الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: أنواع الصبر
سبق في أقسام الصبر باعتبار تعلق الأحكام الخمسة به أن الصبر الواجب ثلاثة أنواع هي: صبر على طاعة الله وأداء الواجبات، وصبر عن المعاصي والمحرمات، وصبر على المصائب والبليات وأقدار الله المؤلمة. وسأبين ذلك بشيء من التفصيل في المطالب الآتية:
المطلب الأول: الصبر على طاعة الله
الطريق إلى الله تعالى مليئة بالعوائق؛ لأن النفس بطبعها تنفر من القيود، والعبودية لله قيد لشهوات النفس؛ ولذلك فالنفس لا تستقيم على أمر الله بيسر وسهولة، فلابد من ترويضها، وكبح جماحها، وهذا يحتاج إلى اصطبار.
قال تعالى: {رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (1).
وقال جل ثناؤه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (2).
والصبر على الطاعة يتكون من ثلاث شعب:
الأولى: صبر قبل الطاعة بتصحيح النية، والإخلاص، والتبرؤ من شوائب الرياء.
(1) سورة مريم، الآية:65.
(2)
سورة طه، الآية:132.
قال تعالى: {إِلَاّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} (1).
فقدم الله سبحانه وتعالى الصبر على العمل.
الثانية: الصبر حال الطاعة حيث لا يغفل عنها أثناء تأديتها، ولا يتكاسل، فيأتي بها على أكمل وجه مشروع متّبعاً ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم حذو القُذَّة بالقُذَّة.
الثالثة: الصبر بعد العمل، فلا ينظر لنفسه بعين العجب، فيتظاهر بما قدَّم سمعةً ورياءً؛ لئلا يحبط عمله ويبطل أجره، ويمحو أثره.
والصبر على الدعوة إلى الله من أعظم الطاعات؛ فإن الدعوة إلى الله سبيلها طويل، تحف به المتاعب والآلام، وذلك أن الدعاة يطلبون من الناس أن يطلِّقوا أهواءهم، وينحروا أوهامهم، ويثوروا على شهواتهم، ويقفوا عند حدود الله أمراً ونهياً.
وأكثر الناس لا يؤمنون بهذا النمط الجديد، فيتخذون من هذه الدعوة عدواً يحاربونه بكل سلاح.
(1) سورة هود، الآية:11.
(2)
سورة العنكبوت، الآيتان: 58 - 59.