المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث العاشرالإيمان بالجنة والنار - المنظومة التبريزية في العقيدة الصحيحة السنية

[عبد القاهر التبريزي]

الفصل: ‌المبحث العاشرالإيمان بالجنة والنار

‌المبحث العاشر

الإيمان بالجنة والنار

18 -

واعترضت جهنم ونارها تضطرم

وكب فيها المجرم وقيل يا نار ابلعي

منهج أهل السنة والجماعة الإيمان بوجود الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان، وقد خلقت الجنة لعباد الله المتقين قال الله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (1)، وقال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ

(1) الآية (133) من سورة آل عمران.

ص: 81

الْعَظِيمِ} (1) وكذلك النار خلقها الله لعباده العاصين، قال الله تعالى:{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (2)، وقال تعالى:{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (3)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء:(ثم انطلق بي، حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى، وغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها حبايل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك)(4)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(دخلت الجنة، فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لرجل من قريش، فما منعني أن أدخله يا ابن الخطاب، إلا ما أعلم من غيرتك). قال: وعليك أغار يا رسول الله؟ ) (5) وقال صلى الله عليه وسلم: (رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم، حتى لقد رأيتنى أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أقدم، ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، حين رأيتموني تأخرت، ورأيت فيها ابن لحي، وهو الذي

(1) الآية (21) من سورة الحديد.

(2)

الآية (24) من سورة البقرة.

(3)

الآية (131) من سورة آل عمران.

(4)

أخرجه البخاري (342).

(5)

أخرجه البخاري حديث (6621).

ص: 82

سيّب السوائب) (1)، وقال صلى الله عليه وسلم:(والذي نفس محمد بيده! لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ ! ، قال: رأيت الجنة والنار)(2) وقال صلى الله عليه وسلم: (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبرائيل إلى الجنة، فقال انظر إليها، وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فجاءها فنظر إليها، وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، قال: فرجع إليه، قال: فو عزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بها فحفّت بالمكاره، فقال: ارجع إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال فرجع إليها فإذا هي قد حفّت بالمكاره، فرجع إليه، فقال: وعزتك لقد خفّت أن لا يدخلها أحد، قال: اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضا، فرجع إليه، فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بها فحفت بالشهوات، فقال: ارجع إليها فرجع إليها، فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها)(3) هذا مما ورد في الكتاب والسنة، وهو من الأدلة الصحيحة الصريحة على أن

(1) أخرجه مسلم في حديث (901) ..

(2)

أخرجه مسلم حديث (426).

(3)

أخرجه الترمذي حديث (2685) وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه بقية أصحاب السنن، وأحمد في المسند، وأصله عند مسلم حديث (2822).

ص: 83

الجنة والنار مخلوقتان موجودتان، وليس كما زعم البعض أنها ستخلق فيما بعد.

وفي هذا البيت يصف الناظم رحمه الله جهنم، وحال من أهلكه عمله، وفارقته رحمة الله عز وجل، فجهنم في يوم نصب الموازين ومحاسبة العباد المؤمن والكافر، والفاسق والفاجر، تكون معترضة بين المحشر والجنة، منصوب عليها الصراط، أدق من الشعرة، وأحد من السيف، كما ورد من قول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (إن ناسا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة، صحوا ليس معها سحاب؟ ، وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، صحوا ليس فيها سحاب؟ ، قالوا: لا، يا رسول الله، قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب، فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ ، قالوا: كنا نعبد عزير بن الله، فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ ، قالوا: عطشنا، يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا تردون؟ ، فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار،

ص: 84

ثم يدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ ، قالوا: كنا نعبد المسيح بن الله، فيقال لهم: كذبتم.

ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ ، فيقولون: عطشنا، يا ربنا فاسقنا، قال فيشار إليهم: ألا تردون؟ ، فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فما تنتظرون؟ ، تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا! فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئا "مرتين أو ثلاثا" حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ ، فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم.

فيقولون: أنت ربنا، ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم، قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ ، قال دحض مزلة، فيه خطاطيف وكلاليب وحسك، - تكون بنجد فيها شويكة يقال لها: السعدان - فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاود

ص: 85

الخيل، والركاب، فناج مسلّم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنين من النار، فو الذي نفسي بيده، ما منكم من أحد بأشد منا شدة لله، في استقصاء الحق، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا، كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربنا، ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا، لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا، لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها خيرا) وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا

ص: 86

عَظِيمًا} (1)، فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط، قد عادوا حمما، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر، ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟ ، فقالوا: يا رسول الله، كأنك كنت ترعى بالبادية، قال "فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم، يعرفهم أهل الجنة، هؤلاء عتقاء الله، الذين أدخلهم الله الجنة، بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، ثم يقول: ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ربنا، أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين، فيقول: لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: يا ربنا، أي شيء أفضل من هذا؟ ، فيقول: رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا) (2)، فالنار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وهي لكل عتل جوّاظ مستكبر، وهي عذاب الله تعالى، يعذب بها من يشاء من عباده، نستجير بالله من غضبه وعذابه.

(1) الآية (40) من سورة النساء ..

(2)

أخرجه مسلم حديث (302).

ص: 87

19 -

وجنة الفردوس قد تزخرفت لمن عبد

وقام ليلا وسجد في طمره المرقع

وهذا من الناظم رحمه الله تذكير بوصف الجنة، فإن فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا يخطر على قلب بشر، مما أعد الله فيها من النعيم لعباده المؤمنين، الذين عبدوه، وقاموا في طاعته ليلا ونهارا، ودعوه ورجوا رحمته سرا وجهارا، في بعد عن شهوات الدنيا وملذاتها، من مأكل ومشرب، وملبس ومركب، مستشرفين للدار الآخرة وما أعد الله في الجنة من الراحة والنعيم الدائم، الذي لا يحول ولا يزول.

20 -

ونهدت أبكارها واطردت أنهارها

وغردت أطيارها في كل غصن مونع

وفي هذا البيت يذكر الناظم رحمه الله بما أعد الله لعباده في الجنة من الحور، فمنهن الكواعب الأبكار، كما قال تعالى:{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا} (1) وأنهن في غاية من الحسن والجمال {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي

(1) الآية (37) من سورة الواقعة.

ص: 88

الْخِيَامِ} (1) لا يتمتع بهن أحد سواهم، قصر الطرف منهن على من خلقن من أجلهم، فلا يرين حسنا في غيرهم، ولا يتمنين سواهم، {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} (2) هن أزواجهم، قال تعالى:{كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (3)، وقال تعالى:{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (4)، هكذا جزاهم ربهم لقاء صبرهم على طاعته في الدنيا، بأن يكونوا مع أزواجهم {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} (5).

هكذا جزاهم ربهم لقاء صبرهم على طاعته في الدنيا، بأن يكونوا مع أزواجهم {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)

(1) الآية (72) من سورة الرحمن.

(2)

الآية (48) من سورة الصافات، ومن ص: الآية (52) من الرحمن الآية (56).

(3)

الآية (20) من سورة الطور.

(4)

الآيتان (22، 23) من سورة الواقعة.

(5)

الآيات (28 - 34) من سورة الواقعة.

ص: 89

وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} (1)

21 -

يا من له تبتلي في كل ليل أليل

ومن إليه موئلي دون الورى ومفزع

هذا التوجه الصحيح في الدعاء من الناظم رحمه الله هو منهج أهل السنة والجماعة، فالله وحده المسئول، عملا بقوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (2). وعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وجه ابن عباس رضي الله عنهما فقال: (يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، إحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وان اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم

(1) الآيات (28 - 34) من سورة الواقعة.

(2)

الآية (186) من سورة البقرة.

ص: 90

يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) (1) مسيرا بأحد الأوقات التي هي من مظان إجابة الدعاء، وهو ما ورد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة)(2)، وهذا هو النهج الصحيح، لا ما يقع فيه الكثيرون من الناس من الرجوع إلى بعض الصالحين وقد ماتوا، فيستعينون بهم على قضاء حوائجهم، ولا يجديهم ذلك شيئا، لأنه خلاف المنهج الصحيح.

22 -

صل على خير البشر من كل أنثى وذكر

محمد وجه القمر ذي الجانب الممنع

وهذا من أعظم الدعاء حرص عليه الناظم رحمه الله عملا بالكتاب والسنة قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (3)، وقال صلى الله عليه وسلم:(من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا)(4) وقد سأل

(1)

(2)

أخرجه مسلم حديث (757).

(3)

الآية (56) من سورة الأحزاب.

(4)

أخرجه مسلم حديث (384).

ص: 91

الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فقال:(قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)(1) وقد منح الله رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، من الكمال البشري، في الدين والخلق والخلق، ما لم يمنح غيره صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأنبياء أكمل الخلق وأفضلهم، والرسل أكمل من الأنبياء وأفضل، أولوا العزم وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، أكمل من الرسل، ورسول الله محمد هو صاحب المقام المحمود، ينفع الله بشفاعته الخلق، فيأذن سبحانه بفصل الحساب، اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2) هذا ما يسر الله تعالى لنا بحثه، فله الحمد والشكر علي توفيقه، وأسأله عز وجل أن يجعله عملا متقبلا، تثقّل به موازين حسناتي في يوم لا ينفع فيه

(1) أخرجه البخاري حديث (3189).

(2)

الآيات (180 - 182) من سورة الصافات ..

ص: 92

مال ولا بنون، وأن ينفع به من طالعه، ومن نصح وصحح وأرشد إلى خير، وتم في يوم الأربعاء 6/ 9/ 1425 هـ بالمدينة النبوية حرسها الله، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه نبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ص: 93