المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناهج المؤلفين في التصنيف: - المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن الكريم

[عبد الرحمن الحجيلي]

الفصل: ‌مناهج المؤلفين في التصنيف:

‌مناهج المؤلفين في التصنيف:

وبالنظر في المناهج التي سارت عليها المؤلفات السابقة في (غريب القرآن) نجد أنها لا تخلو من أحد طريقين:

الطريق الأول: ترتيب الألفاظ حسب ورودها في المصحف الشريف.

وهو الأقدم (1) ، درج عليه أغلب المصّنفين في غريب القرآن الكريم، كزيد بن علي (120 هـ) ، وأبي عبيدة (210 هـ) ، وأبي عبد الرحمن اليزيدي (237هـ) ، وابن قتيبة (276 هـ) وغلام ثعلب (354 هـ) ، ومكي بن أبي طالب (437 هـ) ، وابن مطرف الكناني (454 هـ) ، والكرماني (531هـ) ، وابن الأنباري، والخزرجي (582 هـ) ، وابن الجوزي (597 هـ) ، وابن التركماني (750 هـ) ، وابن الملقن (804هـ) ، وابن الهائم (815 هـ) ، وابن الشحنة (921هـ) ، وغيرهم.

الطريق الثاني: ترتيب الألفاظ وفق حروف الهجاء (الألفبائي) .

وجرى على هذا المنهج المؤلفون الآخرون، متأثرين بترتيب اللغويين في (معاجم الألفاظ) أو ما سمّي بـ (المعاجم المجنّسة) ولكنهم لم يسيروا على وتيرة واحدة في هذا الترتيب أيضا، فكان لهذا الطريق ثلاث صور هي:

أ- الصورة الأولى: ترتيب الألفاظ ـ وفق حروف الهجاء ـ لجميع حروف الكلمة بدون تجريدها من الزوائد.

(1) ينظر: المعجم العربي (نصار) : 1 / 41.

ص: 19

وأول من رتب ذلك – من المؤلفات التي وصلت إلينا – أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني (330 هـ) في كتابه المسمّى (نزهة القلوب) ؛ إذ يقول في مقدمته: " فهذا تفسير غريب القرآن، أُلّف على حروف المعجم؛ ليقرب تناوله ويسهل حفظه على من أراده وبالله التوفيق والعون "(1) ، ولكنه لم يوضح نهجه بدقة، ومن خلال مطالعة الكتاب يظهر أنه رتب الألفاظ وفق صورتها اللفظية كما وردت في القرآن الكريم، دون النظر إلى أصلها الاشتقاقي، مراعيا الحرف الأول فقط، مبتدئا بباب (الهمزة) ومختتما بباب (اللام ألف) ثم (الياء)، ولكنه يقسم كل باب –بحسب حركته – إلى ثلاث فصول: المفتوح فالمضموم فالمكسور – ماعدا الباب قبل الأخير (2) - ثم يورد كلماته مرتبة وفق ورودها في المصحف الشريف.

ولم يتابعه أحد من المصنفين في معاجم الألفاظ القرآنية سوى مصطفى بن حسين الذهبي (1280 هـ) في شرحه لألفية الحافظ العراقي (806 هـ) وذلك اتباعا للنظم (3)، كمانص عليه في البيت الثاني فقال:

واخترت ترتيبا على الحروف

الثاني والثالث في التأليف

وأذكر الحرف بنص المنزل

وربما أشرت إن لم يسهل

ولكن لا قيمة تذكر لهذه الرسالة (4) .

ب– الصورة الثانية: ترتيب الألفاظ وفق حروف الهجاء بعد تجريدها مع مراعاة الحرف الأول فالثاني فالثالث (إن وجد) .

(1) غريب القرآن: 43.

(2)

فيه فصلان فقط: اللام ألف المفتوحة واللام ألف المكسورة. ينظر الكتاب: 497 – 500

(3)

ينظر: المعجم العربي (نصار) : 1/ 39، ومعجم المعاجم: 15، 16.

(4)

المعجم العربي 1 / 39

ص: 20

سلك هذا المنهج بعض المؤلفين في غريب القرآن والحديث أيضا، فكان أول مؤلف وصل إلينا خيره كتاب (الغريبين) لأبي عبيد الهروي

(401 هـ) ونَصّ على ذلك في مقدمته فقال: " وكتابي هذا لمن حمل القرآن وعرف الحديث ونظر في اللغة، ثم احتاج إلى معرفة غرائبها، وهو موضوع على نسق الحروف المعجّمة، نبدأ بالهمزة فنفيض بها على سائر الحروف، حرفا حرفا، ونعمل لكل حرفٍ بابا، ونفتتح كل باب بالحرف الذي يكون (آخره) (1) الهمزة ثم الباء ثم التاء إلى آخر الحروف، إلا أن لا تجده فتتعداه إلى ما نجده على الترتيب فيه، ثم نأخذ في كتاب الباء على هذا العمل إلى أن ننتهي بالحروف كلها إلى أخرها، ليصيرَ المفتش عن الحرف إلى إصابته من الكتاب بأهون سعي وأحثِّ طلب ". (2)

وقد نوه بسبق الهروي إلى هذا المنهج غير واحد من العلماء (3)، ومن هؤلاء ابن الأثير (606 هـ) إذ يقول: " فلما كان زمن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي، صاحب الإمام أبي منصور الأزهري اللغوي، وكان في زمن الخطابي وبعده وفي طبقته، صنف كتابه المشهور السائر في الجمع بين غريبي القران العزيز والحديث، ورتبه مقفى على حروف المعجم على وضع لم يسبق في غريب القرآن والحديث إليه، فاستخرج الكلمات اللغوية الغريبة من أماكنها وأثبتها في حروفها وذكر معانيها؛ إذ كان الغرض والمقصد من هذا التصنيف معرفة الكلمة الغريبة لغة وإعرابا ومعنى، لا معرفة متون الحديث

(1) كذا في المطبوع، صوابه " أوله "، ولم يعلّق عليها في كلتا الطبعتين.

(2)

الغريبين: 1/ 35.

(3)

تنظر: مقدمة التحقيق (للطناجي) : 1/25.

ص: 21

والآثار وطرق أسانيدها وأسماء رواتها، فإن ذلك علم مستقل بنفسه مشهور بين أهله " (1) .

ثم تلاه الراغب الأصفهاني (502هـ) في كتابه (المفردات) ورتب ألفاظه هجائيا – بعد تجريدها من زوائدها – مراعيا التدرج في حروف الكلمة الأصلية، وصرح بذلك في مقدمة كتابه فقال:" وقد استخرت الله تعالى في إملاء كتاب مستوف فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجي فنقدم ما أوله الألف – ويعني بها الهمزة – ثم الباء على ترتيب حروف المعجم، معتبرا فيه أوائل حروفه الأصلية دون الزوائد (2) "، والتزم هذا النهج بدقة.

ولا يؤثر في ذلك إخلاله في تصدير فصوله بالثنائي المقصور دون مراعاة لحرفه الثالث وكذا المضعّف الثلاثي والمهموز والمعتل.

ثم ألف محمد بن أبي بكر المديني الأصفهاني (581 هـ)(المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث) متأثرا فيه بمنهج أبي عبيد الهروي، إذ يقول في مقدمته:" وخرجت كتابي على ترتيب كتاب أبي عبيد سواء بسواء، وسلكت طريقه حذو النّعل بالنّعل في إخراج الكلم في الباب الذي يليق بظاهر لفظها وان كان اشتقاقها مخالفا لها"(3) .

كما صنف أبو حيان الأندلسي (745 هـ)(تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب) وفق هذا المنهج أيضا، فرتب الألفاظ – وفق أصولها – بالنظر إلى الحرف الأول فالأخير فقط دون الحشو، ونمثل لذلك بحرف

(الراء) فقد أورد فيه المواد على هذا النحو:

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر (المقدمة) 1 / 8، 9

(2)

المفردات (بتحقيق دواودي) : المقدمة: 55

(3)

المجموع المغيث 1 / 4.

ص: 22

ردأ، رجأ – رقب، رحب، ربب، ريب، رهب – رفت، رفث، رجج – روج – رغد، رعد، ركد، رفد، رصد، ردد، ركز، رمز، رجز، -ربط – رجل، رتل، رذل – رقم، رمم، ركم، رحم، (1) ، رغم – رين ...... الخ

وألف السمين الحلبي (756 هـ) كتابه (عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ) فرتب الكلمات ـ وفقا للأصول ـ على ترتيب الهجاء. يقول في مقدمته (2) : " ورتبت هذا الموضوع على حروف المعجم بترتيبها الموجودة هي عليه الآن، فأذكر الحرف الذي هو أول الكلمة، مع ما بعده من حروف المعجم، إلى أن ينتهي ذلك الحرف مع ما بعده، وهلم جرا إلى أن تنتهي – إن شاء الله تعالى – حروف المعجم جميعها.

ولا أعتمد إلا على أصول الكلمة دون زوائدها، فلو صدرت بحرف زائد لم أعتبره بل اعتبر ما بعده من الأصول وكذلك لو عرض في المادة حذف أولها فإني اعتمده دون ما بعده وكذلك لو عرض فيه البدل فإني اعتبر أصله "

ولقيت هذه الصورة من المتأخرين قبولاً، (3) كما اختارها مجمع اللغة العربية في ترتيب " معجم ألفاظ القرآن الكريم ".

ج – الصورة الثالثة: ترتيب الألفاظ وفق حروف الهجاء بعد تجريدها من الزوائد، بالنظر إلى الحرف الأخير ثم الأول وما يليه.

(1) يلاحظ هنا ورود (ركن) في غير موضعها

(2)

تنظر: المقدمة 1/40

(3)

ومن هؤلاء: عبد الرؤوف المصري، المعروف بأبي رزق في كتابه (معجم القرآن) ، ومحمد بن طاهر اليتاني في كتابه (معجم بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأنوار) وغيرهم.

ص: 23

وأقدم من ألف كتابا على هذا المنهج – فيما وصل خبره إلينا – زين الدين محمد بن أبي بكر الرازي (بعد 668 هـ) في كتابه (تفسير غريب القرآن العظيم) متأثرا بكتاب (الصحاح) للجوهري يقول في مقدمته (1) :

"سألني بعض إخواني من طلبة العلم وحملة القرآن أن اجمع لهم تفسير غريب القران جمعا يشتمل على حسن الترتيب وسهولته، وعلى استيعاب كل الألفاظ الغريبة التي في الكتاب العزيز، ويعرى عن تكرار تفسير الألفاظ وإعادتها، فأجبتهم إلى ذلك وجمعت هذا المختصر "

ولم يوافقه في منهجه ـ فيما وصل إلينا ـ سوى محمد بن علي الطريحي (1585 هـ) في كتابه (مجمع البحرين ومطلع الغريبين في تفسير غريب القرآن والحديث) ؛ إذْ رتب ألفاظه ترتيب الصحاح – أي باعتماد الحرف الأخير من الكلمة المجردة باعتبارها بابا، والحرف الأول منها باعتباره فصلا - ولكنه جعل بابي الهمزة والألف بابا واحد ليكون التناول أسهل والانتشار أقل (2) .

(1) تفسير غريب القرآن العظيم (المقدمة) 1 / 47.

(2)

ينظر: المعجم العربي (لقاسم) : 70.

ص: 24