الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (1) ومنه ما كان على نحو قول الله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (2) وقوله تعالى: {كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ} (3).
الرجاء:
الأصل فيه قول الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (4)، وقوله سبحانه تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ
(1) الآية (54) من سورة المائدة.
(2)
الآية (50) من سورة النور.
(3)
الآية (53) من سورة المدثر.
(4)
الآية (53) من سورة الزمر.
رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} (1) وقول الله سبحانه تعالى: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (2) هذا التوجيه الرباني إلى عدم القنوط واليأس من روح الله تربية للمؤمنين على أن رحمة الله واسعة، منبها على أن ملازمة القنوط واليأس لا تكون إلا من الكافرين، الذين لم يعرفوا رحمة الله ولا فضله وإحسانه، فوقعوا في هذه الصفة الذميمة، فنتج عن أمنهم من مكر الله سبحانه، عدم خوفهم من الله عز وجل، وقد حذر الله من ذلك فقال تعالى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (3) ولا يتم الخوف والخشية إلا لمن عرف الله عز وجل، ولذلك قال تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (4).
(1) الآية (56) من سورة الحجر.
(2)
الآية (87) من سورة يوسف.
(3)
الآية (99) من سورة الأعراف.
(4)
من الآية (28) من سورة فاطر.
وقد يرد سؤال بناء على هذا الترغيب من الله عز وجل في الرجاء، فيقال: أيهما أولى بالمسلم تغليب الخوف أم الرجاء؟ .
والجواب أن الإنسان لا يخلو من إحدى ثلاث:
1 -
إما أن يكون من الصالحين المسارعين إلى فعل الطاعات، وهو في صحة وعافية، فهذا يتساوى في حقه الخوف والرجاء، فلا ينفصل أحدهما عن الآخر، فالرجاء في حقه قائم باعتباره صاحب طاعة، وعمل صالح، وهو من أهل السلامة والعافية، وكذلك الخوف قائم باعتبار الحذر من سوء العاقبة، أو الخاتمة.
2 -
وإما أن يكون العكس، قلة الطاعة، وضعف المبادرة إلى الخيرات، فهذا يغلّب جانب الخوف، فيجب أن يخاف أن يدركه الأجل وهو على حال تؤول به إلى سوء الخاتمة، وتغليب الخوف يجعله يترك العصيان، ويبادر بالتوبة، وإن كان الرجاء قائم في حقه لكنه أضعف من الخوف.
3 -
وإما أن يكون في حال صحة متردية، وضعف مستمر، فيجب عليه أن يغلّب الرجاء، وإن كان الخوف في حقه قائما لكنه أضعف من الرجاء، لما ورد في حديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام، يقول:(لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)(1).
(1) أخرجه مسلم حديث (2877).
وعدِّ في سفن النجا إلى الفضاء الأوسع:
أي: أدخل واركب مطية تنجيك من الهلاك، وقد شبه الناظم رحمه الله الطاعات فرضا ونفلا، شبّهها بالسفن التي تعبر بمن امتطاها الأنهار والبحار والمحيطات، وقد أوردها الناظم بلفظ الجمع دون المفرد إيماء إلى أن كل طاعة يجريها العبد قاصدا بها وجه الله عز وجل، فهي سفينة نجاة في حد ذاتها، لكنها لا تغني عن المجموع المطلوب منها قدر الوسع والطاقة، فهي في الحقيقة سفن في سفينة واحدة، هي العمل بالكتاب والسنة، ولا تكون الطاعات منجية إلا إذا كانت مبنية على عقيدة صحيحة، بهذا يصل المسلم إلى الفضاء الأوسع، وهو الدار الآخرة، والمراد الجنة وما فيها من الرحابة والسعة، والنعيم صفة لها، ولا يقال ذلك للنار أجارنا الله منها، لأنها موصوفة بدار الجحيم والعذاب الأليم، وذلك من الضيق وليس من السعة في شيء.