الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيت من بيوت الله تعالى فهو يصفي القلب، ويطمئنه، ويسكن النفس، ويبعد الشياطين، ويجلو الهم والغم، ويمحو السيئات، ويُكَفِّر الذنوب، وهو أفضل الأعمال، وأقربها إلى الله تعالى، وأزكاها عنده، وهو خفيف على اللسان، ثقيل في الميزان، حبيب إلى الرحمن، مدخل للجنان، حاجب عن النيران.
ولكن يحذر الإنسان أن ينتقل من الصور الشرعية في الذكر إلى الصور البدعية التي دخلت على كثير من الأقطار الإسلامية، فأوقعهم الشيطان في حبائله البدعية ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[تعلم العلم وتعليمه]
6 -
تعلم العلم وتعليمه: ومن مهمات المسجد أنه ميدان للعلم والتعليم، منه تخرج الأفذاذ والعلماء، ومنه انطلق المعلمون، وإليه يأوي المتعلمون، فهو مقر التربية والتوجيه والتعليم.
المسجد يقوم بهذه المهمة منذ عهده صلى الله عليه وسلم ، فقد كان يتخذه صلى الله عليه وسلم مكانا للتعليم والتربية روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، والناس معه إذ أقبل
ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذهب واحد فوقفا على رسول صلى الله عليه وسلم ، أما أحدهما فوجد فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبًا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ألا أحدثكم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله عز وجل فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه» (1) .
وما ورد في ذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: «تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال رجل: هو مسجد قباء، وقال الآخر: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو مسجدي هذا» (2) .
وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: «جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال: (إن مما أخاف عليكم بعدي، ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) » (3) .
(1) رواه البخاري برقم (66) في العلم، باب من قعد حيث ينتهي به المجلس. ومسلم برقم (2176) في كتاب السلام باب من أتى مجلسا فوجد فرجة فجلس فيها وإلا وراءهم.
(2)
رواه الترمذي 5 / 261 برقم (3099) في التفسير، باب رقم (10) سورة التوبة.
(3)
رواه البخاري برقم (1465) في الزكاة، باب الصدقة على اليتامى، ومسلم برقم (123) في الزكاة، باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا.
وكان يستقبل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم الوفود الذين يفدون إليه مسلمين ليتعلموا القرآن الكريم، والسنة النبوية، والأحكام الشرعية، روى البخاري وغيره عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال:«أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رفيقًا، فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه، فقال: (ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلِّموهم ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم» ) (1) .
وهكذا فكان المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جامعة تخرج فيها العلماء الأوائل، وتربى فيها الرعيل الأول، وانطلق منها المعلمون إلى ديار الإسلام المختلفة، واستمر حال المسجد كذلك ميدانا للعلم والمعرفة والتربية، بل لم يكن يعرف مقر للتعليم يجمع الناس إلا المسجد، وكون التعليم في المسجد يعطيه خاصية فريدة على غيره إذ أن المكث فيه مع العلم والتعليم يضفي على المتعلم جوًا عباديًا يشعر معه بارتباطه بالله سبحانه وتعالى، إذ أن الدافع معه
(1) رواه البخاري برقم (628) في الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، ومسلم برقم (674) في الصلاة، من حق بالإمامة.