

ص: 107

والعجب أن الذهبى قال: عبد الحميد بن سنان عداده في التابعين لا يعرف، وقد وثقه بعضهم، قال البخارى [3/ 2/ 52]: روى عن عبيد بن عمير، في حديثه نظر اهـ.

فأسقط الشارح من لفظ البخارى "عبيد" وحرف "عمير""بعمر"، وألصق ذلك بهذا الحديث، كل هذا الكذب وهذا التلاعب ليتوصل إلى الانتقاد على المصنف وهو إنما يحتف أنفه بيده.

واعلم أنه غلط غلطة أخرى فذكر قبل عزو الحديث قوله: واعلم أن هذا الحديث روى بأتم من هذا ولفظه "الكبائر تسع" وذكره، ثم قال: فكان ينبغى للمؤلف إيثاره، فجهل أنه حديث آخر من رواية عمير بن قتادة، وأن أوله لا يدخل في حرف الكاف.

2595/ 6453 - "الكِبْرُ من بَطَرَ الحقَّ وغمطَ الناسَ".

(د. ك) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه أبو يعلى عن ابن مسعود وهو في مسلم من جملة حديث.

قلت: بل ورد من عشرة طرق أخرى: من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن عباس، وأبي الدرداء، وجابر بن عبد اللَّه، وعقبة بن عامر، والحسين بن على، وأبي ريحانة، وثابت بن قيس بن شماس، وسواد بن عمرو الأنصارى.

ثم إن حديث ابن مسعود أخرجه أيضًا أحمد والترمذى [4/ 317، رقم 1999]، وابن حبان في الصحيح والحاكم في المستدرك والبيهقى في الأسماء والصفات والبغوى في التفسير [4/ 85] والقشيرى في الرسالة وابن راهويه في المسند، فعزوه إلى أبي يعلى ومسلم قصور من الشارح.

ص: 108

أما حديث عبد اللَّه بن عمرو فأخرجه أحمد والبخارى في الأدب المفرد [رقم 556] والطبرانى في الكبير وأبو بكر محمد بن سليمان الربعى السوار في جزئه، وذلك رواه الحاكم في المستدرك مختصرا وصححه على شرط مسلم.

وأما حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب فرواه الطبرانى في الأوسط.

وأما حديث ابن عباس فرواه عبد بن حميد في مسنده.

وأما حديث أبي الدرداء فرواه ابن السبط في فوائده.

وأما حديث جابر فرواه عبد بن حميد في مسنده.

وأما حديث عقبة بن عامر فرواه أحمد في مسنده [4/ 151] وأبو القاسم الأصبهانى في الترغيب.

وأما حديث الحسين بن على فرواه الطبرانى في الكبير.

وأما حديث أبي ريحانة فرواه أحمد والطبرانى والبيهقى في الشعب.

وأما حديث ثابت بن قيس وسواد بن عمرو فرواهما الطبرانى أيضًا، وقد ذكرت هذه الأحاديث بأسانيدها في موضع آخر.

2596/ 6456 - "الكَذِبُ يسوِّدُ الوجهَ، والنميمةُ عذابُ القبرِ".

(هب) عن أبي برزة

قال في سخافته المعتادة: وقضية صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل قال عقبه: هذا إسناد ضعيف.

قلت: وأنت كذاب سخيف، فظاهر [صنيع] المصنف لا يفيد ما قلت، بل هو صريح في تضعيف الحديث لأنه رمز له بعلامة الضعيف.

ص: 109

2597/ 6458 - "الكرَمُ: التقْوَى، والشرفُ: التواضعُ، واليقينُ: الغِنَى".

ابن أبي الدنيا في اليقين عن يحيى بن أبي كثير مرسلا.

قال في الكبير: ورواه العسكرى عن عمر بلفظ "الكرم: التقوى، والحسب: المال، لست بخير من فارسى ولا نبطى إلا بالتقوى".

قلت: هذا خلط للموقوف بالمرفوع من غير بيان، بل فيه تدليس وتلبيس وإيهام، فكان الواجب إذ ذكر الموقوف أن يقول: عن عمر من قوله، أو موقوفًا حتى لا يظن أن قائل: لست بخير من فارسى ولا نبطى النبي صلى الله عليه وسلم.

والمرسل خرجه ابن أبي الدنيا عن منصور بن أبي مزاحم [ص 109، رقم 22]:

حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي سنان المكى (1) عن يحيى بن أبي كثير به.

ورواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين ضعيفة.

2598/ 6460 - "الكِشْرُ لا يَقْطَعُ الصلاةَ، ولكن يقطَعُها القَرْقَرَةُ".

(خط) عن جابر.

قال الشارح: وإسناده حسن.

وقال في الكبير: فيه ثابت بن محمد الزاهد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعف لغلطه، ورواه عنه الطبرانى في الصغير مرفوعًا وموقوفًا ورجاله موثقون.

قلت: قد ذكر أن فيه ثابت بن محمد وأنه ضعيف لغلطه، ورأى المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، ثم قال: إنه حسن، بل نقل سنده من تاريخ

(1) في المطبوع من "اليقين" أبي سيار المكى.

ص: 110

الخطيب ورأى فيه قول الخطيب [11/ 534]: ورفعه لا يثبت، وكذلك قال البيهقى: إن المرفوع غير ثابت، وذلك لأن الحفاظ رووه عن سفيان الثورى عن أبي الزبير عن جابر موقوفًا عليه من قوله، وخالفهم ثابت فرواه عن الثورى بهذا الإسناد موقوفًا، والقول ما قاله الحفاظ الإثبات، قال البيهقى بعد أن أخرجه من طريق أبي أحمد الزبيرى عن الثورى موقوفًا: هذا هو المحفوظ موقوف، وقد رفعه ثابت بن محمد الزاهد وهو وهم منه، ثم أخرج المرفوع، وقال الخطيب بعد رواية المرفوع: تفرد بروايته أحمد بن مهدى عن ثابت الزاهد عن الثورى هكذا مرفوعًا، ورواه أبو أحمد الزبيرى، وكذلك على بن ثابت وعبد اللَّه بن وهب عن الثورى موقوفًا ورفعه لا يثبت، ثم أخرجه موقوفًا أيضًا.

ولما رواه الطبرانى قال: لم يروه مرفوعًا عن سفيان إلا ثابت:

وحدثناه الدبرى عن عبد الرراق عن الثورى عن أبي الزبير عن جابر من قول جابر، وحدثناه محمد بن جعفر بن أعين عن الثورى عن أبي الزبير عن جابر من قول جابر، هكذا وقع في الأصل وما أرى الطبرانى يدرك أصحاب الثورى، فلعل قائل: حدثنا محمد بن جعفر هو عبد الرزاق أيضًا، أو وقع في السند حذف فليحرر.

والمقصود أن أكثر الرواة أوقفوه وخالفهم ثابت بن محمد وهو مشهور بالغلط معروف بذلك، وهو صاحب حديث:"من كثرت صلاته بالليل"، وقصته مشهورة جدا، فكيف يكون الحديث حسنا؟!.

2599/ 6461 - "الكلبُ الأسودُ البهيمُ شيطانٌ".

(حم) عن عائشة

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما ينبغى فقال: فقد قال -

ص: 111

الهيثمى: فيه ليث بن أبي سليم ثقة لكنه مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلت: وإذا كان ثقة وصرح فيه بالتحديث أو ورد له شواهد فهو صحيح كهذا.

2600/ 6462 - "الكلمةُ الحكمةُ ضالَّةُ المؤمنِ، فحيثُ وجدَهَا فهُوَ أحقُّ بِهَا".

(ت. هـ) عن أبي هريرة، ابن عساكر عن على.

زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعى عن على.

قال الشارح: بإسناد حسن.

قلت: فيه وهمان، الأول: أن القضاعى لم يخرجه من حديث على، وإنما أخرجه من حديث أبي هريرة من الطريق التي خرجها منه الترمذى وابن ماجه، ثم خرجه مرسلا من طريق أبي رصافة محمد بن عبد الوهاب: ثنا آدم بن أبي إياس ثنا الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به مرسلا: "الحكمة ضالة المؤمن، حيثما وجد المؤمن ضالته فليجمعها إليه".

الثانى: أن حديث على خرجه الديلمى في مسند الفردوس [3/ 101] عن الحداد عن أبي نعيم: ثنا أبو بكر المفيد ثنا المعمر أبو الدنيا عن على بن أبي طالب به.

وأبو الدنيا كذاب دجال، فكيف يكون سنده حسن سواء من حديث أبي هريرة أو من حديث على؟!، فإن حديث أبي هريرة من رواية إبراهيم بن الفضل المخزومى وهو متروك منكر الحديث، وقد عد العقيلى هذا الحديث من مناكيره.

ص: 112

2601/ 6463 - "الكَمْأَةُ منَ المَنِّ، وماؤْها شفاءٌ للعينِ".

(حم. ق. ت) عن سعيد بن زيد. (حم. ق. هـ) عن أبي سعيد وجابر. أبو نعيم في الطب عن ابن عباس وعن عائشة.

قلت: زعم ابن العربى في السراج أن هذا الحديث لم يروه إلا عن سعيد بن زيد قال: ومع كونه فردا فإنه ثابت، وما ذكره المصنف هنا يرد عليه، بل ينادى عليه بعدم الاطلاع.

وقد ورد أيضًا من حديث أبي هريرة وأنس وحريث ومحجن وبريدة إلا أن شهر ابن حوشب اختلف عليه فيه في صحابي الحديث، وكذلك اختلف على عمرو ابن حريث، فالأكثرون قالوا: عنه عن سعيد بن زيد، وقال بعضهم: عنه عن أبيه، وقد أطال الحافظ ابن كثير في طرقه وبيان الاختلاف فيه في تفسير سورة البقرة.

ورواه جماعة آخرون أيضًا لم يذكرهم ابن كثير (1).

2602/ 6465 - "الكنودُ: الذِي يأكلُ وحدَهُ، ويمنَعُ رِفدَه، ويَضرِب عبدَهُ".

(طب) عن أبي أمامة

قال في الكبير: وفيه الوليد بن مسلم وقد سبق.

قلت: هذا كذب ما فيه الوليد بن مسلم، فقد عزاه الحافظ نور الدين للطبرانى [8/ 292]، وقال: رواه بإسنادين في أحدهما جعفر بن الزبير وهو ضعيف، وفي الآخر: من لم أعرفه اهـ.

(1) أخرجه الطبرانى في المعجم الكبير (12/ 63)، والصغير (1/ 125)، وانظر شرح السنة (11/ 332).

ص: 113

ومن طريق جعفر بن الزبير أخرجه أيضًا ابن جرير وابن أبي حاتم كلاهما من روايته عن القاسم عن أبي أمامة.

ورواه البخارى في الأدب المفرد:

ثنا عصام بن خالد ثنا حريز بن عثمان عن ابن هانئ عن أبي أمامة موقوفًا مثله.

وكذلك أخرجه ابن جرير من طريق حريز بهذا السند موقوفًا أيضًا.

وفي الباب عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "شرار الناس من ترك وحده وجلد عبده ومنع رفده".

رواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة إسحاق بن وهب الطهرمسى، وقال: إنه يضع الحديث صراحا، وقال الدارقطنى: إنه كذاب متروك.

2603/ 6468 - "الكيسُ من دانَ نفسَهُ، وعملَ لما بعدَ الموتِ، والعاجزُ من أتبعَ نفسَهُ هَواهَا، وتمنَّى على اللَّهِ الأمانِيَّ".

(حم. ت. هـ. ك) عن شداد بن أوس.

قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرط البخارى، قال الذهبى: لا واللَّه أبو بكر واه، قال ابن طاهر: مدار الحديث عليه وهو ضعيف جدا.

قلت: قد سبقه إلى ذلك البزار، فقال في مسنده: لا نعلمه يروى إلا عن شداد بن أوس، ولا طريق له غير هذا الطريق يعنى طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد وهو غريب من البزار، فقد ورد من طريق آخر عن شداد كما سأذكره، والحديث رواه عن أبي بكر بن أبي مريم ابن المبارك في كتاب الزهد أول الجزء الثانى منه.

ومن طريق ابن المبارك رواه أبو داود الطيالسى وأحمد والحارث ابن أبي أمامة

ص: 114

وسعيد بن منصور والترمذى والحاكم [1/ 57 و 4/ 251] والقضاعى في "مسند الشهاب" وآخرون.

ورواه عن أبي بكر بن أبي مريم أيضًا بقية بن الوليد، ومن طريقه رواه ابن ماجه [2/ 1423، رقم 4260] وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس [ص 28، رقم 1]، ورواه عنه أيضًا عيسى بن يونس، ومن طريقه خرجه الترمذى أيضًا [رقم 2577].

ورواه عنه أيضًا عمرو بن بشر بن السرح، ذكره أبو نعيم في الحلية [1/ 267، 8/ 174]، ولم ينفرد به أبو بكر بن أبي مريم، بل ورد من غير طريقه، قال الطبرانى في الصغير [2/ 36]:

ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد السلام البيروتى [عن] مكحول ثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكى ثنا أبي عن ثور بن يزيد وغالب بن عبد اللَّه الجزرى عن مكحول عن عبد الرحمن بن غنم عن شداد بن أوس به.

وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في الحلية.

ص: 115