الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، حمدا يدوم ولا ينقطع، يكافئ فضل ربنا ومزيد نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن اعتقاد أهل السنة والجماعة هو الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، والْبعث بعد الْموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، ومن الإيمانِ بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه الْعزيز، وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، فهم المؤمنون بِأن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) فَلا ينفون عنه ما وصف بِه نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون فِي أسماء الله وآياته، ولا يكيفون ولا يمثلون صفات الله عز وجل بصفات خلقه، لأنه سبحانه: لا سمي لَه، ولا كفء له، ولا ند له، ولا يقَاس بِخلقه سبحانه وتعالى، فهو أعلم
(1) من الآية (11) من سورة الشورى.
بنفسه وبِما خلق، وهو خالق كل شيء، وبيّن سبحانه أنه ليس كمثله شيء، ومن أصدق قيلا، وأحسن حديثا، وهم يؤمنون بأن رسله صادقون مصدقون، فيما أخبروا به عن الله عز وجل، لم يختلفوا في ذلك، ولم يقولوا على الله ما لا يعلمون، ومن وصف الله عز وجل بغير ذلك فقد ضل عن الحق، فالله يقول:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1)
فَسبّح نفسه عما وصفه بِه المخالفون للرسل، وسلم على المرسلين، لسلامة ما قَالوه من النقصِ والعيب، وهو سبحانه قَد جمع فيما وصف وسمّى بِه نفسه بين النفيِ والإثبات، فَلا عدول لأَهل السنة والجماعة عما جاء بِه الْمرسلون، فَإِنه الصراط المستقيم، صراط الذين أَنعم الله عليهِم من النبِيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهو الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله، المنهل العذب، الصافي النقي، لا يشوبه كدر، ولا يعلوه قتر، وما من غلو وقع في الدين إلا كان سببه بدعة، نشأت من فكر أو خيال، أو هوى ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور
(1) الآيات (180 - 182) من سورة الصافّات ..
محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (1) فعلى كل مسلم أن يجرد الإتباع لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، {قُلْ إِنْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2) وأن يتجرد من أي متبوع سوى الله ورسوله، هذا ما كان عليه أصحاب رسول الله رضي الله عنهم طيلة حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى سار أصحابه على المنهج النبوي، حذو القذة بالقذة، حتى ظهرت الفتنة، وما نتج عنها من ظهور بعض الفرق التي شقت وحدة المسلمين في المعبود والمتبوع والمنهج، لكن أهل السنة والجماعة ثبتوا على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من التمسك بالكتاب والسنة، و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (3).
(1) انظر (المستدرك على الصحيحين 1/ 174).
(2)
الآية (31) من سورة آل عمران.
(3)
من الآية (21) من سورة الحديد.