المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الحيض 15 - عن عائشة رضي الله عنها "أن امرأة - المنهل الحديث في شرح الحديث - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

الفصل: ‌ ‌كتاب الحيض 15 - عن عائشة رضي الله عنها "أن امرأة

‌كتاب الحيض

15 -

عن عائشة رضي الله عنها "أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل؟ قال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها قالت: كيف أتطهر بها؟ قال تطهري بها قالت: كيف؟ قال سبحان الله! تطهري فاجتبذتها إلي فقلت تتبعي بها أثر الدم".

-[المعنى العام]-

شجع الإسلام المرأة أن تخرج إلى المسجد، وأن تسعى لطلب العلم، وطلب من الرجال أن يأذنوا لنسائهم في الخروج، لتتمكن من أداء رسالتها وفهم أمور دينها، ودخلت المرأة ميدان الثقافة، وتحولت عن ميدان الجهالة.

تلك أسماء الأنصارية التي لم يمنعها الحياء الذي جبلت عليه المرأة من أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخص شئونها، وعما تستحي منه قريناتها، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام زوجه عائشة رضي الله عنها، فقالت: يا رسول الله كيف أغتسل من حيضي؟ كيف أتطهر؟ إن الغسل من الجنابة ومن الحيض كان معلوما، غير مجهول لأسماء، حتى تسأل عن كيفيته، لكنها كانت مؤدبة مهذبة في سؤالها، إنها قصدت ما وراء الغسل من نقاوة لمكان الحيض وفهم الرسول الفطن صلى الله عليه وسلم، لكنه كان أكثر منها أدبا، فأجاب عن الشيء، ثم أتبعه مستلزماته المقصودة، قال: تأخذ إحداكن ماء غسلها، ومواد نظافتها فتغسل مواطن النجاسة، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، ثم تصب على رأسها الماء

ص: 71

وتدلكه، وتدخل أصابعها في أصول شعرها، ثم تصب الماء على جسدها، ثم تأخذ قطعة من قطن أو صوف، وتضع عليها شيئا من المسك أو الطيب فتتطهر بها، ولما كان التطهر في فهم أسماء عبارة عن الوضوء والغسل تعجبت: كيف تتطهر بقطعة القطن الممسكة؟ لكن حياءه صلى الله عليه وسلم جعله يقول: سبحان الله. كيف لا تفهمين بالإشارة؟ تطهري بها، وغطى وجهه بيديه، وفهمت عائشة مقصده وحياءه، فجذبت أسماء بعيدا، وأسرت إليها في أذنها، بمنتهى الأدب وطهارة اللفظ قالت: تتبعي بها أثر الدم وامسحي بها المكان الذي خرج منه الدم، وفهمت أسماء وقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من أن يتفقهن في الدين.

-[المباحث العربية]-

(أن امرأة سألت) هي أسماء بنت شكل الأنصارية المصرح باسمها في بعض الروايات.

(عن غسلها من المحيض) أي على أي صفة؟ وأي حالة يكون؟ والمحيض مصدر كالحيض.

(فأمرها كيف تغتسل) أي علمها كيفية الغسل، وقد صرح به في الروايات الصحيحة قال "تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر، فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها، فتدلكه دلكا شديدا، حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة .... إلخ".

(خذي فرصة من مسك)"فرصة" بكسر الفاء وسكون الراء وفتح الصاد وحكى بعض اللغويين تثليث الفاء، وهي القطعة من الصوف أو القطن، والمسك هو الطيب المشهور، والمقصود أن تأخذ قطعة مطيبة بطيب وتستعملها في الفرج، لتغير بها الرائحة الكريهة المتخلفة عن دم الحيض.

(فتطهري بها) أي فتنظفي بها. فالمراد من التطهر المعنى اللغوي.

(كيف أتطهر بها؟ ) أي بالفرصة؟ وإنما قالت ذلك لأنها فهمت أن المراد بالتطهير الغسل.

ص: 72

(فاجتذبتها) أي شددتها إلي، وأخذتها ناحيتي. وروي "فاجتبذتها" وهي بمعنى "فاجتذبتها".

(تتبعي بها أثر الدم) أي مكان أثر الدم.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: السنة في حق المغتسلة من الحيض، أن تأخذ شيئا من مسك فتجعله في قطنة أو خرقة أو نحوها، وتدخلها في فرجها، بعد اغتسالها ويستحب هذا للنفساء أيضا، لأنها في معنى الحائض. وذهب بعض العلماء إلى استحباب تطيب ما حول الفرج من الخارج مع الداخل لأن الدم يصيب هذه الأماكن.

والحكمة في استعمال المسك تطيب المحل، ورفع الروائح الكريهة وقيل: لأنه يؤدي إلى سرعة العلوق والحمل، وهذا بعيد أو باطل، لأنه يقتضي أن يخص بذلك ذات الزوج الحاضر، الذي يتوقع جماعه في الحال، مع أنه مستحب لكل مغتسلة من الحيض أو النفاس، سواء ذات الزوج وغيرها، فإن لم تجد مسكا استعملت أي طيب، فإن لم تجد طيبا استحب لها أن تستعمل أي شيء مكانه يزيل الرائحة الكريهة، فإن تركت الطيب مع التمكن كره لها وإن لم تتمكن فلا كراهة.

-[ويؤخذ من الحديث: ]-

1 -

سعي النساء لتعلم أحكام الدين.

2 -

سؤال المرأة الرجل العالم عن أحوالها التي تحتشم منها، وأنه لا حياء في الدين.

3 -

التسبيح عند التعجب من الشيء واستعظامه.

4 -

استحباب استعمال الكنايات فيما يتعلق بالعورات.

5 -

الاكتفاء بالتعريض والإشارة في الأمور المستهجنة.

ص: 73

6 -

الاستحياء عند ذكر ما يستحيا منه، ولا سيما ما يذكر من ذلك بحضرة الرجال والنساء.

7 -

تفسير كلام العالم بحضرته، لمن خفي عليه، إذا عرف أن ذلك يعجبه.

8 -

الأخذ عن المفضول بحضرة الفاضل.

9 -

الرفق بالمتعلم، وإقامة العذر لمن لم يفهم.

10 -

حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه وحيائه.

ص: 74