المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ترجمة أصرم بن حوشب من رواية العباس بن الحسين البلخى - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٥

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ترجمة أصرم بن حوشب من رواية العباس بن الحسين البلخى

ترجمة أصرم بن حوشب من رواية العباس بن الحسين البلخى عنه عن مندل عن مغيرة عن إبراهيم رفعه مرسلًا أو معضلا: "مداراة الناس صدقة"، ثم قال: لا أعرفه إلا من حديث أصرم، والعباس الراوى عنه في عداد الضعفاء الذين يسوقون الحديث اهـ.

فابن عدى يتكلم على هذا المتن الذي هو من رواية إبراهيم ويقول: إنه لا يعرفه من هذا الوجه إلا من حديث أصرم، وأصرم بن حوشب وضاع، فإذا قال هذا في الكلام على حديث جابر المعروف المشهور بين أهل الحديث الذي لا يجهله منهم من هو دون ابن على فضلا عنه -جهل بالحديث بالمرة.

‌تنبيه

عزا الحافظ الهيثمى هذا الحديث في مجمع الزوائد إلى الطبرانى في الأوسط ثم قال: وفيه يوسف بن محمد بن المنكدر متروك، وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به اهـ.

وقلده الحافظ في الفتح فنقل عبارته، وأرى الهيثمى واهما في قوله: إنه من رواية يوسف بن محمد بن المنكدر، وكأنه لما وقع في الإسناد يوسف بن أسباط ومحمد بن المنكدر انتقل ذهنه من يوسف بن أسباط إلى يوسف بن محمد بن المنكدر، فإن الحديث أخرجه الطبرانى في مكارم الأخلاق قال:

حدثنا يحيى بن عبد الباقى ثنا المسيب بن واضح ثنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثورى عن محمد بن المنكدر عن جابر به.

وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن الطبرانى قال: حدثنا يحيى ابن عبد الباقي به.

وأبو نعيم إنما يسند غالبا عن الطبرانى من المعجم الأوسط، فليحرر هذا، واللَّه أعلم.

ص: 549

3144/ 8173 - "مَرَّ رَجُلٌ بغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيق فَقَالَ: وَاللَّه لأنَحِّينَّ هَذا عَنْ المُسْلِمِينَ لَا يُؤذِيهِم، فَأدخِلَ الجنَّةَ".

(حم. م) عن أبي هريرة.

قال في الكبير: ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وليس كذلك، فقد عزاه الصدر المناوى وغيره لهما معا.

قلت: لفظ البخارى: "بينما رجل يمشى بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه، فشكر اللَّه له فغفر له"، فأين هذا اللفظ الذي محله حرف الباء من هذا؟!.

3145/ 8179 - "مَشْيُكَ إلى المسْجِدِ وانصِرَافُكَ إلى أهْلِكَ في الأجْرِ سَوَاءٌ".

(ص) عن يحيى بن أبي يحيى الغسانى مرسلًا.

قلت: رمز المؤلف لضعفه ولم يبين الشارح علته وهو من رواية أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف، كذلك رواه ابن المبارك في الزهد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم عن يحيى بن أبي يحيى الغسانى به مثله.

3146/ 8183 - "مَعَ كُلِّ خَتْمَةٍ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ".

(هب) عن أنس.

قلت: أخرجه أيضًا ابن بشكوال في الصلة من طريق أبي بكر الخطيب عن أبي حازم العبدرى عن أبي بكر الإسماعيلى:

حدثنا عبد اللَّه بن ياسين حدثنا حمدون بن أبي عبادة ثنا يحيى بن هاشم عن مسعر عن قتادة عن أنس به.

3147/ 8184 - "مَعَ كُلِّ فَرْحَةٍ تَرْحَةٌ".

(خط) عن ابن مسعود.

ص: 550

قال في الكبير: خرجه (خط) في ترجمة أبي بكر الشيرازى وفيه حفص بن غياث، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: مجهول.

قلت: فيه أمران، أحدهما: قوله أخرجه في ترجمة أبي بكر الشيرازى خطأ من جهة وإحالة بباطل من جهة، فإنه أخرجه في ترجمة محمد بن العباس بن الفضيل أبي بكر البزاز لا الشيرازى، ثم ذكر الكنية مجردة تسويد للورق بلا فائدة.

ثانيهما: أن حفص بن غياث المذكور في السند ثقة معروف مشهور متفق على الاحتجاج به في الصحيحين وغيرهما، وهو كوفى عبر عنه الذهبى بأحد الأئمة الثقات، وأما الذي قال فيه الذهبى: مجهول، فهو بصرى روى عن ميمون ابن مهران.

والحديث خرجه الخطيب من رواية على بن عبد الصمد: ثنا مسروق بن المرزبان ثنا حفص بن غياث ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه به مرفوعًا.

ورواه أحمد في الزهد عن وكيع: ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه موقوفًا: "مع كل فرحة ترحة، وما ملئ بيت صبرة إلا ملئ عبرة".

ورواه القضاعى في مسند الشهاب من طريق ابن المبارك في الزهد: أنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[قال]: "والذي نفس محمد بيده ما امتلأت دار صبرة إلا امتلأت عبرة، وما كانت فرحة إلا تبعتها ترحة".

3148/ 8187 - "مُعْتَرَكُ المَنايَا مَا بَينَ السِّتِّينَ إلى السَّبْعِينَ".

الحكيم عن أبي هريرة.

قال في الكبير: وفيه محمد بن ربيعة أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال:

ص: 551

لا يعرف وكامل أبو العلاء أورده الذهبى في الضعفاء وقال: جرحه ابن حبان، ولم يصب المؤلف في اقتصاره على الحكيم لما فيه من إيهام أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من المشاهير مع أن البيهقى خرجه في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة، وكذا الخطيب في التاريخ، وأبو يعلى والديلمى والقضاعى، وضعفه في الفتح بإبراهيم بن الفضل.

قلت: فيه من البلايا والمخازى أمور، أحدها: الكذب الصراح، قال الحكيم الترمذى في نوادر الأصول في الأصل الثالث والأربعين ومائة (1):

حدثنا يحيى بن المغيرة بن سلمة المخزومى أبو سلمة ثنا ابن أبي فديك ثنا إبراهيم بن الفضل بن سلمان عن المقبرى عن أبي هريرة به، فلا وجود كما ترى لمحمد بن ربيعة ولا لكامل أبي العلاء فيه.

ومن هذا الطريق خرجه أبو يعلى والقضاعى والخطيب، فأبو يعلى عن أبي موسى الأنصارى عن ابن أبي فديك، والقضاعى من طريق عبد اللَّه بن عبد الحميد القرشى عن ابن أبي فديك، والخطيب من طريق القاسم بن بشر عن ابن أبي فديك بسنده.

ثانيها: أن محمد بن ربيعة وكامل أبا العلاء موجودان في سند حديث: "أعمار أمتى ما بين الستين إلى السبعين" الذي خرجه الترمذى عن إبراهيم بن سعيد الجوهرى: ثنا محمد بن ربيعة عن كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقد تقدم للمؤلف ذكره في حرف الهمزة.

ثالثها: أن محمد بن ربيعة الذي قال فيه الذهبى لا يعرف، ليس هو المذكور في سند هذا الحديث، بل هذا محمد بن ربيعة الكلابى الرواسى معروف مشهور روى عنه أحمد وابن معين، وإبراهيم بن موسى الرازى، وقتيبة بن سعيد وجماعة يطول عندهم جدًا، ووثقه ابن معين وأبو داود وأبو حاتم

(1) هو في الأصل الثانى والأربعين والمائة (2/ 677).

ص: 552

الرازى والدارقطنى وابن حبان.

وأما المجهول فقال فيه الذهبى: محمد بن ربيعة ويقال: بشر بن ربيعة، شيخ للأعمش لا يعرف اهـ.

فهو أكبر من الذي قبله، لأنه يروى عن الأعمش وهذا من أقرانه.

رابعها: أن كاملا أبا العلاء وثقه جماعة فلا يليق الاقتصار على ذكر جرح ابن حبان.

خامسها: قوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء كذب صراح، فإن الذهبى أورده في الميزان الذي يسميه الشارح بالميزان أحيانا وبالضعفاء أحيانا، وبالضعفاء والمتروكين أحيانا، وكل هذا لا خطر فيه وإن كان تدليسا، أما ذيل الضعفاء فكذب صراح، لأن الذيل غير المذيل عليه، والكلام الذي نقله موجود في الضعفاء، على أنى لا أعتقد أن للذهبى ذيلا على الضعفاء، وإن كان عنده فهي طامة أخرى، فإن المذكور في الأصل لا يذكر في الذيل.

سادسها: قوله: ولم يصب في اقتصاره على الحكيم كذب أيضًا، فإنه ما قال أحد أن ذلك خطأ، ولن يقوله إلا جاهل متعنت مثل الشارح.

سابعها: أنه رجع أخيرا فنقل عن الحافظ أنه ضعفه بإبراهيم بن الفضل، ونسى أنه ذكر في أول الكلام أن علته محمد بن ربيعة وكاملا أبا العلاء.

3149/ 8189 - "مُعَلِّمُ الخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ له كُل شَيْءٍ حَتَّى الحيتَان في البِحَار".

(طس) عن جابر، البزار عن عائشة.

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الهيثمى: في طريق الطبرانى إسماعيل بن عبد اللَّه بن زرارة، قال الأزدى: منكر الحديث وإن وثقه ابن حبان.

فك: قبح اللَّه الكذب، فاسمع ما قاله الحافظ الهيثمى: رواه الطبرانى في

ص: 553

الأوسط وفيه إسماعيل بن عبد اللَّه بن زرارة، وثقه ابن حبان، وقال الأزدى: منكر الحديث، ولا يلتفت إلى قول الأزدى في مثله، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ.

فانظر كيف قدم هذا الملبس جرح الأزدى وأخر توثيق ابن حبان، وحذف رد الحافظ الهيثمى عليه حتى يمشى غرضه الفاسد، ومع هذا كله ناقض نفسه وقال في الشرح الصغير إسناده حسن.

3150/ 8190 - "مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلمُهَا إلا اللَّه تَعَالَى: لَا يَعْلَم أحدٌ مَا يكونُ في غدٍ إلا اللَّه تعَالَى، ولا يَعْلمُ أحدٌ مَا يكونُ في الأرْحَامِ إلا اللَّه تَعَالَى، ولا يَعْلمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعةُ إلا اللَّه، وَلا تَدْرِى نفْسٌ بأيِّ أرضٍ تَمُوتُ إلا اللَّه، ولا يَدْرِى أحدٌ مَتَى يجِئُ المطَر إلا اللَّه".

(حم. خ)[عن ابن عمر].

قال في الكبير: خرجه (خ) في الاستسقاء، وظاهر هذا أن البخارى خرجه بهذا اللفظ، والذي رأيته معزوا له: "مفاتيح الغيب خمس {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ. . .} إلى آخر الآية.

قلت: كأن هذا الرجل كان في عقله خلل أو هو من فرط ما في نفسه للمؤلف يغالط نفسه في المشاهد المحسوس ويحب أن يدفعه بوهم الواهمين، فبينما هو ينص على أن البخارى خرجه في الاستسقاء، مما يدل على أنه رآه في الصحيح المتداول بين الناس الموجود في خزانة كل عالم إذ يحب أن يدفع هذا بأنه رأى من عزاه إلى البخارى مختصرا مع أنه في كتاب الاستسقاء باللفظ المذكور هنا، فما أعجب شأن هذا الرجل!!.

1351/ 8195 - "مكَارِمُ الأخْلاقِ مِنْ أعَمَالِ أَهْل الجنَّةِ".

(طس) عن أنس.

ص: 554

قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 20 - 21، رقم 12] وابن أبي حاتم في العلل [2/ 122]، والقضاعى في مسند الشهاب، كلهم من طريق طلق ابن السمح: ثنا يحيى بن أيوب عن حميد الطويل عن أنس "أنه مرض فعاده بعض إخوانه فقال لجاريته يا جارية: هلمى لأخواننا شيئًا ولو كسرا، فإنى سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول. . . " وذكره.

ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال [2/ 112]: هذا باطل وطلق مجهول اهـ.

وهذا غلو منه وإسراف فإن طلقا ما هو بمجهول، بل روى عن جماعة واحتج به النسائى، ولما نقل الذهبى كلام أبي حاتم قال: وقال غيره: محله الصدق إن شاء اللَّه اهـ.

ومع هذا فلم ينفرد به بل توبع عليه، قال ابن حبان في الضعفاء:

أخبرنا أبو عبد اللَّه النقار بالرملة ثنا سليمان بن بشار ثنا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل به.

هكذا نقلته من الضعفاء لابن حبان: سفيان عن حميد، ونقله الذهبى في الميزان عن الضعفاء أيضًا فزاد بينهما الزهرى، وقال ابن حبان في سليمان بن بشار إنه يروى عن الثقات ما لم يحدثوا به، ويضع على الإثبات لا يحل الاحتجاج به، فإن كان كما قال فلعله سرقه، واللَّه تعالى أعلم.

وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كمل المجلد الخامس من المداوى لعلل المناوى بقلم كاتبه الفقير إلى اللَّه تعالى أحمد ابن الصديق عشية يوم الاثنين تاسع عشر محرم الحرام سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف. ويتلوه إن شاء اللَّه المجلد السادس أوله: "مكارم الأخلاق عشرة"، أعان اللَّه تعالى على أكماله بمنه وفضله آمين.

ص: 555