الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مكانة المسجد وفضل عمارته حسًا ومعنى]
مكانة المسجد وفضل عمارته حسًا ومعنى للمسجد مكانة عظمى، وأهمية بالغة في دين الله عز وجل فهو مكان لا غنى للمسلمين عنه إذ هو محل أداء شعائرهم التعبدية من الصلاة والاعتكاف، وقراءة القرآن، وذكر الله تعالى، وهو منطلق الهداية والتوجيه، وميدان العلم والتعليم، ومنبت التربية والتثقيف، وينبوع العلم والمعرفة والتثقيف، وهو النور المشع في قلوب المؤمنين، وهو ميدان تخريج العلماء والأبطال والقادة والمفكرين، وهو ساحة التقاء المسلم بأخيه المسلم، على منهج الله تعالى، وعلى عبادة الله تعالى، فهذه الوظيفة العليا، بل الوظائف الكبرى للمسجد تدل على أهميته وعظم منزلته، ولذلك فضل الله المساجد، ورغب في عمارتها، وجعل الأجر الجزيل على بنائها- حسيا ومعنويًا - وأشاد بعمارها والمهتمين فيها.
يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18](1) .
(1) الآية رقم (18) من سورة التوبة.
وقال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ - رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36 - 37](1) .
ولأهميتها نسبها الله تعالى إليه، فقال:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18](2) .
ومما يدل على مكانتها ورفعة شأنها أن عُمَّارها هم صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم من المؤمنين، قال تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 127 - 128](3) .
وقد ندب الرسول صلى الله عليه وسلم لعمارتها، جاء في الصحيحين عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من بنى لله مسجدا بنى الله له كهيئته في
(1) الآيتان رقم (36، 37) من سورة النور.
(2)
الآية رقم (18) من سورة الجن.
(3)
الآيتان 127- 128 من سورة البقرة.
الجنة) » (1) . وعند ابن ماجه وأحمد مرفوعًا: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة» (2) .
ولفضلها رغب صلى الله عليه وسلم في التعليم فيها وجعلها أفضل دار للعلم والتعليم فقد روى مسلم وغيره مرفوعًا: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده» ) (3) .
ومما يدل على أهميتها وفضلها أن الملائكة تشهد الصلاة فيها، وتحضر كما جاء في الصحيح في فضل صلاة الجمعة أنه إذا دخل الإمام دخلت الملائكة تستمع الخطبة (4) .
وكذلك الأمر بتنزيهها من الروائح الكريهة، ولو كانت غير محرمة مثل نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والثوم، فقال: «من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن
(1) رواه البخاري برقم (450) ، الصلاة، باب من بنى مسجدا. . . ومسلم برقم (533) ، المساجد، باب فضل بناء المساجد والحث عليها.
(2)
رواه ابن ماجه برقم (738) في المساجد، باب من بنى لله مسجدا.
(3)
رواه مسلم برقم (2699) في كتاب الذكر، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر.
(4)
رواه البخاري 2 / 407 برقم (929) في الجمعة، باب الاستماع إلى الخطبة.
مصلانا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس» (1) .
ولأهميته وعظيم مكانته كان من الأعمال الأولى للدولة الإسلامية التي باشرها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة النبوية فأسس مسجده صلى الله عليه وسلم إذ جعله الملتقى الأعظم لصحابته الكرام.
ولمزية هذا المسجد كان أحب البقاع إلى الله تعالى كما ورد: «أحب البقاع إلى الله مساجدها» (2) . ولهذا كان الوقوف عليه من أفضل الأعمال المستحبة التي يقدمها العبد في دنياه وآخرته، كما أن صيانتها وتنظيفها وتعاهدها سبب لدخول الجنة.
(1) رواه البخاري برقم (853) في أبواب صفة الصلاة، باب ما جاء في الثوم النيئ، ومسلم برقم (546) في المساجد، باب نهى من أكل ثوما أو بصلا.
(2)
رواه مسلم برقم (671) في المساجد باب فضل الجلوس في الصلاة بعد الصبح، وفضل المساجد.