المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بواكير المعجمات القرآنية ومناهج المصنفين - المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن الكريم

[عبد الرحمن الحجيلي]

الفصل: ‌ بواكير المعجمات القرآنية ومناهج المصنفين

‌المبحث الأول:‌

‌ بواكير المعجمات القرآنية ومناهج المصنفين

بواكير المعجمات القرآنية ومناهج المصنفين

المبحث الأول: بواكير المعجمات القرآنية ومناهج المصنفين:

تعدّ المصنفات في شرح (غريب القران) ـ على اختلاف مناهجها وطرق ترتيبها – باكورة المعاجم القرآنية، بل بداية الحركة المعجمية والعلمية بوجه عام، يقول د. حسين نصار:"وكانت هذه الحركة التي ترمي إلى توضيح آيات القران، هي الحركة العلمية الأولى عند المسلمين فما اتصل بالقرآن من علوم كان أولها ظهوراً، وما ابتعد عنه كان من آخرها، وليس ـ فيما أحسب ـ من شيء أكثر صلة به من محاولة فهمه بإدراك غريبة ومشكله، فتفسير غريب القرآن ومشكله أُولى الحركات العلمية التي رآها العرب "(1)

وقد تناول العلماء مفهوم الغريب في الكلام بعامة وفي القرآن بوجه خاص، فيقول الخطابي (388 هـ) :" الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم كالغريب من الناس إنما هو البعيد من الوطن المنقطع عن الأهل "(2)، ويقول أبو حيان (745 هـ) :" لغات القران العزيز على قسمين: قسم يكاد يشترك في فهم معناه عامّة المستعربة وخاصتهم، كمدلول السماء والأرض، وفوق وتحت، وقسم يختص بمعرفته من له اطلاع وتبحّر في اللغة العربية، وهو الذي صنف أكثر الناس فيه وسموه: غريب القرآن "(3) .

(1) المعجم العربي نشأته وتطوره: 1/26.

(2)

غريب الحديث 1/ 70، وينظر: العين 4/411، واللسان:(غ ر ب) .

(3)

تحفة الأريب بما في القران من الغريب: 40.

ص: 5

ومن المعلوم أن عرب الجزيرة لم يكونوا متساوين في فهم ألفاظ القرآن الكريم الذي نزل بلغتهم؛ لتعدد لهجاتهم وتباعد قبائلهم، كما أومأ إلى ذلك ابن قتيبة (276 هـ) فقال:" إن العرب لا تستوي في المعرفة بجميع ما في القران الكريم من الغريب والمتشابه بل لبعضها الفضل في ذلك على بعض، والدليل عليه قول الله عز وجل: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (آل عمران: 7) . ويدل عليه قول بعضهم: "يا رسول الله: إنك لتأتينا بالكلام من كلام العرب ما نعرفه، ونحن العرب حقا؟ فقال: إن ربي علّمني فتعلّمت" (1) ، ويقول الزجاجي (377 هـ) : " ليس كل العرب يعرفون اللغة كلها، غريبها وواضحها، ومستعملها وشاذها، بل هم في ذلك طبقات يتفاوتون فيها، كما أنهم ليس كلهم يقول الشعر، ويعرف الأنساب كلها، وإنما هو في بعض دون بعض" (2) .

وأما قول ابن خلدون (808 هـ) : "إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه"(3) ففيه تعميم يجافي الحقيقة؛ إذ إن من العرب من علا كعبه وارتفع شأنه في فصاحة القول وخفيت عليه بعض معاني ألفاظ القران الكريم ولذلك سأل الصحابة رضوان الله عليهم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) .

(1) المسائل: (اللوحة 4) نقلا عن غريب القرآن الكريم (لمكرم) : 15.

(2)

الإيضاح في علل النحو: 92.

(3)

المقدمة: 401.

(4)

ينظر: غريب القران الكريم في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين: 14

وما بعدها.

ص: 6