الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهج المورد المفهرس في الميزان:
لم يكن البعلبكي في منهجه – هذا – مبتدعا بل سبقه إلى الاعتداد بجميع حروف الكلمة – دون التفرقة بين الأصلي والمزيد – العزيزيُّ (330) في نزهة القلوب – كما أسلفنا – وأبو هلال العسكري (395 هـ) في المعجم في بقية الأشياء (1) وابن الأثير (606 هـ) في المرصّع (2) واختارته معاجم الطبقات والبلدان. (3)
ولكن بعض اللغويين المحدثين لم يرتضِ هذا المنهج في المعاجم ورأوا أنه غير موافق لطبيعة اللغة العربية؛ إذ هي – كما يقول الدكتور مدكور -: " لغة اشتقاقية تقوم على أُسرٍ من الكلمات، وليس من الملائم أن نفرق شمل هذه الأسر وأن نوزّع بين أفرادها في جنبات المعجم، لا لشيء، اللهم إلا محاكاة لترتيب أبجدي صرف يلائم بعض اللغات الأخرى، وفي هذا التوزيع ما يهدم وحدة المادة، وما يقضي على أصول الدلات وفقه اللغة، وما يحول دون الفهم الدقيق، وما لا يسمح بتكوين ملكة لغوية سليمة، وفي حدود المادة يجب أن نبّوب في عناية، وأن نلتزم الترتيب الأبجدي في دقة "(4) .
وفي معرض نقده لمعجم (الرائد)، يقول الدكتور عدنان الخطيب:" إلا أن نهجه إذا شاع كما يراد له قمين بقطع صلة الأجيال الصاعدة
(1) طبع - قديما – بالقاهرة عام 1943 م.
(2)
طبع - قديما – بتحقيق س. ف. سبيولد عام 1896 م.
(3)
ثمة معاجم حديثة اختارت هذا المنهج، فيها: معجم الحضارة لعبد الكافي نامق (صدر منه مجلد واحد إلى حرف الثاء، وضع عام 1910 م) والمرجع لعبد الله العلايلي (نشر ببيروت عام 1963 م) ومعجم الرائد لجبران مسعود (نشرته دار العلم للملايين عام 1965 م) وغيرها.
(4)
المعجم الوسيط (تصدير الطبعة الثانية) : 1 / 3 – 4.
بالمعجم العربي، ولعل مؤلفه يعود إلى تقويمه، إن كان ممن يغار على العربية من عقوق أبنائها حقا" (1) .
ووصف أحد المعاصرين المعاجم اللغوية التي اختارت هذا المنهج بأنها معاجم متطرفة في تجديدها، وقال:" وقد وصفنا هذه المعاجم الألفبائية بالتطرف؛ لأنها تغفل أهم خصائص اللغة العربية، وهي أنها لغة اشتقاقية تنتظم فيها الكلمات في أسر، ولأن هذا الترتيب – إذا شاع – يقطع صلة الناشئة بالمعجم العربي القديم؛ ولأن الترتيب حسب الأصول الاشتقاقية ييسر على الطالب إدراك العلاقات بين الكلمات التي يجمعها أصل واحد، وهذه غاية يتضاءل أمامها التيسير على الطالب في الكشف عن طلبته (2) ".
ويعزز وجهة نظره معاصر آخر ويرى أن الفريق القائل به في معاجم اللغة غير عملي، ويقول:" ولا خلاف – أيضا – في صلاحية هذا المنهج في مسارد المصطلحات المحددة كما سابقا في تعريفات الجرجاني وكليات أبي البقاء، ولاحقا في معاجم قانونية أو اقتصادية أو معاجم متخصصة في ناحية من نواحي العلم أو حتى عامة فيه، أما أن تدرج كلمات اللغة مع مزيداتها ألفبائيا بحجة التبسيط في معجم يراد له أن يستغرق اللغة حتى في مستوى متوسطي فأمر غير عملي، بل أراني في فريق القائلين بأنه غير مبرر في المستوى الذي استهدفه معظمها (3) " ولاشك أن في هذا القول توسطاً وعدم مغالاة يمكن المصير إليه في التفرقة بين المعاجم اللغوية التي وُضعت قصداً للربط بين المفردات الاشتقاقية في اللغة وبين معاجم أخرى " اصطلاحية أو
(1) المعجم العربي بين الماضي والحاضر: 59.
(2)
في المعجمية العربية المعاصرة: 519.
(3)
المصدر السابق: 628
متخصصة " تهدف إلى أغراض محددة؛ ليس من شأنها إيجاد صلة الكلم العربي بعضه ببعض، فنجيز لأنفسنا التوسّع في اختيار أي المنهجين دون تثريب على أحدهما، طالما أنه يوصل إلى الغرض المنشود ويتحقق به الأمل المقصود، بل لن نبتعد عن الواقع – إن زعمنا – أن في ترتيب هذه المعاجم (النطقية) تيسيراً على الناشئة من أبناء العربية، ممن تعوزهم معرفة معنى لفظة قرآنية ولا تمكنهم أدواتهم اللغوية من التفرقة بين الأصيل والمزيد أو رد المقلوب والمبدل إلى أصله؛ إذ العودة إلى اللفظ – بصورته النطقية – غير متعذر على من له أدنى معرفة بترتيب الحروف الهجائية العربية فحسب.
خصائص المعجم المفهرس المقترح:
لهذا فإن " المعجم المفهرس " الذي نرتضيه عند التفكير في تأليفه – وهو ما ندعو إليه – ما توافرت فيه العناصر الرئيسة الآتية:
أ – اشتماله على جميع الألفاظ والأسماء والأفعال والحروف، بدون الإخلال بأي منها.
ب – ترتيب هذه الكلمات ترتيبا ألفبائيا بدون نظر إلى أصالة الحروف أو زيادتها، لتيسّر ذلك وسهولته على الباحثين.
ج – تحديد الآيات التي ورد فيها اللفظ بكل دقة مع مراعاة تمام المعنى، ثم ذكر رقم الآية فالسورة ورقمها.
د – الإشارة إلى عدد مرات ورود كل لفظة بوضع الرقم الدال على ذلك بين هلالين أسفل كل لفظة.
هـ – تفسير اللفظ الغريب بمرادفه (إن وجد) ، أو بمضاده،، أو توضيحه بعبارة موجزة، ثم بدلالة السياق القرآني عليه، وعدم التوسع في ذلك، ونتخذ من معجم (ألفاظ القرآن الكريم) لمجمع اللغة العربية أساساً لذلك.
و– إمكان وضع رموز خاصة للإشارة إلى الألفاظ المكررة، ومراعاة أن تكون عند الطبع بحروف صغيرة، لغرض تصغير حجم الكتاب
(ما أمكن) .