الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالأَْغَانِي الْخَلِيعَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالأَْنْغَامِ الْمُخِلَّةِ بِصِحَّةِ الأَْدَاءِ - كَمَا يَنْتَظِمُ جَمِيعَ الْقُرَبِ - عَدَا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِلضَّرُورَةِ، لِئَلَاّ تَضِيعَ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ، أَوْ تَتَعَطَّل الشَّعَائِرُ الدِّينِيَّةُ: كَالإِْمَامَةِ وَالأَْذَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ (1) . فَلَا يَصِحُّ التَّعَاقُدُ عَلَى إِنْشَاءِ شَرِكَةِ وُعَّاظٍ تَعِظُ النَّاسَ وَتُذَكِّرُهُمْ بِالأُْجْرَةِ، وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الشُّهُودِ؛ لأَِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الشَّرْعِ إِنْ كَانَتْ زُورًا، وَمِنَ الْقُرُبَاتِ أَوِ الْفَرَائِضِ إِنْ كَانَتْ حَقًّا - سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ التَّحَمُّل وَالأَْدَاءُ، عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَوْضِعِهِ (2) .
شَرْطٌ خَاصٌّ بِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ:
36 -
اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِنِسْبَةِ ضَمَانِهِمَا الثَّمَنَ: وَضَمَانُهُمَا الثَّمَنَ إِنَّمَا هُوَ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا فِيمَا يَشْتَرِيَانِهِ مَعًا، أَوْ كُلٌّ عَلَى انْفِرَادٍ. وَمِقْدَارُ هَذِهِ الْحِصَصِ يَتْبَعُ الشَّرْطَ الَّذِي وَقَعَ التَّشَارُطُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ. فَمِنَ الْجَائِزِ الْمَشْرُوعِ أَنْ يَتَعَاقَدَا فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُل مَا يَشْتَرِيَانِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا بَيْنَهُمَا
(1) مجمع الأنهر 2 / 369، رد المحتار 3 / 358، 359.
(2)
مجمع الأنهر 2 / 177، 178، الفواكه الدواني 2 / 172، حواشي التحفة لابن عاصم 2 / 215، الفروع 2 / 729.
مُنَاصَفَةً، أَوْ عَلَى التَّفَاوُتِ الْمَعْلُومِ أَيَّمَا كَانَ - كَأَنْ يَكُونَ لأَِحَدِهِمَا الثُّلُثُ أَوِ الرُّبُعُ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَل، وَلِلآْخَرِ الثُّلُثَانِ أَوِ الثَّلَاثَةُ الأَْرْبَاعُ إِلَخْ. وَإِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ لَا تَكُونُ إِلَاّ عَلَى التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ هُنَا أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّسَاوِي فِي حِصَصِ الْمُشْتَرِي وَثَمَنِهِ أَيْضًا.
فَإِذَا شُرِطَ لأَِحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الرِّبْحِ أَكْثَرُ أَوْ أَقَل مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ الضَّمَانِ فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ لَا أَثَرَ لَهُ، وَيَظَل الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ ضَمَانِهِمَا؛ لأَِنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ سَبَبٌ لاِسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ سِوَى الضَّمَانِ، فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ. ذَلِكَ أَنَّ الرِّبْحَ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَال أَوِ الْعَمَل أَوِ الضَّمَانِ، كَمَا سَيَجِيءُ فِي الأَْحْكَامِ، وَلَا مَال هُنَا وَلَا عَمَل، فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَإِذَنْ تَكُونُ قِسْمَتُهُ بِحَسَبِهِ. لِئَلَاّ يَلْزَمَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الرِّبْحَ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ يَكُونُ عَلَى حَسَبِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ وُجُوهٍ يَتَّجِرَانِ، وَالتِّجَارَةُ عَمَلٌ يَتَفَاوَتُ كَيْفًا، كَمَا يَتَفَاوَتُ كَمًّا، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْقَائِمِينَ بِهِ نَشَاطًا وَخِبْرَةً - فَالْعَدَالَةُ أَنْ تُتْرَكَ الْحُرِّيَّةُ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ لِيُقَدِّرَا كُل حَالَةٍ بِحَسَبِهَا: حَتَّى إِذَا اقْتَضَتِ التَّفَاوُتَ فِي الرِّبْحِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا مِنْ حَرَجٍ