الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليَّ لقتلني، فمات عدو الله بسرف، وهم قافلون إلى مكة (1).
الصورة الثالثة: شجاعته صلى الله عليه وسلم في معركة حنين
بعد أن دارت معركة حنين والتقى المسلمون والكفار، ولَّى المسلمون مدبرين (2)، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَلَ الكفار
…
ثم قال: ((أي عباس، ناد أصحاب السمرة)) فقال عباس- وكان رجلاً صيِّتاً-: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فوالله لكأن عَطْفَتهم حين سمعوا صوتي عَطْفَة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك، يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفار
…
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال صلى الله عليه وسلم:((الآن حمي الوطيس)) (3).
وظهرت شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم التي لا نظير لها في هذا الموقف الذي عجز عنه عظماء الرجال (4).
وسئل البراء، فقال له رجل: يا أبا عمارة، أكنتم وليتم يوم حنين؟ قال: لا والله ما ولّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه خرج شبان أصحابه (5)
(1) انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 3/ 199، والرحيق المختوم، ص263، وروى قصة قتل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن خلف: أبو الأسود عن عروة بن الزبير، والزهري عن سعيد بن المسيب. انظر: البداية والنهاية لابن كثير،4/ 32،وكلاهما مرسل، والطبري،2/ 67،وانظر: فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص226.
(2)
كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة ألفان من أهل مكة، مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه من المدينة ففتح بهم. انظر: زاد المعاد، 3/ 468.
(3)
مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب: غزوة حنين، وقد اختصرت ألفاظه،3/ 1398،برقم 1775.
(4)
انظر: الرحيق المختوم، ص401، وهذا الحبيب يا محب، ص408.
(5)
جمع شباب. شرح النووي لمسلم، 12/ 117.
وأخفاؤهم (1) حسراً (2) ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح، فلقوا قوماً رماة لا يكاد يسقط لهم سهم، جمع هوازن، وبني نصر، فرشقوهم رشقاً (3)،ما يكادون يخطئون، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث يقود بغلته، فنزل ودعا واستنصر وهو يقول:
أنا النبيُّ لا كَذِبْ
…
أنا ابنُ عبدِ المطّلبْ
اللهم نزِّل نصرك (4)
قال البراء: كُنَّا والله إذا احمرّ البأس (5) نتَّقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به، يعني النبي صلى الله عليه وسلم (6).
وفي رواية لمسلم عن سلمة قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزماً (7)، وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لقد رأى ابن الأكوع فزعاً)). فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب
(1) جمع خفيف، وهم المسارعون المستعجلون. شرح النووي لمسلم، 12/ 117.
(2)
حسراً: جمع حاسر، أي بغير دروع، وقد فسره بقوله: ليس عليهم سلاح. شرح النووي لمسلم،12/ 117.
(3)
رشقا: هو بفتح الراء، وهو مصدر، وأما الرشق بالكسر فهو اسم للسهام التي ترميها الجماعة دفعة واحدة. انظر: شرح النووي، 12/ 118.
(4)
مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، مع التصرف في بعض الكلمات، 3/ 1400، برقم 1776، والبخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته فاستنصر،6/ 150، برقم 2929، 8/ 27، 28، برقم 4317.
(5)
إذا احمر البأس: كناية عن شدة الحرب، واستعير ذلك لحمرة الدماء الحاصلة فيها في العادة. انظر: شرح النووي، 12/ 121.
(6)
رواه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، 3/ 1401، برقم 1776.
(7)
قال العلماء: قوله: ((منهزماً)) حال من ابن الأكوع، وليس النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: شرح النووي، 12/ 122.