الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجمعة
في لفظ الجمعة، واشتقاقها، ومعناها، لغات:
1 -
الجمعة: بضم الميم، إتباعا لضمة الجيم، وهو المشهور، اسم من الاجتماع أضيف إليه اليوم والصلاة، ثم كثر الاستعمال حتى غلب على اليوم، وحذف منه الصلاة.
2 -
الجمعة: بإسكان الميم على الأصل، فهو فعلة بمعنى مفعول وهي لغة تميم، وقرئ بها عن الأعمش، فمعنى الجمعة اليوم المجموع فيه أو الصلاة المجموع فيها، كما أن الهزءة هو الشخص المهزوء به.
3 -
الجمعة: بضم الجيم وفتح الميم، فهو فعلة بمعنى فاعل، أي اليوم الجامع كهمزة ولمزة، بمعنى هامز ولامز، ولم يقرأ بها. فإن قيل: كيف يؤنث بالتاء وهو صفة لليوم المذكر؟ أجيب بأن التاء ليست للتأنيث، بل للمبالغة كما في رجل علامة، أو هو صفة للساعة.
4 -
الجمعة: بضم الجيم وكسر الميم، وقد حكى ذلك الزجاج، ولا يخرج في معناها عما سبق.
وقد أجمع العلماء على أن يوم الجمعة هو الذي بين الخميس والسبت واختلف في سر تسمية ذلك اليوم بهذا الاسم، مع الاتفاق على أنه كان يسمى في الجاهلية يوم العروبة، يفتح العين، فقيل: سمي بذلك لأن خلق آدم جمع فيه، وهذا أصح الأقوال، وقيل: لأن أسعد بن زرارة جمع الأنصار بالمدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إليها في ذلك اليوم، وصلى بهم، وذكرهم
فسموه الجمعة، حين اجتمعوا إليه. وقيل: سمي بذلك لاجتماع الناس للصلاة فيه، وقيل: لأن كمال الخلائق جمع فيه.
43 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد".
-[المعنى العام]-
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث أن الله خص الأمة المحمدية بالفضل فمنحها السبق على الخلائق يوم القيامة في الحشر والحساب، ودخول الجنة وإن كانت هي آخر الأمم زمانا، وظهورا على وجه الأرض، ففي مسلم "نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق".
وأوضح في باقي الحديث ميزة أخرى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم حيث كان قد فرض على أهل الكتاب، وعلى أمة محمد تعظيم الجمعة، والقيام بالذكر والشكر والعبادة فيه، فاختلف أهل الكتاب، ونازع اليهود نبيهم وجادلوه في أن يبدل لهم هذا اليوم بيوم السبت، فجعل عيدهم، كما خالف النصارى وغيروا وبدلوا بعد رفع المسيح، وجعلوا عيدهم يوم الأحد، واستقر حالهم على ذلك، وهكذا كان اختلاف أهل الكتاب في اليوم الذي فرض الله عليهم فلم يهتدوا له، وادخره الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهداها إليه بفضله، فهم لنا تبع حيث نبدأ بالجمعة ويأتي السبت عقب الجمعة، والأحد عقب السبت. كما أنهم سيكونون تبعا لنا في حساب الآخرة، ودخول الجنة فنحن السابقون عليهم بالفضل في الدنيا، وفي الموقف يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا زمانا، وأوتيناه من بعدهم. والله أعلم.
-[المباحث العربية]-
(الآخرون) الذين جاءوا آخر الأمم زمانا في الدنيا.
(السابقون) الأولون المتقدمون على غيرهم منزلة وكرامة.
(يوم القيامة) أي في الحشر والحساب والقضاء لهم قبل الخلائق، وفي دخول الجنة.
(بيد) مثل "غير" وزنا ومعنى وإعرابا، فهو منصوب على الاستثناء، وهو اسم ملازم للإضافة إلى "أن" وصلتها، ويصح أن يكون بمعنى "مع" فيكون منصوبا على الظرفية، والمعنى عليه حسن.
(أنهم) يرجع الضمير إلى أهل الكتاب "اليهود والنصارى".
(الكتاب) التوراة والإنجيل فأل فيه للعهد، وقيل للجنس.
(ثم هذا يومهم) الإشارة إلى يوم الجمعة المفهوم من المقام.
(فرض الله عليهم) فرض بمعنى ألزم وأوجب، ومفعوله محذوف، والتقدير فرض الله عليهم تعظيمه بعينه والاجتماع فيه.
(فالناس لنا فيه تبع) الفاء للتفريع، أو التسبب، والمراد بالناس اليهود والنصارى فأل فيه للعهد.
(اليهود غدا) المراد به يوم السبت، "والنصارى بعد غد" المراد به يوم الأحد "وغدا وبعد غد" خبران عما قبلهما، وليس فيه الإخبار بظرف الزمان عن الجثة أي عن الذات، لأن الكلام على حذف مضاف، والتقدير تعييد اليهود غدا وتعييد النصارى بعد غد، وبذلك يصير الزمان خبرا عن اسم معنى، كقولنا: صوم المسلمين غدا.
-[فقه الحديث]-
في بعض الآثار أن موسى عليه الصلاة والسلام عين لهم يوم الجمعة وأخبرهم بفضيلته، فناظروه، وقالوا: يا موسى إن الله لم يخلق يوم السبت
شيئا فاجعله لنا، واختلفوا معه، فأوحى الله تعالى إليه:"دعهم وما اختاروا" قال النووي: يمكن أن يكونوا أمروا به صريحا، فاختلفوا. هل يلزم بعينه؟ أم يسوغ إبداله بيوم آخر؟ فاجتمعوا في ذلك فأخطأوا. اهـ.
وروى الطبري بإسناد صحيح عن مجاهد في قوله تعالى {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال: أرادوا الجمعة، فأخطأوا، وأخذوا السبت مكانه. وقال ابن بطال: ليس المراد أن يوم الجمعة فرض عليهم بعينه فتركوه لأنه لا يجوز لأحد أن يترك ما فرض الله عليه وهو مؤمن، وإنما يدل -والله أعلم -أنه فرض عليهم يوم، وكل إلى اختيارهم ليقيموا فيه شريعتهم فاختلفوا في أي الأيام هو؟ ولم يهتدوا ليوم الجمعة. اهـ. والظاهر أنه عينه لهم لأن السياق دل على ذمهم في العدول عنه، فلو لم يعينه لهم، ووكل التعيين إلى اجتهادهم، لكان الواجب عليهم تعظيم يوم لا بعينه، فإذا أدى الاجتهاد إلى أنه السبت، أو الأحد لزم المجتهد ما أدى إليه الاجتهاد، ولا يأثم. ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم "هذا يومهم الذي فرض الله عليهم".
وإنما اختار اليهود يوم السبت لزعمهم الفاسد أنه فرغ الله فيه من خلق الخلق قالوا فنحن نستريح فيه عن العمل، ونشتغل فيه بالعبادة والشكر لله تعالى. واختار النصارى يوم الأحد لأنه أول يوم بدأ الله فيه بخلق الخليقة، فاستحق التعظيم، ولزعمهم أن المسيح عليه السلام بعد ما صلب ودفن خرج من القبر ورفع إلى السماء يوم الأحد، فاتخذوه عيدا مخالفين شريعة التوراة التي لم ينسخها المسيح نفسه حين وجوده بينهم.
وطريق الهداية إلى ذلك اليوم يحتمل وجهين: أحدهما -أن يكون الله قد نص لنا عليه، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد علمه بالوحي، وهو بمكة ولم يتمكن من إقامة الجمعة بها، ولذا جمع بالمسلمين أول ما قدم المدينة، كما ذكره ابن إسحاق وغيره. والثاني أن تكون الهداية إليه بالاجتهاد، كما يدل له مرسل ابن سيرين عند عبد الرزاق بإسناد صحيح، ولفظه "جمع أهل المدينة قبل أن يقدمها صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة، قالت الأنصار إن لليهود يوما يجتمعون فيه، كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك، فهلم فلنجعل يوما
نجتمع فيه، نذكر الله تعالى، ونصلي فيه، فجعلوه يوم العروبة اجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ، وأنزل الله تعالى بعد ذلك {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن أخرجه أحمد وداود وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وغيره، من حديث كعب بن مالك قال:"كان أول من صلى بنا الجمعة، قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أسعد بن زرارة" فمرسل ابن سيرين يدل على أن أولئك الصحابة اختاروا يوم الجمعة بالاجتهاد. قال الحافظ في الفتح: ولا يمنع ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علمه بالوحي وهو بمكة، ولم يتمكن من إقامتها هناك، فقد ورد فيه حديث عن ابن عباس عند الدارقطني، ولذلك جمع بهم أول ما قدم المدينة كما حكاه ابن إسحاق وغيره، وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بجهتي البيان والتوفيق. اهـ.
ولا يقال إن يوم الجمعة مسبوق بأحد وسبت، إذ لا يتصور أحد اجتماع الأيام الثلاثة متوالية إلا ويكون يوم الجمعة سابقا.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
أن الجمعة فرض على المسلمين لقوله "فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه فهدانا الله له "لأن التقدير فرض الله عليهم وعلينا، فضلوا وهدينا، ويؤيد ذلك رواية مسلم "كتب علينا".
2 -
أن الهداية والإضلال من الله تعالى وهذا يوافق مذهب أهل السنة.
3 -
أن سلامة الإجماع من الخطأ مخصوص بأمة محمد حيث أجمع اليهود والنصارى على غير الحق.
4 -
أن الاجتهاد في زمن نزول الوحي جائز، حيث اجتهد الصحابة بالمدينة.
5 -
أن الجمعة أول الأسبوع شرعا، ويدل على ذلك تسمية الأسبوع كله جمعة، وكانوا يسمون الأسبوع سبتا.
6 -
فيه دليل على زيادة فضل أمة محمد، وأنها استسلمت لحكم الله تعالى وما اختار لعباده.
44 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستن وأن يمس طيبا إن وجد".
-[المعنى العام]-
كان الناس زمان النبي صلى الله عليه وسلم في جهد شديد، يلبسون الصوف، ويغدون في أعمالهم فيعرقون، وقد لا يكونون يملكون غير الثوب الواحد، فإذا كانت الجمعة اجتمعوا، وعليهم ثياب متغيرة، تنبعث منها ومن أجسادهم رائحة العرق فشكا بعضهم ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرغب في الاغتسال يوم الجمعة
لحضور الصلاة، وأكد على المسلمين أن يقيموا هذه السنة، فعبر عنها بصيغة الوجوب واللزوم، لأنها من الشريعة بمكانة عظمى، ومتأكدة أشد التوكيد كما رغب صلى الله عليه وسلم في استعمال السواك لنظافة الفم والأسنان، واستعمال الطيب للثياب والأبدان، حتى يظهر المسلمون في اجتماعهم مثلا كريما للنظافة وطيب الرائحة، وحتى لا تنبعث منهم الروائح الكريهة، فيؤذي بعضهم بعضا وتتأذى منهم الملائكة، وهكذا يتأكد ما تقرر من أن الإسلام دين النظافة ودين الألفة والمودة، ودين الحس المرهف، والأخلاق والسلوكيات العالية.
-[المباحث العربية]-
(أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) أي أقر وأثبت، وعبر بلفظ "أشهد" للتأكيد وأنه متثبت مما يقول. وجملة "قال" مسبوكة بمصدر من غير سابك والمصدر مجرور بحرف جر، والتقدير: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه قال أي بقوله: "الغسل يوم الجمعة واجب
…
".
(على كل محتلم) أي بالغ، وعبر عن البلوغ بالاحتلام، وإن كان يحصل بغيره، كالإنزال دون احتلام، أو بالسن، لأنه الغالب، وهذا الوصف يشمل الرجال والنساء، ويخرج الصبيان.
(أن يستن) أي يدلك أسنانه بالسواك ونحوه، والمصدر من أن والفعل معطوف على الغسل، والتقدير: الغسل والاستتان يوم الجمعة واجبان على كل محتلم.
(وأن يمس طيبا) بفتح الميم على الأفصح، والمس أخف حالات اللمس والطيب كل ذي رائحة عطرة.
(إن وجد) يحتمل أن يكون متعلقا بقوله "وأن يمس طيبا" فقط، فيكون التقدير إن وجد الطيب مسه، ويحتمل أن يتعلق به وبقوله "وأن يستن" فيكون التقدير: إن وجد السواك والطيب فعل، والأول أولى، لأنه الذي يتعذر، أما السواك فلا يتعذر غالبا، ثم رواية مسلم "ويمس من الطيب ما يقدر عليه" تؤكد هذا المعنى.
-[فقه الحديث]-
مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة أن هذا الغسل حق لصلاة الجمعة لا لليوم، لمزيد فضلها واختصاص الطهارة بها، ويصرح بهذا ما رواه مسلم "إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل" وما رواه البخاري "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" والمقصود إذا أراد المجيء، فلو اغتسل بعد الصلاة لم يعتبر غسلا للجمعة ولو اغتسل بعد الفجر أجزأه عند الشافعية والحنفية خلافا للمالكية والأوزاعي الذين استدلوا بتعليق الأمر بالغسل على المجيء فوجب أن يكون متصلا بالذهاب إلى الجمعة غير أن تقريب الغسل من وقت الذهاب للصلاة أفضل عند الجميع، لأنه يكون أوفى بالغرض من انتفاء الرائحة الكريهة حال الاجتماع في أثناء الصلاة. وإنما اقتصر في هذا الحديث على المحتلم لأنه الكثير الغالب فيمن يحضرون بخلاف الصبي فلا يتأكد الاغتسال في حقه كتأكده للبالغ وإن كان يسن له حيث أراد حضور الجمعة لحديث "إذا جاء أحدكم الجمعة -أي أراد مجيئها وإن لم تلزمه -فليغتسل" وخبر ابن حبان من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل والأمر في هذه الأحاديث للندب لا للوجوب. وقد أخذ الظاهرية بظاهر هذا الحديث والأحاديث الأخرى التي وردت بصيغة الأمر فقالوا بوجوب غسل الجمعة على الرجال. وحكي عن جماعة من السلف منهم أبو هريرة وعمار بن ياسر. وحكي عن أحمد في إحدى الروايتين عنه. قال الخطابي: ذهب مالك إلى إيجاب الغسل، وأكثر الفقهاء إلى أنه غير واجب وتأولوا الحديث على معنى الترغيب والتوكيد لأمره تشبيها له بالواجب في تأكيد الندبية أو واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة أو في الكيفية لا في الحكم، والذي حملهم على صرف الأمر عن الوجوب إلى الندب أخبار منها خبر "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل" وعلى ذلك فالغسل للجمعة سنة مؤكدة عند الشافعية والحنفية وجمهور المالكية وعند أحمد في إحدى الروايتين عنه.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
استدل من قال: إن الغسل لليوم لا للصلاة أخذا من الإضافة ولكن
الأحاديث التي ربطت الغسل بالذهاب إلى الجمعة تؤكد فساد هذا الرأي.
2 -
استحباب السواك والطيب يوم الجمعة، ولمن حضر صلاتها آكد وأبلغ.
3 -
استدل به على أن الجمعة غير واجبة على الصبيان.
4 -
استدل به بعضهم على سقوط الجمعة عن النساء، لأن الفروض تجب عليهن في الأكثر بالحيض، لا بالاحتلام وهذا مردود بأن الحيض يعدل الاحتلام، وإن سقطت الجمعة عنهن بحديث "لا جمعة على امرأة ولا صبي".
5 -
استدل به على أن الغسل حيث وجد يوم الجمعة كفى، ولو كان عن جنابة، لأن اليوم جعل ظرفا للغسل، وقال قوم: إن ليوم الجمعة غسلا مخصوصا، فلا يجزئ عن غسل الجمعة غسل الجنابة إلا بالنية، وقد أخذ بذلك أبو قتادة، إذ قال لابنه وقد رآه يغتسل يوم الجمعة "إن كان غسلك عن جنابة فأعد غسلا آخر للجمعة".
45 -
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".
-[المعنى العام]-
يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى طاعة الله، وتأدية فريضة الجمعة على أتم وجه، من الطهر، والنظافة ظاهرا وباطنا، فيخبر بأنه ما من عبد نظف بدنه وثيابه وتطهر وتجمل وادهن بطيب من بيته، ثم خرج إلى المصلى في هدوء وسكينة ووقار، فلم يزاحم أحدا، ولم يتخط رقاب الناس، بل جلس حيث انتهى به المكان، وصلى ما شاء له الله أن يصلي، ثم جلس مصغيا لما يقوله الخطيب، من عظات تطهر نفسه، وتكمل خلقه، وتعلمه شعائر دينه، وتفاصيل كتابه.
ما من مسلم يفعل ذلك إلا رضي الله عنه، وغفر له خطاياه التي اقترفها منذ الجمعة الماضية، إلى الجمعة الحاضرة، لأنه أحسن لقاء ربه، واستعد لفريضته أجمل استعداد، وأظهر آثار نعمة الله عليه، شكرا لما تفضل به عليه فكان جزاؤه أكرم جزاء {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}
-[المباحث العربية]-
(لا يغتسل رجل) أي لا ينظف جسمه كله بالماء تنظيفا شرعيا.
(ويتطهر ما استطاع من طهر)"ما" اسم موصول بمعنى الذي و"من طهر" بيان لما، وعطفه على الغسل إما للمبالغة في التنظيف، أو المراد التنظيف بأخذ الشارب والظفر وحلق العانة، أو المراد بالاغتسال غسل الجسد، وبالتطهر غسل الرأس وتنظيف الثياب.
(ويدهن من دهنه) بتشديد الدال من باب الافتعال، ومعناه يطلي الشعر
بالدهن أو الزيت، ليزيل شعث رأسه ولحيته.
(أو يمس)"أو" لأحد الشيئين، والمعنى إن لم يجد دهنا، يمس من طيب بيته، ويحتمل أن تكون بمعنى الواو، وقد روي كذلك فلا مانع من الجمع بينهما، بأن يدهن ويمس من طيب بيته.
(فلا يفرق بين اثنين) يفرق بضم الراء، أي يفصل بين اثنين، وهو كناية عن التبكير، أي عليه أن يبكر فلا يتخطى رقاب الناس، قال الكرماني، أو المعنى لا يزاحم رجلين فيدخل بينهما، لأنه ربما ضيق عليهما، خصوصا في شدة الحر واجتماع الناس.
(ما كتب له) معناه يحتمل وجهين، أحدهما أن المراد بما كتب له ما فرض عليه من صلاة الجمعة، والثاني أن معنى "ما كتب له" أي ما قدر له أن يصلي فرضا أو نفلا.
(ثم ينصت) بضم أوله أو بفتح أوله، والمعنى يسكت عن الكلام. قال الأزهري "أنصت ونصت وانتصت" ثلاث لغات بمعنى واحد.
(إذا تكلم الإمام) أي إذا شرع في الخطبة.
(ما بينه وبين الجمعة الأخرى) أي بين يوم الجمعة الحاضرة وبين يوم الجمعة الأخرى. ويحتمل أن تكون الماضية قبلها، أو المستقبلة بعدها، لأن الأخرى تأنيث الآخر بفتح الخاء.
-[فقه الحديث]-
إنما أضاف الطيب إلى البيت ليؤذن بأن السنة أن يتخذ الطيب لنفسه ويجعل استعماله عادة له، فيدخره في البيت، وهذا بناء على أن المراد بالبيت حقيقته. أما إن جعل كناية عن زوجته، كما صرح في حديث ابن عمر عند أبي داود بذلك "أو يمس من طيب امرأته" فالمعنى على هذا إن لم يتخذ لنفسه طيبا فليستعمل من طيب امرأته، ثم إن وجد عنده ثيابا أحسن من التي يلبسها فليتجمل بها، لما ورد في حديث ابن عمر أيضا: "ويلبس من
صالح ثيابه" وليتجه إلى المسجد بالسكينة والوقار، فلا يخاصم ولا يفرق بين اثنين، ولا يتكلم حين الخطبة، حتى يغفر الله له سيئاته، والمقصود غفران الذنوب الصغائر، لما زاده في حديث أبي هريرة عند ابن ماجه "ما لم تغش الكبائر" أي فإنها إذا غشيت لا تكفر، وليس المراد أن تكفير الصغائر مشروط باجتناب الكبائر لأن اجتنابها بمجرده يكفر الصغائر، قال تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} أي نمح عنكم صغائركم، ولا يلزم من ذلك أنه لا يكفر الصغائر إلا اجتناب الكبائر، بل يكفرها أمور أخرى كالتي هنا، فإن لم يكن للعبد أمور صغائر، رجي أن يكفر عنه بمقدار ذلك من الكبائر، وإلا أعطي من الثواب بمقدار ذلك، ولا حرج على فضل الله، وظاهر الحديث أنه لا يحصل التكفير المذكور إلا لمن جمع بين تلك الأمور من الغسل وما بعده، وعلى احتمال أن يكون المراد الجمعة المستقبلة فمعنى التكفير عدم المؤاخذة بالذنب إذا وقع، على حد قول الله تعالى {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}
-[ويستفاد من الحديث ما يأتي: ]-
1 -
استحباب الغسل للجمعة غسلا شرعيا.
2 -
استحباب التطهر، وتنظيف الثياب وأخذ الشارب والظفر وغير ذلك.
3 -
استحباب الادهان والتطيب.
4 -
كراهة التخطي لرقاب الناس يوم الجمعة. قال الشافعي "أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل إلى المصلى" وكان مالك لا يكره التخطي إلا إذا كان الإمام على المنبر.
5 -
مشروعية التنفل قبل صلاة الجمعة بما شاء، لقوله:"ثم يصلي ما كتب له" على أنها بمعنى ما قدر له.
6 -
طلب الإنصات إذا شرع الإمام في الخطبة، وحكمه أنه واجب لورود الأمر بذلك.
7 -
جواز النافلة نصف النهار "وقت الزوال" يوم الجمعة.
8 -
أن ما تقدم من الأمور السبعة المذكورة في الحديث يكفر الذنوب.
46 -
عن عمر رضي الله عنه أنه وجد حلة سيراء عند باب المسجد فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة؟ وللوفد إذا قدموا عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة" ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت! ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخا له بمكة مشركا".
-[المعنى العام]-
يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين، يجتمعون فيه مع مختلف مهنهم وثيابهم ونظافتهم، وإذا كان الإسلام قد دعا إلى الغسل يوم الجمعة ليلتقي المسلمون وقد أزالوا التفث والروائح المختلفة من العرق من أجسادهم، وإذا
كان قد دعا إلى استعمال السواك قبل اللقاء لإزالة مخلفات الفم، وإذا كان قد دعا إلى مس الطيب لتجميل الرائحة وتحسينها عند الاجتماع، فهو في هذا الحديث يدعو إلى تحسين الهيئة عند اللقاءات الكثيرة العدد، أو لقاءات ذوي الهيئات وأصحاب الجاه.
ومن المعلوم أن عامة المسلمين في صدر الإسلام لم يكن لهم ثياب متعددة وربما كان الواحد يغسل ثوبه، ويستتر بشيء ما حتى يجف ويلبسه، وكثيرا ما كان ثوب المهنة والعمل هو ثوب الجمعة والمناسبات لمن تعددت عنده الثياب مما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم "ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين [أي إزارا ورداء] لجمعته سوى ثوبي مهنته" كما دعا من يروح إلى الجمعة أن يلبس أحسن ثيابه وخيرها.
وكان عمر رضي الله عنه حريصا على أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس لباسا، كما هو خيرهم في الإنسانية، فرأى -وهو خارج من المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -رجلا يبيع ثيابا عند الباب، وفي يده حلة جميلة من الحرير فقال: يا رسول الله. لو اشتريت هذه الحلة الفاخرة فلبستها عند صلاة الجمعة، وعند لقائك بالوفود التي تأتيك من مختلف الجهات لكان خيرا ونظر الرسول صلى الله عليه وسلم للحلة فإذا هي من الحرير الخالص، والحرير في الإسلام محرم على الرجال، فقال لعمر: إنما يلبس هذه وأمثالها من حلل الحرير من لاحظ له ولا نصيب في الآخرة. فسكت عمر، ولعله لم يكن يعلم أن الحلة من الحرير الممنوع، أو لم يكن يعلم حكم لبس الحرير، أو لم يكن حرم الحرير على الرجال من قبل هذا اليوم. وبعد فترة من الزمن جاءت هدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها حلل مثل التي قيل فيها ما قيل، فوزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها حلل مثل التي قيل فيها ما قيل، فوزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خاصة أصحابه ومنهم عمر. فقال عمر: يا رسول الله. هذه. مثل التي قلت عنها: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة؟ فكيف تهديها إلي لألبسها؟ قال: ما أهديتها لك لتلبسها، وإنما لتلبسها نساءك أو بناتك، أو تهديها غيرك، فتنتفع بها بغير لبسك، فأهداها عمر أخا له كان بمكة مشركا.
-[المباحث العربية]-
(حلة) هي الإزار والرداء، ولا تكون حلة حتى تكون ثوبين، وقال ابن التين: لا تكون حلة حتى تكون جديدة، سميت بذلك لحلها عن طيها.
(سيراء) بكسر السين وفتح الياء، أي حرير خالص، وسميت سيراء لما فيها من الخطوط التي تشبه السيور، وقد ضبطت مضافة إلى "حلة"، كثوب خز وبتنوين "حلة" و"سيراء" صفة أو بدل.
(لو اشتريت)"لو" يجوز أن تكون للشرط، ويكون جوابها محذوفا تقديره لكان حسنا، ويجوز أن تكون للتمني فلا تحتاج إلى جواب.
(فلبستها يوم الجمعة) كما أمرت بجعل خير الثياب للجمعة.
(وللوفد إذا قدموا عليك) الوفد جماعة من القوم يفدون على الأمير ونحوه وهو جمع وافد، وهو القادم، رسولا أو زائرا أو غير ذلك، وهو مجرور باللام، أي فلبستها لأجل وقت قدومه عليك.
(إنما يلبس هذه) الإشارة للحلة الحرير، وليس المقصود تلك بالذات، بل كل ما كان من حرير بحت، فالمقصود المشار إليه وأمثاله.
(من لا خلاق له) أي من لاحظ ولا نصيب له من الحرير في الآخرة.
(منها حلل) أي من أمثالها من الحرير الخالص.
(وقد قلت في حلة عطارد ما قلت) الواو للحال، والجملة التي بعدها حالية و"ما قلت" أي ما قلته، من أنه يلبسها من لا خلاق لهم، وأتى بلفظ "ما" الدال على العموم للتهويل في الوعيد، "وعطارد" بضم العين وكسر الراء وتنوين آخره، صاحب الحلة، وهو ابن الحاجب بن زرارة التميمي، قدم في وفد تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم، وله صحبة وحلته هذه هي التي كانت تباع بباب المسجد.
(فكساها عمر أخا له بمكة)"أخا" مفعول أول: و"ها" مفعول ثان مقدم
و"له" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ "أخا" و"بمكة" متعلق بمحذوف صفة أخرى.
(مشركا) صفة أخرى، أو حال من الضمير المستكن في متعلق الجار والمجرور "بمكة".
-[فقه الحديث]-
ظاهر من الحديث أن الحرير محرم على الذكور والإناث، لقوله "إنما يلبس هذه من لا خلاق له" ولكن هذا الحديث مخصص بأحاديث أخرى صحيحة تدل على إباحة الحرير للنساء، ولا يدل قوله:"فكساها عمر أخا له بمكة مشركا" على جواز لبس المشركين للحرير لأنه يقال كساه إذا أعطاه كسوة سواء لبسها أم لا، فعمر أهداها لأخيه من أمه المشرك لينتفع بها، ولا يلزم من ذلك لبسها، على أن هناك خلافا أصوليا في: هل الكافر مخاطب بفروع الشريعة؟ أو غير مخاطب؟ قيل إنه كان أخاه من الرضاع واسمه عثمان بن حكيم، وقيل هو أخو أخيه؟ زيد بن الخطاب "لأمه" أسماء بنت وهب" واختلف في إسلامه. وفي رواية للبخاري أرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم، وهذا يدل على إسلامه بعد ذلك.
-[ونأخذ من الحديث ما يأتي: ]-
1 -
أن الحرير حرام لبسه على الرجال، قال القرطبي: اختلف الناس في لباس الحرير، فمن مانع، ومن مجوز على الإطلاق، والجمهور من العلماء على منعه للرجال.
2 -
جواز البيع والشراء على أبواب المساجد.
3 -
جواز أن يباشر الصالحون والفضلاء البيع والشراء.
4 -
جواز أن يمتلك المسلم ما لا يجوز لبسه له، ويجوز له إهداؤه إلى الغير ممن يحل له لبسه.
5 -
جواز صلة الأقارب الكفار والإحسان إليهم.
6 -
جواز تقديم هدية الحرير أو الذهب إلى الرجال، لأن ذلك لا يلزمهم باستعمالها، بل ينتفعون بها في وجوه أخرى.
7 -
جواز عرض المفضول على الفاضل ما يحتاج إليه من مصالحه التي لا يذكرها أخذا من عرض عمر على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يشتري الحلة.
8 -
أن من لبس الحرير في الدنيا يحرم منه في الآخرة، غير أن الحديث مخصوص بالرجال لقيام أدلة أخرى بإباحته للنساء.
9 -
ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من السخاء والجود وصلة الإخوان.
10 -
استحباب لبس الثياب الحسنة والتجمل يوم الجمعة وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: باب يلبس أحسن ما يجد وأفضل الألوان البياض لحديث "البسوا من ثيابكم البياض" والسنة أن يزيد الإمام في حسن الهيئة والعمة والارتداء.
47 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة".
-[المعنى العام]-
الإسلام دين النظافة، ودين المحافظة على الصحة، ودين الألفة والمحبة بين أعضاء المجتمع، أهداف جليلة تتحقق من عمل سهل يسير، أهداف عملاقة يغرسها عود الأراك المسمى بالسواك، مطهرة للفهم من فضلات الطعام، مزيل للروائح الكريهة والمتخلفة عن بعض الأطعمة، مغير للرائحة المنبعثة من أبخرة المعدة، أو من خلل في اللثة وقواعد الأسنان، ومنظف للأسنان وللسان من الألوان الغريبة، والصفرة الطارئة، ثم هو بعد ذلك يحفظ الفم من كثير من الأمراض، ويحفظ الأضراس من نخر السوس، ويحفظ اللثة من الضعف أو التشقق، ويحفظ المعدة من عفونات الطعام التي تتخلف بدونه بين الأسنان.
وبالرائحة الطيبة، والنظافة الظاهرة تتم المودة والألفة بين الناس. تلك بعض فوائد السواك الدنيوية، التي لا تقاس بالفوائد الأخروية، لقد جاءت الشريعة بأن السواك مرضاة للرب، فطلبت استعماله في مختلف الأوقات وعلى أي الحالات، وشددت طلبه في مواطن الإقبال على العبادة، ومواطن الاجتماع بالناس. ولولا الرفق بالمؤمنين لكان السواك فرضا عليهم عند كل وضوء، وعند كل صلاة.
-[المباحث العربية]-
(لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس-) في رواية لمسلم "لولا أن أشق على المؤمنين" فالمراد من الأمة ومن الناس المؤمنون، لأنهم الذين تتوجه إليهم أوامر الدين الفرعية على الصحيح، والشك هنا من الراوي في أي اللفظين صدر. و"لولا" حرف امتناع لوجود، أي حرف يدل على انتفاء
الشيء لوجود غيره، والمصدر المنسبك من "أن" والفعل في محل رفع بالابتداء، وفيه مضاف محذوف، والخبر محذوف وجوبا، وجواب "لولا""لأمرتهم" والتقدير لولا خوف المشقة على المؤمنين موجود لأمرتهم بالسواك، فانتفى وامتنع الأمر الإيجابي بالسواك لوجود خوف المشقة.
(لأمرتهم بالسواك) قال أهل اللغة: السواك بكسر السين يطلق على الفعل وعلى العود الذي يتسوك به، يقال: ساك فمه يسوكه سوكا، فإذا قلت: استاك لم يذكر الفم، وجمع السواك سوك بضمتين، مثل كتاب وكتب وقال بعضهم يجوز أيضا سؤك بالهمز، والسواك مأخوذ من ساك إذا دلك، وهو في اصطلاح استعمال عود أو نحوه في الأسنان لتذهب عنها الصفرة والتغيير.
-[فقه الحديث]-
في السواك وردت أحاديث كثيرة منها:
1 -
روى البخاري عن أبي هريرة مرفوعا "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء".
2 -
وروى أحمد والنسائي والترمذي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب".
3 -
وروى الطبراني في الأوسط "نعم السواك الزيتون، من شجرة مباركة يطيب الفم، ويذهب بالحفر، وهو سواكي، وسواك الأنبياء من قبلي" والحفر داء يفسد أصول الأسنان.
4 -
وعند أحمد عن عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ، إلا يتسوك قبل أن يتوضأ".
5 -
وروى الحاكم والبيهقي "لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك مع الوضوء".
وقد حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على السواك محافظة جعلت الشافعية والمالكية
يقولون بوجوبه عليه صلى الله عليه وسلم وقد يستندون أيضا إلى ما رواه البيهقي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث هم علي فريضة، وهن لكم تطوع، الوتر والسواك وقيام الليل".
والجمهور على أنه لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم ويردون على حديث البيهقي بأنه ضعيف، وأنه معارض لما رواه ابن ماجه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك، حتى خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي". وبما رواه أحمد بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي".
وإذا جاوزنا حكم السواك بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجدنا العلماء يتفقون على أنه سنة لعامة المسلمين، ليس بواجب في حال من الأحوال، لا في الصلاة، ولا في غيرها بإجماع من يعتد به في الإجماع، كما قال النووي. وحكي عن داود الظاهري أنه أوجبه للصلاة، لكن إن تركه لا تبطل صلاته وحكي عن إسحاق بن راهوية أنه قال: هو واجب، فإن تركه عمدا بطلت صلاته.
ثم إن السواك المستحب في جميع الأوقات يكون أشد استحبابا في خمسة أوقات. عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند قراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند تغير الفم، من أكل، أو شرب، أو طول سكوت، أو طول كلام، أو طول عدم الطعام والشراب.
ومذهب الشافعية كراهة السواك للصائم بعد زوال الشمس لئلا يزيل رائحة الخلوف المستحبة، وفي نقل ذلك عن الشافعي خلاف، بل حمل بعض الشافعية أنفسهم على هذا القول.
كما حمل الفقهاء على بعض المالكية القائلين بكراهة الاستياك في المسجد لاستقذاره وتنزيه المسجد عنه، وحملوا أيضا على بعض الحنفية الذين قالوا: يكره الاستياك عند الصلاة، لأنه قد يخرج الدم فينقض الوضوء.
أما بم؟ وكيف يستاك؟ فأفضله عود الأراك، ثم عود الزيتون، ثم عود أي شجر يصلح لذلك من طيب الرائحة، وحسن أن يكون في غلظ الخنصر، وأن لا يكون شديد اليبس ولا رطبا، وفرشاة الأسنان المعروفة تقوم مقامه ومعجون الأسنان مستحسن، بل قال بعض العلماء: إن العلك [اللبان] يقوم مقامه بالنسبة للنساء. وكيفيته الكاملة أن يمسكه باليمين، وأن يكون خنصرها أسلفه، والبنصر والوسطى والسبابة فوقه، والإبهام أسفل رأسه -كما رواه ابن مسعود -وأن يغسله ويرطبه قبل استعماله، وأن يمر به على الأسنان طولا وعرضا، وأن يمر به على اللسان، وعلى طرف الأسنان وكراسي الأضراس، وسقف الحلق، وأن يستعمله برفق حسب الاستعداد لئلا يدمي اللثة، ويستاك حتى يطمئن لزوال النكهة، ونظافة الفم.
والأفضل أن لا يستاك بحضرة الغير، وأن يتمضمض بعده، وأن لا يستعمل سواك غيره.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الرفق بأمته والشفقة عليها.
2 -
قال المهلب: فيه جواز الاجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه فيه نص لكونه جعل المشقة سببا لعدم أمره.
3 -
أخذ منه بعضهم أن أمر الشارع إذا أطلق ينصرف إلى الوجوب، وهو مذهب أكثر الفقهاء، لأنه صلى الله عليه وسلم قال "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم" والسواك مسنون بالاتفاق، فدل على أن المتروك إيجابه، لأنه نفي الأمر مع ثبوت الندبية.
4 -
وعلى أن الطلب على وجهة الندب ليس بأمر حقيقة.
5 -
والحديث بعمومه يدل على استحباب السواك للصائم بعد الزوال، خلافا للشافعية.
6 -
وضع البخاري هذا الحديث تحت كتاب الجمعة كظاهرة من المظاهر المستحبة في الجمعة، كالغسل والتطيب ولبس أحس الثياب، وبما أنه مستحب آكد استحباب عند كل صلاة، فإن صلاة الجمعة تزيد تأكيد استحبابه، لكثرة المجتمعين لها. والله أعلم.
48 -
عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: "كان النداء يوم الجمعة: أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء".
-[المعنى العام]-
شرع الله الأذان للإعلام بدخول وقت الصلاة، وقد كان المسلمون قبل أن يشرع يجتمعون في المسجد فيتحينون الصلاة، ويقدرون حينها ووقتها، فإذا ما قرروا دخول الوقت قاموا فصلوا، فلما كثر المسلمون وانشغلوا في المدينة بمشاغل الحياة فكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفكر معه صحابته في وسيلة يعلم بها الناس بدخول وقت الصلاة، ليجتمعوا لها، فكان الأذان.
وتقريرا لهذه الغاية، وانطلاقا من هذا الدافع قرر عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يؤذن للجمعة إعلاما بدخول وقتها، على مكان عال قريب من المسجد غير أذانها الأصلي الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وعمر، والذي كان ينادي به حين يجلس الخطيب على المنبر، بجوار المنبر أو على باب المسجد، قرر عثمان هذا الأذان حين كثر الناس في
المدينة، وزاد انشغالهم بدنياهم عن المكث في المسجد، والحق أن دوافع عثمان لهذا الأذان هي دوافع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته للبحث عن وسيلة يعلمون بها عن وقت الصلاة ليجمعوا الناس، فعثمان وإن ابتدع المظهر لكنه يوافق ويحقق هدف الشريعة الإسلامية. لذا أقره الصحابة، ولم يعترض على فعله أحد، واستمر العمل على هذا عند جماهير المسلمين حتى اليوم. رضي الله عنه وأرضاه.
-[المباحث العربية]-
(كان النداء يوم الجمعة) أي الأذان الذي ذكره الله تعالى في قوله: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} أي إذا أذن لها فامضوا إليها {وذروا البيع}
(أوله) بالرفع بدل من اسم كان، أي ابتداؤه.
(إذا جلس الإمام على المنبر) وفي رواية "كان الأذان أذانين. إذا خرج الإمام وإذا أقيمت الصلاة".
(فلما كان عثمان) خبر كان محذوف، والتقدير فلما كان عثمان خليفة. أو "كان" تامة، و"عثمان" فاعلها، أي فلما تولى عثمان رضي الله عنه.
(وكثر الناس) أي بالمدينة.
(النداء الثالث) الأذان الذي يكون عند دخول الوقت، قبل خروج الإمام ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت، وسماه ثالثا باعتبار كونه مزيدا على الأذان والإقامة، وإن كان أولا باعتبار الوجود، وسميت الإقامة أذانا على سبيل التغليب لاشتراكها معه في الإعلام بالصلاة.
(الزوراء) بفتح الزاي وسكون الواو موضع بسوق المدينة قيل: إنه مرتفع كالمنارة وقيل حجر عند باب المسجد، وقيل دار لعثمان.
-[فقه الحديث]-
إنما أمر عثمان بالنداء الأول على الزوراء لإعلام الناس بدخول وقت
الصلاة قياسا على بقية الصلوات، فألحق الجمعة بها، وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب، وذلك حينما رأى كثرة المسلمين بالمدينة، وتشاغلهم بأعمالهم مع تباعد منازلهم، ووافق سائر الصحابة له بالسكوت وعدم الإنكار، وعلى ذلك فأول من زاد الأذان بالمدينة هو عثمان بن عفان، والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك، لكونه خليفة مطاع الأمر، لكن ذكر بعضهم أن أول من أحدث الأذان الزائد بمكة هو الحجاج، وبالبصرة هو زياد، والصحيح الأول، كما ورد أن عمر هو الذي زاد الأذان، والظاهر أن عمر كان يدعو الناس إلى الجمعة، من غير أن يؤذن لها، وجاء في رواية "فأمرعثمان بالنداء الأول" ولا منافاة بين الروايتين لأن الزائد عما كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول باعتبار الإيجاد، حيث يؤذن به عند دخول وقت الظهر وثالث باعتبار شرعيته لأنه أحدث بعد الأولين باجتهاد عثمان وموافقة سائر الصحابة بالسكوت وعدم الإنكار. قال الحافظ ابن حجر: وأما ما أحدثه الناس قبل وقت الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو في بعض البلاد دون بعض، واتباع السلف الصالح أولى. اهـ.
-[ويستفاد من الحديث ما يأتي: ]-
1 -
أن جلوس الإمام على المنبر قبل الخطبة ثابت شرعا، وهو سنة عند مالك والشافعي والجمهور، خلافا لبعض الحنفية، واختلف في علته، فقيل: لراحة الخطيب، وقيل: من أجل الأذان بين يديه، وعليه لا يسن الجلوس في العيد، إذ لا أذان هناك، وقيل لتسكين اللغط والتهيؤ للإنصات، وإحضار الذهن لسماع الخطبة.
2 -
التأذين قبيل الخطبة حين يجلس الإمام على المنبر.
3 -
أن خطبة الجمعة سابقة على صلاتها، ووجهه أن الأذان لا يكون إلا قبل الصلاة. وإذا كان يقع حين يجلس الإمام على المنبر دل على سبق الخطبة على الصلاة.
4 -
فيه دلالة على مشروعية ما يفعله عامة المسلمين هذه الأيام من التأذين أولا على المنارة مثلا، ثم التأذين بين يدي الإمام، ثم الإقامة للصلاة عند نزوله بعد الخطبة خلافا لمنكري ذلك من طوائف.
49 -
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال: "أصليت يا فلان؟ قال: لا قال قم فاركع".
-[المعنى العام]-
في المسجد النبوي بالمدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب خطبة الجمعة دخل سليك الغطفاني. دخل الرجل الفقير في ثوب رث، وهيئته تدعو إلى الشفقة والعطف، دخل فجلس، ورآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يعرفه فرق لحاله، وأراد أن يراه الناس واقفا وهم جلوس، وانتهز فرصة أنه لم يصل ركعتي تحية المسجد فناداه: يا سليك، أصليت ركعتين؟ قال: لا. قال: قم فصل ركعتين، وتجوز فيهما، وخففهما، قام فصلى، فرآه الصحابة وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث المسلمين في خطبته على الصدقة، وفطن أهل الخير
والفضل، فتلقى سليك ثوبين، فجاء بهما في الجمعة الأخرى، وحاول أن يهدي أحدهما فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته هاديا ومرشدا وموجها ورفيقا ورحيما، وصدق الله العظيم حيث يقول فيه {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}
-[المباحث العربية]-
(جاء رجل) أي دخل المسجد رجل واسمه سليك بصيغة التصغير، ابن هدية، وقيل: ابن عمرو الغطفاني، ففي مسلم "جاء سليك الغطفاني".
(يخطب الناس) هم الناس الموجودون بالمسجد فأل فيه للعهد.
(فقال) الفاء عاطفة على محذوف، والتقدير فجلس الرجل، فقال النبي له "قم
…
" كما يدل عليه رواية مسلم "جاء سليك قبل أن يصلي، فقال له: "
(أصليت يا فلان؟ ) في رواية الأكثرين "صليت يا فلان"؟ يحذف همزة الاستفهام مع إرادته.
(يا فلان) كناية عن الرجل الداخل وهي من الراوي، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عينه طبعا عند النداء فقال: يا سليك.
(فاركع) أي فصل، وعبر عن الصلاة بالركوع مجازا مرسلا، لأن الركوع أهم أجزائها، ويدل على ذلك رواية "فصل" وفي رواية "فاركع ركعتين".
-[فقه الحديث]-
استدل بهذا الحديث الفقهاء من المحدثين والشافعية والحنابلة على أن من دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب على المنبر، يندب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ويكره الجلوس قبل أن يصليهما، وليخفف فيهما وجوبا، ليسمع الخطبة، والمراد بالتخفيف الاقتصار على الواجبات لا
الإسراع ومنع المالكية والحنفية هاتين الركعتين والإمام يخطب، لأنه معارض بقوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت" متفق عليه. فإذا امتنع الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغي بالإنصات، مع قصر زمنه فمع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى، كما استدلوا على منع هاتين الركعتين بأنه عليه الصلاة والسلام قال للذي دخل المسجد يتخطى رقاب الناس "اجلس فقد آذيت" فقد أمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية، وأجابوا عن قصة سليك بأنها واقعة عين لا عموم لها فتختص بسليك، واستدلوا بما في بعض طرق الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال "صل ركعتين" وحض على الصدقة فأمره أن يصلي ليراه بعض الناس وهو قائم فيتصدق عليه، ولأحمد:"وإن هذا الرجل في هيئة بذة فأمرته أن يصلي ركعتين، وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه". كما استدلوا أيضا بأن تحية المسجد تفوت بالجلوس، وقد جلس سليك، ولو قصد التحية ما أمره بالقيام بعد أن جلس.
ورد عليهم الشافعية والحنابلة بأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بقصد التصدق عليه لا يمنع القول بجواز التحية. وقد ورد ما يدل على عدم الانحصار في قصد التصدق وهو أنه عليه الصلاة والسلام أمره بالصلاة في الجمعة الثانية، فإن هذا الرجل لما جلس في الجمعة الأولى، أمره الرسول أن يقوم فيصلي، ثم جلس في الجمعة التي تليها فأمره أن يقوم فيصلي، ولم يكن المقصود في المرة الثانية توجيه أنظار الناس إليه للتصدق عليه بعد أن حصل له ثوبان في الأولى فدخل في الثانية، فتصدق بأحدهما فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ومما يقوي هذا الرد ويضعف استدلالهم أن قصد التصدق لو كان العلة لجاز التطوع عند طلوع الشمس وسائر الأوقات المكروهة لمثل هذه العلة ولا قائل به.
كما أجابوا عن فوات تحية المسجد بالجلوس، بأن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس جهلا أو نسيانا. وجلوس هذا الداخل أولا محمول على الجهل وثانيا محمول على النسيان. كما تأول الشافعية والحنابلة قوله عليه الصلاة والسلام
للذي يتخطى رقاب الناس "اجلس" بأنه معناه لا تتخط، وليس معناه نهيه عن صلاة تحية المسجد، أو بأنه عليه الصلاة والسلام ترك أمره بالتحية لبيان الجواز، فإنها ليست واجبة، أو لأن دخوله المسجد كان في آخر الخطبة بحيث لو اشتغل بالصلاة فاتته أول الجمعة مع الإمام، أو أنه كان قد صلاها في آخر المسجد ثم تقدم ليقرب من سماع الخطبة، فوقع منه التخطي فأنكر عليه، أما الآية فالمعارضة بها لا تسلم، إذ ليست الخطبة كلها قرآنا، على أن مصلي التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت، وأما حديث اللاغي فلا تقاس عليه التحية، لأن قائل "انصت" يشوش على الخطبة بخلاف المصلي.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
جواز صلاة التحية في الأوقات المكروهة، لأنها لم تسقط في حال الخطبة مع الأمر بالإنصات لها فغيرها أولى.
2 -
أن للخطيب أن يأمر في خطبته، وينهى ويبين الأحكام المحتاج إليها ولا يقطع ذلك التوالي المشروط فيها، بل كل ذلك يعد من الخطبة.
3 -
أن المسجد شرط للجمعة للاتفاق على أنه لا تشرع التحية لغير المسجد.
4 -
جواز رد السلام وتشميت العاطس في حال الخطبة، لأن أمرهما أخف وزمنهما أقصر، ولا سيما السلام فإنه واجب عند الشافعي.