الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَالَيْهِمَا، وَمَا لَوِ اصْطَادَ اثْنَانِ صَيْدًا بِشَرَكٍ نَصَبَاهُ، أَوْ أَحْيَيَا أَرْضًا مَوَاتًا.
ب - وَالاِضْطِرَارِيَّةُ، أَوِ الْجَبْرِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ دُونَ إِرَادَةِ أَحَدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ: كَمَا لَوِ انْفَتَقَتِ الأَْكْيَاسُ، وَاخْتَلَطَ مَا فِيهَا مِمَّا يَعْسُرُ - إِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ - فَصْل بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ لِتَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُ، كَبَعْضِ الْحُبُوبِ. أَمَّا إِذَا وَقَعَ الْخَلْطُ بِفِعْل أَحَدِ الشُّرَكَاءِ، دُونَ إِذْنِ بَاقِيهِمْ، فَقَدْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْخَالِطَ يَمْلِكُ مَا خَلَطَهُ بِمَال نَفْسِهِ، وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْمِثْل لِتَعَدِّيهِ، أَيْ فَلَا شَرِكَةَ (1) .
وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَاّ فِي مِثْل مَسْأَلَةِ: تَمَلُّكِ شَخْصٍ: مَال غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ الاِسْتِبْدَادِ بِخَلْطِهِ بِمَال نَفْسِهِ، بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ، أَوْ يَشُقُّ وَيَعْسُرُ تَمْيِيزُهُمَا، فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لِلآْخَرِ بَدَلُهُ، وَقَال بِذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَمَعَهُ جَمَاهِيرُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَال: إِنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَال الشَّافِعِيِّ اعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، بَعْدَ أَنْ قَيَّدُوهُ فِي الأَْوْجَهِ بِامْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ فِيمَا مَلَكَ بِالْخَلْطِ، حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ؛ لأَِنَّ الَّذِي مَلَكَهُ
(1) رد المحتار 3 / 344، والإتحاف بأشباه ابن نجيم 448.
كَذَلِكَ، لَوْ كَانَ مَلَكَهُ بِمُعَاوَضَةٍ رِضَائِيَّةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَرْضَى صَاحِبُهُ بِذِمَّتِهِ، فَأَوْلَى إِذَا مَلَكَهُ بِدُونِ رِضَاهُ.
وَمِنْ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ، مَنْ يُنْكِرُ هَذَا التَّمَلُّكَ الْقَسْرِيَّ، وَيَجْعَل الْمَال مُشْتَرَكًا: كَمَا هُوَ أَحَدُ أَقْوَال الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ، وَأَطَال فِي الاِنْتِصَارِ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَجَمَاهِيرُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ (1) .
أَحْكَامُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ:
4 -
الأَْصْل أَنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِ الآْخَرِ. لأَِنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ لَا تَتَضَمَّنُ وَكَالَةً مَا، ثُمَّ لَا مِلْكَ لِشَرِيكٍ مَا فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ آخَرَ. وَالْمُسَوِّغُ لِلتَّصَرُّفِ إِنَّمَا هُوَ الْمِلْكُ أَوِ الْوِلَايَةُ (2) وَهَذَا مَا لَا يُمْكِنُ تَطَرُّقُ الْخِلَافِ إِلَيْهِ.
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَلِي:
5 -
1 - لَيْسَ لِشَرِيكِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ شَيْءٌ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ التَّعَاقُدِيَّةِ:
(1) نهاية المحتاج وحواشيها 5 / 14، 184 و 187، وبلغة السالك 2 / 165 و 213، 319، 320، وبداية المجتهد 2 / 319، ومغني المحتاج 2 / 292، والشرقاوي على التحرير 2 / 109، والمغني لابن قدامة 5 / 410، ومطالب أولي النهى 3 / 494.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 65، ورد المحتار 3 / 343.
كَالْبَيْعِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالإِْعَارَةِ وَغَيْرِهَا، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ هَذَا. فَإِذَا تَعَدَّى فَآجَرَ، مَثَلاً، أَوْ أَعَارَ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوِ الْمُسْتَعِيرِ، فَلِشَرِيكِهِ تَضْمِينُهُ حِصَّتَهُ وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ (1) .
6 -
2 - لِكُل شَرِيكٍ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ لِشَرِيكِهِ، أَوْ يُخْرِجَهُ إِلَيْهِ عَنْ مِلْكِهِ عَلَى أَيِّ نَحْوٍ، وَلَوْ بِوَصِيَّةٍ، إِلَاّ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا يُوهَبُ دُونَ قِسْمَةٍ، مَا لَمْ يَكُنْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا. وَسَيَأْتِي اسْتِثْنَاءُ حَالَةِ الضَّرَرِ. هَكَذَا قَرَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ مَحَل وِفَاقٍ - إِلَاّ أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ سَائِغَةٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ أَهْل الْعِلْمِ بِإِطْلَاقٍ: كَمَا قَرَّرَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ لَا تَجُوزُ - بِمَعْنَى عَدَمِ إِثْبَاتِ مِلْكٍ نَاجِزٍ - فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الإِْفْرَازِ ثُمَّ التَّسْلِيمِ (2) .
7 -
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ - فِي غَيْرِ
(1) المادة 1075 من المجلة، وحواشي تحفة ابن عاصم 2 / 216، ونهاية المحتاج 5 / 2، 185، ومطالب أولي النهى 3 / 494.
(2)
رد المحتار 3 / 346، وفتح القدير 7 / 123، والعناية على الهداية 7 / 121، بداية المجتهد 2 / 329، البجيرمي على المنهج 3 / 216.
حَالَةِ الضَّرَرِ الآْتِيَةِ - بِدُونِ إِذْنٍ مِنْهُ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ حَالَةً وَاحِدَةً: هِيَ حَالَةُ اخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ دُونَ شُيُوعٍ - لِبَقَاءِ كُل مَالٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ عَسُرَ تَمْيِيزُهُ، أَوْ تَعَذَّرَ: سَوَاءٌ كَانَ اخْتِلَاطًا عَفْوِيًّا، أَمْ نَتِيجَةَ خَلْطٍ مَقْصُودٍ مِنْ جَانِبِ الشُّرَكَاءِ.
فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ: أَيْ حَالَةِ اخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ دُونَ شُيُوعٍ: لَا بُدَّ مِنْ إِذْنِ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ لِيَصِحَّ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ، مَا دَامَ الْمَال شَرِكَةً بَيْنَهُمَا لَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ (1) .
وَسِرُّ التَّفْرِقَةِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ هَذِهِ الْحَالَةِ، حَيْثُ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْبَيْعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ عَلَى إِذْنِهِ، وَبَيْنَ غَيْرِهَا، حَيْثُ لَا يُوجَدُ هَذَا التَّوَقُّفُ، أَنَّهُ فِي حَالَةِ شُيُوعِ الْمَال بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ - بِسَبَبِ إِرْثِهِمَا إِيَّاهُ، أَوْ وُقُوعِ شَرِكَتِهِمَا فِيهِ بِسَبَبٍ آخَرَ يَقْتَضِي هَذَا الشُّيُوعَ: كَشِرَائِهِمَا إِيَّاهُ مَعًا، أَوْ إِشْرَاكِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ فِيهِ بِحِصَّةٍ شَائِعَةٍ - يَكُونُ كُل جُزْءٍ فِي الْمَال الْمُشْتَرَكِ - مَهْمَا دَقَّ وَصَغُرَ - مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَبَيْعُ النَّصِيبِ الشَّائِعِ جَائِزٌ لِلشَّرِيكِ وَلِغَيْرِهِ، إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ فَإِنَّ الإِْفْرَازَ لَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ التَّسْلِيمِ - وَمِنْ ثَمَّ فَلَا نِزَاعَ فِي صِحَّةِ
(1) رد المحتار 3 / 346، 367، ومغني المحتاج 2 / 13، وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 5 / 83.