الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله، قال: ضع من دينك هذا، وأومأ إليه، أي الشطر، قال: لقد فعلت يا رسول الله، قال:(قم فاقضه) » (1) .
وغير ذلك من النصوص النبوية التي تفيد أن من مهمات المسجد كونه ميدانًا للفتوى، والإجابة عن أسئلة الناس وحل مشكلاتهم وما يطرأ عليهم، ويمكن أن يقترح هنا، أن إمام المسجد يقوم بهذه المهمة الجليلة، أو تسند لأحد العلماء الذين يصلون فيه، ويرجع إليهم عند المحاكم وتبقى جهات محتسبة، وبهذا سنجني الفوائد الظاهرة الآتية:
أ- تخفيف المشكلات بعامة.
ب- تخفيف المراجعات وجهات السلطة.
ج- عدم إطالة وتعقيد المشكلات.
د- سريان روح التفاهم بين المتخاصمين.
هـ- إيجاد سبل للتعاون بين أبناء المجتمع.
و القضاء على كثير من المشكلات والمنكرات.
[المسجد مأوى للمحتاجين وسكن للغرباء]
8 -
المسجد مأوى للمحتاجين وسكن للغرباء: لقد اشتهر في السنّة وجود مكان ملحق بالمسجد يسمى
(1) رواه البخاري برقم (471) في المساجد، باب رفع الصوت في المسجد.
الصفة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأوي إليه من لا سكن له من الفقراء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرعاهم، ويعطف عليهم ويهدي لهم، ويطلب لهم شيئًا من الصدقة.
روى البخاري رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله عنه قال: «قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا في الصفة» وعطف النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، وخصهم إياه بالصدقة أمر معلوم في السنة، روى مسلم رحمه الله عن جرير رضي الله عنه قال: «كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، فجاءه قوم حفاة عراة، مجتابي النمار (وهي الثياب من الصوف يلبسونها) متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالًا فأذن وأقام فصلى، ثم خطب فقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] إلى آخر الآية، والآية التي في سورة الحشر:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر: 18] تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال:(وبشق تمرة) قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كانت كفه تعجز عنها، بل عجزت، قال: تتابع الناس
حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سُنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) » (1) . وقصة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه في جوعه وملاقاته لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم ملاقاته للرسول صلى الله عليه وسلم مشهورة معلومة. وغيرها مما هو معلوم ومشتهر، فالمسجد رباط يأوي إليه أصحاب الحاجات الذين لا يجدون ما يأكلون أو هم غرباء عن أوطانهم (2) ويمكن تكييف الصور التي تتلائم مع طبيعة هذا العصر، من التوسع الملحوظ، والامتداد المشهود، وتعدد الوسائل المتاحة.
ومن هذه الصور المقدرة مبدئيا أن يكون في المساجد التي
(1) ذكره البخاري 1 / 535.
(2)
من فضل الله تعالى على هذه البلاد المباركة في تاريخها المعاصر أن شيئا من هذه الصور موجود، وتظهر الظاهرة قوية في شهر رمضان المبارك عن اجتماع أعداد كبيرة للإفطار والعشاء، وصورة أخرى اشتهرت وانتشرت ما يسمى بالمبرات الخيرية الملحقة في المساجد فحبذا ترتيبها وتنظيمها.