الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر. والأصل في اللهو العبث واللعب. لكن إذا قصد به - أي: اللعب- غاية سامية، وكان بقدر محدود، ولم يكن ديدنا فقد أجازه أهل العلم.
بناء على ما رواه البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: «والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم» ) (1) .
قال النووي رحمه الله: (في الحديث جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد، ويلتحق ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وأنواع البر)(2) .
[الكلام المباح وإنشاد الشعر]
و الكلام المباح وإنشاد الشعر: لا شك أن الكلام ومنه الشعر فيه المحمود شرعًا وفيه المباح، وفيه المكروه وفيه المحرم. فإن كان الكلام مكروهًا أو محرمًا ففي المسجد أشد كراهة وتحريمًا، وإن كان محمودًا فهذا من وظائف المسجد كما سبق بيانه، وإن كان مباحا أو شعرا مباحا فهذا ما
(1) رواه البخاري 1 / 549 برقم (454) في المساجد، باب أصحاب الحراب في المسجد.
(2)
شرح النووي على مسلم 6 / 184.
اختلف فيه أهل العلم. فكرهه بعضهم بناء على أن المساجد محترمة، وأنها لم تعد إلا للعبادة والذكر وقراءة القرآن، كما مر في حديث بول الأعرابي:«إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن» (1) . وهذا ما مال إليه الحنفية والحنابلة.
أما ما ذهب إليه الشافعية والمالكية والظاهرية فعدم الكراهة إلا إذا كان الكلام مكروهًا، بناء على وقائع جرت نشد فيها الشعر في المسجد، ومن أولئك حسان بن ثابت رضي الله عنه وغيره كما رواه البخاري وغيره (2) .
نعم إن من مقتضى الورع عدم الكلام في أمور الدنيا في المسجد واتخاذ ذلك ديدنا مستمرًا، كما يفعله- للأسف - كثير من الناس، ويظهر ذلك جليًا في بعض المعتكفين في المسجد الحرام والمسجد النبوي في السنين المتأخرة الذين يقضون أوقاتهم بين كثرة النوم، وبين تبادل الأحاديث، الذي غالبها- كما يظن- في أمور الدنيا، ونبرؤهم أن يكون في غيبة أو نميمة وزور ونحوها.
(1) رواه مسلم برقم (285) في الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد.
(2)
رواه البخاري 1 / 548 برقم (453) في المساجد، باب الشعر في المسجد.
وقد كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى يتورعون عن ذلك تورعًا شديدًا، ومن طالع أحوالهم وسيرهم وجد ذلك بينًا واضحًا.