المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب - خوف شرعي منهي عنه: - المنظومة التبريزية في العقيدة الصحيحة السنية

[عبد القاهر التبريزي]

الفصل: ‌ب - خوف شرعي منهي عنه:

لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (1) وقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (2) وقوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (3) وقوله تعالى: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} (4) فهذا النوع من الخوف مطلوب شرعا، وهو عبادة لله، يعين على فعل الخير، ويمنع من الوقوع في الشر.

‌ب - خوف شرعي منهي عنه:

وهو الخوف الذي لا يجوز أن يكون إلا من الله وحده لا شريك له، ومن وقع فيه فسبب ذلك الشرك بالله عز وجل، وهو ما يقع وله تعلق بالاعتقاد، فيكون في قلب الإنسان الخوف من أي شيء

(1) الآية (51) من سورة الأنعام.

(2)

الآية (50) من سورة النحل.

(3)

الآية (37) من سورة النور.

(4)

الآية (37) من سورة الذاريات.

ص: 35

كان أنه ينفع ويضر من دون الله عز وجل، فيعمل أعمالا يتقرب بها إليه خوفا من أن يصيبه بمكروه، وسواء كان المخوف منه من الإنس أو الجن أو غير ذلك من المخلوقات، فإنه من الشرك الذي حرم الله الجنة على أهله، قال تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (1) وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (2) ونفي المغفرة يقتضي عدم دخول الجنة، فمن أفرد الرب سبحانه، بالخوف في أمر النفع والضر فقد حقق التوحيد لقوله تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (3) لأن أمر الله تعالى لعباده بعدم الخوف من الشيطان وأوليائه، هو أمربأحد أفراد التوحيد وهو الخوف منه دون سواه، وهو

(1) من الآية (72) من سورة المائدة.

(2)

الآية (48) من سورة النساء.

(3)

من الآية (175) من سورة آل عمران.

ص: 36

في نفس الأمر نهي عن أحد أفراد الشرك، كالخوف من الشيطان وأوليائه، وقوله تعالى:{فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (1) هذا دليل على أن الخوف عبادة يجب أن يوحد الله تعالى بها، على حد قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه:(يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وان اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)(2) ولذلك أثنى الله على بعض عباده فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ

(1) من الآية (175) من سورة آل عمران ..

(2)

أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

ص: 37