الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْمَال، إِذَا كَانَ أَخَذَهُ بِدُونِ بَيِّنَةِ تَوْثِيقٍ (1)
د -
اسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ:
42 -
لَا يُسْتَحَقُّ الرِّبْحُ إِلَاّ بِالْمَال أَوِ الْعَمَل أَوِ الضَّمَانِ؛ فَهُوَ يُسْتَحَقُّ بِالْمَال، لأَِنَّهُ نَمَاؤُهُ فَيَكُونُ لِمَالِكِهِ. وَمِنْ هُنَا اسْتَحَقَّهُ رَبُّ الْمَال فِي رِبْحِ الْمُضَارَبَةِ. وَهُوَ يُسْتَحَقُّ بِالْعَمَل حِينَ يَكُونُ الْعَمَل: سَبَبَهُ: كَنَصِيبِ الْمُضَارِبِ فِي رِبْحِ الْمُضَارَبَةِ، اعْتِبَارًا بِالإِْجَارَةِ.
وَيُسْتَحَقُّ بِالضَّمَانِ كَمَا فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ. لِقَوْلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ أَوِ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ (2) أَيْ مَنْ ضَمِنَ شَيْئًا فَلَهُ غَلَّتُهُ. وَلِذَا سَاغَ لِلشَّخْصِ أَنْ يَتَقَبَّل الْعَمَل مِنَ الأَْعْمَال كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ - وَيَتَعَهَّدَ بِإِنْجَازِهِ لِقَاءَ أَجْرٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَتَّفِقَ مَعَ آخَرَ عَلَى الْقِيَامِ بِهَذَا الْعَمَل بِأَجْرٍ أَقَل مِنَ الأَْجْرِ الأَْوَّل، وَيَرْبَحَ هُوَ فَرْقَ مَا بَيْنَهُمَا حَلَالاً طَيِّبًا - لِمُجَرَّدِ أَنَّهُ ضَمِنَ الْعَمَل، دُونَ أَنْ يَقُومَ بِهِ: وَعَسَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ أَصْلاً.
فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الأَْسْبَابِ الثَّلَاثَةِ، الَّتِي لَا يُسْتَحَقُّ الرِّبْحُ إِلَاّ بِوَاحِدٍ مِنْهَا، لَمْ
(1) الخرشي على خليل 4 / 329، بلغة السالك 2 / 203.
(2)
حديث: (الخراج بالضمان) أخرجه أبو داود (3 / 780 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة، وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير (3 / 22 - ط شركة الطباعة الفنية) .
يَكُنْ ثَمَّ سَبِيلٌ إِلَيْهِ. وَلِذَا لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَقُول شَخْصٌ لآِخَرَ: تَصَرَّفْ فِي مَالِكِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِي، أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَنَا - فَإِنَّ هَذَا عَبَثٌ مِنَ الْعَبَثِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْل الْفِقْهِ، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَال دُونَ مُزَاحِمٍ (1) .
43 -
وَفِي شَرِكَتَيِ الأَْمْوَال (الْمُفَاوَضَةِ وَالْعَنَانِ) مَالٌ وَعَمَلٌ عَادَةً. وَالرِّبْحُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ دَائِمًا عَلَى التَّسَاوِي كَمَا عَلِمْنَاهُ. أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ: فَالرِّبْحُ بِحَسَبِ الْمَالَيْنِ، إِذَا رَأَى الشَّرِيكَانِ إِغْفَال النَّظَرِ إِلَى الْعَمَل، وَلَهُمَا أَنْ يَجْعَلَا لِشَرْطِ الْعَمَل قِسْطًا مِنَ الرِّبْحِ يَسْتَأْثِرُ بِهِ - زَائِدًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ فِي الرِّبْحِ بِمُقْتَضَى حِصَّتِهِ فِي رَأْسِ الْمَال - مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَل فِي الشَّرِكَةِ: لِئَلَاّ يَكُونَ قَدِ اسْتَحَقَّهُ بِلَا مَالٍ وَلَا عَمَلٍ وَلَا ضَمَانٍ: سَوَاءٌ أَشَرَطَ عَلَى شَرِيكِهِ أَنْ يَعْمَل أَيْضًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ عَمِل هُوَ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ أَمْ لَا؛ لأَِنَّ الْمَنَاطَ هُوَ اشْتِرَاطُ الْعَمَل، لَا وُجُودُهُ.
وَمِنْ هُنَا كَانَ سَائِغًا فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ أَنْ
(1) بدائع الصنائع 6 / 62، فتح القدير 5 / 31، حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 214، نهاية المحتاج 6 / 8، رد المحتار 3 / 352، بلغة السالك 2 / 70، الفواكه الدواني 2 / 173، مغني المحتاج 2 / 215، الشرقاوي على التحرير 2 / 112، الباجوري على ابن قاسم 1 / 400، المغني لابن قدامة 5 / 140.
يَتَسَاوَى الْمَالَانِ وَيَتَفَاضَل الشَّرِيكَانِ فِي الرِّبْحِ، وَأَنْ يَتَفَاضَل الْمَالَانِ وَيَتَسَاوَى الرِّبْحَانِ - عَلَى نَحْوِ مَا وَضَعْنَا لَا بِإِطْلَاقٍ، وَلَا حِينَ لَا يُتَعَرَّضُ لِشَرْطِ الْعَمَل: وَإِلَاّ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالرِّبْحُ بِحَسَبِ الْمَالَيْنِ. أَمَّا الْخَسَارَةُ فَهِيَ أَبَدًا بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ لأَِنَّهَا جُزْءٌ ذَاهِبٌ مِنَ الْمَال، فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ.
وَقَال صَاحِبُ النَّهْرِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: " اعْلَمْ أَنَّهُمَا إِذَا شَرَطَا الْعَمَل عَلَيْهِمَا: إِنْ تَسَاوَيَا مَالاً وَتَفَاوَتَا رِبْحًا، جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، خِلَافًا لِزُفَرَ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ عَمِل أَحَدُهُمَا فَقَطْ. وَإِنْ شَرَطَاهُ عَلَى أَحَدِهِمَا: فَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا جَازَ، وَيَكُونُ مَال الَّذِي لَا عَمَل لَهُ بِضَاعَةٌ عِنْدَ الْعَامِل، لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ، وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلْعَامِل - أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ - جَازَ أَيْضًا عَلَى الشَّرْطِ. وَيَكُونُ مَال الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِل مُضَارَبَةً، وَلَوْ شَرَطَا الرِّبْحَ لِلدَّافِعِ - أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ - لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ، وَيَكُونُ مَال الدَّافِعِ عِنْدَ الْعَامِل بِضَاعَةً: لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِبْحُ مَالِهِ - وَالْوَضِيعَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا أَبَدًا (&# x661 ;) .</p><font color=#ff0000>44 -</font> وَقَاعِدَةُ الرِّبْحِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ - كَالْخَسَارَةِ - لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ -<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 62، رد المحتار 3 / 352.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦١)</span><hr/></div>فَلَوْ وَقَعَ التَّشَارُطُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ نَفْسُهُ بَاطِلاً (1) .</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: فَالرِّبْحُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِلَافُهُ، فَيُعْمَل بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ (2) . وَتَفَرَّدَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ بِمُوَافَقَةِ الْحَنَفِيَّةِ تَمَامَ الْمُوَافَقَةِ: فَالرِّبْحُ عِنْدَهُمْ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ إِلَاّ أَنْ تُشْتَرَطَ الزِّيَادَةُ لِعَامِلٍ فَيَصِحُّ الشَّرْطُ حِينَئِذٍ (3) .</p>وَيُضِيفُ الْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَل أَيْضًا بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ. وَإِلَاّ فَسَدَتِ الشَّرِكَةُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا فِي رَأْسِ الْمَال مِائَةً، وَحِصَّةُ الآْخَرِ مِائَتَيْنِ، وَتَعَاقَدَا عَلَى التَّسَاوِي فِي الْعَمَل. فَإِنْ وَضَعَا هَذِهِ الشَّرِكَةَ مَوْضِعَ التَّنْفِيذِ، اسْتَحَقَّ الشَّرِيكُ بِالثُّلُثِ الرُّجُوعَ عَلَى الآْخَرِ بِسُدُسِ عَمَلِهِ، أَيْ بِأُجْرَةِ مِثْل ذَلِكَ. نَعَمْ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَمَل، أَوْ بِالْعَمَل كُلِّهِ (4) .</p>أَمَّا فِي الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى، فَهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّ الْعَمَل فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بلغة السالك 2 / 70، الفواكه الدواني 2 / 173 - مغني المحتاج 2 / 215.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 5 / 140.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ومعلوم أن هذا عندهم في غير شركة المفاوضة، رد المحتار 3 / 352، مطالب أولي النهى 3 / 499.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الخرشي على خليل 4 / 261، والفواكه الدواني 2 / 173.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٢)</span><hr/></div>مِنْ وَاحِدٍ: عَلَى مَعْنَى أَنْ يَأْذَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلآْخَرِ فِي التَّصَرُّفِ، دُونَ الْعَكْسِ - فَيَتَصَرَّفَ الْمَأْذُونُ فِي جَمِيعِ مَال الشَّرِكَةِ، وَلَا يَتَصَرَّفَ الآْذِنُ إِلَاّ فِي مَال نَفْسِهِ - إِنْ شَاءَ - وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ عَدَمَ التَّصَرُّفِ فِي مَال نَفْسِهِ، بَل إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيُبْطِل الْعَقْدَ نَفْسَهُ - لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَجْرِ عَلَى الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ. أَمَّا أَنْ يَتَعَهَّدَ هُوَ بِأَنْ لَا يَعْمَل وَيَشْرِطَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَالْحَنَابِلَةُ يُصَحِّحُونَ اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَل مَقْصُورًا عَلَى أَحَدِهِمَا: ثُمَّ إِنْ جُعِلَتْ لَهُ لِقَاءَ عَمَلِهِ زِيَادَةٌ فِي الرِّبْحِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ بِحِصَّتِهِ فِي الْمَال، فَإِنَّهَا تَكُونُ شَرِكَةَ عَنَانٍ وَمُضَارَبَةٍ، وَإِنْ جُعِل الرِّبْحُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، دُونَ زِيَادَةٍ، لَمْ تَكُنْ شَرِكَةً، بَل تَكُونُ إِبْضَاعًا، وَإِنْ جُعِلَتِ الزِّيَادَةُ لِغَيْرِ الْعَامِل، بَطَل الشَّرْطُ فِي الأَْصَحِّ - أَيْ وَكَانَتْ إِبْضَاعًا أَيْضًا، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إِلَاّ أَنَّ فِي كَلَامِ ابْنِ قُدَامَةَ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ شَرِكَةَ الْعَنَانِ تَقْتَضِي الاِشْتِرَاكَ فِي الْعَمَل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعَنَانِ:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> أَوَّلاً: صِحَّتُهُمَا مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَال وَوَصْفِهِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 213، الفروع 2 / 725، مطالب أولي النهى 3 / 499.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٢)</span><hr/></div>وَمَتَى اتَّفَقَ فِي تَقْدِيرِ بَعْضِ أَهْل الْخِبْرَةِ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ، فَهَذَا كَافٍ لِتَتَحَقَّقَ الشَّرِيطَةُ الْمَطْلُوبَةُ.</p>وَلَا يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَا فِي الْعَنَانِ اتِّحَادَ جِنْسِ رَأْسِ الْمَال وَلَا وَصْفِهِ. فَتَصِحَّانِ مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسِ الْمَالَيْنِ - سَوَاءٌ قَدَّرَا عَلَى التَّسَاوِي أَمْ عَلَى التَّفَاوُتِ، مَهْمَا تَكُنْ دَرَجَةُ هَذَا التَّفَاوُتِ، أَمْ لَمْ يُقَدِّرَا عِنْدَ الْعَقْدِ (1) (وَتَصِحُّ) بِخِلَافِ الْجِنْسِ: كَدَنَانِيرَ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَدَرَاهِمَ مِنَ الآْخَرِ، وَبِخِلَافِ الْوَصْفِ: كَبِيضٍ وَسُودٍ - وَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهَا (2) .</p>وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِاشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ - دُونَ الْوَصْفِ، فِي النُّقُودِ خَاصَّةً، وَهَذَا عِنْدَ جَمَاهِيرِهِمْ خِلَافًا لأَِشْهَبَ وَسَحْنُونٍ.</p><font color=#ff0000>46 -</font> ثَانِيًا: صِحَّتُهُمَا مَعَ عَدَمِ خَلْطِ الْمَالَيْنِ:</p>وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.</p><font color=#ff0000>47 -</font> ثَالِثًا: صِحَّتُهُمَا مَعَ عَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَالَيْنِ:</p>لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُفَاوَضَةِ أَوِ الْعَنَانِ، أَنْ يُخَلِّيَ كُل شَرِيكٍ بَيْنَ مَالِهِ وَشَرِيكِهِ، بِخِلَافِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 61، فتح القدير 5 / 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 351، 352.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٣)</span><hr/></div>الْمُضَارَبَةِ - إِذْ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَال إِلَى الْمُضَارِبِ كَمَا سَيَجِيءُ.</p><font color=#ff0000>48 -</font> رَابِعًا: لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ نَقْدًا وَنَسِيئَةً.</p>لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ مُسَاوَمَةً وَمُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً وَمُوَاضَعَةً، وَكَيْفَ رَأَى الْمَصْلَحَةَ لأَِنَّ هَذَا عَادَةُ التُّجَّارِ، وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ وَيَقْبِضَهُمَا وَيُخَاصِمَ بِالدَّيْنِ وَيُطَالِبَ بِهِ وَيُحِيلَهُ وَيَحْتَال وَيَرُدَّ بِالْعَيْبِ فِيمَا وَلِيَهُ هُوَ، وَفِيمَا وَلِيَ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا الْبَيْعُ نَسِيئَةً فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ نَسِيئَةً لِجَرَيَانِ عَادَةِ التُّجَّارِ بِهَذَا وَذَاكَ كَيْفَمَا اتَّفَقَ، وَلَيْسَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَحْكِيمِ هَذِهِ الْعَادَةِ. ذَلِكَ أَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْعَقْدُ مِنَ الإِْذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، وَقَعَ مُطْلَقًا، كَمَا هُوَ الْمَفْرُوضُ. وَلَوْ تَشَارَطَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ عَلَى أَنْ يَبِيعَا نَقْدًا لَا نَسِيئَةً، أَوْ نَسِيئَةً لَا نَقْدًا، أَوْ - فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ - أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالآْخَرُ نَسِيئَةً، كَانَا عَلَى شَرْطِهِمَا. بَل لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى مِثْل هَذِهِ الْقُيُودِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَجَبَ الاِلْتِزَامُ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ نَهَى أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ - فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ - أَنْ يَبِيعَ عَلَى نَحْوٍ مِنَ الأَْنْحَاءِ بِعَيْنِهِ - كَأَنْ نَهَاهُ أَنْ يَبِيعَ نَسِيئَةً، أَوْ عَنْ أَنْ يَبِيعَ نَقْدًا، لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَل مَا نُهِيَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٣)</span><hr/></div>عَنْهُ - حَتَّى لَوْ أَنَّهُ خَالَفَ، لَكَانَ ضَامِنًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ. وَلِذَا أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الَّذِي يَبِيعُ نَسِيئَةً بَعْدَ مَا نَهَاهُ شَرِيكُهُ، بِأَنَّ بَيْعَهُ هَذَا نَافِذٌ فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ، مَوْقُوفٌ عَلَى الإِْجَازَةِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ: بِحَيْثُ يَبْطُل إِنْ لَمْ يُجِزْ. أَيْ ثُمَّ يَكُونُ فِي الْفَوَاتِ الضَّمَانُ (1) .</p>وَعَلَى وِزَانِ الْبَيْعِ نَقْدًا وَنَسِيئَةً، يُقَال فِي الشِّرَاءِ نَقْدًا وَنَسِيئَةً، فَإِنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى: إِذْ إِنَّهُ فِي الْمُفَاوَضَةِ يَكُونُ الشِّرَاءُ دَائِمًا لِلشَّرِكَةِ - فِيمَا عَدَا الْحَاجَاتِ الْخَاصَّةَ لِكِلَا الشَّرِيكَيْنِ.</p>أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ، فَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ دَائِمًا، كَمَا سَيَجِيءُ. نَعَمْ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى أَحَدُ شَرِيكَيِ الْمُفَاوَضَةِ طَعَامًا نَسِيئَةً - أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ - فَإِنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ عَلَيْهِمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَل ذَلِكَ أَحَدُ شَرِيكَيِ الْعَنَانِ - إِذْ يَكُونُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَأَنَّهُ لَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيِ الْمُفَاوَضَةِ طَعَامَهُ بِعَقْدِ سَلَمٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَقْدًا جَائِزًا عَلَى شَرِيكِهِ.</p>وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - كَالْحَنَفِيَّةِ، فِي أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 3 / 354، 355، 357، بدائع الصنائع 6 / 68 - 71، والمغني 5 / 129، وبلغة السالك 2 / 168، فتح القدير 5 / 26، الفتاوى الهندية 3 / 323.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٤)</span><hr/></div>لِكُل شَرِيكٍ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ نَقْدًا وَنَسِيئَةً - إِلَاّ أَنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مُفَاوَضَةٍ وَعَنَانٍ (1) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ نَسِيئَةً؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ، وَتَعْرِيضِ أَمْوَال الشَّرِكَةِ لِلضَّيَاعِ - مَا لَمْ يَأْذَنْ سَائِرُ الشُّرَكَاءِ (2) وَأَقْوَى الاِحْتِمَالَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِذَا وَقَعَ الإِْذْنُ فِي مُطْلَقِ نَسِيئَةٍ أَوْ بِصِيغَةِ عُمُومٍ: كَبِعْ كَيْفَ شِئْتَ - أَنْ يُحْمَل عَلَى الأَْجَل الْمُتَعَارَفِ، لَا غَيْرِهِ كَعَشْرِ سِنِينَ (3) .</p><font color=#ff0000>49 -</font> خَامِسًا: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُوَكِّل فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ: كَاسْتِئْجَارِ أَجِيرٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَرَبَةٍ أَوْ صَانِعٍ أَوْ بَيْطَارٍ - لِشَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِهِمَا، وَكَالإِْنْفَاقِ فِي مَصَالِحِ الشَّرِكَةِ.</p>عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ الآْخَرِ أَنْ يَعْزِل الْوَكِيل الَّذِي وَكَّلَهُ شَرِيكُهُ، مَتَى مَا شَاءَ، شَأْنَ وَكِيل الْوَكِيل (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 209، بلغة السالك 2 / 169، المغني لابن قدامة 5 / 150.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 214، 215، نهاية المحتاج 5 / 8، 9.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حواشي نهاية المحتاج 5 / 9.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 6 / 69، فتح القدير 5 / 26، رد المحتار 3 / 355، المغني لابن قدامة 5 / 129، 132، الإنصاف 5 / 417، الخرشي على خليل 4 / 259.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٤)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ حَقُّ التَّوْكِيل بِدُونِ إِذْنِ شَرِيكِهِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا ارْتَضَى تَصَرُّفَهُ هُوَ. وَقَاعِدَتُهُمْ: " أَنَّ مَنْ لَا يَعْمَل إِلَاّ بِإِذْنٍ لَا يُوَكِّل إِلَاّ بِإِذْنٍ ".</p><font color=#ff0000>50 -</font> سَادِسًا: لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَعْمَل لِلشَّرِكَةِ: سَوَاءٌ فِي إِصْلَاحِ مَالِهَا - كَعِلَاجِ دَوَابِّهَا، وَتَرْكِيبِ آلَاتِهَا - أَمْ فِي حِرَاسَتِهِ وَحِفْظِهِ، أَمْ فِي الاِتِّجَارِ بِهِ، أَمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيَمْضِي ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لأَِنَّ عَادَةَ التُّجَّارِ قَدْ جَرَتْ بِالاِسْتِئْجَارِ - فِي كُل مَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى تِجَارَاتِهِمْ (1) .</p><font color=#ff0000>51 -</font> سَابِعًا: الشَّرِيكُ الَّذِي يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ لِمَنْ تَكُونُ أُجْرَتُهُ؟ تَكُونُ أُجْرَتُهُ لِلشَّرِكَةِ، مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ، فَحِينَئِذٍ تَكُونُ بِهِ خَاصَّةً. وَكَالْخَدْمَةِ فِي الْعَنَانِ مَا هُوَ بِمَعْنَاهَا.</p>أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، فَهَذَا هُوَ صَرِيحُ مَا نَقَلُوهُ عَنِ التتارخانية - إِذْ تَقُول: " وَلَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ نَفْسَهُ، لِحِفْظِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 60، 70، مغني المحتاج 2 / 214.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٥)</span><hr/></div>شَيْءٍ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ، أَوْ عَمَلٍ مِنَ الأَْعْمَال، فَالأَْجْرُ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ كُل كَسْبٍ اكْتَسَبَهُ أَحَدُهُمَا، فَالأَْجْرُ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ. فَالأَْجْرُ لَهُ خَاصَّةً (1) ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْبَدَائِعِ، وَقَدْ عَلَّل الْكَاسَانِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْخِدْمَةِ بِأَنَّ: الشَّرِيكَ فِيهَا إِنَّمَا يَمْلِكُ التَّقَبُّل عَلَى نَفْسِهِ، دُونَ شَرِيكِهِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا عَدَاهَا - فَإِذَا الْتَزَمَ بِالْخِدْمَةِ وَقَامَ بِهَا، فَقَدْ وَفَّى بِمَا لَزِمَهُ خَاصَّةً، فَتَكُونُ الأُْجْرَةُ كَذَلِكَ لَهُ خَاصَّةً، وَإِذَا تَقَبَّل عَمَلاً مَا غَيْرَ الْخِدْمَةِ، وَالْتَزَمَ بِهِ، فَإِنَّ هَذَا التَّقَبُّل وَالاِلْتِزَامَ يَكُونُ عَلَى كِلَا الشَّرِيكَيْنِ؛ لأَِنَّهُ يَقْبَل الشَّرِكَةَ - فَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَل الْمُلْتَزَمِ، وَقَعَ الْعَمَل عَنْهُمَا: وَكَانَ الَّذِي عَمِل مُتَبَرِّعًا بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ فِيهِ، فَتَكُونُ الأُْجْرَةُ بَيْنَهُمَا ". (2)</p>وَلَيْسَ لِشَرِيكِ الْمُفَاوَضَةِ وَلَا لِشَرِيكِ الْعَنَانِ، أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ مِنْ أَعْمَال تِجَارَتِهِمَا، ثُمَّ يَخْتَصَّ بِأُجْرَتِهِ - إِلَاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ إِذْنًا صَرِيحًا؛ لأَِنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُغَيِّرَ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ، دُونَ صَرِيحِ الرِّضَا مِنْ شَرِيكِهِ - كَمَا قَرَّرَهُ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ وَغَيْرُهُ.</p>وَالْمُقَرَّرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَنَّ الشَّرِيكَ يَخْتَصُّ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ خَارِجَ الشَّرِكَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 310.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 75.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٥)</span><hr/></div>وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهَا - كَمَا لَوْ أَخَذَ مَالاً يُضَارِبُ بِهِ فِي نَفْسِ نَوْعِ تِجَارَةِ الشَّرِكَةِ (الْمَنْسُوجَاتُ مَثَلاً) غَايَةُ مَا هُنَاكَ، أَنَّهُ إِذَا شُغِل بِذَلِكَ عَنِ الْعَمَل فِي الشَّرِكَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِذْنِ شَرِيكِهِ - حَتَّى يَكُونَ هَذَا الإِْذْنُ بِمَثَابَةِ التَّبَرُّعِ لَهُ بِعَمَلِهِ ذَاكَ. وَإِلَاّ كَانَ لِهَذَا الشَّرِيكِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْل مَا عَمِل عَنْهُ (1) .</p><font color=#ff0000>52 -</font> ثَامِنًا: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَدْفَعَ مَال الشَّرِكَةِ إِلَى أَجْنَبِيٍّ مُضَارَبَةً؛ لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ أَضْعَفُ مِنَ الشَّرِكَةِ، وَالأَْقْوَى يَسْتَتْبِعُ الأَْضْعَفَ. وَإِنَّمَا كَانَتِ الْمُضَارَبَةُ أَضْعَفَ. لأَِنَّ الْخَسَارَةَ فِيهَا يَخْتَصُّ بِهَا رَبُّ الْمَال، وَهِيَ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ شَيْءٌ مِنَ الرِّبْحِ، أَمَّا فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فَالرِّبْحُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِقَدْرِ مَالَيْهِمَا، ثُمَّ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ الاِشْتِرَاكُ فِي الأَْصْل وَالرِّبْحِ، وَمُقْتَضَى الْمُضَارَبَةِ الاِشْتِرَاكُ فِي الرِّبْحِ دُونَ الأَْصْل (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل 4 / 260، بلغة السالك 2 / 169، حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 214، المغني لابن قدامة 5 / 133.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 69، العناية على الهداية مع فتح القدير 5 / 25، بلغة السالك 2 / 168، الإنصاف 5 / 414.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٦)</span><hr/></div>إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَزِيدُونَ لِجَوَازِ الْمُضَارَبَةِ قَيْدَ اتِّسَاعِ الْمَال. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الَّذِينَ لَا يُجِيزُونَ لِلشَّرِيكِ التَّوْكِيل وَالاِسْتِئْجَارَ لِلتِّجَارَةِ بِدُونِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِلَى مَنْعِهِ مِنْ دَفْعِ مَال الشَّرِكَةِ إِلَى أَجْنَبِيٍّ مُضَارَبَةً.</p><font color=#ff0000>53 -</font> تَاسِعًا: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُودِعَ مَال الشَّرِكَةِ؛ لأَِنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ فِي عُهْدَةِ حَارِسٍ يَسْتَأْجِرُهُ لِحِفْظِهِ، فَلأََنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ بِدُونِ أَجْرٍ أَجْدَرُ وَأَوْلَى. عَلَى أَنَّ الإِْيدَاعَ مِنْ مَصَالِحِ التِّجَارَةِ، إِذْ تُتَّقَى بِهِ السَّرِقَاتُ، وَأَخْطَارُ الطَّرِيقِ وَغَيْرِ الطَّرِيقِ (1) .</p>أَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَا يَرَوْنَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُودِعَ - إِلَاّ إِذَا دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ بِهِ، إِذِ الْمَال قَدْ يَضِيعُ بِالإِْيدَاعِ. حَتَّى لَوْ أَنَّهُ أَوْدَعَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَضَاعَ الْمَال ضَمِنَهُ (2) .</p><font color=#ff0000>54 -</font> عَاشِرًا: ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَال الشَّرِكَةِ دُونَ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِذَا أَمِنَ الطَّرِيقَ لأَِنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّ الشَّرِكَةَ أُطْلِقَتْ، وَلَمْ تُقَيَّدْ بِمَكَانٍ. فَالإِْذْنُ بِالتَّصَرُّفِ الصَّادِرُ فِي ضِمْنِهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 68، 69، فتح القدير 5 / 25، رد المحتار 3 / 355.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بلغة السالك 2 / 168، المغني لابن قدامة 5 / 132.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٦)</span><hr/></div>لِكُل شَرِيكٍ هُوَ عَلَى هَذَا الإِْطْلَاقِ، إِذْ لَا يَخْرُجُ الْمُطْلَقُ عَنْ إِطْلَاقِهِ إِلَاّ بِدَلِيلٍ، وَلَا دَلِيل، وَيَسْتَوِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ قَرِيبَ الشُّقَّةِ أَوْ بَعِيدَهَا، وَأَنْ يَكُونَ الْمَال خَفِيفَ الْمَحْمَل أَوْ ثَقِيلَهُ - عَلَى خِلَافٍ فِي كُلٍّ مِنْ هَذَا وَذَاكَ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَال الشَّرِكَةِ إِلَاّ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ عُرْفِيٍّ أَوْ ضَرُورَةٍ. وَمِنَ الإِْذْنِ الْعُرْفِيِّ، مَا لَوْ عُقِدَتِ الشَّرِكَةُ عَلَى ظَهْرِ سَفِينَةٍ، ثُمَّ اسْتَمَرَّتِ الرِّحْلَةُ إِلَى الْمَقْصِدِ. وَمِنَ الضَّرُورَةِ، جَلَاءُ أَهْل الْبَلَدِ عَنْهُ لِكَارِثَةٍ، أَوْ فِرَارًا مِنْ زَحْفِ الْعَدُوِّ الْقَاهِرِ. فَإِذَا خَالَفَ الشَّرِيكُ، فَسَافَرَ سَفَرًا غَيْرَ مَسْمُوحٍ بِهِ، كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ، لَوْ ضَاعَ الْمَال - لَكِنَّهُ لَوْ بَاعَ شَيْئًا مَضَى بَيْعُهُ: دُونَ أَيِّ تَنَافٍ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ ثُبُوتِ ضَمَانِهِ (2) . وَكَذَا الْمَالِكِيَّةُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ. أَمَّا شَرِيكُ الْمُفَاوَضَةِ فَلَيْسَ مُقَيَّدًا إِلَاّ بِرِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ (3) .</p><font color=#ff0000>55 -</font> حَادِيَ عَشَرَ: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُقَايِل فِيمَا بِيعَ مِنْ مَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 71، مطالب أولي النهى 3 / 504.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 215.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفواكه الدواني 2 / 174.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٧)</span><hr/></div>الشَّرِكَةِ: سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ الْبَائِعَ أَمْ شَرِيكَهُ. لأَِنَّ الإِْقَالَةَ شِرَاءٌ فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ يَمْلِكُ شِرَاءَ مَا بَاعَهُ، أَوْ بَاعَهُ شَرِيكُهُ (1) .</p>وَهَذَا أَيْضًا هُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - وَلَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الإِْقَالَةَ فَسْخٌ: عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ - اعْتِبَارًا بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. إِلَاّ أَنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِالْمَصْلَحَةِ - كَمَا لَوْ خِيفَ عَجْزُ الْمُشْتَرِي عَنِ الْوَفَاءِ بِالثَّمَنِ، أَوْ تَبَيَّنَ وُقُوعُ غَبْنٍ عَلَى الشَّرِكَةِ (2) .</p><font color=#ff0000>56 -</font> ثَانِيَ عَشَرَ: لَيْسَ لأَِحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إِتْلَافُ مَال الشَّرِكَةِ أَوِ التَّبَرُّعُ بِهِ: لأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالشَّرِكَةِ التَّوَصُّل إِلَى الرِّبْحِ. فَمَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ إِذْنٌ صَرِيحٌ مِنَ الشَّرِيكِ الآْخَرِ، لَا يَمْلِكُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَهَبَ، أَوْ يُقْرِضَ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ، قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا (3) . إِذِ الْهِبَةُ مَحْضُ تَبَرُّعٍ، وَالإِْقْرَاضُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً؛ لأَِنَّهُ إِعْطَاءُ الْمَال دُونَ تَنَجُّزِ عِوَضٍ فِي الْحَال. فَإِذَا فَعَل، فَلَا جَوَازَ لِفِعْلِهِ عَلَى شَرِيكِهِ إِلَاّ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ، وَإِنَّمَا يَنْفُذُ فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ لَا غَيْرُ.</p><font color=#ff0000>57 -</font> إِلَاّ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَدْخَلُوا بَعْضَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ عَلَى امْتِنَاعِ الْهِبَةِ: إِذْ أَجَازُوهَا فِي اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَالْفَاكِهَةِ، وَمَا يَجْرِي هَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 71.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي على خليل 4 / 259، مطالب أولي النهى 3 / 503.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 3 / 356.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٧)</span><hr/></div>الْمَجْرَى مِمَّا يَتَهَادَاهُ النَّاسُ، وَيَتَسَامَحُونَ فِيهِ. جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ:" لَهُ أَنْ يُهْدِيَ مِنْ مَال الْمُفَاوَضَةِ، وَيَتَّخِذَ دَعْوَةً مِنْهُ. وَلَمْ يُقَدَّرْ بِشَيْءٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إِلَى الْمُتَعَارَفِ: وَهُوَ مَا لَا يَعُدُّهُ التُّجَّارُ سَرَفًا (1) ".</p>كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَمِدُوا طَرِيقَةَ أَبِي يُوسُفَ فِي عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ هِبَةِ الشَّرِيكِ الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ، لِثَمَنِ مَا بَاعَ. أَوْ إِبْرَائِهِ مِنْهُ، وَبَيْنَ هِبَةِ الشَّرِيكِ الآْخَرِ أَوْ إِبْرَائِهِ. وَرَأَوْا خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ، لَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِيَ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، نَفَذَ عَلَى شَرِيكِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ، كَوَكِيل الْبَيْعِ إِذَا فَعَل ذَلِكَ حَيْثُ يَنْفُذُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ مُوَكِّلُهُ (2) .</p><font color=#ff0000>58 -</font> وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا. إِلَاّ أَنَّهُمْ يُقَيِّدُونَ الإِْبْرَاءَ الْمَسْمُوحَ بِهِ بِكَوْنِهِ حَطًّا مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ، وَيُطْلِقُونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَسْتَوِي أَنْ يَقَعَ مِنْ مُتَوَلِّي الْعَقْدِ أَوْ مِنَ الشَّرِيكِ الآْخَرِ. كَمَا أَنَّهُمْ يَضْبِطُونَ التَّبَرُّعَاتِ الْمَسْمُوحَ بِهَا لِلشَّرِيكِ عَلَى الْعُمُومِ بِمَا يُقِرُّهُ الْعُرْفُ وَفْقَ مَا يَتَنَاسَبُ مَعَ الْمَرْكَزِ الْمَالِيِّ لِلشَّرِكَةِ. وَهَذَا مَبْدَأٌ عَامٌّ يَنْتَظِمُ الْهَدَايَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 312.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 5 / 27، رد المحتار 3 / 355، 356.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٨)</span><hr/></div>وَالْمَآدِبَ، وَالْعَوَارِيَّ إِذَا اسْتَأْلَفَ النَّاسَ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي التَّعَامُل مَعَ الشَّرِكَةِ. وَلِلْحَنَابِلَةِ نَحْوٌ مِنْهُ. إِلَاّ أَنَّهُمْ أَقَل تَوَسُّعًا فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَكْثَرُ تَقَيُّدًا بِمُرَاعَاةِ فَائِدَةِ الشَّرِكَةِ (1) .</p><font color=#ff0000>59 -</font> ثَالِثَ عَشَرَ: لَيْسَ لأَِحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَال الآْخَرِ إِلَاّ بِإِذْنِهِ: لأَِنَّ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَالزَّكَاةُ لَيْسَتْ مِنْهَا. ثُمَّ إِنَّهَا بِدُونِ إِذْنِ رَبِّ الْمَال لَا تَقَعُ الْمَوْقِعَ، لِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِدُونِ نِيَّةٍ، فَتُلْتَحَقُ بِالتَّبَرُّعَاتِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ بِمَال شَرِيكِهِ. فَإِذَا أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فَذَاكَ (2) .</p><font color=#ff0000>60 -</font> رَابِعَ عَشَرَ: لَيْسَ لأَِحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَخْلِطَ مَال الشَّرِكَةِ بِمَالٍ لَهُ خَاصٍّ دُونَ إِذْنِ شَرِيكِهِ: لأَِنَّ الْخَلْطَ يَسْتَتْبِعُ إِيجَابَ حُقُوقٍ، وَقُيُودًا عَلَى حُرِّيَّةِ التَّصَرُّفِ. فَلَا يُسَلَّطُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَيْهِ، لِئَلَاّ يَتَجَاوَزَ حُدُودَ مَا رَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْمَال نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (3) .</p><font color=#ff0000>61 -</font> تَنْبِيهٌ: الإِْذْنُ الْعَامُّ مِنَ الشَّرِيكِ - كَقَوْلِهِ لِشَرِيكِهِ: تَصَرَّفْ كَمَا تَرَى - يُغْنِي غَنَاءَ الإِْذْنِ الْخَاصِّ فِي كُل مَا هُوَ مِنْ قَبِيل مَا يَقَعُ فِي التِّجَارَةِ كَالرَّهْنِ وَالاِرْتِهَانِ وَالسَّفَرِ، وَالْخَلْطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل 4 / 259، 260، بلغة السالك 2 / 168، 169، مطالب أولي النهى 3 / 595.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 362.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 6 / 69، ومطالب أولي النهى 3 / 506، 508.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٨)</span><hr/></div>بِالْمَال الْخَاصِّ، وَشَرِكَةِ الْمَال مَعَ أَجْنَبِيٍّ. فَمَنْ مَنَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَاّ بِالإِْذْنِ، كَفَى فِيهِ عِنْدَهُ الإِْذْنُ الْعَامُّ.</p>وَلَكِنَّ هَذَا الإِْذْنَ الْعَامَّ لَا غَنَاءَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْهِبَةِ، وَالْقَرْضِ، وَكُل مَا يُعَدُّ إِتْلَافًا لِلْمَال، أَوْ تَمْلِيكًا لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ. بَل لَا بُدَّ مِنَ الإِْذْنِ الصَّرِيحِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، لِيَنْفُذَ عَلَى الشَّرِكَةِ. صَرَّحَ بِهَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ:</span></p><font color=#ff0000>62 -</font> تَتَلَخَّصُ هَذِهِ الأَْحْكَامُ فِي أَنَّ شَرِيكَيِ الْمُفَاوَضَةِ شَخْصٌ وَاحِدٌ حُكْمًا فِي أَحْكَامِ التِّجَارَةِ وَتَوَابِعِهَا - وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ حَقِيقَةً (2) وَالسِّرُّ فِي هَذَا، أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ تَتَضَمَّنُ وَكَالَةً وَكَفَالَةً، إِذْ كُلٌّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا وَكِيلٌ عَنِ الآْخَرِ فِيمَا يَجِبُ لَهُ، وَكَفِيلٌ عَنْهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (3) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الأَْصْل الْعَامِّ، فُرُوعٌ وَنَتَائِجُ شَتَّى:</p><font color=#ff0000>63 -</font> أَوَّلاً: كُل مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا فَهُوَ لِلشَّرِكَةِ إِلَاّ حَوَائِجَهُ وَحَوَائِجَ أَهْلِهِ الأَْسَاسِيَّةَ: أَمَّا أَنَّ كُل مَا اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلشَّرِكَةِ، فَذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ الْمُسَاوَاةُ فِي كُل مَا يَصِحُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 3 / 356، ونهاية المحتاج 5 / 10، مطالب أولي النهى 3 / 508، المغني لابن قدامة 5 / 132.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 73.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 3 / 347.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٩)</span><hr/></div>الاِشْتِرَاكُ فِيهِ، وَتَدْخُلُهُ عُقُودُ التِّجَارَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ الإِْجَارَةُ؛ لأَِنَّهَا شِرَاءُ مَنْفَعَةٍ: فَمَا اسْتَأْجَرَهُ أَحَدُهُمَا فَهُوَ لِلشَّرِكَةِ أَيْضًا. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ (1) .</p>وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْحَوَائِجِ الأَْسَاسِيَّةِ؛ فَلأَِنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِاسْتِثْنَائِهَا. إِذْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذِهِ تَبِعَةٌ تَقَعُ عَلَى عَاتِقِ كُل شَرِيكٍ لِخَاصَّةِ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، دُونَ أَنْ يَتَحَمَّل مَعَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ غُرْمًا، وَالْمَشْرُوطُ عُرْفًا، كَالْمَشْرُوطِ بِصَرِيحِ الْعِبَارَةِ. فَيَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْحَوَائِجِ الأَْسَاسِيَّةِ مُشْتَرِيهَا - وَإِنْ كَانَتْ، عِنْدَ غَضِّ النَّظَرِ عَنْ هَذِهِ الْقَرِينَةِ، مِمَّا يَنْتَظِمُهُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، إِذْ هِيَ مِنْ نَوْعِ مَا يُتَّجَرُ فِيهِ، وَيَقْبَل الشَّرِكَةَ. وَمِنَ الْحَاجَاتِ الأَْسَاسِيَّةِ - وَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً لِلشَّرِكَةِ، إِذْ شِرَاءُ الْمَنَافِعِ مِمَّا يَقْبَلُهَا - بَيْتٌ يُسْتَأْجَرُ لِلسُّكْنَى، وَعَرَبَةٌ أَوْ سَفِينَةٌ أَوْ طَائِرَةٌ أَوْ دَابَّةٌ تُسْتَأْجَرُ لِلرُّكُوبِ أَوِ الْحَمْل مِنْ أَجْل الْمَصْلَحَةِ الْخَاصَّةِ: كَالْحَجِّ، وَقَضَاءِ وَقْتِ الإِْجَازَاتِ بَعِيدًا عَنِ الْعَمَل، وَحَمْل الأَْمْتِعَةِ الْخَاصَّةِ. وَفَرْقٌ آخَرُ فَإِنَّ الْحَاجَاتِ الأَْسَاسِيَّةَ يَتَحَمَّل مُشْتَرِيهَا ثَمَنَهَا كُلَّهُ، لِمَكَانِ اخْتِصَاصِهِ بِهَا - وَلِذَا، لَوْ أَدَّى ثَمَنَهَا مِنْ مَال الشَّرِكَةِ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 9، رد المحتار 3 / 348، 349، بدائع الصنائع 6 / 73، 74.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٩)</span><hr/></div>لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ فِي هَذَا الثَّمَنِ.</p><font color=#ff0000>64 -</font> وَيَرَى مُتَأَخِّرُو الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ نَفَقَةَ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ الْخَاصَّةَ بِهِ شَخْصِيًّا - مِنْ أَجْل طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، وَلِبَاسِهِ، وَتَنَقُّلَاتِهِ - تُلْغَى مُطْلَقًا، وَلَا تَدْخُل فِي الْحِسَابِ إِذَا أَنْفَقَهَا مِنْ مَال الشَّرِكَةِ. سَوَاءٌ تَسَاوَتْ حِصَّتَا الشَّرِيكَيْنِ، وَنَفَقَاتُهُمَا، وَسِعْرُ بَلَدَيْهِمَا - إِنِ اخْتَلَفَا - أَمْ لَا. ثُمَّ عَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهَا نَفَقَاتٌ يَسِيرَةٌ عَادَةً، أَوْ دَاخِلَةٌ فِي التِّجَارَةِ (1) .</p>أَمَّا نَفَقَةُ أُسْرَةِ الشَّرِيكِ فَيُشْتَرَطُ لإِِلْغَاءِ حِسَابِهَا أَنْ تَتَقَارَبَ الأُْسْرَتَانِ عَدَدَ أَفْرَادٍ، وَمُسْتَوًى اجْتِمَاعِيًّا، وَإِلَاّ دَخَلَتْ فِي الْحِسَابِ: فَأَيُّهُمَا أَخَذَ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ فَوْقَ نِسْبَةِ حِصَّتِهِ، رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ فِيمَا أَنْفَقَ (2) وَالشَّرِيكُ الْمُفَاوِضُ مُصَدَّقٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ. فِيمَا يَلِيقُ، مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِسْوَةِ، دُونَ سَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِقْرَارُ الشَّرِيكِ بِدَيْنٍ عَلَى شَرِيكِ الْمُفَاوَضَةِ</span></p><font color=#ff0000>65 -</font> ثَانِيًا: مَا لَزِمَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمُفَاوَضَةِ مِنْ دَيْنِ التِّجَارَةِ، أَوْ مَا يَجْرِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل وحواشيه 4 / 264.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي على خليل 4 / 264، بلغة السالك 2 / 170، 171.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بلغة السالك 2 / 171.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٠)</span><hr/></div>مَجْرَاهَا. يَلْزَمُ الآْخَرَ، وَيَكْفِي إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ لُزُومُهُ لِلْمُقِرِّ بِمُقْتَضَى إِقْرَارِهِ، ثُمَّ لُزُومُهُ لِشَرِيكِهِ بِمُقْتَضَى كَفَالَتِهِ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p><font color=#ff0000>66 -</font> وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالإِْقْرَارِ بِالدَّيْنِ أَثْنَاءَ قِيَامِ الشَّرِكَةِ. أَمَّا فِي الإِْقْرَارِ بِعَيْنٍ - كَوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ - أَوْ بِدَيْنٍ لَكِنْ بَعْدَ انْتِهَاءِ الشَّرِكَةِ، فَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْمُقِرَّ حِصَّتُهُ مِنَ الْعَيْنِ أَوِ الدَّيْنِ: ثُمَّ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مُجَرَّدُ شَاهِدٍ. وَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ هَذَا الشَّاهِدِ، وَيَسْتَحِقُّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ أَيْضًا (2) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ، قَوْلٌ بِقَبُول إِقْرَارِ الشَّرِيكِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ عَلَى الشَّرِكَةِ، مَا دَامَتْ قَائِمَةً، وَمِنْهُمْ مَنِ اخْتَارَهُ فَيَجِيءُ بِالأَْوْلَى فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ (3) .</p><font color=#ff0000>67 -</font> ثَالِثًا: حُقُوقُ الْعَقْدِ الَّذِي يَتَوَلَاّهُ أَحَدُهُمَا فِي مَال الشَّرِكَةِ، مُسْتَوِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمَا. بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْمُفَاوَضَةِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 72، والفتاوى الهندية 2 / 309، ورد المحتار 3 / 349، مجمع الأنهر 2 / 188.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي على خليل 4 / 263.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروع 2 / 726</p><font color=#ff0000>(4)</font> الخرشي على خليل 4 / 261، 262.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٠)</span><hr/></div>مِثَال ذَلِكَ: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ (1) ، وَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الاِسْتِحْقَاقِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ، وَقَبْضُهُمَا وَإِقْبَاضُهُمَا: سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لَهُمَا أَمْ عَلَيْهِمَا. فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا لِلشَّرِكَةِ، وَأَرَادَ أَنْ يُمَارِسَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ، لِقِيَامِ سَبَبِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَيْهِ، بَل لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقُومَ بِهِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ مَا هُوَ فِي مَعْنَى الشِّرَاءِ (2) .</p>وَالَّذِي يَشْتَرِي سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْبًا، يَكُونُ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى أَيِّ الشَّرِيكَيْنِ شَاءَ، وَإِذَا اسْتَحَقَّتْ عِنْدَهُ لآِخَرَ - كَأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ أَوْ مَسْرُوقَةٌ - كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِثَمَنِهَا، الَّذِي دَفَعَهُ، أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ عَقْدَ الْبَيْعِ، أَوْ تَوَلَّى قَبْضَ الثَّمَنِ. كَمَا أَنَّ لَهُ عِنْدَ بِدَايَةِ الصَّفْقَةِ أَنْ يُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِتَسْلِيمِ السِّلْعَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي بَاعَهَا. وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَيَقُومَ بِالتَّسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ، أَوْ يَقْبِضَهُ أَحَدُهُمَا وَيُسَلِّمَ الآْخَرُ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَمَّا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ أَشْيَائِهِ الْخَاصَّةِ وَآجَرَهُ، فَحُقُوقُ الْعَقْدِ خَاصَّةٌ بِهِ. فَلَيْسَ لِلَّذِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 209، مطالب أولي النهى 3 / 553، بلغة السالك 2 / 168.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 5 / 26.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧١)</span><hr/></div>يَشْتَرِي مِنْهُ مَثَلاً أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَلَا لِهَذَا الشَّرِيكِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ (1) .</p><font color=#ff0000>68 -</font> رَابِعًا: تَصَرُّفُ الْمُفَاوِضِ نَافِذٌ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ فِي كُل مَا يَعُودُ عَلَى مَال الشَّرِكَةِ نَفْعُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ أَعْمَال التِّجَارَةِ وَمُلْحَقَاتِهَا أَمْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ.</p>وَهَذَا الْحُكْمُ مَوْضِعُ وِفَاقٍ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْمُفَاوَضَةِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ كُل تَصَرُّفٍ يُجَافِي الْمَصْلَحَةَ يَقُومُ بِهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، بِلَا إِذْنٍ سَابِقٍ مِنْ شَرِيكِهِ، يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى الشَّرِكَةِ، عَلَى إِجَازَتِهِ اللَاّحِقَةِ. فَإِنْ لَمْ يُجِزْ، نَفَذَ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ وَحْدَهُ، وَضَمِنَ حَقَّ شَرِيكِهِ. فَلَوْ أَنَّهُ مَثَلاً وَلَّى بِأَصْل الثَّمَنِ شَخْصًا أَجْنَبِيًّا صَفْقَةً عَقَدَهَا هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ يُقَدَّرُ رِبْحُهَا بِخَمْسِينَ فِي الْمِائَةِ: فَإِنَّ شَرِيكَهُ إِنْ لَمْ يُجِزْهُ، يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِالْمِائَةِ - إِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ بِالنِّصْفِ - لأَِنَّ الْمُحَابَاةَ كَالتَّبَرُّعِ. إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الدَّافِعُ إِلَى هَذِهِ الْمُحَابَاةِ تَأَلُّفَ عَمِيلٍ ذِي خَطَرٍ لِمُصْلِحَةِ الشَّرِكَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 310.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 72، 73، رد المحتار 3 / 356، والفواكه الدواني 2 / 174، والخرشي على خليل وحواشيه 4 / 259.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧١)</span><hr/></div><font color=#ff0000>69 -</font> خَامِسًا: بَيْعُ الْمُفَاوِضِ مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ صَحِيحٌ نَافِذٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْ عَلَى الشَّرِكَةِ. وَلَا تَأْثِيرَ هُنَا لِتُهْمَةِ الْمُحَابَاةِ؛ لأَِنَّ الْمُتَفَاوِضِينَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ. بِخِلَافِ شَرِيكَيِ الْعَنَانِ، فَإِنَّ غَايَتَهَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَكِيلٌ عَنِ الآْخَرِ - وَمَوَاضِعُ التُّهْمَةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ الْوَكَالَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَاّ إِذَا قِيل لِلْوَكِيل: عَامِل مَنْ شِئْتَ، فَيَصِحُّ التَّعَامُل بِمِثْل الْقِيمَةِ. وَيَكْتَفِي الصَّاحِبَانِ بِإِيجَابِ مِثْل الْقِيمَةِ لِتَصْحِيحِ التَّعَامُل الَّذِي لَمْ يَبْلُغْهُ، بِكُل حَالٍ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ يَنْفُذُ بِلَا إِذْنِ شَرِيكِهِ إِذَا كَانَ فِي حُدُودِ مَصْلَحَةِ الشَّرِكَةِ فَلَا بَأْسَ لَدَيْهِمْ إِذَنْ بِالْبَيْعِ فِي مَوْضِعِ تُهْمَةِ الْمُحَابَاةِ. مَا دَامَتِ الْمُحَابَاةُ لَمْ تَثْبُتْ فِعْلاً (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُشَارَكَةُ الْمُفَاوِضِ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ</span></p><font color=#ff0000>70 -</font> لِلْمُفَاوِضِ أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ عَنَانٍ: وَيَنْفُذَ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ، أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ. لأَِنَّ شَرِكَةَ الْعَنَانِ دُونَ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، فَلَا مَحْذُورَ فِي أَنْ تَصِحَّ فِي ضِمْنِهَا، وَتَقَعُ تَبَعًا لَهَا - كَمَا صَحَّتِ الْمُضَارَبَةُ تَبَعًا لِلشَّرِكَةِ مُطْلَقًا: بِأَنْ يُضَارِبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ثَالِثًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 3 / 356، مجمع الأنهر 2 / 225، الأتاسي على المجلة 4 / 297.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 174.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٢)</span><hr/></div>بِمَال الشَّرِكَةِ. وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الصَّاحِبَيْنِ.</p>وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ هَذَا أَنْ لَا تَصِحَّ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ تَبَعًا لِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ: أَيْ أَلَاّ يَصِحَّ لأَِحَدِ شَرِيكَيِ الْمُفَاوَضَةِ - بِدُونِ إِذْنِ شَرِيكِهِ - أَنْ يُفَاوِضَ ثَالِثًا؛ لأَِنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ (1) . وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ - إِلَاّ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا عَدَمَ صِحَّةِ الْمُفَاوَضَةِ مِنَ الْمُفَاوِضِ بِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَنَانًا، وَمَا يَخُصُّ الَّذِي أَحْدَثَهَا - وَلَوْ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ - مِنْ رِبْحِهَا، يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ الأَْوَّل (2) .</p>وَلَمْ يَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مَانِعًا مِنْ أَنْ يُفَاوِضَ الْمُفَاوِضُ أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَلَمْ يَجْعَل لِلْمُفَاوِضِ أَنْ يُفَاوِضَ، وَلَا أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ عَنَانٍ؛ لأَِنَّهُ فِي كِلَيْهِمَا تَغْيِيرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الَّذِي تَمَّتْ بِهِ الشَّرِكَةُ الأُْولَى - إِذْ يُوجِبُ لِلشَّرِيكِ الْجَدِيدِ حَقًّا فِي مَال الشَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِدُونِ تَرَاضِي الشُّرَكَاءِ (3) .</p>وَظَاهِرُ كَلَامِ الْحَنَابِلَةِ وِفَاقُ أَبِي حَنِيفَةَ (4) . أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ جَعَلُوا لِلْمُفَاوِضِ أَنْ يُفَاوِضَ، أَوْ يَعْقِدَ أَيَّةَ شَرِكَةٍ أُخْرَى - فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 26، بدائع الصنائع 6 / 74.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 2 / 313، رد المحتار 3 / 356.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 6 / 74، فتح القدير 5 / 27.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مطالب أولي النهى 3 / 506.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٢)</span><hr/></div>بَعْضِ مَال الشَّرِكَةِ، لَا فِي جَمِيعِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْبَعْضُ عَلَى التَّعْيِينِ لَا عَلَى الشُّيُوعِ: كَمَا لَوْ أَفْرَدَ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ، وَجَاءَ الأَْجْنَبِيُّ بِمِائَةِ دِينَارٍ مِثْلِهَا، وَجَعَلَا يَتَّجِرَانِ فِي الْمِائَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَا شَأْنَ لِهَذَا الأَْجْنَبِيِّ بِسَائِرِ مَال الشَّرِكَةِ الأُْولَى (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِشَرِكَةِ الْعَنَانِ:</span></p><font color=#ff0000>71 -</font> أَوَّلاً - لَيْسَ كُل مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ: لأَِنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَيْسَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ رَأْسِ مَال الشَّرِكَةِ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا شَيْئًا مَا بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ. بَل يَكُونُ مَا يَشْتَرِيهِ حِينَئِذٍ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ خَارِجَ الشَّرِكَةِ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلشَّرِكَةِ لأَِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الاِسْتِدَانَةِ، وَاسْتِدَانَةُ شَرِيكِ الْعَنَانِ لَا تَجُوزُ إِلَاّ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَجَاوُزِ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَال الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (2) .</p>كَذَلِكَ الشَّرِيكُ الَّذِي كُل مَا بِيَدِهِ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ عُرُوضٌ (غَيْرُ نَقْدٍ) أَوْ مَعَهَا نَاضٌّ لَا يَفِي بِالثَّمَنِ، لَا تَمْضِي لِلشَّرِكَةِ صَفْقَتُهُ الْمُشْتَرَاةُ بِالنَّقْدِ (أَعْنِي الأَْثْمَانَ) وَأَيْضًا الشَّرِيكُ الَّذِي يَشْتَرِي لِلشَّرِكَةِ نَوْعًا آخَرَ غَيْرَ النَّوْعِ الَّذِي انْحَصَرَتْ فِيهِ تِجَارَةُ الشَّرِكَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل وحواشيه 4 / 259.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 68، 72، رد المحتار 3 / 355.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٣)</span><hr/></div>بِمُقْتَضَى عَقْدِهَا - لَا يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ شَيْءٌ مِمَّا اشْتَرَاهُ: كَالَّذِي يَشْتَرِي أُرْزًا، وَتِجَارَةُ الشَّرِكَةِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْقُطْنِ، أَوْ بِالْعَكْسِ (1) .</p>وَمَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ شَرِيكُ الْعَنَانِ (2) بِلَا إِذْنٍ خَاصٍّ مِنْ شَرِيكِهِ لَا يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ إِلَاّ بِثَلَاثِ شَرَائِطَ (3) :</p><font color=#ff0000>(1)</font> أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ مَا يَكْفِي لِسَدَادِ ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أَنْ يَكُونَ هَذَا الَّذِي بِيَدِهِ نَاضًّا، لَا عُرُوضًا، إِذَا اشْتَرَى بِنُقُودٍ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ جِنْسِ تِجَارَةِ الشَّرِكَةِ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا أَسْلَفْنَا شَرِيطَةٌ رَابِعَةٌ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أَنْ لَا يَكُونَ شَرِيكُهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ صَرَاحَةً فِي الاِخْتِصَاصِ بِالسِّلْعَةِ.</p>فَإِذَا تَوَافَرَتْ هَذِهِ الشَّرَائِطُ الأَْرْبَعُ، وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلشَّرِكَةِ، وَلَوِ ادَّعَى الشَّرِيكُ أَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ، أَوْ حَتَّى أَشْهَدَ بِذَلِكَ عِنْدَ شِرَائِهِ؛ لأَِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ إِخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 68، رد المحتار 3 / 353، 362.</p><font color=#ff0000>(2)</font> في بعض ما نقلوه في الهندية - وهم لا يبالون بحكاية المتناقضات - دون تنبيه - مخالفة لهذا التخصيص، لا يعول عليها 2 / 311، ففي الخانية التصريح بافتراق المفاوضة والعنان هنا، رد المحتار 3 / 355.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الظاهر أن الذي لا يكون للشركة، هو ما زاد عما بيده من ناض مال الشركة، أما الباقي فلها، وقد استظهر ابن عابدين مثله في المضاربة، رد المحتار 4 / 507.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٣)</span><hr/></div>الْوَكَالَةِ دُونَ عِلْمِ شَرِيكِهِ. هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p><font color=#ff0000>72 -</font> وَلَا تُوجَدُ مِثْل هَذِهِ الشَّرَائِطِ فِي الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى، عَدَا قَوْلٍ لِلْحَنَابِلَةِ، هُنَا وَفِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ، يَرْفُضُ ادِّعَاءَ الشَّرِيكِ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ - وَلَكِنَّهُمُ اعْتَمَدُوا فِيهِمَا تَصْدِيقَهُ بِيَمِينِهِ (2) وَهُوَ فِي الْعَنَانِ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ (3) وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ أَمِينٌ يَدَّعِي مُمْكِنًا لَا يُعْلَمُ إِلَاّ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَوْلَا إِمْكَانُ تَصْرِيحِهِ بِنِيَّتِهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَالإِْشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ، لَصُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، بَل عِبَارَةُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ - وَلَوْ رَابِحًا، وَفِي دَعْوَى الشِّرَاءِ لِلشَّرِكَةِ - وَلَوْ خَاسِرًا. إِلَاّ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُمْ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ لِلشَّرِكَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ حِصَّتَهُ وَحْدَهَا بِعَيْبٍ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ، فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ. نَعَمْ إِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ لِلشَّرِكَةِ، كَانَ لَهُ، عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَرَدُّ حِصَّتِهِ وَحْدَهَا؛ لأَِنَّهُ - بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا - أَصِيلٌ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَكِيلٌ، فَكَانَ عَقْدُهُ الْوَاحِدُ بِمَثَابَةِ عَقْدَيْنِ (4) أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 3 / 353.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروع 2 / 729.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 216.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البجيرمي على المنهج 3 / 46، مغني المحتاج 2 / 216.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٤)</span><hr/></div>فَإِنَّهُمْ يُصَدِّقُونَ الشَّرِيكَ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ فِي الشَّرِكَاتِ عَدَا شَرِكَةِ الْجَبْرِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ. وَإِنَّمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ - وَقَصَرُوهُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِالشَّرِيكِ وَأَهْلِهِ: مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ، دُونَ سَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ (1) .</p><font color=#ff0000>73 -</font> ثَانِيًا: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يَلْزَمُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ الآْخَرُ: لأَِنَّ شَرِكَةَ الْعَنَانِ تَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ لَا غَيْرُ، إِلَاّ إِذَا صُرِّحَ فِيهَا بِالتَّضَامُنِ - كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنْ اسْتَظْهَرَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ بُطْلَانَ الْكَفَالَةِ حِينَئِذٍ؛ لأَِنَّهَا كَفَالَةٌ لِمَجْهُولٍ، وَالْكَفَالَةُ الصَّرِيحَةُ لَا تَصِحُّ لَهُ (2) .</p><font color=#ff0000>74 -</font> وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ عَدَمُ قَبُول إِقْرَارِ شَرِيكِ الْعَنَانِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ عَلَى الشَّرِكَةِ؛ لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ لَا غَيْرُ، وَالإِْقْرَارُ لَيْسَ مِنَ التِّجَارَةِ فِي شَيْءٍ - وَإِنَّمَا يُقْبَل عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ هُوَ وَحْدَهُ (3) . هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَال بِيَدِهِ أَوْ لَا - إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ، كَثَمَنِ شَيْءٍ اشْتُرِيَ لِلشَّرِكَةِ، وَكَأُجْرَةِ دَلَاّلٍ وَحَمَّالٍ وَمُخَزِّنٍ وَحَارِسٍ، لأَِنَّهُ إِذْنٌ كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بلغة السالك 2 / 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 5 / 209، رد المحتار 3 / 351، 356، 363.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 5 / 131، مطالب أولي النهى 3 / 50.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٤)</span><hr/></div>إِقْبَاضِ الثَّمَنِ. وَهَذَا التَّفْصِيل - لَيْسَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ رُبَّمَا لِلإِْجَابَةِ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ - فِي ذَهَابِهِ إِلَى قَبُول إِقْرَارِ الشَّرِيكِ عَلَى الشَّرِكَةِ مُطْلَقًا - إِذْ يَقُول:" إِنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَلَا يُسَلِّمَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ لَمْ يُقْبَل إِقْرَارُهُ بِالثَّمَنِ لَضَاعَتْ أَمْوَال النَّاسِ، وَامْتَنَعُوا مِنْ مُعَامَلَتِهِ " وَحَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ، وَقَال إِنَّهُ الصَّوَابُ (1) .</p><font color=#ff0000>75 -</font> ثَالِثًا - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ الَّذِي يَتَوَلَاّهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، قَاصِرَةٌ عَلَيْهِ: لأَِنَّهُ مَا دَامَ الْفَرْضُ أَنْ لَا كَفَالَةَ، فَإِنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ إِنَّمَا تَكُونُ لِلْعَاقِدِ. فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ مَال الشَّرِكَةِ أَوْ آجَرَهُ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ الثَّمَنَ أَوِ الأُْجْرَةَ، وَيُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ أَوِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، وَيُخَاصِمُ عِنْدَ الْخِلَافِ: فَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ يُقِيمُهَا. وَتُطْلَبُ مِنْهُ الْيَمِينُ أَوْ يَطْلُبُهَا. أَمَّا شَرِيكُهُ فَهُوَ وَالأَْجْنَبِيُّ سَوَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِهِ الْحُقُوقِ: لَيْسَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ.</p>وَكَذَلِكَ فِي حَالَةِ مَا إِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا لِلشَّرِكَةِ أَوِ اسْتَأْجَرَهُ: فَإِنَّهُ، دُونَ شَرِيكِهِ، هُوَ الَّذِي تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ أَوِ الأُْجْرَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُطَالِبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير 5 / 124، الإنصاف 5 / 421.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٥)</span><hr/></div>بِالتَّسْلِيمِ وَيَتَوَلَّى الْقَبْضَ، وَتَقَعُ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ لَهُ وَعَلَيْهِ. ثُمَّ إِذَا دَفَعَ مِنْ مَال نَفْسِهِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ فِيمَا دَفَعَ؛ لأَِنَّهُ وَكِيل هَذَا الشَّرِيكِ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنَ الصَّفْقَةِ.</p>وَهَكَذَا عِنْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَعِنْدَ الرُّجُوعِ بِالاِسْتِحْقَاقِ: إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلَّذِي تَوَلَّى الْعَقْدَ أَوْ عَلَيْهِ. وَلَا شَأْنَ لِلشَّرِيكِ الآْخَرِ فِيهِ (1) .</p><font color=#ff0000>76 -</font> وَالرَّهْنُ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ، وَالاِرْتِهَانُ بِهِ، مِنْ تَوَابِعِ حُقُوقِ الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ الرَّهْنَ بِمَثَابَةِ الإِْقْبَاضِ، وَالاِرْتِهَانَ بِمَثَابَةِ الْقَبْضِ. فَبِدُونِ إِذْنِ الْعَاقِدِ - كَالْمُشْتَرِي فِي حَالَةِ الرَّهْنِ، وَالْبَائِعِ فِي حَالَةِ الاِرْتِهَانِ - لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَرْهَنَ أَوْ يَرْتَهِنَ، وَلَوْ كَانَ قَدْ شَارَكَ فِي الْعَقْدِ الَّذِي أَوْجَبَ الدَّيْنَ. ذَلِكَ لأَِنَّ فِي الرَّهْنِ تَوْفِيَةَ دَيْنِ الشَّرِيكِ الآْخَرِ مِنْ مَالِهِ - إِذْ فَرْضُ الْكَلَامِ فِي رَهْنِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ الشَّرِكَةِ - وَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ أَنْ يُوَفِّيَ دَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ مَال ذَلِكَ الْغَيْرِ بِدُونِ إِذْنِهِ، وَفِي الاِرْتِهَانِ اسْتِيفَاءُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الآْخَرِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ بِمُقْتَضَى عَقْدِهِ هُوَ - اسْتِقْلَالاً أَوْ مُشَارَكَةً - وَذَلِكَ لَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ بِدُونِ إِذْنِهِ أَيْضًا (2) .</p>وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنْ لَيْسَ لأَِحَدِ شَرِيكَيِ الْعَنَانِ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِفِعْل شَيْءٍ فِي الشَّرِكَةِ إِلَاّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 22، رد المحتار 3 / 353.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 70.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٥)</span><hr/></div>بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَمَعْرِفَتِهِ (1) .</p>وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: " وَلَهُ (أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ شَرِيكَيِ الْعَنَانِ) أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ، وَيَقْبِضَهُمَا، وَيُخَاصِمَ فِي الدَّيْنِ، وَيُطَالِبَ بِهِ، وَيُحِيل وَيَحْتَال، وَيَرُدَّ بِالْعَيْبِ: فِيمَا وَلِيَهُ هُوَ، وَفِيمَا وَلِيَ صَاحِبُهُ. . لأَِنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ لَا تَخُصُّ الْعَاقِدَ ". (2)</p>وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى جَوَازِ انْفِرَادِ أَحَدِ شَرِيكَيِ الْعَنَانِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (3) .</p><font color=#ff0000>77 -</font> مَا يَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُ شَرِيكِ الْعَنَانِ عَلَى شَرِيكِهِ:</p>رَابِعًا - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ نَفَاذَ تَصَرُّفِ شَرِيكِ الْعَنَانِ عَلَى شَرِيكِهِ يَخْتَصُّ بِالتِّجَارَةِ: فَإِذَا غَصَبَ شَرِيكُ الْعَنَانِ شَيْئًا أَوْ أَتْلَفَهُ، فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِضَمَانِهِ، وَلَا يَشْرَكُهُ فِيهِ شَرِيكُهُ. بِخِلَافِ مَا إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِلشَّرِكَةِ - شِرَاءً صَحِيحًا - وَهُوَ يَمْلِكُ الْحَقَّ فِي شِرَائِهِ بِمُقْتَضَى عَقْدِهَا، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى شَرِيكِهِ: وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى هَذَا الشَّرِيكِ بِحِصَّتِهِ فِي الثَّمَنِ لَوْ أَدَّاهُ مِنْ مَال نَفْسِهِ. بَل لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا، فَتَلِفَ عِنْدَهُ مَا اشْتَرَاهُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَحَمَّل ضَمَانَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل 4 / 265.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 129، 130.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 215، نهاية المحتاج 5 / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٦)</span><hr/></div>وَحْدَهُ، بَل يَشْرَكُهُ فِيهِ شَرِيكُهُ، عَلَى النِّسْبَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا فِي رَأْسِ مَال تِجَارَتِهِمَا.</p>أَمَّا أَبُو يُوسُفَ، فَإِنَّهُ يَكْتَفِي، لِنَفَاذِ تَصَرُّفِ شَرِيكِ الْعَنَانِ عَلَى شَرِيكِهِ بِعَوْدِ نَفْعِهِ عَلَى مَال الشَّرِكَةِ، كَشَرِيكِ الْمُفَاوَضَةِ.</p>وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ: أَنَّ الْعَارِيَّةَ يَسْتَعِيرُهَا أَحَدُ شَرِيكَيِ الْعَنَانِ لِغَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِهِ الْخَاصَّةِ - كَحَمْل طَعَامِ أَهْلِهِ - تَكُونُ خَاصَّةً بِهِ (1) . فَيَضْمَنُ شَرِيكُهُ لَوِ اسْتَعْمَلَهَا. بِخِلَافِ مَا لَوِ اسْتَعَارَهَا مِنْ أَجْل الشَّرِكَةِ - كَحَمْل سِلْعَةٍ مِنْ سِلَعِهَا - فَإِنَّهَا تَكُونُ عَارِيَّةً مُشْتَرَكَةً، كَمَا لَوْ كَانَا اسْتَعَارَاهَا مَعًا: حَتَّى لَوْ حَمَل عَلَيْهَا الآْخَرُ مِثْل تِلْكَ السِّلْعَةِ فَتَلِفَتْ، فَلَا ضَمَانَ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>78 -</font> بَيْعُ شَرِيكِ الْعَنَانِ بِأَقَل مِنْ ثَمَنِ الْمِثْل:</p>نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ. فَإِنْ فَعَل صَحَّ الْعَقْدُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً، وَلِلْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعِ الْخِيَارُ. إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ قَدِ اشْتَرَى بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ، وَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 326، وبدائع الصنائع 6 / 74، رد المحتار 3 / 356.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي على خليل 4 / 260، بلغة السالك 2 / 165، المهذب 1 / 353، ومطالب أولي النهى 3 / 502، والمغني لابن قدامة 5 / 130.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٦)</span><hr/></div>لَا لِلشَّرِكَةِ (1) . وَقَالُوا لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْل إِذَا كَانَ ثَمَّ رَاغِبٌ بِأَكْثَرَ - حَتَّى إِنَّهُ لَوْ بَاعَ فِعْلاً، ثُمَّ ظَهَرَ هَذَا الرَّاغِبُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَإِلَاّ انْفَسَخَ تِلْقَائِيًّا (2) .</p> </p><font color=#ff0000>79 -</font> مُشَارَكَةُ شَرِيكِ الْعَنَانِ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ:</p>لَيْسَ لأَِحَدِ شَرِيكَيِ الْعَنَانِ أَنْ يُشَارِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ: لَا مُفَاوَضَةً وَلَا عَنَانًا. لأَِنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ فَوْقَهُ. لَكِنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُشَارِكَ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّل: فَإِذَا شَارَكَ بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الشَّرِكَةِ بُطْلَانُ الْوَكَالَةِ الَّتِي فِي ضِمْنِهَا، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الأَْخَصِّ بُطْلَانُ الأَْعَمِّ. هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) .</p><font color=#ff0000>80 -</font> وَكَلَامُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَامٌّ فِي مَنْعِ دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ إِلَى أَجْنَبِيٍّ لِيَعْمَل فِيهِ، دُونَ إِذْنِ سَائِرِ الشُّرَكَاءِ - وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ خِدْمَةً لِلشَّرِكَةِ وَلَوْ بِلَا مُقَابِلٍ: وَهُوَ الإِْبْضَاعُ؛ لأَِنَّ الرِّضَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ إِنَّمَا وَقَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 215.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 6 / 8.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كذا قالوا: ويلوح في تعليله: أنه أصيل في نصف ما صار بيده من ماله ومال الشركة، وكيل في نصفه الآخر، وعبارات الكتب لا تكاد تختلف، وينقصها الوضوح. وانظر بدائع الصنائع 6 / 69، والفتاوى الهندية 2 / 322.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٧)</span><hr/></div>قَاصِرًا عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ وَتَصَرُّفِهِ هُوَ، دُونَ تَصَرُّفِ أَحَدٍ سِوَاهُ (1) . فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّرِكَةِ وَيُحِل غَيْرَهُ مَحَلَّهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ شَرِكَتَيِ الأَْعْمَال وَالْوُجُوهِ:</span></p><font color=#ff0000>81 -</font> هَاتَانِ الشَّرِكَتَانِ لَا تَخْرُجَانِ عَنْ أَنْ تَكُونَا مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا. فَتُطَبَّقُ فِيهِمَا أَحْكَامُ الْمُفَاوَضَةِ فِي الأَْمْوَال - إِنْ كَانَتَا مِنْ قَبِيل الْمُفَاوَضَةِ، وَأَحْكَامُ الْعَنَانِ فِي الأَْمْوَال - إِنْ كَانَتَا مِنْ قَبِيل الْعَنَانِ. وَإِذَا أُطْلِقَتْ أَيَّتُهُمَا فَهِيَ عَنَانٌ، كَمَا هُوَ الأَْصْل دَائِمًا (2) .</p>إِلَاّ أَنَّ شَرِكَةَ الْعَنَانِ فِي الأَْعْمَال تَأْخُذُ دَائِمًا حُكْمَ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ:</p>الْمَسْأَلَةُ الأُْولَى: تَقَبُّل أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُلْزِمٌ لَهُمَا عَلَى التَّضَامُنِ كَمَا لَوْ كَانَا شَخْصًا وَاحِدًا - وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ أَحَدًا مِنْهُمَا أَنْ يَعْمَل بِنَفْسِهِ، مَا لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ صَاحِبُ الْعَمَل. فَبِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ يَسْتَوِي أَنْ يَعْمَلَهُ هُوَ، أَوْ يَعْمَلَهُ شَرِيكُهُ، أَوْ غَيْرُهُمَا - كَأَنْ يَسْتَأْجِرَا، هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، مَنْ يَقُومُ بِهِ. إِذِ الْمَشْرُوطُ مُطْلَقُ الْعَمَل (3) أَمَّا مَعَ هَذَا الشَّرْطِ مِنْ صَاحِبِ الْعَمَل فَيُتْبَعُ الشَّرْطُ، لَكِنْ تَظَل الْمَسْأَلَةُ كَمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ إِلْزَامُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 9، المغني لابن قدامة 5 / 132، مطالب أولي النهى 3 / 506.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 2 / 329.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 5 / 28.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٧)</span><hr/></div>التَّضَامُنِ: فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُعْفِي مَنْ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُطَالَبَةِ، بِحُكْمِ الضَّمَانِ. نَعَمْ هُوَ يُفِيدُ تَقْيِيدَ حَقِّ مُطَالَبَتِهِ - مَا دَامَ لَيْسَ هُوَ الْمُتَقَبِّل - بِمُدَّةِ اسْتِمْرَارِ الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا إِذَا خَلَا التَّقَبُّل مِنْ هَذَا الشَّرْطِ، فَإِنَّ الضَّمَانَ يَسْتَمِرُّ بَعْدَ انْحِلَال الشَّرِكَةِ.</p>وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الأَْصْل أَنَّ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> لِصَاحِبِ الْعَمَل أَنْ يُطَالِبَ بِهِ كَامِلاً أَيَّ الشَّرِيكَيْنِ شَاءَ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُطَالِبَ صَاحِبَ الْعَمَل بِالأُْجْرَةِ كَامِلَةً.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تَبْرَأُ ذِمَّةُ صَاحِبِ الْعَمَل مِنَ الأُْجْرَةِ بِدَفْعِهَا إِلَى أَيِّ الشَّرِيكَيْنِ شَاءَ. وَهَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) .</p>الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا تَلِفَ، أَوْ تَعَيَّبَ، مِمَّا يَعْمَل فِيهِ الشَّرِيكَانِ، بِسَبَبِ أَحَدِهِمَا - فَضَمَانُهُ عَلَيْهِمَا. وَلِصَاحِبِ الْعَمَل أَنْ يُطَالِبَ بِهَذَا الضَّمَانِ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2) .</p>وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الضَّمَانَ الْمُشْتَرَكَ مُقَيَّدٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 330، وبدائع الصنائع 6 / 76، رد المحتار 3 / 359، والخرشي على خليل 4 / 269، 270، بلغة السالك 2 / 173، مطالب أولي النهى، 3 / 547.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 76، الفتاوى الهندية 2 / 329، المغني لابن قدامة 5 / 114، مطالب أولي النهى 3 / 547، الخرشي على خليل 4 / 269، 270، بلغة السالك 2 / 173.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٨)</span><hr/></div>بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطِ الْمُتَسَبِّبِ فِيهِ، وَإِلَاّ اقْتَصَرَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ (1) .</p><font color=#ff0000>82 -</font> أَمَّا فِيمَا عَدَا هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَعَنَانُ شَرِكَةِ الأَْعْمَال كَعَنَانِ غَيْرِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِذَا يَنُصُّونَ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِ الإِْقْرَارِ فِي شَرِكَةِ الأَْعْمَال بِاخْتِلَافِ نَوْعَيْهَا مِنْ مُفَاوَضَةٍ وَعَنَانٍ. ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ شَرِيكُ الأَْعْمَال بِدَيْنٍ مَا مِنْ ثَمَنِ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ - كَصَابُونٍ أَوْ أَيِّ مُنَظِّفٍ آخَرَ أَوْ غَيْرِ مُنَظِّفٍ - أَوْ مِنْ أَجْرِ عُمَّالٍ أَوْ أُجْرَةِ دُكَّانٍ عَنْ مُدَّةٍ مَضَتْ، وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى شَرِيكِهِ إِذَا كَانَتْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، وَلَا يُصَدَّقُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ إِذَا كَانَتْ شَرِكَةَ عَنَانٍ. ذَلِكَ أَنَّ الْمُقِرَّ يَلْزَمُهُ إِقْرَارُهُ، ثُمَّ لَا يُؤْخَذُ شَرِيكُهُ بِهَذَا الإِْقْرَارِ إِلَاّ إِذَا كَانَ كَفِيلاً لَهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُفَاوَضَةِ، وَلَا كَفَالَةَ فِي الْعَنَانِ، إِذَا أُطْلِقَتْ عَنِ التَّقْيِيدِ بِهَا. أَمَّا الإِْقْرَارُ بِالدَّيْنِ قَبْل اسْتِهْلَاكِ الْمَبِيعِ أَوْ قَبْل انْقِضَاءِ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ، فَمَاضٍ عَلَى الشَّرِكَةِ بِإِطْلَاقٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَنَانٍ وَمُفَاوَضَةٍ.</p>كَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى مُدَّعٍ شَيْئًا مِمَّا يَعْمَلَانِ فِيهِ، كَثَوْبٍ، فَأَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الآْخَرُ - لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَاّ فِي الْمُفَاوَضَةِ، خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ الَّذِي تَرَكَ هُنَا الْقِيَاسَ إِلَى الاِسْتِحْسَانِ وَقَال: إِنَّ إِقْرَارَهُ مَاضٍ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 114.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٨)</span><hr/></div>الشَّرِكَةِ فِي الْعَنَانِ أَيْضًا، إِلْحَاقًا لَهَا بِالْمُفَاوَضَةِ فِي مَحَل الْعَمَل، كَمَا أُلْحِقَتْ بِهَا فِي التَّضَامُنِ وَالأُْجْرَةِ (1) .</p>وَالْمَالِكِيَّةُ يَقُولُونَ: فِي شَرِيكَيِ الأَْعْمَال: إِنَّهُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ (2) . فَمُقْتَضَى هَذَا الأَْصْل الْعَامِّ قَبُول أَقَارِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَنَفَاذُهَا عَلَيْهِمَا بِإِطْلَاقٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ عَنَانٍ وَمُفَاوَضَةٍ، وَلَا بَيْنَ دَيْنٍ وَعَيْنٍ، وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ، فَإِنَّمَا يُمْضُونَ عَلَيْهِمَا إِقْرَارَ أَحَدِهِمَا إِذَا كَانَ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ؛ لأَِنَّ الْيَدَ لَهُ، وَإِلَاّ فَلَا؛ لاِنْتِفَاءِ الْيَدِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌قِسْمَةُ الْكَسْبِ بَيْنَ شَرِيكَيِ الْعَمَل وَتَحَمُّلُهُمَا الْخَسَارَةَ:</span></p><font color=#ff0000>83 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ كَسْبَ الشَّرِكَةِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى مَا شَرَطَا فِي عَنَانِ شَرِكَةِ الأَْعْمَال، دُونَ نَظَرٍ إِلَى اتِّسَاقِ الشَّرْطِ أَوْ عَدَمِ اتِّسَاقِهِ مَعَ شَرْطِ الْعَمَل عَلَى كِلَا الشَّرِيكَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعْلِيل ذَلِكَ، وَتَوْجِيهُ مُخَالَفَتِهِ لِقِسْمَةِ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ.</p>وَهَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ سَوَاءٌ عَمِل الشَّرِيكَانِ أَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أي: مطالبة صاحب العمل بها، وبراءة ذمته بدفعها إلى أي الشريكين شاء، بدائع الصنائع 6 / 76، 77، رد المحتار 3 / 389.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بلغة السالك 2 / 173.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 5 / 114، مطالب أولي النهى 3 / 547.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٩)</span><hr/></div>أَحَدُهُمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ امْتِنَاعُ الْمُمْتَنِعِ عَنِ الْعَمَل لِعُذْرٍ - كَسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ - أَمْ لِغَيْرِهِ، كَكَسَلٍ وَتَعَالٍ؛ لأَِنَّ الْعَامِل مُعِينٌ لِلآْخَرِ، وَالشَّرْطُ مُطْلَقُ الْعَمَل. وَلِذَا لَا مَانِعَ مِنَ الاِسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ، أَوْ حَتَّى الاِسْتِعَانَةِ الْمَجَّانِيَّةِ (1) . فَإِذَا لَمْ يَتَعَرَّضَا لِشَرْطِ الْعَمَل بِنِسْبَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَهُوَ عَلَى نِسْبَةِ الرِّبْحِ الَّتِي تَشَارَطَاهَا؛ لأَِنَّ هَذَا هُوَ الأَْصْل، فَلَا يُعْدَل عَنْهُ إِلَاّ بِنَصٍّ صَرِيحٍ: أَمَّا الْخَسَارَةُ (الْوَضْعِيَّةُ) فِي شَرِكَةِ الأَْعْمَال، فَلَا تَكُونُ إِلَاّ بِقَدْرِ ضَمَانِ الْعَمَل: أَيْ بِقَدْرِ مَا شُرِطَ عَلَى كِلَا الشَّرِيكَيْنِ مِنَ الْعَمَل، كَمَا أَنَّ الْخَسَارَةَ فِي شَرِكَةِ الأَْمْوَال دَائِمًا بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، إِذِ الْعَمَل هُنَا كَالْمَال هُنَاكَ. وَلِذَا لَوْ تَشَارَطَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحَدِهِمَا ثُلُثَا الْعَمَل وَعَلَى الآْخَرِ الثُّلُثُ فَحَسْبُ، وَالْخَسَارَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ - فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَسَارَةِ، وَهِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى النِّسْبَةِ الَّتِي تَشَارَطَاهَا فِي الْعَمَل نَفْسِهِ (2) .</p>وَيَنُصُّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ حَالَةَ الإِْطْلَاقِ تُحْمَل عَلَى التَّسَاوِي فِي الْعَمَل وَالأُْجْرَةِ: كَالْجِعَالَةِ، إِذْ لَا مُرَجِّحَ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 3 / 359.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 77.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 3 / 548، والمغني 5 / 111 وما بعدها، والإنصاف 5 / 61.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٩)</span><hr/></div>أَمَّا جَمَاهِيرُ الْمَالِكِيَّةِ، فَيَتَحَتَّمُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَ شَرِيكَيِ الأَْعْمَال بِقَدْرِ عَمَلَيْهِمَا، وَلَا يُتَجَاوَزُ إِلَاّ عَنْ فَرْقٍ يَسِيرٍ. هَذَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ - أَمَّا بَعْدَهُ، فَلَا حَرَجَ عَلَى مُتَبَرِّعٍ إِنْ تَبَرَّعَ، وَلَوْ بِالْعَمَل كُلِّهِ. فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى تَفَاوُتِ النِّسْبَةِ بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ وَالنِّسْبَةِ بَيْنَ الرِّبْحَيْنِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَقْدًا فَاسِدًا - عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: وَيَرْجِعُ كِلَا الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا عَمِل عَنْهُ (1) . لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَقْرِنُونَ هَذَا التَّشَدُّدَ بِالتَّسَامُحِ فِي رِبْحِ مَا يَعْمَلُهُ الشَّرِيكُ، فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ عَمَل الشَّرِكَةِ - إِذْ يَجْعَلُونَهُ لَهُ خَاصَّةً، كَمَا فَعَلُوا فِي شَرِكَةِ الأَْمْوَال (2) .</p><font color=#ff0000>84 -</font> تَنْبِيهٌ: لَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ شَرِكَةِ الأَْعْمَال اتِّحَادُ نَوْعِ الْعَمَل وَلَا مَكَانُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، خِلَافًا لِزُفَرَ - فِي رِوَايَةِ تَصْحِيحِهِ شَرِكَةَ التَّقَبُّل. لأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالشَّرِكَةِ وَهُوَ تَحْصِيل الرِّبْحِ، يَتَأَتَّى مَعَ اتِّحَادِ نَوْعِ الْعَمَل وَمَعَ اخْتِلَافِهِ كَمَا يَتَأَتَّى مَعَ وَحْدَةِ الْمَكَانِ وَمَعَ تَعَدُّدِهِ (3) .</p><font color=#ff0000>85 -</font> وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو الْخَطَّابِ، مِنَ الْحَنَابِلَةِ، يَشْتَرِطُونَ اتِّحَادَ نَوْعِ الْعَمَل وَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حواشي التحفة 2 / 215، بلغة السالك 2 / 172.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 216.</p><font color=#ff0000>(3)</font> العناية على الهداية مع فتح القدير 5 / 28، بدائع الصنائع 6 / 65، رد المحتار 3 / 358، والإنصاف 5 / 460.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٠)</span><hr/></div>كَانَ الْمَالِكِيَّةُ يُنَزِّلُونَ تَلَازُمَ الْعَمَلَيْنِ وَتَوَقُّفَ أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ، مَنْزِلَةَ اتِّحَادِهِمَا: كَإِعْدَادِ الْخُيُوطِ وَنَسْجِهَا، وَسَبْكِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَصِيَاغَتِهِمَا. بَل مِنْهُمْ مَنْ يَشْتَرِطُ تَسَاوِيَ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَرَجَةِ إِجَادَةِ الصَّنْعَةِ أَوِ الْعَمَل. وَالسِّرُّ فِي هَذَا التَّشَدُّدِ كُلِّهِ، هُوَ الْفِرَارُ مِنْ أَنْ يَأْكُل أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ثَمَرَةَ كَدِّ الآْخَرِ وَنِتَاجَ عَمَلِهِ. وَقَدْ أَلْزَمَهُمُ ابْنُ قُدَامَةَ بِأَنَّهُ لَوْ قَال أَحَدُهُمَا: أَنَا أَتَقَبَّل وَأَنْتَ تَعْمَل، صَحَّتِ الشَّرِكَةُ، مَعَ اخْتِلَافِ الْعَمَلَيْنِ (1) .</p><font color=#ff0000>86 -</font> أَمَّا اتِّحَادُ الْمَكَانِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَلَكِنَّ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ اعْتَمَدُوا خِلَافَهُ، وَأَوَّلُوا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إِذَا كَانَ رَوَاجُ الْعَمَل فِي الْمَكَانَيْنِ لَيْسَ وَاحِدًا - حَذَرًا مِنْ أَنْ يَأْكُل أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ كَسْبَ الآْخَرِ، أَوْ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْعَمَل فِي أَحَدِ الْمَكَانَيْنِ مُسْتَقِلًّا عَنْهُ فِي الآْخَرِ: بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَتَعَاوَنَانِ فِيمَا يَتَقَبَّلُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَكَانِ عَمَلِهِ، أَوْ كَمَا يَقُولُونَ:" إِذَا لَمْ تُجْل يَدُ أَحَدِهِمَا فِيمَا هُوَ بِيَدِ الآْخَرِ " وَنَصُّوا عَلَى إِهْدَارِ النَّظَرِ إِلَى الصَّنْعَةِ إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ التِّجَارَةَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل 4 / 267، حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 215، بلغة السالك 2 / 172، والمغني لابن قدامة 5 / 113.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي على خليل 4 / 268، الفواكه الدواني 2 / 172.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ:</span></p><font color=#ff0000>87 -</font> الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ: هِيَ الَّتِي لَمْ تَتَوَافَرْ فِيهَا إِحْدَى شَرَائِطِ الصِّحَّةِ - كَأَهْلِيَّةِ التَّوْكِيل وَالتَّوَكُّل، وَقَابِلِيَّةِ الْمَحَل لِلْوَكَالَةِ، وَكَوْنِ الرِّبْحِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِنِسْبَةٍ مَعْلُومَةٍ (1) .</p>وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِلشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ. فَمِنْ ذَلِكَ:</p><font color=#ff0000>88 -</font> أَوَّلاً: الشَّرِكَةُ فِي تَحْصِيل الْمُبَاحَاتِ الْعَامَّةِ: كَالشَّرِكَةِ فِي الاِحْتِطَابِ، وَالاِحْتِشَاشِ، وَالاِصْطِيَادِ، وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَاجْتِنَاءِ الثِّمَارِ الْجَبَلِيَّةِ، وَاسْتِخْرَاجِ مَا فِي بَطْنِ الأَْرْضِ الْمُبَاحَةِ مِنْ نَفْطٍ، أَوْ مَعْدِنٍ خِلْقِيٍّ كَالذَّهَبِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ أَوْ كَنْزٍ جَاهِلِيٍّ، وَصُنْعِ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ مِنْ طِينٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ، فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ، وَالْمَحَل هُنَا غَيْرُ قَابِلٍ لِلْوَكَالَةِ: فَإِنَّ الَّذِي تَسْبِقُ يَدُهُ إِلَى الْمُبَاحِ يَمْلِكُهُ، مَهْمَا يَكُنْ قَصْدُهُ، فَلَا يُمْكِنُ تَوْكِيلُهُ فِي أَخْذِهِ لِغَيْرِهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الطِّينُ - وَمِثْلُهُ سَهْلَةُ الزُّجَاجِ (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل 4 / 268، الفواكه الدواني 2 / 172. (1) وبقية شرائط الصحة تقدم بيانها هي: 1 - أن يكون رأس مال شركة الأموال عينًا، لا دينًا، 2 - أن يكون رأس المال في شركة الأموال من الأثمان، 3 - أن يكون حاضرًا عند العقد أو عند الشراء، 4 - أن يكون محلها في شركة الأعمال عملاً</p><font color=#ff0000>(2)</font> طمي يحمله الماء معه، ويدخل في صناعة الزجاج، وعبارة محيط المحيط: تراب كالرمل يجيء به الماء.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨١)</span><hr/></div>مَمْلُوكًا، فَاشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَاهُ، وَيَطْبُخَاهُ وَيَبِيعَاهُ - فَهَذِهِ شَرِكَةٌ صَحِيحَةٌ.</p><font color=#ff0000>89 -</font> وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَقَدْ صَحَّحُوا الشَّرِكَةَ فِي تَحْصِيل الْمُبَاحَاتِ بِإِطْلَاقٍ (1) .</p><font color=#ff0000>90 -</font> ثَانِيًا: يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ تَكُونَ دَابَّةٌ أَوْ عَرَبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَيُسَلِّمَهَا أَحَدُهُمَا إِلَى الآْخَرِ، عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَعْمَل عَلَيْهَا، وَيَكُونَ لَهُ ثُلُثَا الرِّبْحِ، وَلِلَّذِي لَا يَعْمَل الثُّلُثُ فَحَسْبُ. وَهِيَ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ رَأْسَ مَالِهَا مَنْفَعَةٌ، وَالْمَنْفَعَةُ مُلْحَقَةٌ بِالْعُرُوضِ (2) . فَيَكُونُ الدَّخْل بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمَا، وَلِلَّذِي كَانَ يَعْمَل أُجْرَةُ مِثْل عَمَلِهِ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَا يُشْبِهُ الْعَمَل فِي الْمُشْتَرَكِ حَتَّى نَقُول: لَا أَجْرَ لَهُ لأَِنَّ الْعَمَل فِيمَا يُحْمَل وَهُوَ لِغَيْرِهِمَا.</p><font color=#ff0000>91 -</font> وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ أَوِ الْعَرَبَةِ تَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ، فَيَدْفَعُهَا إِلَى آخَرَ لِيَعْمَل عَلَيْهَا، وَالأُْجْرَةُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةٍ مَعْلُومَةٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهَا، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 31، 32، رد المحتار 3 / 360، والخرشي على خليل 4 / 267، 269، مطالب أولي النهى 3 / 545، حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 210، 215.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 361.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨١)</span><hr/></div>وَالأَْوْزَاعِيُّ عَلَى صِحَّتِهَا، اعْتِبَارًا بِصِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ عِنْدَهُمَا. وَهَكَذَا كُل عَيْنٍ تَنْمِي بِالْعَمَل فِيهَا يَصِحُّ دَفْعُهَا بِبَعْضِ نَمَائِهَا. وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ أَهْل الْعِلْمِ فَاسِدٌ؛ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ: فَمَعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى فَسَادِ هَذَا كُلِّهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَمِنَ الْحَنَابِلَةِ، ابْنُ عَقِيلٍ، دُونَ تَرَدُّدٍ، وَالْقَاضِي فِي بَعْضِ احْتِمَالَاتِهِ (1) . وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لَهُمْ بِحَدِيثِ النَّهْيِ " عَنْ قَفِيزِ (2) الطَّحَّانِ " يَعْنِي: طَحْنَ كَمِّيَّةٍ مِنَ الْحَبِّ بِشَيْءٍ مِنْ طَحِينِهَا (3) وَإِذَنْ فَمِثْل ذَلِكَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، لَا مَحْمَل لَهُ سِوَى ذَلِكَ: فَيَكُونُ الرِّبْحُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ أَوِ الْعَرَبَةِ لِصَاحِبِهِمَا؛ لأَِنَّ الْعِوَضَ إِنَّمَا اسْتُحِقَّ بِالْحَمْل الَّذِي وَقَعَ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ لِلْعَامِل إِلَاّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَقَدْ كَانَ أَقْرَبُ مَا يَخْطِرُ بِالْبَال لِتَصْحِيحِهِ إِلْحَاقَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لا يخفى ما هو اليوم ذائع شائع من النزاع في مجيء شيء من تشريعات الإسلام على خلاف القياس، وانظر كلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم مبسوطًا في هذا الموضوع في (إعلام الموقعين) . على أن المعدول عن سنن القياس هو الذي لا يعقل معناه، فكل ما عقل معناه، ولم يقم</p><font color=#ff0000>(2)</font> القفيز: مكيال - وهو ثمانية مكاكيك (والمكوك ثلاث كيلجات) . ولكن ليس المراد بالقفيز هنا معناه المطابقي هذا، بل كيل معين يجعل للطحان، كرطل. انظر المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الحديث: أخرجه الدارقطني 70 / 47 ط. دار المحاسن من حديث أبي سعيد الخدري وإسناده صحيح تلخيص الحبير 3 / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٢)</span><hr/></div>بِالْمُضَارَبَةِ - وَلَكِنَّ الْمُضَارَبَةَ لَا تَكُونُ فِي الْعُرُوضِ ثُمَّ هِيَ تِجَارَةٌ، وَالْعَمَل هُنَا لَيْسَ مِنَ التِّجَارَةِ فِي شَيْءٍ.</p><font color=#ff0000>92 -</font> رَابِعًا: وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ أَيْضًا فِي شَرِكَاتِ الْبَهَائِمِ، أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ بَقَرَةٌ، فَيَدْفَعَهَا إِلَى آخَرَ لِيَتَعَهَّدَهَا بِالْعَلَفِ وَالرِّعَايَةِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ الْحَاصِل بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةٍ مَا كَنِصْفَيْنِ. وَهَذِهِ أَيْضًا شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ: لَا تَدْخُل فِي شَرِكَةِ الأَْمْوَال، إِذْ لَيْسَ فِيهَا أَثْمَانٌ يُتَّجَرُ بِهَا، وَلَا فِي شَرِكَةِ التَّقَبُّل، أَوِ الْوُجُوهِ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَالْكَسْبُ الْحَاصِل إِنَّمَا هُوَ نَمَاءُ مِلْكِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ - وَهُوَ صَاحِبُ الْبَقَرِ. - فَيَكُونُ لَهُ، وَلَيْسَ لِلآْخَرِ إِلَاّ قِيمَةُ عَلَفِهِ وَأُجْرَةُ مِثْل عَمَلِهِ.</p>وَمِثْل ذَلِكَ دُودُ الْقَزِّ، يَدْفَعُهُ مَالِكُهُ إِلَى شَخْصٍ آخَرَ، لِيَتَعَهَّدَهُ عَلَفًا وَخِدْمَةً، وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ الدَّجَاجَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْضُهَا نِصْفَيْنِ - مَثَلاً - قَالُوا: وَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الأَْصْل أَوْ ثُلُثَهُ مَثَلاً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، مَهْمَا قَل، فَمَا حَصَل مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ.</p><font color=#ff0000>93 -</font> وَقَدْ عَرَفْنَا نَصَّ أَحْمَدَ وَالأَْوْزَاعِيِّ فِي ذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ هَذِهِ الشَّرِكَاتِ كُلِّهَا - شَأْنَ كُل عَيْنٍ تَنْمِي بِالْعَمَل فِيهَا. كَمَا عَرَفْنَا أَنَّ جَمَاهِيرَ أَهْل الْعِلْمِ لَا يُوَافِقُونَهُمَا -</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٢)</span><hr/></div>حَتَّى قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: عَلَى الْقَادِرِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ بَالِغِ الضَّرَرِ (1)</p><font color=#ff0000>94 -</font> بَيْدَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ ذَكَرُوا هُنَا فَرْعًا يُشْبِهُ الاِتِّجَاهَ الْحَنْبَلِيَّ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُصَحِّحُونَ الشَّرِكَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، يَأْتِي أَحَدُهُمَا بِطَائِرٍ ذَكَرٍ، وَيَأْتِي الآْخَرُ بِطَائِرٍ أُنْثَى - كِلَاهُمَا مِنْ نَوْعِ الطُّيُورِ الَّتِي يُشْرَكُ ذُكُورُهَا وَإِنَاثُهَا فِي الْحَضَانَةِ، كَالْحَمَامِ - وَيُزَوِّجَانِ هَذِهِ لِهَذَا، عَلَى أَنْ تَكُونَ فِرَاخُهُمَا بَيْنَهُمَا عَلَى سَوَاءٍ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نَفَقَةُ طَائِرِهِ - إِلَاّ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهَا الآْخَرُ - وَضَمَانُهُ إِذَا هَلَكَ. وَالْعِلَّةُ - كَمَا يُشْعِرُ سِيَاقُهُمْ - أَنَّ هَذِهِ أَعْيَانٌ تَنْمِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ التِّجَارَةِ، فَتُنَزَّل مَنْزِلَةَ مَا يَنْمِي بِالتِّجَارَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ:</span></p><font color=#ff0000>95 -</font> أَوَّلاً: أَنَّهَا لَا تُفِيدُ الشَّرِيكَ مَا تُفِيدُهُ الشَّرِكَةُ الصَّحِيحَةُ مِنْ تَصَرُّفَاتٍ هَكَذَا قَرَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ.</p>وَلَمَّا كَانَتِ الشَّرِكَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَيْسَتْ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا، بَل وَكَالَةٌ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُ الشَّرِيكَيْنِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 226، الشرقاوي على التحرير 2 / 113، المغني لابن قدامة 5 / 116، 119، مطالب أولي النهى 3 / 543، رد المحتار 3 / 361، الفتاوى الهندية 2 / 335، مغني المحتاج 2 / 216.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي على خليل 4 / 265، بلغة السالك 2 / 171.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٣)</span><hr/></div>الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِبَقَاءِ الإِْذْنِ، وَمِثْلُهُ لِلْحَنَابِلَةِ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>96 -</font> ثَانِيًا: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ فِي الشَّرِكَةِ الَّتِي لَهَا مَالٌ يَكُونُ دَخْلُهَا لِلْعَامِل وَحْدَهُ. فَفِي الشَّرِكَةِ لِتَحْصِيل شَيْءٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ الْعَامَّةِ - إِذَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يَعْمَل الآْخَرُ شَيْئًا لإِِعَانَتِهِ، فَهُوَ لِلَّذِي أَخَذَهُ؛ لأَِنَّهُ الَّذِي بَاشَرَ سَبَبَ الْمِلْكِ، وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ. وَإِذَا أَخَذَاهُ مَعًا، فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لأَِنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي مُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْمِلْكِ، فَإِذَا بَاعَاهُ - وَقَدْ عُلِمَتْ نِسْبَةُ مَا حَصَل لِكُلٍّ مِنْهُمَا، بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فِي الْقِيَمِيِّ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ، وَمِعْيَارِ الْمِثْل فِي الْمِثْلِيِّ كَكَيْل الْمَاءِ وَوَزْنِ الْمَعْدِنِ - فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ، وَإِنْ جُهِلَتِ النِّسْبَةُ، فَدَعْوَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُصَدَّقَةٌ فِي حُدُودِ النِّصْفِ؛ لأَِنَّهَا إِذَنْ لَا تُخَالِفُ الظَّاهِرَ - إِذْ هُمَا حَصَّلَاهُ مَعًا، وَكَانَ بِأَيْدِيهِمَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ. أَمَّا دَعْوَى أَحَدِهِمَا فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ، فَلَا تُقْبَل إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ؛ لأَِنَّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ.</p>وَإِذَا أَخَذَ الشَّيْءَ الْمُبَاحَ أَحَدُهُمَا، وَأَعَانَهُ الآْخَرُ بِمَا لَا يُعْتَبَرُ أَخْذًا - عَمَلاً كَانَ أَمْ غَيْرَهُ - كَأَنْ قَلَعَهُ، وَجَمَعَهُ الآْخَرُ، أَوْ قَلَعَهُ وَجَمَعَهُ وَرَبَطَهُ هُوَ، وَحَمَلَهُ الآْخَرُ، أَوِ اسْتَقَى الْمَاءَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 77، مغني المحتاج 2 / 216، قواعد ابن رجب ص 65.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٣)</span><hr/></div>وَقَدَّمَ الآْخَرُ الْمَزَادَةَ أَوِ الْفِنْطَاسَ أَوِ الْبَغْل أَوِ الْعَرَبَةَ لِحَمْلِهِ - فَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَخَذَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلَّذِي أَعَانَ، بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، إِلَاّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَوْ مِثْل آلَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لأَِنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (1) .</p><font color=#ff0000>97 -</font> وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يُوَافِقُونَ فِي حَالَةِ انْفِرَادِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْعَمَل. أَمَّا فِي حَالَةِ وُقُوعِ الْعَمَل مِنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ ثَلَاثِ حَالَاتٍ (2) .</p><font color=#ff0000>(1)</font> تَمَايُزُ الْعَمَلَيْنِ. فَيَكُونُ لِكُلٍّ كَسْبُهُ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> اخْتِلَاطُ الْعَمَلَيْنِ، لَكِنْ بِحَيْثُ لَا تَلْتَبِسُ نِسْبَةُ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ. فَالْكَسْبُ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> اخْتِلَاطُ الْعَمَلَيْنِ، بِحَيْثُ تَلْتَبِسُ نِسْبَتُهُمَا. وَهُنَا يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ، وَيُبْدُونَ احْتِمَالَيْنِ:</p>الاِحْتِمَال الأَْوَّل: التَّسَاوِي فِي الْكَسْبِ؛ لأَِنَّهُ الأَْصْل. وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ.</p>الاِحْتِمَال الثَّانِي: تَرْكُهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا.</p>وَهُنَاكَ مَوْضِعُ خِلَافٍ آخَرُ: فَإِنَّ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي يُحَصِّلُهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى انْفِرَادٍ - فِي حَالَةِ الشَّرِكَةِ لِتَحْصِيل الْمُبَاحَاتِ - تَكُونُ بَيْنَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير والعناية 5 / 32، رد المحتار 3 / 360، 361.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مع ملاحظة حالة رابعة يضيفها المالكية بشركة الوجوه الفاسدة دائمًا عندهم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٤)</span><hr/></div>وَبَيْنَ شَرِيكِهِ، مَا دَامَ الْفَرْضُ أَنَّهُ قَدْ حَصَّلَهَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّيَابَةِ فِي تَحْصِيل الْمُبَاحَاتِ: وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الرِّبْحَ فِي حَالَةِ عَمَل الشَّرِيكَيْنِ، يُقْسَمُ بِالتَّسَاوِي، إِذِ الْفَرْضُ أَنَّ سَبَبَ الاِسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ الْعَمَل، مُشْتَرَكٌ، ثُمَّ يَرْجِعُ كُل شَرِيكٍ عَلَى شَرِيكِهِ بِأُجْرَةِ مَا عَمِل لَهُ: أَيْ بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الشَّرِكَةِ الثُّنَائِيَّةِ، وَثُلُثَيْ أُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الشَّرِكَةِ الثُّلَاثِيَّةِ، وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الشَّرِكَةِ الرُّبَاعِيَّةِ، وَهَكَذَا دَوَالَيْكَ. إِلَاّ أَنَّ الشَّرِيفَ أَبَا جَعْفَرٍ، مِنْهُمْ، يَذْهَبُ فِي شَرِكَةِ الأَْمْوَال إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ فِي قِسْمَةِ الرِّبْحِ: فَإِنْ شَرَطَا شَيْئًا فَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يَصِحُّ عَلَى الْجَهَالَةِ، فَيَثْبُتُ الْمُسَمَّى فِي فَاسِدِهِ كَالنِّكَاحِ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>98 -</font> وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ، هِيَ، عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، مِنْ قَبِيل الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي لَا مَال فِيهَا، وَلَهَا عِنْدَهُمْ ثَلَاثُ صُوَرٍ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل 4 / 270، المهذب 1 / 353، نهاية المحتاج 5 / 3، مغني المحتاج 2 / 212، البجيرمي على المنهج 3 / 40، الشرقاوي على التحرير 2 / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 5 / 129، ومطالب أولي النهى 3 / 511.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٤)</span><hr/></div>الصُّورَةُ الأُْولَى: أَنْ يَتَّفِقَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا عَلَى أَنَّ كُل مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ يَكُونُ الآْخَرُ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا.</p>وَمِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَنْ يُمَيِّزُ هَذِهِ الصُّورَةَ بِاسْمِ شَرِكَةِ الذِّمَمِ (1) .</p>وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً، لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ (2) وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَا يَشْتَرِيَانِهِ مَعًا، يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ، حَسَبَ شُرُوطِ الْعَقْدِ.</p>وَلَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَقُولُونَ: بَل - بِرَغْمِ الْفَسَادِ - يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَا يَشْتَرِيَانِهِ مَعًا أَوْ يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا - عَلَى مَا شَرَطَاهُ (3) .</p>وَيُلَاحَظُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ، إِنَّمَا يَبْنِي عَلَى خُلُوِّ الْمَسْأَلَةِ مِنْ تَوْكِيل كُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ الآْخَرَ فِي الشِّرَاءِ لَهُ. فَلَوْ وُجِدَ هَذَا التَّوْكِيل، فَقَدْ نَصَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ جِدًّا مِنَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ شَرِكَةَ عَنَانٍ صَحِيحَةً بِشَرْطِ بَيَانِ النِّسْبَةِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا - إِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ الْمَالَيْنِ: وَإِذَنْ فَمَا يَخُصُّ الشَّرِيكَ الَّذِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفواكه الدواني 2 / 172، الخرشي على خليل 4 / 271.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 212.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حواشي التحفة 2 / 211، بلغة السالك 2 / 169.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٥)</span><hr/></div>لَمْ يَتَوَل الشِّرَاءَ مِنَ الثَّمَنِ، يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ (1) .</p>أَمَّا التَّوْكِيل - أَوِ الإِْذْنُ - بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَهُمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، فَهَذَا صَحِيحٌ، وَيُؤَدِّي إِلَى شَرِكَةِ مِلْكٍ لَا خَفَاءَ بِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَيَاهُ مَعًا بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا، قَال الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: وَلَا يُطَالِبُ الْبَائِعُ كُل شَرِيكٍ إِلَاّ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، مَا لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ عَنْ شَرِيكِهِ، وَالَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيَّةُ فِي مِثْلِهِ تَنْزِيل الْوَكِيل مَنْزِلَةَ الضَّامِنِ (2) .</p>الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقَ وَجِيهٌ وَخَامِلٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَجِيهُ وَيَبِيعَ الْخَامِل. وَفِيهَا يَكُونُ مَا يَشْتَرِيهِ الْوَجِيهُ لَهُ خَاصَّةً. وَالْخَامِل لَيْسَ إِلَاّ عَامِل جِعَالَةٍ فَاسِدَةٍ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ، فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْل عَمَلِهِ عَلَى الْوَجِيهِ - كَمَا قَرَّرَهُ الشَّافِعِيَّةُ (3) .</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْحُكْمُ الَّذِي أَعْطَوْهُ لِهَذِهِ الصُّورَةِ عَنِ الَّذِي أَعْطَوْهُ لِلصُّورَةِ الأُْولَى - إِلَاّ بِالنَّصِّ عَلَى رُجُوعِ كُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الآْخَرِ بِمَا عَمِل عَنْهُ. وَقَدْ نَازَعَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَمَال إِلَى تَصْحِيحِ الشَّرِكَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البجيرمي على المنهج 3 / 40، وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بلغة السالك 2 / 169، مغني المحتاج 2 / 231.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 5 / 3.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٥)</span><hr/></div>الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَعْمَل الْوَجِيهُ لِلْخَامِل فِي مَالِهِ، دُونَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَال إِلَيْهِ، أَوْ تَقْتَصِرَ مُهِمَّةُ الْوَجِيهِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَال الْخَامِل، وَلَوْ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِ،</p>وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ بِشِقَّيْهَا مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ، إِمَّا لِكَوْنِ رَأْسِ الْمَال لَيْسَ نَقْدًا، وَإِمَّا لِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ لِلْمُضَارِبِ.</p>فَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا غَيْرُ (1) وَلَمْ يَعْرِضِ الْمَالِكِيَّةُ لِلشِّقِّ الأَْوَّل مِنَ التَّصْوِيرِ، وَهُمْ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مُوَافِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لِلْعَامِل أُجْرَةُ مِثْلِهِ، إِلَاّ أَنَّهُمْ سَمَّوْهَا جُعْلاً وَزَادُوا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ، لِمَكَانِ الْغِشِّ، إِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً - وَإِلَاّ فَعَلَيْهِ الأَْقَل مِنْ ثَمَنِهَا، وَقِيمَتِهَا (2) .</p> </p><font color=#ff0000>99 -</font> ثَالِثًا: حَيْثُ الْمَال مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَفَسَدَتِ الشَّرِكَةُ لأَِيِّ سَبَبٍ فَالدَّخْل لَهُ وَلِلآْخَرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ: عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الدَّخْل نَمَاءُ الْمِلْكِ، كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ: إِذْ يَتْبَعُ الزَّرْعُ الْبَذْرَ.</p>فَلَوْ عَهِدَ شَخْصٌ يَمْلِكُ بُيُوتًا أَوْ عَرَبَاتٍ أَوْ دَوَابَّ إِلَى آخَرَ لِيَقُومَ عَلَى تَأْجِيرِهَا، وَتَكُونَ الأُْجْرَةُ بَيْنَهُمَا - فَلَيْسَ لِهَذَا الآْخَرِ إِلَاّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَالدَّخْل كُلُّهُ لِلْمَالِكِ. كَمَا أَنَّهُ لَوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 4، 42، مغني المحتاج 2 / 212.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 211، الخرشي على خليل 4 / 271.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٦)</span><hr/></div>احْتَاجَ شَخْصٌ يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ بِضَاعَتَهُ فِي السُّوقِ إِلَى عَرَبَةٍ أَوْ دَابَّةٍ تَنْقُلُهَا، فَلَمْ يَقْبَل صَاحِبُ الْعَرَبَةِ أَوِ الدَّابَّةِ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا إِلَاّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَكُونُ لَغْوًا، وَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبِضَاعَةِ؛ لأَِنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَوِ الْعَرَبَةِ إِلَاّ أُجْرَةُ مِثْلِهَا، لاِسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (1) .</p><font color=#ff0000>100 -</font> وَعِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ كَذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الرِّبْحَ تَبَعٌ لِلْمَال (2) . وَلِذَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ أَنَّ ثَلَاثَةً اشْتَرَكُوا، أَحَدُهُمْ بِمَالِهِ، وَالثَّانِي بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ بِهَذَا الْمَال، وَالثَّالِثُ بِبَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ يَكُونُ الرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْمَال، وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْ شَرِيكَيْهِ سِوَى أُجْرَةِ مِثْل عَمَلِهِ (3) .</p> </p><font color=#ff0000>101 -</font> رَابِعًا: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَال مِنَ الشَّرِيكَيْنِ فَالدَّخْل بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي رِبْحِ شَرِكَةِ أَمْوَالٍ حِصَّةً مَجْهُولَةً. وَكَمَا لَوْ كَانَ لأَِحَدِ اثْنَيْنِ شَاحِنَةٌ وَلِلآْخَرِ سَيَّارَةُ رُكُوبٍ، فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ وَمَا يَخُصُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 33، رد المحتار 3 / 361.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حواشي الخرشي على خليل 4 / 284.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرقاوي على التحرير 2 / 113.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٦)</span><hr/></div>الآْخَرَ، وَمَا حَصَل مِنَ الدَّخْل بَيْنَهُمَا عَلَى سَوَاءٍ، أَوْ بِنِسْبَةٍ مَعْلُومَةٍ - فَإِنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ فَاسِدَةٌ، إِذْ خُلَاصَتُهَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَال لِلآْخَرِ: بِعْ مَنَافِعَ هَذَا الشَّيْءِ الَّذِي تَمْلِكُهُ، وَمَنَافِعَ هَذَا الَّذِي أَمْلِكُهُ، عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ هَذِهِ وَتِلْكَ قِسْمَةً بَيْنَنَا بِنِسْبَةِ كَذَا - وَلَيْسَ هَذَا إِلَاّ تَحْصِيل الرِّبْحِ مِنْ مَال الْغَيْرِ، دُونَ عَمَلٍ وَلَا ضَمَانٍ، وَالرِّبْحُ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِمَالٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ ضَمَانٍ: لَكِنْ إِذَا وُضِعَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ مَوْضِعَ التَّنْفِيذِ فَإِنْ أَجَّرَا السَّيَّارَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَجْرُ مِلْكِهِ وَإِنْ أَجَّرَا السَّيَّارَتَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي عَمَلٍ مَعْلُومٍ، فَهِيَ إِجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، وَالأُْجْرَةُ الْمُتَحَصِّلَةُ إِنَّمَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِثْل أُجْرَةِ مَا يَمْلِكُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا - كَمَا يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ (1) . لَا عَلَى مَا تَشَارَطَا؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ فِي ضِمْنِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ لَغْوٌ، لَا اعْتِدَادَ بِهِ (2) .</p><font color=#ff0000>102 -</font> وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي أَخَذَهُ هَذَا الْقِسْمُ (حَيْثُ الْمَال مِنَ الشَّرِيكَيْنِ) كَقَاعِدَةٍ عَامَّةٍ، هُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ أَهْل الْعِلْمِ. فَقَدْ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 33، مغني المحتاج 2 / 216.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 77، الخرشي 4 / 271، المغني 5 / 115.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٧)</span><hr/></div>وَقَالُوا: يَرْجِعُ كُل شَرِيكٍ عَلَى شَرِيكِهِ الآْخَرِ بِأُجْرَةِ مِثْل مَا عَمِل لَهُ - إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا.</p>غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ وَاقِفُونَ أَبَدًا مَعَ أَصْلِهِمُ الَّذِي أَصَّلُوهُ فِي الْمُزَارَعَةِ - كَمَا أَسْلَفْنَاهُ وَجَرَوْا عَلَى سُنَنِهِ كُلَّمَا كَانَ لَهُ مَجَالٌ: وَلِذَا نَجِدُهُمْ يَقُولُونَ - فِيمَا لَوِ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهُمْ بِدَارِهِ، وَالثَّانِي بِدَابَّتِهِ، وَالثَّالِثُ بِرَحَاهُ، عَلَى أَنْ يَتَوَلَّى عَمَل الطَّحْنِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ، وَلْيَكُنْ صَاحِبَ الدَّابَّةِ - أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا تَكُونُ لِلَّذِي انْفَرَدَ بِالْعَمَل، وَعَلَيْهِ لِلآْخَرَيْنِ أُجْرَةُ مِثْل مَا قَدَّمُوا (1) . وَهُوَ مَسْلَكٌ لَا يَكَادُ يَسْلُكُهُ سِوَاهُمْ. وَمِثَال ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الشَّاحِنَةِ وَسَيَّارَةِ الرُّكُوبِ، إِذَا انْفَرَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالْعَمَل.</p>ثُمَّ قَدْ يَقَعُ الْخِلَافُ أَيْضًا مِنَ الآْخَرَيْنِ فِي طَرِيقِ التَّطْبِيقِ: فَقَدْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّتَيْنِ، عَلَى أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ تَقَبَّلَا عَمَل شَيْءٍ مَعْلُومٍ إِلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ فِي ذِمَّتِهِمَا، ثُمَّ حَمَلَا عَلَى الدَّابَّتَيْنِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا، فَإِنَّهَا تَكُونُ شَرِكَةً صَحِيحَةً، وَالأُْجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ (&# x662 ;) مَعَ أَنَّ أُصُول الْحَنَابِلَةَ لَا تُسَاعِدُهُ، إِذْ لَا بُدَّ عِنْدَهُمْ لِلصِّحَّةِ مِنْ عَقْدِ تَقَبُّلٍ عَامٍّ بَيْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي على خليل 4 / 271، حواشي تحفة ابن عاصم 2 / 211.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 5 / 115.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٧)</span><hr/></div>الشَّرِيكَيْنِ سَابِقٍ عَلَى هَذَا التَّقَبُّل الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ (1) عَلَى أَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ عَادَ فَأَبْدَى احْتِمَال تَصْحِيحِ الشَّرِكَةِ عَلَى شَرْطِهَا - حَتَّى فِي حَالَةِ مَا إِذَا أَجَّرَ الشَّرِيكَانِ الدَّابَّتَيْنِ إِجَارَةَ عَيْنٍ قِيَاسًا عَلَى صِحَّةِ الشَّرِكَةِ عِنْدَهُمْ فِي تَحْصِيل الْمُبَاحَاتِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُلْحَقٌ:</span></p><font color=#ff0000>103 -</font> فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ، كَيْفَ يُطَالِبُ الْبَائِعُ بِثَمَنِ مَا بَاعَهُ مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْهَا - إِذَا غَابَ أَحَدُهُمَا وَحَضَرَ الآْخَرُ؟</p>يَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الأَْحْوَال ثَلَاثَةٌ:</p>الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ فَسَادَ الشَّرِكَةِ: فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ إِلَاّ بِحِصَّتِهِ فِي الثَّمَنِ.</p>الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِالشَّرِكَةِ، وَلَا يَعْلَمُ بِفَسَادِهَا: وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ، بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ.</p>الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ لَا يَعْلَمُ بِالشَّرِكَةِ نَفْسِهَا: وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ هُوَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ، طَالَبَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَتَعَاقَدْ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ لِغَيْرِهِ فِي النِّصْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي اشْتَرَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 33، رد المحتار 3 / 361.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 5 / 116.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٨)</span><hr/></div>مِنْهُ، فَإِنَّمَا يُطَالِبُهُ بِحِصَّةٍ فِي الثَّمَنِ لَا غَيْرُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ إِلَاّ مُقَابِل هَذِهِ الْحِصَّةِ مِنَ السِّلْعَةِ.</p>هَكَذَا حَكَوْهُ عَنِ اللَّخْمِيِّ وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ خِلَافُهُ، فَانْظُرْهُ إِنْ شِئْتَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْبَابُ انْتِهَاءِ الشَّرِكَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الأَْسْبَابُ الْعَامَّةُ:</span></p>أَسْبَابُ الاِنْتِهَاءِ الْعَامَّةِ هِيَ الَّتِي لَا تَخُصُّ شَرِكَةً دُونَ شَرِكَةٍ، بَل تَجِيءُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَاتِ وَهِيَ:</p><font color=#ff0000>104 -</font> أَوَّلاً - فَسْخُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، وَقَدْ سَلَفَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا، عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْعَقْدِ.</p><font color=#ff0000>105 -</font> ثَانِيًا: نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ إِنْكَارَ أَحَدِهِمَا الشَّرِكَةَ بِمَثَابَةِ فَسْخِهَا، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ وَقَعَ، لَامْتَنَعَ عَلَى الشَّرِيكِ الآْخَرِ، بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ، وَعَلَى الْمُنْكِرِ نَفْسِهِ التَّصَرُّفُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ. فَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهَا كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، كَالْغَاصِبِ وَلَهُ رِبْحُهَا وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهَا، لأَِنَّهُ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا - وَإِنْ كَانَ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ (1) . وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ - خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ عَلَى الْبُطْلَانِ بِالإِْنْكَارِ فِي الْوَكَالَةِ، إِذَا كَانَ الإِْنْكَارُ مُتَعَمَّدًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 34، رد المحتار 357، 362.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٨)</span><hr/></div>وَلَا يَرْمِي بِهِ إِلَى غَرَضٍ آخَرَ - كَصِيَانَةِ مَال الْوَكَالَةِ مِنْ أَنْ تَنَالَهُ يَدُ ظَالِمٍ غَاشِمٍ - وَالشَّرِكَةُ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ إِلَاّ وَكَالَةً (1) .</p><font color=#ff0000>106 -</font> ثَالِثًا: جُنُونُ أَحَدِهِمَا جُنُونًا مُطْبِقًا (2) . وَهُوَ لَا يَصِيرُ مُطْبِقًا إِلَاّ بَعْدَ أَنْ يَسْتَمِرَّ شَهْرًا أَوْ سَنَةً كَامِلَةً - عَلَى خِلَافٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) . فَلَا تَنْتَهِي الشَّرِكَةُ إِلَاّ إِذَا مَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ.</p>وَإِنَّمَا تَبْطُل الشَّرِكَةُ؛ لأَِنَّهَا تَعْتَمِدُ الْوَكَالَةَ وَلَا تَنْفَكُّ عَنْهَا، وَالْوَكَالَةُ تَبْطُل بِالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ، لِسَلْبِهِ الأَْهْلِيَّةَ.</p>وَيَعُودُ هُنَا فِي تَصَرُّفِ الشَّرِيكِ الآْخَرِ فِي حِصَّةِ الْمَجْنُونِ مَا سَلَفَ فِي الإِْنْكَارِ (4) وَنَصَّ عَلَى هَذَا الْمُبْطِل أَيْضًا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ دُونَ تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ (5) .</p><font color=#ff0000>107 -</font> رَابِعًا: مَوْتُ أَحَدِهِمَا: لأَِنَّ الْمَوْتَ مُبْطِلٌ لِلْوَكَالَةِ، وَالْوَكَالَةُ الضِّمْنِيَّةُ جُزْءٌ مِنْ مَاهِيَّةِ الشَّرِكَةِ لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا ابْتِدَاءً وَلَا بَقَاءً،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 214، 233، ومطالب أولي النهى 3 / 458.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بكسر الباء، والعامة تفتحها، وله وجه في القياس، لكنه غير منقول. كذا في المصباح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأول لأبي يوسف، والثاني لمحمد: والترجيح مختلف، فانظره مع تعليلاته في البدائع 6 / 38، ومجمع الأنهر 2 / 237.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 6 / 78، رد المحتار 3 / 362.</p><font color=#ff0000>(5)</font> مغني المحتاج 2 / 215، المغني لابن قدامة 5 / 133.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٩)</span><hr/></div>ضَرُورَةَ الْحَاجَةِ إِلَى ثُبُوتِ وَاسْتِمْرَارِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِكِلَا الشَّرِيكَيْنِ عَنِ الآْخَرِ، مُنْذُ قِيَامِ الشَّرِكَةِ إِلَى انْتِهَائِهَا. إِلَاّ أَنَّ بُطْلَانَ الشَّرِكَةِ فِي الأَْمْوَال بِالْمَوْتِ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الشَّرِيكِ بِهِ؛ لأَِنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ وَتَأْخِيرُهُ، إِذْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ يَنْتَقِل شَرْعًا مِلْكُ مَال الْمَيِّتِ إِلَى وَرَثَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُ إِيقَافُ مَا نَفَّذَهُ الشَّرْعُ (1) .</p>وَإِنَّمَا تَبْطُل الشَّرِكَةُ بِالْمَوْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى شَرِيكٍ وَاحِدٍ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنَ الشَّرِكَةِ بِالضَّرُورَةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَرِيكٍ، فَإِنَّ شَرِكَةَ الْبَاقِينَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ بَاقِيَةٌ (2) .</p>وَنَصَّ عَلَى هَذَا الْمُبْطِل أَيْضًا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (3) .</p><font color=#ff0000>108 -</font> وَيُقَرِّرُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ لِلْوَارِثِ الرَّشِيدِ الْخِيَارَ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشَّرِكَةِ، وَأَنَّ عَلَى وَلِيِّ الْوَارِثِ غَيْرِ الرَّشِيدِ، أَوْ وَلِيِّ الشَّرِيكِ الَّذِي انْتَهَتِ الشَّرِكَةُ بِجُنُونِهِ، أَنْ يَخْتَارَ مِنْ هَذَيْنِ الأَْمْرَيْنِ أَصْلَحَهُمَا لِمَحْجُورِهِ. نَعَمْ إِنْ كَانَ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ، أَوْ فِيهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، تَوَقَّفَ جَوَازُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 34.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 361.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 215، المغني لابن قدامة 5 / 133</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٩)</span><hr/></div>اسْتِئْنَافِ الشَّرِكَةِ عَلَى قَضَائِهِمَا - وَلَوْ مِنْ خَارِجِ التَّرِكَةِ، لأَِنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ، وَالْمَرْهُونُ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ.</p>وَالْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنُ بِمَثَابَةِ الْوَارِثِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَيُعْتَبَرُ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ. وَفِي اسْتِئْنَافِ الشَّرِكَةِ يَكْتَفِي الشَّافِعِيَّةُ بِصِيغَةِ التَّقْرِيرِ - وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ عِبَارَاتِهِمْ مَا يُفِيدُ قَصْرَ هَذَا الاِكْتِفَاءِ عَلَى مَا إِذَا كَانَ مَال الشَّرِكَةِ عُرُوضًا (1) .</p><font color=#ff0000>109 -</font> خَامِسًا: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِلِحَاقِ أَحَدِهِمَا بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا تَنْتَهِي بِهِ الشَّرِكَةُ لأَِنَّهُ بِهَذَا يَصِيرُ مِنْ أَهْل دَارِ الْحَرْبِ، وَالْقَضَاءُ بِهِ عِنْدَهُمْ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ. بَل يَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ بِالْقَضَاءِ الْمَذْكُورِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ هَذَا الْمَوْتَ الْحُكْمِيَّ كَانَ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ (2) فَإِذَا بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ بِهَذَا السَّبَبِ، ثُمَّ عَادَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا، فَلَا جَدْوَى بِالنِّسْبَةِ لِلشَّرِكَةِ: فَقَدْ بَطَلَتْ وَقُضِيَ الأَْمْرُ.</p>أَمَّا الرِّدَّةُ بِدُونِ هَذَا الْقَضَاءِ - سَوَاءٌ اقْتَرَنَتْ بِاللِّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا - فَإِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا إِيقَافُ الشَّرِكَةِ: حَتَّى إِذَا رَجَعَ الْمُرْتَدُّ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 215، نهاية المحتاج 5 / 10، المغني لابن قدامة 5 / 134.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 112، رد المحتار 3 / 309.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٠)</span><hr/></div>الإِْسْلَامِ عَادَتْ سِيرَتَهَا الأُْولَى، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِل، تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ (1) .</p><font color=#ff0000>110 -</font> سَادِسًا: مُخَالَفَةُ شُرُوطِ الْعَقْدِ: كَمَا لَوْ تَجَاوَزَ الشَّرِيكُ حُدُودَ الْمَكَانِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ (2) إِلَاّ أَنَّ الْبُطْلَانَ يَكُونُ بِمِقْدَارِ الْمُخَالَفَةِ كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا، فَمِثَال الْمُخَالَفَةِ الْكُلِّيَّةِ مَا لَوْ نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الآْخَرَ عَنِ الْخُرُوجِ بِالْبِضَاعَةِ، فَخَرَجَ بِهَا. وَمِثَال الْمُخَالَفَةِ الْجُزْئِيَّةِ: أَنْ يَبِيعَ نَسِيئَةً وَلَا يُجِيزَهُ شَرِيكُهُ، فَيَبْطُل الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ، وَيَنْفُذَ فِي حِصَّةِ الْبَائِعِ - وَفِي هَذِهِ الْحِصَّةِ تَبْطُل الشَّرِكَةُ حِينَئِذٍ.</p><font color=#ff0000>111 -</font> أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَا يُرَتِّبُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ شُرُوطِ الْعَقْدِ، بَل وَطَبِيعَتِهِ، إِلَاّ إِعْطَاءَ الشَّرِيكِ الآْخَرِ حَقَّ رَدِّ التَّصَرُّفِ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ الْمُخَالَفَةُ، وَتَضْمِينَ الْمُخَالِفِ - إِنْ ضَاعَ الْمَال بِسَبَبِ مُخَالَفَتِهِ. فَقَدْ نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ فِيمَا إِذَا اسْتَبَدَّ بِالتَّصَرُّفِ شَرِيكُ الْعَنَانِ؛ لأَِنَّهَا تَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِبْدَادِ شَرِيكٍ بِالتَّصَرُّفِ لِلشَّرِكَةِ، دُونَ مُرَاجَعَةِ شَرِيكِهِ (3) وَكَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ تَصَرُّفِ الشَّافِعِيَّةِ (4) بِإِزَاءِ بَيْعِ الشَّرِيكِ نَسِيئَةً دُونَ إِذْنِ شَرِيكِهِ، بِاعْتِبَارِهِ عِنْدَهُمْ لَا يَسْتَمِدُّ حَقَّ الْبَيْعِ نَسِيئَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 34، رد المحتار 3 / 361، 362.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 357.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بلغة السالك 2 / 171.</p><font color=#ff0000>(4)</font> وموقفهم من الإجازة مشهور.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٠)</span><hr/></div>مِنْ طَبِيعَةِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ (1) .</p><font color=#ff0000>112 -</font> سَابِعًا: ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مِنَ الْمُبْطِلَاتِ. طُرُوَّ الْحَجْرِ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِسَفَهٍ. وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ الْحَجْرَ لِلْفَلَسِ إِلَاّ أَنَّهُ مُبْطِلٌ جُزْئِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَلَسِ: بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنَ الْمُفَلِّسِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَيُّ تَصَرُّفٍ سَلَبَهُ الْحَجْرُ إِيَّاهُ. وَمِنْ قَوَاعِدِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الذِّمَّةِ يَنْفُذَانِ مِنَ الْمُفَلِّسِ. أَمَّا السَّفِيهُ، فَلَا يَصِحُّ لَهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ إِلَاّ فِي الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ. فَعَلَى هَذَا إِذَا بَاعَ الْمُفَلِّسُ أَوْ شَرِيكُهُ شَيْئًا مِنْ مَال الشَّرِكَةِ نَفَذَ فِي نَصِيبِ غَيْرِ الْمُفَلِّسِ وَإِذَا اشْتَرَى الْمُفَلِّسُ لِلشَّرِكَةِ فِي ذِمَّتِهِ نَفَذَ عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْسْبَابُ الْخَاصَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>113 -</font> أَوَّلاً: هَلَاكُ الْمَال فِي شَرِكَةِ الأَْمْوَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: وَصُورَتُهُ أَنْ يَهْلِكَ الْمَالَانِ، أَعْنِي مَال كُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ: سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْل الشِّرَاءِ بِمَال الشَّرِكَةِ أَمْ بَعْدَهُ، أَوْ يَهْلِكَ مَال أَحَدِهِمَا قَبْل الشِّرَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ مَال الشَّرِكَةِ. وَالشِّقُّ الثَّانِي مِنَ التَّرْدِيدِ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَاّ إِذَا كَانَ مَال هَذَا الأَْحَدِ مُتَمَيِّزًا مِنْ مَال الآْخَرِ؛ لاِخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَوْ لِعَدَمِ الاِخْتِلَاطِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالَانِ مِنْ جِنْسٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج وحواشيها 5 / 9.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الرشيد على نهاية المحتاج 5 / 10، والمغني لابن قدامة 5 / 123.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩١)</span><hr/></div>وَاحِدٍ وَقَدْ خُلِطَا، فَإِنَّ مَا يَهْلِكُ مِنْهُمَا يَهْلِكُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ كِلَيْهِمَا - إِذْ لَا يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الَّذِي هَلَكَ هُوَ مَال هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَمَا بَقِيَ فَعَلَى الشَّرِكَةِ. وَالسِّرُّ فِي بُطْلَانِ الشَّرِكَةِ بِهَلَاكِ الْمَال، أَنَّهُ عِنْدَمَا يَهْلِكُ مَال الشَّرِكَةِ كُلُّهُ يَكُونُ قَدْ هَلَكَ مَحَل الْعَقْدِ الْمُتَعَيَّنُ لَهُ، وَالْعَقْدُ يَبْطُل بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، كَالْبَيْعِ إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ. وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْهَالِكُ هُنَا مَحَلًّا لِلْعَقْدِ. لأَِنَّ الأَْثْمَانَ - وَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لِئَلَاّ تَخْرُجَ عَنْ طَبِيعَةِ الثَّمَنِيَّةِ، وَتَصِيرَ سِلْعَةً مَقْصُودَةً بِذَاتِهَا - فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي غَيْرِهَا، كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ - مِنْ كُل عَقْدٍ لَا يَكُونُ بِإِزَائِهَا فِيهِ عِوَضٌ. وَهَذِهِ هِيَ طَبِيعَةُ الشَّرِكَةِ (1) .</p>فَإِذَا بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ بِهَلَاكِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ قَبْل الشِّرَاءِ، فَالْمَال الآْخَرُ خَالِصٌ لِصَاحِبِهِ، وَمَا يَشْتَرِيهِ بِهِ بَعْدُ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً لَا سَبِيل لِمَنْ هَلَكَ مَالُهُ عَلَيْهِ، لَا مِنْ طَرِيقِ الشَّرِكَةِ، لِمَا عُلِمَ مِنْ بُطْلَانِهَا، وَلَا مِنْ طَرِيقِ الْوَكَالَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي ضِمْنِهَا؛ لأَِنَّ بُطْلَانَ الشَّرِكَةِ يَسْتَتْبِعُ بُطْلَانَهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ (2) فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَا يَشْتَرِيهِ صَاحِبُ الْمَال الْبَاقِي مُشْتَرَكًا بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ؛ لأَِنَّ الْوَكَالَةَ الصَّرِيحَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 78، وفتح القدير 5 / 354.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كما لو قالا: اتفقنا على أن ما اشتراه كل منا يكون مشتركًا بيننا. رد المحتار 3 / 354.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩١)</span><hr/></div>لَا تَبْطُل بِبُطْلَانِ الشَّرِكَةِ (1) . وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّةٍ مِنَ الثَّمَنِ. لَكِنَّهَا إِذَنْ شَرِكَةُ مِلْكٍ، إِذْ لَا عَقْدَ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا.</p><font color=#ff0000>114 -</font> وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ هَلَاكَ أَحَدِ الْمَالَيْنِ عَلَى الشَّرِكَةِ بِإِطْلَاقٍ، وَالْبَاقِي بِلَا هَلَاكٍ لِلشَّرِكَةِ كَذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمْ يَحْكُمُونَ بِاشْتِرَاكِ الْمَالَيْنِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَيَقُولُونَ إِنَّ الْمَال يُقْسَمُ بِكَلِمَةٍ، كَمَا فِي الْخَرْصِ، فَلَا غَرْوَ أَنْ يُشْتَرَكَ فِيهِ بِكَلِمَةٍ، كَمَا فِي الشَّرِكَةِ. فَإِذَا كَانَتِ الشَّرِكَةُ بِالْمَال مُنَاصَفَةً، اقْتَضَى مُجَرَّدُ عَقْدِهَا ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِكُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي نِصْفِ مَال صَاحِبِهِ (2) وَتَوَسَّطَ الْمَالِكِيَّةُ فِي مُعْتَمَدِهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّ هَلَاكَ أَحَدِ الْمَالَيْنِ قَبْل خَلْطِهِمَا، وَلَوْ خَلْطًا حُكْمِيًّا، يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ خَاصَّةً، لَا مِنْ ضَمَانِ الشَّرِكَةِ - وَمَعَ ذَلِكَ تَبْقَى الشَّرِكَةُ: بِحَيْثُ يَكُونُ مَا يُشْتَرَى بِالْمَال الْبَاقِي لَهَا، وَعَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي تَلِفَ مَالُهُ حِصَّتُهُ فِي الثَّمَنِ - إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بَعْدَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِهَلَاكِ الْمَال الآْخَرِ وَلَمْ يُرِدْهُ لِلشَّرِكَةِ الشَّرِيكُ الَّذِي هَلَكَ مَالُهُ، أَوْ أَرَادَهُ وَلَكِنِ ادَّعَى الآْخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 23، بدائع الصنائع 6 / 78، رد المحتار 3 / 353 - 354.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 5 / 128.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٢)</span><hr/></div>فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَال الْبَاقِي وَحْدَهُ (1) .</p>أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ، فَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ كَلَامًا صَرِيحًا. وَلَكِنَّ مُقْتَضَى جَعْلِهِمُ الْخَلْطَ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ بُطْلَانُ الشَّرِكَةِ، بِهَلَاكِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ فِيمَا عَدَاهُ أَوْ هَلَاكُ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا (2) .</p><font color=#ff0000>115 -</font> ثَانِيًا: فَوَاتُ التَّسَاوِي فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ: سَوَاءٌ كَانَ الْفَائِتُ هُوَ التَّسَاوِي فِي رَأْسِ الْمَال، أَمْ فِي أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ، وَإِذَا بَطَلَتِ الْمُفَاوَضَةُ بِهَذَا أَوْ ذَاكَ، انْقَلَبَتْ عَنَانًا، لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْعَنَانِ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) .</p>ثَالِثًا: انْتِهَاءُ الْمُدَّةِ فِي الشَّرِكَةِ الْمُؤَقَّتَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّأْقِيتَ صَحِيحٌ عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ عَدَا الطَّحَاوِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بلغة السالك 2 / 168.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج وحواشيها 5 / 10، مغني المحتاج 5 / 215.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 2 / 311.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شُرُوعٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشُّرُوعُ مَصْدَرُ شَرَعَ. يُقَال: شَرَعْتُ فِي الأَْمْرِ أَشْرَعُ شُرُوعًا، أَخَذْتُ فِيهِ، وَشَرَعْتَ فِي الْمَاءِ شُرُوعًا شَرِبْتَ بِكَفَّيْكَ أَوْ دَخَلْتَ فِيهِ، وَشَرَعْتَ الْمَال (أَيِ الإِْبِل) أَشْرَعُهُ: أَوْرَدْتُهُ الشَّرِيعَةَ، وَشَرَعَ الْبَابُ إِلَى الطَّابَقِ شُرُوعًا: اتَّصَل بِهِ، وَطَرِيقٌ شَارِعٌ يَسْلُكُهُ النَّاسُ عَامَّةً، وَأَشْرَعْتُ الْجَنَاحَ إِلَى الطَّرِيقِ: وَضَعْتُهُ.</p>وَمِنْهُ: شَرَعَ اللَّهُ الدِّينَ، أَيْ سَنَّهُ وَبَيَّنَهُ، وَمِنْهُ الشَّرِيعَةُ وَهِيَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الْعَقَائِدِ وَالأَْحْكَامِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشُّرُوعِ:</span></p>‌<span class="title">‌الشُّرُوعُ فِي الْعِبَادَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْعِبَادَاتِ يَتَحَقَّقُ بِالْفِعْل مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ حَقِيقَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمشوف المعلم 1 / 423، 424، والمصباح والمنير، ومختار الصحاح، والمعجم الوسيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٣)</span><hr/></div>أَوْ حُكْمًا بِحَسَبِ كُل عِبَادَةٍ، فَعَلَى سَبِيل الْمِثَال يَكُونُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ بِتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ مَقْرُونَةً بِالنِّيَّةِ، وَالصَّوْمُ يَكُونُ الشُّرُوعُ فِيهِ بِالنِّيَّةِ وَالإِْمْسَاكِ (1) .</p>(انْظُرْ مُصْطَلَحَ: عِبَادَةٌ - نِيَّةٌ - صَلَاةٌ - صَوْمٌ - حَجٌّ - جِهَادٌ - ذِكْرٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّرُوعُ فِي الْمُعَامَلَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَتَحَقَّقُ الشُّرُوعُ فِي الْمُعَامَلَاتِ: بِالْقَوْل، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَنُوبُ عَنْهُ مِنَ: الْمُعَاطَاةِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِهَا، أَوِ الْكِتَابَةِ، أَوِ الإِْشَارَةِ.</p>وَلَا تُعَدُّ النِّيَّةُ هُنَا شُرُوعًا فِي الْبَيْعِ، أَوِ النِّكَاحِ، أَوِ الإِْجَارَةِ، أَوِ الْهِبَةِ، أَوِ الْوَقْفِ، أَوِ الْوَصِيَّةِ، أَوِ الْعَارِيَّةِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَصْنَافِ الْمُعَامَلَاتِ؛ لأَِنَّنَا لَا نَعْلَمُ الْقَصْدَ الْمَنْوِيَّ. فَهَذِهِ الْمُعَامَلَاتُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الإِْيجَابِ وَالْقَبُول، فَإِيجَابُ الْمُوجِبِ بِقَوْلِهِ:" بِعْتُكَ كَذَا وَكَذَا " شُرُوعٌ فِي الْبَيْعِ، فَإِذَا قَبِل الْبَائِعُ هَذَا الإِْيجَابَ تَمَّ الْبَيْعُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 19، 199، والهداية شرع بداية المبتدي - للمرغيناني 1 / 30، والكافي لابن عبد البر 1 / 164، 199، 334، والأشباه والنظائر - للسيوطي ص 43، والأم - للإمام الشافعي 1 / 86، وروضة الطالبين للنووي 1 / 224، وشرح التحرير - للأنصاري 1 / 182، 183، والمغني 1 / 110، 264.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 16، 17، والمقدمات الزكية ص 250، 251.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشُّرُوعُ فِي الْجِنَايَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَتَحَقَّقُ الشُّرُوعُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ: بِالْفِعْل لَا بِالْقَوْل، وَلَا بِالنِّيَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَجِبُ إِتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ:</span></p>4 م مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ سبحانه وتعالى عَلَى الْمُكَلَّفِ، إِذَا شَرَعَ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ بِاتِّفَاقٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهُ أَوِ الاِنْصِرَافُ عَنْهُ إِلَاّ بَعْدَ إِتْمَامِهِ.</p>وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ حَالَةُ الضَّرُورَةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنْ إِتْمَامِهِ، كَأَنْ يُنْتَقَضَ وُضُوءُ الْمُصَلِّي، أَوْ يُغْمَى عَلَيْهِ، أَوْ تَحِيضَ الْمَرْأَةُ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَعُوقُ الْمُكَلَّفَ عَنِ الإِْتْمَامِ.</p>انْظُرْ مُصْطَلَحَ (اسْتِئْنَافٌ - حَيْضٌ - صَلَاةٌ) .</p>وَمِثْل الصَّلَاةِ كُل مَفْرُوضٍ مِنْ: صِيَامٍ أَوْ زَكَاةٍ، أَوْ حَجٍّ، إِذَا شَرَعَ فِيهِ وَجَبَ إِتْمَامُهُ، وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، وَقَدْ يَجْلِبُ عَلَيْهِ الْعِقَابَ فِي الدُّنْيَا، كَالْكَفَّارَةِ لِمَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ بِدُونِ عُذْرٍ، وَلُزُومِ الْهَدْيِ لِمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ، وَإِعَادَتُهُمَا فِي الْعَامِ الْقَابِل أَمْرٌ لَازِمٌ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ.</p>قَال الزَّرْكَشِيُّ: أَمَّا الشَّارِعُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، إِذَا أَرَادَ قَطْعَهُ فَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِهِ بُطْلَانُ مَا مَضَى مِنَ الْفِعْل حَرُمَ كَصَلَاةِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٤)</span><hr/></div>الْجِنَازَةِ، وَإِلَاّ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ بِقَطْعِهِ الْمَصْلَحَةُ الْمَقْصُودَةُ لِلشَّارِعِ، بَل حَصَلَتْ بِتَمَامِهَا، كَمَا إِذَا شَرَعَ فِي إِنْقَاذِ غَرِيقٍ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ لإِِنْقَاذِهِ جَازَ قَطْعًا.</p>نَعَمْ ذَكَرُوا فِي اللَّقِيطِ أَنَّ مَنِ الْتَقَطَ لَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ حَصَل الْمَقْصُودُ، لَكِنْ لَا عَلَى التَّمَامِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّ لَهُ الْقَطْعَ أَيْضًا، كَالْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ يَنْفَرِدُ، وَإِنْ قُلْنَا الْجَمَاعَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالشَّارِعُ فِي الْعِلْمِ فَإِنَّ قَطْعَهُ لَهُ لَا يَجِبُ بِهِ بُطْلَانُ مَا عَرَفَهُ أَوَّلاً؛ لأَِنَّ بَعْضَهُ لَا يَرْتَبِطُ بِبَعْضٍ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ، فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ:</p>قَطْعٌ يُبْطِل الْمَاضِيَ فَيَبْطُل قَطْعًا، وَقَطْعٌ لَا يُبْطِلُهُ وَلَا يُفَوِّتُ الشَّاهِدَ فَيَجُوزُ قَطْعًا، وَقَطْعٌ لَا يُبْطِل أَصْل الْمَقْصُودِ، وَلَكِنْ يُبْطِل أَمْرًا مَقْصُودًا عَلَى الْجُمْلَةِ، فَفِيهِ خِلَافٌ.</p>قَال الْفَتُوحِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَتَعَيَّنُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَيَجِبُ إِتْمَامُهُ عَلَى الأَْظْهَرِ وَيُؤْخَذُ لُزُومُهُ بِالشُّرُوعِ مِنْ مَسْأَلَةِ حِفْظِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَرْكُ الْحِفْظِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَفِي وَجْهٍ يُكْرَهُ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الأسرار - للبخاري ص 102، والمجموع للنووي 6 / 394، الفوائد في اختصار المقاصد - للعز بن عبد السلام ص 105، شرح الكوكب المنير - لابن النجار 1 / 378، والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 243.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>5 -</font> أَمَّا مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّارِعُ مِنَ السُّنَنِ فَإِنْ كَانَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَشَرَعَ فِيهِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الإِْتْمَامُ بِاتِّفَاقٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1) . وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَإِتْمَامُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ مَحَل خِلَافٍ:</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ لَزِمَهُ إِتْمَامُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (2) فَمَا أَدَّاهُ وَجَبَ صِيَانَتُهُ وَحِفْظُهُ عَنِ الإِْبْطَال؛ لأَِنَّ الْعَمَل صَارَ حَقًّا لِلَّهِ، وَلَا سَبِيل إِلَى حِفْظِهِ إِلَاّ بِالْتِزَامِ الْبَاقِي، فَوَجَبَ الإِْتْمَامُ ضَرُورَةً.</p>فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بِدُونِ عُذْرٍ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَعَلَيْهِ الإِْثْمُ، وَالْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لِعُذْرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ. فَأَصْبَحَتِ النَّافِلَةُ عِنْدَهُمْ وَاجِبًا بَعْدَ الشُّرُوعِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنَ النَّفْل بِعُذْرٍ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا شَرَعَ فِي النَّفْل لَمْ يَلْزَمْهُ الْمُضِيُّ فِيهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِذَا لَمْ يُتِمَّهُ؛ لأَِنَّ النَّفَل لَمَّا شُرِعَ غَيْرَ لَازِمٍ قَبْل الشُّرُوعِ، وَجَبَ أَنْ يَبْقَى كَذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ؛ لأَِنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْعِ لَا تَتَغَيَّرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 196.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة محمد / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٥)</span><hr/></div>بِالشُّرُوعِ وَلَوْ أَتَمَّهُ صَارَ مُؤَدِّيًا لِلنَّفْل، لَا مُسْقِطًا لِلْوُجُوبِ. أَمَّا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ فَنَذَرَ إِتْمَامَهُ، لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي النَّفْل يُسْتَحَبُّ لَهُ الْبَقَاءُ فِيهِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>6 -</font> أَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: إِذَا شَرَعَ الْمُكَلَّفُ فِيهَا، فَيُكْرَهُ قَطْعُهَا لِمُكَالَمَةِ النَّاسِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثِرَ كَلَامَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ (2) .</p>وَأَمَّا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَإِنَّهُمَا إِذَا شَرَعَتَا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، نَاسِيَةً إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا حَائِضٌ، وَالأُْخْرَى أَنَّهَا نُفَسَاءُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الاِسْتِمْرَارُ فِي الْقِرَاءَةِ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقَطْعُ.</p>أَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ، وَمَنْ بِهِ عُذْرٌ، كَسَلَسِ الْبَوْل وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُهُمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع للنووي 6 / 394، والهداية لمرغيناني 1 / 128، والمغني لابن قدامة 3 / 151 - 153، والمحصول للرازي 1 / 2 / 357 - 358، وأصول السرخسي 1 / 115، وشرح الجلال المحلي على منهاج الطالبين 4 / 291، 294، ومرآة الأصول للأزميري 2 / 393.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر ابن عمر: أنه كان إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه. أخرجه البخاري (الفتح 8 / 189 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٥)</span><hr/></div>لِلصَّلَاةِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ، فَإِذَا شَرَعَ فِي قِرَاءَةٍ مُتَوَضِّئًا، فَلَا يَقْطَعُ نَدْبًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ السُّورَةِ أَوِ الْحِزْبِ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.</p>أَمَّا إِذَا شَرَعَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَا يَمْنَعُهُ مَانِعٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، ثُمَّ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ لِضَرُورَةٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ - كَخُرُوجِ رِيحٍ، أَوْ حَصْرِ بَوْلٍ، فَلَهُ عَدَمُ إِتْمَامِ مَا قَرَأَ وَيَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ يَقِفُ، وَإِذَا تَرَكَهُ لَا لِضَرُورَةٍ، فَلَا عَلَيْهِ إِلَاّ أَنْ يَتَخَيَّرَ الْوَقْفَ، بِانْتِهَاءِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يَقْرَأُ، فَلَوْ كَانَ يَقْرَأُ فِي قِصَّةِ مُوسَى، أَوْ هُودٍ أَوْ أَهْل الْكَهْفِ، فَلْيُتِمَّهَا نَدْبًا حَتَّى لَا يَكُونُ كَلَامُهُ مَبْتُورًا، وَحَتَّى تَكْتَمِل فِي رَأْسِهِ الْمَوْعِظَةُ.</p>أَمَّا إِذَا شَرَعَ فِي غَيْرِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ - كَوِرْدٍ مِنَ الأَْوْرَادِ، أَوْ مَا يُسَمَّى بِالذِّكْرِ الْجَمَاعِيِّ أَوِ الْفَرْدِيِّ - فَلَا يُطَالَبُ بِإِتْمَامِهِ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُلْزَمٍ بِهِ.</p> </p><font color=#ff0000>7 -</font> وَأَمَّا الْمُبَاحُ: إِذَا شَرَعَ فِيهِ الْمُكَلَّفُ فَإِتْمَامُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ؛ لأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى خَيَّرَ الْمُكَلَّفَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّرُوعُ فِي الْعُقُودِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: عَقْدُ الْبَيْعِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الْبَيْعُ إِيجَابٌ وَقَبُولٌ، فَإِنْ حَصَل الإِْيجَابُ كَانَ شُرُوعًا فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ وَافَقَهُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٦)</span><hr/></div>الْقَبُول كَانَ إِتْمَامًا لِلْبَيْعِ. فَإِنْ رَجَعَ الْمُوجِبُ فِي إِيجَابِهِ، قَبْل صُدُورِ الْقَبُول، يَكُونُ رُجُوعًا عَنِ الشُّرُوعِ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ صَدَرَ الْقَبُول قَبْل عَوْدِ الْمُوجِبِ تَمَّ الْبَيْعُ (1) .</p>انْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِيجَابٌ) (وَبَيْعٌ)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْهِبَةُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يَكُونُ الشُّرُوعُ فِي الْهِبَةِ بِلَفْظِ: وَهَبْتُ، وَأَعْطَيْتُ، وَنَحَلْتُ، وَلَا تَتِمُّ إِلَاّ بِالْقَبْضِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَلَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ (2) .</p>وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (هِبَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الْوَقْفُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الشُّرُوعُ فِي الْوَقْفِ يَكُونُ بِلَفْظِ: وَقَفْتُ، وَحَبَسْتُ، فَمَنْ أَتَى بِكَلِمَةٍ مِنْهُمَا، كَانَ شَارِعًا فِي الْوَقْفِ، وَلَزِمَهُ لِعَدَمِ احْتِمَال غَيْرِهِمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ، وَلِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ فِيهِ، إِلَاّ أَنْ يُوصِيَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَلْزَمَ، أَوْ يَحْكُمَ بِلُزُومِهِ حَاكِمٌ.</p>وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، فَقَالَا بِلُزُومِهِ، وَأَنَّهُ يَنْقُل الْمِلْكَ، وَلَا يَقِفُ لُزُومُهُ عَلَى الْقَبْضِ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ إِلَاّ بِالْقَبْضِ، وَإِخْرَاجِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 2 - 6، المغني لابن قدامة 3 / 560 - 566.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 4 / 378، والمغني لابن قدامة 5 / 649، مغني المحتاج 2 / 396.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٦)</span><hr/></div>الْوَقْفِ لَهُ عَنْ يَدِهِ (1) .</p>انْظُرْ مُصْطَلَحَ (وَقْفٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: الْوَصِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الشُّرُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ يَقَعُ بِالْقَوْل أَوِ الْكِتَابَةِ، كَأَنْ يُوصِيَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَتَتِمَّ وَيَلْزَمَ بِقَبُول الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي (2) .</p>انْظُرْ مُصْطَلَحَ (وَصِيَّةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: الْعَارِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَكُونُ الشُّرُوعُ فِيهَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْمُنْضَبِطَةِ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول</p>، فَيَكُونُ الإِْيجَابُ بِقَوْلِهِ: أَعَرْتُكَ كَذَا شُرُوعًا فِي الإِْعَارَةِ، وَيَكُونُ الْقَبُول فِيهَا إِتْمَامًا لِعَقْدِ الْعَارِيَّةُ، فَبِهِ يَتِمُّ الْعَقْدُ، وَلِكُلٍّ مِنَ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ قَبْل صُدُورِ الْقَبُول، وَقَبْل الْقَبْضِ أَيْضًا بِرَفْضِ أَخْذِهَا، وَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَِنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. (ر: إِعَارَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّرُوعُ بِدُونِ إِذْنٍ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> الشُّرُوعُ فِي الْعِبَادَاتِ الْمَفْرُوضَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ، إِذْ إِنَّ فَرْضِيَّتَهَا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ لَا يَقْتَضِي إِذْنًا مِنْ أَحَدٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 4 / 273، والمغني 5 / 597، 598، 649. ومغني المحتاج 2 / 382، 376.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 6 / 1 - 2، 68 - 69، ومغني المحتاج مع المنهاج 3 / 39، 71 - 72.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٧)</span><hr/></div>أَمَّا الْعِبَادَاتُ غَيْرُ الْمَفْرُوضَةِ، وَالْمُعَامَلَاتُ، فَقَدْ أَوْجَبَ الشَّارِعُ الإِْذْنَ فِيهَا لِحَقِّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ عَلَى الْمُكَلَّفِ، كَحَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَحَقِّ الْوَلِيِّ عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ.</p>فَأَعْطَى لِلزَّوْجِ أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ زَوْجَتُهُ فِي فِعْل بَعْضِ النَّوَافِل مِنَ الْعِبَادَاتِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا، وَلَمْ تُطِعْهُ، كَانَ لَهُ مَنْعُهَا، فَإِذَا شَرَعَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْحَجِّ تَطَوُّعًا، بِدُونِ إِذْنِ زَوْجِهَا، فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا، وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ.</p>وَكَذَا إِذَا شَرَعَتْ فِي صِيَامِ نَفْلٍ بِدُونِ إِذْنِهِ، لَهُ أَنْ يُفَطِّرَهَا، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: لَا يَحِل لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَاّ بِإِذْنِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوقٌ</span></p> </p>انْظُرْ: طُلُوعٌ</p> </p>‌<span class="title">‌شِطْرَنْجٌ</span></p> </p>انْظُرْ: لَعِبٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 295 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 711 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَعَائِرُ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّعَائِرُ: جَمْعُ شَعِيرَةٍ: وَهِيَ الْعَلَامَةُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الإِْشْعَارِ الَّذِي هُوَ الإِْعْلَامُ، وَمِنْهُ شِعَارُ الْحَرْبِ وَهُوَ مَا يَسِمُ الْعَسَاكِرُ عَلَامَةً يَنْصِبُونَهَا لِيَعْرِفَ الرَّجُل رُفْقَتَهُ (1) .</p>وَإِذَا أُضِيفَتْ شَعَائِرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ:" أَعْلَامُ دِينِهِ الَّتِي شَرَعَهَا، اللَّهُ فَكُل شَيْءٍ كَانَ عَلَمًا مِنْ أَعْلَامِ طَاعَتِهِ فَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (2) ".</p>وَالاِصْطِلَاحُ الشَّرْعِيُّ فِي (شَعَائِرِ اللَّهِ) لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>فَكُل مَا كَانَ مِنْ أَعْلَامِ دِينِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ تَعَالَى فَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، فَالصَّلَاةُ، وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَمَنَاسِكُهُ وَمَوَاقِيتُهُ، وَإِقَامَةُ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ فِي مَجَامِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبُلْدَانِ وَالْقُرَى مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، وَمِنْ أَعْلَامِ طَاعَتِهِ. وَالأَْذَانُ وَإِقَامَةُ الْمَسَاجِدِ وَالدِّفَاعُ عَنْ بَيْضَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل اللَّهِ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الفخر الرازي في تفسير آية:" إن الصفا والمروة من شعائر الله "، التعريفات للجرجاني، تفسير البيضاوي في تفسير الآية المذكورة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٨)</span><hr/></div>شَعَائِرِ اللَّهِ (1) . قَال تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (2) . وَالآْيَةُ بَعْدَ الأَْمْرِ بِالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ آيَةٍ مِنَ السُّورَةِ وَبَعْدَ ذِكْرِ الصَّبْرِ وَالْقَتْل فِي سَبِيل اللَّهِ - وَهُوَ الْجِهَادُ لإِِقَامَةِ دِينِ اللَّهِ - تُفِيدُ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ جُمْلَةِ شَعَائِرِ اللَّهِ، أَيْ أَعْلَامِ دِينِهِ.</p>وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (3) .</p>وَكَذَلِكَ الْمُرَادُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (4) ، أَيْ مَعَالِمِ دِينِ اللَّهِ، وَطَاعَتِهِ. وَتَعْظِيمُهَا: أَدَاؤُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا.</p>وَقِيل: الْمُرَادُ مِنْهَا الْعِبَادَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَعْمَال النُّسُكِ، وَمَوَاضِعِهَا، وَزَمَنِهَا. وَقِيل: الْمُرَادُ مِنْهَا الْهَدْيُ خَاصَّةً. وَتَعْظِيمُهَا: اسْتِسْمَانُهَا. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالإِْشْعَارُ عَلَيْهَا: جَعْل عَلَامَةٍ عَلَى سَنَامِهَا؛ بِأَنْ يُعَلِّمَ بِالْمُدْيَةِ لِيُعْرَفَ أَنَّهَا هَدْيٌ فَيَكُونَ ذَلِكَ عَلَمًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير ابن حبان، وتفسير البيضاوي، وتفسير الفخر الرازي في تفسير آيتي (إن الصفا والمروة)(ومن يعظم شعائر الله) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 158.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الحج / 36.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الحج / 32.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٨)</span><hr/></div>عَلَى إِحْرَامِ صَاحِبِهَا وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَهَا هَدْيًا لِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهَا (1) .</p>قَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِقَامَةُ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ الظَّاهِرَةِ، وَإِظْهَارُهَا، فَرْضًا كَانَتِ الشَّعِيرَةُ أَمْ غَيْرَ فَرْضٍ.</p>وَعَلَى هَذَا إِنِ اتَّفَقَ أَهْل مَحَلَّةٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَرْكِ شَعِيرَةٍ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ الظَّاهِرَةِ قُوتِلُوا، فَرْضًا كَانَتِ الشَّعِيرَةُ أَوْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً، كَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالأَْذَانِ لَهَا. وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ الظَّاهِرَةِ (3) .</p>لأَِنَّ تَرْكَ شَعَائِرِ اللَّهِ يَدُل عَلَى التَّهَاوُنِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِ أَوَامِرِهِ.</p>هَذَا وَمِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ مَنَاسِكُ الْحَجِّ كَالإِْحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَمِنًى وَذَبْحِ الْهَدْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 4 / 174، روضة الطالبين 10 / 217، بدائع الصنائع 1 / 232 و 7 / 98، كشاف القناع 1 / 232، نهاية المحتاج 2 / 36 - 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٩)</span><hr/></div>أَعْمَال الْحَجِّ الظَّاهِرَةِ، وَمِنَ الشَّعَائِرِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ: الأَْذَانُ، وَالإِْقَامَةُ، وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ، وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، وَالْجِهَادُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.</p>وَتُنْظَرُ أَحْكَامُ كُلٍّ مِنْهَا فِي مُصْطَلَحِهِ مِنَ الْمَوْسُوعَةِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شِعَارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشِّعَارُ مِنَ الثِّيَابِ هُوَ مَا وَلِيَ جَسَدَ الإِْنْسَانِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الثِّيَابِ. سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُمَاسَّتِهِ الشَّعْرَ.</p>وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الأَْنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ (1) . يَصِفُهُمْ بِالْمَوَدَّةِ وَالْقُرْبِ.</p>وَالشِّعَارُ أَيْضًا مَا يُشْعِرُ الإِْنْسَانُ بِهِ نَفْسَهُ فِي الْحَرْبِ، وَشِعَارُ الْعَسَاكِرِ، أَنْ يَسِمُوا لَهَا عَلَامَةً يَنْصِبُونَهَا لِيَعْرِفَ الرَّجُل بِهَا رُفْقَتَهُ، وَالشِّعَارُ أَيْضًا عَلَامَةُ الْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ وَهُوَ مَا يُنَادَوْنَ بِهِ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ شِعَارَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمِتْ أَمِتْ (2) .</p>وَأَشْعَرَ الْقَوْمُ: نَادَوْا بِشِعَارِهِمْ. وَالشِّعَارُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: الأنصار شعار والناس دثار. أخرجه البخاري (الفتح 8 / 47 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 739 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن زيد.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " كان شعار النبي صلى الله عليه وسلم: أمت أمت ": أخرجه الحاكم (2 / 107 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث سلمة بن الأكوع وصححه ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٠)</span><hr/></div>الْعَلَامَةُ قَال الأَْصْمَعِيُّ: وَلَا أَرَى مَشَاعِرَ الْحَجِّ إِلَاّ مِنْ هَذَا لأَِنَّهَا عَلَامَاتٌ لَهُ (1) .</p>وَالشِّعَارُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْعَلَامَةُ الظَّاهِرَةُ الْمُمَيِّزَةُ. وَالشِّعَارُ مِنَ الثِّيَابِ هُوَ مَا يَلِي شَعْرَ الْجَسَدِ وَيَكُونُ تَحْتَ الدِّثَارِ. فَالدِّثَارُ لَا يُلَاقِي الْجَسَدَ وَالشِّعَارُ بِخِلَافِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ التَّشَبُّهُ بِشِعَارِ الْكُفَّارِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ التَّشَبُّهَ بِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فِي اللِّبَاسِ الَّذِي يُمَيِّزُهُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ كَالزُّنَّارِ وَنَحْوِهِ، وَالَّذِي هُوَ شِعَارٌ لَهُمْ يَتَمَيَّزُونَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، يُحْكَمُ بِكُفْرِ فَاعِلِهِ ظَاهِرًا إِنْ فَعَلَهُ فِي بِلَادِ الإِْسْلَامِ، وَكَانَ فِعْلُهُ عَلَى سَبِيل الْمَيْل إِلَى الْكُفَّارِ، أَيْ: فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، إِلَاّ إِذَا كَانَ الْفِعْل لِضَرُورَةِ الْحَرِّ أَوِ الْبَرْدِ أَوِ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ أَوِ الإِْكْرَاهِ مِنَ الْعَدُوِّ. فَلَوْ عُلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَبِسَهُ لَا لاِعْتِقَادِ حَقِيقَةِ الْكُفْرِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، المصباح المنير، والتهذيب للأزهري.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإقناع للخطيب الشربيني 1 / 140، كشاف القناع عن متن الإقناع 3 / 128، فتح القدير 5 / 302، ابن عابدين 5 / 226 - 227.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٠)</span><hr/></div>مِنْهُمْ (1) . وَلأَِنَّ اللِّبَاسَ الْخَاصَّ بِالْكُفَّارِ عَلَامَةُ الْكُفْرِ، وَالاِسْتِدْلَال بِالْعَلَامَةِ وَالْحُكْمُ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مُقَرَّرٌ فِي الشَّرْعِ وَالْعَقْل (2) .</p>وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّفْصِيل (ر: تَشَبُّهٌ، ف 4 وَأَلْبِسَةٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ لِبَاسُ مَا يَكُونُ شِعَارًا لِلشُّهْرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> وَهُوَ اللِّبَاسُ الْمُخَالِفُ لِلْعَادَةِ عِنْدَ أَهْل الْبَلْدَةِ بِحَيْثُ يَشْتَهِرُ لَابِسُهُ عِنْدَ النَّاسِ وَيُشِيرُونَ إِلَيْهِ. وَهَذَا مَكْرُوهٌ شَرْعًا، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَال، قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا، أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارًا (3) . وَلِكَوْنِهِ سَبَبًا إِلَى حَمْل النَّاسِ عَلَى الْغِيبَةِ (4) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: أَلْبِسَةٌ. ف 16، 6 136) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ اسْتِعْمَال آلَةٍ مِنْ شِعَارِ شَرَبَةِ الْخَمْرِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْمِ فِي الْمَعَازِفِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من تشبه بقوم فهو منهم. . . . " أخرجه أبو داود (4 / 314 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وجوده ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1 / 236 - ط العبيكان) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 2 / 276، جواهر الإكليل 2 / 278، تحفة المحتاج 9 / 92.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" من لبس ثوب شهرة في الدنيا. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 1193 - ط الحلبي) وهو حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المدخل لابن الحاج 1 / 137، كشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 278 - 285 - ط النصر الحديثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠١)</span><hr/></div>وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَال آلَةٍ مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ كَطُنْبُورٍ وَعُودٍ، وَجَدَكٍ وَصَنْجٍ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الأَْوْتَارِ وَالْمَزَامِيرِ؛ لأَِنَّ اللَّذَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْهَا تَدْعُو إِلَى فَسَادٍ كَشُرْبِ الْخَمْرِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِهَا؛ وَلأَِنَّهَا شِعَارُ الْفَسَقَةِ وَالتَّشَبُّهُ بِهِمْ حَرَامٌ، وَخَرَجَ مَنْ سَمِعَهَا بِغَيْرِ قَصْدٍ (1) . وَ (ر: سَمَاعٌ. مَلَاهِي) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 382، جواهر الإكليل 2 / 238 / 11، 2 / 233، نهاية المحتاج 8 / 281، المغني 9 / 175 - 176.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَعْرٌ وَصُوفٌ وَوَبَرٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّعْرُ لُغَةً: نَبْتَةُ الْجِسْمِ مِمَّا لَيْسَ بِصُوفٍ وَلَا وَبَرٍ لِلإِْنْسَانِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ الشَّعْرُ زَوَائِدُ خَيْطِيَّةٌ تَظْهَرُ عَلَى جِلْدِ الإِْنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنَ الثَّدْيِيَّاتِ وَيُقَابِلُهُ الرِّيشُ فِي الطُّيُورِ وَالْخَرَاشِيفُ فِي الزَّوَاحِفِ، وَالْقُشُورُ فِي الأَْسْمَاكِ، وَجَمْعُهُ أَشْعَارٌ وَشُعُورٌ. وَيُقَال: رَجُلٌ أَشْعَرُ وَشَعِرٌ وَشَعْرَانِيٌّ إِذَا كَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ (1)</p>. وَالصُّوفُ مَا يَكُونُ لِلضَّأْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَخَصُّ مِنْهُ، وَالصُّوفُ لِلضَّأْنِ، كَالشَّعْرِ لِلْمَعْزِ، وَالْوَبَرِ لِلإِْبِل (2) .</p>وَالْوَبَرُ مَا يَنْبُتُ عَلَى جُلُودِ الإِْبِل وَالأَْرَانِبِ وَنَحْوِهَا، وَالْجَمْعُ أَوْبَارٌ، وَيُقَال جَمَلٌ وَبِرٌ وَأَوْبَرُ إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْوَبَرِ، وَالنَّاقَةُ وَبِرَةٌ وَوَبْرَاءُ (3) .</p>وَالرِّيشُ مَا يَكُونُ عَلَى أَجْسَامِ الطُّيُورِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والقاموس والمصباح المنير والمعجم الوسيط مادة (شعر) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والمصباح المنير مادة (صوف) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب والمصباح المنير مادة (وبر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٢)</span><hr/></div>وَأَجْنِحَتِهَا. وَقَدْ يَخُصُّ الْجُنَاحَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِهِ. وَالْفَرْوُ: جُلُودُ بَعْضِ الْحَيَوَانِ كَالدِّبَبَةِ وَالثَّعَالِبِ تُدْبَغُ وَيُتَّخَذُ مِنْهَا مَلَابِسُ لِلدِّفْءِ وَلِلزِّينَةِ وَجَمْعُهُ فِرَاءٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ شَعْرِ الإِْنْسَانِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> شَعْرُ الإِْنْسَانِ طَاهِرٌ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّعْرُ مُتَّصِلاً أَمْ مُنْفَصِلاً، وَاسْتَدَلُّوا لِطَهَارَتِهِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَاوَل أَبَا طَلْحَةَ شَعْرَهُ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ (1) .</p>وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِشَعْرِ الآْدَمِيِّ بَيْعًا وَاسْتِعْمَالاً؛ لأَِنَّ الآْدَمِيَّ مُكَرَّمٌ لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (2) .</p>فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ مُهَانًا مُبْتَذَلاً (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَيِّتِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى طَهَارَةِ شَعْرِ الْمَيْتَةِ إِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً حَال الْحَيَاةِ.</p>وَانْفَرَدَ الْمَالِكِيَّةُ بِالْقَوْل بِطَهَارَةِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ لأَِنَّهُ طَاهِرٌ حَال الْحَيَاةِ، وَهَذَا إِذَا جُزَّ جَزًّا وَلَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن النبي صلى الله عليه وسلم ناول أبا طلحة شعره ". أخرجه مسلم (2 / 948 - ط الحلبي) ، من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الإسراء / 70.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البناية 6 / 407، حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 2 / 330، حاشية الدسوقي 1 / 49، ونهاية المحتاج 1 / 228، 229، كشاف القناع 1 / 56 - 57.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٢)</span><hr/></div>يُنْتَفْ. فَإِنْ نُتِفَ فَإِنَّ أُصُولَهُ نَجِسَةٌ، وَأَعْلَاهُ طَاهِرٌ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (1) .</p>وَالآْيَةُ سِيقَتْ لِلاِمْتِنَانِ، فَالظَّاهِرُ شُمُولُهَا الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ.</p>وَبِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها: أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ حِينَ مَرَّ بِهَا: إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا (2) . - وَفِي لَفْظٍ - إِنَّمَا حَرُمَ عَلَيْكُمْ لَحْمُهَا وَرُخِّصَ لَكُمْ فِي مَسْكِهَا (3) أَيْ جِلْدِهَا.</p>وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ الْمَعْهُودَ فِي الْمَيْتَةِ حَال الْحَيَاةِ الطَّهَارَةُ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ الْمَوْتُ النَّجَاسَةَ فِيمَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ، وَالشُّعُورُ لَا تَحُلُّهَا الْحَيَاةُ.</p>فَلَا يَحُلُّهَا الْمَوْتُ، وَإِذَا لَمْ يَحُلَّهَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ الْوَصْفِ الشَّرْعِيِّ الْمَعْهُودِ لِعَدَمِ الْمُزِيل.</p>فَالأَْصْل فِي طَهَارَةِ شَعْرِ الْمَيْتَةِ أَنَّ مَا لَا تَحُلُّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 80.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إنما حرم أكلها ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 413 - ط السلفية)، ومسلم (1 / 276 - ط. الحلبي) من حديث ابن عباس.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إنما حرم عليكم لحمها ورخص لكم في مسكها ". أخرجه الدارقطني (1 / 44 - ط دار المحاسن) وصححه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٣)</span><hr/></div>الْحَيَاةُ - لأَِنَّهُ لَا يُحِسُّ وَلَا يَتَأَلَّمُ - لَا تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ بِالْمَوْتِ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى نَجَاسَةِ‌<span class="title">‌ شَعْرِ الْمَيْتَ</span>ةِ إِلَاّ مَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ وَدُبِغَ، وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ الْمُنْفَصِل مِنَ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُول وَهُوَ حَيٌّ.</p>وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (2) . وَهُوَ عَامٌّ فِي الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ. وَالْمَيْتَةُ اسْمٌ لِمَا فَارَقَتْهُ الرُّوحُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِدُونِ تَذْكِيَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَهَذِهِ الآْيَةُ خَاصَّةٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَعَامَّةٌ فِي الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ رَاجِحَةٌ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى الآْيَةِ الأُْولَى وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (3) . لأَِنَّ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} وَرَدَ لِبَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالآْيَةُ الأُْولَى وَرَدَتْ لِلاِمْتِنَانِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ كُل حَيَوَانٍ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ يَنْجُسُ شَعْرُهُ وَصُوفُهُ (4) .</p> </p>شَعْرُ الْمَيْتِ:</p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: شَعْرُ رَأْسِ الرَّجُل الْمَيْتِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 1 / 84، 85، كشاف القناع 1 / 56 - 57، حاشية الدسوقي 1 / 49.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 3.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النحل / 80.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 1 / 230 - 231، 236 - 237، مغني المحتاج 1 / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٣)</span><hr/></div>حَلْقِ شَعْرِ رَأْسِ الْمَيْتِ وَلَا تَسْرِيحِهِ، لأَِنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ يَكُونُ لِلزِّينَةِ أَوْ لِلنُّسُكِ وَالْمَيْتُ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ وَلَا يُزَيَّنُ.</p>وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُسَرِّحُونَ شَعْرَ مَيْتٍ فَنَهَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَتْ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ. أَيْ: لَا تُسَرِّحُوا رَأْسَهُ بِالْمُشْطِ؛ لأَِنَّهُ يَقْطَعُ الشَّعْرَ وَيَنْتِفُهُ، وَعَبَّرَتْ بِتَنُصُّونَ وَهُوَ الأَْخْذُ بِالنَّاصِيَةِ، أَيْ مِنْهَا، تَنْفِيرًا عَنْهُ وَيَدُل لِعَدَمِ الْجَوَازِ الْقِيَاسُ عَلَى الْخِتَانِ حَيْثُ يُخْتَنُ الْحَيُّ وَلَا يُخْتَنُ الْمَيِّتُ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُخْتَارِ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ حَلْقِ شَعْرِ رَأْسِ الْمَيْتِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمُ الْجَوَازَ بِمَا إِذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمَيِّتِ حَلْقُهُ أَمَّا إِذَا كَانَ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ذَا جَمَّةٍ فَلَا يُحْلَقُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَهُمْ، وَاسْتَدَلُّوا لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ، وَأَجْزَاؤُهُ مُحْتَرَمَةٌ؛ فَلَا تُنْتَهَكُ بِهَذَا، وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ فِي هَذَا شَيْءٌ فَكُرِهَ فِعْلُهُ.</p>وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: الأَْوَّل: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَفِي اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (شَارِبٌ، وَلِحْيَةٌ) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: شَعْرُ رَأْسِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اتَّفَقَ. جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ ضَفْرِ شَعْرِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ، قَرْنَيْهَا وَنَاصِيَتَهَا، وَيُسْدَل خَلْفَهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُجْعَل عَلَى صَدْرِهَا وَيُجْعَل ضَفِيرَتَيْنِ فَوْقَ الْقَمِيصِ تَحْتَ اللِّفَافَةِ؛ لأَِنَّهُ فِي حَال حَيَاتِهَا يُجْعَل وَرَاءَ ظَهْرِهَا لِلزِّينَةِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْكَفَنُ؛ فَيُجْعَل عَلَى صَدْرِهَا.</p>وَدَلِيل اسْتِحْبَابِ ضَفْرِ شَعْرِ الْمَرْأَةِ مَا رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نَقَضْنَهُ ثُمَّ غَسَلْنَهُ ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَوَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّهُنَّ أَلْقَيْنَهَا خَلْفَهَا (1) .</p>وَالأَْصْل أَنْ لَا يُفْعَل فِي الْمَيِّتِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ الْقُرَبِ إِلَاّ بِإِذْنٍ مِنَ الشَّرْعِ مُحَقَّقٍ، فَالظَّاهِرُ إِطْلَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا فَعَلَتْ وَتَقْرِيرُهُ لَهُ.</p>وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أم عطية: " أنهن جعلن رأس بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة قرون ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 132، 134 ط. السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 125 - ط السلفية)، وأخرجه مسلم بلفظ:" اغسلنها وترًا: ثلاثًا أو خمسًا ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: شَعْرُ سَائِرِ الْبَدَنِ مِنَ الْمَيِّتِ كَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ وَشَعْرِ الإِْبْطِ وَالْعَانَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُخْتَارِ إِلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ غَيْرِ مَا يَحْرُمُ حَلْقُهُ حَال الْحَيَاةِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ:</p>الأَْوَّل: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ،</p>وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ. وَدَلِيل الْكَرَاهَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي كَرَاهَةِ حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الشُّعُورَ إِذَا أُزِيلَتْ أَنَّهَا تُصَرُّ وَتُضَمُّ مَعَ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ وَيُدْفَنُ.</p>وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ آخَرَ: أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا تُدْفَنَ مَعَهُ بَل تُوَارَى فِي الأَْرْضِ فِي غَيْرِ الْقَبْرِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى تَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ وَكَذَا تَحْرِيمُ حَلْقِ شَعْرِ الْعَانَةِ مِنَ الْمَيِّتِ لِمَا فِيهِ مِنْ لَمْسِ الْعَوْرَةِ وَرُبَّمَا احْتَاجَ إِلَى نَظَرِهَا، وَالنَّظَرُ مُحَرَّمٌ فَلَا يُرْتَكَبُ مِنْ أَجْل مَنْدُوبٍ، وَيُسَنُّ أَخْذُ شَعْرِ الإِْبِطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَسْحُ الشَّعْرِ فِي الْوُضُوءِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِ شَعْرِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ وَحْدَهُ مِنْ مَنَابِتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 2 / 75، الاختيار 1 / 93، حاشية الدسوقي 1 / 410 - 411، 422 - 423، الزرقاني على خليل 2 / 88، المجموع 5 / 178 - 184، كشاف القناع 2 / 96 - 97.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٥)</span><hr/></div>الشَّعْرِ الْمُعْتَادِ مِنَ الْمُقَدَّمِ إِلَى نَقْرَةِ الْقَفَا مَعَ مَسْحِ شَعْرِ صُدْغَيْهِ فَمَا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاشِئِ مِنَ الْوَجْهِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُمْسَحَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ وَلَوْ قَل فَلَا يَتَقَدَّرُ وُجُوبُهُ بِشَيْءٍ بَل يَكْفِي فِيهِ مَا يُمْكِنُ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَفْرُوضَ فِي الْمَسْحِ هُوَ مَسْحُ مِقْدَارِ النَّاصِيَةِ وَهُوَ رُبُعُ الرَّأْسِ (1) لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَخُفَّيْهِ (2) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ وَبَيَانُ الأَْدِلَّةِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (وُضُوءٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَقْضُ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الشَّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يُنْقَضُ بِلَمْسِ الشَّعْرِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُقْصَدُ ذَلِكَ لِلشَّهْوَةِ غَالِبًا، وَإِنَّمَا تَحْصُل اللَّذَّةُ وَتَثُورُ الشَّهْوَةُ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ لِلإِْحْسَاسِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ لَمْسِ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفُرِ</p>وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مُقَابِل الأَْصَحِّ: يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الرَّجُل بِلَمْسِ شَعْرِ الْمَرْأَةِ لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 1 / 398 - 400، مغني المحتاج 1 / 35، الشرح الصغير 1 / 109، كشاف القناع 1 / 98، فتح القدير 1 / 16.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث المغيرة بن شعبة:" أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على ناصيته ". أخرجه مسلم (1 / 230 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٥)</span><hr/></div>الشَّعْرَ لَهُ حُكْمُ الْبَدَنِ فِي الْحِل بِالنِّكَاحِ وَوُجُوبِ غَسْلِهِ بِالْجَنَابَةِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ يُنْتَقَضُ بِلَمْسِ الشَّعْرِ لِمَنْ يَلْتَذُّ بِهِ إِنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ إِذَا كَانَ اللَّمْسُ بِحَائِلٍ خَفِيفٍ أَوْ كَثِيفٍ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ نَقْصِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الشَّعْرِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي عَدَمِ النَّقْضِ بِالْمَسِّ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُنْزِل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌غَسْل شَعْرِ الرَّأْسِ مِنَ الْجِنَابَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ تَعْمِيمِ شَعْرِ الرَّأْسِ بِالْمَاءِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ لِلذَّكَرِ وَالأُْنْثَى مُسْتَرْسِلاً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ تَحْتَ كُل شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ (2) وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِل بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ (3) قَال عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي، وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 2 / 27، كشاف القناع 1 / 129، فتح القدير 1 / 48، 49، الشرح الصغير 1 / 143.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إن تحت كل شعرة جنابة ". أخرجه أبو داود (1 / 172 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة ثم أعله بضعف أحد رواته.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من ترك موضع شعرة ". أخرجه أبو داود (1 / 173 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ولمح ابن حجر في التلخيص (1 / 142 - ط شركة الطباعة الفنية) إلى أن الصواب وقفه على علي بن أبي طالب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٦)</span><hr/></div>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ نَقْضِ ضَفَائِرِ الْمَرْأَةِ فِي الْغُسْل:</p>فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ) وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ نَقْضُ الضُّفُرِ إِنْ كَانَ الْمَاءُ يَصِل إِلَى أُصُول شَعْرِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ، فَإِنْ لَمْ يَصِل إِلَاّ بِالنَّقْضِ لَزِمَهَا نَقْضُهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ غُسْل الْجَنَابَةِ وَغُسْل الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضُفُرَ رَأْسِي؛ أَفَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضِ وَلِلْجَنَابَةِ؟ قَال: لَا. إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ (1) . وَهُوَ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ - بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: إِفْرَادِ ذِكْرِ الْجَنَابَةِ وَإِفْرَادِ ذِكْرِ الْحَيْضِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. وَحَمَل الْجُمْهُورُ هَذِهِ الأَْحَادِيثَ عَلَى وُصُول الْمَاءِ إِلَى أُصُول الشَّعْرِ بِدَلِيل مَا ثَبَتَ مِنْ وُجُوبِ إِيصَال الْمَاءِ إِلَى أُصُول الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ جَمْعًا بَيْنَ الأَْدِلَّةِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا فِي غُسْل الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَلَا يَجِبُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ". أخرجه مسلم (1 / 259 - 260 - ط. الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٦)</span><hr/></div>غُسْل الْجَنَابَةِ إِذَا رَوَتْ أُصُول شَعْرِهَا، وَلَمْ يَكُنْ مَشْدُودًا بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ تَمْنَعُ وُصُول الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ أَوْ إِلَى بَاطِنِ الشَّعْرِ، وَالنَّقْضُ مُطْلَقًا مُسْتَحَبٌّ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ.</p>وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَهَا: إِذَا كُنْتِ حَائِضًا خُذِي مَاءَكِ وَسِدْرَكِ وَامْتَشِطِي (1) . وَلَا يَكُونُ الْمَشْطُ إِلَاّ فِي شَعْرٍ غَيْرِ مَضْفُورٍ. وَلِلْبُخَارِيِّ: انْفُضِي شَعْرَكِ وَامْتَشِطِي (2) .</p>وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: انْفُضِي شَعْرَكِ وَاغْتَسِلِي (3)</p>لأَِنَّ الأَْصْل وُجُوبُ نَقْضِ الشَّعْرِ لِتَحَقُّقِ وُصُول الْمَاءِ إِلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَعُفِيَ عَنْهُ فِي غُسْل الْجَنَابَةِ لأَِنَّهُ يَكْثُرُ فَيَشُقُّ نَقْضُ الشَّعْرِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إذا كنت حائضًا خذي ماءك وسدرك وامتشطي. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 417 - ط السلفية)، ومسلم (2 / 870 - ط الحلبي) بمعناه دون ذكر السدر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" انفضي شعرك وامتشطي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 418 - ط السلفية) من حديث عائشة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " انفضي شعرك واغتسلي ". أخرجه ابن ماجه (1 / 210 - ط الحلبي) وقال البوصيري: " هذا إسناد رجاله ثقات، كذا في مصباح الزجاجة "(1 / 141 - ط دار الجنان) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 103، فتح القدير 1 / 52، المجموع 2 / 184، الشرح الصغير 1 / 169، كشاف القناع 1 / 154.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حَلْقُ شَعْرِ الْمَوْلُودِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى اسْتِحْبَابِ حَلْقِ شَعْرِ رَأْسِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ السَّابِعِ، وَالتَّصَدُّقِ بِزِنَةِ شَعْرِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَفِضَّةً عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ تَحَرَّى وَتَصَدَّقَ بِهِ. وَيَكُونُ الْحَلْقُ بَعْدَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ.</p>كَمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لِفَاطِمَةَ لَمَّا وَلَدَتِ الْحَسَنَ: احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالأَْوْفَاضِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ حَلْقَ شَعْرِ الْمَوْلُودِ مُبَاحٌ، لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا وَاجِبٍ، وَذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي أَنَّ الْعَقِيقَةَ مُبَاحَةٌ، لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِل عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَال: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ. مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَنْسُكْ عَنْهُ. عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ مُكَافَأَتَاهُ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةً (2) وَهَذَا يَنْفِي كَوْنَ الْعَقِيقَةِ سُنَّةً لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَّقَ الْعَقَّ بِالْمَشِيئَةِ وَهَذَا أَمَارَةُ الإِْبَاحَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة. . . " أخرجه أحمد (6 / 390، 292 - ط الميمنية) من حديث أبي رافع بإسنادين يقوي أحدها الآخر. والأوفاض: الضعفاء من الناس الفقراء الذين لا دفاع بهم (المعجم الوسيط) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا يحب الله العقوق ". أخرجه النسائي (7 / 163 - ط المكتبة التجارية) ، والحاكم (4 / 238 - ط دائرة المعارف العثمانية) واللفظ للنسائي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٧)</span><hr/></div>وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ لأَِنَّهَا نُسِخَتْ بِالأُْضْحِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْعَقِيقَةَ كَانَتْ مِنَ الْفَضَائِل فَعَلَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّل الإِْسْلَامِ فَنُسِخَتْ بِالأُْضْحِيَّةِ، فَمَتَى نُسِخَ الْفَضْل لَا يَبْقَى إِلَاّ الْكَرَاهَةُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّظَرُ إِلَى شَعْرِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى شَعْرِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ، كَمَا لَا يَجُوزُ لَهَا إِبْدَاؤُهُ لِلأَْجَانِبِ عَنْهَا.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى الْقَوْل بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلاً (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: نُهِيَ أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةٌ حَتَّى تُطْعِمَ وَلَا صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ وَلَا لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 5 / 362، بدائع الصنائع 5 / 69، المغني 8 / 646، 647، جواهر الإكليل 1 / 224، القليوبي 4 / 256.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 238، فتح القدير 1 / 182، البناية 9 / 247، مطالب أولي النهى 5 / 18، الروضة 7 / 26، حاشية الدسوقي 1 / 214.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " نهي أن تباع ثمرة حتى تطعم ". أخرجه الدارقطني (3 / 14 - ط دار المحاسن) والبيهقي (5 / 340 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال البيهقي: تفرد برفعه عمر بن فروخ، وليس بالقوي، ورواه غيره موقوفًا. وكذا صوب الدارقطني وقفه على ابن عباس.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٨)</span><hr/></div>وَلأَِنَّ الصُّوفَ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ فَلَمْ يَجُزْ إِفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ كَأَعْضَائِهِ، وَلأَِنَّ الصُّوفَ عَلَى الظَّهْرِ قَبْل الْجَزِّ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي نَفْسِهِ لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَصْفِ الْحَيَوَانِ لِقِيَامِهِ بِهِ كَسَائِرِ أَوْصَافِهِ. وَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنَ الشَّاةِ فَلَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ؛ وَلأَِنَّهُ يَنْبُتُ مِنْ أَسْفَل سَاعَةً فَسَاعَةً فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ التَّمْيِيزُ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ بِالْجَزَزِ تَحَرِّيًا، وَبِالْوَزْنِ مَعَ رُؤْيَةِ الْغَنَمِ عَلَى أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْجَزُّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌السَّلَمُ فِي الصُّوفِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ الصُّوفِ سَلَمًا بِالْوَزْنِ لَا بِالْجَزَزِ وَذَلِكَ لاِخْتِلَافِ الْجَزَزِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ - عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ -</p>وَيَجِبُ بَيَانُ نَوْعِ الصُّوفِ وَأَصْلِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لأَِنَّ صُوفَ الإِْنَاثِ أَنْعَمُ، وَيَذْكُرُ لَوْنَهُ وَوَقْتَهُ هَل هُوَ خَرِيفِيٌّ أَوْ رَبِيعِيٌّ، وَطُولَهُ وَقِصَرَهُ وَوَزْنَهُ وَلَا يَقْبَل إِلَاّ مُنَقًّى مِنَ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ، كَالشَّوْكِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ غَسْلِهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البناية 6 / 408، فتح القدير 6 / 50،51، كشف الحقائق 2 / 18، حاشية الدسوقي 3 / 215، روضة الطالبين 3 / 373، كشاف القناع 3 / 166.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 3 / 185، حاشية الدسوقي 3 / 215، نهاية المحتاج 4 / 206، كشاف القناع 3 / 295.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌وَصْل الشَّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> يَحْرُمُ وَصْل شَعْرِ الْمَرْأَةِ بِشَعْرٍ نَجِسٍ أَوْ بِشَعْرِ آدَمِيٍّ. سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُزَوَّجَةُ وَغَيْرُهَا وَسَوَاءٌ بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلٌ بِالْكَرَاهَةِ. وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ (1) .</p>وَاللَّعْنَةُ عَلَى الشَّيْءِ تَدُل عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَعِلَّةُ التَّحْرِيمِ مَا فِيهِ مِنَ التَّدْلِيسِ وَالتَّلْبِيسِ بِتَغَيُّرِ خَلْقِ اللَّهِ.</p>وَالْوَاصِلَةُ الَّتِي تَصِل شَعْرَهَا بِشَعْرٍ مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَالَّتِي يُوصَل شَعْرُهَا بِشَعْرٍ آخَرَ زُورًا، وَالْمُسْتَوْصِلَةُ الَّتِي يُوصَل لَهَا ذَلِكَ بِطَلَبِهَا. لِحُرْمَةِ الاِنْتِفَاعِ بِشَعْرِ الآْدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ، وَالأَْصْل أَنْ يُدْفَنَ شَعْرُهُ إِذَا انْفَصَل. أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَصْل بِغَيْرِ شَعْرِ الآْدَمِيِّ وَهُوَ طَاهِرٌ:</p>فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ إِلَى حُرْمَةِ الْوَصْل إِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي يُكْرَهُ.</p>أَمَّا إِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا: إِنْ وَصَلَتْ بِإِذْنِهِ جَازَ وَإِلَاّ حَرُمَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لعن الله الواصلة والمستوصلة. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 374 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٩)</span><hr/></div>الثَّانِي: يَحْرُمُ مُطْلَقًا. الثَّالِثُ: لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الْمَنْقُول عَنْ أَبِي يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يُرَخَّصُ لِلْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ شَعْرِ الآْدَمِيِّ تَتَّخِذُهُ لِتَزِيدَ قُرُونَهَا.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَيْسَتِ الْوَاصِلَةُ بِالَّتِي تَعْنُونَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تَعْرَى الْمَرْأَةُ عَنِ الشَّعْرِ فَتَصِل قَرْنًا مِنْ قُرُونِهَا بِصُوفٍ أَسْوَدَ وَإِنَّمَا الْوَاصِلَةُ الَّتِي تَكُونُ بَغِيًّا فِي شَبِيبَتِهَا فَإِذَا أَسَنَّتْ وَصَلَتْهَا بِالْقِيَادَةِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ التَّفْرِيقِ فِي التَّحْرِيمِ بَيْنَ الْوَصْل بِالشَّعْرِ وَبِغَيْرِهِ.</p>وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ تَحْرِيمَ وَصْل الشَّعْرِ بِشَعْرٍ سَوَاءٌ كَانَ شَعْرَ آدَمِيٍّ أَوْ شَعْرَ غَيْرِهِ. وَسَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ. قَالُوا وَلَا بَأْسَ بِمَا تَشُدُّ بِهِ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا أَيْ مِنْ غَيْرِ الشَّعْرِ لِلْحَاجَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: لَا تَصِل الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا الشَّعْرَ وَلَا الْقَرَامِل وَلَا الصُّوفَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌عَقْصُ الشَّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ عَقْصِ الشَّعْرِ فِي الصَّلَاةِ. وَالْعَقْصُ هُوَ شَدُّ ضَفِيرَةِ الشَّعْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 5 / 239، قوانين الأحكام الشرعية ص 482 ط. دار العلم للملايين، روضة الطالبين 1 / 276، مطالب أولي النهى 1 / 90، كشاف القناع 1 / 81.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٩)</span><hr/></div>حَوْل الرَّأْسِ كَمَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ أَوْ يُجْمَعُ الشَّعْرُ فَيُعْقَدُ فِي مُؤَخَّرَةِ الرَّأْسِ.</p>وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ. فَلَوْ صَلَّى كَذَلِكَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وُجُوبَ الإِْعَادَةِ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.</p>وَدَلِيل الْكَرَاهَةِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ وَجَعَل يَحُلُّهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَل إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَال: مَالَكَ وَرَأْسِي؟ فَقَال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنَّمَا مَثَل هَذَا مَثَل الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ (1) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: ذَاكَ كِفْل الشَّيْطَانِ (2) . وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ. . وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ (3) .</p>وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ، أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَ الْمُصَلِّي وَلِهَذَا مَثَّلَهُ فِي الْحَدِيثِ بِالَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ.</p>وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ شَامِلٌ لِكُل مَنْ صَلَّى كَذَلِكَ، سَوَاءٌ تَعَمَّدَهُ لِلصَّلَاةِ أَمْ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إنما مثل هذا مثل الذي يصلي ". أخرجه مسلم (1 / 355 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " ذاك كفل الشيطان ". أخرجه الترمذي (2 / 224 - ط الحلبي) من حديث أبي رافع، وقال:" حديث حسن ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 297 - ط السلفية) ومسلم (1 / 354 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><hr/></div>كَذَلِكَ قَبْل الصَّلَاةِ وَفَعَلَهَا لِمَعْنًى آخَرَ وَصَلَّى عَلَى حَالِهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ.</p>وَيَدُل لَهُ إِطْلَاقُ الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَنْقُول عَنِ الصَّحَابَةِ، وَقَال مَالِكٌ: النَّهْيُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ فَعَل ذَلِكَ لِلصَّلَاةِ (1) .</p>وَيُنْظَرُ بَقِيَّةُ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالشَّعْرِ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الآْتِيَةِ: (إِحْرَامٌ، وَتَرْجِيلٌ، وَتَنَمُّصٌ، وَإِحْدَادٌ، وَاخْتِضَابٌ، وَتَسْوِيدٌ، حَلْقٌ، وَدِيَاتٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْعِنَايَةُ بِشَعْرِ الإِْنْسَانِ الْحَيِّ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> يُسْتَحَبُّ تَرْجِيل الشَّعْرِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ (2) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّرْجِيل فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ (3) . وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِي التَّرْجِيل، وَيُسَنُّ الإِْغْبَابُ فِيهِ، وَالإِْكْثَارُ مِنْهُ مَكْرُوهٌ. كَمَا يُسْتَحَبُّ دَهْنُ الشَّعْرِ غِبًّا وَهُوَ أَنْ يُدْهَنَ ثُمَّ يُتْرَكَ حَتَّى يَجِفَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 216، والمجموع 4 / 98، الزرقاني على خليل 1 / 180، كشاف القناع 1 / 372.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من كان له شعر فليكرمه ". أخرجه أبو داود (4 / 395 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في الفتح (1 / 368 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عائشة: كان يصغي إلَيَّ رأسه. أخرجه البخاري (الفتح 4 / 273 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><hr/></div>الدُّهْنُ ثُمَّ يُدْهَنَ ثَانِيًا، وَقِيل يُدْهَنُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا. وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَاتِ:(إِدْهَانٌ، وَامْتِشَاطٌ، وَتَرْجِيلٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ شَعْرِ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَأْكُول اللَّحْمِ أَوْ غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ، وَفِي كُل حَالَةٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلاً بِهِ أَوْ مُنْفَصِلاً عَنْهُ.</p><font color=#ff0000>18 -</font> أَمَّا شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ الْمُتَّصِل بِهِ إِذَا أُخِذَ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَمِثْلُهُ الصُّوفُ وَالْوَبَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (1) وَالآْيَةُ سِيقَتْ لِلاِمْتِنَانِ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْمُتَّصِل وَالْمُنْفَصِل وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي شُمُولِهَا بِشَعْرِ الْحَيَوَانِ الْمَيِّتِ.</p>وَأَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى طَهَارَةِ شَعْرِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ إِذَا جُزَّ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الْمَلَابِسِ وَالْمَفَارِشِ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي شَعْرِ الْمُذَكَّيَاتِ كِفَايَةٌ لِحَاجَةِ النَّاسِ.</p>أَمَّا شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ الْمُنْفَصِل عَنْهُ فِي الْحَيَاةِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَتِهِ إِذَا جُزَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 80.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١١)</span><hr/></div>جَزًّا. أَمَّا إِذَا نُتِفَ فَأُصُولُهُ الَّتِي فِيهَا الدُّسُومَةُ نَجِسَةٌ، وَالأَْصْل عِنْدَهُمْ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ. فَهُوَ مَيِّتٌ إِلَاّ إِذَا كَانَ لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ كَالشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ فَهُوَ طَاهِرٌ.</p>وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ أَنْ يُجَزَّ جَزًّا بِخِلَافِ مَا نُتِفَ نَتْفًا فَإِنَّ أُصُولَهُ تَكُونُ نَجِسَةً.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى طَهَارَتِهِ إِذَا جُزَّ وَاسْتَدَلُّوا بِالآْيَةِ وَالإِْجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.</p>قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ: وَكَانَ الْقِيَاسُ نَجَاسَتَهُ كَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْحَيَاةِ وَلَكِنْ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى طَهَارَتِهَا.</p>أَمَّا إِذَا انْفَصَل شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ فِي حَيَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نُتِفَ فَفِيهِ أَوْجُهٌ: الصَّحِيحُ مِنْهَا أَنَّهُ طَاهِرٌ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَزِّ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَالْجَزُّ فِي الشَّعْرِ كَالذَّبْحِ، فِي الْحَيَوَانِ وَلَوْ ذُبِحَ الْحَيَوَانُ لَمْ يَنْجُسْ، فَكَذَلِكَ إِذَا جُزَّ شَعْرُهُ.</p>وَالثَّانِي: إِنَّهُ نَجِسٌ سَوَاءٌ انْفَصَل بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَتْفٍ لأَِنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ.</p>وَدَلِيل هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. حَدِيثُ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الإِْبِل وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الْغَنَمِ، فَقَال: مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: ما قطع من البهيمة وهي حية. . . . ". أخرجه الترمذي (4 / 72 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن " والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١١)</span><hr/></div>غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ اسْتَثْنَوْا الشَّعْرَ لِلإِْجْمَاعِ عَلَى طَهَارَتِهِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَقَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الْحَدِيثَ عَلَى مَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ وَلِذَا اسْتَثْنَوْا الشَّعْرَ.</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ شَعْرَ كُل حَيَوَانٍ كَبَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ مَا كَانَ طَاهِرًا فَشَعْرُهُ طَاهِرٌ، وَمَا كَانَ نَجِسًا فَشَعْرُهُ نَجِسٌ، لَا فَرْقَ بَيْنَ حَالَةِ الْحَيَاةِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ.</p>فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ نَجِسٌ، وَفِي أُخْرَى طَاهِرٌ.</p><font color=#ff0000>19 -</font> أَمَّا شَعْرُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ الْمُتَّصِل بِهِ فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْخِنْزِيرَ وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْخِنْزِيرَ وَالْكَلْبَ لأَِنَّ عَيْنَهُمَا نَجِسَةٌ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَذَهَبُوا إِلَى طَهَارَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لأَِنَّ الأَْصْل عِنْدَهُمْ أَنَّ كُل حَيٍّ طَاهِرٌ.</p>أَمَّا شَعْرُ الْمُنْفَصِل عَنْهُ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ هُوَ طَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ، إِلَاّ مَا لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ كَالشَّعْرِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَهُوَ طَاهِرٌ عِنْدَهُمْ إِذَا جُزَّ، لَا إِذَا نُتِفَ. (يُنْظَرُ فِي تَفْصِيل أَحْكَامِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ مُصْطَلَحُ: خِنْزِيرٌ ف 7) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٢)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى نَجَاسَتِهِ لأَِنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ.</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ، فَمَا كَانَ طَاهِرًا فَشَعْرُهُ طَاهِرٌ وَمَا كَانَ نَجِسًا فَشَعْرُهُ نَجِسٌ (1) .</p>وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ شَعْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا طَاهِرٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 138، 139 بدائع الصنائع 1 / 63، المجموع 1 / 240، 241، 242، حاشية الدسوقي 1 / 49 و53، الشرح الصغير 1 / 42، 44، 49، 50، المغني 1 / 81، الإنصاف 1 / 93.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروع 1 / 235، ترجيل الشعر: تسريحه أو تسويته وتزيينه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شِعْرٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشِّعْرُ فِي اللُّغَةِ: الْعِلْمُ، يُقَال: شَعَرَ بِهِ كَنَصَرَ وَكَرُمَ شَعْرًا وَشَعَرًا إِذَا عَلِمَ بِهِ وَفَطِنَ لَهُ وَعَقَلَهُ، وَلَيْتَ شِعْرِي: أَيْ لَيْتَ عِلْمِي. وَفِي الْحَدِيثِ: لَيْتَ شِعْرِي مَا صَنَعَ فُلَانٌ (1) أَيْ لَيْتَ عِلْمِي حَاضِرٌ أَوْ مُحِيطٌ بِمَا صَنَعَ " وَأَشْعَرَهُ الأَْمْرَ وَأَشْعَرَهُ بِهِ: أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، وَفِي التَّنْزِيل: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} (2) أَيْ: وَمَا يُدْرِيكُمْ. وَغَلَبَ الشِّعْرُ عَلَى مَنْظُومِ الْقَوْل لِشَرَفِهِ بِالْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ، وَحَدُّهُ: مَا تَرَكَّبَ تَرَكُّبًا مُتَعَاضِدًا وَكَانَ مُقَفًّى مَوْزُونًا مَقْصُودًا بِهِ ذَلِكَ (3) .</p>وَالشِّعْرُ فِي الاِصْطِلَاحِ: الْكَلَامُ الْمُقَفَّى الْمَوْزُونُ عَلَى سَبِيل الْقَصْدِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " ليت شعري ما صنع فلان " أورده ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (2 / 481 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنعام الآية / 109.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، القاموس المحيط، المصباح المنير، المفردات في غريب القرآن، التعريفات، الكليات 3 / 77، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 162 من القسم الثاني.</p><font color=#ff0000>(4)</font> قواعد الفقه للبركتي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>(1)</font>‌<span class="title">‌ النَّثْرُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> النَّثْرُ هُوَ: الْكَلَامُ الْمُتَفَرِّقُ مِنْ غَيْرِ قَافِيَةٍ أَوْ وَزْنٍ، مِنْ نَثَرَ الشَّيْءَ إِذَا رَمَاهُ مُتَفَرِّقًا (1) . وَهُوَ قَسِيمُ الشِّعْرِ</p> </p><font color=#ff0000>(2)</font>‌<span class="title">‌ السَّجْعُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> السَّجْعُ هُوَ: تَوَاطُؤُ الْفَاصِلَتَيْنِ مِنَ النَّثْرِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ فِي الآْخِرِ، يُقَال: سَجَعَ الرَّجُل كَلَامَهُ: إِذَا جَعَل لِكَلَامِهِ فَوَاصِل كَقَوَافِي الشِّعْرِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْزُونًا (2) .</p> </p><font color=#ff0000>(3)</font>‌<span class="title">‌ الرَّجَزُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الرَّجَزُ ضَرْبٌ مِنَ الشِّعْرِ عِنْدَ الأَْكْثَرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَقَارُبِ أَجْزَائِهِ وَقِلَّةِ حُرُوفِهِ. وَاضْطِرَابِ اللِّسَانِ بِهِ. وَقِيل: إِنَّ الرَّجَزَ لَيْسَ بِشِعْرٍ وَإِنَّمَا هُوَ أَنْصَافُ أَبْيَاتٍ أَوْ أَثْلَاثٌ؛ وَلأَِنَّهُ يُقَال لِقَائِلِهِ رَاجِزٌ لَا شَاعِرٌ</p> </p>. (4)‌<span class="title">‌ الْحُدَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْحُدَاءُ - بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَتَخْفِيفِ الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ - هُوَ سَوْقُ الإِْبِل بِضَرْبٍ مَخْصُوصٍ مِنَ الْغِنَاءِ. وَالْحُدَاءُ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالرَّجَزِ، وَقَدْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، القاموس المحيط، فتح الباري 9 / 90.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات 156، المصباح المنير، القاموس المحيط، فتح الباري 9 / 90.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٣)</span><hr/></div>يَكُونُ بِغَيْرِهِ مِنَ الشِّعْرِ (1)</p>. (5)‌<span class="title">‌ الْغِنَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الْغِنَاءُ: التَّطْرِيبُ وَالتَّرَنُّمُ بِالْكَلَامِ الْمَوْزُونِ وَغَيْرِهِ، يَكُونُ مَصْحُوبًا بِالْمُوسِيقَى وَغَيْرَ مَصْحُوبٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p>اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ تَعَلُّمِ الشِّعْرِ وَإِنْشَائِهِ وَإِنْشَادِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: إِنْشَاءُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ وَاسْتِمَاعُهُ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَيْسَ فِي إِبَاحَةِ الشِّعْرِ خِلَافٌ، وَقَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالاِسْتِشْهَادِ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ، وَتَعَرُّفِ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَيُسْتَدَل بِهِ أَيْضًا عَلَى النَّسَبِ وَالتَّارِيخِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، يُقَال: الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ (3) .</p>وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الشِّعْرُ نَوْعٌ مِنَ الْكَلَامِ، قَال الشَّافِعِيُّ: حَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلَامِ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِهِ: يَعْنِي أَنَّ الشِّعْرَ لَيْسَ يُكْرَهُ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِمُتَضَمَّنَاتِهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، القاموس المحيط، فتح الباري 10 / 538.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المعجم الوسيط.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 9 / 177.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أحكام القرآن3 / 462.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٤)</span><hr/></div>وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال الْعُلَمَاءُ كَافَّةً: الشِّعْرُ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُحْشٌ وَنَحْوُهُ، وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَقَدْ سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الشِّعْرَ وَاسْتَنْشَدَهُ، وَأَمَرَ بِهِ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَنْشَدَهُ أَصْحَابُهُ بِحَضْرَتِهِ فِي الأَْسْفَارِ وَغَيْرِهَا، وَأَنْشَدَهُ الْخُلَفَاءُ وَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَاءُ السَّلَفِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا الْمَذْمُومَ مِنْهُ وَهُوَ الْفُحْشُ وَنَحْوُهُ (1) .</p>وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: الَّذِي يَتَحَصَّل مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِّ الشِّعْرِ الْجَائِزِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكْثَرْ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَخَلَا عَنْ هَجْوٍ وَعَنِ الإِْغْرَاقِ فِي الْمَدْحِ وَالْكَذِبِ الْمَحْضِ وَالْغَزَل الْحَرَامِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ جَائِزًا. وَنَقَل ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الإِْجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَاسْتَدَل بِأَحَادِيثَ وَبِمَا أُنْشِدَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوِ اسْتَنْشَدَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ مُجَلَّدًا فِي أَسْمَاءِ مَنْ نُقِل عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ شِعْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَْدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول: الشِّعْرُ مِنْهُ حَسَنٌ وَمِنْهُ قَبِيحٌ، خُذِ الْحَسَنَ وَدَعِ الْقَبِيحَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) صحيح مسلم لشرح النووي 15 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٤)</span><hr/></div>وَلَقَدْ رَوَيْتُ مِنْ شِعْرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَشْعَارًا مِنْهَا الْقَصِيدَةُ فِيهَا أَرْبَعُونَ بَيْتًا، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَْدَبِ الْمُفْرَدِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: الشِّعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ، حَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلَامِ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلَامِ (1) .</p>وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَال: رَدَفْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَال: هَل مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: هِيهِ فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَال: هِيهِ ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَال: هِيهِ حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ (2) قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى حِفْظِ الأَْشْعَارِ وَالاِعْتِنَاءِ بِهَا إِذَا تَضَمَّنَتِ الْحِكَمَ وَالْمَعَانِيَ الْمُسْتَحْسَنَةَ شَرْعًا وَطَبْعًا. وَإِنَّمَا اسْتَكْثَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ لأَِنَّهُ كَانَ حَكِيمًا، وَقَال صلى الله عليه وسلم: كَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 10 / 539، وحديث عبد الله بن عمرو:" الشعر بمنزلة الكلام " أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص299 - ط السلفية) وضعف إسناده ابن حجر في الفتح (10 / 539 - ط السلفية) ولكن ذكر له شواهد تقويه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عمرو بن الشريد: " ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه مسلم (4 / 1767 - ط الحلبي)، وفي رواية:" فلقد كاد يسلم في شعره ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 13 / 145 - 146، صحيح مسلم لشرح النووي 15 / 11. وقوله: أراد أمية ابن الصلت أن يسلم هو تتمة الحديث السابق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٥)</span><hr/></div>وَلَمَّا أَرَادَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَدْحَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ قَال صلى الله عليه وسلم لَهُ: هَاتِ، لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ (1) .</p>وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَل مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَمْشِي وَهُوَ يَقُول:</p> </p>خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ</p> </p>الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ</p> </p>ضَرْبًا يُزِيل الْهَامَ عَنْ مُقِيلِهِ</p> </p>وَيُذْهِل الْخَلِيل عَنْ خَلِيلِهِ</p> </p>فَقَال عُمَرُ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَل عَنْهُ يَا عُمَرُ، فَلَهِيَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْل (2)</p>. وَرَوَى أُبَيٌّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 13 / 146. وحديث:" هات، لا يفضض الله فاك ". أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (4 / 253 - ط. وزارة الأوقاف العراقية)، وأورده الهيثمي في المجمع (8 / 217 - 218 - ط القدسي) وقال:" فيه من لم أعرفهم ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " خل عنه يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح النبل ". أخرجه الترمذي (5 / 139 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٥)</span><hr/></div>أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً (1) .</p>وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِقَوْل مَنْ حَرَّمَ الشِّعْرَ مُطْلَقًا أَوْ قَال بِكَرَاهَتِهِ.</p><font color=#ff0000>8 -</font> قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: فَقَدْ يَكُونُ فَرْضًا كَمَا نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ قَال: مَعْرِفَةُ شِعْرِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُخَضْرَمِينَ (وَهُمْ مَنْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالإِْسْلَامَ) وَالإِْسْلَامِيِّينَ رِوَايَةً وَدِرَايَةً فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ فُقَهَاءِ الإِْسْلَامِ؛ لأَِنَّ بِهِ تَثْبُتُ قَوَاعِدُ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي بِهَا يُعْلَمُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى مَعْرِفَتِهِمَا الأَْحْكَامُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا الْحَلَال مِنَ الْحَرَامِ، وَكَلَامُهُمْ وَإِنْ جَازَ فِيهِ الْخَطَأُ فِي الْمَعَانِي فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْخَطَأُ فِي الأَْلْفَاظِ وَتَرْكِيبِ الْمَبَانِي (2) .</p><font color=#ff0000>9 -</font> وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا، وَذَلِكَ إِذَا تَضَمَّنَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَمْدَهُ أَوِ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، أَوْ ذِكْرَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَوِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ أَوْ مَدْحَهُ أَوِ الذَّبَّ عَنْهُ، أَوْ ذِكْرَ أَصْحَابِهِ أَوْ مَدْحَهُمْ، أَوْ ذِكْرَ الْمُتَّقِينَ وَصِفَاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، أَوْ كَانَ فِي الْوَعْظِ وَالْحِكَمِ أَوِ التَّحْذِيرِ مِنَ الْمَعَاصِي أَوِ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَاتِ وَمَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن من الشعر حكمة ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 537 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 1 / 32.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 13 / 146، فتح الباري 10 / 547، رد المحتار 1 / 443، نهاية المحتاج 8 / 283، أسنى المطالب 4 / 346.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٦)</span><hr/></div><font color=#ff0000>10 -</font> وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ حَرَامًا إِذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا لَا يَحِل كَوَصْفِ الْخَمْرِ الْمُهَيِّجِ لَهَا، أَوْ هِجَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَالْكَذِبِ فِي الشِّعْرِ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، أَوِ التَّشْبِيبِ بِمُعَيَّنٍ مِنْ أَمْرَدَ أَوِ امْرَأَةٍ غَيْرِ حَلِيلَةٍ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُقَال عَلَى الْمَلَاهِي (1) .</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ مَكْرُوهًا. . وَلِلْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِنَ الشِّعْرِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ وَجَعَلَهُ صِنَاعَةً لَهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ وَشَغَلَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ فِي وَصْفِ الْخُدُودِ وَالْقُدُودِ وَالشُّعُورِ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ مَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْخَمْرِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ الإِْكْثَارُ مِنَ الشِّعْرِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ لِقِلَّةِ سَلَامَةِ فَاعِلِهِ مِنَ التَّجَاوُزِ فِي الْكَلَامِ لأَِنَّ غَالِبَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُبَالَغَاتٍ، رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِل عَنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فَقَال: لَا تُكْثِرَنَّ مِنْهُ فَمِنْ عَيْبِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 1 / 32 - 33 - 433، الفواكه الدواني 2 / 408، نهاية المحتاج 8 / 283، أسنى المطالب 4 / 346، المغني 9 / 178.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 1 / 32 - 33 - 443.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٦)</span><hr/></div>الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} (1) . قَال: وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ أَنِ اجْمَعِ الشُّعَرَاءَ قِبَلَكَ، وَسَلْهُمْ عَنِ الشِّعْرِ، وَهَل بَقِيَ مَعَهُمْ مَعْرِفَةٌ، وَأَحْضِرْ لَبِيدًا ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّا لَنَعْرِفُهُ وَنَقُولُهُ، وَسَأَل لَبِيدًا فَقَال: مَا قُلْتُ بَيْتَ شِعْرٍ مُنْذُ سَمِعْتُ اللَّهَ عز وجل يَقُول (2) : {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} (3) .</p>وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مِنَ الْمَذْمُومِ فِي الشِّعْرِ التَّكَلُّمُ مِنَ الْبَاطِل بِمَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَرْءُ رَغْبَةً فِي تَسْلِيَةِ النَّفْسِ وَتَحْسِينِ الْقَوْل (4) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ أَنْ يُشَبِّبَ مِنْ حَلِيلَتِهِ بِمَا حَقُّهُ الإِْخْفَاءُ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَتَأَذَّ بِإِظْهَارِهِ وَإِلَاّ حَرُمَ (5) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ مِنَ الشِّعْرِ الْهِجَاءُ وَالشِّعْرُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ (6) .</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ مُبَاحًا وَهُوَ الأَْصْل فِي الشِّعْرِ. وَنُصُوصُ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ مُتَقَارِبَةٌ:</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْيَسِيرُ مِنَ الشِّعْرِ لَا بَأْسَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة يس / 69.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 458، تفسير القرطبي 15 / 54.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 1، 2.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أحكام القرآن 3 / 465.</p><font color=#ff0000>(5)</font> نهاية المحتاج 8 / 283، الجمل 5 / 382.</p><font color=#ff0000>(6)</font> الفروع 6 / 575.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٧)</span><hr/></div>بِهِ إِذَا قُصِدَ بِهِ إِظْهَارُ النِّكَاتِ وَالتَّشَابِيهِ الْفَائِقَةِ وَالْمَعَانِي الرَّائِقَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ فِي ذِكْرِ الأَْطْلَال وَالأَْزْمَانِ وَالأُْمَمِ فَمُبَاحٌ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُبَاحُ إِنْشَادُ الشِّعْرِ وَإِنْشَاؤُهُ مَا لَمْ يُكْثِرْ مِنْهُ فَيُكْرَهُ، إِلَاّ فِي الأَْشْعَارِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي الاِسْتِدْلَال (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُبَاحُ إِنْشَاءُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ وَاسْتِمَاعُهُ - مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ مَا يَمْنَعُهُ أَوْ يَقْتَضِيهِ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إِلَيْهِمْ كَحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ ابْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِائَةَ بَيْتٍ، أَيْ لأَِنَّ أَكْثَرَ شِعْرِهِ حِكَمٌ وَأَمْثَالٌ وَتَذْكِيرٌ بِالْبَعْثِ وَلِهَذَا قَال صلى الله عليه وسلم: كَادَ أَنْ يُسْلِمَ (3) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً (4) .</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَيْسَ فِي إِبَاحَةِ الشِّعْرِ خِلَافٌ، وَقَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَيْهِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 1 / 32 - 443.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 458.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" كاد أن يسلم " تقدم تخريجه ف 7.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 8 / 283، أسنى المطالب 4 / 346 وحديث: " إن من الشعر حكمة " تقدم تخريجه ف / 7.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 9 / 177.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: تَعَلُّمُ الشِّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ تَعَلُّمَ الشِّعْرِ مُبَاحٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُخْفٌ أَوْ حَثٌّ عَلَى شَرٍّ أَوْ مَا يَدْعُو إِلَى حَظْرِهِ.</p>وَتَعَلُّمُ بَعْضِ الشِّعْرِ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ تَعَلُّمِ الأَْشْعَارِ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُونَ لِلاِسْتِدْلَال بِهَا. وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِتَعْلِيمِ نَحْوِ شِعْرٍ مُبَاحٍ وَيَجُوزُ أَخْذُ الأَْجْرِ عَلَيْهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: مَنْعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشِّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَفْصَحَ الْفُصَحَاءِ وَأَبْلَغَ الْبُلَغَاءِ، وَقَدْ أُوتِيَ صلى الله عليه وسلم جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَلَكِنَّهُ صلى الله عليه وسلم حُجِبَ عَنْهُ الشِّعْرُ لِمَا كَانَ اللَّهُ سبحانه وتعالى قَدِ ادَّخَرَهُ لَهُ مِنْ فَصَاحَةِ الْقُرْآنِ وَإِعْجَازِهِ دَلَالَةً عَلَى صِدْقِهِ، كَمَا سَلَبَ عَنْهُ الْكِتَابَةَ وَأَبْقَاهُ عَلَى حُكْمِ الأُْمِّيَّةِ تَحْقِيقًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ وَتَأْكِيدًا، وَلِئَلَاّ تَدْخُل الشُّبْهَةُ عَلَى مَنْ أُرْسِل إِلَيْهِ فَيَظُنَّ أَنَّهُ قَوِيَ عَلَى الْقُرْآنِ بِمَا فِي طَبْعِهِ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الشِّعْرِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 1 / 32، الفواكه الدواني 2 / 458، أسنى المطالب 4 / 182، مطالب أولي النهى 3 / 643.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 458، ومطالب أولي النهى 3 / 643.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أحكام القرآن لابن العربي 4 / 21، تفسير القرطبي 15 / 55.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٨)</span><hr/></div>قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَاّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} (1) .</p><font color=#ff0000>15 -</font> وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ تَمَثُّل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ مِنَ الشِّعْرِ وَإِنْشَادِهِ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ، وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لِمَا رَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ قَال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَمَثَّل بِشَيْءٍ مِنَ الشِّعْرِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَتَمَثَّل بِشِعْرِ ابْنِ أَبِي رَوَاحَةَ وَيَتَمَثَّل وَيَقُول</p> </p>وَيَأْتِيكَ بِالأَْخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ</p> </p><font color=#ff0000>(2)</font> . وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ</p> </p>أَلَا كُل شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِل</p> </p><font color=#ff0000>(3)</font> .</p>وَإِصَابَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزْنَ الشِّعْرِ لَا يُوجِبُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الشِّعْرَ، وَكَذَلِكَ مَا يَأْتِي مِنْ نَثْرِ كَلَامِهِ مِمَّا يَدْخُل فِي وَزْنٍ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: هَل أَنْتِ إِلَاّ أُصْبُعٌ دَمِيَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة يس / 69.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " كان يتمثل بشعر ابن رواحة. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 139 - ط الحلبي) وفي إسناده مقال، وأورده الهيثمي في المجمع (8 / 128 - ط القدسي) وعزاه إلى البزار والطبراني من حديث ابن عباس وقال: " رجالهما رجال الصحيح ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 10 / 537 - 541، وحديث: " أصدق كلمة قالها شاعر. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 537 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1768 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٨)</span><hr/></div>وَفِي سَبِيل اللَّهِ مَا لَقِيتِ (1) وَقَوْل صلى الله عليه وسلم: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ (2)</p>فَقَدْ يَأْتِي مِثْل ذَلِكَ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (3) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} (4) وَقَوْلِهِ عز وجل: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} (5) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ، وَلَيْسَ هَذَا شِعْرًا وَلَا فِي مَعْنَاهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَالِمًا بِالشِّعْرِ وَلَا شَاعِرًا؛ لأَِنَّ إِصَابَةَ الْقَافِيَتَيْنِ مِنَ الرَّجَزِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ، لَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِل عَالِمًا بِالشِّعْرِ وَلَا يُسَمَّى شَاعِرًا، كَمَا أَنَّ مَنْ خَاطَ خَيْطًا لَا يَكُونُ خَيَّاطًا، قَال أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى {مَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} (6) وَمَا عَلَّمْنَاهُ أَنْ يُشْعِرَ، أَيْ مَا جَعَلْنَاهُ شَاعِرًا، وَهَذَا لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" هل أنت إلا إصبع دميت. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 537 - ط السلفية) من حديث جندب بن عبد الله.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أنا النبي لا كذب. . . . ". أخرجه البخاري (الفتح 8 / 28 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1400 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة آل عمران / 92.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الصف / 13.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة سبأ / 13.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة يس / 69.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٩)</span><hr/></div>يَمْنَعُ أَنْ يُنْشِدَ شَيْئًا مِنَ الشِّعْرِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: إِنْشَادُ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَضْمُونِ الشِّعْرِ، فَإِنْ كَانَ حَسَنًا جَازَ إِنْشَادُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَإِلَاّ فَلَا (2) .</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآْثَارِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُنْشَدَ الأَْشْعَارُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يُبَاعَ فِيهِ السِّلَعُ، وَأَنْ يُتَحَلَّقَ فِيهِ قَبْل الصَّلَاةِ (3) ثُمَّ وَفَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ لِحَسَّانٍ مِنْبَرًا يُنْشِدُ عَلَيْهِ الشِّعْرَ (4) بِحَمْل الأَْوَّل عَلَى مَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَهْجُوهُ بِهِ، أَوْ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرُ مَنْ فِيهِ مُتَشَاغِلاً بِهِ، وَكَذَلِكَ النَّهْيُ عَنِ الْبَيْعِ فِيهِ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ كَالسُّوقِ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَلِيًّا عَنْ خَصْفِ النَّعْل فِيهِ (5) . مَعَ أَنَّهُ لَوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 15 / 52 - 54.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 12 / 270 - 271، إعلام الساجد بأحكام المساجد 323.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " نهى أن تنشد الأشعار في المسجد. . . ". أخرجه الترمذي (2 / 139 - ط الحلبي) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4 / 358 - ط مطبعة الأنوار المحمدية) من حديث عبد الله بن عمرو واللفظ للترمذي وقال: " حديث حسن ".</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " وضع لحسان منبرًا ينشد عليه الشعر ". أخرجه أبو داود (5 / 280 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 138 - ط الحلبي) من حديث عائشة، وقال الترمذي:" حديث حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث خصف علي للنعل، أخرجه الطحاوي (4 / 359 - ط. مطبعة الأنوار المحمدية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٩)</span><hr/></div>اجْتَمَعَ النَّاسُ لِخَصْفِ النِّعَال فِيهِ كُرِهَ، فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ وَالتَّحَلُّقُ قَبْل الصَّلَاةِ فَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ كُرِهَ وَمَا لَا فَلَا. وَهَذَا نَظَرَ مَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ (1) .</p>وَنَقَل الزَّرْكَشِيُّ عَنِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَلَاّ يُنْشَدَ فِي الْمَسْجِدِ شِعْرٌ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ لِلإِْسْلَامِ وَلَا حَثٌّ عَلَى مَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ حَرُمَ.</p>وَنُقِل عَنِ الصَّيْمَرِيِّ قَوْلُهُ: كَرِهَ قَوْمٌ إِنْشَادَ الشِّعْرِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَكْرُوهٍ، وَقَدْ كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْشَدَهُ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ قَصِيدَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، لَكِنْ لَا يُكْثِرُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ، قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الشِّعْرِ الْمُبَاحِ أَوِ الْمُرَغِّبِ فِي الآْخِرَةِ أَوِ الْمُتَعَلِّقِ بِمَدْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرِ بَعْضِ مَنَاقِبِهِ وَمَآثِرِهِ لَا مُطْلَقِ الشِّعْرِ، وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَعَل الْحَدِيثَ فِي الْمَنْعِ مِنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِيهِ هَجْوٌ أَوْ مَدْحٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام مُدِحَ وَأُنْشِدَ مَدْحُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ، وَقَال ابْنُ بَطَّالٍ: لَعَلَّهُ كَانَ فِيمَا يَتَشَاغَل النَّاسُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 1 / 444، وتفسير القرطبي 12 / 271.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٠)</span><hr/></div>كُل مَنْ فِي الْمَسْجِدِ يَغْلِبُ عَلَيْهِ.</p>وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: يُبَاحُ فِي الْمَسْجِدِ إِنْشَادُ شِعْرٍ مُبَاحٍ (1) لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَال: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَأَصْحَابُهُ يَتَذَاكَرُونَ الشِّعْرَ وَأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: إِنْشَادُ الْمُحْرِمِ الشِّعْرَ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ إِنْشَادُ الشِّعْرِ الَّذِي يَجُوزُ لِلْحَلَال إِنْشَادُهُ، فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ إِنْشَادُ الشِّعْرِ الَّذِي فِيهِ وَصْفُ الْمَرْأَةِ بِمَا لَا فُحْشَ فِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْهُ أَنْشَدَ مِثْل ذَلِكَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَرَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ قَال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِالإِْبِل وَيَقُول:</p> </p>وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمْيًا</p> </p>. . . إِلَخْ، فَقُلْتُ: أَتَرْفُثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ قَال: إِنَّمَا الرَّفَثُ مَا رُوجِعَ بِهِ النِّسَاءُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَادِسًا: كِتَابَةُ الْبَسْمَلَةِ قَبْل الشِّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ ذِكْرُ " بِسْمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إعلام الساجد بأحكام المساجد 322 - 323، ومطالب أولي النهى 2 / 258.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر بن سمرة: " شهدت رسول الله أكثر من مائة مرة. . . ". أخرجه أحمد (5 / 91 - ط الحلبي) ، وأخرجه كذلك الترمذي (5 / 140 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 1 / 32، فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد 2 / 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٠)</span><hr/></div>اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فِي ابْتِدَاءِ جَمِيعِ الأَْفْعَال وَالأَْقْوَال غَيْرِ الْمَحْظُورَةِ، وَفِي ابْتِدَاءِ الْكُتُبِ وَالرَّسَائِل، عَمَلاً بِقَوْل النَّبِيِّ: كُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ (1) أَيْ: نَاقِصٌ غَيْرُ تَامٍّ، فَيَكُونُ قَلِيل الْبَرَكَةِ. وَنَقَل ابْنُ الْحَكَمَ - كَمَا قَال الْبُهُوتِيُّ - أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَا تُكْتَبُ أَمَامَ الشِّعْرِ وَلَا مَعَهُ، وَذَكَرَ الشَّعْبِيُّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ، قَال الْقَاضِي: لأَِنَّهُ يَشُوبُهُ الْكَذِبُ وَالْهَجْوُ غَالِبًا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَابِعًا: جَعْل تَعْلِيمِ الشِّعْرِ صَدَاقًا:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْل تَعْلِيمِ الشِّعْرِ لِلْمَرْأَةِ صَدَاقًا لَهَا إِذَا كَانَ مِمَّا يَحِل تَعَلُّمُهُ، وَفِيهِ كُلْفَةٌ بِحَيْثُ تَصِحُّ الإِْجَارَةُ عَلَيْهِ، وَقَدْ سُئِل الْمُزَنِيُّ عَنْ صِحَّةِ جَعْل الصَّدَاقِ شِعْرًا فَقَال: يَجُوزُ إِنْ كَانَ مِثْل قَوْل الْقَائِل وَهُوَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الأَْنْصَارِيُّ:</p> </p>يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ</p> </p>وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَاّ مَا أَرَادَا</p> </p>يَقُول الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَزَادِي</p> </p>وَتَقْوَى اللَّهِ أَعْظَمُ مَا اسْتَفَادَا (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم. . . ". أخرجه السبكي في الطبقات الكبرى (1 / 6 - نشر دار المعرفة) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده اضطراب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 1 / 336.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية القليوبي على شرح المنهاج 3 / 288.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَامِنًا: الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ كُتُبِ الشِّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَكَذَا الشِّعْرُ الَّذِي يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ، وَمَا لَا يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ لَا قَطْعَ فِيهِ، إِلَاّ أَنْ يَبْلُغَ الْجِلْدُ وَالْقِرْطَاسُ نِصَابًا (1) وَلِلتَّفْصِيل (ر: سَرِقَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَاسِعًا: الْحَدُّ بِمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا اعْتَرَفَ الشَّاعِرُ فِي شِعْرِهِ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا، هَل يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِهَذَا الاِعْتِرَافِ.</p>وَذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّ الشَّاعِرَ قَدْ يُبَالِغُ فِي شِعْرِهِ حَتَّى تَصِل بِهِ الْمُبَالَغَةُ إِلَى الْكَذِبِ وَادِّعَاءِ مَا لَمْ يَحْدُثْ وَنِسْبَتِهِ إِلَى نَفْسِهِ، رَغْبَةً فِي تَسْلِيَةِ النَّفْسِ وَتَحْسِينِ الْقَوْل، رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُل وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (2) قَال: أَكْثَرُ قَوْلِهِمْ يَكْذِبُونَ فِيهِ، وَعَقَّبَ ابْنُ كَثِيرٍ بِقَوْلِهِ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه هُوَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، فَإِنَّ الشُّعَرَاءَ يَتَبَجَّحُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 10 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الشعراء / 224 - 226.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢١)</span><hr/></div>بِأَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُمْ وَلَا عَنْهُمْ، فَيَتَكَثَّرُونَ بِمَا لَيْسَ لَهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ شِعْرًا لِلنُّعْمَانِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَضْلَةَ يَعْتَرِفُ فِيهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، فَلَمَّا سَأَلَهُ قَال: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُومِنِينَ مَا شَرِبْتُهَا قَطُّ، وَمَا فَعَلْتُ شَيْئًا مِمَّا قُلْتُ، وَمَا ذَاكَ الشِّعْرُ إِلَاّ فَضْلَةً مِنَ الْقَوْل، وَشَيْءٌ طَفَحَ عَلَى لِسَانِي، فَقَال عُمَرُ: أَظُنُّ ذَلِكَ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَعْمَل لِي عَمَلاً أَبَدًا وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَدَّهُ عَلَى الشَّرَابِ وَقَدْ ضَمَّنَهُ شِعْرَهُ؛ لأَِنَّ الشُّعَرَاءَ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَلَكِنْ ذَمَّهُ عُمَرُ رضي الله عنه وَلَامَهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَلَهُ بِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌عَاشِرًا: التَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> ذَهَبَ بَعْضُهُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ التَّكَسُّبَ بِالشِّعْرِ مِنَ الْمَكَاسِبِ الْخَبِيثَةِ وَمِنَ السُّحْتِ الْحَرَامِ؛ لأَِنَّ مَا يُدْفَعُ إِلَى الشَّاعِرِ إِنَّمَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ عَادَةً لِقَطْعِ لِسَانِهِ، وَالشَّاعِرُ الَّذِي يَكُونُ كَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ، فَقَال صلى الله عليه وسلم: خُذُوا الشَّيْطَانَ (2) . قَال الْقُرْطُبِيُّ: قَال عُلَمَاؤُنَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير ابن كثير 3 / 353 - 354، تفسير ابن العربي 3 / 465، تفسير القرطبي 13 / 149.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" خذوا الشيطان ". أخرجه مسلم (4 / 1769 - 1770 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٢)</span><hr/></div>وَإِنَّمَا فَعَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا مَعَ هَذَا الشَّاعِرِ لِمَا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ، فَلَعَلَّهُ كَانَ مِمَّنْ قَدْ عُرِفَ أَنَّهُ اتَّخَذَ الشِّعْرَ طَرِيقًا لِلتَّكَسُّبِ، فَيُفْرِطُ فِي الْمَدْحِ إِذَا أُعْطِيَ، وَفِي الْهَجْوِ وَالذَّمِّ إِذَا مُنِعَ، فَيُؤْذِي النَّاسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ، فَكُل مَا يَكْتَسِبُهُ بِالشِّعْرِ حَرَامٌ، وَكُل مَا يَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَحِل الإِْصْغَاءُ إِلَيْهِ، بَل يَجِبُ الإِْنْكَارُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مِنْ لِسَانِهِ قَطْعًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يُدَارِيَهُ بِمَا اسْتَطَاعَ، وَيُدَافِعَهُ بِمَا أَمْكَنَ، وَلَا يَحِل لَهُ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا ابْتِدَاءً؛ لأَِنَّ ذَلِكَ عَوْنٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ أَعْطَاهُ بِنِيَّةِ وِقَايَةِ الْعِرْضِ، فَمَا وَقَى بِهِ الْمَرْءُ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةً (1) .</p>وَذَكَرَ الْحَصْكَفِيُّ الْحَنَفِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْطِي الشُّعَرَاءَ وَلِمَنْ يَخَافُ لِسَانَهُ، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ مَا وَرَدَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلاً قَال: أَتَى شَاعِرٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا بِلَال، اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 5 / 272، تفسير القرطبي 13 / 150.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 272 وحديث:" يا بلال اقطع لسانه. . . . ". أخرجه الخطابي في الغريب (2 / 170 - ط مركز البحث العلمي - مكة المكرمة) والبيهقي في سننه (10 / 241 - ط دائرة المعارف العثمانية) ولإرساله قال البيهقي: " هذا منقطع ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٢)</span><hr/></div>وَقَال عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُومِنِينَ، إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مُدِحَ وَأَعْطَى وَفِيهِ أُسْوَةٌ لِكُل مُسْلِمٍ، قَال: وَمَنْ مَدَحَهُ؟ قَال: عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ فَكَسَاهُ حُلَّةً قَطَعَ بِهَا لِسَانَهُ (1) . أَمَّا الشَّاعِرُ الَّذِي يُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَلَا يُعْطَى مُدَارَاةً لَهُ وَقَطْعًا لِلِسَانِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ حَلَالٌ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ بُرْدَتَهُ إِلَى كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ رضي الله عنه لَمَّا امْتَدَحَهُ بِقَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ (2) .</p>وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفَدَ عَلَيْهِ الشُّعَرَاءُ كَمَا كَانُوا يَفِدُونَ عَلَى الْخُلَفَاءِ قَبْلَهُ، فَأَقَامُوا بِبَابِهِ أَيَّامًا لَا يَأْذَنُ لَهُمْ بِالدُّخُول، حَتَّى قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ وَكَانَتْ لَهُ مَكَانَةٌ، فَتَعَرَّضَ لَهُ جَرِيرٌ وَطَلَبَ شَفَاعَتَهُ، فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ، فَلَمْ يَأْذَنْ إِلَاّ لِجَرِيرٍ، فَلَمَّا مَثَل بَيْنَ يَدَيْهِ قَال لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَقُل إِلَاّ حَقًّا، فَمَدَحَهُ بِأَبْيَاتٍ، فَقَال عُمَرُ: يَا جَرِيرُ، لَقَدْ وُلِّيتَ هَذَا الأَْمْرَ وَمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير ابن العربي 3 / 466. وحديث عدي بن أرطاة. . . . أخرجه ابن قدامة في " إثبات صفة العلو "(ص 69 - ط الدار السلفية) وضعفه الذهبي في " العلو للعلي الغفار "(ص 42 - ط المكتبة السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 272. وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع بردته إلى كعب بن زهير. . . . أورده ابن حجر في الإصابة (3 / 295 - ط مطبعة السعادة) إلى ابن قانع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٣)</span><hr/></div>أَمْلِكُ إِلَاّ ثَلَاثَمِائَةٍ، فَمِائَةٌ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ، وَمِائَةٌ أَخَذَتْهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ، يَا غُلَامُ: أَعْطِهِ الْمِائَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَال: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهَا لأََحَبُّ مَالٍ كَسَبْتُهُ إِلَيَّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَادِيَ عَشَرَ: شَهَادَةُ الشَّاعِرِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى قَبُول شَهَادَةِ الشَّاعِرِ الَّذِي لَا يَرْتَكِبُ بِشِعْرِهِ مُحَرَّمًا أَوْ مَا يُخِل بِالْمُرُوءَةِ، فَإِنِ ارْتَكَبَ ذَلِكَ فَفِي رَدِّ شَهَادَتِهِ بِهِ تَفْصِيلٌ:</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ كَثُرَ إِنْشَادُهُ وَإِنْشَاؤُهُ حِينَ تَنْزِل بِهِ مُهِمَّاتُهُ وَيَجْعَلُهُ مَكْسَبَةً لَهُ تَنْقُضُ مُرُوءَتُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ إِذَا كَانَ لَا يَرْتَكِبُ بِشِعْرِهِ مُحَرَّمًا، وَإِلَاّ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ إِذَا هَجَا مَعْصُومَ الدَّمِ - مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا - بِمَا يَفْسُقُ بِهِ، بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ فَلَا يَحْرُمُ هِجَاؤُهُ، وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ بِهِجَائِهِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِهِجَاءِ الْكُفَّارِ (3) .</p>وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن لابن العربي 3 / 465 - 468.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 1 / 433، والفواكه الدواني 2 / 458.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أمر حسان بن ثابت بهجاء الكفار ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 546 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1933 - ط الحلبي) من حديث البراء بن عازب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٣)</span><hr/></div>الْمُعَيَّنِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الإِْبْعَادُ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَاعِنُهُ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ.</p>وَقَالُوا: تُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ كَذَلِكَ إِذَا شَبَّبَ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِأَنْ ذَكَرَ صِفَاتِهَا مِنْ نَحْوِ حُسْنٍ وَطُولٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْيذَاءِ، وَكَذَلِكَ إِذَا هَتَكَ السِّتْرَ وَوَصَفَ أَعْضَاءَهَا الْبَاطِنَةَ بِمَا حَقُّهُ الإِْخْفَاءُ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَلِيلَتِهِ، وَمِثْل الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ الأَْمْرَدُ إِذَا صَرَّحَ بِعِشْقِهِ، فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنِ الشَّاعِرُ مَنْ يُشَبِّبُ بِهِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لأَِنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ، وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ صَنْعَتِهِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ فِيهِ، فَلَيْسَ ذِكْرُ شَخْصٍ مَجْهُولٍ تَعْيِينًا، لَكِنَّ بَعْضَ الشُّعَرَاءِ قَدْ يَنْصِبُونَ قَرَائِنَ تَدُل عَلَى تَعْيِينِ الْمُشَبَّبِ بِهِ، وَعِنْدَئِذٍ يَكُونُ التَّشْبِيبُ مَعَ هَذِهِ الْقَرَائِنِ فِي حُكْمِ التَّشْبِيبِ بِمُعَيَّنٍ.</p>وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِي شِعْرِهِ، وَجَاوَزَ فِي ذَلِكَ الْحَدَّ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الشَّاعِرُ مَتَى كَانَ يَهْجُو الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَمْدَحُ بِالْكَذِبِ أَوْ يَقْذِفُ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ، وَسَوَاءٌ قَذَفَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 8 / 283، الجمل 5 / 382، أسنى المطالب 4 / 346، فتح الباري 10 / 546.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 9 / 178.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَعِيرٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّعِيرُ جِنْسٌ مِنَ الْحُبُوبِ مَعْرُوفٌ وَاحِدَتُهُ شَعِيرَةٌ، وَهُوَ نَبَاتٌ عُشْبِيٌّ حَبِّيٌّ دُونَ الْبُرِّ فِي الْغِذَاءِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالشَّعِيرِ:</span></p>وَرَدَتْ أَحْكَامُ الشَّعِيرِ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌الزَّكَاةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> فَالشَّعِيرُ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتِ النِّصَابَ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ} (2) . الآْيَةَ.</p>وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَأْخُذُوا الصَّدَقَةَ إِلَاّ مِنْ هَذِهِ الأَْرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والبدائع 2 / 72.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 267.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة. . . " أخرجه الحاكم (1 / 401 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي موسى ومعاذ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٤)</span><hr/></div>وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُضَمُّ الشَّعِيرُ إِلَى غَيْرِهِ كَالْقَمْحِ وَالسُّلْتِ لأَِنَّهَا أَجْنَاسٌ ثَلَاثَةٌ مُخْتَلِفَةٌ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الشَّعِيرَ يُضَمُّ إِلَى السُّلْتِ، فَهُمَا عِنْدَهُمْ صِنْفَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُضَمُّ إِلَى الْقَمْحِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَالْقَمْحَ أَصْنَافٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يُضَمُّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ لِتَكْمِيل النِّصَابِ (2) .</p>وَلَا تَرِدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ النِّصَابَ فِي الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، بَل تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ (3) . رَاجِعِ التَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ " زَكَاةٌ ف 102 ".<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" فيما سقت السماء والعيون. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 347 - ط السلفية) من حديث ابن عمر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 124، القوانين الفقهية ص 110، المغني لابن قدامة 2 / 690، مغني المحتاج 1 / 281، البدائع 2 / 60.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 1 / 113، والزيلعي 1 / 291.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌زَكَاةُ الْفِطْرِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الشَّعِيرَ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تُؤَدَّى مِنْهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ وَأَنَّ الْمُجْزِئَ مِنْهُ هُوَ صَاعٌ (1) لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: فَرَضَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُْنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْل خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ (2) .</p>وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: كُنَّا نُعْطِيهَا - أَيْ زَكَاةَ الْفِطْرِ - فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ (3) . الْحَدِيثَ.</p>رَاجِعِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَ:(زَكَاةُ الْفِطْرِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌فِي الْبَيْعِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لَا يَدْخُل فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الأَْرْضِ مَا هُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سبل السلام 2 / 137، البدائع 2 / 72، والقوانين الفقهية ص 77، مغني المحتاج 1 / 405، المغني لابن قدامة 3 / 57.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" فرض رسول الله زكاة الفطر صاعًا من تمر. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 367 - ط السلفية)، ومسلم (2 / 677 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي سعيد:" كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 372 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 678 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٥)</span><hr/></div>مَزْرُوعٌ فِيهَا مِنَ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَسَائِرِ الزُّرُوعِ وَكُل مَا يُؤْخَذُ بِقَلْعٍ أَوْ قَطْعٍ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَ مَنْقُولَاتِ الدَّارِ (1) .</p>التَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌فِي الرِّبَا:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الشَّعِيرَ مِنَ الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي يَحْرُمُ بَيْعُهَا بِمِثْلِهَا إِلَاّ بِشَرْطِ الْحُلُول وَالْمُمَاثَلَةِ وَالتَّقَابُضِ قَبْل التَّفَرُّقِ.</p>وَإِذَا بِيعَتْ بِجِنْسٍ آخَرَ كَالتَّمْرِ مَثَلاً جَازَ التَّفَاضُل، وَاشْتُرِطَ الْحُلُول وَالتَّقَابُضُ قَبْل التَّفَرُّقِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى، بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ، وَبِيعُوا الْبُرَّ بِالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ، وَبِيعُوا الشَّعِيرَ بِالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ (2) .</p>وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج (2 / 81) ، جواهر الإكليل (2 / 59)، المغني لابن قدامة (4 / 84) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الذهب بالذهب مثلاً بمثل. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 532 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت، وقال:" حسن صحيح ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٦)</span><hr/></div>وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 22، المغني لابن قدامة 4 / 4، البدائع 5 / 195، جواهر الإكليل 2 / 17. وحديث:" الذهب بالذهب. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1211 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شِغَارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشِّغَارُ بِكَسْرِ الشِّينِ لُغَةً: نِكَاحٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُل آخَرَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآْخَرُ امْرَأَةً أُخْرَى بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَصَدَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بُضْعُ الأُْخْرَى. وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْقَرَائِبَ فَقَال: لَا يَكُونُ الشِّغَارُ إِلَاّ أَنْ تُنْكِحَهُ وَلِيَّتَكَ عَلَى أَنْ يُنْكِحَكَ وَلِيَّتَهُ.</p>وَسُمِّيَ شِغَارًا إِمَّا تَشْبِيهًا بِرَفْعِ الْكَلْبِ رِجْلَهُ لِيَبُول فِي الْقُبْحِ، قَال الأَْصْمَعِيُّ: الشِّغَارُ الرَّفْعُ فَكَأَنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِلآْخَرِ عَمَّا يُرِيدُ. وَإِمَّا لِخُلُوِّهِ عَنِ الْمَهْرِ لِقَوْلِهِمْ: شَغَرَ الْبَلَدُ إِذَا خَلَا. وَشَاغَرَ الرَّجُل الرَّجُل أَيْ زَوَّجَ كُل وَاحِدٍ صَاحِبَهُ حَرِيمَتَهُ، عَلَى أَنَّ بُضْعَ كُل وَاحِدَةٍ صَدَاقُ الأُْخْرَى وَلَا مَهْرَ سِوَى ذَلِكَ، وَكَانَ سَائِغًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (1) .</p>وَالشِّغَارُ فِي الاِصْطِلَاحِ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُل وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآْخَرُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنَّ مَهْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا بُضْعُ الأُْخْرَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والقاموس المحيط، والمصباح المنير والمعجم الوسيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٧)</span><hr/></div>وَهَذَا تَعْرِيفُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآْخَرُ وَلِيَّتَهُ، سَوَاءٌ جَعَلَا مَهْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا بُضْعَ الأُْخْرَى أَوْ سَكَتَ عَنِ الْمَهْرِ أَوْ شَرَطَا نَفْيَهُ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: صَرِيحُ الشِّغَارِ أَنْ يَقُول زَوَّجْتُكَ مُوَلِّيَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي مُوَلِّيَتَكَ وَلَا يَذْكُرَانِ مَهْرًا. وَأَمَّا إِنْ قَال: زَوَّجْتُكَ مُوَلِّيَتِي بِكَذَا مَهْرًا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي وَلِيَّتَكَ بِكَذَا فَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ؛ لأَِنَّهُ شِغَارٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَمَّى لِكُل وَاحِدَةٍ مَهْرًا فَلَيْسَ بِشِغَارٍ، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ شَرَطَ تَزَوُّجَ إِحْدَاهُمَا بِالأُْخْرَى فَهُوَ شِغَارٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p>أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الشِّغَارِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ وَلِكَوْنِهِمُ اخْتَلَفُوا فِي تَعْرِيفِهِ الشَّرْعِيِّ وَبَعْضِ مَسَائِلِهِ التَّفْصِيلِيَّةِ، نَذْكُرُ تَفْصِيل الْحُكْمِ فِي كُل مَذْهَبٍ عَلَى حِدَةٍ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ - هُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُل الرَّجُل حَرِيمَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ " الآْخَرُ حَرِيمَتَهُ - ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بُضْعُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا لِلأُْخْرَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 6 / 641، والبدائع 2 / 278، ومغني المحتاج 3 / 143، وجواهر الإكليل 1 / 311.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٧)</span><hr/></div>لَا مَهْرَ سِوَى ذَلِكَ -</p>وَهَذَا النِّكَاحُ عِنْدَهُمْ صَحِيحٌ لأَِنَّهُ مُؤَبَّدٌ أُدْخِل فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بُضْعُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا لِلأُْخْرَى - وَالنِّكَاحُ لَا يُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ، كَمَا إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَتَكُونُ التَّسْمِيَةُ فَاسِدَةً لأَِنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا بَل يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرُ الْمِثْل كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ.</p>وَالنَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ الْوَارِدُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ بِالْمَرْأَةِ لَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ (1) مَحْمُولٌ عِنْدَهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ مَعْنَى الشِّغَارِ أَنْ يُجْعَل بُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا لِلأُْخْرَى مَعَ الْقَبُول مِنَ الآْخَرِ فَإِنْ لَمْ يَقُل ذَلِكَ وَلَا مَعْنَاهُ، بَل قَال: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ، فَقَبِل الآْخَرُ أَوْ قَال: عَلَى أَنْ يَكُونَ بُضْعُ بِنْتِي صَدَاقًا لِبِنْتِكَ فَلَمْ يَقْبَل الآْخَرُ بَل زَوَّجَهُ بِنْتَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهَا صَدَاقًا، لَمْ يَكُنْ شِغَارًا وَإِنَّمَا نِكَاحًا صَحِيحًا بِاتِّفَاقٍ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" نهى أن تنكح المرأة بالمرأة " أورده بهذا اللفظ الكاساني في البدائع (2 / 278 - ط الحلبي) ، ولم يعزه إلى أي مصدر، وسيأتي بلفظ مشهور ويأتي تخريجه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 2 / 278، حاشية ابن عابدين 2 / 332، 292، والمغني 6 / 641.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٨)</span><hr/></div><font color=#ff0000>3 -</font> وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ صَرِيحَ الشِّغَارِ هُوَ أَنْ يَقُول الرَّجُل لِلرَّجُل: زَوِّجْنِي بِنْتَكَ أَوْ أُخْتَكَ أَوْ أَمَتَكَ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي مَعَ جَعْل تَزْوِيجِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرًا لِلأُْخْرَى. فَهَذَا النِّكَاحُ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْل الْبِنَاءِ وَبَعْدَ الْبِنَاءِ أَبَدًا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ الْمِثْل.</p>وَإِنْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرًا دُونَ الأُْخْرَى كَأَنْ يَقُول: زَوِّجْنِي بِنْتَكَ بِمِائَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ مَثَلاً عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ بِنْتِي فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ أَيْضًا، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ مَنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ قَبْل الْبِنَاءِ وَبَعْدَ الْبِنَاءِ أَبَدًا، وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ مِثْلِهَا. أَمَّا الْمُسَمَّى لَهَا الصَّدَاقُ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْل الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَ الْبِنَاءِ بِالأَْكْثَرِ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْل، وَيُسَمَّى هَذَا النِّكَاحُ بِمَرْكَبِ الشِّغَارِ عِنْدَهُمْ. وَإِنْ سَمَّى لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرًا كَأَنْ يَقُول: زَوِّجْنِي بِنْتَكَ وَنَحْوَهَا بِمِائَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ مَثَلاً عَلَى شَرْطِ أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي أَوْ أَمَتِي بِمِائَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ أَوْ أَقَل أَوْ أَكْثَرَ فَهَذَا النِّكَاحُ فَاسِدٌ كَذَلِكَ يُفْسَخُ قَبْل الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَ الْبِنَاءِ بِالأَْكْثَرِ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْل، وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ وَجْهَ الشِّغَارِ (1) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ -<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 1 / 311، مواهب الجليل 3 / 512.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٨)</span><hr/></div>وَهُوَ قَوْل الرَّجُل لِلرَّجُل زَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ نَحْوَهَا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ أَوْ نَحْوَهَا وَبُضْعُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُ الأُْخْرَى، فَيَقْبَل الآْخَرُ ذَلِكَ كَأَنْ يَقُول: تَزَوَّجْتُ بِنْتَكَ وَزَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى مَا ذَكَرْتُ - بَاطِلٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُل ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآْخَرُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ (1) وَلِمَعْنَى الاِشْتِرَاكِ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جَعَلَهُ مَوْرِدَ النِّكَاحِ وَصَدَاقًا لأُِخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنِ اثْنَيْنِ.</p>وَقَال بَعْضُهُمْ: عِلَّةُ الْبُطْلَانِ، التَّعْلِيقُ وَالتَّوَقُّفُ الْمَوْجُودُ فِي هَذَا النِّكَاحِ، وَقِيل لِخُلُوِّهِ مِنَ الْمَهْرِ. فَإِنْ لَمْ يُجْعَل الْبُضْعُ صَدَاقًا بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ فَالأَْصَحُّ الصِّحَّةُ لِعَدَمِ التَّشْرِيكِ فِي الْبُضْعِ وَلأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَاّ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَذَلِكَ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ وَيَجِبُ لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ الْمِثْل.</p>فَعَلَى هَذَا لَوْ قَال: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ وَبُضْعُ ابْنَتِكَ صَدَاقٌ لاِبْنَتِي صَحَّ النِّكَاحُ الأَْوَّل وَبَطَل النِّكَاحُ الثَّانِي.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر: نهى عن الشغار: أخرجه البخاري (الفتح 9 / 162 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1034 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٩)</span><hr/></div>وَلَوْ قَال: وَبُضْعُ ابْنَتِي صَدَاقٌ لاِبْنَتِكَ بَطَل الأَْوَّل وَصَحَّ الثَّانِي.</p>وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي - وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ - لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَالتَّوَقُّفِ.</p>وَلَوْ سَمَّيَا مَالاً مَعَ جَعْل الْبُضْعِ صَدَاقًا كَأَنْ يَقُول: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي بِأَلْفٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ مَثَلاً عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ بِأَلْفٍ كَذَلِكَ وَبُضْعُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ لِلأُْخْرَى، أَوْ يَقُول: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ وَيَكُونَ بُضْعُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَأَلْفُ دِرْهَمٍ صَدَاقًا لِلأُْخْرَى، فَالأَْصَحُّ بُطْلَانُ هَذَا النِّكَاحِ لِوُجُودِ التَّشْرِيكِ فِيهِ.</p>وَكَذَا إِذَا سَمَّيَا لإِِحْدَاهُمَا مَهْرًا دُونَ الأُْخْرَى كَأَنْ يَقُول: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ وَبُضْعُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ لِلأُْخْرَى فَالأَْصَحُّ بُطْلَانُهُ أَيْضًا لِوُجُودِ مَعْنَى التَّشْرِيكِ فِيهِ.</p>وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي - وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ - يَصِحُّ النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لأَِنَّهُ لَيْسَ عَلَى تَفْسِيرِ صُورَةِ الشِّغَارِ وَلأَِنَّهُ لَمْ يَخْل عَنِ الْمَهْرِ.</p>وَمِنْ صُوَرِ الشِّغَارِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَقُول: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَ ابْنِي ابْنَتَكَ وَبُضْعُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُ الأُْخْرَى.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٩)</span><hr/></div>وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْدٌ مَثَلاً ابْنَتَهُ وَصَدَاقُ الْبِنْتِ بُضْعُ الْمُطَلَّقَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ، صَحَّ التَّزْوِيجُ بِمَهْرِ الْمِثْل؛ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ (1) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الشِّغَارَ - وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ شَخْصٌ وَلِيَّتَهُ لِشَخْصٍ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآْخَرُ وَلِيَّتَهُ - نِكَاحٌ فَاسِدٌ، لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ (2) . وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ فِي الإِْسْلَامِ (3) . وَلأَِنَّهُ جَعَل كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعَقْدَيْنِ سَلَفًا فِي الآْخَرِ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ قَال: بِعْنِي ثَوْبَكَ عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ ثَوْبِي.</p>وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُول: عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الأُْخْرَى، أَوْ لَمْ يَقُل ذَلِكَ بِأَنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ شَرَطَا نَفْيَهُ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَا بُضْعَ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَدَرَاهِمَ مَعْلُومَةً مَهْرًا لِلأُْخْرَى.</p>قَالُوا: وَلَيْسَ فَسَادُ نِكَاحِ الشِّغَارِ مِنْ قِبَل التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ، بَل مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 142، روضة الطالبين 7 / 41 - 40.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" نهى عن الشغار " تقدم تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " لا جلب ولا جنب ولا. . . " أخرجه النسائي (6 / 111 - ط المكتبة التجارية) من حديث عمران بن حصين، وفي إسناده مقال. ولكن أورد له ابن حجر شواهد تقويه (تلخيص الحبير)(2 / 161، 162 - ط شركة الطباعة الفنية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٠)</span><hr/></div>شَرْطٍ فَاسِدٍ، أَوْ لأَِنَّهُ شَرَطَ تَمْلِيكَ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ جَعَل تَزْوِيجَهُ إِيَّاهَا مَهْرًا لِلأُْخْرَى فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إِيَّاهَا بِشَرْطِ انْتِزَاعِهَا مِنْهُ.</p>فَإِنْ سَمَّيَا لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرًا كَأَنْ يَقُول: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ وَمَهْرُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، أَوْ قَال: وَمَهْرُ ابْنَتِي مِائَةٌ وَمَهْرُ ابْنَتِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَقَل أَوْ أَكْثَرُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا هُوَ مَنْصُوصُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَحْصُل فِي هَذَا الْعَقْدِ تَشْرِيكٌ وَإِنَّمَا حَصَل فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَبَطَل الشَّرْطُ وَصَحَّ النِّكَاحُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: هَذَا النِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلنَّهْيِ الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ، وَلأَِنَّهُ شَرَطَ نِكَاحَ إِحْدَاهُمَا لِنِكَاحِ الأُْخْرَى فَلَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ سَمَّيَا الْمَهْرَ لإِِحْدَاهُمَا دُونَ الأُْخْرَى صَحَّ نِكَاحُ مَنْ سُمِّيَ لَهَا؛ لأَِنَّ فِي نِكَاحِهَا تَسْمِيَةً وَشَرْطًا. فَصَحَّتِ التَّسْمِيَةُ وَبَطَل الشَّرْطُ دُونَ الأُْخْرَى الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ خَلَا مِنْ صَدَاقٍ سِوَى نِكَاحِ الأُْخْرَى.</p>وَقَال أَبُو بَكْرٍ بِفَسَادِ النِّكَاحَيْنِ لأَِنَّهُ فَسَدَ فِي إِحْدَاهُمَا فَيَفْسُدُ فِي الأُْخْرَى (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 6 / 641، وكشاف القناع 5 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٠)</span><hr/></div>رَاجِعِ التَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نِكَاحٌ، مَهْرٌ، صَدَاقٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَغْل الذِّمَّةِ</span></p> </p>انْظُرْ اشْتِغَال الذِّمَّةِ، ذِمَّةٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَفَاعَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّفَاعَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ شَفَعَ إِلَى فُلَانٍ فِي الأَْمْرِ شَفْعًا، وَشَفَاعَةً طَالَبَهُ بِوَسِيلَةٍ، أَوْ ذِمَامٍ (1) . أَوْ هِيَ التَّوَسُّطُ بِالْقَوْل فِي وُصُول شَخْصٍ إِلَى مَنْفَعَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ أَوْ أُخْرَوِيَّةٍ أَوْ إِلَى خَلَاصٍ مِنْ مَضَرَّةٍ كَذَلِكَ (2) . أَوْ هِيَ سُؤَال التَّجَاوُزِ عَنِ الذُّنُوبِ مِنَ الَّذِي وَقَعَ الْجِنَايَةُ فِي حَقِّهِ (3) . وَاسْتُشْفِعَ بِفُلَانٍ إِلَيَّ طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يُشَفَّعَ فَشَفَّعْتُهُ أَيْ قَبِلْتُ شَفَاعَتَهُ (4) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَالشَّفَاعَةُ إِنْ كَانَتْ إِلَى اللَّهِ فَهِيَ الدُّعَاءُ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ، فَفِي الأَْثَرِ: مَنْ دَعَا لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَال الْمَلَكُ الْمُوَكَّل بِهِ: وَلَكَ بِمِثْلٍ (5) . وَإِنْ كَانَتْ إِلَى النَّاسِ فَهِيَ كَلَامُ الشَّفِيعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتوحات الإلهية في تفسير آية: (من يشفع شفاعة حسنة)(الآية 85 من سورة النساء) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> التعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القاموس.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " من دعا لأخيه بظهر الغيب. . . " أخرجه مسلم (4 / 2094 - ط الحلبي) من حديث أبي الدرداء.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣١)</span><hr/></div>فِي حَاجَةٍ يَطْلُبُهَا لِغَيْرِهِ إِلَى مَنْ يَسْتَطِيعُ قَضَاءَهَا كَالْمَلِكِ مَثَلاً (1) . وَلَا يَخْرُجُ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْغَاثَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> وَهُوَ مِنْ أَغَاثَ الْمَكْرُوبَ إِغَاثَةً وَمَغُوثَةً: أَيْ فَرَّجَ عَنْهُ وَنَصَرَهُ فِي حَالَةِ الشِّدَّةِ (2) . فَكُلٌّ مِنَ الشَّفَاعَةِ وَالإِْغَاثَةِ مَعُونَةٌ لِلطَّالِبِ</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّوَسُّل:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> وَهُوَ التَّقَرُّبُ يُقَال: تَوَسَّلْتُ إِلَى اللَّهِ بِالْعَمَل وَتَوَسَّل بِفُلَانٍ إِلَى كَذَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّفَاعَةِ:</span></p>الشَّفَاعَةُ قِسْمَانِ: شَفَاعَةٌ حَسَنَةٌ، وَشَفَاعَةٌ سَيِّئَةٌ.</p>‌<span class="title">‌الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> أ - الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ: وَهِيَ: أَنْ يَشْفَعَ الشَّفِيعُ لإِِزَالَةِ ضَرَرٍ أَوْ رَفْعِ مَظْلَمَةٍ عَنْ مَظْلُومٍ، أَوْ جَرِّ مَنْفَعَةٍ إِلَى مُسْتَحِقٍّ لَيْسَ فِي جَرِّهَا ضَرَرٌ وَلَا ضِرَارٌ، فَهَذِهِ مَرْغُوبٌ فِيهَا مَأْمُورٌ بِهَا، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (4) . وَلِلشَّفِيعِ نَصِيبٌ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، الفتوحات الإلهية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> متن اللغة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المائدة / 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٢)</span><hr/></div>أَجْرِهَا وَثَوَابِهَا قَال اللَّهُ تَعَالَى (1) : {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} (2) وَيَنْدَرِجُ فِيهَا دُعَاءُ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ الْمُسْلِمِ عَنْ ظَهْرِ الْغَيْبِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ب - الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ هِيَ: أَنْ يَشْفَعَ فِي إِسْقَاطِ حَدٍّ بَعْدَ بُلُوغِهِ السُّلْطَانَ أَوْ هَضْمِ حَقٍّ أَوْ إِعْطَائِهِ لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لأَِنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ. قَال تَعَالَى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (3) وَلِلشَّفِيعِ فِي هَذَا كِفْلٌ مِنَ الإِْثْمِ. قَال تَعَالَى: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا. . .} (4) الآْيَةَ. وَالضَّابِطُ الْعَامُّ: أَنَّ الشَّفَاعَةَ الْحَسَنَةَ هِيَ: مَا كَانَتْ فِيمَا اسْتَحْسَنَهُ الشَّرْعُ، وَالسَّيِّئَةَ فِيمَا كَرِهَهُ وَحَرَّمَهُ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَالشَّفَاعَةُ تَكُونُ فِي الآْخِرَةِ وَفِي الدُّنْيَا:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - الشَّفَاعَةُ فِي الآْخِرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> أَجْمَعَ أَهْل السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ عَلَى وُقُوعِ الشَّفَاعَةِ فِي الآْخِرَةِ وَوُجُوبِ الإِْيمَانِ بِهَا. لِصَرِيحِ قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير فخر الرازي في تفسير آية (من يشفع شفاعة حسنة) الفتوحات الإلهية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء رقم 85.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المائدة / 2.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النساء / 85.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٢)</span><hr/></div>الشَّفَاعَةُ إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} (1) وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارْتَضَى} (2) وَقَدْ جَاءَتِ الأَْحَادِيثُ الَّتِي بَلَغَتْ بِمَجْمُوعِهَا حَدَّ التَّوَاتُرِ بِصِحَّةِ الشَّفَاعَةِ فِي الآْخِرَةِ لِمُذْنِبِي الْمُسْلِمِينَ، فَيَشْفَعُ لَهُ مَنْ يَأْذَنُ لَهُ الرَّحْمَنُ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ (3) .</p>جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَيَقُول اللَّهُ عز وجل: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَاّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ. . إِلَخْ. (4)</p><font color=#ff0000>7 -</font> قَال الْعُلَمَاءُ: الشَّفَاعَةُ فِي الآْخِرَةِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ:</p>أَوَّلُهَا: مُخْتَصَّةٌ بِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَهِيَ: الإِْرَاحَةُ مِنْ هَوْل الْمَوْقِفِ، وَتَعْجِيل الْحِسَابِ، وَهِيَ: الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى.</p>ثَانِيهَا: فِي إِدْخَال قَوْمٍ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَهَذِهِ أَيْضًا خَاصَّةٌ بِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم.</p>ثَالِثُهَا: الشَّفَاعَةُ لِقَوْمٍ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ فَيَشْفَعُ فِيهِمْ نَبِيُّنَا، وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة طه / 109.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنبياء / 28.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح النووي لصحيح مسلم 3 / 35.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث الشفاعة:" فيقول الله: شفعت الملائكة " أخرجه مسلم (1 / 170 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٣)</span><hr/></div>رَابِعُهَا: فِيمَنْ دَخَل النَّارَ مِنَ الْمُذْنِبِينَ: فَقَدْ جَاءَتِ الأَْحَادِيثُ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَالْمَلَائِكَةِ وَإِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.</p>خَامِسُهَا. فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ لأَِهْلِهَا (1) .</p><font color=#ff0000>8 -</font> وَيَجُوزُ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَسْأَل اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ شَفَاعَةَ الْحَبِيبِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.</p>وَقَال النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ: قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: " قَدْ عُرِفَ بِالنَّقْل الْمُسْتَفِيضِ سُؤَال السَّلَفِ الصَّالِحِ رضي الله عنهم: شَفَاعَةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَرَغْبَتُهُمْ فِيهَا، وَعَلَى هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَنْ قَال: إِنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَل الإِْنْسَانُ اللَّهَ تَعَالَى: أَنْ يَرْزُقَهُ شَفَاعَةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِكَوْنِهَا لَا تَكُونُ إِلَاّ لِلْمُذْنِبِينَ؛ لأَِنَّ الشَّفَاعَةَ قَدْ تَكُونُ لِتَخْفِيفِ الْحِسَابِ، وَزِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ. ثُمَّ كُل عَاقِلٍ: مُعْتَرِفٌ بِالتَّقْصِيرِ مُحْتَاجٌ إِلَى الْعَفْوِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِعَمَلِهِ مُشْفِقٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ. وَيَلْزَمُ هَذَا الْقَائِل أَلَا يَدْعُوَ بِالْمَغْفِرَةِ، وَالرَّحْمَةِ لأَِنَّهَا لأَِصْحَابِ الذُّنُوبِ (2) ".<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 7 / 113، أسنى المطالب 3 / 104، الشرقاوي على شرح التحرير 2 / 320، شرح صحيح مسلم للنووي 3 / 35.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح صحيح مسلم للنووي 3 / 36.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - الشَّفَاعَةُ فِي الدُّنْيَا:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الشَّفَاعَةُ فِي الْحَدِّ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْرِيمِ الشَّفَاعَةِ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إِلَى الْحَاكِمِ (1) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لأُِسَامَةَ لَمَّا كَلَّمَهُ فِي شَأْنِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ . ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَال: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ: أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا (2) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ (3) وَلأَِنَّ الْحَدَّ إِذَا بَلَغَ الْحَاكِمَ وَثَبَتَ عِنْدَهُ وَجَبَ إِقَامَتُهُ وَالسَّعْيُ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَمْرٌ بِالْمُنْكَرِ، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ. الْحَنَفِيَّةِ جَوَازَ الشَّفَاعَةِ عِنْدَ الرَّافِعِ لَهُ بَعْدَ وُصُولِهَا إِلَى الْحَاكِمِ وَقَبْل الثُّبُوتِ عِنْدَهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 140، حاشية الجمل 5 / 162 - 165، أسنى المطالب 4 / 131، شرح الزرقاني 8 / 92، المدونة 6 / 271، مطالب أولي النهى 6 / 159.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أتشفع في حد من حدود الله " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 513 - ط السلفية)، ومسلم (3 / 1315 - ط الحلبي) من حديث عائشة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله " أخرجه أبو داود (4 / 23 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث ابن عمر وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٤)</span><hr/></div>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ إِذَا بَلَغَ الْحَدُّ الشُّرَطَ وَالْحَرَسَ لأَِنَّ الشُّرَطَ وَالْحَرَسَ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ (1) .</p>أَمَّا قَبْل بُلُوغِهِ إِلَى مَنْ ذُكِرَ فَتَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ مُرَّ عَلَيْهِ بِسَارِقٍ فَتَشَفَّعَ لَهُ، قَالُوا: أَتَشْفَعُ لِسَارِقٍ؟ قَال: نَعَمْ، مَا لَمْ يُؤْتَ بِهِ إِلَى الإِْمَامِ، فَإِذَا أُتِيَ بِهِ إِلَى الإِْمَامِ فَلَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ إِنْ عَفَا عَنْهُ (2) .</p>قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمَشْفُوعُ فِيهِ مِنَ الأَْشْرَارِ الَّذِينَ مَرَدُوا عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي الَّتِي تُوجِبُ الْحَدَّ، فَلَا يَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهِ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الشَّفَاعَةُ فِي التَّعَازِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> أَمَّا التَّعَازِيرُ: فَيَجُوزُ فِيهَا الشَّفَاعَةُ بَلَغَتِ الْحَاكِمَ أَمْ لَا، بَل يُسْتَحَبُّ.</p>قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَشْفُوعُ لَهُ صَاحِبَ شَرٍّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة 6 / 271.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر أن الزبير مر عليه بسارق أخرجه ابن أبي شيبة (9 / 465 - ط الدار السلفية - بمبي) وحسنه ابن حجر في الفتح (12 / 87 - ط السلفية) ، وورد عنده كذلك عن علي بن أبي طالب وحسنه ابن حجر كذلك.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصادر السابقة والقوانين الفقهية 349، 354، ومواهب الجليل 6 / 320، والشرح الصغير 4 / 489.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصادر السابقة، زرقاني 8 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٤)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الأُْمُورِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الأُْمُورِ إِنْ كَانَتْ فِي حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ (1) .</p>لِقَوْلِهِ تَعَالَى. {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً} (2) . . . الآْيَةَ. وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَل عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَال: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا (3) وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَخْذُ الْهَدِيَّةِ عَلَى الشَّفَاعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> إِنْ أَهْدَى الْمَشْفُوعُ لَهُ هَدِيَّةً لِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَنَحْوِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَةِ فَإِنْ كَانَتِ الشَّفَاعَةُ لِطَلَبِ مَحْظُورٍ، أَوْ إِسْقَاطِ حَقٍّ أَوْ مَعُونَةٍ عَلَى ظُلْمٍ، أَوْ تَقْدِيمِهِ فِي وِلَايَةٍ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ، فَقَبُولُهَا حَرَامٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ: لِرَفْعِ مَظْلَمَةٍ عَنِ الْمَشْفُوعِ لَهُ أَوْ إِيصَال حَقٍّ لَهُ أَوْ تَوْلِيَتِهِ وِلَايَةً يَسْتَحِقُّهَا، فَإِنْ شَرَطَ الْهَدِيَّةَ عَلَى الْمَشْفُوعِ لَهُ فَقَبُولُهَا حَرَامٌ أَيْضًا. وَإِنْ قَال الْمَشْفُوعُ لَهُ: هَذِهِ الْهَدِيَّةُ جَزَاءُ شَفَاعَتِكَ فَقَبُولُهَا حَرَامٌ كَذَلِكَ. أَمَّا إِنْ لَمْ يَشْرِطِ الشَّافِعُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُهْدِي أَنَّهَا جَزَاءٌ فَإِنْ كَانَ يُهْدَى لَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 5 / 165، الإقناع للخطيب 2 / 183.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 85.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" كان إذا أتاه طالب حاجة " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 299 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2026 - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٥)</span><hr/></div>قَبْل الشَّفَاعَةِ فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يُكْرَهُ لَهُ الْقَبُول، وَإِلَاّ كُرِهَ إِلَاّ أَنْ يُكَافِئَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَافَأَهُ عَلَيْهَا لَمْ يُكْرَهْ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِ أَخْذُ هَدِيَّةٍ بِحَالٍ مِنَ الأَْحْوَال، لأَِنَّهَا كَالأُْجْرَةِ، وَالشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَيَحْرُمُ أَخْذُ شَيْءٍ فِي مُقَابِلِهَا. أَمَّا الْبَاذِل فَلَهُ أَنْ يَبْذُل فِي ذَلِكَ مَا يَتَوَصَّل بِهِ إِلَى حَقِّهِ. وَهُوَ الْمَنْقُول عَنِ السَّلَفِ وَالأَْئِمَّةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِسْتِشْفَاعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَهْل الصَّلَاحِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> الاِسْتِشْفَاعُ بِالأَْعْمَال الصَّالِحَةِ وَبِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِأَهْل الصَّلَاحِ هُوَ مِنَ التَّوَسُّل، وَيُنْظَرُ حُكْمُهُ فِي (تَوَسُّلٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الرملي على روضة الطالب 4 / 300.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 481، كشاف القناع 6 / 317.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَفْرُ الْعَيْنِ</span></p> </p>انْظُرْ: قِصَاصٌ، دِيَاتٌ، حُكُومَةُ عَدْلٍ</p> </p>‌<span class="title">‌شَفْرُ الْفَرْجِ</span></p> </p>انْظُرْ: قِصَاصٌ، دِيَاتٌ، حُكُومَةُ عَدْلٍ</p> </p>‌<span class="title">‌شَفْعٌ</span></p> </p>انْظُرْ: نَوَافِل، تَطَوُّعٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شُفْعَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشُّفْعَةُ بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّمَلُّكِ، وَتَأْتِي أَيْضًا اسْمًا لِلْمِلْكِ الْمَشْفُوعِ كَمَا قَال الْفَيُّومِيُّ. وَهِيَ مِنَ الشَّفْعِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْوَتْرِ، لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ عَدَدٍ إِلَى عَدَدٍ أَوْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ، يُقَال: شَفَعَ الرَّجُل الرَّجُل شَفْعًا إِذَا كَانَ فَرْدًا فَصَارَ لَهُ ثَانِيًا وَشَفَعَ الشَّيْءَ شَفْعًا ضَمَّ مِثْلَهُ إِلَيْهِ وَجَعَلَهُ زَوْجًا (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ عَرَّفَهَا الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهَا: " تَمْلِيكُ الْبُقْعَةِ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَامَ عَلَيْهِ. أَوْ هِيَ حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مُلِكَ بِعِوَضٍ (2) "<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس، والمعجم الوسيط، والمصباح، مادة:(شفع) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية رد المحتار على الدر المختار 5 / 142، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 5 / 192، وحاشية سعدي حلبي بهامش فتح القدير 6 / 406، والتاج والإكليل لمختصر خليل 4 / 310، والخرشي على مختصر خليل 6 / 161.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: الْبَيْعُ الْحَاصِل مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ، أَوِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لإِِيفَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أَوْ لِتَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ (1) . فَالْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ أَعَمُّ مِنَ الشُّفْعَةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّوْلِيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّوْلِيَةُ فِي الاِصْطِلَاحِ هِيَ: بَيْعُ مَا مَلَكَهُ بِمِثْل مَا قَامَ عَلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْ بَيْعِ التَّوْلِيَةِ وَالشُّفْعَةِ بَيْعٌ بِمِثْل مَا اشْتَرَى وَيَخْتَلِفَانِ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الشُّفْعَةُ حَقٌّ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ وَلِصَاحِبِهِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ أَوْ تَرْكُهُ (2) ، لَكِنْ قَال الشَّبْرَامَلِّسِيُّ - مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - إِنْ تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِ الشُّفْعَةِ مَعْصِيَةٌ - كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَشْهُورًا بِالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ - فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الأَْخْذُ بِهَا مُسْتَحَبًّا بَل وَاجِبًا إِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ مَا يُرِيدُهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْفُجُورِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير مادة جبر، وأسنى المطالب 2 / 2، وهذا التعريف مستخلص من أمثلة البيع الجبري من كتب الفقه، وانظر الموسوعة الفقهية 9 / 70.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الكنز للزيلعي 5 / 239، ونهاية المحتاج 5 / 192، حاشية البجيرمي 3 / 133، والمغني 5 / 459 - 460.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج مع حاشية الشبراملسي 5 / 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٧)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا مِنَ السُّنَّةِ بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - 43 - قَال: قَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُل مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ (1)</p>وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَال جَابِرٌ رضي الله عنه: قَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُل شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِل لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (2) . وَعَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ (3) .</p> </p>وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى إِثْبَاتِ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ فِيمَا بِيعَ مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ حَائِطٍ (4) .‌<span class="title">‌ حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> لَمَّا كَانَتِ الشَّرِكَةُ مَنْشَأَ الضَّرَرِ فِي الْغَالِبِ وَكَانَ الْخُلَطَاءُ كَثِيرًا مَا يَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث جابر: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة " أخرجه البخاري (4 / 436 - ط. السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة " أخرجه مسلم (3 / 1229 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " جار الدار أحق بالدار " أخرجه الترمذي (3 / 641 - ط. الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 5 / 460، وانظر أيضًا مغني المحتاج 2 / 296.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٧)</span><hr/></div>بَعْضٍ شَرَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى رَفْعَ هَذَا الضَّرَرِ بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> بِالْقِسْمَةِ تَارَةً وَانْفِرَادِ كُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ بِنَصِيبِهِ</p><font color=#ff0000>(2)</font> وَبِالشُّفْعَةِ تَارَةً أُخْرَى وَانْفِرَادِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْجُمْلَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الآْخَرِ ضَرَرٌ فِي ذَلِكَ.</p>فَإِذَا أَرَادَ بَيْعَ نَصِيبِهِ وَأَخْذَ عِوَضِهِ كَانَ شَرِيكُهُ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الأَْجْنَبِيِّ وَهُوَ يَصِل إِلَى غَرَضِهِ مِنَ الْعِوَضِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ فَكَانَ الشَّرِيكُ أَحَقَّ بِدَفْعِ الْعِوَضِ مِنَ الأَْجْنَبِيِّ وَيَزُول عَنْهُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ وَلَا يَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ لأَِنَّهُ يَصِل إِلَى حَقِّهِ مِنَ الثَّمَنِ وَكَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْعَدْل وَأَحْسَنِ الأَْحْكَامِ الْمُطَابِقَةِ لِلْعُقُول وَالْفِطَرِ وَمَصَالِحِ الْعِبَادِ. كَمَا قَال ابْنُ الْقَيِّمِ (1) .</p>وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الشُّفْعَةِ كَمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ، دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ وَغَيْرِهَا كَمِنْوَرٍ وَمِصْعَدٍ وَبَالُوعَةٍ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إِلَيْهِ، وَقِيل ضَرَرِ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أعلام الموقعين 2 / 247.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 192، حاشية البجيرمي 3 / 134، وانظر المبسوط للسرخسي 14 / 91، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 5 / 239، ابن عابدين 5 / 142.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَسْبَابُ الشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ فِي نَفْسِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ مَا لَمْ يُقْسَمْ.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي الاِتِّصَال بِالْجِوَارِ وَحُقُوقِ الْمَبِيعِ فَاعْتَبَرَهُمَا الْحَنَفِيَّةُ مِنْ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ عَلَى الشُّيُوعِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ فِي ذَاتِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ مَا دَامَ لَمْ يُقَاسِمْ (1) . وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه السَّابِقِ ف / 4</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرِكَةُ الَّتِي تَكُونُ مَحَلًّا لِلشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الشَّرِكَةِ الَّتِي تَكُونُ مَحَلًّا لِلشُّفْعَةِ عَلَى اتِّجَاهَيْنِ:</p>الأَْوَّل: ذَهَبَ مَالِكٌ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ كُل مَا لَا يَنْقَسِمُ - كَالْبِئْرِ، وَالْحَمَّامِ الصَّغِيرِ، وَالطَّرِيقِ - لَا شُفْعَةَ فِيهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2681، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 5 / 252، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 474، نهاية المحتاج 5 / 195، حاشية البجيرمي 3 / 136، المغني 5 / 461، منتهى الإرادات 1 / 527.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 3 / 476، الخرشي 6 / 163، بلغة السالك لأقرب المسالك ومعها الشرح الصغير 2 / 228، نهاية المحتاج 5 / 195، مغني المحتاج 2 / 297، الأم 2 / 4، المغني 5 / 461، منتهى الإرادات 1 / 557، المقنع 2 / 258.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٨)</span><hr/></div>لأَِنَّ إِثْبَاتَ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ يَضُرُّ بِالْبَائِعِ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ إِثْبَاتِ الشُّفْعَةِ فِي نَصِيبِهِ بِالْقِسْمَةِ وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْمُشْتَرِي لأَِجْل الشَّفِيعِ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فَيُؤَدِّي إِثْبَاتُهَا إِلَى نَفْيِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَمَالِكٌ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجِبُ فِي الْعَقَارِ سَوَاءٌ قَبِل الْقِسْمَةَ أَمْ لَمْ يَقْبَلْهَا.</p>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ حَدِيثِ جَابِرٍ قَال: قَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُل مَا لَمْ يُقْسَمْ (2) .</p>وَلأَِنَّ الشُّفْعَةَ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ اللَاّحِقِ بِالشَّرِكَةِ فَتَجُوزُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ، فَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي عَيْنٍ مِنَ الأَْعْيَانِ، لَمْ يَكُنْ دَفْعُ ضَرَرِ أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ دَفْعِ ضَرَرِ الآْخَرِ فَإِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ كَانَ شَرِيكُهُ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الأَْجْنَبِيِّ، إِذْ فِي ذَلِكَ إِزَالَةُ ضَرَرِهِ مَعَ عَدَمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 5 / 466.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم " سبق تخريجه ف 4.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٩)</span><hr/></div>تَضَرُّرِ صَاحِبِهِ، فَإِنَّهُ يَصِل إِلَى حَقِّهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيَصِل هَذَا إِلَى اسْتِبْدَادِهِ بِالْمَبِيعِ فَيَزُول الضَّرَرُ عَنْهُمَا جَمِيعًا (1) .</p>وَقَالُوا أَيْضًا: إِنَّ الضَّرَرَ بِالشَّرِكَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَبْلَغُ مِنَ الضَّرَرِ بِالْعَقَارِ الَّذِي يَقْبَل الْقِسْمَةَ، فَإِذَا كَانَ الشَّارِعُ مُرِيدًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ الأَْدْنَى فَالأَْعْلَى أَوْلَى بِالدَّفْعِ، وَلَوْ كَانَتِ الأَْحَادِيثُ مُخْتَصَّةً بِالْعَقَارَاتِ الْمَقْسُومَةِ فَإِثْبَاتُ الشُّفْعَةِ فِيهَا تَنْبِيهٌ عَلَى ثُبُوتِهَا فِيمَا لَا يَقْبَل الْقِسْمَةَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّفْعَةُ فِي الْمَنْفَعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الشَّرِكَةُ الْمُجِيزَةُ لِلشُّفْعَةِ هِيَ الشَّرِكَةُ فِي الْمِلْكِ فَقَطْ، فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ فِي رَقَبَةِ الْعَقَارِ.</p>أَمَّا الشَّرِكَةُ فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا تَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ لِمَالِكٍ لِلشَّرِيكِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمُطَالَبَةُ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا. قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ:(لَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ فِي كِرَاءٍ، فَإِنِ اكْتَرَى شَخْصَانِ دَارًا مَثَلاً ثُمَّ أَكْرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ مَنْفَعَتِهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ، وَلَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2686، بشرح الكنز 5 / 252، ابن عابدين 6 / 217، المبسوط 14 / 93، وحاشية الدسوقي 3 / 476 وما بعدها، بلغة السالك لأقرب المسالك 2 / 228، الخرشي 6 / 170.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة، وأعلام الموقعين 2 / 139 وما بعدها و 249 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٩)</span><hr/></div>الشُّفْعَةُ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ الآْخَرِ) .</p>وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِلشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَنْقَسِمُ وَأَنْ يَشْفَعَ لِيَسْكُنَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُفْعَةُ الْجَارِ الْمَالِكِ وَالشَّرِيكِ فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْمَبِيعِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كَمَا سَبَقَ عَلَى ثُبُوتِ شُفْعَةٍ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ مَا دَامَ لَمْ يُقَاسِمْ.</p>وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِهَا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَالشَّرِيكِ فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْمَبِيعِ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ اتِّجَاهَانِ.</p>الأَْوَّل: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَلَا لِلشَّرِيكِ فِي حُقُوقِ الْبَيْعِ، وَبِهِ قَال: أَهْل الْمَدِينَةِ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى الأَْنْصَارِيُّ وَأَبُو الزِّنَادِ وَرَبِيعَةُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 14 / 95، فتح العزيز 11 / 392، ومغني المحتاج 2 / 297، ومنتهى الإرادات 1 / 531، شرح منح الجليل 2 / 586، وانظر حاشية الدسوقي 3 / 474 - 475، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 5 / 312، 213، الخرشي 6 / 163.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 3 / 474، والشرح الصغير 2 / 228، ومغني المحتاج 2 / 297، حاشية البجيرمي 3 / 136، وفتح العزيز شرح الوجيز 11 / 392، والمغني 5 / 461، والمقنع 2 / 258.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٠)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَفِيهِ: فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ (1) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ فِي صَدْرِهِ إِثْبَاتَ الشُّفْعَةِ فِي غَيْرِ الْمَقْسُومِ وَنَفْيَهَا فِي الْمَقْسُومِ؛ لأَِنَّ كَلِمَةَ إِنَّمَا لإِِثْبَاتِ الْمَذْكُورِ وَنَفْيِ مَا عَدَاهُ، وَآخِرُهُ نَفْيُ الشُّفْعَةِ عِنْدَ وُقُوعِ الْحُدُودِ وَصَرْفِ الطُّرُقِ، وَالْحُدُودُ بَيْنَ الْجَارَيْنِ وَاقِعَةٌ وَالطُّرُقُ مَصْرُوفَةٌ فَكَانَتِ الشُّفْعَةُ مَنْفِيَّةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.</p>وَقَالُوا: إِذَا كَانَ الشَّارِعُ يَقْصِدُ رَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْجَارِ فَهُوَ أَيْضًا يَقْصِدُ رَفْعَهُ عَنِ الْمُشْتَرِي. وَلَا يُدْفَعُ ضَرَرُ الْجَارِ بِإِدْخَال الضَّرَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي حَاجَةٍ إِلَى دَارٍ يَسْكُنُهَا هُوَ وَعِيَالُهُ، فَإِذَا سُلِّطَ الْجَارُ عَلَى انْتِزَاعِ دَارِهِ مِنْهُ أَضَرَّ بِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَأَيُّ دَارٍ اشْتَرَاهَا وَلَهُ جَارٌ فَحَالُهُ مَعَهُ هَكَذَا. وَتَطَلُّبُهُ دَارًا لَا جَارَ لَهَا كَالْمُتَعَذَّرِ عَلَيْهِ، فَكَانَ مِنْ تَمَامِ حِكْمَةِ الشَّارِعِ أَنْ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ بِوُقُوعِ الْحُدُودِ وَتَصْرِيفِ الطُّرُقِ لِئَلَاّ يَضُرَّ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَعَذَّرُ عَلَى مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ دَارٍ لَهَا جَارٌ أَنْ يَتِمَّ لَهُ مَقْصُودُهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة " تقدم تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أعلام الموقعين لابن القيم 2 / 259 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَى إِثْبَاتِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَالشَّرِيكِ فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْمَبِيعِ، فَسَبَبُ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ عِنْدَهُمْ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: الشَّرِكَةُ أَوِ الْجِوَارُ. ثُمَّ الشَّرِكَةُ نَوْعَانِ:</p>أ - شَرِكَةٌ فِي مِلْكِ الْمَبِيعِ.</p>ب - شَرِكَةٌ فِي حُقُوقِهِ، كَالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ.</p>قَال الْمَرْغِينَانِيُّ:" الشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ لِلْخَلِيطِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ كَالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ، ثُمَّ لِلْجَارِ (1) ".</p>وَاسْتَدَل هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَال: " وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيَّ إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا سَعْدُ، ابْتَعْ مِنِّي بَيْتِي فِي دَارِكَ. فَقَال سَعْدٌ: وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا فَقَال الْمِسْوَرُ: وَاللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا، فَقَال سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةً أَوْ مُقَطَّعَةً، قَال أَبُو رَافِعٍ: لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَأَنَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 2681، تبيين الحقائق 5 / 239، المبسوط 14 / 93 - 94، والهداية مع الفتح 9 / 369 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤١)</span><hr/></div>أُعْطَى بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ ". (1)</p>فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تُسْتَحَقُّ بِسَبَبِ الْجِوَارِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا (2) .</p>عَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٌ قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ: أَرْضِي لَيْسَ لأَِحَدٍ فِيهَا شَرِكَةٌ وَلَا قِسْمَةٌ إِلَاّ الْجِوَارُ، فَقَال: الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ. (3)</p>اسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ ثَبَتَ فِي الشَّرِكَةِ لإِِفْضَائِهَا إِلَى ضَرَرِ الْمُجَاوَرَةِ فَحَقِيقَةُ الْمُجَاوَرَةِ أَوْلَى بِالثُّبُوتِ فِيهَا، وَهَذَا لأَِنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُتَأَذِّي بِسُوءِ الْمُجَاوَرَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَضَرَرُ التَّأَذِّي بِسُوءِ الْمُجَاوَرَةِ عَلَى الدَّوَامِ بِاتِّصَال أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ بِالآْخَرِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَأَتَّى الْفَصْل فِيهِ.</p>وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْمُجَاوَرَةِ حَتَّى يُرْغَبُ فِي مُجَاوَرَةِ بَعْضِ النَّاسِ لِحُسْنِ خُلُقِهِ وَيُرْغَبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عمرو بن الشريد: " وقفت على سعد بن أبي وقاص. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 437 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " الجار أحق بشفعته. . . " أخرجه الترمذي (3 / 642 - ط. الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث الشريد بن سويد: " أرضي ليس لأحد فيها. . . " أخرجه النسائي (7 / 320 - ط المكتبة التجارية) وإسناده حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤١)</span><hr/></div>عَنْ جِوَارِ الْبَعْضِ لِسُوءِ خُلُقِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْجَارُ الْقَدِيمُ يَتَأَذَّى بِالْجَارِ الْحَادِثِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ بِالشُّفْعَةِ دَفْعًا لِهَذَا الضَّرَرِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْجِوَارَ سَبَبٌ لِلشُّفْعَةِ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا بِالْجِوَارِ عَلَى عُمُومِهِ، بَل اشْتَرَطُوا لِذَلِكَ أَنْ تَتَحَقَّقَ الْمُلَاصَقَةُ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَيِّ حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ، سَوَاءٌ امْتَدَّ مَكَانُ الْمُلَاصَقَةِ حَتَّى عَمَّ الْحَدَّ أَمْ قَصُرَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ.</p>فَالْمُلَاصِقُ لِلْمَنْزِل وَالْمُلَاصِقُ لأَِقْصَى الدَّارِ سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ لأَِنَّ مِلْكَ كُل حَدٍّ مِنْهُمْ مُتَّصِلٌ بِالْبَيْعِ.</p>أَمَّا الْجَارُ الْمُحَاذِي فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِالْمُجَاوَرَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَقْرَبَ بَابًا أَمْ أَبْعَدَ؛ لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشُّفْعَةِ هُوَ الْقُرْبُ وَاتِّصَال أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ بِالآْخَرِ وَذَلِكَ فِي الْجَارِ الْمُلَاصِقِ دُونَ الْجَارِ الْمُحَاذِي فَإِنَّ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ طَرِيقًا نَافِذًا (2)</p>وَقَال شُرَيْحٌ (3) : الشُّفْعَةُ بِالأَْبْوَابِ، فَأَقْرَبُ الأَْبْوَابِ إِلَى الدَّارِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ. لِمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط للسرخسي 14 / 95، والبدائع للكاساني 6 / 2682.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 14 / 93، 94، البدائع 6 / 2691، ابن عابدين 5 / 165، وشرح الكنز للزيلعي 5 / 241، الهداية مع فتح القدير 9 / 376.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 14 / 93.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٢)</span><hr/></div>وَرَدَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَال: إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكَ بَابًا (1) .</p>وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِلْجَارِ الْمُقَابِل. لأَِنَّ سُوءَ الْمُجَاوَرَةِ لَا يَتَحَقَّقُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكُ أَحَدِهِمَا مُتَّصِلاً بِمِلْكِ الآْخَرِ وَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ.</p>وَحَقُّ الشُّفْعَةِ يَثْبُتُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ لِيُتَرَفَّقَ بِهِ مِنْ حَيْثُ تَوَسُّعُ الْمِلْكِ وَالْمَرَافِقِ، وَهَذَا فِي الْجَارِ الْمُلَاصِقِ يَتَحَقَّقُ لَامِكَانِ جَعْل إِحْدَى الدَّارَيْنِ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ الأُْخْرَى.</p>وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْجَارِ الْمُقَابِل لِعَدَمِ إِمْكَانِ جَعْل إِحْدَى الدَّارَيْنِ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ الأُْخْرَى بِطَرِيقٍ نَافِذٍ بَيْنَهُمَا.</p>وَلَكِنْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُقَابِل إِذَا كَانَتِ الدُّورُ كُلُّهَا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، لإِِمْكَانِ جَعْل بَعْضِهَا مِنْ مَرَافِقِ الْبَعْضِ بِأَنْ تُجْعَل الدُّورُ كُلُّهَا دَارًا وَاحِدَةً.</p>وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ إِلَاّ لِلْجَارِ الْمَالِكِ، فَلَا تَثْبُتُ لِجَارِ السُّكْنَى، كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ ضَرَرِ التَّأَذِّي بِسُوءِ الْمُجَاوَرَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَجِوَارُ السُّكْنَى لَيْسَ بِمُسْتَدَامٍ، وَضَرَرُ التَّأَذِّي بِسُوءِ الْمُجَاوَرَةِ عَلَى الدَّوَامِ، بِاتِّصَال أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ بِالآْخَرِ عَلَى وَجْهٍ لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عائشة:" إن لي جارين. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 438 - ط. السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٢)</span><hr/></div>يَتَأَتَّى الْفَصْل فِيهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّفْعَةُ بَيْنَ مُلَاّكِ الطَّبَقَاتِ:</span></p>13 م - مُلَاّكُ الطَّبَقَاتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُتَجَاوِرُونَ فَيَحِقُّ لَهُمُ الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ (2) .</p>وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ صَاحِبُ الْعُلُوِّ السُّفْل بِالشُّفْعَةِ حَتَّى انْهَدَمَ الْعُلُوُّ فَعَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ - لأَِنَّ الاِتِّصَال بِالْجِوَارِ قَدْ زَال، كَمَا لَوْ بَاعَ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا قَبْل الأَْخْذِ.</p>وَعَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ تَجِبُ الشُّفْعَةُ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ بَل بِالْقَرَارِ وَحَقُّ الْقَرَارِ بَاقٍ.</p>وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَبَابُ كُلٍّ إِلَى السِّكَّةِ فَبِيعَ الأَْوْسَطُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلأَْعْلَى وَالأَْسْفَل وَإِنْ بِيعَ الأَْسْفَل أَوِ الأَْعْلَى، فَالأَْوْسَطُ أَوْلَى، بِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الْقَرَارِ؛ لأَِنَّ حَقَّ التَّعَلِّي يَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْقُولٍ فَتُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ كَالْعَقَارِ (3) .</p>وَلَوْ كَانَ سُفْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لأَِحَدِهِمَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَبَاعَ هُوَ السُّفْل وَالْعُلُوَّ كَانَ الْعُلُوُّ لِشَرِيكِهِ فِي الْعُلُوِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 14 / 95، 96.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مرشد الحيران محمد قدري باشا م 101، والمجلة م 1011.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 5 / 143.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٣)</span><hr/></div>وَالسُّفْل لِشَرِيكِهِ فِي السُّفْل، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرِيكٌ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ فِي حَقِّهِ وَجَارٌ فِي حَقِّ الآْخَرِ أَوْ شَرِيكٌ فِي الْحَقِّ إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا.</p>وَلَوْ كَانَ السُّفْل لِرَجُلٍ وَالْعُلُوُّ لآِخَرَ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَرْكَانُ الشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> أَرْكَانُ الشُّفْعَةِ ثَلَاثَةٌ (2) :</p><font color=#ff0000>(1)</font> الشَّفِيعُ: وَهُوَ الآْخِذُ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ: وَهُوَ الْمُشْتَرِي الَّذِي يَكُونُ الْعَقَارُ فِي حِيَازَتِهِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الْمَشْفُوعُ فِيهِ: وَهُوَ الْعَقَارُ الْمَأْخُوذُ أَيْ مَحَل الشُّفْعَةِ.</p>وَلِكُل رُكْنٍ مِنْ هَذِهِ الأَْرْكَانِ شُرُوطٌ وَأَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي.</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّرُوطُ الْوَاجِبُ تَوَافُرُهَا فِي الشَّفِيعِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الأَْوَّل: مِلْكِيَّةُ الشَّفِيعِ لِمَا يَشْفَعُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ لِلأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ وَقْتَ شِرَاءِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ. لأَِنَّ سَبَبَ الاِسْتِحْقَاقِ جَوَازُ الْمِلْكِ، وَالسَّبَبُ إِنَّمَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَالاِنْعِقَادُ أَمْرٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الكنز للزيلعي 5 / 241، والفتاوى الهندية 5 / 164.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 296.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٣)</span><hr/></div>زَائِدٌ عَلَى الْوُجُودِ (1) .</p>قَال الْكَاسَانِيُّ: لَا شُفْعَةَ لَهُ بِدَارٍ يَسْكُنُهَا بِالإِْجَارَةِ وَالإِْعَارَةِ وَلَا بِدَارٍ بَاعَهَا قَبْل الشِّرَاءِ وَلَا بِدَارٍ جَعَلَهَا مَسْجِدًا وَلَا بِدَارٍ جَعَلَهَا وَقْفًا (2) . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُ الشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ كَمَا سَبَقَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الثَّانِي: بَقَاءُ الْمِلْكِيَّةِ لِحِينِ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> يَجِبُ أَنْ يَبْقَى الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ حَتَّى يَمْتَلِكَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِحُكْمِ الْقَضَاءِ لِيَتَحَقَّقَ الاِتِّصَال وَقْتَ الْبَيْعِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّفْعَةُ لِلْوَقْفِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> لَا شُفْعَةَ لِلْوَقْفِ لَا بِشَرِكَةٍ وَلَا بِجِوَارٍ.</p>فَإِذَا بِيعَ عَقَارٌ مُجَاوِرٌ لِوَقْفٍ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ وَقْفٌ وَبِيعَ الْمِلْكُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَقْفِ، لَا لِقَيِّمِهِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2703) ، المبسوط 14 / 95، وشرح الكنز للزيلعي 5 / 252، حاشية الدسوقي 3 / 476، مغني المحتاج 2 / 298، نهاية المحتاج 5 / 198، منتهى الإرادات 1 / 530.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2703.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي مع حاشية الشلبي 5 / 225، ط 1 سنة 1315 هـ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 6 / 2703، حاشية ابن عابدين 6 / 233، الخرشي 6 / 163، مغني المحتاج 2 / 297، فتح العزيز 11 / 392، شرح منتهى الإرادات 2 / 441.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٤)</span><hr/></div>وَاشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ جَمِيعًا أَلَاّ يَتَضَمَّنَ التَّمَلُّكُ بِالشُّفْعَةِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ لأَِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَقْبَل التَّجْزِئَةَ. وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ قِطْعَةً وَاحِدَةً وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا فَلَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ الآْخَرَ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْقِطْعَةُ وَاحِدَةً، وَكَانَ الْمُشْتَرِي مُتَعَدِّدًا فَيَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ نَصِيبَ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ يَطْلُبَ الْكُل، وَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا تَجْزِئَةً لِلشُّفْعَةِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ مُسْتَقِلٌّ بِمِلْكِيَّةِ نَصِيبِهِ تَمَامَ الاِسْتِقْلَال. وَإِذَا كَانَتِ الْقِطَعُ مُتَعَدِّدَةً وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا أَخَذَ كُل شَفِيعٍ الْقِطْعَةَ الَّتِي يَشْفَعُ فِيهَا، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُشْتَرُونَ أَيْضًا فَلِكُل شَفِيعٍ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ بَعْضِهِمْ أَوْ يَأْخُذَ الْكُل وَيُقَدِّرَ لِكُل قِطْعَةٍ مَا يُنَاسِبُهَا مِنَ الثَّمَنِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَدَّرًا فِي الْعَقْدِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَشْفُوعُ مِنْهُ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> وَتَجُوزُ الشُّفْعَةُ عَلَى أَيِّ مُشْتَرٍ لِلْعَقَارِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَرِيبًا لِلْبَائِعِ أَمْ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ. لِعُمُومِ النُّصُوصِ الْمُثَبِّتَةِ لِلشُّفْعَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الشُّفْعَةُ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّصَرُّفَ الْمُجِيزَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 14 / 104، البدائع 6 / 2729، حاشية الدسوقي 3 / 490، القليوبي 3 / 49، 50، المغني 5 / 483، منتهى الإرادات 1 / 529، المقنع 2 / 263.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٤)</span><hr/></div>لِلشُّفْعَةِ هُوَ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ، وَهُوَ الْبَيْعُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ. فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ لأَِنَّ الأَْخْذَ بِالشُّفْعَةِ يَكُونُ بِمِثْل مَا مَلَكَ فَإِذَا انْعَدَمَتِ الْمُعَاوَضَةُ تَعَذَّرَ الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ.</p>وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ فِي كُل مِلْكٍ انْتَقَل بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ، وَالصَّدَقَةِ، مَا عَدَا الْمِيرَاثَ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ. وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا اعْتَبَرَتِ الضَّرَرَ فَقَطْ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَهْرِ وَأَرْشِ الْجِنَايَاتِ وَالصُّلْحِ وَبَدَل الْخُلْعِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا الْمِرْدَاوِيُّ إِلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي هَذِهِ الأَْمْوَال لأَِنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ فَقَطْ وَلَيْسَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بِمَعْنَى الْبَيْعِ؛ وَلاِسْتِحَالَةِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الشَّفِيعُ بِمِثْل مَا تَمَلَّكَ بِهِ هَؤُلَاءِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بِجَامِعِ الاِشْتِرَاكِ فِي الْمُعَاوَضَةِ مَعَ لُحُوقِ الضَّرَرِ ثُمَّ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ فِي هَذِهِ الْحَال فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ وَفِي قَوْلٍ: بِقِيمَةِ مُقَابِلِهِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية مع الفتح 9 / 379، 381، 405، الزيلعي 5 / 252، 253، ابن عابدين 6 / 231، 236، والبدائع 6 / 2696، 2698، 2699، والمبسوط 14 / 141، 145، وبداية المجتهد 2 / 255، والدسوقي 3 / 476، ومغني المحتاج 2 / 296، ونهاية المحتاج 5 / 199، وفتح العزيز 11 / 425، والمغني 5 / 467، منتهى الإرادات 1 / 527، والمقنع 2 / 258، وتصحيح الفروع 4 / 536، 537.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، فَإِنْ تَقَابَضَا وَجَبَتِ الشُّفْعَةُ؛ لِوُجُودِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ عِنْدَ التَّقَابُضِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَرَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ فَلَا شُفْعَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ زُفَرَ تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّفْعَةُ مَعَ شَرْطِ الْخِيَارِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَعًا فَلَا شُفْعَةَ حَتَّى يَجِبَ الْبَيْعُ؛ لأَِنَّهُمْ اشْتَرَطُوا لِجَوَازِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2696، 2701، المبسوط 14 / 141، الهداية 9 / 407، وشرح الكنز 5 / 253، ابن عابدين 6 / 237، 238، والدسوقي 2 / 475، 482، وما بعدها، بداية المجتهد 2 / 256، والخرشي 6 / 170، ومغني المحتاج 1 / 298، 299، وفتح العزيز 11 / 408، 425، ونهاية المحتاج 5 / 198، والمغني 5 / 468، 471، والمقنع 2 / 258 و 272 - 274.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٥)</span><hr/></div>الشُّفْعَةِ زَوَال مِلْكِ الْبَائِعِ عَنِ الْمَبِيعِ (1) .</p>وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَجِبُ الشُّفْعَةُ لأَِنَّ خِيَارَهُ لَا يَمْنَعُ زَوَال الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ يَقِفُ عَلَيْهِ (2) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ. لأَِنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، إِلَاّ بَعْدَ مُضِيِّهِ وَلُزُومِهِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ (3) .</p>وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: إِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَعَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فَفِي أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ قَوْلَانِ:</p>الأَْوَّل: الْمَنْعُ، لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرْضَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ وَفِي الأَْخْذِ إِلْزَامٌ وَإِثْبَاتٌ لِلْعُهْدَةِ عَلَيْهِ.</p>وَالثَّانِي: وَهُوَ الأَْظْهَرُ - يُؤْخَذُ؛ لأَِنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ إِلَاّ لِلْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ سُلِّطَ عَلَيْهِ بَعْدَ لُزُومِ الْمِلْكِ وَاسْتِقْرَارِهِ فَقَبْلَهُ أَوْلَى (4) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ قَبْل انْقِضَاءِ الْخِيَارِ كَمَا قَال الْمَالِكِيَّةُ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2071، الخرشي 6 / 170، مغني المحتاج 2 / 299، وما بعدها، نهاية المحتاج 5 / 198، المغني 5 / 471، والمقنع 20 / 273 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2701.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 3 / 483 وما بعدها، الخرشي 6 / 170، بداية المجتهد 2 / 256.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح العزيز 11 / 408، وما بعدها، الأم 4 / 4.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 5 / 471.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٦)</span><hr/></div>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، لأَِنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ لِلشَّفِيعِ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الشَّفِيعُ الْبَيْعَ جَازَ وَلَا شُفْعَةَ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ ابْتِدَاءً. وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لأَِنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ لَمْ يَزُل، وَالْحِيلَةُ لِلشَّفِيعِ فِي ذَلِكَ أَلَاّ يَفْسَخَ وَلَا يُجِيزَ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ يُجَوِّزَ الْبَيْعَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّفْعَةُ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْبَيْعُ بِالْمَزَادِ الْعَلَنِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> إِذَا بِيعَ الْعَقَارُ بِالْمَزَادِ الْعَلَنِيِّ فَمُقْتَضَى صِيَغِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَمْنَعُونَ الشُّفْعَةَ فِيهِ لأَِنَّهُمْ ذَكَرُوا شُرُوطًا لِلشُّفْعَةِ إِذَا تَحَقَّقَتْ ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْبَيْعَ بِالْمُزَايَدَةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مَا بِيعَ لِيُجْعَل مَسْجِدًا:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْل أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اتَّخَذَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ مَسْجِدًا ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْمَسْجِدَ وَيَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.</p>وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ يَتَحَرَّرُ عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ إِعْتَاقِ الْعَبْدِ. وَحَقُّ الشَّفِيعِ لَا يَكُونُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2701 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٦)</span><hr/></div>أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ لَا يَمْنَعُ حَقَّ الرَّاهِنِ فَكَذَلِكَ حَقُّ الشَّفِيعِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ جَعْل الدَّارِ مَسْجِدًا.</p>وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ لِلشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ حَقًّا مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ جَعْلِهِ مَسْجِدًا، لأَِنَّ الْمَسْجِدَ يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ جَعَل جُزْءًا شَائِعًا مِنْ دَارِهِ مَسْجِدًا أَوْ جَعَل وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لَمْ يَصِرْ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ مَا فِيهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ إِذَا جَعَلَهُ مَسْجِدًا، وَهَذَا لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى مَسْجِدِ الضِّرَارِ لأَِنَّهُ قَصَدَ الأَْضْرَارَ بِالشَّفِيعِ مِنْ حَيْثُ إِبْطَال حَقِّهِ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَيَرْفَعَ الْمُشْتَرِي بِنَاءَهُ الْمُحْدَثَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَال الَّذِي تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الأَْمْوَال الثَّابِتَةِ تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ (2) . وَأَمَّا الأَْمْوَال الْمَنْقُولَةُ فَفِيهَا خِلَافٌ يَأْتِي بَيَانُهُ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 14 / 113 - 114، والبدائع 6 / 2702، وابن عابدين 6 / 233، ط 2، والخرشي 6 / 174، وحاشية الدسوقي 3 / 487، والفروع 4 / 550.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2700، تبيين الحقائق 5 / 252، حاشية ابن عابدين 6 / 236، المبسوط 14 / 98.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٧)</span><hr/></div>قَال: قَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُل شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ (1) .</p>وَبِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الْعَقَارِ مَا وَجَبَتْ لِكَوْنِهِ: مَسْكَنًا، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِخَوْفِ أَذَى الدَّخِيل وَضَرَرِهِ عَلَى سَبِيل الدَّوَامِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَاّ فِي الْعَقَارِ (2) .</p>وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ الْعُلُوُّ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَقَارُ مِمَّا يَحْتَمِل الْقِسْمَةَ أَوْ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُهَا كَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى وَالْبِئْرِ، وَالنَّهْرِ، وَالْعَيْنِ، وَالدُّورِ الصِّغَارِ. وَكُل مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقَارِ مِمَّا لَهُ ثَبَاتٌ وَاتِّصَالٌ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدَّمِ ذِكْرُهَا (3) .</p><font color=#ff0000>25 -</font> وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَنْقُول عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>لَا تَثْبُتُ فِي الْمَنْقُول وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبَيِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (4) . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ. بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ` صلى الله عليه وآله وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث جابر:" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم " تقدم تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح العناية على الهداية 9 / 403، والبدائع 6 / 2700.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 6 / 2700، تبيين الحقائق 5 / 252، شرح العناية على الهداية 9 / 403، مع فتح القدير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط 14 / 95، البدائع 6 / 2700، شرح الكنز 5 / 252، وفتح العزيز 11 / 364، ونهاية المحتاج 5 / 193، مغني المحتاج 2 / 296، والمغني 5 / 463 - 465.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٧)</span><hr/></div>مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ (1) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ وُقُوعَ الْحُدُودِ وَتَصْرِيفَ الطُّرُقِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَقَارِ دُونَ الْمَنْقُول.</p>عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَال: لَا شُفْعَةَ إِلَاّ فِي دَارٍ أَوْ عَقَارٍ (2) .، وَهَذَا يَقْتَضِي نَفْيَهَا عَنْ غَيْرِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ مِمَّا لَا يَتْبَعُهُمَا وَهُوَ الْمَنْقُول، وَأَمَّا مَا يَتْبَعُهُمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حُكْمِهَا (3) .</p>قَالُوا: وَلأَِنَّ الشُّفْعَةَ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَالضَّرَرُ فِي الْعَقَارِ يَكْثُرُ جِدًّا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ الشَّرِيكُ إِلَى إِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ، وَتَغْيِيرِ الأَْبْنِيَةِ وَتَضْيِيقِ الْوَاسِعِ وَتَخْرِيبِ الْعَامِرِ وَسُوءِ الْجِوَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْعَقَارِ بِخِلَافِ الْمَنْقُول.</p>وَقَالُوا أَيْضًا: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَنْقُول وَغَيْرِهِ أَنَّ الضَّرَرَ فِي غَيْرِ الْمَنْقُول يَتَأَبَّدُ بِتَأَبُّدِهِ وَفِي الْمَنْقُول لَا يَتَأَبَّدُ فَهُوَ ضَرَرٌ عَارِضٌ فَهُوَ كَالْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " قضى بالشفعة. . . . " تقدم تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا شفعة إلا في دار أو عقار " أخرجه البيهقي (6 / 109 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وقال: " الإسناد ضعيف ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> إعلام الموقعين 2 / 251.</p><font color=#ff0000>(4)</font> إعلام الموقعين 2 / 251.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٨)</span><hr/></div><font color=#ff0000>26 -</font>‌<span class="title">‌ الْقَوْل الثَّانِي: </span>تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الْمَنْقُول وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ (1) . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُل مَا لَمْ يُقْسَمْ (2) .</p>قَالُوا: إِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وآله وسلم أَثْبَتَ الشُّفْعَةَ فِي كُل مَا لَمْ يُقْسَمْ وَهَذَا يَتَنَاوَل الْعَقَارَ وَالْمَنْقُول. لأَِنَّ " مَا " مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الْمَنْقُول كَمَا هِيَ ثَابِتَةٌ فِي الْعَقَارِ.</p>وَقَالُوا: وَلأَِنَّ الضَّرَرَ بِالشَّرِكَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَبْلَغُ مِنَ الضَّرَرِ بِالْعَقَارِ الَّذِي يَقْبَل الْقِسْمَةَ فَإِذَا كَانَ الشَّارِعُ مُرِيدًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ الأَْدْنَى فَالأَْعْلَى أَوْلَى بِالدَّفْعِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَرَاحِل طَلَبِ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> عَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يُظْهِرَ رَغْبَتَهُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ بِمَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ، ثُمَّ يُؤَكِّدَ هَذِهِ الرَّغْبَةَ وَيُعْلِنَهَا وَيُسَمَّى هَذَا طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالإِْشْهَادِ، فَإِذَا لَمْ تَتِمَّ لَهُ الشُّفْعَةُ تَقَدَّمَ لِلْقَضَاءِ بِمَا يُسَمَّى بِطَلَبِ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" قضى بالشفعة. . . " تقدم تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> إعلام الموقعين 2 / 250.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 5 / 242، والبدائع 6 / 2710، الهداية مع فتح القدير 9 / 382، المبسوط 14 / 92، ابن عابدين 6 / 224 - 225، تكملة المجموع 14 / 144، المغني 5 / 477، منتهى الإرادات 1 / 528، المقنع 2 / 260.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٨)</span><hr/></div>أ -‌<span class="title">‌ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> وَقْتُ هَذَا الطَّلَبِ هُوَ وَقْتُ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ، وَعِلْمُهُ بِالْبَيْعِ قَدْ يَحْصُل بِسَمَاعِهِ بِالْبَيْعِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَحْصُل بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ لَهُ.</p>وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ فِي الْمُخْبِرِ.</p>فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يُشْتَرَطُ أَحَدُ هَذَيْنِ إِمَّا الْعَدَدُ فِي الْمُخْبِرِ وَهُوَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَإِمَّا الْعَدَالَةُ.</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَلَا الْعَدَالَةُ، فَلَوْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِالشُّفْعَةِ عَدْلاً كَانَ أَوْ فَاسِقًا، فَسَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ عَلَى فَوْرِ الْخَبَرِ عَلَى رِوَايَةِ الأَْصْل أَوْ لَمْ يَطْلُبْ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ. بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَهُمَا إِذَا ظَهَرَ كَوْنُ الْخَبَرِ صَادِقًا. وَذَلِكَ لأَِنَّ الْعَدَدَ وَالْعَدَالَةَ لَا يُعْتَبَرَانِ شَرْعًا فِي الْمُعَامَلَاتِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَلَا الْعَدَالَةُ.</p>وَوَجْهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ هَذَا إِخْبَارٌ فِيهِ مَعْنَى الإِْلْزَامِ. أَلَا تَرَى أَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ يَبْطُل لَوْ لَمْ يَطْلُبْ بَعْدَ الْخَبَرِ فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَحَدُ شَرْطَيِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْعَدَدُ أَوِ الْعَدَالَةُ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2710، الهداية مع فتح القدير 9 / 384.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>29 -</font> وَشَرْطُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ فَوْرِ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ (1) . إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَسَكَتَ عَنِ الطَّلَبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَطَل حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي رِوَايَةِ الأَْصْل. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَخِيَارِ الْقَبُول مَا لَمْ يَقُمْ عَنِ الْمَجْلِسِ أَوْ يَتَشَاغَل عَنِ الطَّلَبِ بِعَمَلٍ آخَرَ لَا تَبْطُل شُفْعَتُهُ وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ نَظَرًا لِلشَّفِيعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّأَمُّل أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ هَل تَصْلُحُ بِمِثْل هَذَا الثَّمَنِ وَأَنَّهُ هَل يَتَضَرَّرُ بِجِوَارِ هَذَا الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، أَمْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ فَيَتْرُكُ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، وَالْحَاجَةُ إِلَى التَّأَمُّل شَرْطُ الْمَجْلِسِ فِي جَانِبِ الْمُخَيَّرَةِ، وَالْقَبُول، كَذَا هَاهُنَا. وَوَجْهُ رِوَايَةِ الأَْصْل مَا رُوِيَ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال: الشُّفْعَةُ كَحَل الْعِقَال (2) وَلأَِنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، إِذِ الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ تَمَلُّكُ مَالٍ مَعْصُومٍ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ لِخَوْفِ ضَرَرٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 5 / 243، ابن عابدين 6 / 224 - 225، منتهى الإرادات 1 / 528، المقنع 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الشفعة كحل العقال " أخرجه ابن ماجه (2 / 835 - ط. الحلبي) من حديث ابن عمر، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 62 - ط دار الجنان) ، وانظر سبل السلام 3 / 76.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٩)</span><hr/></div>يَحْتَمِل الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فَلَا يَسْتَقِرُّ إِلَاّ بِالطَّلَبِ عَلَى الْمُوَاثَبَةِ (1) .</p>وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْمُوَاثَبَةِ حَالَاتٍ يُعْذَرُ فِيهَا بِالتَّأْخِيرِ كَمَا إِذَا سَمِعَ بِالْبَيْعِ فِي حَال سَمَاعِهِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْل طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (2) .</p>وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ مَخُوفٌ، أَوْ أَرْضٌ مَسْبَعَةٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَانِعِ، لَا تَبْطُل شُفْعَتُهُ بِتَرْكِ الْمُوَاثَبَةِ إِلَى أَنْ يَزُول الْحَائِل (3) .</p><font color=#ff0000>30 -</font> وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ بَل وَقْتُ وُجُوبِهَا مُتَّسِعٌ، وَاخْتَلَفَ قَوْل مَالِكٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ هَل هُوَ مَحْدُودٌ أَمْ لَا؟ فَمَرَّةً قَال: هُوَ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَأَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا، إِلَاّ أَنْ يُحْدِثَ الْمُبْتَاعُ بِنَاءً أَوْ تَغْيِيرًا كَثِيرًا بِمَعْرِفَتِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ، وَمَرَّةً حَدَّدَ هَذَا الْوَقْتَ بِسَنَةٍ، وَهُوَ الأَْشْهَرُ كَمَا يَقُول ابْنُ رُشْدٍ وَقِيل أَكْثَرُ مِنَ السَّنَةِ وَقَدْ قِيل عَنْهُ إِنَّ الْخَمْسَةَ الأَْعْوَامَ لَا تَنْقَطِعُ فِيهَا الشُّفْعَةُ (4) .</p><font color=#ff0000>31 -</font> وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ يَجِبُ طَلَبُهَا عَلَى الْفَوْرِ لأَِنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2711، الهداية مع فتح القدير 9 / 382.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 6 / 224، 225.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 6 / 2713، الهداية مع الفتح 9 / 384، والزيلعي 5 / 242.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بداية المجتهد لابن رشد 2 / 263 وما بعدها، والدسوقي على الشرح الكبير 3 / 484.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٠)</span><hr/></div>فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ الأَْصْل وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:</p>أَحَدُهَا: أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مُؤَقَّتٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْمُكْنَةِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إِلَى ثَلَاثٍ كَانَ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ مَضَتِ الثَّلَاثُ قَبْل طَلَبِهِ بَطَلَتْ.</p>وَالْقَوْل الثَّانِي: تَمْتَدُّ مُدَّةً تَسَعُ التَّأَمُّل فِي مِثْل ذَلِكَ الشِّقْصِ.</p>وَالثَّالِثُ: أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مُمْتَدٌّ عَلَى التَّأْبِيدِ مَا لَمْ يُسْقِطْهُ أَوْ يُعَرِّضْ بِإِسْقَاطِهِ (1) .</p>وَقَدِ اسْتَثْنَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَشْرَ صُوَرٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَوْرُ هِيَ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ مَا دَامَ الْخِيَارُ بَاقِيًا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إِنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ لاِنْتِظَارِ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ حَصَادَهُ عَلَى الأَْصَحِّ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> إِذَا أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ عَلَى غَيْرِ مَا وَقَعَ مِنْ زِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ فَتَرَكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَحَقُّهُ بَاقٍ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> إِذَا كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ غَائِبًا فَلِلْحَاضِرِ انْتِظَارُهُ وَتَأْخِيرُ الأَْخْذِ إِلَى حُضُورِهِ.</p><font color=#ff0000>(5)</font> إِذَا اشْتَرَى بِمُؤَجَّلٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 307، ونهاية المحتاج 5 / 213.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(6)</font> لَوْ قَال: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي الشُّفْعَةَ وَهُوَ مِمَّنْ - يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ.</p><font color=#ff0000>(7)</font> لَوْ قَال الْعَامِّيُّ. لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبُول قَوْلِهِ.</p><font color=#ff0000>(8)</font> لَوْ كَانَ الشِّقْصُ الَّذِي يَأْخُذُ بِسَبَبِهِ مَغْصُوبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ فَقَال: وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ شِقْصٌ مِنْ دَارٍ فَغَصَبَ عَلَى نَصِيبِهِ ثُمَّ بَاعَ الآْخَرُ نَصِيبَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ سَاعَةَ رُجُوعِهِ إِلَيْهِ، نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ.</p><font color=#ff0000>(9)</font> الشُّفْعَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْوَلِيُّ لِلْيَتِيمِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ، بَل حَقُّ الْوَلِيِّ عَلَى التَّرَاخِي قَطْعًا، حَتَّى لَوْ أَخَّرَهَا أَوْ عَفَا عَنْهَا لَمْ يَسْقُطْ لأَِجْل الْيَتِيمِ.</p><font color=#ff0000>(10)</font> لَوْ بَلَغَهُ الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ فَأَخَّرَ لِيَعْلَمَ لَا يَبْطُل، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (1) .</p><font color=#ff0000>32 -</font> وَالصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ إِنْ طَالَبَ بِهَا سَاعَةَ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ وَإِلَاّ بَطَلَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَحُكِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى التَّرَاخِي لَا تَسْقُطُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَى مِنْ عَفْوٍ أَوْ مُطَالَبَةٍ بِقِسْمَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 307.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 477، وما بعدها، منتهى الإرادات 1 / 528، المقنع 2 / 260.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥١)</span><hr/></div>وَإِنْ كَانَ لِلشَّفِيعِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ الطَّلَبَ مِثْل أَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْبَيْعِ فَأَخَّرَ إِلَى أَنْ عَلِمَ وَطَالَبَ سَاعَةَ عَلِمَ أَوْ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ لَيْلاً فَأَخَّرَ الطَّلَبَ إِلَى الصُّبْحِ أَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُل وَيَشْرَبَ، أَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ مُحْدِثٌ لِطَهَارَةٍ أَوْ إِغْلَاقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنَ الْحَمَّامِ أَوْ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ بِسُنَنِهَا، أَوْ لِيَشْهَدَهَا فِي جَمَاعَةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا وَنَحْوِهِ، كَمَنْ عَلِمَ وَقَدْ ضَاعَ مِنْهُ مَالٌ فَأَخَّرَ الطَّلَبَ يَلْتَمِسُ مَا سَقَطَ مِنْهُ لَمْ تَسْقُطِ الشُّفْعَةُ، لأَِنَّ الْعَادَةَ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْحَوَائِجِ وَنَحْوِهَا عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يَكُونُ الاِشْتِغَال بِهَا رِضًا بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ، كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ أَوْ يُحَرِّكَ دَابَّتَهُ فَلَمْ يَفْعَل وَمَضَى عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا عِنْدَ الشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الأَْحْوَال، فَتَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ؛ لأَِنَّهُ مَعَ حُضُورِهِ يُمْكِنُهُ مُطَالَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ عَنْ أَشْغَالِهِ إِلَاّ الصَّلَاةَ فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ لِلصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشَّفِيعِ؛ لأَِنَّ الْعَادَةَ تَأْخِيرُ الْكَلَامِ عَنِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ عَلَى الشَّفِيعِ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ - وَلَا الاِقْتِصَارُ عَلَى أَقَل مَا يُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 4 / 141، 142.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الإِْشْهَادُ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> الإِْشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ صَحَّ طَلَبُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا الإِْشْهَادُ لِلإِْظْهَارِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الإِْنْكَارِ؛ لأَِنَّ مِنَ الْجَائِزِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُصَدِّقُ الشَّفِيعَ فِي الطَّلَبِ أَوْ لَا يُصَدِّقُهُ فِي الْفَوْرِ وَيَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى الإِْظْهَارِ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ التَّصْدِيقِ، لَا أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةِ الطَّلَبِ، هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. قَال الشَّافِعِيَّةُ إِنْ كَانَ لِلشَّفِيعِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ، فَلْيُوَكِّل فِي الْمُطَالَبَةِ أَوْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهَا بَطَل حَقُّهُ فِي الأَْظْهَرِ (1) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِسَيْرِهِ إِلَى الْمُشْتَرِي فِي طَلَبِهَا بِلَا إِشْهَادٍ، وَلَا تَسْقُطُ إِنْ أَخَّرَ طَلَبَهُ بَعْدَ الإِْشْهَادِ، أَيْ إِنَّ الْحَنَابِلَةَ يَشْتَرِطُونَ الإِْشْهَادَ لِصِحَّةِ الطَّلَبِ (2) . وَيَصِحُّ الطَّلَبُ بِكُل لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ كَمَا لَوْ قَال: طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَطْلُبُهَا أَوْ أَنَا طَالِبُهَا، لأَِنَّ الاِعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2711، الهداية مع فتح القدير 9 / 383، ومغني المحتاج 2 / 307.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منتهى الإرادات 1 / 528، المقنع 2 / 260 - 261.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع فتح القدير 9 / 383، تبيين الحقائق 5 / 243، ابن عابدين 6 / 225، ومنتهى الإرادات 1 / 528.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٢)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ طَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالإِْشْهَادِ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ اخْتَصَّ بِذِكْرِهَا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَنْ يُشْهِدَ وَيَطْلُبَ التَّقْرِيرَ (1) وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ هُوَ أَنْ يُشْهِدَ الشَّفِيعُ عَلَى الْبَائِعِ إِنْ كَانَ الْعَقَارُ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ، أَوْ عِنْدَ الْمَبِيعِ بِأَنَّهُ طَلَبَ وَيَطْلُبُ فِيهِ الشُّفْعَةَ الآْنَ.</p>وَالشَّفِيعُ مُحْتَاجٌ إِلَى الإِْشْهَادِ لإِِثْبَاتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يُمْكِنُهُ الإِْشْهَادُ ظَاهِرًا عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لأَِنَّهُ عَلَى فَوْرِ الْعِلْمِ بِالشِّرَاءِ - عِنْدَ الْبَعْضِ - فَيَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى طَلَبِ الإِْشْهَادِ وَالتَّقْرِيرِ (2) .</p><font color=#ff0000>35 -</font> وَلِبَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ نَقُول: الْمَبِيعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنَ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ عِنْدَ الْمَبِيعِ.</p>أَمَّا الطَّلَبُ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَلأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمٌ، الْبَائِعُ بِالْيَدِ وَالْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ، فَصَحَّ الطَّلَبُ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا.</p>وَأَمَّا الطَّلَبُ عِنْدَ الْمَبِيعِ فَلأَِنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 5 / 244، حاشية ابن عابدين 6 / 225.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية مع فتح القدير 9 / 383.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٢)</span><hr/></div>بِهِ، فَإِنْ سَكَتَ عَنِ الطَّلَبِ مِنْ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَعِنْدَ الْمَبِيعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لأَِنَّهُ فَرَّطَ فِي الطَّلَبِ.</p>وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ عِنْدَ الْمَبِيعِ، وَلَا يَطْلُبُ مِنَ الْبَائِعِ لأَِنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِزَوَال يَدِهِ وَلَا مِلْكَ لَهُ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الأَْجْنَبِيِّ.</p>هَذَا إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمَبِيعِ (1) .</p>وَالإِْشْهَادُ عَلَى طَلَبِ التَّقْرِيرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِتَوْثِيقِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الإِْنْكَارِ كَمَا فِي طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ. وَتَسْمِيَةُ الْمَبِيعِ وَتَحْدِيدُهُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الطَّلَبِ وَالإِْشْهَادِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ شَرْطٌ؛ لأَِنَّ الطَّلَبَ لَا يَصِحُّ إِلَاّ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالْعَقَارُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إِلَاّ بِالتَّحْدِيدِ فَلَا يَصِحُّ الطَّلَبُ وَالإِْشْهَادُ بِدُونِهِ (2) .</p><font color=#ff0000>36 -</font> وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَلْفَاظِ الطَّلَبِ، وَصَحَّحَ الْكَاسَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُل عَلَى الطَّلَبِ أَيَّ لَفْظٍ كَانَ يَكْفِي، نَحْوُ أَنْ يَقُول: ادَّعَيْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ سَأَلْتُ الشُّفْعَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُل عَلَى الطَّلَبِ، قَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2713، الهداية مع فتح القدير 9 / 384، الزيلعي شرح الكنز 5 / 242.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 714 م والهداية مع فتح القدير 9 / 385.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٣)</span><hr/></div>الْكَاسَانِيُّ: لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الطَّلَبِ، وَمَعْنَى الطَّلَبِ يَتَأَدَّى بِكُل لَفْظٍ يَدُل عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِلَفْظِ الطَّلَبِ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَمِنْ صُوَرِ هَذَا الطَّلَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَهِيَ أَنْ يَقُول الشَّفِيعُ: إِنَّ فُلَانًا اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ وَأَنَا شَفِيعُهَا، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَأَطْلُبُهَا الآْنَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ (1) .</p><font color=#ff0000>37 -</font> وَأَمَّا حُكْمُ هَذَا الطَّلَبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَهُوَ اسْتِقْرَارُ الْحَقِّ، فَالشَّفِيعُ إِذَا أَتَى بِطَلَبَيْنِ صَحِيحَيْنِ (طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ) اسْتَقَرَّ الْحَقُّ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْطُل بِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ أَمَامَ الْقَاضِي بِالأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَبَدًا حَتَّى يُسْقِطَهَا بِلِسَانِهِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَال: إِذَا تَرَكَ الْمُخَاصَمَةَ إِلَى الْقَاضِي فِي زَمَانٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَلَمْ يُؤَقِّتْ فِيهِ وَقْتًا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِمَا يَرَاهُ الْقَاضِي، وَقَال مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ، إِذَا مَضَى شَهْرٌ بَعْدَ الطَّلَبِ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا وَبِهِ أَخَذَتِ الْمَجَلَّةُ (2) . وَجْهُ قَوْل مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ: أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الشَّفِيعِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2714، والهداية مع فتح القدير 9 / 385، والزيلعي 5 / 244.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجلة الأحكام العدلية م (1034) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٣)</span><hr/></div>الإِْنْسَانِ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ الإِْضْرَارَ بِغَيْرِهِ، وَفِي إِبْقَاءِ هَذَا الْحَقِّ بَعْدَ تَأْخِيرِ الْخُصُومَةِ أَبَدًا إِضْرَارٌ بِالْمُشْتَرِي؛ لأَِنَّهُ لَا يَبْنِي وَلَا يَغْرِسُ خَوْفًا مِنَ النَّقْضِ وَالْقَلْعِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ بِزَمَانٍ، وَقُدِّرَ بِالشَّهْرِ لأَِنَّهُ أَدْنَى الآْجَال، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ فَرَّطَ فِي الطَّلَبِ فَتَبْطُل شُفْعَتُهُ.</p>وَوَجْهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الْحَقَّ لِلشَّفِيعِ قَدْ ثَبَتَ بِالطَّلَبَيْنِ وَالأَْصْل أَنَّ الْحَقَّ مَتَى ثَبَتَ لإِِنْسَانٍ لَا يَبْطُل إِلَاّ بِإِبْطَالِهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْمُطَالَبَةِ مِنْهُ لَا يَكُونُ إِبْطَالاً، كَتَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ هُوَ طَلَبُ الْمُخَاصَمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَيَلْزَمُ أَنْ يَطْلُبَ الشَّفِيعُ وَيُدْعَى فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بَعْدَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالإِْشْهَادِ.</p>وَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِتَأْخِيرِ هَذَا الطَّلَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَال مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ إِنْ تَرَكَهَا شَهْرًا بَعْدَ الإِْشْهَادِ بَطَلَتْ.</p>وَلَا فَرْقَ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ لَا تَبْطُل شُفْعَتُهُ بِالتَّأْخِيرِ بِالاِتِّفَاقِ. لأَِنَّهُ لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2714 وما بعدها، تبيين الحقائق 5 / 244.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٤)</span><hr/></div>يَتَمَكَّنُ مِنَ الْخُصُومَةِ إِلَاّ عِنْدَ الْقَاضِي فَكَانَ عُذْرًا.</p>وَإِذَا تَقَدَّمَ الشَّفِيعُ إِلَى الْقَاضِي فَادَّعَى الشِّرَاءَ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ سَأَلَهُ الْقَاضِي فَإِنِ اعْتَرَفَ بِمِلْكِهِ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ، وَإِلَاّ كَلَّفَهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لأَِنَّ الْيَدَ ظَاهِرٌ مُحْتَمَلٌ فَلَا تَكْفِي لإِِثْبَاتِ الاِسْتِحْقَاقِ (1) .</p>فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْبَيِّنَةِ اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ بِاللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَالِكٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ مِمَّا يَشْفَعُ بِهِ، فَإِنْ نَكَل أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ ثَبَتَ حَقُّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يَسْأَل الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَل ابْتَاعَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ أَنْكَرَ الاِبْتِيَاعَ قِيل لِلشَّفِيعِ: أَقِمِ الْبَيِّنَةَ لأَِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجِبُ إِلَاّ بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَيْعِ وَثُبُوتُهُ بِالْحُجَّةِ - فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ بِاللَّهِ مَا ابْتَاعَ أَوْ بِاللَّهِ مَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ شُفْعَةً مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ.</p>وَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ إِحْضَارُ الثَّمَنِ وَقْتَ الدَّعْوَى بَل بَعْدَ الْقَضَاءِ، فَيَجُوزُ لَهُ الْمُنَازَعَةُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرِ الثَّمَنَ إِلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية مع فتح القدير 9 / 385، وانظر شرح الكنز 5 / 245، وابن عابدين 6 / 226.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 9 / 386، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 5 / 245.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشُّفْعَةُ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَلِلذِّمِّيِّ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَاخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِهَا لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، إِلَى ثُبُوتِهَا لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ أَيْضًا (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الشُّفْعَةِ الَّتِي سَبَقَتْ كَحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُل شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يَحِل لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (2) .</p>وَبِالإِْجْمَاعِ لِمَا رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَأَجَازَهُ وَأَقَرَّهُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 14 / 93، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 5 / 249 - 250، وحاشية الدسوقي 3 / 473، الخرشي 6 / 162، الشرح الصغير للدردير 2 / 227، مواهب الجليل 5 / 310، منح الجليل على مختصر خليل 3 / 583، ونهاية المحتاج 5 / 196، مغني المحتاج 2 / 298، فتح العزيز 11 / 392.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر:" قضى بالشفعة " تقدم تخريجه ف 4.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٥)</span><hr/></div>يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا (1) .</p>وَلأَِنَّ الذِّمِّيَّ كَالْمُسْلِمِ فِي السَّبَبِ وَالْحِكْمَةِ وَهُمَا اتِّصَال الْمِلْكِ بِالشَّرِكَةِ أَوِ الْجِوَارِ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الشَّرِيكِ أَوِ الْجَارِ، فَكَمَا جَازَتِ الشُّفْعَةُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَكَذَلِكَ تَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ ثُبُوتِهَا لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ (3)، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَل عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَا شُفْعَةَ لِنَصْرَانِيٍّ (4) .</p>وَبِأَنَّ الشَّرِيعَةَ إِنَّمَا قَصَدَتْ مِنْ وَرَاءِ تَشْرِيعِ الشُّفْعَةِ الرِّفْقَ بِالشَّفِيعِ، وَالرِّفْقُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَاّ مَنْ أَقَرَّ بِهَا وَعَمِل بِمُقْتَضَاهَا وَالذِّمِّيُّ لَمْ يُقِرَّ بِهَا وَلَمْ يَعْمَل بِمُقْتَضَاهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ الرِّفْقَ الْمَقْصُودَ بِتَشْرِيعِ الشُّفْعَةِ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ.</p>وَبِأَنَّ فِي إِثْبَاتِ الشُّفْعَةِ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ تَسْلِيطًا لَهُ عَلَيْهِ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بِالاِتِّفَاقِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الهداية 7 / 436، المبسوط 14 / 93.</p><font color=#ff0000>(2)</font> العناية 5 / 436، ومنح الجليل 3 / 583.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 5 / 551، منتهى الإرادات 1 / 535، المقنع 2 / 275.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" لا شفعة لنصراني. . . " أخرجه البيهقي (6 / 108 - ط. دائرة المعارف العثمانية) واستنكره، ونقل عن ابن عدي إعلاله.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 5 / 551.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الشُّفَعَاءِ وَتَزَاحُمُهُمْ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً. عِنْدَ اتِّحَادِ سَبَبِ الشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْزِيعِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ عَلَى الشُّفَعَاءِ عِنْدَ اتِّحَادِ سَبَبِ الشُّفْعَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِأَنْ كَانُوا جَمِيعًا مِنْ رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ - أَيْ شُرَكَاءَ مَثَلاً -</p>فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، فِي الأَْظْهَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ وُزِّعَتِ الشُّفْعَةُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ الْحِصَصِ مِنَ الْمِلْكِ، لَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ بِالْمِلْكِ فَقُسِّطَ عَلَى قَدْرِهِ كَالأُْجْرَةِ وَالثَّمَنِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ: وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ، إِلَى أَنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ.</p>وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ السَّبَبَ فِي مَوْضُوعِ الشَّرِكَةِ أَصْل الشَّرِكَةِ، وَقَدِ اسْتَوَيَا فِيهِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الاِسْتِحْقَاقِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 3 / 486، وما بعدها، شرح منح الجليل 3 / 586، بلغة السالك 2 / 233، الخرشي 6 / 173، مواهب الجليل 5 / 325، ومغني المحتاج 2 / 305، نهاية المحتاج 5 / 211، الأم 4 / 3، حاشية البجيرمي 3 / 143، والمغني 5 / 523، ومنتهى الإرادات 1 / 529.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2683، 2684، المبسوط 14 / 97، شرح العناية على الهداية 9 / 378، ابن عابدين 6 / 219، شرح الكنز للزيلعي 5 / 241، ونهاية المحتاج 5 / 213، تكملة المجموع 14 / 158، ومنتهى الإرادات 1 / 529، المقنع 2 / 263 - 264.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٦)</span><hr/></div><font color=#ff0000>41 -</font> وَكَمَا يُقْسَمُ الْمَشْفُوعُ فِيهِ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِالتَّسَاوِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، يُقْسَمُ أَيْضًا عَلَى الْجِيرَانِ بِالتَّسَاوِي بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ مِقْدَارِ الْمُجَاوَرَةِ، فَإِذَا كَانَ لِدَارٍ وَاحِدَةٍ شَفِيعَانِ جَارَانِ جِوَارُهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ بِأَنْ كَانَ جِوَارُ أَحَدِهِمَا بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الدَّارِ وَجِوَارُ الآْخَرِ بِسُدُسِهَا، كَانَتِ الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لاِسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ أَصْل الْجِوَارِ.</p>فَالْقَاعِدَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هِيَ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي السَّبَبِ أَصْل الشَّرِكَةِ لَا قَدْرُهَا، وَأَصْل الْجِوَارِ لَا قَدْرُهُ، وَهَذَا يَعُمُّ حَال انْفِرَادِ الأَْسْبَابِ وَاجْتِمَاعِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: عِنْدَ اخْتِلَافِ سَبَبِ الشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>42 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَسْبَابَ الشُّفْعَةِ إِذَا اجْتَمَعَتْ يُرَاعَى فِيهَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الشُّفَعَاءِ فَيُقَدَّمُ الأَْقْوَى فَالأَْقْوَى، فَيُقَدَّمُ الشَّرِيكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ عَلَى الْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ، وَيُقَدَّمُ الْخَلِيطُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ عَلَى الْجَارِ الْمُلَاصِقِ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: الشَّرِيكُ أَحَقُّ مِنَ الْخَلِيطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2683، 2684.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٦)</span><hr/></div>وَالْخَلِيطُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ (1) وَلأَِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي ثُبُوتِ حَقِّ الشُّفْعَةِ هُوَ دَفْعُ ضَرَرِ الدَّخِيل وَأَذَاهُ، وَسَبَبُ وُصُول الضَّرَرِ وَالأَْذَى هُوَ الاِتِّصَال، وَالاِتِّصَال عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ، فَالاِتِّصَال بِالشَّرِكَةِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ أَقْوَى مِنَ الاِتِّصَال بِالْخَلْطِ، وَالاِتِّصَال بِالْخَلْطِ أَقْوَى مِنَ الاِتِّصَال بِالْجِوَارِ، وَالتَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ التَّأْثِيرِ تَرْجِيحٌ صَحِيحٌ. فَإِنْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ وَجَبَتْ لِلْخَلِيطِ.</p>وَإِنِ اجْتَمَعَ خَلِيطَانِ يُقَدَّمُ الأَْخَصُّ عَلَى الأَْعَمِّ، وَإِنْ سَلَّمَ الْخَلِيطُ وَجَبَتْ لِلْجَارِ لِمَا قُلْنَا، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ الشَّرِيكُ فَلَا شُفْعَةَ لِغَيْرِهِ (2) .</p>فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ لِلْمُتَأَخِّرِ حَقٌّ إِلَاّ إِذَا سَلَّمَ الْمُتَقَدِّمُ، فَإِنْ سَلَّمَ فَلِلْمُتَأَخِّرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ؛ لأَِنَّ السَّبَبَ قَدْ تَقَرَّرَ فِي حَقِّ الْكُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الشريك أحق من الخليط. . . . " قال الزيلعي في نصب الراية (4 / 176 - ط. المجلس العلمي) : " غريب، وذكره ابن الجوزي في التحقيق وقال: إنه حديث لا يعرف، وإنما المعروف ما رواه سعيد بن منصور. . ثم ذكر إسناده إلى الشعبي قال: قال رسول الله صلى الل</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2690، المبسوط 14 / 94 - 96، تكملة فتح القدير 9 / 375، تبيين الحقائق 5 / 239، 240، ابن عابدين 6 / 219 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>إِلَاّ أَنَّ لِلشَّرِيكِ حَقَّ التَّقَدُّمِ.</p>وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْجَارُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ مَعَ الشَّرِيكِ إِذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ لِيُمْكِنَهُ الأَْخْذُ إِذَا سَلَّمَ الشَّرِيكُ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ حَتَّى سَلَّمَ الشَّرِيكُ فَلَا يَحِقُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (1) . وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَا يُثْبِتُونَ الشُّفْعَةَ إِلَاّ لِلشَّرِيكِ فِي الْمِلْكِ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَا يَتَأَتَّى التَّزَاحُمُ عِنْدَهُمْ لأَِنَّهُمْ وَإِنْ وَافَقُوهُمْ فِي ذَلِكَ، إِلَاّ أَنَّهُمْ ذَهَبُوا مَذْهَبًا آخَرَ فَجَعَلُوهَا لِلشُّرَكَاءِ فِي الْعَقَارِ دُونَ تَرْتِيبٍ إِذَا مَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ عِنْدَمَا يَكُونُ كُل شَرِيكٍ أَصْلاً فِي الشَّرِكَةِ لَا خَلَفًا فِيهَا عَنْ غَيْرِهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ خَلَفًا فِي الشَّرِكَةِ عَنْ غَيْرِهِ دُونَ بَعْضٍ فَلَا تَكُونُ لَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ الشَّرِيكُ فِي السَّهْمِ الْمُبَاعِ بَعْضُهُ عَلَى الشَّرِيكِ فِي أَصْل الْعَقَارِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْوَرَثَةِ، فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ جَدَّتَيْنِ، وَزَوْجَتَيْنِ، وَشَقِيقَتَيْنِ، فَبَاعَتْ إِحْدَى هَؤُلَاءِ حَظَّهَا مِنَ الدَّارِ كَانَتِ الشُّفْعَةُ أَوَّلاً لِشَرِيكَتِهَا فِي السَّهْمِ دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَالشَّرِيكِ الأَْجْنَبِيِّ، فَتَكُونُ الْجَدَّةُ - مَثَلاً - أَوْلَى بِمَا تَبِيعُ صَاحِبَتُهَا (وَهِيَ الْجَدَّةُ الأُْخْرَى) لاِشْتِرَاكِهِمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العناية على الهداية 9 / 376، والبدائع 6 / 2690، والمبسوط 14 / 96، وتبيين الحقائق 5 / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>فِي السُّدُسِ، وَهَكَذَا (1) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا، إِنْ أَعَارَ شَخْصٌ أَرْضَهُ لِقَوْمٍ يَبْنُونَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسُونَ فِيهَا فَفَعَلُوا ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمْ حَظَّهُ مِنَ الْبِنَاءِ أَوِ الشَّجَرِ قُدِّمَ الشَّخْصُ الْمُعِيرُ عَلَى شُرَكَاءِ الْبَائِعِ فِي أَخْذِ الْحَظِّ الْمَبِيعِ بِقِيمَةِ نَقْضِهِ مَنْقُوضًا أَوْ بِثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ فَالْخِيَارُ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ، هَذَا فِي الإِْعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُنْقَضْ فَقَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ قَبْل انْقِضَاءِ أَمَدِ الإِْعَارَةِ عَلَى الْبَقَاءِ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ وَلَا مَقَال لِرَبِّ الأَْرْضِ إِنْ بَاعَهُ عَلَى الْبَقَاءِ، وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى النَّقْضِ قُدِّمَ رَبُّ الأَْرْضِ.</p>فَإِذَا بَنَى رَجُلَانِ فِي عَرْصَةِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنَ النَّقْضِ فَلِرَبِّ الأَْرْضِ أَخْذُهُ بِالأَْقَل مِنْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَوْ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ لِلضَّرَرِ إِذْ هُوَ أَصْل الشُّفْعَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: مُزَاحَمَةُ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ لِغَيْرِهِ مِنَ الشُّفَعَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي شَفِيعًا، فَإِنَّهُ يُزَاحِمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منح الجليل على مختصر خليل 3 / 602، الخرشي 6 / 177 - 178، حاشية الدسوقي 3 / 492 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منح الجليل 3 / 592، مواهب الجليل 5 / 318، الخرشي 6 / 167 - 168.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>غَيْرَهُ مِنَ الشُّفَعَاءِ بِقُوَّةِ سَبَبِهِ وَيُزَاحِمُونَهُ كَذَلِكَ بِقُوَّةِ السَّبَبِ وَيُقَاسِمُهُمْ وَيُقَاسِمُونَهُ إِذَا كَانُوا مِنْ دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ.</p>فَالْمُشْتَرِي الشَّفِيعُ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ دُونَهُ فِي سَبَبِ الشُّفْعَةِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي السَّبَبِ (1) .</p>وَعَلَى هَذَا إِذَا تَسَاوَى الْمُشْتَرِي مَعَ الشُّفَعَاءِ فِي الرُّتْبَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَفِيعًا مِثْلَهُمْ فَيُشَارِكُهُمْ وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمْ عَلَى الآْخَرِ بِشَيْءٍ وَيُقْسَمُ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِهِمْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ عِنْدَ غَيْرِهِمْ كَمَا هُوَ أَصْل كُلٍّ مِنْهُمْ فِي تَقْسِيمِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ عَلَى الشُّفَعَاءِ فِي حَالَةِ مَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌طَرِيقُ التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ إِلَاّ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي بِالتَّرَاضِي، أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي.</p>أَمَّا التَّمَلُّكُ بِالتَّسْلِيمِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ؛ لأَِنَّ الأَْخْذَ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهندية 5 / 178 - 488، حاشية ابن عابدين 6 / 239، شرح منح الجليل على مختصر خليل 3 / 602، الخرشي 6 / 164.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة، والمغني 5 / 525 وما بعدها، وانظر منتهى الإرادات 1 / 530، المقنع 2 / 264.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>بِبَدَلٍ يَبْذُلُهُ الشَّفِيعُ وَهُوَ الثَّمَنُ يُفَسِّرُ الشِّرَاءَ وَالشِّرَاءُ تَمَلُّكٌ.</p>وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي فَلأَِنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ عَنْ مَالِكِهِ إِلَى غَيْرِهِ قَهْرًا، فَافْتَقَرَ إِلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَأَخْذِ دَيْنِهِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَقَال بَعْضُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ: الْبَيْعُ لَا يُنْتَقَضُ بَل تَتَحَوَّل الصَّفْقَةُ إِلَى الشَّفِيعِ.</p>وَقَال بَعْضُهُمْ: يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَيَنْعَقِدُ لِلشَّفِيعِ بَيْعٌ آخَرُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَوَجْهُ مَنْ قَال بِالتَّحَوُّل، أَنَّ الْبَيْعَ لَوِ انْتَقَضَ لِتَعَذُّرِ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ مِنْ شَرَائِطِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَإِذَا انْتُقِضَ لَمْ يَجِبْ فَتَعَذَّرَ الأَْخْذُ.</p>وَوَجْهُ مَنْ قَال إِنَّهُ يُنْتَقَضُ، نَصَّ كَلَامِ مُحَمَّدٍ حَيْثُ قَال: انْتُقِضَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ.</p>وَمِنَ الْمَعْقُول أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا قَضَى بِالشُّفْعَةِ قَبْل الْقَبْضِ فَقَدْ عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَالْعَجْزُ عَنْ قَبْضِهِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ لِخُلُوِّهِ عَنِ الْفَائِدَةِ، كَمَا إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْل الْقَبْضِ.</p>وَلأَِنَّ الْمِلْكَ قَبْل الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي لِوُجُودِ آثَارِ الْمِلْكِ فِي حَقِّهِ وَلَوْ تَحَوَّل الْمِلْكُ إِلَى</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div>الشَّفِيعِ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي (1) .</p><font color=#ff0000>45 -</font> وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ مِنْهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَالْبَيْعُ الأَْوَّل صَحِيحٌ؛ لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ التَّمَلُّكِ وَقَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيُجْعَل كَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ.</p>ثُمَّ إِذَا أَخَذَ الدَّارَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إِلَى الْبَائِعِ وَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنَ الْبَائِعِ إِنْ كَانَ قَدْ نَقَدَ.</p>وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي دَفَعَ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْعُهْدَةَ هِيَ مِنَ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الاِسْتِحْقَاقِ فَيَكُونُ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ.</p>وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضِ الدَّارَ حَتَّى قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الدَّارَ مِنَ الْبَائِعِ وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْقُدْ دَفَعَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ إِلَى الْبَائِعِ، وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ (2) .</p><font color=#ff0000>46 -</font> وَشَرْطُ جَوَازِ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: حُضُورُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2724، وابن عابدين 6 / 219، وتبيين الحقائق 5 / 242.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2725، 2726 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div>جَمِيعًا؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمٌ، أَمَّا الْبَائِعُ فَبِالْيَدِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَبِالْمِلْكِ فَكَانَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا لِئَلَاّ يَكُونَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ.</p>وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَحُضُورُ الْبَائِعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَيُكْتَفَى بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي لأَِنَّ الْبَائِعَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِزَوَال مِلْكِهِ وَيَدِهِ عَنِ الْمَبِيعِ فَصَارَ كَالأَْجْنَبِيِّ، وَكَذَا حُضُورُ الشَّفِيعِ أَوْ وَكِيلِهِ شَرْطُ جَوَازِ الْقَضَاءِ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، لأَِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا لَا يَجُوزُ، فَالْقَضَاءُ لِلْغَائِبِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا، ثُمَّ الْقَاضِي إِذَا قَضَى بِالشُّفْعَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ وَلَا يَقِفُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ؛ لأَِنَّ الْمِلْكَ لِلشَّفِيعِ يَثْبُتُ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ، وَالشِّرَاءُ الصَّحِيحُ يُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ (1) .</p><font color=#ff0000>47 -</font> وَوَقْتُ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، هُوَ وَقْتُ الْمُنَازَعَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِهَا فَإِذَا طَالَبَهُ بِهَا الشَّفِيعُ يَقْضِي لَهُ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ، سَوَاءٌ أَحْضَرَ الثَّمَنَ أَمْ لَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ مِنَ الشَّفِيعِ وَلِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لاِسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَنْقُدَ حَبَسَهُ الْقَاضِي؛ لأَِنَّهُ ظَهَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2727، المبسوط 14 / 102، تبيين الحقائق على الكنز 5 / 245، 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div>ظُلْمُهُ بِالاِمْتِنَاعِ مِنْ إِيفَاءِ حَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَيَحْبِسُهُ وَلَا يَنْقُضُ الشُّفْعَةَ، وَإِنْ طَلَبَ أَجَلاً أَجَّلَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً؛ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ النَّقْدُ لِلْحَال فَيَحْتَاجُ إِلَى مُدَّةٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنَ النَّقْدِ فَيُمْهِلُهُ وَلَا يَحْبِسُهُ، فَإِنْ مَضَى الأَْجَل وَلَمْ يَنْقُدْ حَبَسَهُ.</p>وَقَال مُحَمَّدٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُحْضِرَ الشَّفِيعُ الْمَال، فَإِنْ طَلَبَ أَجَلاً أَجَّلَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ قَضَى بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ أَبَى الشَّفِيعُ أَنْ يَنْقُدَ حَبَسَهُ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُ الشِّقْصَ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ:</p>أ - حُكْمُ الْحَاكِمِ لَهُ.</p>ب - دَفْعُ ثَمَنٍ مِنَ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي.</p>ج - الإِْشْهَادُ بِالأَْخْذِ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي، وَقِيل لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحُضُورِهِ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ الْحَاكِمِ، وَلَا إِحْضَارُ الثَّمَنِ، وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَلَا رِضَاهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ مِنْ لَفْظٍ، كَقَوْلِهِ: تَمَلَّكْتُ، أَوِ اخْتَرْتُ الأَْخْذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2728، الزيلعي 5 / 245.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 3 / 487، وما بعدها، الخرشي 6 / 174.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div>أَخَذْتُهُ بِالشُّفْعَةِ، وَمَا أَشْبَهَهُ. وَإِلَاّ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعَاطَاةِ. وَلَوْ قَال. أَنَا مُطَالِبٌ بِالشُّفْعَةِ، لَمْ يَحْصُل بِهِ التَّمَلُّكُ عَلَى الأَْصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي. وَلِذَلِكَ قَالُوا: يُعْتَبَرُ فِي التَّمَلُّكِ بِهَا، أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا لِلشَّفِيعِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فِي الطَّلَبِ. ثُمَّ لَا يَمْلِكُ الشَّفِيعُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، بَل يُعْتَبَرُ مَعَهُ أَحَدُ أُمُورٍ.</p>الأَْوَّل: أَنْ يُسَلِّمَ الْعِوَضَ إِلَى الْمُشْتَرِي، فَيَمْلِكَ بِهِ إِنِ اسْتَلَمَهُ، وَإِلَاّ فَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَوْ يَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي حَتَّى يُلْزِمَهُ التَّسْلِيمَ. قَال النَّوَوِيُّ: أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ الْقَاضِي.</p>الثَّانِي: أَنْ يُسَلِّمَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ وَيَرْضَى بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ، إِلَاّ أَنْ يَبِيعَ، وَلَوْ رَضِيَ بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَمْ يُسَلِّمِ الشِّقْصَ، فَوَجْهَانِ.</p>أَحَدُهُمَا: لَا يَحْصُل الْمِلْكُ؛ لأَِنَّ قَوْل الْمُشْتَرِي وَعْدٌ. وَأَصَحُّهُمَا: الْحُصُول؛ لأَِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، وَالْمِلْكُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَا يَقِفُ عَلَى الْقَبْضِ.</p>الثَّالِثُ: أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَيُثْبِتَ حَقَّهُ بِالشُّفْعَةِ، وَيَخْتَارَ التَّمَلُّكَ، فَيَقْضِيَ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْصُل الْمِلْكُ حَتَّى يَقْبِضَ عِوَضَهُ، أَوْ يَرْضَى بِتَأَخُّرِهِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْحُصُول.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>وَإِذَا مَلَكَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِغَيْرِ الطَّرِيقِ الأَْوَّل، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَسَلَّمَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ، وَأَنْ يُسَلِّمَهُ الْمُشْتَرِي قَبْل أَدَاءِ الثَّمَنِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ حَقَّهُ. وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّمَلُّكِ، أُمْهِل ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَإِنِ انْقَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَسَخَ الْحَاكِمُ تَمَلُّكَهُ، هَكَذَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْجُمْهُورُ. وَقِيل: إِذَا قَصَّرَ فِي الأَْدَاءِ، بَطَل حَقُّهُ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ، رُفِعَ الأَْمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ وَفَسَخَ مِنْهُ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُ الشِّقْصَ بِأَخْذِهِ بِكُل لَفْظٍ يَدُل عَلَى أَخْذِهِ، بِأَنْ يَقُول قَدْ أَخَذْتُهُ بِالثَّمَنِ أَوْ تَمَلَّكْتُهُ بِالثَّمَنِ أَوِ اخْتَرْتُ الأَْخْذَ بِالشُّفْعَةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ وَالشِّقْصُ مَعْلُومَيْنِ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ.</p>وَقَال الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: يَمْلِكُهُ بِالْمُطَالَبَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ السَّابِقَ سَبَبٌ، فَإِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ كَانَ كَالإِْيجَابِ فِي الْبَيْعِ انْضَمَّ إِلَيْهِ الْقَبُول.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالإِْجْمَاعِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ.</p>وَعَلَى هَذَا فَإِنَّهُ إِذَا قَال قَدْ أَخَذْتُ الشِّقْصَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 5 / 83 - 85.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>بِالثَّمَنِ الَّذِي تَمَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِقَدْرِهِ وَبِالْمَبِيعِ صَحَّ الأَْخْذُ، وَمَلَكَ الشِّقْصَ وَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي؛ لأَِنَّ الشِّقْصَ يُؤْخَذُ قَهْرًا وَالْمَقْهُورُ لَا خِيَارَ لَهُ. وَالآْخِذُ قَهْرًا لَا خِيَارَ لَهُ أَيْضًا.</p>وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَوِ الشِّقْصُ مَجْهُولاً لَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالْعِوَضَيْنِ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ، وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ يَتَعَرَّفُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَبِيعِ فَيَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ وَيَحْتَمِل أَنَّ لَهُ الأَْخْذَ مَعَ جَهَالَةِ الشِّقْصِ بِنَاءً عَلَى بَيْعِ الْغَائِبِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِي الْمَال الْمَشْفُوعِ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>48 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِي الأَْرْضِ الْمَشْفُوعِ فِيهَا أَوْ غَرَسَ فِيهَا، ثُمَّ قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ، وَسَبَبُ الاِخْتِلَافِ عَلَى مَا قَال ابْنُ رُشْدٍ هُوَ تَرَدُّدُ تَصَرُّفِ الْمَشْفُوعِ عَلَيْهِ الْعَالِمِ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ عَلَيْهِ بَيْنَ شُبْهَةِ تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ وَتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي الَّذِي يَطْرَأُ عَلَيْهِ الاِسْتِحْقَاقُ وَقَدْ بَنَى فِي الأَْرْضِ وَغَرَسَ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَسَطٌ بَيْنَهُمَا.</p>فَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَبَهُ الاِسْتِحْقَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَبَهُ التَّعَدِّي كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِنَقْضِهِ أَوْ يُعْطِيَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 474، 475.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِي الأَْرْضِ الْمَشْفُوعِ فِيهَا أَوْ غَرَسَ، ثُمَّ قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَالْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا، وَإِنْ شَاءَ أَجْبَرَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى قَلْعِهِمَا، فَيَأْخُذُ الأَْرْضَ فَارِغَةً. وَهَذَا هُوَ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.</p>وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. أَنَّهُ بَنَى فِي مَحَلٍّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ لِلْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فَيُنْقَضُ كَالرَّاهِنِ إِذَا بَنَى فِي الْمَرْهُونِ، وَهَذَا لأَِنَّ حَقَّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي؛ لأَِنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُنْقَضُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ.</p>وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَلْعِ وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ؛ لأَِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ، وَالتَّكْلِيفُ بِالْقَلْعِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُدْوَانِ وَصَارَ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، وَكَمَا إِذَا زَرَعَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْقَلْعَ، وَهَذَا لأَِنَّ فِي إِيجَابِ الْقِيمَةِ دَفْعَ أَعْلَى الضَّرَرَيْنِ بِتَحَمُّل الأَْدْنَى فَيُصَارُ إِلَيْهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية مع فتح القدير 9 / 398، البدائع 6 / 2739، ابن عابدين 6 / 232 - 233.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>أَمَّا الزَّرْعُ فَالْقِيَاسُ قَلْعُهُ وَلَكِنَّ الاِسْتِحْسَانَ عَدَمُ قَلْعِهِ، لأَِنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً وَيَبْقَى بِالأَْجْرِ وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرْسًا أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ فِي الشِّقْصِ قَبْل قِيَامِ الشَّفِيعِ، ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ بِطَلَبِ شُفْعَتِهِ فَلَا شُفْعَةَ إِلَاّ أَنْ يُعْطَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ مَا بَنَى وَمَا غَرَسَ.</p>وَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إِلَى وَقْتِ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ لأَِنَّهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْل الأَْخْذِ بِهَا وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ (2) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَقَلْعُ بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ وَزَرْعِهِ مَجَّانًا لَا بِحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَلَكِنْ لأَِنَّهُ شَرِيكٌ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا انْفَرَدَ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي الأَْرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ كَانَ لِلآْخَرِ أَنْ يَقْلَعَ مَجَّانًا.</p>وَإِنْ بَنَى الْمُشْتَرِي وَغَرَسَ فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالتَّمْيِيزِ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَلْعُهُ مَجَّانًا، لأَِنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ الَّذِي يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَلَا يُقْلَعُ مَجَّانًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية مع فتح القدير 9 / 399.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 260، الخرشي 6 / 168، 169، وحاشية الدسوقي 3 / 493.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>فَإِنِ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي قَلْعَ الْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ تَسْوِيَةَ الأَْرْضِ. لأَِنَّهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ حَدَثَ فِي الأَْرْضِ نَقْصٌ فَالشَّفِيعُ إِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى صِفَتِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ، فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إِبْقَاءِ مِلْكِهِ فِي الأَْرْضِ بِأُجْرَةٍ وَبَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الأَْخْذِ، وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُضَهُ وَيَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ.</p>وَلَوْ كَانَ قَدْ زَرَعَ فَيَبْقَى زَرْعُهُ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ فَيَحْصُدَهُ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالأُْجْرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ أَعْطَاهُ الشَّفِيعُ قِيمَةَ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ، إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ بِنَاءَهُ وَغِرَاسَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَخْذِهِ ضَرَرٌ. لأَِنَّهُ مَلَكَهُ، فَإِذَا قَلَعَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَلَا نَقْصُ الأَْرْضِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لأَِنَّهُ غَرَسَ وَبَنَى فِي مِلْكِهِ، وَمَا حَدَثَ مِنَ النَّقْصِ إِنَّمَا حَدَثَ فِي مِلْكِهِ، وَذَلِكَ لَا يُقَابِلُهُ ثَمَنٌ.</p>وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ النَّقْصِ الْحَاصِل بِالْقَلْعِ؛ لأَِنَّهُ اشْتُرِطَ فِي قَلْعِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ عَدَمُ الضَّرَرِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ نَقْصٌ دَخَل عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لأَِجْل تَخْلِيصِ مِلْكِهِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّ النَّقْصَ الْحَاصِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح العزيز 11 / 463، ونهاية المحتاج 5 / 209.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>بِالْقَلْعِ إِنَّمَا هُوَ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ. فَأَمَّا نَقْصُ الأَْرْضِ الْحَاصِل بِالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَلَا يَضْمَنُهُ.</p>فَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:</p>أ - تَرْكِ الشُّفْعَةِ.</p>ب - دَفْعِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَيَمْلِكُهُ مَعَ الأَْرْضِ.</p>ج - قَلْعِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَيَضْمَنُ لَهُ مَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ (1) .</p>وَإِنْ زَرَعَ فِي الأَْرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَبْقَى زَرْعُ الْمُشْتَرِي إِلَى أَوَانِ الْحَصَادِ، لأَِنَّ ضَرَرَهُ لَا يَبْقَى وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ زَرَعَهُ فِي مِلْكِهِ؛ وَلأَِنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى الأَْرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ مُبْقًى إِلَى الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ كَغَيْرِ الْمَشْفُوعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ ظَاهِرٌ أَثْمَرَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ لَهُ مُبْقًى إِلَى الْجُذَاذِ كَالزَّرْعِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِحْقَاقُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ لِلْغَيْرِ:</span></p><font color=#ff0000>49 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُهْدَةِ الشَّفِيعِ أَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمْ عَلَى الْبَائِعِ. يَعْنِي إِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ فَظَهَرَ مُسْتَحَقًّا، فَعَلَى مَنْ يَرْجِعُ الثَّمَنُ؟</p>فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 500، وما بعدها، ومنتهى الإرادات 1 / 532.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 502، والمقنع 2 / 269.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ فَظَهَرَ مُسْتَحَقًّا فَرُجُوعُهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِ.</p>وَإِنْ وَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ أَخْذُ أَرْشِهِ مِنْهُ، وَالْمُشْتَرِي يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ يَأْخُذُ الأَْرْشَ مِنْهُ سَوَاءٌ قَبَضَ الشِّقْصَ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنَ الْبَائِعِ فَالْعُهْدَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمُشْتَرِي.</p>وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، أَنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَحُصُول الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَزُول الْمِلْكُ مِنَ الْمُشْتَرِي إِلَى الشَّفِيعِ بِالثَّمَنِ فَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ وَلأَِنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَمَلَكَ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ كَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الأَْوَّل (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ فَأَدَّى ثَمَنَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ، فَإِنْ أَدَّاهُ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ سَوَاءٌ اسْتُحِقَّ قَبْل تَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَدَّاهُ لِلْبَائِعِ وَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلشَّفِيعِ.</p>وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَقَطْ إِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ الْعَيْنُ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي 6 / 180، حاشية الدسوقي 3 / 493، بداية المجتهد 2 / 260، نهاية المحتاج 5 / 217، والمغني 5 / 534، المقنع 2 / 274.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ عَلَى أَحَدٍ لأَِنَّهُ لَيْسَ مُقَرَّرًا بِهِ (1) .</p>وَقَال ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ لَهُ بِإِيجَابِ الْبَائِعِ فَكَانَ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَبِعَةُ الْهَلَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>50 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا هَدَمَ الْمُشْتَرِي بِنَاءَ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ أَوْ هَدَمَهُ غَيْرُهُ أَوْ قَلَعَ الأَْشْجَارَ الَّتِي كَانَتْ مَغْرُوسَةً فِي الأَْرْضِ الْمَشْفُوعَةِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْعَرْصَةَ أَوِ الأَْرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْعَرْصَةِ أَوِ الأَْرْضِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوِ الشَّجَرِ وَمَا خَصَّ الْعَرْصَةَ أَوِ الأَْرْضَ مِنْهُ يَدْفَعُهُ الشَّفِيعُ وَتَكُونُ الأَْنْقَاضُ وَالأَْخْشَابُ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا تَخَرَّبَتِ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ أَوْ جَفَّتْ أَشْجَارُ الْبُسْتَانِ الْمَشْفُوعِ بِلَا تَعَدِّي أَحَدٍ عَلَيْهَا يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى، فَإِنْ كَانَ بِهَا أَنْقَاضٌ أَوْ خَشَبٌ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ أَوِ الْبُسْتَانِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَقِيمَةِ الأَْنْقَاضِ وَالْخَشَبِ يَوْمَ الأَْخْذِ، وَإِذَا تَلِفَ بَعْضُ الأَْرْضِ الْمَشْفُوعَةِ بِغَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ سَقَطَتْ حِصَّةُ التَّالِفِ مِنْ أَصْل الثَّمَنِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 8 / 325، والزيلعي على الكنز 5 / 251، وابن عابدين 6 / 228.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 534.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الأَْرْضَ مَعَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ بِالثَّمَنِ الأَْوَّل إِذَا كَانَ مُتَّصِلاً، فَأَمَّا إِذَا زَال الاِتِّصَال ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَا سَبِيل لِلشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُهُ قَائِمَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوَال بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَمْ بِصُنْعِ الْمُشْتَرِي أَوِ الأَْجْنَبِيِّ؛ لأَِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ إِنَّمَا ثَبَتَ مَعْدُولاً بِهِ عَنِ الْقِيَاسِ مَعْلُولاً بِالتَّبَعِيَّةِ وَقَدْ زَالَتِ التَّبَعِيَّةُ بِزَوَال الاِتِّصَال فَيُرَدُّ الْحُكْمُ فِيهِ إِلَى أَصْل الْقِيَاسِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي نَقْصَ الشِّقْصِ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِلَا سَبَبٍ مِنْهُ وَإِنَّمَا بِسَبَبٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ تَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ كَهَدْمٍ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَمْ لَا. فَإِنْ هَدَمَ لَا لِمَصْلَحَةٍ ضَمِنَ، فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ عَلَى الشَّفِيعِ قَائِمًا لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ وَلَهُ قِيمَةُ النَّقْصِ الأَْوَّل مَنْقُوضًا يَوْمَ الشِّرَاءِ (2) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَعَيَّبَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَى بَعْضُهَا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِكُل الثَّمَنِ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2736، 2739، المبسوط 14 / 1150، الهداية مع الفتح 9 / 402، وتبيين الحقائق 5 / 251 - 252، وانظر ابن عابدين 6 / 233 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 2 / 236، حاشية الدسوقي 3 / 494.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>تَرَكَ كَتَعَيُّبِهَا بِيَدِ الْبَائِعِ، وَكَذَا لَوِ انْهَدَمَتْ بِلَا تَلَفٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا، فَإِنْ وَقَعَ تَلَفٌ لِبَعْضِهَا فَبِالْحِصَّةِ مِنَ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَلِفَ الشِّقْصُ أَوْ بَعْضُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ. لأَِنَّهُ مِلْكُهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ إِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الأَْخْذَ بَعْدَ تَلَفِ بَعْضِهِ أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ بِفِعْل اللَّهِ تَعَالَى أَمْ بِفِعْل آدَمِيٍّ، وَسَوَاءٌ أَتَلِفَ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَنَقْضِهِ لِلْبِنَاءِ أَمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْل أَنِ انْهَدَمَ.</p>ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الأَْنْقَاضُ مَوْجُودَةً أَخَذَهَا مَعَ الْعَرْصَةِ بِالْحِصَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً أَخَذَ الْعَرْصَةَ وَمَا بَقِيَ مِنَ الْبِنَاءِ وَهُوَ قَوْل الثَّوْرِيِّ وَالْعَنْبَرِيِّ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَى الشَّفِيعِ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ فَكَانَ لَهُ بِالْحِصَّةِ مِنَ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِفِعْل آدَمِيٍّ سِوَاهُ أَوْ لَوْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ آخَرُ. أَوْ نَقُول: أَخَذَ بَعْضَ مَا دَخَل مَعَهُ فِي الْعَقْدِ، فَأَخَذَهُ بِالْحِصَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ.</p>وَأَمَّا الضَّرَرُ فَإِنَّمَا حَصَل بِالتَّلَفِ وَلَا صُنْعَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ وَالَّذِي يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ يُؤَدِّي ثَمَنَهُ فَلَا يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِهِ.</p>وَإِنَّمَا قَالُوا بِأَخْذِ الأَْنْقَاضِ وَإِنْ كَانَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 2 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>مُنْفَصِلَةً لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ كَانَ حَال عَقْدِ الْبَيْعِ وَفِي تِلْكَ الْحَال كَانَ مُتَّصِلاً اتِّصَالاً لَيْسَ مَآلُهُ إِلَى الاِنْفِصَال وَانْفِصَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعَةِ. وَإِنْ نُقِضَتِ الْقِيمَةُ مَعَ بَقَاءِ صُورَةِ الْمَبِيعِ مِثْل انْشِقَاقِ الْحَائِطِ وَانْهِدَامِ الْبِنَاءِ، وَشُعْثِ الشَّجَرِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَاّ الأَْخْذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ التَّرْكُ. لأَِنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ لَا يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ بِخِلَافِ الأَْعْيَانِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مِيرَاثُ الشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>51 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِيرَاثِ حَقِّ الشُّفْعَةِ.</p>فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يُورَثُ، فَإِذَا مَاتَ الشَّفِيعُ يَنْتَقِل حَقُّ الشُّفْعَةِ إِلَى وَرَثَتِهِ.</p>وَقَيَّدَهُ الْحَنَابِلَةُ بِمَا إِذَا كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ طَالَبَ بِالشُّفْعَةِ قَبْل مَوْتِهِ.</p>وَوَجْهُ الاِنْتِقَال عِنْدَهُمْ أَنَّهُ خِيَارٌ ثَابِتٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمَال فَوُرِثَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْل الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ حَقُّ الأَْخْذِ بِهَا، فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِمَوْتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 503.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 260، ونهاية المحتاج 5 / 217، والمغني 5 / 536 وما بعدها، منتهى الإرادات 1 / 532.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>الشَّفِيعِ وَلَا تَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ لأَِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا مُجَرَّدُ الرَّأْيِ وَالْمَشِيئَةِ وَهُمَا لَا يَبْقَيَانِ بَعْدَ مَوْتِ الشَّفِيعِ وَلأَِنَّ مِلْكَ الشَّفِيعِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ قَدْ زَال بِمَوْتِهِ. أَمَّا إِذَا مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي لَهُ بِهَا فَلِوَرَثَتِهِ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ (1) .</p>وَإِذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ حَيٌّ فَلَهُ الشُّفْعَةُ؛ لأَِنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاقٍ، وَبِمَوْتِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَغَيَّرِ الاِسْتِحْقَاقُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُسْقِطَاتُ الشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>52 -</font> تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِمَا يَلِي:</p>أَوَّلاً: تَرْكُ أَحَدِ الطَّلَبَاتِ الثَّلَاثَةِ فِي وَقْتِهِ وَهِيَ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ، وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالإِْشْهَادِ، وَطَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ إِذَا تُرِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (3) .</p>ثَانِيًا: إِذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ بَعْضَ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ وَكَانَ قِطْعَةً وَاحِدَةً وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العناية على الهداية مع فتح القدير 9 / 416، 417، المبسوط 14 / 116، البدائع 6 / 2721، الزيلعي 5 / 257، ابن عابدين 6 / 241.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 14 / 116، والبدائع 6 / 2721.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع الفتح 9 / 417، والبدائع 6 / 2715، المبسوط 14 / 92، وشرح الكنز 5 / 257، 258، ابن عابدين 6 / 240، 242، والخرشي 6 / 172، حاشية الدسوقي 3 / 484، 486، ونهاية المحتاج ومغني المحتاج 2 / 308، 392، والمغني 5 / 477.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>لأَِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَقْبَل التَّجْزِئَةَ (1) .</p>ثَالِثًا: مَوْتُ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْل الأَْخْذِ بِهَا رِضَاءً أَوْ قَضَاءً سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْوَفَاةُ قَبْل الطَّلَبِ أَمْ بَعْدَهُ. وَلَا تُورَثُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ (2) .</p>رَابِعًا: الإِْبْرَاءُ وَالتَّنَازُل عَنِ الشُّفْعَةِ: فَالإِْبْرَاءُ الْعَامُّ مِنَ الشَّفِيعِ يُبْطِلُهَا قَضَاءً مُطْلَقًا لَا دِيَانَةً إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا (3) .</p>وَقَدْ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّنَازُل عَنِ الشُّفْعَةِ بِالتَّفْصِيل كَالتَّالِي:</p><font color=#ff0000>53 -</font> إِذَا تَنَازَل الشَّفِيعُ عَنْ حَقِّهِ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ سَقَطَ حَقُّهُ فِي طَلَبِهَا، وَالتَّنَازُل هَذَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ ضِمْنِيًّا.</p>فَالتَّنَازُل الصَّرِيحُ نَحْوُ أَنْ يَقُول الشَّفِيعُ: أَبْطَلْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ أَبْرَأْتُكَ عَنْهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الشُّفْعَةَ خَالِصُ حَقِّهِ فَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهَا اسْتِيفَاءً وَإِسْقَاطًا كَالإِْبْرَاءِ عَنِ الدَّيْنِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْبَيْعِ.</p>أَمَّا التَّنَازُل الضِّمْنِيُّ فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنَ الشَّفِيعِ مَا يَدُل عَلَى رِضَاهُ بِالْبَيْعِ وَثُبُوتِ الْمِلْكِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 14 / 104، البدائع 6 / 2729، حاشية الدسوقي 3 / 490، والمغني 5 / 483، المقنع 2 / 263، منتهى الإرادات 1 / 529.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكنز مع الزيلعي 5 / 257، ابن عابدين 6 / 241.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 6 / 249 ط 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>لِلْمُشْتَرِي؛ لأَِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ إِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا رَضِيَ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِحُكْمِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِضَرَرِ جِوَارِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الدَّفْعَ بِالشُّفْعَةِ (1) .</p>وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِسْقَاطٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّنَازُل عَنِ الشُّفْعَةِ قَبْل الْبَيْعِ:</span></p><font color=#ff0000>54 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَنَازَل الشَّفِيعُ عَنْ حَقِّهِ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ قَبْل بَيْعِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ فِي طَلَبِهَا بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لأَِنَّ هَذَا التَّنَازُل إِسْقَاطٌ لِلْحَقِّ، وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْل وُجُوبِهِ وَوُجُودِ سَبَبِ وُجُوبِهِ مُحَالٌ (2) .</p>وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ بِالتَّنَازُل عَنْهَا قَبْل الْبَيْعِ - فَإِنَّ إِسْمَاعِيل بْنَ سَعِيدٍ قَال: قُلْتُ لأَِحْمَدَ: مَا مَعْنَى قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ رَبْعَةٌ فَأَرَادَ بَيْعَهَا فَلْيَعْرِضْهَا عَلَيْهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2706، 2715، وما بعدها، شرح العناية على الهداية 9 / 417، والشرح الصغير 2 / 231، والقليوبي 3 / 49، ومغني المحتاج 2 / 219، والمغني 5 / 482.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2715، والزيلعي 5 / 242 حاشية الدسوقي 3 / 488، شرح منح الجليل 3 / 603، ومغني المحتاج 2 / 309، المغني 5 / 541.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من كان بينه وبين أخيه. . . " ورد بلفظ: " أيما قوم كانت بينهم رباعة فأراد أحدهم أن يبيع نصيبه فليعرضه على شركائه، فإن أخذوه فهم أحق بالثمن ". أخرجه أحمد (3 / 310 ط. الميمنية) من حديث جابر بن عبد الله، وفي إسناده انقطاع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: وَلَا يَحِل لَهُ إِلَاّ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَيْهِ (1) إِذَا كَانَتِ الشُّفْعَةُ ثَابِتَةً لَهُ؟ فَقَال. مَا هُوَ بِبَعِيدٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَلَاّ تَكُونَ لَهُ الشُّفْعَةُ، وَهَذَا قَوْل الْحَكَمِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي خَيْثَمَةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْل الْحَدِيثِ.</p>وَاحْتَجُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي رَبْعَةٍ أَوْ نَخْلٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ رَضِيَ أَخَذَ وَإِنْ كَرِهَ تَرَكَ (2) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (3) ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِذَا بَاعَهُ بِإِذْنِهِ لَا حَقَّ لَهُ.</p>وَلأَِنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ فِي مَوْضِعِ الْوِفَاقِ عَلَى خِلَافِ الأَْصْل لِكَوْنِهِ يَأْخُذُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ رِضَائِهِ، وَيُجْبِرُهُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ بِهِ لِدُخُولِهِ مَعَ الْبَائِعِ فِي الْعَقْدِ الَّذِي أَسَاءَ فِيهِ بِإِدْخَال الضَّرَرِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَتَرْكِهِ الإِْحْسَانَ إِلَيْهِ فِي عَرْضِهِ عَلَيْهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ هَاهُنَا فَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَهُ عَلَيْهِ، وَامْتِنَاعُهُ مِنْ أَخْذِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الضَّرَرِ فِي حَقِّهِ بِبَيْعِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا يحل له إلا أن يعرضها عليه: ورد بمعناه حديث جابر المتقدم في فقرة (7) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من كان له شريك في ربعة. . . " تقدم تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به ". أخرجه مسلم (3 / 1229 - ط. الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْمُطَالَبَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّنَازُل عَنِ الشُّفْعَةِ مُقَابِل تَعْوِيضٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْهَا:</span></p><font color=#ff0000>55 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ التَّنَازُل عَنِ الشُّفْعَةِ مُقَابِل تَعْوِيضٍ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ.</p>فَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الشُّفْعَةِ عَلَى مَالٍ، فَلَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ عَنِ الشُّفْعَةِ عَلَى مَالٍ لَمْ يَجُزِ الصُّلْحُ وَلَمْ يَثْبُتِ الْعِوَضُ وَيَبْطُل حَقُّ الشُّفْعَةِ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: تَبْطُل شُفْعَتُهُ إِنْ عَلِمَ بِفَسَادِهِ.</p>أَمَّا بُطْلَانُ الصُّلْحِ فَلاِنْعِدَامِ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي الْمَحَل لأَِنَّ الثَّابِتَ لِلشَّفِيعِ حَقُّ التَّمَلُّكِ، وَأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ وِلَايَةِ التَّمَلُّكِ وَأَنَّهَا مَعْنًى قَائِمٌ بِالشَّفِيعِ فَلَمْ يَصِحَّ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ فَبَطَل الصُّلْحُ وَلَمْ يَجِبِ الْعِوَضُ.</p>وَأَمَّا بُطْلَانُ حَقِّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ؛ فَلأَِنَّهُ أَسْقَطَهُ بِالصُّلْحِ فَالصُّلْحُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَإِسْقَاطُ حَقِّ الشُّفْعَةِ صَحِيحٌ، لأَِنَّ صِحَّتَهُ لَا تَقِفُ عَلَى الْعِوَضِ بَل هُوَ شَيْءٌ مِنَ الأَْمْوَال لَا يَصْلُحُ عِوَضًا عَنْهُ فَالْتُحِقَ ذِكْرُ الْعِوَضِ بِالْعَدَمِ فَصَارَ كَأَنَّهُ سَلَّمَ بِلَا عِوَضٍ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 541 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 2719، الهداية مع فتح القدير 9 / 414، ومغني المحتاج 2 / 309، والمغني 5 / 482.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنِ الشُّفْعَةِ بِعِوَضٍ، لأَِنَّهُ عِوَضٌ عَنْ إِزَالَةِ الْمِلْكِ فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ.</p>وَقَال الْقَاضِي: مِنَ الْحَنَابِلَةِ. لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلَكِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَسْقُطُ. لأَِنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِإِسْقَاطِهَا وَإِنَّمَا رَضِيَ بِالْمُعَاوَضَةِ عَنْهَا وَلَمْ تَثْبُتِ الْمُعَاوَضَةُ فَبَقِيَتِ الشُّفْعَةُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّنَازُل عَنِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا:</span></p><font color=#ff0000>56 -</font> يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَتَنَازَل عَنْ حَقِّهِ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهَا وَقَبْل رِضَى الْمُشْتَرِي أَوْ حُكْمِ الْحَاكِمِ لَهُ بِهَا، فَإِنْ تَرَكَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الشُّفْعَةِ أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا بَعْدَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَقَبْل تَمَلُّكِهِ الْمَشْفُوعَ فِيهِ بِالْقَضَاءِ أَوِ الرِّضَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الشُّفْعَةِ لأَِنَّهُ يُعَدُّ تَنَازُلاً مِنْهُ عَنْ حَقِّهِ فِي طَلَبِهَا قَبْل الْحُكْمِ.</p>أَمَّا إِذَا كَانَ التَّنَازُل بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُ بِهَا أَوْ بَعْدَ رِضَاءِ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ التَّنَازُل؛ لأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ مِلْكَ الْمَشْفُوعِ فِيهِ وَالْمِلْكُ لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 482.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 2 / 182.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مُسَاوَمَةُ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي:</span></p><font color=#ff0000>57 -</font> الْمُسَاوَمَةُ تُعْتَبَرُ تَنَازُلاً عَنِ الشُّفْعَةِ فَإِذَا سَامَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنَ الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ فِي الشُّفْعَةِ لأَِنَّ الْمُسَاوَمَةَ طَلَبُ تَمْلِيكٍ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَهُوَ دَلِيل الرِّضَا بِمِلْكِ الْمُتَمَلِّكِ.</p>وَلأَِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مِمَّا يَبْطُل بِصَرِيحِ الرِّضَا فَيَبْطُل بِدَلَالَةِ الرِّضَا أَيْضًا، وَالْمُسَاوَمَةُ تُعْتَبَرُ تَنَازُلاً بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 2720، الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 2 / 231</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَفَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّفَةُ فِي اللُّغَةِ وَاحِدَةُ الشَّفَتَيْنِ، وَهُمَا طَبَقَا الْفَمِ مِنَ الإِْنْسَانِ، وَأَصْلُهَا شَفَهَةٌ، لأَِنَّ تَصْغِيرَهَا شُفَيْهَةٌ. وَقِيل: أَصْلُهَا شَفْوٌ. قَال الْفَيُّومِيُّ نَقْلاً عَنِ الأَْزْهَرِيِّ: تُجْمَعُ الشَّفَةُ عَلَى شَفَهَاتٍ وَشَفَوَاتٍ، وَالْهَاءُ أَقْيَسُ، وَالْوَاوُ أَعَمُّ.</p>وَلَا تَكُونُ الشَّفَةُ إِلَاّ مِنَ الإِْنْسَانِ، أَمَّا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ فَتُسْتَعْمَل فِيهَا كَلِمَاتٌ أُخْرَى، كَالْمِشْفَرِ لِذِي الْخُفِّ، وَالْجَحْفَلَةِ لِذِي الْحَافِرِ، وَالْمِنْسَرِ وَالْمِنْقَارِ لِذِي الْجَنَاحِ، وَهَكَذَا (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ تُطْلَقُ الشَّفَةُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ:</p>الأَْوَّل: الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ، أَيْ: طَبَقَةُ الْفَمِ مِنَ الإِْنْسَانِ، وَقَدْ حَدَّهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّهَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إِلَى الشِّدْقَيْنِ، وَقِيل مَا يَرْتَفِعُ عِنْدَ انْطِبَاقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) متن اللغة والمصباح المنير ولسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>الْفَمِ. وَفِي الطُّول إِلَى مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ (1) .</p>وَالثَّانِي: شِرْبُ بَنِي آدَمَ وَالْبَهَائِمِ بِالشِّفَاهِ دُونَ سَقْيِ الزَّرْعِ (2) . قَال ابْنُ عَابِدِينَ: هَذَا أَصْلُهُ. وَالْمُرَادُ اسْتِعْمَال بَنِي آدَمَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ أَوْ لِلطَّبْخِ أَوِ الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْل أَوْ غَسْل الثِّيَابِ، وَنَحْوِهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي حَقِّ الْبَهَائِمِ الاِسْتِعْمَال لِلْعَطَشِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنَاسِبُهَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الشِّرْبُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الشِّرْبُ لُغَةً: نَصِيبٌ مِنَ الْمَاءِ، وَشَرْعًا: نَوْبَةُ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَاءِ سَقْيًا لِلزِّرَاعَةِ وَالدَّوَابِّ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (4) .</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَالشَّفَةُ أَخَصُّ مِنَ الشِّرْبِ لاِخْتِصَاصِهَا بِالْحَيَوَانِ دُونَهُ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: حُكْمُ الشَّفَةِ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل: (عُضْوِ الإِْنْسَانِ) :</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامًا تَتَعَلَّقُ بِالشَّفَةِ بِهَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهج مع حاشية الجمل 5 / 66، وانظر كشاف القناع 6 / 40.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نتائج الأفكار والعناية على الهداية 8 / 144، وابن عابدين 5 / 281.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار على الدر المختار 5 / 281.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الشعراء / 155.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الاختيار 3 / 69، وابن عابدين 5 / 281.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>الْمَعْنَى فِي مَوْضُوعَيْنِ: غَسْلِهَا حِينَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْل: وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا بِالْقَطْعِ أَوْ إِذْهَابِ الْمَنَافِعِ.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ غَسْل الشَّفَتَيْنِ حِينَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْل:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الشَّفَتَيْنِ، أَيْ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ انْضِمَامِهِمَا ضَمًّا طَبِيعِيًّا بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ جُزْءٌ مِنَ الْوَجْهِ، فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل (1) . لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (2) .</p>أَمَّا مَا يَنْكَتِمُ عِنْدَ الاِنْضِمَامِ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْفَمِ، فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ:(الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ) بَل يُسَنُّ. وَكَذَلِكَ فِي الْغُسْل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، حَيْثُ قَالُوا: إِنَّ غَسْل الْفَمِ وَالأَْنْفِ فَرْضٌ فِي الْغُسْل (3) .</p>أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْفَمَ وَالأَْنْفَ مِنَ الْوَجْهِ فَتَجِبُ الْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ فِي الطَّهَارَتَيْنِ: الصُّغْرَى (الْوُضُوءِ) وَالْكُبْرَى (الْغُسْل (4)) .</p>وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (غُسْلٌ، مَضْمَضَةٌ، وُضُوءٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 4، جواهر الإكليل على مختصر خليل 1 / 14، والإقناع 1 / 38، وكشاف القناع 1 / 96.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 6.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 102، والهندية 1 / 4، والدسوقي 1 / 97، 136، ونهاية المحتاج 1 / 280.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 1 / 96، والمغني 1 / 118.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الْجِنَايَةُ عَلَى الشَّفَتَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْجِنَايَةُ عَلَى الشَّفَتَيْنِ إِذَا كَانَتْ عَمْدًا يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِذَا تَحَقَّقَتْ شُرُوطُهُ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُسَاوَاةِ. (ر: قِصَاصٌ) .</p>أَمَّا إِذَا كَانَتْ خَطَأً فَفِي قَطْعِ كِلْتَا الشَّفَتَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ (1) .</p>وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ فِي قَطْعِ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ؛ لأَِنَّ الْعُضْوَيْنِ إِذَا وَجَبَتْ فِيهِمَا دِيَةٌ فَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (2) .</p>وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجِبُ فِي الشَّفَةِ الْعُلْيَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي السُّفْلَى الثُّلُثَانِ؛ لأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهَا أَعْظَمُ، لأَِنَّهَا هِيَ الَّتِي تَتَحَرَّكُ وَتَحْفَظُ الرِّيقَ وَالطَّعَامَ (3) .</p>وَكَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي قَطْعِ الشَّفَتَيْنِ تَجِبُ كَذَلِكَ فِي إِذْهَابِ مَنَافِعِهِمَا، بِأَنْ ضَرَبَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عمرو بن حزم:" وفي الشفتين الدية ". أخرجه النسائي (8 / 58 - 59 - ط. المكتبة التجارية) ، وخرجه ابن حجر في التلخيص (4 / 17 - 18 - ط. شركة الطباعة الفنية) . وتكلم على أسانيده، ونقل تصحيحه عن جماعة من العلماء.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 5 / 31، والبدائع 7 / 308، وروضة الطالبين 9 / 182، والزيلعي 6 / 129، وكشاف القناع عن متن الإقناع 5 / 549.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 8 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>الشَّفَتَيْنِ فَأَشَلَّهُمَا، أَوْ تَقَلَّصَتَا فَلَمْ تَنْطَبِقَا عَلَى الأَْسْنَانِ (1) .</p>وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي:(دِيَاتٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الشَّفَةُ بِمَعْنَى الشِّرْبِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> تَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ لِحُكْمِ الشَّفَةِ بِمَعْنَى شِرْبِ الإِْنْسَانِ وَالْبَهَائِمِ بِالشِّفَاهِ عِنْدَ بَيَانِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَحُقُوقِ الاِرْتِفَاقِ،</p>وَقَدْ قَسَمَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ الْمِيَاهَ بِاعْتِبَارِ الشِّرْبِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، قَال الْمَوْصِلِيُّ الْحَنَفِيُّ:</p>الْمِيَاهُ أَنْوَاعٌ: الأَْوَّل مَاءُ الْبَحْرِ، وَهُوَ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ الاِنْتِفَاعُ بِهِ بِالشَّفَةِ وَسَقْيِ الأَْرَاضِيِ وَشَقِّ الأَْنْهَارِ، لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَالاِنْتِفَاعِ بِالشَّمْسِ وَالْهَوَاءِ.</p>وَالثَّانِي: الأَْوْدِيَةُ وَالأَْنْهَارُ الْعِظَامُ كَجَيْحُونَ وَسَيَحُونَ وَالنِّيل وَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ. فَالنَّاسُ مُشْتَرِكُونَ فِيهِ فِي الشَّفَةِ وَسَقْيِ الأَْرَاضِيِ وَنَصْبِ الأَْرْحِيَّةِ وَالدَّوَالِي إِذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ.</p>وَالثَّالِثُ: مَا يَجْرِي فِي نَهْرٍ خَاصٍّ لِقَرْيَةٍ، فَلِغَيْرِهِمْ فِيهِ شَرِكَةٌ فِي الشَّفَةِ، وَهُوَ الشِّرْبُ وَالسَّقْيُ لِلدَّوَابِّ، وَلَهُمْ أَخْذُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَغَسْل الثِّيَابِ وَالطَّبْخِ لَا غَيْرُ. وَالْبِئْرُ وَالْحَوْضُ حُكْمُهُمَا حُكْمُ النَّهْرِ الْخَاصِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة، وكشاف القناع 6 / 40.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>وَالرَّابِعُ: مَا أُحْرِزَ فِي جُبٍّ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِدُونِ إِذْنِ صَاحِبِهِ، وَلَهُ بَيْعُهُ؛ لأَِنَّهُ مَلَكَهُ بِالإِْحْرَازِ، وَلَوْ كَانَتِ الْبِئْرُ أَوِ الْعَيْنُ أَوِ النَّهْرُ فِي مِلْكِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ الشُّرْبَ مِنَ الدُّخُول فِي مِلْكِهِ إِنْ كَانَ يَجِدُ غَيْرَهُ بِقُرْبِهِ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ يَأْخُذُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يُخْرِجَ الْمَاءَ إِلَيْهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ وَهُوَ يَخَافُ الْعَطَشَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَطِيَّتِهِ فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ. وَفِي الْمُحْرَزِ بِالإِْنَاءِ يُقَاتِلُهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ (1) .</p>وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ مَعَ تَفْصِيلٍ وَخِلَافٍ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ (2) . يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (شِرْبٌ، وَمِيَاهٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَفِيعٌ</span></p> </p>انْظُرْ: شُفْعَةً</p> </p>‌<span class="title">‌شِقٌّ</span></p> </p>انْظُرْ: قَبْرٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار للموصلي 3 / 70، 71.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القوانين الفقهية ص 331، ومغني المحتاج 2 / 373، 375، وكشاف القناع 4 / 189، 190، 198، والقليوبي 3 / 95 - 97، وابن عابدين 5 / 281، 282، والمغني 5 / 583 - 590.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شُكْرٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشُّكْرُ: مَصْدَرُ شَكَرْتُهُ وَشَكَرْتُ لَهُ أَشْكُرُ شُكْرًا وَشُكُورًا وَشُكْرَانًا. وَهُوَ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ: الاِعْتِرَافُ بِالْمَعْرُوفِ الْمُسْدَى إِلَيْكَ وَنَشْرُهُ وَالثَّنَاءُ عَلَى فَاعِلِهِ. وَلَا يَكُونُ إِلَاّ فِي مُقَابَلَةِ مَعْرُوفٍ وَنِعْمَةٍ (1) . وَشُكْرُ النِّعْمَةِ مُقَابِل كُفْرِهَا. قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي حِكَايَةِ قَوْل لُقْمَانَ: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (2) .</p>وَالشُّكْرُ: هُوَ ظُهُورُ أَثَرِ النِّعْمَةِ عَلَى اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ بِأَنْ يَكُونَ اللِّسَانُ مُقِرًّا بِالْمَعْرُوفِ مُثْنِيًا بِهِ، وَيَكُونَ الْقَلْبُ مُعْتَرِفًا بِالنِّعْمَةِ، وَتَكُونَ الْجَوَارِحُ مُسْتَعْمَلَةً فِيمَا يَرْضَاهُ الْمَشْكُورُ (3) . عَلَى حَدِّ قَوْل الشَّاعِرِ:</p> </p>أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً</p> </p>يَدَيَّ وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، ومدارج السالكين 2 / 244، 246، والمجموع للنووي 1 / 74، المطبعة المنيرية، ونهاية المحتاج 1 / 22. .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة لقمان / 12.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 1 / 133 - ط. دار الكتب المصرية، ومدارج السالكين 2 / 244، 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>وَالشُّكْرُ لِلَّهِ فِي الاِصْطِلَاحِ: صَرْفُ الْعَبْدِ النِّعَمَ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ فِي طَاعَتِهِ (1) .</p>أَوْ فِيمَا خُلِقَتْ لَهُ. وَشُكْرُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَزْكُو عِنْدَهُ الْقَلِيل مِنَ الْعَمَل فَيُضَاعِفُ لِعَامِلِهِ الْجَزَاءَ (2) . وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلاً رَأَى كَلْبًا يَأْكُل الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُل خُفَّهُ فَجَعَل يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ (3)، وَلِذَا كَانَ مِنْ أَوْصَافِهِ تَعَالَى:" الشَّكُورَ " كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْمَدْحُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْمَدْحُ لُغَةً: حُسْنُ الثَّنَاءِ. وَالْمَدْحُ يَكُونُ لِلْحَيِّ وَغَيْرِهِ حَتَّى إِنَّ مَنْ رَأَى لُؤْلُؤَةً ذَاتَ حُسْنٍ فَوَصَفَهَا بِالْحُسْنِ فَقَدْ مَدَحَهَا، وَالْمَدْحُ عَلَى الإِْحْسَانِ يَكُونُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يَكُونُ الشُّكْرُ إِلَاّ بَعْدَهُ (5) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْحَمْدُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْحَمْدُ: هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى الْمَحْمُودِ بِجَمِيل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي 1 / 22، وأسنى المطالب 1 / 3، وشرح مسلم الثبوت 1 / 47.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 1 / 278.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أن رجلاً رأى كلبًا يأكل الثرى. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 278 - ط. السلفية) ، ومسلم (4 / 1761 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة، واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة التغابن / 17.</p><font color=#ff0000>(5)</font> لسان العرب، وتفسير الرازي 1 / 219.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ، وَنَقِيضُ الْحَمْدِ الذَّمُّ. فَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشُّكْرَ لَا يَكُونُ إِلَاّ عَلَى نِعْمَةٍ أَسْدَاهَا الْمَشْكُورُ إِلَى الشَّاكِرِ خَاصَّةً، وَالْحَمْدُ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ الإِْنْعَامِ عَلَى الشَّاكِرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَكُونُ فِي غَيْرِ مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ أَصْلاً بَل لِمُجَرَّدِ اتِّصَافِ الْمَحْمُودِ بِالأَْوْصَافِ الْحَسَنَةِ وَالْفَضَائِل. فَلَا يُقَال: شَكَرْنَا اللَّهَ عَلَى حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَيُقَال: حَمِدْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَحْمُودٌ عَلَى إِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ، وَالشُّكْرُ أَعَمُّ مِنَ الْحَمْدِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشُّكْرَ يَكُونُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ، وَالْحَمْدَ لَيْسَ إِلَاّ بِاللِّسَانِ، فَيَجْتَمِعُ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ فِي الثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى النِّعْمَةِ، وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ فِي الثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى الأَْوْصَافِ الذَّاتِيَّةِ وَنَحْوِهَا، وَيَنْفَرِدُ الشُّكْرُ فِيمَا يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ (1) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: الْحَمْدُ رَأْسُ الشُّكْرِ فَمَنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ لَمْ يَشْكُرْهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع للنووي 1 / 74، وتفسير الرازي 1 / 219، ونهاية المحتاج 1 / 21، ومدارج السالكين 2 / 246، وأسنى المطالب 1 / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الحمد رأس الشكر. . . . ". أخرجه البيهقي في الشعب كما في فيض القدير للمناوي (3 / 418 - ط. المكتبة التجارية) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وأعل بالانقطاع بين عبد الله بن عمرو والراوي عنه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الشُّكْرِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الشُّكْرُ نَوْعَانِ، شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَشُكْرٌ لِعِبَادِ اللَّهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى:</span></p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ وَاجِبٌ شَرْعًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِالْكُلِّيَّةِ. وَقَدِ اسْتَدَل الْحَلِيمِيُّ لِذَلِكَ بِالآْيَاتِ الَّتِي فِيهَا الأَْمْرُ، نَحْوِ قَوْله تَعَالَى:</p>{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (1) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) .</p>ثُمَّ قَال الْحَلِيمِيُّ: فَثَبَتَ بِهَاتَيْنِ الآْيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وُجُوبُ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ لِنِعَمِهِ السَّابِغَةِ عَلَيْهِمْ (3) .</p>ثُمَّ احْتَجَّ لِلْوُجُوبِ أَيْضًا بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (4) قَال: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَنِ النَّعِيمِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ عَنْ شُكْرِهِ (5) .</p>وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَنَّ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ هَل وَجَبَ بِالْعَقْل ثُمَّ جَاءَ الشَّرْعُ مُقَرِّرًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 152.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 69.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المنهاج في شعب الإيمان 2 / 545 ط. بيروت، دار الفكر 1399 هـ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة التكاثر / 8.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المنهاج 2 / 555.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>لِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَجِبْ إِلَاّ بِالشَّرْعِ.؟ .</p>فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الأَْوَّل مُعْظَمُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ وَنَصَّ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ أَيْضًا.</p>وَذَهَبَ الأَْشْعَرِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْل؛ لأَِنَّ الْعَقْل لَا مَجَال لَهُ فِي أُمُورِ الآْخِرَةِ مِنْ إِثْبَاتِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ (1) . وَتُنْظَرُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p>وَقَال الرَّازِيَّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (2) الْمُرَادُ مِنَ الشَّاكِرِ الَّذِي يَكُونُ مُقِرًّا مُعْتَرِفًا بِوُجُوبِ الشُّكْرِ عَلَيْهِ، وَمِنَ الْكَفُورِ الَّذِي لَا يُقِرُّ بِذَلِكَ إِمَّا لأَِنَّهُ يُنْكِرُ الْخَالِقَ أَوْ لأَِنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ شُكْرِهِ (3) .</p>وَالإِْكْثَارُ مِنَ الشُّكْرِ مُسْتَحَبٌّ. وَلِلشُّكْرِ مَوَاضِعُ يُنْدَبُ فِيهَا كَحَمْدِ اللَّهِ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْمَلْبَسِ. (وَانْظُرْ: تَحْمِيدٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌فَضْل الشُّكْرِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> وَرَدَتِ الشَّرِيعَةُ بِإِثْبَاتِ فَضْل الشُّكْرِ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا:</p>أ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْنَى فِي كِتَابِهِ عَلَى أَهْل الشُّكْرِ وَوَصَفَ بِذَلِكَ بَعْضَ خَوَاصِّ خَلْقِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المستصفى للغزالي 1 / 61، وشرح مسلم الثبوت 1 / 47 مطبعة بولاق - 1322 هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الإنسان / 3.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير الرازي 30 / 239.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>فَقَال تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لأَِنْعُمِهِ (1) } وَقَال عَنْ نُوحٍ عليه السلام: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (2) } .</p>ب - إِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ الْهَدَفَ مِنْ تَفَضُّلِهِ بِالنِّعَمِ، قَال تَعَالَى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَل لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَْبْصَارَ وَالأَْفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (3) } وَقَال فِي شَأْنِ تَسْخِيرِهِ الأَْنْعَامَ: {كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (4) } .</p>ج - أَنَّهُ تَعَالَى وَعَدَ الشَّاكِرِينَ بِأَحْسَنِ الْجَزَاءِ فَقَال: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (5) } وَبَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ إِلَاّ أَنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ نَفْعِ شُكْرِهِمْ بَل نَفْعُهُ لَهُمْ، قَال تَعَالَى:{وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6) } .</p>د - أَنَّهُ جَعَلَهُ سَبَبًا لِلْمَزِيدِ مِنَ النِّعَمِ، فَقَال: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 120، 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الإسراء / 3.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النحل / 78.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الحج / 36.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة آل عمران / 145.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة لقمان / 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>لأََزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (1) }</p>هـ - أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى نَفْسَهُ شَاكِرًا شَكُورًا، بِأَنْ يَقْبَل الْعَمَل الْقَلِيل وَيُثْنِيَ عَلَى فَاعِلِهِ، قَال تَعَالَى:{وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (2) } .</p>وَقَال: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (3) } .</p>و قِلَّةُ الْمُتَّصِفِينَ بِكَثْرَةِ الشُّكْرِ، كَمَا قَال تَعَالَى:{اعْمَلُوا آل دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (4) } قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: قِلَّةُ أَهْل الشُّكْرِ فِي الْعَالَمِينَ يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ خَوَاصُّ اللَّهِ تَعَالَى.</p>ز - مَا وَرَدَ مِنْ دُعَاءِ الصَّالِحِينَ أَنْ يُلْهِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى شُكْرَ نِعَمِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا كَقَوْل سُلَيْمَانَ: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ (5) } وَوَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا (6) وَأَوْصَى مَنْ يُحِبُّهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِاللَّهِ عَلَى شُكْرِهِ فَقَال: {<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة إبراهيم / 7.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 158.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الشورى / 23.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة سبأ / 13.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة النمل / 19.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث: " رب اجعلني لك شكارًا ". أخرجه الترمذي (5 / 554 - ط. الحلبي) من حديث ابن عباس، وقال:" حديث حسن صحيح ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لأَُحِبُّكَ. . أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُل صَلَاةٍ تَقُول: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ (1) .</p>ح - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَنَ الشُّكْرَ بِالصَّبْرِ فَقَال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآِيَاتٍ لِكُل صَبَّارٍ شَكُورٍ (2) } فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَالشُّكْرُ عَلَى النِّعَمِ أَوْ زَوَال النِّقَمِ، وَالصَّبْرُ عِنْدَ زَوَال النِّعَمِ أَوْ حُلُول الْبَلَاءِ. وَلأَِنَّ الصَّبْرَ عَلَى الطَّاعَةِ عَيْنُ الشُّكْرِ عَلَيْهَا (3) .</p>وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: الإِْيمَانُ نِصْفَانِ فَنِصْفٌ فِي الصَّبْرِ وَنِصْفٌ فِي الشُّكْرِ (4) وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ مَوْقُوفًا (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَكُونُ عَلَيْهِ الشُّكْرُ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الأَْوَّل: الشُّكْرُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " يا معاذ، والله إني لأحبك. . . . ". أخرجه أبو داود (2 / 181 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (3 / 273 - 274 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة إبراهيم / 5.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مدارج السالكين 2 / 243.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " الإيمان نصفان، فنصف في الصبر ونصف في الشكر ". أخرجه البيهقي في الشعب كما في الجامع الصغير للسيوطي (3 / 188 - بشرحه الفيض، ط المكتبة التجارية)، وقال المناوي:" فيه يزيد الرقاشي، قال الذهبي وغيره: متروك ".</p><font color=#ff0000>(5)</font> تفسير القرطبي عند الآية (5) من سورة إبراهيم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>أَنْعَمَ بِهَا عَلَى الشَّاكِرِ، وَالْعَبْدُ فِي كُل أَحْوَالِهِ إِنَّمَا هُوَ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ نَبَّهَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ (1) } وَكَثِيرٌ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَارِدَةٌ فِي تَعْدَادِ تِلْكَ النِّعَمِ بِالتَّفْصِيل، وَفِي لَفْتِ الأَْنْظَارِ إِلَى وُجُوهِ اللُّطْفِ فِيهَا، وَإِلَى الاِعْتِبَارِ بِهَا، وَبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا وَضَعَهَا لِيَبْتَلِيَ بِهَا الإِْنْسَانَ هَل يَشْكُرُ أَمْ يَكْفُرُ.</p>فَمِنْ ذَلِكَ نِعْمَةُ خَلْقِ الأَْرْضِ فِرَاشًا وَالسَّمَاءِ بِنَاءً وَالشَّمْسِ ضِيَاءً وَالْقَمَرِ نُورًا وَتَقْدِيرِ الأَْقْوَاتِ فِي الأَْرْضِ وَإِنْزَال الْمَطَرِ مِنَ السَّمَاءِ شَرَابًا وَإِنْبَاتِ الزَّرْعِ فِيهَا وَسَائِرِ مَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ بَدَنُ الإِْنْسَانِ، وَخَلْقِ الأَْنْعَامِ وَمَا جَعَلَهُ فِيهَا لِلنَّاسِ مِنْ مَنَافِعَ مِنْ لَحْمِهَا وَلَبَنِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا وَرُكُوبِهَا وَالتَّجَمُّل بِهَا.</p>وَمِنْ ذَلِكَ نِعْمَةُ خَلْقِ الإِْنْسَانِ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَخَلْقِ الأَْسْمَاعِ وَالأَْبْصَارِ وَالأَْفْئِدَةِ لِتَكُونَ وَسَائِل لِلإِْدْرَاكِ، وَتَعْلِيمِ الإِْنْسَانِ الْبَيَانَ.</p>وَمِنْ ذَلِكَ نِعْمَةُ إِرْسَال الرُّسُل وَإِنْزَال الْكُتُبِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى طُرُقِ الإِْيمَانِ. وَهَذِهِ كُلُّهَا نِعَمٌ عَامَّةٌ لَمْ يُخَصَّ بِهَا مُؤْمِنٌ مِنْ كَافِرٍ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 53.</p><font color=#ff0000>(2)</font> عقد كل من الحليمي والغزالي فصلاً لبيان النعم وتعداد أصنافها ووجوهها كمقدمة لبيان أحكام الشكر، انظر المنهاج 2 / 519 - 544، والإحياء 4 / 96 - 119.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>وَمِنْهَا نِعَمٌ خَاصَّةٌ وَأَعْظَمُهَا التَّوْفِيقُ لِلإِْيمَانِ وَالاِهْتِدَاءُ لِلْحَقِّ وَالتَّيْسِيرُ لِلْعَمَل الصَّالِحِ، لأَِنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلْخَلَاصِ مِنَ الْعَذَابِ فِي الآْخِرَةِ وَالتَّحْصِيل لِنِعَمِ اللَّهِ فِيهَا.</p>قَال الْحَلِيمِيُّ: وَأَوْلَى النِّعَمِ بِالشُّكْرِ نِعْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ بِالإِْيمَانِ وَالإِْرْشَادِ إِلَى الْحَقِّ، وَالتَّوْفِيقِ لِقَبُولِهِ، لأَِنَّهُ هُوَ الْغَرَضُ الَّذِي لَيْسَ بِتَابِعٍ لِمَا سِوَاهُ، وَكُل غَرَضٍ سِوَاهُ فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ، وَالتَّيْسِيرُ لَهُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ تَقْتَضِي الشُّكْرَ لَهَا بِالاِنْتِهَاءِ عَنِ الْمَعَاصِي وَإِتْبَاعِ الإِْيمَانِ حُقُوقَهُ؛ لأَِنَّ الإِْيمَانَ بِاللَّهِ عَهْدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَلِكُل عَهْدٍ وَفَاءٌ. وَكُل عِبَادَةٍ تَتْلُو الإِْيمَانَ مِنْ فِعْل شَيْءٍ فَهُوَ شُكْرٌ لِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّيْسِيرُ لِكُل شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نِعْمَةٌ يَجِبُ شُكْرُهَا بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ (1) .</p><font color=#ff0000>8 -</font>‌<span class="title">‌ النَّوْعُ الثَّانِي: الشُّكْرُ عَلَى دَفْعِ النِّقَمِ </span>سَوَاءٌ انْدَفَعَتْ عَنْهُ أَوْ عَنْ نَحْوِ وَلَدِهِ أَوْ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ كَذَهَابِ مَرَضٍ أَوِ انْحِسَارِ طَاعُونٍ أَوْ عَدُوٍّ، وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُخْشَى ضَرَرُهُ كَغَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ وَمِنْهُ قَوْل أَهْل الْجَنَّةِ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (2) } .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنهاج في شعب الإيمان 2 / 554.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة فاطر / 34.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>وَاحْتَجَّ النَّوَوِيُّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ أُتِيَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، فَأَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَال لَهُ جِبْرِيل: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ لَغَوَتْ أُمَّتُكَ (1) .</p>وَإِذَا رَأَى السَّلِيمُ مُبْتَلًى فِي عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ، سُنَّ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى الْعَافِيَةِ (2)، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ (3) .</p>وَوَرَدَ أَنَّ السَّلِيمَ يَقُول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّوْعُ الثَّالِثُ:</p>الشُّكْرُ عِنْدَ الْمَكْرُوهَاتِ مِنَ الْبَلْوَى وَالْمَصَائِبِ وَالآْلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> وَهُوَ مَشْرُوعٌ، لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَال اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُول: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به أتي بقدحين من خمر ولبن ". أخرجه البخاري (الفتح 8 / 391 - ط. السلفية) ومسلم (3 / 1592 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 2 / 99، وأسنى المطالب 1 / 199، ومطالب أولي النهى 1 / 590، والأذكار للنووي ص 104.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد لرؤية زمن ". أخرجه البيهقي (2 / 371 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وأعله بالإرسال.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ". أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي 9 / 391 - 392 - ط. السلفية) من حديث أبي هريرة، وقال:" حديث حسن غريب ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>نَعَمْ. فَيَقُول: مَاذَا قَال عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُول اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ (1) .</p>وَوَجْهُ الشُّكْرِ عَلَيْهَا مَا فِيهَا مِنْ تَكْفِيرِ الْخَطَايَا وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وَمَا فِي الصَّبْرِ عَلَيْهَا مِنَ الأَْجْرِ.</p>وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ: يَكُونُ الشُّكْرُ كَظْمًا لِلْغَيْظِ الَّذِي أَصَابَهُ، وَسَتْرًا لِلشَّكْوَى، وَرِعَايَةً لِلأَْدَبِ، وَسُلُوكًا لِمَسْلَكِ الْعِلْمِ، لأَِنَّهُ شَاكِرٌ لِلَّهِ شُكْرَ مَنْ رَضِيَ بِقَضَائِهِ (2) .</p>وَلِذَا صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرِيضِ إِنْ سُئِل عَنْ حَالِهِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الشَّكْوَى إِلَى طَبِيبٍ. قَالُوا: لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: إِذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْل الشَّكْوَى فَلَيْسَ بِشَاكٍ (3) قَال الْبُهُوتِيُّ: وَكَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إذا مات ولد العبد. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 332 - ط. الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> مدارج السالكين 2 / 254، وإحياء علوم الدين 4 / 125 - 129.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك ". أورده القاضي ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1 / 151 - 152 - ط. مطبعة الاعتدال بدمشق) من طريق بشر بن الحارث الذي ذكره بإسناده.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>أَحْمَدُ أَوَّلاً يَحْمَدُ اللَّهَ فَقَطْ فَلَمَّا دَخَل عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ طَبِيبُ السُّنَّةِ وَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ صَارَ إِذَا سَأَلَهُ قَال: أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ، أَجِدُ كَذَا وَكَذَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى:</span></p> </p><font color=#ff0000>10 -</font>‌<span class="title">‌ يَتَحَقَّقُ شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى النِّعْمَةِ بِأُمُورٍ:</span></p>أَوَّلُهَا: مَعْرِفَةُ النِّعْمَةِ، بِأَنْ يَعْرِفَ أَنَّهَا نِعْمَةٌ، وَيَعْرِفَ قَدْرَهَا وَيَعْرِفَ وَجْهَ كَوْنِهَا نِعْمَةً وَيَسْتَحْضِرَهَا فِي الذِّهْنِ وَيُمَيِّزَهَا، إِذْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ تُحْسِنُ إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي. وَقَدْ نَبَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِ النِّعَمِ بِقَوْلِهِ: انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَل مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (2) .</p>وَالثَّانِي: مَعْرِفَةُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِاللَّهِ، أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ النِّعَمَ مِنْهُ، لَمْ يُتَصَوَّرْ شُكْرُهُ لَهُ، وَإِذَا عَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ أَحَبَّهُ عَلَيْهَا.</p>وَالثَّالِثُ: قَبُول النِّعْمَةِ بِإِظْهَارِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَمَعْرِفَةِ أَنَّ وُصُولَهَا إِلَيْهِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ مِنَ الْعَبْدِ وَلَا بَذْل ثَمَنٍ بَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" انظروا إلى من هو أسفل منكم. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2275 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>بِمَحْضِ فَضْل اللَّهِ تَعَالَى.</p>وَالرَّابِعُ: الثَّنَاءُ عَلَى الْمُنْعِمِ بِهَا، وَعَدَمُ كِتْمَانِهَا فَإِنَّ كِتْمَانَهَا كُفْرَانٌ لَهَا، وَالثَّنَاءُ إِمَّا عَامٌّ كَوَصْفِهِ تَعَالَى بِالْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالْبِرِّ وَالإِْحْسَانِ، وَإِمَّا خَاصٌّ وَهُوَ التَّحَدُّثُ بِتِلْكَ النِّعْمَةِ وَإِسْنَادُ التَّفَضُّل بِهَا إِلَى الْمُنْعِمِ بِهَا، وَحَمْدُهُ عَلَيْهَا، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (1) } وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ (2) .</p>وَالْخَامِسُ: تَرْكُ اسْتِعْمَالِهَا فِيمَا يَكْرَهُهُ الْمُنْعِمُ بِهَا، وَالْعَمَل بِمَا يُرْضِيهِ فِيهَا (3) .</p>وَالسَّادِسُ: فِعْل الطَّاعَاتِ شُكْرًا عَلَى النِّعَمِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَل لَكُمُ الأَْرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً. . .} الآْيَةَ (4) وَوَرَدَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ. فَقِيل يَا رَسُول اللَّهِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الضحى / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " التحدث بنعمة الله شكر ". أخرجه أحمد (4 / 278 - ط. الميمنية) من حديث النعمان بن بشير، وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مدارج السالكين 2 / 244، 247 - 258، والمنهاج في شعب الإيمان 2 / 545، 546، وإحياء علوم الدين 4 / 79 نشر مصطفى الحلبي، 1358 هـ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة 21، 22.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>أَتَتَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ؟ قَال: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا (1) ؟ .</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَضِدُّ شُكْرِ النِّعَمِ الْكُفْرَانُ بِهَا، وَهُوَ غَيْرُ الْكُفْرِ الْمُخْرِجِ عَنِ الْمِلَّةِ، وَيُسَمِّيهِ الْعُلَمَاءُ " كُفْرُ النِّعْمَةِ ".</p>فَمِنْ وُجُوهِ الْكُفْرِ بِهَا أَنْ لَا يَعْرِفَ النِّعْمَةَ، أَوْ أَنْ يَبْخَسَهَا حَقَّهَا مِنَ التَّقْدِيرِ.</p>وَمِنْهَا أَنْ يُنْكِرَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ يَنْسِبَهَا إِلَى غَيْرِ الْمُتَفَضِّل بِهَا كَمَا يَفْعَل أَهْل الشِّرْكِ إِذْ يَشْكُرُونَ أَنْدَادَهُمْ وَأَصْنَامَهُمْ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَكَمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: مَنْ قَال مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ (2) .</p>وَمِنْهَا أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ حَصَّل مَا حَصَّل مِنَ النِّعَمِ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، أَوْ كَمَا قَال قَارُونُ {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي (3) } .</p>وَمِنْهَا أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ مَا حَصَل لَهُ مِنَ النِّعَمِ حَصَل بِاسْتِحْقَاقٍ لَهُ عَلَى اللَّهِ، لَا مِنْ فَضْل اللَّهِ عَلَيْهِ.</p>وَمِنْهَا: تَرْكُ الثَّنَاءِ بِهَا عَلَى الْمُنْعِمِ بِهَا وَتَرْكُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أفلا أكون عبدًا شكورًا ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 14 - ط. السلفية)، ومسلم (4 / 2171 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحديث القدسي:" من قال: مطرنا بنوء كذا. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 522 - ط. السلفية) ، ومسلم (1 / 84 - ط. الحلبي) من حديث زيد بن خالد الجهني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة القصص / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>التَّحَدُّثِ بِهَا، وَكَذَلِكَ كِتْمَانُهَا بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا النَّاسُ لِحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ (1) .</p>وَقَيَّدَ الْحَلِيمِيُّ هَذَا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ احْتِيَاطٌ لِنَفْسِهِ.</p>وَمِنْهَا: التَّعَالِي بِهَا عَلَى سَائِرِ عِبَادِ اللَّهِ وَالزَّهْوُ وَالْمُكَاثَرَةُ وَالْبَغْيُ وَالْمُفَاخَرَةُ.</p>وَمِنْهَا: اسْتِعْمَالُهَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْعُ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ الْوَاجِبَةِ فِيهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّكْرُ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ لَفْظًا بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُل الأَْكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا (3) وَفِيهِ الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ (4) .</p>وَقَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ اسْتِحْبَابُ أَذْكَارٍ بِصِيَغٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " أخرجه الترمذي (5 / 124 - ط. الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو، وقال:" حديث حسن ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنهاج في شعب الإيمان 2 / 546 - 547، وإحياء علوم الدين 4 / 87، 120.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة. . . . " أخرجه مسلم (4 / 2905 - ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر ". أخرجه الترمذي (4 / 653 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال:" حديث حسن غريب ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>مُعَيَّنَةٍ فِيهَا التَّحْمِيدُ عِنْدَ حُصُول نِعَمٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (تَحْمِيدٌ)(وَذِكْرٌ) .</p>وَيَكُونُ الشُّكْرُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا بِفِعْل قُرْبَةٍ مِنَ الْقُرَبِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ يَتَصَدَّقَ مَعَ سُجُودِ الشُّكْرِ أَوْ دُونَهُ (1) .</p>وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ لَا يَجُوزُ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِصَلَاةٍ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ (2) .</p>وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَةً أَوْ يَصْنَعَ دَعْوَةً، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ الدَّعَوَاتِ الَّتِي تُصْنَعُ لِمَا يَتَجَدَّدُ مِنَ النِّعَمِ كَالْوَكِيرَةِ الَّتِي تُصْنَعُ لِلْمَسْكَنِ الْمُتَجَدِّدِ، وَالنَّقِيعَةِ الَّتِي تُصْنَعُ لِقُدُومِ الْغَائِبِ، وَالْحُذَّاقِ وَهُوَ مَا يُصْنَعُ عِنْدَ خَتْمِ الصَّبِيِّ الْقُرْآنَ.</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ مُسْتَحَبَّةٌ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَيْسَ لِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ - يَعْنِي مَا عَدَا وَلِيمَةَ الْعُرْسِ وَالْعَقِيقَةَ - فَضِيلَةٌ تَخْتَصُّ بِهَا، وَلَكِنْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّعْوَةِ لِغَيْرِ سَبَبٍ حَادِثٍ، فَإِذَا قَصَدَ بِهَا فَاعِلُهَا شُكْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِطْعَامَ إِخْوَانِهِ، وَبَذْل طَعَامِهِ، فَلَهُ أَجْرُ ذَلِكَ إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 2 / 98، وأسنى المطالب 1 / 199، 72، وروضة الطالبين 1 / 325.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية شرح المنهاج 1 / 209.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>شَاءَ اللَّهُ (1) . وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (دَعْوَةٌ) .</p>وَإِذَا نَذَرَ الإِْنْسَانُ أَنْ يَصْنَعَ الْقُرْبَةَ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعْمَةِ وَانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ فَذَلِكَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ، وَحُكْمُهُ وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِهِ انْظُرْ مُصْطَلَحَ (نَذْرٌ (2)) .</p>وَمِمَّا يُسَنُّ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ وَانْدِفَاعِ النِّقَمِ مِمَّا لَهُ وَقْعٌ أَنْ يَسْجُدَ لِلَّهِ تَعَالَى عِنْدَ حُصُول ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ الإِْنْسَانُ وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سُجُودُ الشُّكْرِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: شُكْرُ الْعِبَادِ عَلَى الْمَعْرُوفِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> شُكْرُ الْمُنْعِمِ أَمْرٌ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُقَلَاءُ فِي اسْتِحْسَانِهِ. وَكُل مُنْعَمٍ عَلَيْهِ يَنْبَغِي لَهُ الشُّكْرُ لِمَنْ أَوْلَاهُ تِلْكَ النِّعْمَةَ وَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَةً لِحَدِيثِ: مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيل لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ (3) وَحَدِيثِ: إِنَّ أَشْكَرَ النَّاسِ لِلَّهِ أَشْكَرُهُمْ لِلنَّاسِ (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 11، 12، وشرح المنهاج بهامش حاشية القليوبي 3 / 295.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر مثلاً: الجمل على شرح المنهج 5 / 325، والمغني 9 / 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير " أخرجه أحمد (4 / 278 - ط. الميمنية) من حديث النعمان بن بشير، وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" إن أشكر الناس لله أشكرهم للناس ". أخرجه أحمد (5 / 212 - ط. الميمنية) من حديث الأشعث بن قيس، وفي إسناده جهالة، ولكن له شواهد يتقوى بها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى شَكَرَ الْمُحْسِنِينَ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُمْ فَالْعَبْدُ أَوْلَى بِأَنْ يَشْكُرَ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالشُّكْرِ لِلْوَالِدَيْنِ وَقَرَنَ ذَلِكَ بِالشُّكْرِ لَهُ لِعِظَمِ فَضْلِهِمَا فَقَال:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ (1) } وَالشُّكْرُ بِالْفِعْل هُوَ الأَْصْل، بِأَنْ يَجْزِيَ بِالْمَعْرُوفِ مَعْرُوفًا، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أُولِيَ نِعْمَةً فَلْيَشْكُرْهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُظْهِرْ ثَنَاءً حَسَنًا (2) .</p>قَال الْحَلِيمِيُّ: وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الشُّكْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُرِيدَ بِهِ الشُّكْرُ بِالْفِعْل وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقُل فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُظْهِرْ ثَنَاءً حَسَنًا فَإِذَا كَانَتِ النِّعْمَةُ فِعْلاً كَانَ الشُّكْرُ إِحْسَانًا مَكَانَ إِحْسَانٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ قَامَ الذِّكْرُ الْحَسَنُ وَالثَّنَاءُ وَالْبِشْرُ مَقَامَهُ (3) .</p>وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا قَوْمًا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ وَلَا أَحْسَنَ بَذْلاً مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، لَقَدْ كَفَوْنَا الْمُؤْنَةَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة لقمان / 14.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من أولي نعمة فليشكرها. . . " ورد بلفظ: " من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن فإن من أثنى فقد شكر ومن كتم فقد كفر " أخرجه الترمذي (4 / 379 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقال:" حديث حسن ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> المنهاج في شعب الإيمان 2 / 556.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>وَأَشْرَكُونَا فِي الْمِهْنَةِ، لَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالأَْجْرِ كُلِّهِ، فَقَال: أَمَا مَا دَعَوْتُهُمْ وَأَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ مُكَافَأَةً أَوْ شِبْهَ الْمُكَافَأَةِ (1) .</p>وَفِي الْحَدِيثِ: مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَال لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ (2) .</p>وَمِثْلُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ (3) وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ فَإِنَّ مَنْ أَثْنَى فَقَدْ شَكَرَ، وَمَنْ كَتَمَ فَقَدْ كَفَرَ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِدْعَاءُ الشُّكْرِ مِنَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الشُّكْرُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مُسْتَحَبًّا إِلَاّ أَنَّ طَلَبَ مُسْدِي الْمَعْرُوفِ أَنْ يُشْكَرَ عَلَيْهِ خِلَافُ الأَْوْلَى، وَخَاصَّةً فِيمَا مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أنس:" أن ناسًا من المهاجرين. . . ". أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (6 / 513 - ط دار الكتب العلمية) وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من صنع إليه معروف. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 380 - ط الحلبي) من حديث أنس، وقال:" حديث حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من صنع إليكم معروفًا فكافئوه. . . . " أخرجه أبو داود (2 / 310 - تحقيق عزت عبيد دعاس)، والحاكم (1 / 218 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمر.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" من أعطي عطاء فوجد فليجز به " أخرجه الترمذي (4 / 379 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقال:" حديث حسن غريب ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>شَأْنِهِ أَنْ يُعْمَل لِلَّهِ، وَلِذَلِكَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يُحْسِنُ إِلَى الضُّعَفَاءِ دُونَ أَنْ يَنْتَظِرَ مِنْهُمْ شُكْرًا أَوْ جَزَاءً قَال تَعَالَى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (1) } قَال مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَمَا وَاللَّهِ مَا قَالُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَكِنْ عَلِمَ اللَّهُ بِهِ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِهِ لِيَرْغَبَ فِي ذَلِكَ رَاغِبٌ (2) وَلَوْ أَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى الْمَعْرُوفِ لَمْ يَحْرُمْ.</p>وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ شَهِدَ لأَِبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَال لَهُ: أَوَلَا تَحْمَدُنِي عَلَى مَا شَهِدْتَ الْحَقَّ (3) ؟</p>قَال الرَّازِيَّ: الإِْحْسَانُ إِلَى الْغَيْرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، إِمَّا طَلَبًا لِمُكَافَأَةٍ، أَوْ طَلَبًا لِحَمْدٍ أَوْ ثَنَاءٍ. وَتَارَةً يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِغَيْرِهِ.</p>وَالنَّوْعُ الأَْوَّل هُوَ الْمَقْبُول عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالأَْخِيرُ هُوَ الشِّرْكُ. أهـ (4) .</p>وَلَيْسَ هُوَ الشِّرْكَ الْمُخْرِجَ عَنِ الْمِلَّةِ بَل هُوَ الشِّرْكُ فِي الْقَصْدِ وَهُوَ يُحْبِطُ الْعَمَل الَّذِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الإنسان / 8، 9.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير ابن كثير 4 / 455، والقرطبي 19 / 130.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير ابن كثير 1 / 437.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير الرازي 30 / 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>أَشْرَكَ بِهِ، دُونَ غَيْرِهِ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَل إِلَاّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا. وَأَمَّا إِذَا عَمِلَهُ طَلَبًا لِلْمُكَافَأَةِ أَوِ الْحَمْدِ فَلَهُ مَا طَلَبَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ حَرَامًا إِلَاّ أَنْ يُظْهِرَ أَنَّهُ لِلَّهِ وَيُبْطِنَ خِلَافَ ذَلِكَ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ رِيَاءً.</p>فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُشْكَرَ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَل مِنَ الْخَيْرِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَرَامًا خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) } فَقَدْ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران / 188.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير ابن كثير 1 / 437.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَكٌّ</span></p> </p>‌<span class="title">‌تَعْرِيفُهُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّكُّ لُغَةً: نَقِيضُ الْيَقِينِ وَجَمْعُهُ شُكُوكٌ. يُقَال شَكَّ فِي الأَْمْرِ وَتَشَكَّكَ إِذَا تَرَدَّدَ فِيهِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، سَوَاءٌ اسْتَوَى طَرَفَاهُ أَوْ رَجَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآْخَرِ (1) .</p>قَال اللَّهُ تَعَالَى:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ (2) } أَيْ غَيْرَ مُسْتَيْقِنٍ، وَهُوَ يَعُمُّ حَالَتَيِ الاِسْتِوَاءِ وَالرُّجْحَانِ (3) . وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ (4) قِيل: إِنَّ مُنَاسَبَتَهُ تَرْجِعُ إِلَى وَقْتِ نُزُول قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (5) } . حَيْثُ قَال قَوْمٌ - إِذْ ذَاكَ -<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة:" شَكَّ "، والكليات 3 / 62 وزارة الثقافة دمشق ونجعة الرائد 2 / 193 منشورات المكتبة البوليسية 1970.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة يونس / 94.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" نحن أحق بالشك من إبراهيم " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 201 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 133 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة البقرة / 260.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>شَكَّ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نَبِيُّنَا، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَاضُعًا مِنْهُ وَتَقْدِيمًا لإِِبْرَاهِيمَ عَلَى نَفْسِهِ -: نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ أَيْ أَنَا لَمْ أَشُكَّ مَعَ أَنَّنِي دُونَهُ فَكَيْفَ يَشُكُّ هُوَ؟ (1) .</p>وَالشَّكُّ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: اسْتُعْمِل فِي حَالَتَيِ الاِسْتِوَاءِ وَالرُّجْحَانِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي اسْتُعْمِلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْكَلِمَةُ لُغَةً فَقَالُوا: مَنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ، وَمَنْ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ، أَيْ مَنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ اسْتِوَاءِ الْجَانِبَيْنِ أَوْ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا (2) . وَمَعَ هَذَا فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فِي جُزْئِيَّاتٍ كَثِيرَةٍ (3) . وَالشَّكُّ فِي اصْطِلَاحِ الأُْصُولِيِّينَ: هُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَقَابِلَيْنِ لِوُجُودِ أَمَارَتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ فِي الطَّرَفَيْنِ أَوْ لِعَدَمِ الأَْمَارَةِ فِيهِمَا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) النهاية في غريب الحديث والأثر 2 / 495، المكتبة الإسلامية، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة وغمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 193، 204، المكتبة العلمية، بيروت، ونهاية المحتاج 1 / 114، والموسوعة الفقهية 4 / 295.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المحصول 1 / 101، لجنة البحوث بجامعة ابن سعود الإسلامية سنة 1399 هـ، ونهاية السول في شرح منهاج الأصول للبيضاوي 1 / 40 (المطبعة السلفية القاهرة 1343 هـ) ، والكليات للكفوي 3 / 62 - 63.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْيَقِينُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْيَقِينُ مَصْدَرُ يَقِنَ الأَْمْرُ يَيْقَنُ إِذَا ثَبَتَ وَوَضَحَ، وَيُسْتَعْمَل مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ وَبِالْيَاءِ، وَيُطْلَقُ - لُغَةً - عَلَى الْعِلْمِ الْحَاصِل عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ وَلِهَذَا لَا يُسَمَّى عِلْمُ اللَّهِ يَقِينًا (1) . وَهُوَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الأُْصُول: الاِعْتِقَادُ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ الثَّابِتِ (2) . فَالْيَقِينُ ضِدُّ الشَّكِّ (3) . فَيُقَال شَكَّ وَتَيَقَّنَ وَلَا يُقَال شَكَّ وَعَلِمَ لأَِنَّ الْعِلْمَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ عَلَى سَبِيل الثِّقَةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الاِشْتِبَاهُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِشْتِبَاهُ هُوَ مَصْدَرُ اشْتَبَهَ، يُقَال: اشْتَبَهَ الشَّيْئَانِ وَتَشَابَهَا، إِذَا أَشْبَهَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآْخَرَ، كَمَا يُقَال: اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الأَْمْرُ أَيِ اخْتَلَطَ وَالْتَبَسَ لِسَبَبٍ مِنَ الأَْسْبَابِ أَهَمُّهَا الشَّكُّ، فَالْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا - إِذًا - سَبَبِيَّةٌ حَيْثُ يُعَدُّ الشَّكُّ سَبَبًا هَامًّا مِنْ أَسْبَابِ الاِشْتِبَاهِ. كَمَا قَدْ يَكُونُ الاِشْتِبَاهُ سَبَبًا لِلشَّكِّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والقاموس المحيط (يقن) والفروق في اللغة ص 72، نشر الدار العربية للكتاب، تونس 1983، والكليات للكفوي 5 / 116.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المحصول 1 / 99 وما بعدها، ونهاية السول 1 / 39، 40.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق في اللغة ص 73، وشرح القواعد الفقهية ص 35.</p><font color=#ff0000>(4)</font> راجع مصطلح (اشتباه) بالموسوعة الفقهية 4 / 290 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الظَّنُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الظَّنُّ مَصْدَرُ ظَنَّ مِنْ بَابِ قَتَل وَهُوَ خِلَافُ الْيَقِينِ، وَيُطْلَقُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ عَلَى الطَّرَفِ الرَّاجِحِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ (1) . وَقَدْ يُسْتَعْمَل مَجَازًا بِمَعْنَى الْيَقِينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ (2) } وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَا يُفَرِّقُونَ غَالِبًا بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْوَهْمُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْوَهْمُ مَصْدَرُ وَهِمَ وَهُوَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ طَرَفُ الْمَرْجُوحِ مِنْ طَرَفَيِ الشَّكِّ (3) . وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الْحَمَوِيُّ - نَقْلاً عَنْ مُتَأَخِّرِي الأُْصُولِيِّينَ - حَيْثُ قَال: الْوَهْمُ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَضْعَفُ مِنَ الآْخَرِ (4) .</p>وَالْمُتَأَكِّدُ أَنَّهُ لَا يَرْتَقِي لإِِحْدَاثِ اشْتِبَاهٍ (5) . " إِذْ لَا عِبْرَةَ لِلتَّوَهُّمِ (6) ". وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ اسْتِنَادًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر 1 / 193، 204، والمحصول للرازي 1 / 101، ونهاية السول للأسنوي 1 / 40، والكليات للكفوي 3 / 63، والمصباح المنير للفيومي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 46.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المحصول 1 / 101، ونهاية السول 1 / 40، وغمز عيون البصائر على الأشباه 1 / 193، 204، والكليات 3 / 63، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 193.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الموسوعة الفقهية 4 / 291.</p><font color=#ff0000>(6)</font> مجلة الأحكام العدلية المادة 74.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>عَلَى وَهْمٍ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشَّيْءِ الثَّابِتِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ بِوَهْمٍ طَارِئٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَقْسَامُ الشَّكِّ بِاعْتِبَارِ حُكْمِ الأَْصْل الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَنْقَسِمُ الشَّكُّ - إِجْمَالاً - بِهَذَا الاِعْتِبَارِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الأَْوَّل: </span>شَكٌّ طَرَأَ عَلَى أَصْلٍ حَرَامٍ مِثْل أَنْ يَجِدَ الْمُسْلِمُ شَاةً مَذْبُوحَةً فِي بَلَدٍ يَقْطُنُهُ مُسْلِمُونَ وَمَجُوسٌ فَلَا يَحِل لَهُ الأَْكْل مِنْهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا ذَكَاةُ مُسْلِمٍ، لأَِنَّ الأَْصْل فِيهَا الْحُرْمَةُ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الذَّكَاةِ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا، فَلَوْ كَانَ مُعْظَمُ سُكَّانِ الْبَلَدِ مُسْلِمِينَ جَازَ الإِْقْدَامُ عَلَيْهَا وَالأَْكْل مِنْهَا عَمَلاً بِالْغَالِبِ الْمُفِيدِ لِلْحِلِّيَّةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّانِي: </span>شَكٌّ طَرَأَ عَلَى أَصْلٍ مُبَاحٍ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُسْلِمُ مَاءً مُتَغَيِّرًا فَلَهُ أَنْ يَتَطَهَّرَ مِنْهُ مَعَ احْتِمَال أَنْ يَكُونَ تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ، أَوْ طُول مُكْثٍ، أَوْ كَثْرَةِ وُرُودِ السِّبَاعِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اسْتِنَادًا إِلَى أَنَّ الأَْصْل طَهَارَةُ الْمِيَاهِ (3) . مَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القواعد الفقهية ص 378 - دار القلم. دمشق ط 1 - 1406 هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر لابن نجيم جـ 1 ص 193، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1 / 22. المطبعة الأزهرية. مصر سنة 1328 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصدرين السابقين، وانظر: بدائع الصنائع 1 / 73، دار الكتاب العربي بيروت، ومواهب الجليل (بهامشه التاج والإكليل) 1 / 64 - 65 - 53.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>الْعِلْمِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفِ الْمُؤْمِنِينَ تَجَشُّمَ الْبَحْثِ لِلْكَشْفِ عَنْ طَهَارَتِهِ أَوْ نَجَاسَتِهِ تَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ، حَيْثُ وَرَدَ فِي الأَْثَرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خَرَجَ فِي رَكْبٍ فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه حَتَّى وَرَدُوا حَوْضًا فَقَال عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ: يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ هَل تَرِدُ حَوْضَكَ السِّبَاعُ؟ فَقَال عُمَرُ: يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ لَا تُخْبِرْنَا، فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى السِّبَاعِ، وَتَرِدُ عَلَيْنَا (1) .</p>وَفِيهِ أَيْضًا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَفْسَهُ كَانَ مَارًّا مَعَ صَاحِبٍ لَهُ فَسَقَطَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنْ مِيزَابٍ، فَقَال صَاحِبُهُ: يَا صَاحِبَ الْمِيزَابِ مَاؤُكَ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ؟ فَقَال عُمَرُ: يَا صَاحِبَ الْمِيزَابِ لَا تُخْبِرْنَا، وَمَضَى (2) .</p>فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ طَاهِرٌ وَمَاءٌ نَجِسٌ تَحَرَّى، فَمَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى طَهَارَتِهِ تَوَضَّأَ بِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ: </span>شَكٌّ لَا يُعْرَفُ أَصْلُهُ مِثْل التَّعَامُل مَعَ شَخْصٍ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ دُونَ تَمْيِيزٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنتقى 1 / 62، وإغاثة اللهفان ص 82، مصر سنة 1320 هـ. وأثر عمر بن الخطاب: خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص. أخرجه مالك في الموطأ (1 / 23 - 24 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصدر السابق.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 1 / 86. دار القلم. عمان ط 1.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>لِهَذَا مِنْ ذَاكَ لاِخْتِلَاطِ النَّوْعَيْنِ مَعًا اخْتِلَاطًا يَصْعُبُ تَحْدِيدُهُ، فَمِثْل هَذَا الشَّخْصِ لَا تَحْرُمُ مُبَايَعَتُهُ وَلَا التَّعَامُل مَعَهُ لإِِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَابِل حَلَالاً طَيِّبًا، وَلَكِنْ رَغْمَ هَذَا الاِحْتِمَال فَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّعَامُل مَعَهُ خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ (1) . كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ " الْمَشْكُوكَ فِي وُجُوبِهِ لَا يَجِبُ فِعْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ بَل يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ احْتِيَاطًا (2) ".</p> </p>‌<span class="title">‌أَقْسَامُ الشَّكِّ بِحَسَبِ الإِْجْمَاعِ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَإِلْغَائِهِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الشَّكَّ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ يَنْقَسِمُ أَيْضًا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الأَْوَّل: </span>مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ كَالشَّكِّ فِي الْمُذَكَّاةِ وَالْمَيْتَةِ، فَالْحُكْمُ تَحْرِيمُهُمَا مَعًا.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّانِي: </span>مُجْمَعٌ عَلَى إِلْغَائِهِ، كَمَنْ شَكَّ هَل طَلَّقَ أَمْ لَا؟ فَلَا شَيْءَ. عَلَيْهِ، وَشَكُّهُ يُعْتَبَرُ لَغْوًا.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ: </span>اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَعْلِهِ سَبَبًا، كَمَنْ شَكَّ هَل أَحْدَثَ أَمْ لَا؟ فَقَدِ اعْتَبَرَهُ مَالِكٌ دُونَ الشَّافِعِيِّ. وَمَنْ شَكَّ هَل طَلَّقَ ثَلَاثًا أَمِ اثْنَتَيْنِ؟ أَلْزَمَهُ مَالِكٌ الطَّلْقَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر 1 / 193.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1 / 22، القواعد الفقهية للندوي ص 218.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>الْمَشْكُوكَ فِيهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (1) وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.</p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ لَا يُزِيل الْيَقِينَ</span>، أَوِ " الْيَقِينُ لَا يَزُول بِالشَّكِّ " أَوْ " لَا شَكَّ مَعَ الْيَقِينِ ":</p><font color=#ff0000>8 -</font> هَذِهِ الْقَاعِدَةُ - عَلَى اخْتِلَافِ تَرَاكِيبِهَا - مِنْ أُمَّهَاتِ الْقَوَاعِدِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الأَْحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَدْ قِيل: إِنَّهَا تَدْخُل فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَالْمَسَائِل الْمُخَرَّجَةُ عَنْهَا مِنْ عِبَادَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ تَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ عِلْمِ الْفِقْهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الْمِيرَاثِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الْمِيرَاثُ اسْتِحْقَاقٌ وَكُل اسْتِحْقَاقٍ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِثُبُوتِ أَسْبَابِهِ وَتَوَفُّرِ شُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ، وَهَذِهِ لَا تَثْبُتُ إِلَاّ بِيَقِينٍ، فَلَا يُتَصَوَّرُ مَثَلاً ثُبُوتُ الاِسْتِحْقَاقِ بِالشَّكِّ فِي طَرِيقِهِ وَبِالتَّالِي لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ الْمِيرَاثِ بِالشَّكِّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الأَْرْكَانِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> أَرْكَانُ الشَّيْءِ هِيَ أَجْزَاءُ مَاهِيَّتِهِ الَّتِي يَتَكَوَّنُ مِنْهَا، وَهِيَ الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى تَوَفُّرِ شُرُوطِهَا (4) . وَأَرْكَانُ أَيِّ عِبَادَةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ يُرَادُ بِهَا فَرَائِضُهَا الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا إِذْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 1 / 225، 226 (دار إحياء الكتب ط 1 س 1344 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر على الأشباه 1 / 194.</p><font color=#ff0000>(3)</font> راجع: شرح السراجية للجرجاني 1 / 219. مطبعة الحلبي بمصر سنة 1363 هـ 1944 م.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>لَا فَرْقَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْفَرْضِ إِلَاّ فِي الْحَجِّ حَيْثُ تَتَمَيَّزُ الأَْرْكَانُ فِيهِ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَالْفُرُوضِ بِعَدَمِ جَبْرِهَا بِالدَّمِ (1) .</p>فَمَنْ شَكَّ فِي رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْعِبَادَةِ أَوْ فِي فَرْضٍ مِنْ فَرَائِضِهَا، هَل أَتَى بِهِ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ الْمُحَقَّقِ عِنْدَهُ، وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ سَجْدَتَيْنِ لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَل مَا شَكَّ فِيهِ، فَيَكُونَ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَحْضُ زِيَادَةٍ، وَقَال ابْنُ لُبَابَةَ: يَسْجُدُ قَبْل السَّلَامِ، وَفِي غَلَبَةِ الظَّنِّ هُنَا قَوْلَانِ دَاخِل الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ: مِنْهُمْ مَنِ اعْتَبَرَهَا كَالشَّكِّ وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَبَرَهَا كَالْيَقِينِ (2) .</p>وَفِيمَا تَقَدَّمَ يَقُول الشَّيْخُ ابْنُ عَاشِرٍ - صَاحِبُ الْمُرْشِدِ الْمُعِينِ:</p> </p>مَنْ شَكَّ فِي رُكْنٍ بَنَى عَلَى الْيَقِينْ</p> </p>وَلْيَسْجُدُوا الْبَعْدِيَّ لَكِنْ قَدْ يَبِينْ (3)</p>.</p>قَال الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ مَيَّارَةَ: وَيُقَيَّدُ كَلَامُ صَاحِبِ هَذَا النَّظْمِ بِغَيْرِ الْمُوَسْوِسِ أَوْ كَالْمُسْتَنْكَحِ لأَِنَّ هَذَا لَا يَعْتَدُّ بِمَا شَكَّ فِيهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر الثمين والمورد المعين في شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين (ميارة الكبرى) 2 / 114 (بهامشه: شرح خطط السداد) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ميارة الكبرى 2 / 32، 33، وميارة الصغرى ص 46 مطبعة التقدم بمصر ط 3 سنة 1332 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المرشد المعين على الضروري من علوم الدين ص 14. (المطبعة العلمية بتونس ط 4 سنة 1345 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>وَشَكُّهُ كَالْعَدَمِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، فَإِذَا شَكَّ هَل صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا بَنَى عَلَى الأَْرْبَعِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ (1) .</p>وَإِجْمَالاً فَإِنَّ الشَّكَّ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُسْتَنْكِحٌ: أَيْ يَعْتَرِي صَاحِبَهُ كَثِيرًا وَهُوَ كَالْعَدَمِ لَكِنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ: وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ مُدَّةٍ وَحُكْمُهُ وُجُوبُ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ، وَأَنَّ السَّهْوَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ: مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ (2) .</p>رَاجِعْ مُصْطَلَحَ (سَهْوٌ) مِنَ الْمَوْسُوعَةِ الْفِقْهِيَّةِ.</p>وَإِنَّ مَنْ شَكَّ فِي جُلُوسِهِ هَل كَانَ فِي الشَّفْعِ أَوْ فِي الْوَتْرِ؟ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ لِمَالِكٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ إِلَى رَكْعَتَيِ الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ فَيَصِيرُ قَدْ صَلَّى الشَّفْعَ ثَلَاثًا، وَمِنْ هُنَا طُولِبَ بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: أَيْ مَسْأَلَةَ الشَّكِّ فِي الرُّكْنِ تَتَّفِقُ فِي الْحُكْمِ مَعَ مَسْأَلَةِ التَّحَقُّقِ مِنَ الإِْخْلَال بِرُكْنٍ فَفِي الأُْولَى يُلْغَى الشَّكُّ وَيُبْنَى عَلَى الْيَقِينِ مَعَ السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُجْبَرُ الرُّكْنُ وَيَقَعُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ (3) . وَإِنَّ الَّذِي يَجْمَعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ميارة الكبرى 2 / 32، وميارة الصغرى ص 46 (مختصر الدر الثمين) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ميارة الكبرى 2 / 33 (الدر الثمين) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ميارة الكبرى 2 / 33 (الدر الثمين) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>هَذَا كُلَّهُ هُوَ قَوْلُهُمُ: الشَّكُّ فِي النُّقْصَانِ كَتَحَقُّقِهِ (1) . وَلِذَلِكَ قَال الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ أَتَى بِرَابِعَةٍ أَوْ شَكَّ فِي بَعْضِ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ أَوِ السَّعْيِ أَوْ شَكَّ هَل أَتَى بِالثَّالِثَةِ أَمْ لَا؟ بَنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْيَقِينِ (2) . وَتُتَمِّمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ قَاعِدَةٌ أُخْرَى نَصُّهَا: الشَّكُّ فِي الزِّيَادَةِ كَتَحَقُّقِهَا (3) . كَالشَّكِّ فِي حُصُول التَّفَاضُل فِي عُقُودِ الرِّبَا، وَالشَّكِّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي السَّبَبِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> السَّبَبُ لُغَةً: هُوَ الْحَبْل أَوِ الطَّرِيقُ ثُمَّ اسْتُعِيرَ مِنَ الْحَبْل لِيَدُل عَلَى كُل مَا يُتَوَصَّل بِهِ إِلَى شَيْءٍ، كَقَوْلِهِ جَل ذِكْرُهُ:(وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَْسْبَابُ (5)) أَيِ الْعَلَائِقُ الَّتِي ظَنُّوا أَنَّهَا سَتُوَصِّلُهُمْ إِلَى النَّعِيمِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ: وَإِنْ كَانَ رِزْقُهُ فِي الأَْسْبَابِ أَيْ فِي طُرُقِ السَّمَاءِ وَأَبْوَابِهَا (6) . وَهُوَ - فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص 197 - الرباط 1400 هـ - 1980 م.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصدر السابق 197، 198.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نفس المصدر ص 201.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشريسي ص 201، الفروق للقرافي 1 / 226 الفرق 44.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة البقرة / 166.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث:" وإن كان رزقه في الأسباب " أورده ابن الأثير في " النهاية (2 / 329 - ط الحلبي) ولم نهتد إليه في أي مصدر من المصادر الحديثية لدينا.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ - الأَْمْرُ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّرْعُ أَمَارَةً لِوُجُودِ الْحُكْمِ وَجَعَل انْتِفَاءَهُ أَمَارَةً عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ (1) .</p>وَبِنَاءً عَلَى هَذَا فَإِنَّ السَّبَبَ لَا يَنْعَقِدُ إِلَاّ بِجَعْل الْمُشَرِّعِ لَهُ كَذَلِكَ.</p>وَحَتَّى يَكُونَ السَّبَبُ وَاضِحَ التَّأْثِيرِ - بِجَعْل اللَّهِ - يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَيَقَّنًا إِذْ لَا تَأْثِيرَ وَلَا أَثَرَ لِسَبَبٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالشَّكِّ فِي أَسْبَابِ الْمِيرَاثِ بِأَنْوَاعِهَا (2) . فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ حُصُول الْمِيرَاثِ بِالْفِعْل إِذْ لَا مِيرَاثَ مَعَ الشَّكِّ فِي سَبَبِهِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ (3) . شَأْنُهُ فِي ذَلِكَ شَأْنُ الشَّكِّ فِي دُخُول وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ وَقْتِ الْعَصْرِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَسْبَابِ الْعِبَادَاتِ (4) .</p>وَقَدْ خَصَّصَ الْقَرَافِيُّ فَرْقًا هَامًّا مَيَّزَ فِيهِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ السَّبَبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 1 / 187 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> يتوقف الإرث على ثلاثة أمور: وجود أسبابه وشروطه وانتفاء موانعه، ولكن منها مبحث خاص به، فأما أسبابه المتفق عليها فهي ثلاثة: القرابة والزوجية والولاء. (التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية ص 31 - 38 ط 3 سنة 1407 هـ. المملكة العربية السعودية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 3 / 217، 218، مواهب الجليل 6 / 623، 624، التاج والإكليل 6 / 623 - 624.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جواهر الإكليل شرح مختصر خليل 1 / 33، كشاف القناع 1 / 177، (بهامشه منتهى الإرادات) - الإقناع في فقه أحمد ابن حنبل 1 / 84، 85.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>فِي الشَّكِّ (1) . أَشَارَ فِي بِدَايَتِهِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْمَوْضُوعَ قَدْ أَشْكَل أَمْرُهُ عَلَى جَمِيعِ الْفُضَلَاءِ، وَانْبَنَى عَلَى عَدَمِ تَحْرِيرِهِ إِشْكَالٌ آخَرُ فِي مَوَاضِعَ وَمَسَائِل كَثِيرَةٍ حَتَّى خَرَقَ بَعْضُهُمُ الإِْجْمَاعَ فِيهَا (2) .</p>وَالْقَوْل الْفَصْل فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ حَسَبَ رَأْيِ الْقَرَافِيِّ:" أَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَ الأَْحْكَامَ وَشَرَعَ لَهَا أَسْبَابًا وَجَعَل مِنْ جُمْلَةِ مَا شَرَعَهُ مِنَ الأَْسْبَابِ الشَّكَّ، فَشَرَعَهُ - حَيْثُ شَاءَ - فِي صُوَرٍ عَدِيدَةٍ: فَإِذَا شَكَّ فِي الشَّاةِ وَالْمَيْتَةِ حَرُمَتَا مَعًا، وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ هُوَ الشَّكُّ، وَإِذَا شَكَّ فِي الأَْجْنَبِيَّةِ وَأُخْتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ حَرُمَتَا مَعًا، وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ هُوَ الشَّكُّ، وَإِذَا شَكَّ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ، وَسَبَبُ وُجُوبِ الْخَمْسِ هُوَ الشَّكُّ، وَإِذَا شَكَّ هَل تَطَهَّرَ أَمْ لَا؟ وَجَبَ الْوُضُوءُ، وَسَبَبُ وُجُوبِهِ هُوَ الشَّكُّ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ النَّظَائِرِ (3) .</p>" فَالشَّكُّ فِي السَّبَبِ غَيْرُ السَّبَبِ فِي الشَّكِّ: فَالأَْوَّل يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ وَلَا يَتَقَرَّرُ مَعَهُ حُكْمٌ، وَالثَّانِي لَا يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ وَتَتَقَرَّرُ مَعَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 1 / 225 - تهذيب الفروق 1 / 227 (بهامش الفروق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصدرين السابقين.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نفس المصدرين ص 225، 226 مع تصرف طفيف. وانظر أيضًا: إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشريسي ص 201.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>الأَْحْكَامُ كَمَا هُوَ الْحَال فِي النَّظَائِرِ السَّابِقَةِ " وَلَا نَدَّعِي أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ نَصَبَ الشَّكَّ سَبَبًا فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ بَل فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِحَسَبِ مَا يَدُل عَلَيْهِ الإِْجْمَاعُ أَوِ النَّصُّ، وَقَدْ يُلْغِي صَاحِبُ الشَّرْعِ الشَّكَّ فَلَا يَجْعَل فِيهِ شَيْئًا: كَمَنْ شَكَّ هَل طَلَّقَ أَمْ لَا. فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالشَّكُّ لَغْوٌ، وَمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ هَل سَهَا أَمْ لَا؟ . فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالشَّكُّ لَغْوٌ. فَهَذِهِ صُوَرٌ مِنَ الشَّكِّ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِيهَا، كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى اعْتِبَارِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ.</p>وَقِسْمٌ ثَالِثٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَصْبِهِ سَبَبًا: كَمَنْ شَكَّ هَل أَحْدَثَ أَمْ لَا؟ فَقَدِ اعْتَبَرَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَمَنْ شَكَّ هَل طَلَّقَ ثَلَاثًا أَمِ اثْنَتَيْنِ؟ أَلْزَمَهُ مَالِكٌ الطَّلْقَةَ الْمَشْكُوكَ فِيهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَمَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَشَكَّ مَا هِيَ؟ أَلْزَمَهُ مَالِكٌ جَمِيعَ الأَْيْمَانِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الشَّرَطُ - بِفَتْحَتَيْنِ -: الْعَلَامَةُ وَالْجَمْعُ أَشْرَاطٌ مِثْل سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ، أَيْ عَلَامَاتُهَا وَدَلَائِلُهَا. وَالشَّرْطُ - بِسُكُونِ الرَّاءِ - يُجْمَعُ عَلَى شُرُوطٍ. تَقُول:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة والفروق ص 226 - 227، وتهذيب الفروق بهامش الفروق 1 / 228.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>شَرَطَ عَلَيْهِ شَرْطًا وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ (1) .</p>أَمَّا الشَّرْطُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ: فَهُوَ مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ مُكَمِّلاً لأَِمْرٍ شَرْعِيٍّ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَاّ بِوُجُودِهِ: كَالطَّهَارَةِ؛ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مُكَمِّلَةً لِلصَّلَاةِ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهَا مِنْ تَعْظِيمِهِ سبحانه وتعالى إِذِ الْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيْهِ تَعَالَى مَعَ الطَّهَارَةِ الشَّامِلَةِ لِلْبَدَنِ وَالثِّيَابِ وَالْمَكَانِ أَكْمَل فِي مَعْنَى الاِحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ، وَبِهَذَا الْوَضْعِ لَا تَتَحَقَّقُ الصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ إِلَاّ بِهَا، فَالشَّرْطُ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الْحُكْمِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْمَشْرُوطِ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْحُكْمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ وَلَا عَدَمُهُ (2) .</p>" وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ مَانِعٌ مِنْ تَرَتُّبِ الْمَشْرُوطِ (3) " وَهُوَ كَذَلِكَ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْمَشْرُوطِ (4) . وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَامْتَنَعَ الْقِصَاصُ مِنَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 2 / 460.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق للقرافي 1 / 110، 111، والموافقات للشاطبي 1 / 262، ولباب الفرائض ص 4، مطبعة الإرادة بتونس، والعذب الفائض شرح عمدة الفرائض 1 / 17 (مطبعة الحلبي. مصر. ط 1 سنة 1372 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> قاعدة فقهية نص عليها الونشريسي في كتابه إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص 192.</p><font color=#ff0000>(4)</font> قاعدة فقهية نص عليها القرافي في الفروق 1 / 111.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>الأَْبِ فِي قَتْل ابْنِهِ (1) . وَامْتَنَعَ الإِْرْثُ بِالشَّكِّ فِي مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ حَيَاةِ الْوَارِثِ، وَبِالشَّكِّ فِي انْتِفَاءِ الْمَانِعِ مِنَ الْمِيرَاثِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الْمَانِعِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> الْمَانِعُ لُغَةً: الْحَائِل (3) .</p>أَمَّا الْمَانِعُ فِي الاِصْطِلَاحِ فَقَدْ عُرِّفَ بِقَوْلِهِمْ: هُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ أَجْل وُجُودِهِ الْعَدَمُ - أَيْ عَدَمُ الْحُكْمِ - وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَجْل عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ (4) . كَقَتْل الْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ عَمْدًا وَعُدْوَانًا فَإِنَّهُ يُعَدُّ مَانِعًا مِنَ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ سَبَبُهُ وَهُوَ الْقَرَابَةُ أَوِ الزَّوْجِيَّةُ أَوْ غَيْرُهُمَا.</p>فَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْمَانِعِ فَهَل يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ؟ انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى أَنَّ " الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَا أَثَرَ لَهُ (5) " أَيْ إِنَّ الشَّكَّ مُلْغًى بِالإِْجْمَاعِ (6) . وَمِنْ ثَمَّ أُلْغِيَ الشَّكُّ الْحَاصِل فِي ارْتِدَادِ زَيْدٍ قَبْل وَفَاتِهِ أَمْ لَا؟ وَصَحَّ الإِْرْثُ مِنْهُ اسْتِصْحَابًا لِلأَْصْل الَّذِي هُوَ الإِْسْلَامُ (7) . كَمَا أُلْغِيَ الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك 1 / 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لباب الفرائض ص 4 - العذب الفائض 1 / 17، النهاية في غريب الحديث 4 / 365.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق 1 / 111، والأحكام للآمدي 1 / 67 - لباب الفرائض ص 4، العذب الفائض 1 / 23.</p><font color=#ff0000>(4)</font> قاعدة فقهية ذكرها الونشريسي في إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص 193.</p><font color=#ff0000>(5)</font> القاعدة منقولة عن ابن العربي وذكرها المقري في قواعده ورقمها فيه 650، انظر أيضًا المصدر السابق.</p><font color=#ff0000>(6)</font> الفروق للقرافي 1 / 111.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>بِمَعْنَى شَكُّ الزَّوْجِ هَل حَصَل مِنْهُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الشَّكَّ هُنَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَأَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِصْحَابُ الْعِصْمَةِ الثَّابِتَةِ قَبْل الشَّكِّ، لأَِنَّ الشَّكَّ هُنَا كَانَ مِنْ قَبِيل الشَّكِّ فِي حُصُول الْمَانِعِ وَهُوَ مُلْغًى (1) وَسَيَأْتِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ عِنْدَ تَنَاوُل‌<span class="title">‌ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ</span>.</p>وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ أَيْضًا أُلْغِيَ الشَّكُّ فِي الْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ وَمَا إِلَيْهَا (2) .</p>قَال الْخَطَّابِيُّ - فِي خُصُوصِ الرَّضَاعِ -: هُوَ مِنَ الْمَوَانِعِ الَّتِي يَمْنَعُ وُجُودُهَا وُجُودَ الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، فَهُوَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَيَقْطَعُ اسْتِمْرَارَهُ - إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ - فَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي حُصُولِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ " الشَّكُّ مُلْغًى " وَقَدْ يُقَال: إِنَّ الأَْحْوَطَ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلشَّخْصِ أَنْ يُقْدِمَ إِلَاّ عَلَى فَرْجٍ مَقْطُوعٍ بِحِلِّيَّتِهِ.</p> </p>الشَّكُّ فِي الطَّهَارَةِ:</p><font color=#ff0000>14 -</font> أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ يَحَبُّ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ إِنْ صَلَّى لأَِنَّ الذِّمَّةَ مَشْغُولَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إِلَاّ بِيَقِينٍ، فَإِنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص 193.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>الْوُضُوءَ لَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ عِنْدَهُمْ (1) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَال: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُل يُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَال صلى الله عليه وسلم: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا (2)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ - فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ -: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وُجُوبًا - وَقِيل: اسْتِحْبَابًا - لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الآْخَرِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْكِحًا (3)، وَعَلَى هَذَا يُحْمَل الْحَدِيثُ (4) .</p>وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَالْحَدَثَ مَعًا وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْمَل بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا: فَإِنْ كَانَ قَبْل ذَلِكَ مُحْدَثًا فَهُوَ الآْنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لأَِنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدَثِ وَشَكَّ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار على الدر المختار 1 / 139. بولاق. المطبعة الأميرية ط 3 سنة 1329 هـ، التمهيد لابن عبد البر 5 / 27، نيل الأوطار للشوكاني 1 / 203 مصر سنة 1357 هـ، ونهاية المحتاج 1 / 114، والمغني مع الشرح الكبير 1 / 226، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 1 / 155 - 156.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عبد الله بن زيد قال: شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أخرجه البخاري (الفتح 1 / 237 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 276 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المستنكح هو الذي يشك في كل وضوء وصلاة أو يطرأ عليه ذلك في اليوم مرة أو مرتين (مواهب الجليل 1 / 300) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المدونة الكبرى 1 / 13، 14 - مواهب الجليل 1 / 300، التاج والإكليل 1 / 301، التمهيد 5 / 27، المعيار 1 / 10، 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>انْتِقَاضِهَا، حَيْثُ لَا يَدْرِي هَل الْحَدَثُ الثَّانِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا؟ ، وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَكَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَهُوَ الآْنَ مُحْدِثٌ لأَِنَّهُ مُتَيَقِّنٌ حَدَثًا بَعْدَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ حَيْثُ لَا يَدْرِي هَل الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ أَمْ لَا؟ (1) .</p>قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الأَْصْل حَدَثًا كَانَ أَوْ طَهَارَةً، وَهُوَ قَوْل أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيِّ، وَقَال مَالِكٌ: إِنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ كَثِيرًا فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّ شَكَّهُ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً وَأَنَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ فَرْضًا وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الشَّكَّ عِنْدَهُمْ مُلْغًى، وَأَنَّ الْعَمَل عِنْدَهُمْ عَلَى الْيَقِينِ، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْفِقْهِ فَتَدَبَّرْهُ وَقِفْ عَلَيْهِ (2) .</p>وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا جَاءَ عَنِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا رَأَتْ دَمَ الْحَيْضِ وَلَمْ تَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَنْ رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ حُصُولِهِ، أَيْ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِل وَتُعِيدَ الصَّلَاةَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ، وَهَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموسوعة الفقهية 4 / 295، والتاج والإكليل 1 / 301، والمغني مع الشرح الكبير 1 / 227.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 5 / 27.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>أَقَل الأَْقْوَال تَعْقِيدًا وَأَكْثَرُهَا وُضُوحًا (1) . وَضَابِطُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ قُدَامَةَ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَحُكْمِ الْحَيْضِ الْمُتَيَقَّنِ فِي تَرْكِ الْعِبَادَاتِ (2)</p>وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ - فِي هَذَا الْمَوْضِعِ - مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ - كَمَا سَبَقَ فِي مَفْهُومِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى السَّوَاءِ أَمْ كَانَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ أَرْجَحَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي الْقِبْلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> مَنْ شَكَّ فِي جِهَةِ الْكَعْبَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَل عَنْهَا الْعَالِمِينَ بِهَا مِنْ أَهْل الْمَكَانِ إِنْ وُجِدُوا وَإِلَاّ فَعَلَيْهِ بِالتَّحَرِّي وَالاِجْتِهَادِ لِمَا رَوَاهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُل رَجُلٍ مِنَّا عَلَى حِيَالِهِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (4) } . وَقِبْلَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 132 - 133، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1 / 219 - 220، ومواهب الجليل 1 / 312، والمغني مع الشرح الكبير 1 / 373، والمهذب للشيرازي 1 / 42، 43.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني مع الشرح الكبير 1 / 375.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الموسوعة الفقهية 4 / 295، نهاية المحتاج 1 / 114.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث عامر بن ربيعة: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة. أخرجه الترمذي (2 / 176 - ط الحلبي) وضعف إسناده، وذكر ابن كثير في تفسيره (1 / 278 - ط. دار الأندلس) أسانيده، وقال:" وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضًا ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>الْمُتَحَرِّي - كَمَا وَرَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه هِيَ جِهَةُ قَصْدِهِ (1) . وَالصَّلَاةُ الْوَاحِدَةُ لِجِهَةِ الْقَصْدِ هَذِهِ تُجْزِئُ الْمُصَلِّيَ وَتُسْقِطُ عَنْهُ الطَّلَبَ لِعَجْزِهِ، وَيَرَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الأَْفْضَل لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ لِكُل جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ الأَْرْبَعِ أَخْذًا بِالأَْحْوَطِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ شَكُّهُ دَائِرًا بَيْنَهَا أَمَّا إِذَا انْحَصَرَ شَكُّهُ فِي ثَلَاثِ جِهَاتٍ فَقَطْ مَثَلاً فَإِنَّ الرَّابِعَةَ لَا يُصَلِّي إِلَيْهَا، وَقَدِ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مَا فَضَّلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الأَْوَّل عِنْدَ جُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي دُخُول الْوَقْتِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> مَنْ شَكَّ فِي دُخُول الْوَقْتِ لَمْ يُصَل حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ دُخُولِهِ، فَإِنْ صَلَّى مَعَ الشَّكِّ فَعَلَيْهِ الإِْعَادَةُ وَإِنْ وَافَقَ الْوَقْتَ، لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ مِثْلَمَا هُوَ الأَْمْرُ فِيمَنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فَصَلَّى مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (1 / 101) ، بدائع الصنائع (1 / 118) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1 / 227) ، ونهاية المحتاج للرملي (1 / 419 - 424) ، وبدائع الصنائع 1 / 118.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل شرح مختصر خليل 1 / 33، كشاف القناع (بهامشه منتهى الإرادات) 1 / 177، الإقناع في فقه أحمد بن حنبل 1 / 84، 85 (المطبعة المصرية بالأزهر سنة 1351 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ مَا، وَلَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ لَا بِشَكٍّ (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَوَاحِدَةً صَلَّى أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا؟ وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّحَرِّي، وَرُوِيَ مِثْل ذَلِكَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَالطَّبَرِيِّ، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ:</p>أَوَّلاً: بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ. فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا، شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَِرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ (2) .</p>وَثَانِيًا: بِالْقَاعِدَتَيْنِ الْفِقْهِيَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي مَعْنَى الأَْحَادِيثِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا وَغَيْرِهَا مِمَّا يُوجِبُ الْبِنَاءَ عَلَى الْيَقِينِ (3) . وَهُمَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2 / 87.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إذا شك أحدكم في صلاته. . . . " أخرجه مسلم (1 / 400 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> التمهيد 5 / 25، الفروق 1 / 227، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشريسي ص 197.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>الْقَاعِدَةُ الأُْولَى: " الْيَقِينُ لَا يُزِيلُهُ الشَّكُّ ". وَالثَّانِيَةُ: " وَالشَّكُّ فِي النُّقْصَانِ كَتَحَقُّقِهِ ".</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ الشَّكُّ يَحْدُثُ لَهُ لأَِوَّل مَرَّةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَتَحَرَّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِل صَلَاةً جَدِيدَةً.</p>وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ يَعْتَادُهُ وَيَتَكَرَّرُ لَهُ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ بِحُكْمِ التَّحَرِّي وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ بَعْدَ كُل رَكْعَةٍ يَظُنُّهَا آخِرَ صَلَاتِهِ لِئَلَاّ يَصِيرَ تَارِكًا فَرْضَ الْقَعْدَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ ظَنٌّ بَنَى عَلَى الأَْقَل، وَقَال الثَّوْرِيُّ - فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ - يَتَحَرَّى سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ أَوَّل مَرَّةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ.</p>وَقَال الأَْوْزَاعِيُّ: يَتَحَرَّى، قَال: وَإِنْ نَامَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ اسْتَأْنَفَ.</p>وَقَال اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: إِنْ كَانَ هَذَا شَيْئًا يَلْزَمُهُ وَلَا يَزَال يَشُكُّ أَجْزَأَهُ سَجْدَتَا السَّهْوِ عَنِ التَّحَرِّي، وَعَنِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا يَلْزَمُهُ اسْتَأْنَفَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَتَيْهَا.</p>وَقَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الشَّكُّ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْيَقِينُ وَالتَّحَرِّي، فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ أَلْغَى الشَّكَّ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْل السَّلَامِ، وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ (1) . وَدَلِيلُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 2 / 137، التمهيد 5 / 36، ومراقي الفلاح 259.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ (1)</p>وَحُجَّةُ مَنْ قَال بِالتَّحَرِّي فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ الصَّوَابُ ثُمَّ - يَعْنِي - يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الزَّكَاةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي تَأْدِيَتِهَا:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> لَوْ شَكَّ رَجُلٌ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَدْرِ أَزَكَّى أَمْ لَا؟ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا لأَِنَّ الْعُمُرَ كُلَّهُ وَقْتٌ لأَِدَائِهَا، وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ صَاحِبِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَبَيْنَ مَنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَصَلَّى أَمْ لَا؟ حَيْثُ ذَكَرُوا - كَمَا تَقَدَّمَ - إِعْفَاءَهُ مِنَ الإِْعَادَةِ لأَِنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ وَالزَّكَاةُ بِخِلَافِهَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 104 - ط السلفية) ومسلم (1 / 398 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن مسعود: " إذا شك أحدكم في صلاته. . . " أخرجه النسائي (3 / 28 - ط المكتبة التجارية) ، وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق للقرافي 1 / 225، وغمز عيون البصائر على الأشباه (1 / 223، 2 / 55) ، ونزهة النواظر على الأشباه والنظائر ص 67، 199.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي تَأْدِيَةِ كُل الزَّكَاةِ أَوْ بَعْضِهَا:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ أَنَّ حَادِثَةً وَقَعَتْ مُفَادُهَا: أَنَّ رَجُلاً شَكَّ هَل أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ أَوْ لَا؟ حَيْثُ كَانَ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مُتَفَرِّقًا مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ، فَتَمَّ إِفْتَاؤُهُ بِلُزُومِ الإِْعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ دَفْعُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا الْحُكْمُ هُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ لأَِنَّ الزَّكَاةَ ثَابِتَةٌ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ فَلَا يَخْرُجُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِالشَّكِّ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> إِذَا دَفَعَ الْمُزَكِّي الزَّكَاةَ وَهُوَ شَاكٌّ فِي أَنَّ مَنْ دُفِعَتْ إِلَيْهِ مَصْرِفٌ مِنْ مَصَارِفِهَا وَلَمْ يَتَحَرَّ، أَوْ تَحَرَّى وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ، فَهُوَ عَلَى الْفَسَادِ إِلَاّ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ (2) . بِخِلَافِ مَا إِذَا دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ وَتَحَرٍّ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ فِي الْوَاقِعِ كَالْغَنِيِّ وَالْكَافِرِ (3) . فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ زَكَاةٌ (ف 188 - 189 ج 23 233) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة والحموي 1 / 210، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق 2 / 228.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 501، 502، والفتاوى الهندية 1 / 190، المطبعة الأميرية. مصر سنة 1310 هـ، بدائع الصنائع 2 / 50.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصادر السابقة، والتاج والإكليل 2 / 359، ومواهب الجليل 2 / 359.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الصِّيَامِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي دُخُول رَمَضَانَ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> إِذَا شَكَّ الْمُسْلِمُ فِي دُخُول رَمَضَانَ فِي الْيَوْمِ الْمُوَالِي لِيَوْمِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ يَبْنِي عَلَيْهِ مِثْل أَنْ يَكُونَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَلَمْ يَحُل دُونَ رُؤْيَةِ الْهِلَال سُحُبٌ وَلَا غُيُومٌ وَمَعَ ذَلِكَ عَزَمَ أَنْ يَصُومَ غَدًا بِاعْتِبَارِهِ أَوَّل يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ صِيَامُ ذَلِكَ الْيَوْمِ لأَِنَّ النِّيَّةَ قَصْدٌ تَابِعٌ لِلْعِلْمِ الْحَاصِل بِطُرُقِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَحَيْثُ انْتَفَى ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ قَصْدُهُ وَهُوَ رَأْيُ حَمَّادٍ وَرَبِيعَةَ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَابْنِ الْمُنْذِرِ لأَِنَّ الصَّائِمَ لَمْ يَجْزِمِ النِّيَّةَ بِصَوْمِهِ مِنْ رَمَضَانَ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَاّ بَعْدَ خُرُوجِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَى عَلَى قَوْل الْمُنَجِّمِينَ وَأَهْل الْمَعْرِفَةِ بِالْحِسَابِ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ كَثُرَتْ إِصَابَتُهُمْ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. وَقَال الثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ: يَصِحُّ إِذَا نَوَاهُ مِنَ اللَّيْل - وَكَانَ الأَْمْرُ كَمَا قَصَدَ - لأَِنَّهُ نَوَى الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْل فَصَحَّ كَالْيَوْمِ الثَّانِي - وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَا يُوَافِقُ الْمَذْهَبَيْنِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ب الشَّكُّ فِي دُخُول شَوَّالٍ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> تَصِحُّ النِّيَّةُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 3 / 24، 25. وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 4 / 148، ونهاية المحتاج 3 / 159، ونيل الأوطار 4 / 192، 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>رَغْمَ أَنَّ هُنَاكَ احْتِمَالاً فِي أَنْ يَكُونَ مِنْ شَوَّالٍ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ رَمَضَانَ وَقَدْ أُمِرْنَا بِصَوْمِهِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ لَكِنْ إِذَا قَال الْمُكَلَّفُ: إِنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَأَنَا صَائِمٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ شَوَّالٍ فَأَنَا مُفْطِرٌ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ عَلَى رَأْيِ بَعْضِهِمْ لأَِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِنِيَّةِ الصِّيَامِ وَالنِّيَّةُ قَصْدٌ جَازِمٌ، وَقِيل: تَصِحُّ نِيَّتُهُ لأَِنَّ هَذَا شَرْطٌ وَاقِعٌ وَالأَْصْل بَقَاءُ رَمَضَانَ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> إِذَا شَكَّ الصَّائِمُ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَلَاّ يَأْكُل لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ قَدْ طَلَعَ، فَيَكُونُ الأَْكْل إِفْسَادًا لِلصَّوْمِ وَلِذَلِكَ كَانَ مَدْعُوًّا لِلأَْخْذِ بِالأَْحْوَطِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ (2) . وَلَوْ أَكَل وَهُوَ شَاكٌّ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ فَسَادَ الصَّوْمِ مَحَل شَكٍّ وَالأَْصْل اسْتِصْحَابُ اللَّيْل حَتَّى يَثْبُتَ النَّهَارُ وَهَذَا لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 3 / 25، 26، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 3 / 149، ونهاية المحتاج 3 / 159.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " أخرجه الترمذي (4 / 668 - ط. الحلبي)، والحاكم (4 / 99 - ط. دائرة المعارف العثمانية) من حديث الحسن بن علي. وقال الذهبي:" سنده قوي ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 105، ونهاية المحتاج 3 / 171، والإقناع في فقه الإمام أحمد 1 / 316 - دار المعرفة لبنان.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ أَكَل شَاكًّا فِي الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ رَغْمَ أَنَّ الأَْصْل بَقَاءُ اللَّيْل، هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِصَوْمِ الْفَرْضِ، أَمَّا صَوْمُ النَّفْل فَقَدْ سَوَّى بَعْضُهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرْضِ فِي الْقَضَاءِ وَالْحُرْمَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا جَمَاعَةٌ فِي الْحُرْمَةِ حَيْثُ قَالُوا بِالْكَرَاهِيَةِ (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> لَوْ شَكَّ الصَّائِمُ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ مَعَ الشَّكِّ لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ النَّهَارِ، وَلَوْ أَفْطَرَ عَلَى شَكِّهِ دُونَ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَال بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا (2) . وَالْحُرْمَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا كَذَلِكَ.</p>وَعَدَمُ الْكَفَّارَةِ فِي الأَْكْل مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَمَّا الأَْكْل مَعَ الشَّكِّ فِي الْغُرُوبِ فَمُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ، وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهَا، فَإِنْ أَفْطَرَ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْل أَوْ حُصُول الْغُرُوبِ ثُمَّ طَرَأَ الشَّكُّ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِلَا حُرْمَةٍ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 526، وما بعدها، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 3 / 161.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 2 / 105، وحاشية الدسوقي 1 / 526، وما بعدها، ونهاية المحتاج 3 / 171، والإقناع في فقه الإمام أحمد 1 / 312، 315، وحلية العلماء 3 / 161.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 526، وما بعدها، وحلية العلماء 3 / 161.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الْحَجِّ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي نَوْعِ الإِْحْرَامِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> إِذَا شَكَّ الْحَاجُّ هَل أَحْرَمَ بِالإِْفْرَادِ أَوْ بِالتَّمَتُّعِ أَوْ بِالْقِرَانِ وَكُل ذَلِكَ قَبْل الطَّوَافِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ يَصْرِفُهُ إِلَى الْقِرَانِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ.</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَهُ صَرْفُهُ إِلَى أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الإِْحْرَامِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ جَعْلُهُ عُمْرَةً عَلَى سَبِيل الاِسْتِحْبَابِ، وَقَال الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: يَتَحَرَّى فَيَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ لأَِنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الْعِبَادَةِ فَيَدْخُلُهُ التَّحَرِّي كَالْقِبْلَةِ.</p>وَسَبَبُ الْخِلَافِ مَوَاقِفُ الأَْئِمَّةِ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ غَيْرِهِمْ (1) .</p>وَأَمَّا إِنْ شَكَّ بَعْدَ الطَّوَافِ فَإِنَّ صَرْفَهُ لَا يَجُوزُ إِلَاّ إِلَى الْعُمْرَةِ لأَِنَّ إِدْخَال الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ مَعَ رَكْعَتَيْهِ غَيْرُ جَائِزٍ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي دُخُول ذِي الْحِجَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> لَوْ شَكَّ النَّاسُ فِي هِلَال ذِي الْحِجَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 3 / 254، 255، التاج والإكليل (بهامش مواهب الجليل) 3 / 47، مواهب الجليل 3 / 47، جواهر الإكليل 1 / 171، المهذب للشيرازي 1 / 205، 206، نيل الأوطار 4 / 324.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ إِنْ أَكْمَلُوا عِدَّةَ ذِي الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَال لَيْلَةَ كَذَا، وَتَبَيَّنَ أَنْ يَوْمَ وُقُوفِهِمْ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ فَوُقُوفُهُمْ صَحِيحٌ وَحَجَّتُهُمْ تَامَّةٌ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ (1) .</p>وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَال: الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالأَْضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ (2) .</p>وَأَضَافَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ الْمُتَمَثِّل فِي صِحَّةِ الْوُقُوفِ كَانَ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا (3) . أَمَّا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ وَقَفُوا فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَلَا يُجْزِيهِمْ وُقُوفُهُمْ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ: أَنَّ الَّذِينَ وَقَفُوا يَوْمَ النَّحْرِ فَعَلُوا مَا تَعَبَّدَهُمُ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِكْمَال الْعِدَّةِ دُونَ اجْتِهَادٍ بِخِلَافِ الَّذِينَ وَقَفُوا فِي الثَّامِنِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِمْ وَقَبُولِهِمْ شَهَادَةَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 2 / 126، بلغة السالك لأقرب المسالك للدردير 1 / 259، نهاية المحتاج 3 / 290، المغني مع الشرح الكبير 3 / 370.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الصوم يوم تصومون " أخرجه الترمذي (3 / 71 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال:" حديث حسن غريب ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 126.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مواهب الجليل مع التاج والإكليل 3 / 95.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ فِي الطَّوَافِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> إِذَا شَكَّ الْحَاجُّ فِي عَدَدِ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَعَلَى هَذَا أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ مَتَى شَكَّ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَالصَّلَاةِ (1) . وَلأَِنَّ الشَّكَّ فِي النُّقْصَانِ كَتَحَقُّقِهِ (2) . وَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بَعْدَ طَوَافِهِ رَجَعَ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ عَدْلاً، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الطَّوَافِ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ (3) .</p>وَفِي الْمُوَطَّأِ: مَنْ شَكَّ فِي طَوَافِهِ بَعْدَ مَا رَكَعَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ فَلْيُعِدْ لِيَتِمَّ طَوَافُهُ عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ لِيُعِدَ الرَّكْعَتَيْنِ لأَِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِطَوَافٍ إِلَاّ بَعْدَ إِكْمَال السَّبْعِ (4) . وَإِذَا شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ وَهُوَ فِي الطَّوَافِ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ شَكَّ فِي شَرْطِ الْعِبَادَةِ قَبْل الْفَرَاغِ مِنْهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الذَّبَائِحِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> مَنِ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْمُذَكَّاةُ بِالْمَيْتَةِ حَرُمَتَا مَعًا لِحُصُول سَبَبِ التَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 3 / 398.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص 197. المطبعة المغربية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني مع الشرح الكبير 3 / 398.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المنتقى للباجي 2 / 289.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 3 / 280، المغني مع الشرح الكبير 3 / 398.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>الشَّكُّ (1) . وَكَذَلِكَ لَوْ رَمَى الْمُسْلِمُ طَرِيدَةً بِآلَةِ صَيْدٍ فَسَقَطَتْ فِي مَاءٍ وَمَاتَتْ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ أَمْرُهَا، فَلَا تُؤْكَل لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ (2) . وَلَوْ وُجِدَتْ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِبَلَدٍ فِيهِ مَنْ تَحِل ذَبِيحَتُهُ وَمَنْ لَا تَحِل ذَبِيحَتُهُ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي ذَابِحِهَا لَا تَحِل إِلَاّ إِذَا غَلَبَ عَلَى أَهْل الْبَلَدِ مَنْ تَحِل ذَبِيحَتُهُمْ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> شَكُّ الزَّوْجِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثِ حَالَاتٍ:</p>الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ فِي وُقُوعِ أَصْل التَّطْلِيقِ، أَيْ شَكَّ هَل طَلَّقَهَا أَمْ لَا؟ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِإِجْمَاعِ الأُْمَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَزُول بِالشَّكِّ (4) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (5) } .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 1 / 226.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بلغة السالك لأقرب المسالك للصاوي 1 / 295، المكتبة التجارية الكبرى - بمصر 1223 هـ. ومواهب الجليل للحطاب 3 / 217.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 8 / 107، وغمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر 1 / 193.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 401، الفروق 1 / 126، قواعد المقري: القاعدة رقم (650) ، المهذب 2 / 100، مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج 3 / 281، بدائع الصنائع 3 / 126، المغني مع الشرح الكبير 8 / 423، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 153. دار القلم. بيروت.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة الإسراء / 36.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقَعَ الشَّكُّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ - مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ - هَل طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ لَمْ تَحِل لَهُ - عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَاّ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لاِحْتِمَال كَوْنِهِ ثَلَاثًا (1) . عَمَلاً بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ (2) وَيُحْكَمُ بِالأَْقَل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، فَإِذَا رَاجَعَهَا حَلَّتْ لَهُ عَلَى رَأْيِ هَؤُلَاءِ (3) .</p>الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقَعَ الشَّكُّ فِي صِفَةِ الطَّلَاقِ كَأَنْ يَتَرَدَّدَ مَثَلاً فِي كَوْنِهَا بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْكَمُ بِالرَّجْعِيَّةِ لأَِنَّهَا أَضْعَفُ الطَّلَاقَيْنِ فَكَانَ مُتَيَقِّنًا بِهَا (4) .</p>وَذَكَرَ الْكَاسَانِيُّ - فِي هَذَا الْمَعْنَى - أَنَّ الرَّجُل لَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَقْبَحَ طَلَاقٍ فَهُوَ رَجْعِيٌّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لأَِنَّ قَوْلَهُ: أَقْبَحَ طَلَاقٍ يَحْتَمِل الْقُبْحَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ الْكَرَاهِيَةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَيَحْتَمِل الْقُبْحَ الطَّبِيعِيَّ وَهُوَ الْكَرَاهِيَةُ الطَّبِيعِيَّةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة الكبرى 3 / 13، الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 402، الفروق 1 / 626، القوانين الفقهية ص 153، المغني 8 / 424.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " سبق تخريجه ف / 24.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 3 / 126، مغني المحتاج 3 / 281، المغني مع الشرح الكبير 8 / 424.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 3 / 126.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>فِي وَقْتٍ يُكْرَهُ الطَّلَاقُ فِيهِ طَبْعًا، فَلَا تَثْبُتُ الْبَيْنُونَةُ فِيهِ بِالشَّكِّ، وَهُوَ بَائِنٌ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ لأَِنَّ الْمُطَلِّقَ قَدْ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِالْقُبْحِ، وَالطَّلَاقُ الْقَبِيحُ هُوَ الطَّلَاقُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ الْبَائِنُ، وَلِذَلِكَ يَقَعُ بَائِنًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الرَّضَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> الاِحْتِيَاطُ لِنَفْيِ الرِّيبَةِ فِي الأَْبْضَاعِ مُتَأَكِّدٌ وَيَزْدَادُ الأَْمْرُ تَأْكِيدًا إِذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِالْمَحَارِمِ (2) .</p>فَلَوْ شَكَّ فِي وُجُودِ الرَّضَاعِ أَوْ فِي عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الرَّضَاعِ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى وَعَدَمُ حُصُول الْمِقْدَارِ الْمُحَرِّمِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ إِلَاّ أَنَّهَا تَكُونُ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَتَرْكُهَا أَوْلَى لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ (3) .</p>وَيَرَى الْقَرَافِيُّ أَنَّ الشَّكَّ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْمَوْضُوعِ وَمَا نَاظَرَهُ قَدْ يُعَدُّ - فِي بَعْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 124.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 7 / 167، كشاف القناع عن متن الإقناع 3 / 293، الإقناع في فقه أحمد 4 / 133، البحر الرائق شرح كنز الدقائق 3 / 238، والقوانين الفقهية ص 225، 226.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 126 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1220 - ط الحلبي) من حديث النعمان بن بشير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>الْحَالَاتِ - مِنَ الأَْسْبَابِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى الْحُكْمِ بِالتَّحْرِيمِ، مِنْ ذَلِكَ مَثَلاً مَا لَوْ شَكَّ الرَّجُل فِي أَجْنَبِيَّةٍ وَأُخْتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ حَرُمَتَا عَلَيْهِ مَعًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الْيَمِينِ</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> إِمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ فِي أَصْل الْيَمِينِ هَل وَقَعَتْ أَوْ لَا: كَشَكِّهِ فِي وُقُوعِ الْحَلِفِ أَوِ الْحَلِفِ وَالْحِنْثِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الشَّاكِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالْيَقِينُ لَا يَزُول بِالشَّكِّ (2) .</p>وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ كَمَا إِذَا حَلَفَ وَحَنِثَ، وَشَكَّ هَل حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صَدَقَةٍ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَمَا مَاثَلَهَا - عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - طَلَاقُ نِسَائِهِ وَعِتْقُ رَقِيقِهِ وَالْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ وَالتَّصَدُّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الإِْفْتَاءِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ إِذِ الْحَالِفُ - فِي رَأْيِهِمْ - يُؤْمَرُ بِإِنْفَاذِ الأَْيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ (3) .</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الشَّاكَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 1 / 225، 226، وإيضاح المسالك ص 193، وانظر أيضًا: الموسوعة الفقهية (رضاع) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير مع تقريرات الشيخ عليش (2 / 40 وما بعدها) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصدر السابق، والمدونة الكبرى 3 / 14، دار صادر، بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>شَيْءَ عَلَيْهِ لأَِنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَا يَقَعَانِ بِالشَّكِّ؛ وَلأَِنَّ الْكَفَّارَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ لَا تَجِبُ مَعَ الشَّكِّ أَيْضًا إِذِ الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (1) .</p>وَيُضِيفُونَ إِلَى هَذَا الْحَلِفَ إِذَا كَانَ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ مَعْلُومٍ مَعَ الشَّكِّ فِي الْقَسَمِ هَل كَانَ بِاللَّهِ إِذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَكَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا؛ لأَِنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَجِبُ حَمْل الْمُسْلِمِ عَلَى الإِْتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ دُونَ الْمَحْظُورِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي النَّذْرِ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> لَوْ شَكَّ النَّاذِرُ فِي نَوْعِ الْمَنْذُورِ هَل هُوَ صَلَاةٌ أَوْ صِيَامٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ؟ تَلْزَمُهُ - عِنْدَ جُمْهُورِ الأَْئِمَّةِ - كَفَّارَةُ يَمِينٍ، لأَِنَّ الشَّكَّ فِي الْمَنْذُورِ كَعَدَمِ تَسْمِيَتِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الْوَصِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> قَال أَبُو حَنِيفَةَ - فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ مُسَمًّى وَأَخْبَرَ أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ أَلْفٌ مَثَلاً فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ -: إِنَّ لَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 211، ونزهة النواظر لابن عابدين على الأشباه والنظائر ص 68.</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر 1 / 211.</p><font color=#ff0000>(3)</font> غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 211، نزهة النواظر على الأشباه والنظائر ص 68، حاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة ابن أبي زيد 2 / 26 دار المعرفة. بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ الْمَال وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي سَمَّى بَاطِلَةٌ لأَِنَّهَا خَطَأٌ. وَالْخَطَأُ لَا يَنْقُضُ الْوَصِيَّةَ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا فِيهَا، وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي هَذَا الرَّأْيِ لأَِنَّهُ لَمَّا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَدْ أَتَى بِوَصِيَّةٍ صَحِيحَةٍ حَيْثُ إِنَّ صِحَّتَهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِ الْمِقْدَارِ الْمُوصَى بِهِ فَتَقَعُ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةً بِدُونِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الدَّعْوَى، أَوْ مَحَلِّهَا، أَوْ مَحَل الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> أ - لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ دَيْنًا عَلَى آخَرَ وَشَكَّ الْمَدِينُ فِي قَدْرِهِ يَنْبَغِي لُزُومُ إِخْرَاجِ الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ. قَال الْحَمَوِيُّ: قِيل: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَبِيل الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيل التَّوَرُّعِ وَالأَْخْذِ بِالأَْحْوَطِ لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (2) .</p>وَالْمُرَادُ بِالْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَمَا مَاثَلَهَا - هُوَ أَكْثَرُ الْمَبْلَغَيْنِ: فَإِذَا كَانَ الشَّكُّ دَائِرًا بَيْنَ عَشَرَةٍ وَخَمْسَةٍ فَالْمُتَيَقَّنُ الْعَشَرَةُ لِدُخُول الْخَمْسَةِ فِيهَا، وَبِهَذَا الاِعْتِبَارِ يَكُونُ الأَْكْثَرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأَْقَل مُتَيَقَّنًا دَائِمًا رَغْمَ وُقُوعِ الشَّكِّ فِيهِمَا (3) .</p>وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ الْمَدِينَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَيْهِ أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ وَلَا يَحْلِفَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 381.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحموي على الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 210.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 7 / 381.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَرَامِ، وَإِنْ أَصَرَّ خَصْمُهُ عَلَى إِحْلَافِهِ حَلَفَ إِنْ كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ، أَمَّا إِذَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّعْوَى مُحِقٌّ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ (1) .</p>ب - لَوِ اشْتَرَى أَحَدٌ حَيَوَانًا أَوْ مَتَاعًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بِهِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ وَاخْتَلَفَ أَهْل الْخِبْرَةِ فَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ عَيْبٌ وَقَال بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِعَيْبٍ، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ لأَِنَّ السَّلَامَةَ هِيَ الأَْصْل الْمُتَيَقَّنُ فَلَا يَثْبُتُ الْعَيْبُ بِالشَّكِّ (2) .</p>ج - لَوِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ عَدَمَ وُصُول النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ الْمُقَرَّرَتَيْنِ لَهَا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالْقَوْل لَهَا، لأَِنَّ الأَْصْل الْمُتَيَقَّنُ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَأَمَّا دَعْوَاهُ فَمَشْكُوكٌ فِيهَا وَلَا يَزُول يَقِينٌ بِشَكٍّ (3) .</p>د - إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ يَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا مَدِينٌ لِعُمَرَ بِأَلْفِ دِينَارٍ مَثَلاً فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَلِيٍّ، وَإِنْ خَامَرَهُ الشَّكُّ فِي وَفَائِهَا أَوْ فِي الإِْبْرَاءِ عَنْهَا إِذْ لَا عِبْرَةَ بِالشَّكِّ فِي جَانِبِ الْيَقِينِ السَّابِقِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> لَوْ قَال الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحموي على الأشباه والنظائر 1 / 210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الحموي على الأشباه والنظائر 1 / 201.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح القواعد الفقهية ص 38.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>فُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ - مَثَلاً - فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِيمَا أَظُنُّ، أَوْ حَسَبَ ظَنِّي لَمْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ لِلشَّكِّ الَّذِي دَاخَلَهَا مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى لَفْظِهَا؛ لأَِنَّ رُكْنَ الشَّهَادَةِ لَفْظُ أَشْهَدُ لَا غَيْرُ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَالْقَسَمُ وَالإِْخْبَارُ لِلْحَال فَكَأَنَّهُ يَقُول: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدِ اطَّلَعْتُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَا أُخْبِرُ بِهِ، وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ تَعَيَّنَ لَفْظُ أَشْهَدُ (1) .</p>وَقَدْ بَيَّنَ سَحْنُونٌ - مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ أَوْ إِقْرَارٍ أَوْ إِبْرَاءٍ وَسَأَل الْخَصْمُ إِدْخَالَهَا فِي نِسَاءٍ لِلتَّعَرُّفِ عَلَيْهَا مِنْ بَيْنِهِنَّ فَقَالُوا: شَهِدْنَا عَلَيْهَا عَنْ مَعْرِفَتِهَا بِعَيْنِهَا وَنَسَبِهَا وَلَا نَدْرِي هَل نَعْرِفُهَا الْيَوْمَ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهَا فَلَا نَتَكَلَّفُ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ - مِنَ التَّعَرُّفِ عَلَيْهَا وَإِلَاّ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِلشَّكِّ، أَمَّا لَوْ قَالُوا: نَخَافُ أَنْ تَكُونَ تَغَيَّرَتْ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَال لَهُمْ: إِنْ شَكَكْتُمْ وَقَدْ أَيْقَنْتُمْ أَنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ هَذَا إِلَاّ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ مِنْ حِينِ شَهِدُوا عَلَيْهَا إِلَى الْيَوْمِ جَازَتِ الشَّهَادَةُ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - وَقُبِلَتْ (2) .</p>وَمِمَّا تَجْدُرُ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّ الشَّهَادَةَ مَعَ الشَّكِّ تَسْلُبُ صِفَةَ الْعَدَالَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 4 / 513.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التاج والإكليل (بهامش مواهب الجليل) 6 / 190.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>لِلشَّاهِدِ (1) . وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ وَغَيْرِهِ أَكَّدَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَثْبُتُ بِالشَّكِّ (2) . وَوَضَعُوا قُيُودًا لِقَبُول شَهَادَةِ السَّمَاعِ لِلشَّكِّ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُدَاخِلَهَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ فِي النَّسَبِ:</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> أ - كُل مُطَلَّقَةٍ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَنَسَبُ وَلَدِهَا يَثْبُتُ مِنَ الزَّوْجِ إِلَاّ إِذَا عُلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لأَِنَّ الطَّلَاقَ قَبْل الدُّخُول يُوجِبُ انْقِطَاعَ النِّكَاحِ بِجَمِيعِ عَلَائِقِهِ فَكَانَ النِّكَاحُ مِنْ كُل وَجْهٍ زَائِلاً بِيَقِينٍ وَمَا زَال بِيَقِينٍ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِيَقِينٍ مِثْلِهِ فَإِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ فَقَدْ تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ وُجِدَ فِي حَال الْفِرَاشِ وَإِنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ إِذْ لَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ بِوَطْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِدُ لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَانَ مِنْ وَطْءٍ وُجِدَ عَلَى فِرَاشِ الزَّوْجِ وَكَوْنُ الْعُلُوقِ فِي فِرَاشِهِ يُوجِبُ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْهُ. فَإِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَسْتَيْقِنْ بِكَوْنِهِ مَوْلُودًا عَلَى الْفِرَاشِ لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ بِوَطْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْفِرَاشُ كَانَ زَائِلاً بِيَقِينٍ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 206.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 233.</p><font color=#ff0000>(3)</font> راجع مصطلح (شهادة) من الموسوعة الفقهية.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني مع الشرح الكبير 6 / 400، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 352 (مطبعة الحلبي بمصر سنة 1357 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>ب - إِذَا ادَّعَى إِنْسَانٌ نَسَبَ لَقِيطٍ أُلْحِقَ بِهِ؛ لاِنْفِرَادِهِ بِالدَّعْوَى، فَإِذَا جَاءَ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَاهُ فَلَمْ يَزُل نَسَبُهُ عَنِ الأَْوَّل - رَغْمَ الشَّكِّ الَّذِي أَحْدَثَتْهُ دَعْوَى الثَّانِي - لأَِنَّهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ فَلَا يَزُول بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، إِلَاّ إِذَا شَهِدَ الْقَائِفُونَ بِأَنَّهُ لِلثَّانِي فَالْقَوْل قَوْلُهُمْ لأَِنَّ الْقِيَافَةَ تُعْتَبَرُ بَيِّنَةً فِي إِلْحَاقِ النَّسَبِ (1) . وَإِذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ اثْنَانِ فَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُونَ بِهِمَا صَحَّ ذَلِكَ شَرْعًا وَكَانَ ابْنَهُمَا يَرِثُهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ وَيَرِثَانِهِ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا الرَّأْيُ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ (2) .</p>وَقَال أَصْحَابُ الرَّأْيِ يُلْحَقُ بِهِمَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِلآْثَارِ الْكَثِيرَةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُتَّهَمُ:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ: تُدْرَأُ الْحُدُودُ بِالشُّبُهَاتِ (3) . وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ - قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج للرملي 8 / 352، مطبعة الحلبي بمصر سنة 1357 هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تراجع في: مصطلح نسب من الموسوعة الفقهية، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 400.</p><font color=#ff0000>(3)</font> غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 379، نزهة النواظر على الأشباه والنظائر ص 142.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الإِْمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ (1)، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهَا مَدْفَعًا (2) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: تَعَافُوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ (3) وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُوجِبُ أَوَّلاً: اعْتِمَادَ الْيَقِينِ - مَا أَمْكَنَ - فِي نِسْبَةِ الْجَرِيمَةِ إِلَى الْمُتَّهَمِ، وَثَانِيًا: أَنَّ الشَّكَّ - مَهْمَا كَانَتْ نِسْبَتُهُ وَمَهْمَا كَانَ مَحَلُّهُ وَمَهْمَا كَانَ طَرِيقُهُ - يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُتَّهَمُ فَيَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ، يَقُول الشَّاطِبِيُّ: فَإِنَّ الدَّلِيل يَقُومُ - هُنَاكَ - مُفِيدًا لِلظَّنِّ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِذَا عَارَضَتْهُ شُبْهَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عائشة رضي الله عنها:" ادرؤوا الحدود عن المسلمين " أخرجه الترمذي (4 / 33 - ط الحلبي) وضعفه ابن حجر في التلخيص (4 / 56 - ط شركة الطباعة الفنية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعًا " أخرجه ابن ماجه (2 / 850 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 70 - ط دار الجنان) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> أمر بالعفو وهو التجاوز عن الذنب أي: أسقطوا الحدود فيما بينكم ولا ترفعوها إلَيَّ؛ فإني متى علمتها أقمتها. (جامع الأصول 4 / 410) ،،هو يدل على القاعدة المذكورة بالدعوة إلى التخفيف والتجاوز عمومًا. وحديث:" تعافوا الحدود فيما بينكم " أخرجه أبو داود (4 / 540 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (4 / 383 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>وَإِنْ ضَعُفَتْ - غَلَبَ - حُكْمُهَا وَدَخَل صَاحِبُهَا فِي مَرْتَبَةِ الْعَفْوِ (1) .</p>وَثَالِثًا: الْخَطَأُ فِي الْعَفْوِ أَفْضَل شَرْعًا مِنَ الْخَطَأِ فِي الْعُقُوبَةِ حَيْثُ إِنَّ تَبْرِئَةَ الْمُجْرِمِ فِعْلاً أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ مُعَاقَبَةِ الْبَرِيءِ. وَهَذَا الْمَبْدَأُ نَجِدُ تَطْبِيقَاتِهِ مَبْثُوثَةً فِي أَقْضِيَةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَأَقْضِيَةِ التَّابِعِينَ وَفَتَاوَى الْمُجْتَهِدِينَ، مِنْ ذَلِكَ مَا حَكَمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي قَضِيَّةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَالِي الْبَصْرَةِ الَّذِي اتُّهِمَ بِالزِّنَا مَعَ امْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ كَانَ يُحْسِنُ إِلَيْهَا، فَاسْتَدْعَى الْخَلِيفَةُ الْوَالِيَ وَشُهُودَ التُّهْمَةِ فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِرُؤْيَةِ تَنْفِيذِ الْجَرِيمَةِ، وَلَكِنَّ الشَّاهِدَ الرَّابِعَ الَّذِي يَكْتَمِل بِهِ النِّصَابُ قَال: لَمْ أَرَ مَا قَال هَؤُلَاءِ بَل رَأَيْتُ رِيبَةً وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا، وَلَا أَعْرِفُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَأَسْقَطَ عُمَرُ التُّهْمَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَحَفِظَ لَهُ بَرَاءَتَهُ وَطَهَارَتَهُ، وَعَاقَبَ الشُّهُودَ الثَّلَاثَةَ عُقُوبَةَ الْقَذْفِ (2) .</p>وَعُمَرُ نَفْسُهُ لَمْ يُقِمْ حَدَّ السَّرِقَةِ عَامَ الرَّمَادَةِ لأَِنَّهُ جَعَل مِنَ الْمَجَاعَةِ الْعَامَّةِ قَرِينَةً عَلَى الاِضْطِرَارِ، وَالاِضْطِرَارُ شُبْهَةٌ فِي السَّرِقَةِ تَمْنَعُ الْحَدَّ عَنِ السَّارِقِ بَل تُبِيحُ لَهُ السَّرِقَةَ فِي حُدُودِ الضَّرُورَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 1 / 172.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تاريخ الأمم والملوك للطبري 4 / 70 - 71.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>وَقَدْ ذَكَرَ الأَْئِمَّةُ أَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ مَال أَبِيهِ خُفْيَةً ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ جَامَعَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ يُبَاحُ لَهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا (1) .</p>وَنُقِل عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْل بِأَنَّ مَا يُعْرَفُ بِشُبْهَةِ الْعَقْدِ يُدْرَأُ الْحَدُّ بِهَا، فَلَا حَدَّ - فِي رَأْيِهِ - عَلَى مَنْ وَطِئَ مُحَرَّمَةً بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ: كَوَطْءِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِلَا شُهُودٍ مَثَلاً، وَفِي رَأْيِ الصَّاحِبِينَ عَلَيْهِ الْحَدُّ - إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكُّ لَا تُنَاطُ بِهِ الرُّخَصُ: أَوِ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالشَّكِّ:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> هُوَ لَفْظُ قَاعِدَةٍ فِقْهِيَّةٍ ذَكَرَهَا السُّيُوطِيُّ نَقْلاً عَنْ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيِّ فَرَّعُوا عَلَيْهَا الْفُرُوعَ التَّالِيَةَ:</p>أ - وُجُوبُ غَسْل الْقَدَمَيْنِ لِمَنْ شَكَّ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ.</p>ب - مَنْ شَكَّ فِي غَسْل إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهُمَا فِي الْخُفَّيْنِ - مَعَ ذَلِكَ - لَا يُبَاحُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحموي على الأشباه والنظائر 1 / 380.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحموي على الأشباه 1 / 381 - ابن عابدين على الأشباه 143.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>ج - وُجُوبُ الإِْتْمَامِ لِمَنْ شَكَّ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي صُوَرٍ عَدِيدَةٍ (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر للسيوطي: القاعدة الخامسة عشرة ص 141 - (دار الكتب العلمية بيروت ط 1 سنة 1403 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَلَلٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّلَل لُغَةً: مَصْدَرُ شُل الْعُضْوُ يُشَل شَلَلاً أَيْ أُصِيبَ بِالشَّلَل أَوْ يَبِسَ فَبَطَلَتْ حَرَكَتُهُ، أَوْ ذَهَبَتْ، وَذَلِكَ إِذَا فَسَدَتْ عُرُوقُهُ أَوْ ضَعُفَتْ.</p>وَيُقَال: شُل فُلَانٌ. وَيُقَال فِي الدُّعَاءِ لِلرَّجُل. لَا شُلَّتْ يَمِينُكَ. وَفِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ: شُلَّتْ يَمِينُهُ، فَهُوَ أَشَل، وَهِيَ شَلَاّءُ، وَالْجَمْعُ شُلٌّ (1) .</p>وَالشَّلَل فِي الاِصْطِلَاحِ: فَسَادُ الْعُضْوِ وَذَهَابُ حَرَكَتِهِ، وَيَكُونُ الْعُضْوُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ فَاسِدَ الْمَنْفَعَةِ (2) . وَلَا يُشْتَرَطُ زَوَال الْحِسِّ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا الشَّلَل بُطْلَانُ الْعَمَل</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّلَل:</span></p>‌<span class="title">‌يَتَعَلَّقُ بِالشَّلَل جُمْلَةُ أَحْكَامٍ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْوُضُوءُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ لَمْسَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ يَنْقُضُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المعجم الوسيط.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 68، والجمل على شرح المنهاج 5 / 35 / 112، وروضة الطالبين 9 / 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>الْوُضُوءَ، وَقَدَّرَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنْ يَكُونَ اللَّمْسُ لِشَهْوَةٍ. وَكَذَا عِنْدَهُمْ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ الْفَرْجِ. وَسَوَّوْا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعُضْوُ الْمَلْمُوسُ أَوِ الْمَلْمُوسُ بِهِ صَحِيحًا أَوْ أَشَل (1) . عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلَافٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (حَدَثٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ صَلَاةُ الأَْشَل:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَأْتِي الْمَرِيضُ أَوِ الْمُصَابُ بِالشَّلَل بِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ الَّتِي يَسْتَطِيعُهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لأَِنَّ الْعَاجِزَ عَنِ الْفِعْل لَا يُكَلَّفُ بِهِ. فَإِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ يُصَلِّي قَاعِدًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّى قَاعِدًا بِالإِْيمَاءِ. وَيَجْعَل السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْقُعُودِ يَسْتَلْقِي وَيُومِئُ إِيمَاءً لأَِنَّ سُقُوطَ الرُّكْنِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْعُذْرِ.</p>وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: مَرِضْتُ فَعَادَنِي رَسُول اللَّهِ فَقَال: صَل قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ، تُومِئُ إِيمَاءً (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع للكاساني 1 / 29، وجواهر الإكليل 1 / 21، القليوبي وعميرة 1 / 34، وكشاف القناع للبهوتي 1 / 129، وروضة الطالبين 1 / 74، 75.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" صلي قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 587 - ط السلفية) دون قوله: " تومئ إيماء " ولكن ورد حديث جابر مرفوعًا: " إن استطعت أن تسجد على الأرض فاسجد وإلا فأومئ إيماء واجعل السجود أخفض من الركوع " أورده الهيثمي في المجمع (2 / 148 - ط القدسي) وقال: " رواه البزار وأبو يعلى، ورجال البزار رجال الصحيح ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>وَقَال قَاضِيخَانُ: تَسْقُطُ عَنِ الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنِ الإِْيمَاءِ بِالرَّأْسِ (1) . (ر: صَلَاةُ الْمَرِيضِ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْجِنَايَةُ الَّتِي تُسَبِّبُ الشَّلَل:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الشَّلَل النَّاشِئِ عَنِ الاِعْتِدَاءِ بِالضَّرْبِ أَوِ الْجُرْحِ حَيْثُ زَالَتِ الْمَنْفَعَةُ مَعَ بَقَاءِ الْعُضْوِ قَائِمًا.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ ف 36) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ أَخْذُ الْعُضْوِ الصَّحِيحِ بِالأَْشَل:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> إِذَا جَنَى جَانٍ صَحِيحُ الْيَدِ عَلَى يَدٍ شَلَاّءَ فَقَطَعَهَا فَلَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَاّءِ وَكَذَا إِذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ رِجْلاً أَوْ لِسَانًا أَشَل لِعَدَمِ التَّمَاثُل وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي فَتَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ أُذُنًا أَوْ أَنْفًا أَشَل فَتَجِبُ دِيَةُ الْعُضْوِ كَامِلَةً. لأَِنَّ الْيَدَ أَوِ الرِّجْل الشَّلَاّءَ لَا نَفْعَ فِيهَا سِوَى الْجَمَال فَلَا يُؤْخَذُ بِهَا مَا فِيهِ نَفْعٌ كَالصَّحِيحَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 106، وابن عابدين 1 / 508، وجواهر الإكليل 1 / 57، والقليوبي وعميرة 1 / 145، 146، 207، والمغني 2 / 148.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 357، وجواهر الإكليل 2 / 259 / 31، وقليوبي وعميرة 4 / 117، والمغني 7 / 733.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (دِيَاتٌ ف 43) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ أَخْذُ الْعُضْوِ الأَْشَل بِالصَّحِيحِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ الْعُضْوُ الصَّحِيحُ بِالصَّحِيحِ. وَاخْتَلَفُوا فِي قَطْعِ الْعُضْوِ الأَْشَل بِالصَّحِيحِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَذَلِكَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَأَخَذَ الدِّيَةَ.</p>وَلَا تُقْطَعُ إِلَاّ إِنْ قَال أَهْل الْخِبْرَةِ وَالْبَصَرِ: بِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ الدَّمُ بِالْحَسْمِ، أَمَّا إِنْ قَالُوا: إِنَّ الدَّمَ لَا يَنْقَطِعُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَتَجِبُ دِيَةُ يَدِهِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا تُقْطَعُ يَدُ الْجَانِي إِذَا كَانَتْ شَلَاّءَ بِالْيَدِ الصَّحِيحَةِ، لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، وَعَلَيْهِ الْعَقْل أَيِ: الدِّيَةُ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشَّلَاّءَ لَا تُقْطَعُ بِالشَّلَاّءِ؛ لأَِنَّ الشَّلَل عِلَّةٌ، وَالْعِلَل يَخْتَلِفُ تَأْثِيرُهَا فِي الْبَدَنِ.</p>وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ: بِأَنَّ بَعْضَ الشَّلَل فِي يَدَيْهِمَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ أَرْشَيْهِمَا، وَذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 298، روضة الطالبين 9 / 194، 202، وكشاف القناع 5 / 556 - 557، 5 / 557 - 535، وشرح الزرقاني 8 / 16 - 19.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>يُعْرَفُ بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ، فَلَا تُعْرَفُ الْمُمَاثَلَةُ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ تُقْطَعُ الشَّلَاّءُ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِشَلَاّءَ وَلَكِنَّ مَحَلَّهُ إِذَا اسْتَوَيَا فِي الشَّل، أَوْ كَانَ شَلَل الْجَانِي أَكْثَرَ وَلَمْ يُخَفْ نَزْفُ الدَّمِ، وَإِلَاّ فَلَا تُقْطَعُ (1) .</p>إِلَاّ أَنَّ زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ قَال: إِنْ كَانَا سَوَاءً فَفِيهِمَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ أَقَلَّهُمَا شَلَلاً فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ قَطَعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الأَْرْشَ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ شَلَلاً، فَلَا قِصَاصَ وَلَهُ أَرْشُ يَدِهِ (2) .</p>وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّفْصِيل ر: الْمَوْسُوعَةُ الْفِقْهِيَّةُ: جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ - فِقْرَةُ (15 16 70 - 71) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ نِكَاحُ الأَْشَل:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ عِنِّينًا فَلِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ. وَعَلَيْهِ إِنْ كَانَ الشَّل فِي غَيْرِ عُضْوِ الذَّكَرِ فَلَا يُعَدُّ مِنْ عُيُوبِ النِّكَاحِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الاِسْتِمْتَاعَ وَلَا يُخْشَى تَعَدِّيهِ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَلَمْ يُفْسَخْ بِهِ النِّكَاحُ كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ؛ وَلأَِنَّ الْفَسْخَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِنَصٍّ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 33، وكشاف القناع 5 / 557، والبدائع 7 / 303.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 303.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ وَلَا شَيْءَ هُنَا (1) .</p>وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّفْصِيل فِي مَسْأَلَةِ الْعِنِّينِ رَاجِعْ مُصْطَلَحَ (عِنِّينٌ وَنِكَاحٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌شِمَالٌ</span></p> </p>انْظُرْ: يَمِينٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار لتعليل المختار 3 / 115، وجواهر الإكليل 1 / 299، القليوبي وعميرة 3 / 261 - 262، المغني 6 / 650 - 651 - 652.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَمٌّ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّمُّ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ شَمَمْتُهُ أَشَمُّهُ، وَشَمَمْتُهُ أَشُمُّهُ شَمًّا. وَالشَّمُّ: حِسُّ الأَْنْفِ، وَإِدْرَاكُ الرَّوَائِحِ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: تَشَمَّمَ الشَّيْءَ وَاشْتَمَّهُ: أَدْنَاهُ مِنْ أَنْفِهِ لِيَجْتَذِبَ رَائِحَتَهُ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَى اللَّفْظِ فِي الاِصْطِلَاحِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الاِسْتِنْكَاهُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> جَاءَ فِي اللِّسَانِ: اسْتَنْكَهَهُ: شَمَّ رَائِحَةَ فَمِهِ، وَالاِسْمُ: النَّكْهَةُ. وَنَكَهْتُهُ: شَمَمْتُ رِيحَهُ، وَفِي حَدِيثِ قِصَّةِ مَاعِزٍ الأَْسْلَمِيِّ: فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهَ (2) : أَيْ شَمَّ نَكْهَتَهُ وَرَائِحَةَ فَمِهِ (3)</p>.‌<span class="title">‌ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الشَّمُّ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَذَلِكَ فِي حَقِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمعجم الوسيط ومغني المحتاج 4 / 71.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث قصة ماعز الأسلمي: " فقام رجل فاستنكهه " أخرجه مسلم (3 / 1322 - ط الحلبي) من حديث بريدة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>الشُّهُودِ الْمَأْمُورِينَ بِالشَّمِّ لأَِجْل الْخُصُومَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي رَوَائِحِ الْمَشْمُومِ حَيْثُ يُقْصَدُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَوْ يُقْصَدُ مَنْعُ الرَّدِّ إِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (1) .</p>وَكَمَا فِي شَمِّ الشُّهُودِ فَمَ السَّكْرَانِ لِمَعْرِفَةِ رَائِحَةِ الْخَمْرِ (2) .</p>وَقَدْ يَكُونُ الشَّمُّ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا كَشَمِّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُونَ بِذَلِكَ (3) .</p>وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا كَشَمِّ الزُّهُورِ وَالرَّيَاحِينِ الْمُبَاحَةِ وَالطِّيبِ الْمُبَاحِ. إِلَاّ إِذَا كَانَ طِيبًا تَطَيَّبَتْ بِهِ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ شَمِّهِ. (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَمُّ الصَّائِمِ الطِّيبَ وَنَحْوَهُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْخَل الصَّائِمُ إِلَى حَلْقِهِ الْبَخُورَ وَشَمَّ رَائِحَتَهُ أَفْطَرَ لإِِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ. وَإِذَا لَمْ يَصِل إِلَى حَلْقِهِ لَا يُفْطِرُ. أَمَّا لَوْ شَمَّ هَوَاءً فِيهِ رَائِحَةُ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا جِسْمَ لَهُ فَلَا يُفْطِرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَكَرِهَهُ الْمَالِكِيَّةُ.</p>كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ شَمُّ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا نَهَارًا لِلصَّائِمِ لأَِنَّهُ مِنَ التَّرَفُّهِ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ لَهُ تَرْكُهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور 2 / 87.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المواق بهامش الحطاب 6 / 317.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 323، والمنثور 2 / 87، والبدائع 2 / 191.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المنثور 2 / 87</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَ الطِّيبُ مَسْحُوقًا كُرِهَ شَمُّهُ لأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ شَمِّهِ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفْسَهُ لِلْحَلْقِ، وَلِذَلِكَ لَا يُكْرَهُ شَمُّ الْوَرْدِ وَالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ غَيْرِ الْمَسْحُوقِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَمُّ الْمُحْرِمِ الطِّيبَ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ شَمِّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ. وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بَيْنَ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ (2) . وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَال الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يَحْرُمُ شَمُّ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ (3) .</p>كَذَلِكَ يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ شَمُّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ (4)، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا جَاءَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَحْرُمُ شَمُّ مَا يُعْتَبَرُ طِيبًا كَالْوَرْدِ وَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ. وَاخْتُلِفَ فِي الرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَالنَّرْجِسِ وَالنَّيْلُوفَرِ وَنَحْوِهِ. وَفِيهِ قَوْلَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ شَمُّهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِل عَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 97، 113، وأسهل المدارك 1 / 419، وجواهر الإكليل 1 / 149، وحاشية الدسوقي 1 / 525، وأسنى المطالب 1 / 422، والجمل على شرح المنهج 2 / 329، وشرح منتهى الإرادات 1 / 454.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الطيب المذكر هو ما له رائحة ذكية ولا يتعلق أثره بماسه كياسمين وورد والطيب المؤنث هو ما له رائحة ذكية ويتعلق بماسه تعلقًا شديدًا كالزبد والمسك والزعفران (منح الجليل 1 / 510) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 201، والبدائع 2 / 191، ومنح الجليل 1 / 510.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الجمل على المنهج 2 / 509.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>الْمُحْرِمِ: يَدْخُل الْبُسْتَانَ؟ فَقَال: نَعَمْ وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ؛ وَلأَِنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ لَهَا رَائِحَةٌ إِذَا كَانَتْ رَطْبَةً فَإِذَا جَفَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَائِحَةٌ.</p>وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ يُرَادُ لِلرَّائِحَةِ فَهُوَ كَالْوَرْدِ وَالزَّعْفَرَانِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا لِلْمُحْرِمِ بِشَمِّ الرَّيْحَانِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَكْسَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ فَرَوَى بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ شَمَّ الرَّيْحَانِ لِلْمُحْرِمِ، وَالثَّانِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَسْأَل عَنِ الرَّيْحَانِ أَيَشَمُّهُ الْمُحْرِمُ، وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ فَقَال: لَا.</p>وَأَمَّا مَا يُطْلَبُ لِلأَْكْل وَالتَّدَاوِي غَالِبًا كَالْقَرَنْفُل وَالدَّارَصِينِيَّ وَالْفَوَاكِهِ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ وَشَمُّهُ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ.</p>وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجُلُوسُ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَفِي مَوْضِعٍ يُبَخَّرُ لأَِنَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّةً وَلأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَطَيُّبٍ مَقْصُودٍ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَوَقَّى ذَلِكَ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ قُرْبَةٍ كَالْجُلُوسِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَهِيَ تُجَمَّرُ، فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لأَِنَّ الْجُلُوسَ عِنْدَهَا قُرْبَةٌ (1) .</p>وَفَصَّل الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: النَّبَاتُ الَّذِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الجمل على المنهج 2 / 509، والمجموع 7 / 248 إلى 252.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>تُسْتَطَابُ رَائِحَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:</p>أَحَدُهَا: مَا لَا يَنْبُتُ لِلطِّيبِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَنَبَاتِ الصَّحْرَاءِ مِنَ الشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالْخُزَامَى وَالْفَوَاكِهِ كُلِّهَا مِنَ الأُْتْرُجِّ وَالتُّفَّاحِ، وَمَا يُنْبِتُهُ الآْدَمِيُّونَ لِغَيْرِ قَصْدِ الطِّيبِ كَالْحِنَّاءِ وَالْعُصْفُرِ فَمُبَاحٌ شَمُّهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشُمَّ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الأَْرْضِ.</p>الثَّانِي: مَا يُنْبِتُهُ الآْدَمِيُّونَ لِلطِّيبِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَالنَّرْجِسِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُبَاحُ بِغَيْرِ فِدْيَةٍ، قَالَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَإِسْحَاقُ رضي الله عنهم. وَالآْخَرُ يَحْرُمُ شَمُّهُ، فَإِنْ فَعَل فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَهُوَ قَوْل جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي ثَوْرٍ رضي الله عنهم لأَِنَّهُ يُتَّخَذُ لِلطِّيبِ فَأَشْبَهَ الْوَرْدَ وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَحْتَمِل أَنَّهُ يُكْرَهُ وَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ.</p>الثَّالِثُ: مَا يَنْبُتُ لِلطِّيبِ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ فَفِي شَمِّهِ الْفِدْيَةُ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الْوَرْدِ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَمِّهِ لأَِنَّهُ زَهْرٌ فَشَمُّهُ كَشَمِّ زَهْرِ سَائِرِ الشَّجَرِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 315 - 316.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الإِْجَارَةُ لِلشَّمِّ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ إِجَارَةِ الشَّيْءِ كَالتُّفَّاحِ مَثَلاً لِشَمِّهِ لأَِنَّ الرَّائِحَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لأَِنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا (1) .</p>وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ اسْتِئْجَارَ الْمِسْكِ وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ لأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ مُتَقَوَّمَةٌ.</p>وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ مَا تَتْلَفُ عَيْنُهُ وَمَا لَا تَتْلَفُ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ مَا يَبْقَى مِنَ الطِّيبِ وَالصَّنْدَل وَقِطَعِ الْكَافُورِ وَالنِّدِّ لِتَشُمَّهُ الْمَرْضَى وَغَيْرُهُمْ مُدَّةً ثُمَّ يَرُدَّهَا، لأَِنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ فَأَشْبَهَتِ الْوَزْنَ وَالتَّحَلِّي. ثُمَّ قَال: وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مَا لَا يَبْقَى مِنَ الرَّيَاحِينِ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَأَشْبَاهِهِ لِشَمِّهَا، لأَِنَّهَا تَتْلَفُ عَنْ قُرْبٍ فَأَشْبَهَتِ الْمَطْعُومَاتِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْجِنَايَةُ عَلَى حَاسَّةِ الشَّمِّ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الْجِنَايَةُ عَلَى حَاسَّةِ الشَّمِّ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. فَإِنْ كَانَ عَمْدًا كَمَنْ شَجَّ إِنْسَانًا فَذَهَبَ شَمُّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنَ الْجَانِي بِمِثْل مَا فَعَل، فَإِنْ ذَهَبَ بِذَلِكَ شَمُّهُ فَقَدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 21، والدسوقي 4 / 20، ومنح الجليل 3 / 776.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 2 / 406، والمغني 5 / 548، 549.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>اسْتَوْفَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبِ الشَّمُّ فُعِل بِالْجَانِي مَا يُذْهِبُ الشَّمَّ بِوَاسِطَةِ أَهْل الْخِبْرَةِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِذْهَابُ الشَّمِّ إِلَاّ بِجِنَايَةٍ سَقَطَ الْقَوَدُ وَوَجَبَتِ الدِّيَةُ.</p>وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَجِبُ الدِّيَةُ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُضْرَبَ الْجَانِي ضَرْبًا يَذْهَبُ بِهِ حَاسَّةُ الشَّمِّ فَلَمْ يَكُنِ اسْتِيفَاءُ الْمِثْل مُمْكِنًا فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ. وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .</p>وَإِنْ كَانَ إِبْطَال حَاسَّةِ الشَّمِّ نَتِيجَةَ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ وَقَعَ خَطَأً، أَوْ كَانَ الضَّرْبُ عَمْدًا لَكِنْ كَانَ الْجُرْحُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً إِذَا كَانَ إِبْطَال الشَّمِّ مِنَ الْمَنْخِرَيْنِ؛ لأَِنَّهُ حَاسَّةٌ تَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ فَكَانَ فِيهَا الدِّيَةُ كَسَائِرِ الْحَوَاسِّ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا وَلأَِنَّ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: وَفِي الْمَشَامِّ الدِّيَةُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 309، وشرح الزرقاني 8 / 17، وجواهر الإكليل 2 / 260، والحطاب 6 / 248، ومغني المحتاج 4 / 29، وروضة الطالبين 9 / 186، وشرح منتهى الإرادات 3 / 292، وكشاف القناع 5 / 552 - 553.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" في المشام الدية " ذكره الشربيني في مغني المحتاج (4 / 71 - نشر دار الفكر) وقال: " غريب " وقال ابن حجر في التلخيص (4 / 29 - ط شركة الطباعة الفنية) : " لم أجده ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ لأَِنَّهُ ضَعِيفُ النَّفْعِ.</p>وَإِذَا زَال الشَّمُّ مِنْ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ. وَإِنْ نَقَصَ الشَّمُّ وَجَبَ بِقِسْطِهِ مِنَ الدِّيَةِ إِذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ وَإِلَاّ فَحُكُومَةٌ يُقَدِّرُهَا الْحَاكِمُ بِالاِجْتِهَادِ (1) .</p>وَمَنِ ادَّعَى زَوَال الشَّمِّ امْتُحِنَ فِي غَفَلَاتِهِ بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ الطَّيِّبَةِ وَالْمُنْتِنَةِ - فَإِنْ هَشَّ لِلطَّيِّبِ وَعَبَسَ لِغَيْرِهِ فَالْقَوْل قَوْل الْجَانِي بِيَمِينِهِ لِظُهُورِ كَذِبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.</p>وَإِنْ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ وَلَمْ يَبِنْ مِنْهُ ذَلِكَ، فَالْقَوْل قَوْل الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.</p>زَادَ الشَّافِعِيَّةُ: وَيَحْلُفُ لِظُهُورِ صِدْقِهِ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَاّ مِنْ قِبَلِهِ.</p>وَإِنِ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نَقْصَ شَمِّهِ فَالْقَوْل قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لأَِنَّهُ لَا يُتَوَصَّل إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إِلَاّ مِنْ جِهَتِهِ فَقُبِل قَوْلُهُ فِيهِ، وَيَجِبُ لَهُ مِنَ الدِّيَةِ مَا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ.</p>وَإِنْ ذَهَبَ شَمُّهُ ثُمَّ عَادَ قَبْل أَخْذِ الدِّيَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 312، وابن عابدين 5 / 369 وجواهر الإكليل 2 / 268 - 269، والقوانين الفقهية ص 345 نشر دار الكتاب العربي، ومغني المحتاج 4 / 71، والمغني لابن قدامة 8 / 11 - 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>سَقَطَتْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَخْذِهَا رَدَّهَا لأَِنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَهَبَ. وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُ شَمِّهِ إِلَى مُدَّةٍ انْتُظِرَ إِلَيْهَا (1) .</p>هَذَا إِذَا ذَهَبَ الشَّمُّ وَحْدَهُ.</p>أَمَّا إِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ بِذَلِكَ شَمُّهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّ الشَّمَّ فِي غَيْرِ الأَْنْفِ فَلَا تَدْخُل أَحَدُهُمَا فِي الآْخَرِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: فِيهِمَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَنْدَرِجُ الشَّمُّ فِي الأَْنْفِ كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِثْبَاتُ شُرْبِ الْمُسْكِرِ بِشَمِّ الرَّائِحَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِثْبَاتِ الشُّرْبِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ بِشَمِّ رَائِحَةِ الْخَمْرِ فِي فَمِ الشَّارِبِ (4) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (أَشْرِبَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌شِنْدَاخٌ</span></p> </p>انْظُرْ: إِمْلَاكٌ، دَعْوَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 12، ومغني المحتاج 4 / 71، وكشاف القناع 6 / 39.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 62، والمغني 8 / 14، وكشاف القناع 6 / 39.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 2 / 270.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 7 / 40 - 51، وجواهر الإكليل 2 / 296، وأسهل المدارك 3 / 176، ومغني المحتاج 4 / 190، والمغني 8 / 39، والمواق 6 / 317.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَهَادَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الشَّهَادَةِ فِي اللُّغَةِ: الْخَبَرُ الْقَاطِعُ، وَالْحُضُورُ وَالْمُعَايَنَةُ وَالْعَلَانِيَةُ، وَالْقَسَمُ، وَالإِْقْرَارُ، وَكَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَالْمَوْتُ فِي سَبِيل اللَّهِ. يُقَال: شَهِدَ بِكَذَا إِذَا أَخْبَرَ بِهِ وَشَهِدَ كَذَا إِذَا حَضَرَهُ، أَوْ عَايَنَهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.</p>وَقَدْ يُعَدَّى الْفِعْل (شَهِدَ) بِالْهَمْزَةِ، فَيُقَال: أَشْهَدْتُهُ الشَّيْءَ إِشْهَادًا، أَوْ بِالأَْلِفِ، فَقَال: شَاهَدْتُهُ مُشَاهَدَةً، مِثْل عَايَنْتُهُ وَزْنًا وَمَعْنًى (1) .</p>وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْحُضُورِ: قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (2) } .</p>قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: " وَشَهِدَ بِمَعْنَى حَضَرَ (3) ".<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر مادة (شهد) في الصحاح، والقاموس، والتاج، واللسان، والمصباح المنير، ومعجم مقاييس اللغة، ومادة (هشد) في العين 3 / 397 - 398، وتهذيب اللغة: 6 / 72 - 77، ومادة (دشه) في جمهرة اللغة 2 / 270، والمفردات في غريب القرآن للأصفهاني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 185.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي 2 / 299 (ط 3 دار القلم بالقاهرة 1387 هـ / 1967 م) وفيه أن الشهر ليس بمفعول وإنما هو ظرف زمان.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْمُعَايَنَةِ: قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (1) } .</p>قَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ مَعْنَاهَا: " وَقَوْلُهُ: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} ، يَعْنِي مُشَاهَدَةَ الْبَصَرِ (2) ".</p>وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْقَسَمِ أَوِ الْيَمِينِ: قَوْله تَعَالَى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (3) } .</p>قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: " الشَّهَادَةُ مَعْنَاهَا الْيَمِينُ هَاهُنَا (4) ".</p>وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْخَبَرِ الْقَاطِعِ: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَاّ بِمَا عَلِمْنَا (5) } .</p>وَاسْتِعْمَالُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ.</p>وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الإِْقْرَارِ: قَوْله تَعَالَى: {شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ (6) } <hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الزخرف / 19.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المفردات ص 269.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النور / 6.</p><font color=#ff0000>(4)</font> اللسان مادة (شهد) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة يوسف / 81.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة التوبة / 17.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>أَيْ مُقِرِّينَ (1) فَإِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْسِ هِيَ الإِْقْرَارُ.</p>وَتُطْلَقُ الشَّهَادَةُ أَيْضًا عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ. (وَهِيَ قَوْلُنَا: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ) وَتُسَمَّى الْعِبَارَةُ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) بِالشَّهَادَتَيْنِ.</p>وَمَعْنَاهُمَا هُنَا مُتَفَرِّعٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ (الإِْخْبَارُ وَالإِْقْرَارُ) ، فَإِنْ مَعْنَى الشَّهَادَةِ هُنَا هُوَ الإِْعْلَامُ وَالْبَيَانُ لأَِمْرٍ قَدْ عُلِمَ وَالإِْقْرَارُ الاِعْتِرَافُ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الأَْنْبَارِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ:" أَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. وَأُبَيِّنُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَعْلَمُ وَأُبَيِّنُ أَنَّ مُحَمَّدًا مُبَلِّغٌ لِلأَْخْبَارِ عَنِ اللَّهِ عز وجل (2) " وَسُمِّيَ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالتَّشَهُّدِ، وَهُوَ صِيغَةُ (تَفَعَّل) مِنَ الشَّهَادَةِ.</p>وَقَدْ يُطْلَقُ (التَّشَهُّدُ) عَلَى (التَّحِيَّاتِ) الَّتِي تُقْرَأُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ.</p>جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ. صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَلِّمُهُمُ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المفردات (مادة: شهد) : 269.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزاهر في معاني كلمات الناس أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، تحقيق الدكتور حاتم الضامن 1 / 125 (ط 1 دار الرشيد) وزارة الثقافة والإعلام في الجمهورية العراقية 1399 هـ / 1979 م، وانظر: لسان العرب (مادة شهد) وقد نقل هذا المعنى عن ابن الأنباري.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " ابن مسعود أنه كان يعلمهم التشهد " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 56 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْعَلَانِيَةِ: قَوْله تَعَالَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ (1) } أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال فِي مَعْنَى هَذِهِ الآْيَةِ: " السِّرُّ وَالْعَلَانِيَةُ (2) ".</p>وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْمَوْتِ فِي سَبِيل اللَّهِ: قَوْله تَعَالَى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ (3) } .</p>فَهُوَ شَهِيدٌ قَدْ رَزَقَهُ اللَّهُ الشَّهَادَةَ، جَمْعُهُ شُهَدَاءُ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ: اسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ فِي الإِْخْبَارِ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى النَّفْسِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِقْرَارٌ) .</p>وَاسْتَعْمَلُوا اللَّفْظَ فِي الْمَوْتِ فِي سَبِيل اللَّهِ وَبَيَانُهُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهِيدٌ) .</p>وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي الْقَسَمِ كَمَا فِي اللِّعَانِ، (وَبَيَانُهُ فِي اللِّعَانِ) .</p>كَمَا اسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ فِي الإِْخْبَارِ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ فِي مَجْلِسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنعام / 73.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نقل ذلك السيوطي عنه في الدر المنثور في التفسير بالمأثور 3 / 23، 4 / 46، تفسير الآية 73 من الأنعام وفي تفسير الآية 9 من الرعد.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 69.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>الْقَضَاءِ، وَهُوَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي هَذَا الْمُصْطَلَحِ.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْرِيفِ الشَّهَادَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى.</p>فَعَرَّفَهَا الْكَمَال مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهَا: إِخْبَارُ صِدْقٍ لإِِثْبَاتِ حَقٍّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ.</p>وَعَرَّفَهَا الدَّرْدِيرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: بِأَنَّهَا إِخْبَارُ حَاكِمٍ مِنْ عِلْمٍ لِيَقْضِيَ بِمُقْتَضَاهُ.</p>وَعَرَّفَهَا الْجَمَل مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهَا: إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ.</p>وَعَرَّفَهَا الشَّيْبَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهَا: الإِْخْبَارُ بِمَا عَلِمَهُ بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَوْ شَهِدْتُ (1) .</p>وَتَسْمِيَتُهَا بِالشَّهَادَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ الْمُتَيَقَّنَةِ، لأَِنَّ الشَّاهِدَ يُخْبِرُ عَنْ مَا شَاهَدَهُ وَالإِْشَارَةُ إِلَيْهَا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُل يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ، فَقَال لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَا تَشْهَدْ إِلَاّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ وَأَوْمَأَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 2، الشرح الكبير للدردير 4 / 164، حاشية الجمل 5 / 377، نيل المآرب بشرح دليل الطالب بتحقيق د. محمد الأشقر 2 / 470.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عباس: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يشهد بشهادة " أخرجه الحاكم (4 / 98 - 99 - ط دائرة المعارف العثمانية) ، والبيهقي (10 / 156 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال البيهقي في أحد رواته: " تكلم فيه الحميدي ولم يرو عن وجه يعتمد عليه " وقال الذهبي: " واه ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>وَتُسَمَّى " بَيِّنَةً " أَيْضًا؛ لأَِنَّهَا تُبَيِّنُ مَا الْتَبَسَ وَتَكْشِفُ الْحَقَّ فِي مَا اخْتُلِفَ فِيهِ (1) .</p>وَهِيَ إِحْدَى الْحُجَجِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا‌<span class="title">‌ الدَّعْوَى</span>.</p> </p>‌<span class="title">‌أَلْفَاظٌ ذَاتُ صِلَةٍ:</span></p>‌<span class="title">‌الإِْقْرَارُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْقْرَارُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الإِْخْبَارُ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْمُخْبِرِ.</p> </p>الدَّعْوَى:</p><font color=#ff0000>3 -</font> الدَّعْوَى: قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَل الْغَيْرِ أَوْ دُفْعُ الْخَصْمِ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ.</p>فَيَجْمَعُ كُلًّا مِنَ الإِْقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، أَنَّهَا إِخْبَارَاتٌ.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا: أَنَّ الإِْخْبَارَ إِنْ كَانَ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ عَلَى الْمُخْبِرِ، وَيَقْتَصِرُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ فَإِقْرَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ، فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ فِيهِ نَفْعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ الشَّهَادَةُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ نَفْعٌ فِيهِ لأَِنَّهُ إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ فَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 12 / 4، الشرح الكبير (على هامش المغني) 12 / 3.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>الدَّعْوَى، انْظُرْ: الْمَوْسُوعَةَ الْفِقْهِيَّةَ مُصْطَلَحَ (إِقْرَارٌ)(6 67) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْبَيِّنَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْبَيِّنَةُ: عَرَّفَهَا الرَّاغِبُ بِأَنَّهَا: الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَقْلِيَّةً أَوْ مَحْسُوسَةً (1) . وَعَرَّفَهَا الْمَجْدَوِيُّ الْبَرَكَتِيُّ بِأَنَّهَا: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ وَالدَّلِيل (2) . وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: الْبَيِّنَةُ فِي الشَّرْعِ: اسْمٌ لِمَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ وَيُظْهِرُهُ. وَهِيَ تَارَةً تَكُونُ أَرْبَعَةَ شُهُودٍ، وَتَارَةً ثَلَاثَةً بِالنَّصِّ فِي بَيِّنَةِ الْمُفَلِّسِ، وَتَارَةً شَاهِدَيْنِ وَشَاهِدًا وَاحِدًا وَامْرَأَةً وَاحِدَةً وَنُكُولاً وَيَمِينًا أَوْ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ، وَتَكُونُ شَاهِدَ الْحَال (أَيِ الْقَرَائِنَ) فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ (3) .</p>وَبِذَلِكَ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَذَا أَعَمَّ مِنَ الشَّهَادَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ</span>.</p><font color=#ff0000>5 -</font> تَحَمُّل الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا (4) } . وقَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ (5) } وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (6) } .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المفردات في غريب القرآن (ص 68) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> قواعد الفقه (216) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الطرق الحكمية (24) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة الطلاق / 2.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة البقرة / 283.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>وَلأَِنَّ الشَّهَادَةَ أَمَانَةٌ فَلَزِمَ أَدَاؤُهَا كَسَائِرِ الأَْمَانَاتِ (1) . فَإِذَا قَامَ بِهَا الْعَدَدُ الْكَافِي (كَمَا سَيَأْتِي) سَقَطَ الإِْثْمُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنِ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ أَثِمُوا كُلُّهُمْ.</p>وَإِنَّمَا يَأْثَمُ الْمُمْتَنِعُ إِذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِالشَّهَادَةِ، وَكَانَتْ شَهَادَتُهُ تَنْفَعُ.</p>فَإِذَا تَضَرَّرَ فِي التَّحَمُّل أَوِ الأَْدَاءِ، أَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ لَا تَنْفَعُ، بِأَنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ، أَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى التَّبَذُّل فِي التَّزْكِيَةِ وَنَحْوِهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ (2) } . وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (3) .</p>وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ لَا يَحْصُل مِنْهُ. وَقَدْ يَكُونُ تَحَمُّلُهَا وَأَدَاؤُهَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَرْضًا عَيْنِيًّا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُ ذَلِكَ الْعَدَدِ مِنَ الشُّهُودِ الَّذِي يَحْصُل بِهِ الْحُكْمُ، وَخِيفَ ضَيَاعُ الْحَقِّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 12 / 3، والشرح الكبير في هامش الموضع نفسه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا ضرر ولا ضرار " أخرجه ابن ماجه (2 / 784 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت، وأعله البوصيري بالانقطاع كذا في مصباح الزجاجة (2 / 33 - ط دار الجنان) ، ولكنه له شواهد يتقوى بها ذكرها ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (ص 286 - 287 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير مع المغني (12 / 3، 4) ، وانظر القوانين الفقهية (205) ، والدر المختار (4 / 369) ، ومغني المحتاج (4 / 450) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>وَهَذَا الْحُكْمُ هُوَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ، أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ فَتُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ أَدَاءٌ ف 26 ح 2 ص 340 لِبَيَانِ الْخِلَافِ فِي أَفْضَلِيَّةِ الشَّهَادَةِ أَوِ السَّتْرِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَشْرُوعِيَّةُ الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ الشَّهَادَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ وَالْمَعْقُول.</p>أَمَّا الْكِتَابُ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ (1) } .</p>وَقَوْلُهُ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ (2) } .</p>وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ (3) } .</p>وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا حَدِيثُ وَائِل بْنِ حُجْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَهُ: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ (4) .</p>وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الْبَيِّنَةُ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الطلاق / 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 283.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " شاهداك أو يمينه "، أخرجه مسلم (1 / 122 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (1) . . وَالْبَيِّنَةُ هِيَ الشَّهَادَةُ.</p>" قَدِ انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا لإِِثْبَاتِ الدَّعَاوَى.</p>أَمَّا الْمَعْقُول: فَلأَِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهَا لِحُصُول التَّجَاحُدِ بَيْنَ النَّاسِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَرْكَانُ الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> أَرْكَانُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خَمْسَةُ أُمُورٍ: الشَّاهِدُ، وَالْمَشْهُودُ لَهُ، وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَالْمَشْهُودُ بِهِ، وَالصِّيغَةُ (3) .</p>وَرُكْنُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اللَّفْظُ الْخَاصُّ، وَهُوَ لَفْظُ (أَشْهَدُ) عِنْدَهُمْ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَبَبُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> سَبَبُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ طَلَبُ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ مِنَ الشَّاهِدِ، أَوْ خَوْفُ فَوْتِ حَقِّ الْمُدَّعِي إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُدَّعِي كَوْنَهُ شَاهِدًا.</p> </p>‌<span class="title">‌حُجِّيَّةُ الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الشَّهَادَةُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " أخرجه البيهقي (10 / 252 - ط دائرة المعارف العثمانية) وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 12 / 3، وانظر في حاشية الشرح الكبير في الموضع نفسه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 4 / 426، والجمل على شرح المنهج 5 / 377، ونهاية المحتاج 8 / 277.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح القدير 6 / 2، وتبيين الحقائق 4 / 207.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>وَلَا تُوجِبُهُ (1) . وَلَكِنْ تُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِمُقْتَضَاهَا (2) . لأَِنَّهَا إِذَا اسْتَوْفَتْ شُرُوطَهَا مُظْهِرَةٌ لِلْحَقِّ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْقَضَاءِ بِالْحَقِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌(شُرُوطُ الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> لِلشَّهَادَةِ نَوْعَانِ مِنَ الشُّرُوطِ:</p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ تَحَمُّلٍ</span>.</p>وَ‌<span class="title">‌شُرُوطُ أَدَاءً</span>.</p>فَأَمَّا شُرُوطُ التَّحَمُّل: فَمِنْهَا:</p><font color=#ff0000>11 -</font> أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَاقِلاً وَقْتَ التَّحَمُّل، فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهَا مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِل؛ لأَِنَّ تَحَمُّل الشَّهَادَةِ عِبَارَةٌ عَنْ فَهْمِ الْحَادِثَةِ وَضَبْطِهَا، وَلَا يَحْصُل ذَلِكَ إِلَاّ بِآلَةِ الْفَهْمِ وَالضَّبْطِ، وَهِيَ الْعَقْل.</p><font color=#ff0000>12 -</font> أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا، فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّل مِنَ الأَْعْمَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ تَحَمُّلِهِ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإقناع 4 / 430، ومنتهى الإرادات 2 / 647، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد 12 / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 2، والبدائع 6 / 282، البناية في شرح الهداية 7 / 120، الفتاوى الهندية 3 / 450، شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل 4 / 215.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مختصر الطحاوي: 332، تحفة الفقهاء للسمرقندي 3 / 527، روضة القضاة للسمناني 1 / 263، بدائع الصنائع 9 / 4023.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>التَّسَامُعُ إِذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ وَقَطَعَ بِأَنَّهُ صَوْتُ فُلَانٍ (1) .</p><font color=#ff0000>13 -</font> أَنْ يَكُونَ التَّحَمُّل عَنْ عِلْمٍ، أَوْ عَنْ مُعَايَنَةٍ لِلشَّيْءِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ: لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: ذُكِرَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُل يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ، فَقَال لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَا تَشْهَدْ إِلَاّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ وَأَوْمَأَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ (2) .</p>وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَاّ بِالْعِلْمِ، أَوِ الْمُعَايَنَةِ، إِلَاّ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ، كَالنِّكَاحِ، وَالنَّسَبِ، وَالْمَوْتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ (3) . أَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَتُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ.</p>وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا رَآهُ مِنْ خَطِّ نَفْسِهِ إِلَاّ إِذَا تَذَكَّرَ ذَلِكَ وَتَيَقَّنَ مِنْهُ، لأَِنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ، وَالْخَتْمَ يُشْبِهُ الْخَتْمَ، كَثِيرًا مَا يَقَعُ التَّزْوِيرُ، فَلَا مُعَوَّل إِلَاّ عَلَى التَّذَكُّرِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 3 / 121 وشرحها فتح القدير 6 / 27، والبناية 7 / 160، وتبيين الحقائق 4 / 217، تبصرة الحكام 2 / 80، المهذب 2 / 336، المغني 12 / 61، 62 والشرح الكبير 12 / 67.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عباس - تقدم تخريجه في ف1.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 9 / 4024، الفتاوى الهندية 3 / 450، والدر المختار 4 / 370، والمهذب 2 / 335.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى جَوَازِ شَهَادَتِهِ عَلَى مَا يَجِدُهُ مِنْ خَطِّ نَفْسِهِ (1) . وَعَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ (2) .</p>وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقَاضِي يَجِدُ فِي دِيوَانِهِ شَيْئًا لَا يَحْفَظُهُ، كَإِقْرَارِ رَجُلٍ أَوْ شَهَادَةِ شُهُودٍ، أَوْ صُدُورِ حُكْمٍ مِنْهُ وَقَدْ خُتِمَ بِخَتْمِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي بِهِ (3) .</p><font color=#ff0000>14 -</font> وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحَمُّل: الْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالإِْسْلَامُ، وَالْعَدَالَةُ، حَتَّى لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ وَقْتَ التَّحَمُّل صَبِيًّا عَاقِلاً، أَوْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا، أَوْ فَاسِقًا، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ، وَأُعْتِقَ الْعَبْدُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَتَابَ الْفَاسِقُ، فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ (4) .</p> </p><font color=#ff0000>15 -</font> وَأَمَّا شُرُوطُ الأَْدَاءِ: فَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى الشَّاهِدِ.</p>وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى الشَّهَادَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 9 / 4038، 4048، الفتاوى الهندية 3 / 450.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 12 / 10، المغني 12 / 22.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح أدب القاضي للخصاف تأليف برهان الأئمة حسام الدين عمر بن عبد العزيز ابن مازة البخاري الحنفي المعروف بالصدر الشهيد 3 / 97، 105.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 4 / 218، الفتاوى الهندية 3 / 450، والقوانين الفقهية (203) ، تبصرة الحكام 1 / 216، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 12 / 57، الإقناع 4 / 440، والمغني مع الشرح الكبير 12 / 84.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَشْهُودِ بِهِ.</p>وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى النِّصَابِ (أَيْ عَدَدِ الشُّهُودِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: مَا يَرْجِعُ إِلَى الشَّاهِدِ:</span></p>أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ أَهْلاً لِلشَّهَادَةِ، وَذَلِكَ بِتَوَفُّرِ شُرُوطِهَا فِيهِ. وَمِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ:</p> </p>‌<span class="title">‌(1) - الْبُلُوغُ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الأَْطْفَال وَالصِّبْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (1) .</p>وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنَ الرِّجَال لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِل أَوْ يُفِيقَ (2) . وَلأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يُؤْمَنْ عَلَى حِفْظِ أَمْوَالِهِ، فَلأََنْ لَا يُؤْمَنَ عَلَى حِفْظِ حُقُوقِ غَيْرِهِ أَوْلَى (3) .</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى جَوَازِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْل قَبْل أَنْ يَتَفَرَّقُوا، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ: أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة 282.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " رفع القلم عن ثلاثة ". أخرجه ابن ماجه (1 / 658 - ط الحلبي) والحاكم (2 / 59 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عائشة وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 325.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>يَتَّفِقُوا فِي شَهَادَتِهِمْ، وَأَنْ لَا يَدْخُل بَيْنَهُمْ كَبِيرٌ، وَاخْتُلِفَ فِي إِنَاثِهِمْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌(2) - الْعَقْل:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعَاقِل إِجْمَاعًا، لأَِنَّهُ لَا يَعْقِل مَا يَقُولُهُ وَلَا يَصِفُهُ (2) .</p>وَسَوَاءٌ أَذَهَبَ عَقْلُهُ بِجُنُونٍ أَوْ سُكْرٍ وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمُحَصِّلٍ وَلَا تَحْصُل الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ: وَلأَِنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِكَذِبِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يُتَحَرَّزُ مِنْهُ (3) "</p> </p>‌<span class="title">‌(3) - الْحُرِّيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ، إِذْ فِي، الشَّهَادَاتِ نُفُوذُ قَوْلٍ عَلَى الْغَيْرِ، وَهُوَ نَوْعُ وِلَايَةٍ؛ وَلأَِنَّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ مُشْتَغِلٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لأَِدَاءِ الشَّهَادَةِ (4) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى قَبُول شَهَادَتِهِ فِي كُل شَيْءٍ إِلَاّ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ (5) .</p>(وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: رِقٌّ ج 23 ص 81) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 2 / 7، الخرشي 7 / 196، والقوانين الفقهية (202) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 12 / 37.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منح الجليل 4 / 217.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 12 / 27.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أسني المطالب 5 / 939.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الشرح الكبير 12 / 65، منتهى الإرادات 2 / 662، الإنصاف 12 / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌(4) - الْبَصَرُ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الأَْعْمَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُطْلَقًا (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الأَْعْمَى فِي الأَْفْعَال؛ لأَِنَّ طَرِيقَ الْعِلْمِ بِهَا الْبَصَرُ، وَكَذَا فِي الأَْقْوَال إِلَاّ فِيمَا يَثْبُتُ بِالاِسْتِفَاضَةِ؛ لأَِنَّهَا مُسْتَنَدُهَا السَّمَاعُ وَلَيْسَ الرُّؤْيَةَ، وَإِلَاّ فِي التَّرْجَمَةِ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي لأَِنَّهُ يُفَسِّرُ مَا سَمِعَهُ (2) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الأَْقْوَال دُونَ الأَْفْعَال فِيمَا لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مِنَ الأَْقْوَال إِذَا كَانَ فَطِنًا، وَلَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الأَْصْوَاتُ، وَتَيَقَّنَ الْمَشْهُودَ لَهُ، وَالْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ (3) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الأَْعْمَى إِذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ لأَِنَّهُ رَجُلٌ عَدْلٌ مَقْبُول الرِّوَايَةِ فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَالْبَصِيرِ؛ وَلأَِنَّ السَّمْعَ أَحَدُ الْحَوَاسِّ الَّتِي يَحْصُل بِهَا الْيَقِينُ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَنْ أَلِفَهُ الأَْعْمَى، وَكَثُرَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ، وَعَرَفَ صَوْتَهُ يَقِينًا، فَيَجِبُ أَنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ، فِيمَا تَيَقَّنَهُ كَالْبَصِيرِ، وَلَا سَبِيل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 9 / 4023، فتح القدير 6 / 27، الفتاوى الهندية 3 / 464 - 465.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 2 / 336.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الخرشي 7 / 179، شرح منح الجليل 4 / 221.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>إِلَى إِنْكَارِ حُصُول الْيَقِينِ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال (1) .</p>وَذَهَبَ زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) إِلَى قَبُول شَهَادَتِهِ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّسَامُعُ؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ فِيهِ إِلَى السَّمَاعِ، وَلَا خَلَل فِيهِ (2) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الأَْعْمَى لَوْ تَحَمَّل شَهَادَةً تَحْتَاجُ إِلَى الْبَصَرِ، وَهُوَ بَصِيرٌ، ثُمَّ عَمِيَ فَإِنْ تَحَمَّل عَلَى رَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِالاِسْمِ وَالنَّسَبِ يُقِرُّ لِرَجُلٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بَعْدَمَا عَمِيَ، وَتُقْبَل شَهَادَتُهُ لِحُصُول الْعِلْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تُقْبَل.</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ صَوْتَهُ لِكَثْرَةِ إِلْفِهِ لَهُ صَحَّ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ.</p>وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَهُوَ بَصِيرٌ، ثُمَّ عَمِيَ قَبْل الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ، جَازَ الْحُكْمُ بِهَا عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مَعْنًى طَرَأَ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا يُمْنَعُ الْحُكْمُ بِهَا، كَمَا لَوْ مَاتَ الشَّاهِدَانِ أَوْ غَابَا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ.</p>وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى عَدَمِ قَبُول<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني والشرح الكبير 12 / 61.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 121، وشرحها فتح القدير 6 / 27، البناية 7 / 160، تبيين الحقائق 4 / 217، المبسوط 16 / 129.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>شَهَادَتِهِ فِي الْحَالَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ؛ لأَِنَّ قِيَامَ الأَْهْلِيَّةِ شَرْطٌ وَقْتَ الْقَضَاءِ لِتَصِيرَ حُجَّةً (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌(5) - الإِْسْلَامُ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الأَْصْل أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُسْلِمًا فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْكُفَّارِ سَوَاءٌ أَكَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى مُسْلِمٍ أَمْ عَلَى غَيْرِ مُسْلِمٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (2) . وَقَوْلُهُ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (3) . وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَلَيْسَ مِنَّا وَلأَِنَّهُ أَفْسَقُ الْفُسَّاقِ وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُؤْمَنُ مِنْهُ الْكَذِبُ عَلَى خَلْقِهِ.</p>وَعَلَى هَذَا الأَْصْل جَرَى مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَحْمَدَ (4) .</p>لَكِنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الأَْصْل شَهَادَةَ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ فَقَدْ أَجَازُوهَا عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَْرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه 4 / 218، ومنح الجليل 4 / 221، وروضة الطالبين 12 / 260، والمغني 12 / 62 و63.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الطلاق / 2.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مواهب الجليل 6 / 150، وأسني المطالب 4 / 339، ومغني المحتاج 4 / 427، والمغني 12 / 53.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة المائدة / 106.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ شَهَادَةَ الذِّمِّيِّينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ، وَشَهَادَةَ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى أَمْثَالِهِمْ.</p>وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌(6) - النُّطْقُ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الأَْخْرَسِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.</p>وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ إِذَا عُرِفَتْ إِشَارَتُهُ وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ قَبُول شَهَادَةِ الأَْخْرَسِ إِذَا أَدَّاهَا بِخَطِّهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌(7) - الْعَدَالَةُ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي اشْتِرَاطِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (3) . وَلِهَذَا لَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْفَاسِقِ.</p>وَالْعَدَالَةُ عَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِالْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ عَلَى اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ وَأَدَاءِ الأَْمَانَةِ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَأَنْ يَكُونَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ وَهِيَ شَرْطُ وُجُوبِ الْقَبُول.</p>وَعَرَّفَهَا الْحَنَابِلَةُ بِالصَّلَاحِ فِي الدِّينِ وَهُوَ: أَدَاءُ الْفَرَائِضِ بِرَوَاتِبِهَا، وَاجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَعَدَمُ الإِْصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا أَيْضًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 7 / 102، 104، المبسوط 16 / 133، 135.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أقرب المسالك 176، التاج والإكليل 6 / 154، مواهب الجليل للحطاب 6 / 154، وروضة الطالبين 11 / 245، وشرح منتهى الإرادات 3 / 545.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الطلاق / 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>اسْتِعْمَال الْمُرُوءَةِ بِفِعْل مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ، وَتَرْكِ مَا يُدَلِّسُهُ وَيَشِينُهُ.</p>وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ الْمُرُوءَةَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا. وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَدَالَةٌ)</p>وَالْعَدَالَةُ شَرْطُ وُجُوبِ الْقَبُول عَلَى الْقَاضِي لَا جَوَازِهِ (1) . فَإِذَا تَوَفَّرَتْ فِي الشَّاهِدِ وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ بِشَهَادَتِهِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيُّ: إِذَا كَانَ الأَْغْلَبُ عَلَى الرَّجُل وَالأَْظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةُ وَالْمُرُوءَةُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الأَْغْلَبُ عَلَى الرَّجُل وَالأَْظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الْمَعْصِيَةَ وَخِلَافَ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌(8) - التَّيَقُّظُ: أَوِ الضَّبْطُ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> لَا تُقْبَل شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ أَصْلاً أَوْ غَالِبًا لِعَدَمِ التَّوَثُّقِ بِقَوْلِهِ، أَمَّا مَنْ لَا يَضْبِطُ نَادِرًا وَالأَْغْلَبُ فِيهِ الْحِفْظُ وَالضَّبْطُ فَتُقْبَل قَطْعًا؛ لأَِنَّ أَحَدًا لَا يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 6 / 150، وشرح منتهى الإرادات 3 / 546، ومغني المحتاج 4 / 427، شرح أدب القاضي للخصاف تأليف حسام الدين الصدر الشهيد بن مازة البخاري 3 / 8ف 545 وأحكام القرآن للجصاص 1 / 503 - 504، الفتاوى الهندية 3 / 450.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مختصر المزني من كلام الشافعي 5 / 256، الأم 7 48.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية (303) ط. بيروت دار الكتاب وتبصرة الحكام 1 / 172، ومغني المحتاج 4 / 436، والمغني مع الشرح الكبير 12 / 30.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌(9) - أَلَاّ يَكُونَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1) .</p>فَإِنْ تَابَ وَأَصْلَحَ:</p>فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى قَبُول شَهَادَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ الآْيَةِ السَّابِقَةِ مُبَاشَرَةً: {إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ قَبُول شَهَادَتِهِ وَلَوْ تَابَ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَتُقْبَل فِيمَا عَدَاهُ إِنْ تَابَ (3) .</p>وَمَنَاطُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الآْيَةِ فِي وُرُودِ الاِسْتِثْنَاءِ بَعْدَ مَذْكُورِينَ أَيَشْمَلُهُمْ كُلَّهُمْ أَمْ يَعُودُ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ؟</p>فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الاِسْتِثْنَاءَ يَعُودُ إِلَى الأَْخِيرِ وَهُوَ هُنَا التَّوْبَةُ مِنَ الْفِسْقِ فَقَطْ.</p>وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يَعُودُ إِلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ.</p>وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْل عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِمَنْ جَلَدَهُ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِقَوْلِهِ: تُبْ أَقْبَل شَهَادَتَكَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 5.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 3 / 450، والحطاب 6 / 161.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>وَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌(10) - الذُّكُورَةُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ:</span></p>يُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ</p><font color=#ff0000>25 -</font> لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: " مَضَتِ السُّنَّةُ بِأَنْ لَا شَهَادَةَ لِلنِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ".</p> </p>‌<span class="title">‌(11) - عَدَمُ التُّهْمَةِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> لِلتُّهْمَةِ أَسْبَابٌ مِنْهَا:</p>أ - أَنْ يَجُرَّ بِشَهَادَتِهِ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ ضُرًّا، فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ بِجُرْحٍ قَبْل انْدِمَالِهِ، وَلَا الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ بِالأَْدَاءِ، وَلَا الإِْبْرَاءِ، وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَل شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ وَخَالَفَ فِي هَذَا الشَّافِعِيَّةُ. ب - الْبَعْضِيَّةُ: فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ أَصْلٍ لِفَرْعِهِ، وَلَا فَرْعٍ لأَِصْلِهِ، وَتُقْبَل شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ.</p>ح - الْعَدَاوَةُ: فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَدَاوَةِ هُنَا، الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ لَا الدِّينِيَّةُ، فَتُقْبَل شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ، وَالسُّنِّيُّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ، وَكَذَا مَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المستصفي 2 / 174، وفواتح الرحموت (بهامش المستصفي) 1 / 332، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (طبعة محمد علي صبيح) 2 / 135.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>أَبْغَضَ الْفَاسِقَ لِفِسْقِهِ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَالْعَدَاوَةُ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ أَنْ تَبْلُغَ حَدًّا يَتَمَنَّى زَوَال نِعْمَتِهِ وَيَفْرَحُ لِمُصِيبَتِهِ، وَيَحْزَنُ لِمَسَرَّتِهِ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَيُخَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الآْخَرِ، وَتُقْبَل شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ إِذْ لَا تُهْمَةَ.</p>د - أَنْ يَدْفَعَ بِالشَّهَادَةِ عَنْ نَفْسِهِ عَارَ الْكَذِبِ، فَإِنْ شَهِدَ فَاسِقٌ وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ ثُمَّ تَابَ بِشُرُوطِ التَّوْبَةِ فَشَهَادَتُهُ الْمُسْتَأْنَفَةُ مَقْبُولَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ أَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ الَّتِي رُدَّتْ لَمْ تُقْبَل.</p>هـ - الْحِرْصُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْمُبَادَرَةِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ (1) .</p>و الْعَصَبِيَّةُ، فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ مَنْ عُرِفَ بِهَا وَبِالإِْفْرَاطِ فِي الْحَمِيَّةِ كَتَعَصُّبِ قَبِيلَةٍ عَلَى قَبِيلَةٍ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا لاِشْتِرَاطِ عَدَمِ التُّهْمَةِ (3) بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 4 / 223، والشرح الصغير 4 / 246، والقوانين الفقهية (303، 304) ط. دار الكتاب العربي، وتبصرة الحكام 1 / 154، وروضة الطالبين 11 / 234 - 242، والمهذب 2 / 331، ومغني المحتاج 4 / 433، والمغني 12 / 55 وما بعدها، ومنتهى الإرادات 3 / 555.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منتهى الإرادات 3 / 555.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 330.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَانِعِ لأَِهْل الْبَيْتِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: مَا يَرْجِعُ مِنْ شُرُوطِ الأَْدَاءِ إِلَى الشَّهَادَةِ نَفْسِهَا وَمِنْ ذَلِكَ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> (1) - اشْتِرَاطُ وُجُودِ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ مِنَ الْمُدَّعِي أَوْ نَائِبِهِ. أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا وُجُودُ الدَّعْوَى عَلَى رَأْيِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (2) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> - مُوَافَقَتُهَا لِلدَّعْوَى (كَمَا سَيَرِدُ تَفْصِيلُهُ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> - الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال.</p><font color=#ff0000>(4)</font> - اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ (كَمَا سَيَرِدُ تَفْصِيلُهُ) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> - تَعَذُّرُ حُضُورِ الأَْصْل (وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) كَمَا سَيَأْتِي.</p><font color=#ff0000>(6)</font> - أَنْ تُؤَدَّى بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ. بِأَنْ يَقُول: أَشْهَدُ بِكَذَا وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُورِ، وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَدُل عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ". أخرجه أحمد (2 / 204 - ط، الميمنية) من حديث عبد الله بن عمرو، قوى إسناده ابن حجر في التلخيص (2 / 198 -. ط. شركة الطباعة الفنية) . وذو الغمر: ذو الحقد، والقانع: الخادم الذي انقطع لخدمة أهل البيت.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>حُصُول عِلْمِ الشَّاهِدِ كَأَنْ يَقُول: رَأَيْتُ كَذَا أَوْ سَمِعْتُ كَذَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُول: أَشْهَدُ. (1)</p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: مَا يَرْجِعُ مِنْ شُرُوطِ الأَْدَاءِ إِلَى الْمَشْهُودِ بِهِ:</span></p>‌<span class="title">‌يُشْتَرَطُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>(28)</font> - (1) - أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، فَإِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ بِمَجْهُولٍ فَلَا تُقْبَل. وَذَلِكَ لأَِنَّ شَرْطَ صِحَّةِ قَضَاءِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَعْلُومًا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> - كَوْنُ الْمَشْهُودِ بِهِ مَالاً أَوْ مَنْفَعَةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَقَوِّمًا شَرْعًا.</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: مَا يَرْجِعُ مِنْ شُرُوطِ الأَْدَاءِ إِلَى نِصَابِ الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> يَخْتَلِفُ عَدَدُ الشُّهُودِ فِي الشَّهَادَاتِ بِحَسَبِ الْمَوْضُوعِ الْمَشْهُودِ بِهِ:</p>أ - مِنَ الشَّهَادَاتِ مَا لَا يُقْبَل فِيهِ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ، لَا امْرَأَةَ بَيْنَهُمْ وَذَلِكَ فِي الزِّنَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ. .} (2) الآْيَةَ.</p>وقَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ. . .} (3) الآْيَةَ. وقَوْله تَعَالَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 273، والشرح الصغير 2 / 348 ط. الحلبي، والمغني 9 / 216، الطبعة الثالثة، والجمل على شرح المنهج 5 / 377.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النور / 13.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>: {وَاللَاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} . (1)</p>وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَال يَا رَسُول اللَّهِ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلاً أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَال: نَعَمْ. (2)</p>ب - نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى مَنْ عُرِفَ بِغِنًى أَنَّهُ فَقِيرٌ لأَِخْذِ زَكَاةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ، يَشْهَدُونَ لَهُ. (3)</p>لِحَدِيثِ قَبِيصَةَ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ. (4)</p>ج - وَمِنْهَا مَا يُقْبَل فِيهِ شَاهِدَانِ لَا امْرَأَةَ فِيهِمَا، وَهُوَ مَا سِوَى الزِّنَى مِنَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَحَدِّ الْحِرَابَةِ، وَالْجَلْدِ فِي الْخَمْرِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.</p>وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال غَالِبًا، مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ مَالٌ: كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ، وَالإِْيلَاءِ، وَالظِّهَارِ، وَالنَّسَبِ، وَالإِْسْلَامِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 15.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله إن وجدت. . " أخرجه مسلم (2 / 1135 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 556.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث قبيصة: " حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا. . " أخرجه مسلم (2 / 722 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>وَالرِّدَّةِ، وَالْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيل، وَالْمَوْتِ وَالإِْعْسَارِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْوِصَايَةِ، وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ لَا امْرَأَةَ فِيهِمَا. (1)</p>وَدَلِيلُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى شَهَادَةِ الرَّجُلَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوَصِيَّةِ.</p>فَأَمَّا الطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} . (2)</p>وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَقَوْلُهُ: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} . (3)</p>وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي النِّكَاحِ: لَا نِكَاحَ إِلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ. (4)</p>وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَال: " مَضَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير 12 / 84، تبصرة الحكام 1 / 265، روضة الطالبين للنووي 11 / 253، والمغني 12 / 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الطلاق / 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المائدة / 106.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " لا نكاح إلا بولي ". أخرجه البيهقي (7 / 125 - ط. دائرة المعارف العثمانية) من حديث عائشة، وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>وَقِيسَ عَلَيْهَا مَا شَارَكَهَا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. (1)</p>د - وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَا يُقْبَل فِيهِ شَاهِدَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ هُوَ مَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَقُّ مَالاً أَمْ غَيْرَ مَالٍ، كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ. (2)</p>وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} . (3) وَقَصَرَ الْجُمْهُورُ قَبُول شَهَادَةِ الرَّجُلَيْنِ أَوِ الرَّجُل وَالْمَرْأَتَيْنِ عَلَى مَا هُوَ مَالٌ أَوْ بِمَعْنَى الْمَال، كَالْبَيْعِ، وَالإِْقَالَةِ، وَالْحَوَالَةِ، وَالضَّمَانِ، وَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، كَالْخِيَارِ، وَالأَْجَل، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (4)</p>وَأَجَازُوا فِيهِ أَنْ يَثْبُتَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 442، نهاية المحتاج 8 / 295.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 117، فتح القدير 6 / 7، الفتاوى الهندية 3 / 451، المبسوط 16 / 115.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير 12 / 90، حاشية الدسوقي 4 / 87، حاشية الخرشي 4 / 201، مغني المحتاج 4 / 41 نهاية المحتاج 8 / 294 - 295، روضة الطالبين 11 / 254، 278، المغني 12 / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>وَدَلِيلُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ. (1)</p>وَلَمْ يُجِزِ الْحَنَفِيَّةُ الْقَضَاءَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا قَضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لأَِنَّ الآْثَارَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي هَذَا الشَّأْنِ لَا تَثْبُتُ عِنْدَهُمْ (2) .</p>هـ - وَمِنْهَا مَا تُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، وَهُوَ الْوِلَادَةُ وَالاِسْتِهْلَال وَالرَّضَاعُ، وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الرِّجَال الأَْجَانِبُ مِنَ الْعُيُوبِ الْمَسْتُورَةِ.</p>وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ هَذِهِ الأُْمُورُ مِنَ النِّسَاءِ. (3) عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ:</p>الأَْوَّل: ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ تُقْبَل فِي الْوِلَادَةِ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا، وَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ غَيْرِ الْقَابِلَةِ إِلَاّ مَعَ غَيْرِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" قضى بيمين وشاهد ". أخرجه مسلم (3 / 1337 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر شرح أدب القاضي للخصاف تأليف حسام الدين الصدر الشهيد 4 / 455. الفقرة 1499.</p><font color=#ff0000>(3)</font> انظر هذه المذاهب في كتاب الشهادات من الحاوي للماوردي الفقرة 3877 وانظر المغني: 12 / 16 - 17، والشرح الكبير 12 / 97 - 98، والمبسوط 16 / 142 - 144، جواهر العقود 2 / 438، معين الحكام: 94 - 95، سنن البيهقي 10 / 151، بداية المجتهد 2 / 454، شرح الزرقاني على موطأ مالك 4 / 380.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (1) .</p>الثَّانِي: ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ تُقْبَل فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ عَدْلَةٍ قَابِلَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، إِلَاّ وِلَادَةَ الْمُطَلَّقَةِ فَلَا تُقْبَل فِيهَا شَهَادَةُ الْوَاحِدَةِ (2) اسْتِدْلَالاً بِمَا رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ. (3)</p>وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا أَجَازَا شَهَادَتَهَا (4) .</p>الثَّالِثُ: ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالْحَكَمُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ إِلَى أَنَّهُ تُقْبَل فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُنَّ لَمَّا قُمْنَ فِي انْفِرَادِهِنَّ مَقَامَ الرِّجَال، وَجَبَ أَنْ يَقُمْنَ فِي الْعَدَدِ مَقَامَ الرِّجَال، وَأَكْثَرُ عَدَدِ الرِّجَال اثْنَانِ، فَاقْتَضَى أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 12 / 16 - 17، الشرح الكبير 12 / 98، الإنصاف 12 / 86.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 117، المبسوط 16 / 143، معين الحكام: 94، الفتاوى الهندية 3 / 451.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث حذيفة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة ". أخرجه الدارقطني (4 / 233 - ط دار المحاسن) والبيهقي (10 / 151 - ط. دائرة المعارف العثمانية) وأعله بالانقطاع.</p><font color=#ff0000>(4)</font> روى ذلك عبد الرزاق عن عمر (المصنف: 8 / 334 الحديث 15429) ورواه الدارقطني عن علي موقوفا (سنن الدارقطني 4 / 233) وانظره في السنن الكبرى (10 / 151 وفي إسناده مقال (نصب الراية 4 / 80) والدراية (2 / 171 ضمن الحديث 827) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>يَكُونَ أَكْثَرُ عَدَدِ النِّسَاءِ اثْنَتَيْنِ (1)</p>الرَّابِعُ: هُوَ مَا حُكِيَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ أَنَّهُ تُقْبَل ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، وَلَا يُقْبَل أَقَل مِنْهُنَّ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَنَسٍ. وَاسْتُدِل لِذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ ضَمَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ إِلَى الرَّجُل فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَنْفَرِدْنَ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يُسْتَبْدَل الرَّجُل بِالْمَرْأَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَنْفَرِدْنَ فِيهِ فَيَصِرْنَ ثَلَاثًا. (2)</p>الْخَامِسُ: ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَعَطَاءٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَل فِي ذَلِكَ أَقَل مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ. (3)</p>قَال الشَّافِعِيُّ: لأَِنَّ اللَّهَ عز وجل حَيْثُ أَجَازَ الشَّهَادَةَ انْتَهَى بِأَقَلِّهَا إِلَى شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، فَأَقَامَ الثِّنْتَيْنِ مَقَامَ رَجُلٍ، حَيْثُ أَجَازَهُمَا فَإِذَا أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيمَا يَغِيبُ عَنِ الرِّجَال لَمْ يَجُزْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُجِيزُوهَا إِلَاّ عَلَى أَصْل حُكْمِ اللَّهِ عز وجل فِي الشَّهَادَاتِ، فَيَجْعَلُونَ كُل امْرَأَتَيْنِ تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ، وَإِذَا فَعَلُوا لَمْ يَجُزْ إِلَاّ أَرْبَعٌ، وَهَكَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة الكبرى 5 / 158، تبصرة الحكام 1 / 295، والقوانين الفقهية 315 ط. تونس. تنوير الحوالك 2 / 110، وانظر المغني 12 / 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كتاب الشهادات من الحاوي للماوردي الفقرة 3877، والمغني 12 / 17، والشرح الكبير 12 / 98.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأم 6 / 267، 7 / 43، مختصر المزني 5 / 248، كتاب الشهادات من الحاوي الكبير: الفقرة 3877، السنن الكبرى 10 / 151، مغني المحتاج 4 / 442، نهاية المحتاج 8 / 296، المهذب 2 / 335.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>الْمَعْنَى فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ ذِكْرُهُ - وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. (1)</p>و وَمِنْهَا مَا تُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَتُقْبَل شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ الْعَدْل بِمُفْرَدِهِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ هِلَال رَمَضَانَ اسْتِدْلَالاً بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَال، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ. (2)</p>وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَال، فَقَال: أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ؟ وَأَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: يَا بِلَال أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا. (3)</p>وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَبِهِ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ مِنْ غَيْمٍ أَوْ غُبَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ تُقْبَل شَهَادَةُ الطَّبِيبِ الْوَاحِدِ فِي الشِّجَاجِ، وَالْبَيْطَارِ فِي عُيُوبِ الدَّوَابِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأم 6 / 267.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عمر:" تراءى الناس الهلال ". أخرجه أبو داود (2 / 756 - 757 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 423 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الترمذي (3 / 65 - ط الحلبي) والنسائي (4 / 132 - ط المكتبة التجارية) ورجحا إرساله.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>وَقَيَّدَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِمَا إِذَا كَانَ بِتَكْلِيفٍ مِنَ الإِْمَامِ.</p>وَقَيَّدَهُ الْحَنَابِلَةُ بِمَا إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْشْهَادِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الإِْشْهَادِ عَلَى الْعُقُودِ بَيْنَ عُقُودِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا: فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّ الإِْشْهَادَ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ وَاجِبٌ وَشَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا نِكَاحَ إِلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ. (2)</p>وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الإِْشْهَادَ غَيْرُ وَاجِبٍ إِذَا تَمَّ الإِْعْلَانُ. (3)</p>أَمَّا عُقُودُ الْبُيُوعِ، فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو مُوسَى الأَْشْعَرِيُّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَالضَّحَّاكُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُجَاهِدٌ إِلَى أَنَّ الإِْشْهَادَ وَاجِبٌ. (4)</p>قَال عَطَاءٌ: أَشْهِدْ إِذَا بِعْتَ وَإِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأم 2 / 80 ونجد رأيه الثاني في الموضع نفسه أنه لا يجوز إلا شاهدان. وانظر مختصر المزني 2 / 3، وانظر نهاية المحتاج 3 / 149، مغني المحتاج 1 / 420 - 421، حاشية البجيرمي على الخطيب 2 / 324، تبصرة الحكام 1 / 229، والمغني مع الشرح الكبير 3 / 8، وشرح منتهى الإرادات 3 / 557، الهداية 1 / 121 وشروحها: فتح القدير 2 / 59، البناية 3 / 288.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحديث تقدم تخريجه ف29.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المدونة الكبرى المجلد الثاني ص192، تبصرة الحكام 1 / 209.</p><font color=#ff0000>(4)</font> انظر تفسير القرطبي 3 / 402، جواهر العقد 2 / 428، بداية المجتهد 2 / 452، الشهادات من الحاوي الفقرة 3809</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>اشْتَرَيْتَ بِدِرْهَمٍ أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ ثُلُثِ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَل مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُول:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (1) .</p>وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ، إِلَى أَنَّ الأَْمْرَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} لِلنَّدْبِ وَلَيْسَ لِلْوُجُوبِ، لِوُرُودِ الآْيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (2) . فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الأَْمْرَ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ. (3)</p>وَلِمَا وَرَدَ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَلَهُ وَاسْتَثْنَى ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ (4) .</p>فَدَل ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ.</p>وَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَشْهَدَ، وَبَاعَ فِي أَحْيَانٍ أُخْرَى وَاشْتَرَى، وَرَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، (5) وَلَمْ يُشْهِدْ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 283.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 16 / 112، تبصرة الحكام 1 / 209، الأم 3 / 76 - 77، مختصر المزني 5 / 246، المهذب 2 / 324، نهاية المحتاج 8 / 277، سنن البيهقي 10 / 145، تفسير القرطبي 3 / 402، تفسير ابن كثير 1 / 336.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث جابر: أنه باع النبي صلى الله عليه وسلم جمله واستثنى ظهره إلى المدينة. أخرجه البخاري (الفتح 4 / 485 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1222 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث " رهن درعه عند يهودي " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 142 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1226 - ط الحلبي) من حديث عائشة</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>وَلَوْ كَانَ الإِْشْهَادُ أَمْرًا وَاجِبًا لَوَجَبَ مَعَ الرَّهْنِ لِخَوْفِ الْمُنَازَعَةِ. (1)</p>قَال ابْنُ عَطِيَّةَ: (وَالْوُجُوبُ فِي ذَلِكَ قَلِقٌ، أَمَّا فِي الدَّقَائِقِ فَصَعْبٌ شَاقٌّ، وَأَمَّا مَا كَثُرَ فَرُبَّمَا يَقْصِدُ التَّاجِرُ الاِسْتِئْلَافَ بِتَرْكِ الإِْشْهَادِ، وَقَدْ يَكُونُ عَادَةً فِي بَعْضِ الْبِلَادِ، وَقَدْ يُسْتَحَى مِنَ الْعَالِمِ وَالرَّجُل الْكَبِيرِ الْمُوَقَّرِ فَلَا يُشْهِدُ عَلَيْهِ، فَيَدْخُل ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الاِئْتِمَانِ، وَيَبْقَى الأَْمْرُ بِالإِْشْهَادِ نَدْبًا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي الأَْغْلَبِ مَا لَمْ يَقَعْ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْهُ)(2)</p> </p>‌<span class="title">‌مُسْتَنَدُ عِلْمِ الشَّاهِدِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> الأَْصْل فِي الشَّهَادَةِ أَنْ تَكُونَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَعِيَانٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلَاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} . (3)</p>وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَاّ بِمَا عَلِمْنَا} . (4)</p>فَأَخْبَرَ سبحانه وتعالى أَنَّ الشَّهَادَةَ تَكُونُ بِالْعِلْمِ، وَلَا تَصِحُّ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ.</p>وَيُسْتَدَل لِذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُل يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ، فَقَال لِي: يَا ابْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 3 / 403.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (طبعة القاهرة) 2 / 298، وانظر تفسير القرطبي 3 / 403</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الزخرف / 86</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة يوسف / 81</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>عَبَّاسٍ لَا تَشْهَدْ إِلَاّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ وَأَوْمَأَ رَسُول اللَّهِ بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ. (1)</p>وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهَا أَقْوَى أَسْبَابِ الْعِلْمِ وَهِيَ الْمُشَاهَدَةُ وَالْعِلْمُ الْيَقِينِيُّ.</p>لَكِنَّ الأُْمُورَ الْمَشْهُودَ بِهَا قَدْ تَتَفَاوَتُ فِيمَا بَيْنَهَا فِي تَحْصِيل الْعِلْمِ بِهَا:</p>فَمِنْهَا مَا شَأْنُهُ أَنْ يُعَايِنَهُ الشَّاهِدُ كَالْقَتْل، وَالسَّرِقَةِ، وَالْغَصْبِ، وَالرَّضَاعِ، وَالزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ.</p>فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ هَذِهِ الأُْمُورَ إِلَاّ بِالْمُعَايَنَةِ بِبَصَرِهِ.</p>فَمِنْهَا أُمُورٌ لَا يَصِحُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا إِلَاّ بِالسَّمَاعِ وَالْمُعَايَنَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ فِي عُقُودِ النِّكَاحِ، وَالْبُيُوعِ، وَالإِْجَارَاتِ، وَالطَّلَاقِ؛ لأَِنَّ الأَْصْوَاتَ قَدْ تَشْتَبِهُ، وَيَكْتَفِي الْحَنَابِلَةُ فِيهَا بِالسَّمَاعِ إِذَا عَرَفَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَقِينًا وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ كَلَامُهُمَا. (2)</p>وَمِنْهَا مَا يَحْصُل عِلْمُهُ بِهَا عَنْ طَرِيقِ سَمَاعِ الأَْخْبَارِ الشَّائِعَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَالْمُسْتَفِيضَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحديث تقدم تخريجه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 375، والقوانين الفقهية (205) ط دار القلم بيروت، روضة الطالبين 11 / 259، والمغني مع الشرح الكبير 12 / 19</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>الْمَرْتَبَةِ السَّابِقَةِ يَكُونُ مَصْدَرُهَا سَمَاعًا مُسْتَفِيضًا لَمْ يَبْلُغْ فِي اسْتِفَاضَتِهِ حَدَّ الأُْولَى، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ هِيَ الْمَقْصُودُ بِكَلَامِ الْفُقَهَاءِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِمُ الْحَدِيثَ عَلَى شَهَادَةِ السَّمَاعِ، أَوِ الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ، أَوْ بِالتَّسَامُعِ. (1) وَهِيَ الَّتِي قَالُوا فِي تَعْرِيفِهَا:" إِنَّهَا لَقَبٌ لِمَا يُصَرِّحُ الشَّاهِدُ فِيهِ بِاسْتِنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَتَخْرُجُ - بِذَلِكَ - شَهَادَةُ الْبَتِّ وَالنَّقْل. (2) وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ اعْتِمَادِهَا قَضَاءً لِلضَّرُورَةِ، أَوِ الْحَاجَةِ فِي حَالَاتٍ خَاصَّةٍ اخْتَلَفَتْ كَمَا بِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي تَحْدِيدِ مَوَاضِعِ الْحَاجَةِ، وَضَبْطِ الْقُيُودِ الَّتِي تَعُودُ إِلَيْهَا، وَالثَّابِتُ عِنْدَ الدَّارِسِينَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمَذَاهِبِ الإِْسْلَامِيَّةِ تَسَامُحًا فِي الأَْخْذِ بِهَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَالِكِيُّ. (3)</p>وَأَفَاضَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْقَوْل فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ، حَيْثُ بَيَّنَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ النَّظَرَ فِي شَهَادَةِ السَّامِعِ يَتَنَاوَل الْجَوَانِبَ التَّالِيَةَ:</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْوَّل: الصِّفَةُ الَّتِي تُؤَدَّى بِهَا:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 346، 347، التاودي والتسولي على التحفة 1 / 132.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحدود بشرح الرصاع ص455، المطبعة التونسية س. 1350هـ. مواهب الجليل مع التاج والإكليل 6 / 191، 192، جواهر الإكليل 2 / 242، التاودي والتسولي على التحفة 1 / 132.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق للقرافي 4 / 55، دار إحياء الكتب العربية ط 1 / س 1346هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>أَنْ يَقُول الشُّهُودُ - عِنْدَ تَأْدِيَتِهَا - " سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ أَهْل الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ - مَثَلاً - صَدَقَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ "، أَيْ: لَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعُدُول، وَغَيْرِ الْعُدُول فِي الْمَنْقُول عَنْهُمْ. (1) وَيَرَى بَعْضُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُولُوا:" إِنَّا لَمْ نَزَل نَسْمَعُ مِنَ الثِّقَاتِ، أَوْ سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ أَهْل الْعَدْل ". (2) وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَهُمْ؛ لأَِنَّ حَصْرَ مَصْدَرِ سَمَاعِهِمْ فِي الثِّقَاتِ وَالْعُدُول يُخْرِجُهَا مِنَ السَّمَاعِ إِلَى النَّقْل وَهُوَ مَوْضُوعٌ آخَرُ. (3)</p>قَال ابْنُ فَرْحُونَ: وَلَا يَكُونُ السَّمَاعُ بِأَنْ يَقُولُوا: " سَمِعْنَا مِنْ أَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ " يُسَمُّونَهُمْ أَوْ يَعْرِفُونَهُمْ، إِذْ لَيْسَتْ - حِينَئِذٍ - شَهَادَةَ تَسَامُعٍ بَل هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ، فَتَخْرُجُ عَنْ حَدِّ شَهَادَةِ السَّمَاعِ. (4)</p>وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الاِكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِمْ:" سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا ". (5) دُونَ احْتِيَاجٍ إِلَى إِضَافَةٍ " مِنَ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ " حَيْثُ لَا عِبْرَةَ بِذِكْرٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 347، مواهب الجليل مع التاج والإكليل 6 / 191 - 192، جواهر الإكليل 2 / 242، التاودي والتسولي على تحفة ابن عاصم 1 / 132.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نفس المصادر المذكورة سابقا - شرح حدود ابن عرفة للرصاع ص455.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبصرة الحكام 1 / 347.</p><font color=#ff0000>(5)</font> انظر شهادة السماع في الأحباس والمواريث من المدونة الكبرى 5 / 171، دار صادر - بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>كَالنَّسَبِ، وَالْمِلْكِ، وَالْمَوْتِ، وَالْوَقْفِ.</p>فَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا مُعْتَمِدًا عَلَى التَّسَامُعِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ وَالتَّسَامُعِ:</span></p>الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ بِاعْتِبَارِ دَرَجَةِ الْعِلْمِ الْحَاصِل بِهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَرْتَبَةُ الأُْولَى:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> تُفِيدُ عِلْمًا جَازِمًا مَقْطُوعًا بِهِ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا: بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ الْمُتَوَاتِرِ كَالسَّمَاعِ بِوُجُودِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ وَالْقَاهِرَةِ وَالْقَيْرَوَانِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمُدُنِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي ثَبَتَ الْقَطْعُ بِوُجُودِهَا سَمَاعًا عِنْدَ كُل مَنْ لَمْ يُشَاهِدْهَا مُشَاهَدَةً مُبَاشَرَةً فَهَذِهِ عِنْدَ حُصُولِهَا تَكُونُ - مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الْقَبُول وَالاِعْتِبَارِ - بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ إِجْمَاعًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> تُفِيدُ ظَنًّا قَوِيًّا يَقْرُبُ مِنَ الْقَطْعِ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا: بِالاِسْتِفَاضَةِ مِنَ الْخَلْقِ الْغَفِيرِ: كَالشَّهَادَةِ بِأَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ مِنْ أَوْثَقِ مَنْ أَخَذَ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ، وَأَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُعْتَبَرُ الصَّاحِبَ الأَْوَّل لأَِبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 345، 346، البهجة في شرح التحفة 1 / 132، مطبعة حجازي بالقاهرة، حلي المعاصم لبنت فكر ابن عاصم 1 / 132 بهامش البهجة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>قَبُول هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ وَوُجُوبِ الْعَمَل بِمُقْتَضَاهَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إِذَا رُئِيَ الْهِلَال رُؤْيَةً مُسْتَفِيضَةً مِنْ جَمٍّ غَفِيرٍ وَشَاعَ أَمْرُهُ بَيْنَ أَهْل الْبَلَدِ لَزِمَ الْفِطْرُ أَوِ الصَّوْمُ مَنْ رَآهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ دُونَ احْتِيَاجٍ إِلَى شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَدُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى إِثْبَاتِ تَعْدِيل نَقَلَتِهِ. (1)</p>وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل أَيْضًا اسْتِفَاضَةُ التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيحِ عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَالْمَحْكُومِينَ:</p>فَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ إِلَى السُّؤَال عَنْهُ لاِسْتِفَاضَةِ عَدَالَتِهِ عِنْدَهُ سَمَاعًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْأَل عَنْهُ لاِشْتِهَارِ جُرْحَتِهِ، وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِالْكَشْفِ عَمَّنْ لَمْ يَشْتَهِرْ لَا بِهَذِهِ وَلَا بِتِلْكَ. (2)</p>وَقَدْ تَنَاقَل الْفُقَهَاءُ، وَأَصْحَابُ التَّرَاجِمِ، أَنَّ ابْنَ أَبِي حَازِمٍ شَهِدَ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ فَقَال لَهُ الْقَاضِي: أَمَّا الاِسْمُ فَاسْمُ عَدْلٍ وَلَكِنْ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّكَ ابْنَ أَبِي حَازِمٍ؟ فَدَل هَذَا عَلَى أَنَّ عَدَالَةَ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ لَا تَحْتَاجُ إِلَى السُّؤَال عَنْهَا، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ شَخْصُهُ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> تُفِيدُ ظَنًّا قَوِيًّا دُونَ الظَّنِّ الْمَذْكُورِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبصرة الحكام 1 / 346، 347. التاودي على التحفة 1 / 132.</p><font color=#ff0000>(3)</font> طبقات الفقهاء للشيرازي ص146، دار الرائد العربي بيروت، المدارك لعياض 3 / 9 - 12 الطبعة المغربية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>الْعُدُول فِي الْمَنْقُول عَنْهُمْ خِلَافًا لِمَا يَرَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ مَاجِشُونَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَالثَّانِي: شُرُوطُ قَبُولِهَا:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> وَأَهَمُّهَا بِاخْتِصَارٍ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> أَنْ تَكُونَ مِنْ عَدْلَيْنِ فَأَكْثَرَ وَيُكْتَفَى بِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ، خِلَافًا لِمَنْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِيهَا إِلَاّ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ. (2)</p><font color=#ff0000>(2)</font> السَّلَامَةُ مِنَ الرِّيَبِ: فَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عُدُولٌ مَثَلاً عَلَى السَّمَاعِ وَفِي الْحَيِّ أَوْ فِي الْقَبِيلَةِ مِائَةُ رَجُلٍ فِي مِثْل سِنِّهِمْ لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا عَنِ الْمَشْهُودِ فِيهِ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ تُرَدُّ لِلرِّيبَةِ الَّتِي حُفَّتْ بِهَا، فَإِذَا انْتَفَتِ الرِّيبَةُ قُبِلَتْ، كَمَا إِذَا شَهِدَ عَلَى أَمْرٍ مَا، شَيْخَانِ قَدِ انْقَرَضَ جِيلُهُمَا، فَلَا تُرَدُّ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِذَلِكَ غَيْرُهُمَا مِنْ أَهْل الْبَلَدِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ طَارِئَانِ بِاسْتِفَاضَةِ مَوْتٍ، أَوْ وِلَايَةٍ، أَوْ عَزْلٍ، قَدْ حَدَثَ بِبَلَدِهِمَا وَلَيْسَ مَعَهُمَا - فِي الْغُرْبَةِ - غَيْرُهُمَا، فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا مَقْبُولَةٌ لِلْغَرَضِ نَفْسِهِ. (3)</p><font color=#ff0000>(3)</font> أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ فَاشِيًا مُسْتَفِيضًا، وَهَذَا الْقَدْرُ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ دَاخِل الْمَذْهَبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 6 / 192، التاج والإكليل 6 / 192، تبصرة الحكام 1 / 347.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبصرة الحكام 1 / 347، 348، التاودي والتسولي على تحفة ابن عاصم 1 / 138.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبصرة الحكام 1 / 348، التاودي والتسولي على تحفة ابن عاصم 1 / 137.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>الْمَالِكِيِّ وَخَارِجَهُ. (1) إِلَاّ أَنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا كَمَا تَقَدَّمَ فِي إِضَافَةِ: " مِنَ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ " أَوْ " مِنَ الثِّقَاتِ " فَقَطْ، أَوْ عَدَمِ إِضَافَتِهِمَا. (2)</p><font color=#ff0000>(4)</font> أَنْ يَحْلِفَ الْمَشْهُودُ لَهُ: فَلَا يَقْضِي الْقَاضِي لأَِحَدٍ بِالشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ إِلَاّ بَعْدَ يَمِينِهِ، لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ أَصْل السَّمَاعِ الَّذِي فَشَا وَانْتَشَرَ مَنْقُولاً عَنْ وَاحِدٍ، وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنَ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى الْمَالِيَّةِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الثَّالِثُ: مَحَالُّهَا: </span>أَيِ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُقْبَل فِيهَا شَهَادَةُ السَّمَاعِ.</p><font color=#ff0000>37 -</font> سَلَكَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ بِالْخُصُوصِ - لِتَحْدِيدِ هَذِهِ الْمَحَال الْمَرْوِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ - ثَلَاثَ طُرُقٍ:</p>أَحَدُهَا: لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ الَّذِي يَرْوِي أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِمَا لَا يَتَغَيَّرُ حَالُهُ، وَلَا يَنْتَقِل الْمِلْكُ فِيهِ، كَالْمَوْتِ، وَالنَّسَبِ، وَالْوَقْفِ، وَنَصَّ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي النِّكَاحِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 12 / 24، تبصرة الحكام 1 / 348، 349، مواهب الجليل 6 / 191، 192.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر: المدونة الكبرى 5 / 171، البيان والتحصيل 1 / 153، 154، جواهر الإكليل 2 / 241، الكافي في فقه أهل المدينة 2 / 903، وما بعدها لابن عبد البر، مكتبة الرياض الحديثة بالرياض ط1 س 1398هـ = 1978م.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البهجة شرح التحفة 1 / 138، تبصرة الحكام 1 / 348.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تهذيب الفروق 4 / 101 بهامش الفروق للقرافي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>الثَّانِيَةُ: لاِبْنِ رُشْدٍ الْجَدِّ: حَكَى فِيهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ: تُقْبَل فِي كُل شَيْءٍ، لَا تُقْبَل فِي شَيْءٍ، تُقْبَل فِي كُل شَيْءٍ مَا عَدَا النَّسَبَ، وَالْقَضَاءَ وَالنِّكَاحَ وَالْمَوْتَ، إِذْ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَسْتَفِيضَ اسْتِفَاضَةً يَحْصُل بِهَا الْقَطْعُ لَا الظَّنُّ، وَرَابِعُ الأَْقْوَال عَكْسُ السَّابِقِ، لَا تُقْبَل إِلَاّ فِي النَّسَبِ وَالْقَضَاءِ، وَالنِّكَاحِ وَالْمَوْتِ. (1)</p>وَالثَّالِثَةُ: لاِبْنِ شَاسٍ، وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ قَالُوا: إِنَّهَا تَجُوزُ فِي مَسَائِل مَعْدُودَةٍ، أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إِلَى عِشْرِينَ، وَبَعْضُهُمْ إِلَى إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَبَعْضُهُمْ إِلَى اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَنْهَاهَا أَحَدُهُمْ إِلَى تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ. (2)</p>مِنْهَا: النِّكَاحُ، وَالْحَمْل، وَالْوِلَادَةُ، وَالرَّضَاعُ، وَالنَّسَبُ، وَالْمَوْتُ، وَالْوَلَاءُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالأَْحْبَاسُ، وَالضَّرَرُ، وَتَوْلِيَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ، وَتَرْشِيدُ السَّفِيهِ، وَالْوَصِيَّةُ، وَفِي الصَّدَقَاتِ، وَالأَْحْبَاسِ الَّتِي تَقَادَمَ أَمْرُهَا، وَطَال زَمَانُهَا، وَفِي الإِْسْلَامِ وَالرِّدَّةِ، وَالْعَدَالَةِ، وَالتَّجْرِيحِ، وَالْمِلْكِ لِلْحَائِزِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البيان والتحصيل 10 / 153، 154.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصدر السابق ص101، 102.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية لابن جزي ص205 دار القلم بيروت ط1 س1977م، تبصرة الحكام 1 / 349، الكافي لابن عبد البر 2 / 903 - 906 مواهب الجليل 6 / 192 - 194 مع التاج والإكليل، تهذيب الفروق 4 / 101 - 102، جواهر الإكليل 2 / 242، 243، التاودي مع التسولي على تحفة ابن عاصم جـ1 ص132 - 137.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>أَمَّا بَقِيَّةُ الأَْئِمَّةِ فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ شَهَادَةِ التَّسَامُعِ فِي النَّسَبِ وَالْوِلَادَةِ لِلضَّرُورَةِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَمَّا النَّسَبُ، فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْمِ مَنَعَ مِنْهُ، وَلَوْ مُنِعَ ذَلِكَ لَاسْتَحَالَتْ مَعْرِفَةُ الشَّهَادَةِ بِهِ، إِذْ لَا سَبِيل إِلَى مَعْرِفَتِهِ قَطْعًا بِغَيْرِهِ وَلَا تُمْكِنُ الْمُشَاهَدَةُ فِيهِ، وَلَوِ اعْتُبِرَتِ الْمُشَاهَدَةُ لَمَا عَرَفَ أَحَدٌ أَبَاهُ وَلَا أُمَّهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ. (1)</p>وَاخْتَلَفُوا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ: فَقَال الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: تَجُوزُ - بِالإِْضَافَةِ إِلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ الأُْولَيَيْنِ - فِي تِسْعَةِ أَشْيَاءَ: النِّكَاحِ، وَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَالْوَقْفِ وَمَصْرِفِهِ، وَالْمَوْتِ، وَالْعِتْقِ، وَالْوَلَاءِ، وَالْوِلَايَةِ، وَالْعَزْل، مُعَلِّلِينَ رَأْيَهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ تَتَعَذَّرُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا غَالِبًا بِمُشَاهَدَتِهَا أَوْ مُشَاهَدَةِ أَسْبَابِهَا، فَلَوْ لَمْ تُقْبَل فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَتَعْطِيل الأَْحْكَامِ وَضَيَاعِ الْحُقُوقِ. (2)</p>وَيَرَى الْبَعْضُ الآْخَرُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا لَا تُقْبَل فِي الْوَقْفِ، وَالْوَلَاءِ، وَالْعِتْقِ وَالزَّوْجِيَّةِ؛ لأَِنَّ الشَّهَادَةَ مُمْكِنَةٌ فِيهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 2ا / 24.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني مع الشرح الكبير 12 / 24.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>بِالْقَطْعِ حَيْثُ إِنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى عَقْدٍ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ. (1)</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَصِحُّ إِلَاّ فِي النِّكَاحِ وَالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ، وَلَا تُقْبَل فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ لأَِنَّ الشَّهَادَةَ فِيهِ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا شَهَادَةً بِمَالٍ، وَمَا دَامَ الأَْمْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ لَا تُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ، وَأَمَّا صَاحِبَاهُ فَقَدْ نَصَّا عَلَى قَبُولِهَا فِي الْوَلَاءِ مِثْل عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ التَّوَسُّمِ:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> قَال ابْنُ فَرْحُونَ: التَّوَسُّمُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَسْمِ وَهُوَ التَّأْثِيرُ بِحَدِيدَةٍ فِي جِلْدِ الْبَعِيرِ يَكُونُ عَلَامَةً يُسْتَدَل بِهَا. قَال ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ قَال لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: فِي الْقَوَافِل وَالرِّفَاقِ تَمُرُّ بِأُمَّهَاتِ الْقُرَى وَالْمَدَائِنِ فَتَقَعُ بَيْنَهُمُ الْخُصُومَةُ عِنْدَ حَاكِمِ الْقَرْيَةِ أَوِ الْمَدِينَةِ الَّتِي حَلُّوا بِهَا، أَوْ مَرُّوا بِهَا، فَإِنَّ مَالِكًا وَجَمِيعَ أَصْحَابِهِ أَجَازُوا شَهَادَةَ مَنْ شَهِدَ مِنْهُمْ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، مِمَّنْ جَمَعَهُ ذَلِكَ السَّفَرُ، وَوُجْهَةُ تِلْكَ الْمُرَافَقَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفُوا بِعَدَالَةٍ وَلَا سَخْطَةٍ إِلَاّ عَلَى التَّوَسُّمِ لَهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ وَذَلِكَ فِيمَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ خَاصَّةً مِنَ الأَْسْلَافِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المصدر السابق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 266، 267، المغني مع الشرح الكبير 12 / 24.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>وَالأَْكْرِيَةِ، وَالْبُيُوعِ، وَالأَْشْرِبَةِ، كَانُوا مِنْ أَهْل بَلَدٍ وَاحِدٍ، أَوْ مِنْ أَهْل بَلَدَيْنِ مَتَى كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُودُ لَهُ مِنْ أَهْل الْقَرْيَةِ، أَوِ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَصَمُوا فِيهَا، أَوْ مَعْرُوفًا مِنْ غَيْرِهَا إِذَا كَانَ مِمَّنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُمْ ذَلِكَ السَّفَرُ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى كَرْيِهِمْ فِي كُل مَا عَمِلُوهُ بِهِ وَفِيهِ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ قَالَا (أَيْ: مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ) : وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ شَهَادَةُ التَّوَسُّمِ عَلَى وَجْهِ الاِضْطِرَارِ مِثْل مَا أُجِيزَتْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِيمَا لَا يَحْضُرُهُ الرِّجَال، مِثْل مَا أُجِيزَتْ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَيْنَهُمْ فِي الْجِرَاحَاتِ. قَالَا: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ التَّوَسُّمِ فِي كُل حَقٍّ كَانَ ثَابِتًا فِي دَعْوَاهُمْ قَبْل سَفَرِهِمْ، إِلَاّ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْعَدَالَةِ.</p>قَال ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَا يُمَكَّنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْ تَجْرِيحِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ، لأَِنَّهُمْ إِنَّمَا أُجِيزُوا عَلَى التَّوَسُّمِ فَلَيْسَ فِيهِمْ جُرْحَةٌ إِلَاّ أَنْ يَسْتَرِيبَ الْحَاكِمُ فِيهِمْ قَبْل حُكْمِهِ بِشَهَادَتِهِمْ بِسَبَبِ قَطْعِ يَدٍ، أَوْ جَلْدٍ فِي ظَهْرٍ فَلْيَتَثَبَّتْ فِي تَوَسُّمِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ انْتِفَاءُ تِلْكَ الرِّيبَةِ، وَإِلَاّ أَسْقَطَهُمْ. قَال: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَامْرَأَةٌ، أَوْ عَدْلٌ، وَتَوَسَّمَ فِيهِمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُبِلُوا بِالتَّوَسُّمِ عَبِيدٌ أَوْ مَسْخُوطُونَ، فَإِنْ كَانَ قَبْل الْحُكْمِ تَثَبَّتَ فِي ذَلِكَ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِمْ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَاّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ: أَنَّهُمَا كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ مَسْخُوطَيْنِ قَال: وَلَا يُقْبَل بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي سَرِقَةٍ، وَلَا زِنًا، وَلَا غَصْبٍ، وَلَا تَلَصُّصٍ، وَلَا مُشَاتَمَةٍ، وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ فِي الْمَال فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ.</p>قَال ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ يَعْنِي شَهَادَةَ التَّوَسُّمِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ، لَمْ يُجِزْ شَهَادَةَ الْغُرَبَاءِ دُونَ أَنْ تُعْرَفَ عَدَالَتُهُمْ. انْتَهَى.</p>ثُمَّ قَال ابْنُ فَرْحُونَ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْغُرَبَاءِ حَيْثُ لَا تَكُونُ ضَرُورَةٌ مِثْل شَهَادَتِهِمْ فِي الْحَضَرِ (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ: لَا يَحِل لِلشَّاهِدِ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى أَدَائِهِ الشَّهَادَةَ إِذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ (2) لأَِنَّ إِقَامَتَهَا فَرْضٌ، قَال تَعَالَى:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} . (3)</p>أَمَّا إِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا، وَكَانَ أَدَاؤُهَا يَسْتَدْعِي تَرْكَ عَمَلِهِ وَتَحَمُّل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 2 / 5 - 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 12 / 6، الشرح الكبير 12 / 5، المغني 12 / 9، أدب القضاء لابن أبي الدم الشافعي 2 / 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الطلاق / 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>الْمَشَقَّةِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى: عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الأُْجْرَةِ عَلَيْهَا، لَكِنْ لَهُ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ إِلَى مَوْضِعِ الأَْدَاءِ. (1) قَال تَعَالَى:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} . (2)</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى: الْجَوَازِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ إِنْفَاقَ الإِْنْسَانِ عَلَى عِيَالِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَالشَّهَادَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَلَا يُشْتَغَل عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِذَا أَخَذَ الرِّزْقَ جَمَعَ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ. وَلأَِنَّ الشَّهَادَةَ وَهِيَ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أُجْرَةً كَمَا يَجُوزُ عَلَى كَتْبِ الْوَثِيقَةِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْدِيل الشُّهُودِ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي الشَّاهِدِ، وَلَا فِي اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِالسُّؤَال وَالتَّزْكِيَةِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الاِكْتِفَاءِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ. (4)</p>وَفِي تَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(تَزْكِيَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَحْلِيفُ الشَّاهِدِ الْيَمِينَ:</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: حُكِيَ عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ، وَقَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ: أَنَّهُ حَلَّفَ شُهُودًا فِي تَرِكَةٍ " بِاللَّهِ إِنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع المذكورة، والدر المختار 4 / 370، وحاشية الدسوقي 4 / 199، والشرح الصغير 4 / 285.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 12 / 19، والمهذب 2 / 325. -</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية 3 / 118، فتح القدير 6 / 12، الفتاوى الهندية 3 / 527.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>لَحَقٌّ ". وَعَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ أَنَّهُ قَال: أَرَى لِفَسَادِ النَّاسِ أَنْ يُحَلِّفَ الْحَاكِمُ الشُّهُودَ.</p>قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ. وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ تَحْلِيفَ الشَّاهِدَيْنِ إِذَا كَانَا مِنْ غَيْرِ أَهْل الْمِلَّةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ وَكَذَا. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ بِتَحْلِيفِ الْمَرْأَةِ إِذَا شَهِدَتْ فِي الرَّضَاعِ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.</p>قَال الْقَاضِي: لَا يَحْلِفُ الشَّاهِدُ عَلَى أَصْلِنَا إِلَاّ فِي مَوْضِعَيْنِ وَذَكَرَ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ، ثُمَّ قَال: (قَال شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ تَيْمِيَّةَ) هَذَانِ الْمَوْضِعَانِ قُبِل فِيهِمَا الْكَافِرُ وَالْمَرْأَةُ وَحْدَهَا لِلضَّرُورَةِ، فَقِيَاسُهُ أَنَّ كُل مَنْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِلضَّرُورَةِ اسْتُحْلِفَ (قَال ابْنُ الْقَيِّمِ) : وَإِذَا كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُفَرِّقَ الشُّهُودَ إِذَا ارْتَابَ بِهِمْ فَأَوْلَى أَنْ يُخَلِّفَهُمْ إِذَا ارْتَابَ بِهِمْ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>42 -</font> قَدْ لَا يَسْتَطِيعُ الشَّاهِدُ الْمَقْبُول الشَّهَادَةِ أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّهَادَةَ بِنَفْسِهِ أَمَامَ الْقَضَاءِ، لِسَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ عُذْرٍ مِنَ الأَْعْذَارِ، فَيُشْهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ شَاهِدَيْنِ تَتَوَفَّرُ فِيهِمَا الصِّفَاتُ الَّتِي تُؤَهِّلُهُمَا لِلشَّهَادَةِ، وَيَطْلَبُ مِنْهُمَا تَحَمُّلَهَا وَالإِْدْلَاءَ بِهَا أَمَامَ الْقَضَاءِ، فَيَقُومُ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ مَقَامَهُ، فِي نَقْل تِلْكَ الشَّهَادَةِ إِلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِلَفْظِهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الطرق الحكمية ص125.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>الْمَخْصُوصِ فِي التَّحَمُّل وَالأَْدَاءِ؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَل الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إِلَاّ عِنْدَ تَعَذُّرِ شُهُودِ الأَْصْل بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.</p>وَيَشْتَرِطُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ دَوَامَ تَعَذُّرِ شُهُودِ الأَْصْل إِلَى حِينِ صُدُورِ الْحُكْمِ، فَمَتَى أَمْكَنَتْ شَهَادَةُ الأُْصُول قَبْل الْحُكْمِ وُقِفَ الْحُكْمُ عَلَى سَمَاعِهَا، وَلَوْ بَعْدَ سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ؛ لأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى الأَْصْل فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْبَدَل.</p>وَمِمَّا يُجِيزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَنْ يَخَافَ الْمَوْتَ فَيَضِيعَ الْحَقُّ.</p>هَذَا عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ، وَإِنْ كَانَتْ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ مُتَبَايِنَةً فِيمَا يَجُوزُ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ.</p>فَقَدْ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ: إِلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي سَائِرِ الأُْمُورِ مَالاً أَوْ عُقُوبَةً. (1)</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا: جَائِزَةٌ فِي كُل حَقٍّ لَا يَسْقُطُ بِشُبْهَةٍ، فَلَا تُقْبَل فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. (2)</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ اسْتِحْسَانًا.</p>وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَلَيْسَتْ حَقًّا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة الكبرى 5 / 159، تبصرة الحكام (على هامش فتح العلي المالك) 1 / 353، والمهذب 2 / 339، ومنتهى الإرادات 3 / 560.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 129، 130، الفتاوى الهندية 3 / 523، المغني 12 / 87، الشرح الكبير 12 / 102.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَالنِّيَابَةُ لَا تُجْزِئُ فِي الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ، وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَيْهَا، إِذْ شَاهِدُ الأَْصْل قَدْ يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِمَرَضٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ بُعْدِ مَسَافَةٍ، فَلَوْ لَمْ تَجُزِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ أَدَّى إِلَى ضَيَاعِ الْحُقُوقِ، وَصَارَ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي. (1)</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى: جَوَازِ تَحَمُّل الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا، وَإِلَى قَبُول الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهَا؛ لأَِنَّ الأَْصْل قَدْ يَتَعَذَّرُ؛ وَلأَِنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ لَازِمٌ، فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ؛ وَلأَِنَّهَا طَرِيقٌ يُظْهِرُ الْحَقَّ كَالإِْقْرَارِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهَا، لَكِنَّهَا إِنَّمَا تُقْبَل فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَغَيْرِ إِحْصَانٍ، كَالأَْقَارِيرِ، وَالْعُقُودِ، وَالنُّسُوخِ، وَالرَّضَاعِ، وَالْوِلَادَةِ، وَعُيُوبِ النِّسَاءِ. سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَقُّ الآْدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ، وَتُقْبَل فِي إِثْبَاتِ عُقُوبَةِ الآْدَمِيِّ عَلَى الْمَذْهَبِ كَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ. أَمَّا الْعُقُوبَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، فَلَا تُقْبَل فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الأَْظْهَرِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 4 / 238.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 452، 453، وانظر مختصر المزني 5 / 258، المهذب 2 / 338، مغني المحتاج 4 / 453.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>46 -</font> وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ: إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ، وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ إِثْبَاتُ قَوْلٍ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ. خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ فَإِنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ الشَّهَادَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. (1)</p>وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي فِي الْقَضِيَّةِ نَفْسِهَا، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ. (2)</p>مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْل عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: " لَا يَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ إِلَاّ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ (3) .</p>وَالْقَوْل الثَّانِي: عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِكُلٍّ مِنَ الأَْصْلَيْنِ اثْنَانِ؛ لأَِنَّ شَهَادَتَهُمَا عَلَى وَاحِدٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ شَهَادَتِهِ، فَلَا تَقُومُ مَقَامَ شَهَادَةِ غَيْرِهِ.</p><font color=#ff0000>43 -</font> وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّل شَهَادَةِ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ؛ لِسُقُوطِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 338، شرح منتهى الإرادات 3 / 560، وتبيين الحقائق للزيلعي 4 / 237، 238، تبصرة الحكام 1 / 282.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 130، المبسوط 16 / 138، فتاوى قاضيخان (مطبوعة على هامش الفتاوى الهندية) 2 / 485، المغني 12 / 95 - 96.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قول علي رواه عبد الرزاق في المصنف (المصنف: 8 / 339 الحديث. 1545) وانظره في نصب الراية 4 / 87، والدراية 2 / 173، ضمن تخريج الحديث 835.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ: لَا يَصِحُّ تَحَمُّل النِّسْوَةِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، لأَِنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ الأَْصْل لَا مَا شَهِدَ بِهِ؛ وَلأَِنَّ التَّحَمُّل لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَال، وَهُوَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال فَلَمْ يُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ كَالنِّكَاحِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِنَّ، فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ، إِنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشْهَبُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ مُطْلَقًا، وَأَجَازَ أَصْبَغُ نَقْل امْرَأَتَيْنِ عَنِ امْرَأَتَيْنِ فِيمَا يَنْفَرِدْنَ بِهِ. قَال ابْنُ رُشْدٍ: وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ إِلَاّ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَلَا تُجْزِئُ فِيهِ النِّسَاءُ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، وَلَوْ كُنَّ أَلْفًا، إِلَاّ مَعَ رَجُلٍ؛ لأَِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَاّ بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى صِحَّةِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ، حَيْثُ يُقْبَلْنَ فِي أَصْلٍ وَفَرْعٍ، وَفَرْعِ فَرْعٍ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُ مَا يَشْهَدُ بِهِ الأُْصُول فَدَخَل فِيهِ النِّسَاءُ، فَيُقْبَل رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَيُقْبَل رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى مِثْلِهِمْ أَوْ رَجُلَيْنِ أَصْلَيْنِ أَوْ فَرْعَيْنِ فِي الْمَال وَمَا يُقْصَدُ بِهِ، وَتُقْبَل امْرَأَةٌ عَلَى امْرَأَةٍ فِيمَا تُقْبَل فِيهِ الْمَرْأَةُ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 2 / 238، مغني المحتاج 4 / 454، المهذب 2 / 388، تبصرة الحكام / 283 ط: دار الكتب العلمية - لبنان، وشرح منتهى الإرادات 3 / 560، 561</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>48 -</font> وَإِذَا فَسَقَ الشَّاهِدُ الأَْصِيل أَوِ ارْتَدَّ، أَوْ نَشَأَتْ عِنْدَهُ عَدَاوَةٌ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ امْتَنَعَ الْقَاضِي مِنْ قَبُول شَهَادَةِ الْفَرْعِ؛ لِسُقُوطِ شَهَادَةِ الأَْصْل. (1) وَلَوْ حَدَثَ الْفِسْقُ أَوِ الرِّدَّةُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْل الْحُكْمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الاِسْتِرْعَاءُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الاِسْتِرْعَاءُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَالاِسْتِرْعَاءُ هُوَ: طَلَبُ الْحِفْظِ، أَيْ: بِأَنْ يَقُول شَاهِدُ الأَْصْل لِشَاهِدِ الْفَرْعِ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَاحْفَظْهَا، فَلِلْفَرْعِ وَلِمَنْ سَمِعَهُ يَقُول ذَلِكَ، أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَخُصَّهُ بِالاِسْتِرْعَاءِ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا سَمِعَ شَاهِدُ الْفَرْعِ الأَْصْل شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الأَْصْل أَمَامَ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ.</p>وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَيْضًا مَا إِذَا سَمِعَ الْفَرْعُ الأَْصْل يَذْكُرُ سَبَبَ الْحَقِّ بِأَنْ يَقُول: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ كَقَرْضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر المبسوط 16 / 139، الفتاوى الهندية 3 / 252، وفتاوى قاضيخان 2 / 485، الفتاوى البزازية (على هامش الفتاوى الهندية) 5 / 295، تبصرة الحكام 1 / 354، ومغني المحتاج 4 / 454، وشرح منتهى الإرادات 3 / 560</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ لأَِنَّ مَنْ سَمِعَ إِقْرَارَ غَيْرِهِ حَل لَهُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ يَقُل لَهُ اشْهَدْ. (1)</p><font color=#ff0000>45 -</font> وَيُؤَدِّي شَاهِدُ الْفَرْعِ شَهَادَتَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي تَحَمَّلَهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، فَإِنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ بِحَقٍّ مُضَافٍ إِلَى سَبَبٍ يُوجِبُ الْحَقَّ ذَكَرَهُ، وَإِنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ذَكَرَهُ، وَإِنْ أَشْهَدَهُ شَاهِدُ الأَْصْل عَلَى شَهَادَتِهِ أَوِ اسْتَرْعَاهُ، قَال: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَهَكَذَا.</p>وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُومَ شَاهِدُ الْفَرْعِ بِتَعْدِيل شَاهِدِ الأَْصْل، وَيَقُومُ الْقَاضِي بِالْبَحْثِ عَنِ الْعَدَالَةِ، فَإِنْ عَدَّلَهُ الْفَرْعُ وَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّعْدِيل جَازَ ذَلِكَ.</p>وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، إِلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْفَرْعِ مَا لَمْ يُعَدِّل شَاهِدَ الأَْصْل، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَالَتَهُ لَمْ يَنْقُل الشَّهَادَةَ عَنْهُ. (2)</p> </p>وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الأَْصْل الشَّهَادَةَ لَمْ تُقْبَل شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ؛ لأَِنَّ التَّحْمِيل لَمْ يَثْبُتْ، لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 2 / 130، والمهذب 2 / 339، وتبصرة الحكام 1 / 353</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 131، وتبيين الحقائق 4 / 240، وتبصرة الحكام 1 / 283، ومغني المحتاج 4 / 456، وشرح منتهى الإرادات 3 / 560</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية 3 / 131، الفتاوى الهندية 3 / 525، وشرح منتهى الإرادات 3 / 561</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div><font color=#ff0000>46 -</font> أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الْقَضَاءَ بِشَهَادَةِ الاِسْتِرْعَاءِ عَلَى بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا الإِْنْسَانُ اضْطِرَارًا، كَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ، وَالتَّزْوِيجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَكْتُبَ الْمُسْتَرْعَى كِتَابًا سِرًّا؛ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَفْعَل هَذَا التَّصَرُّفَ لأَِمْرٍ يَتَخَوَّفُهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، وَأَنَّهُ يَرْجِعُ فِيمَا عَقَدَ عِنْدَ أَمْنِهِ مِمَّا يَتَخَوَّفُهُ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ شُهُودُ الاِسْتِرْعَاءِ. (1) وَقَدْ أَوْرَدَ صَاحِبُ تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ أَمْثِلَةً لِمَا يَقُولُهُ الْمُسْتَرْعِي، فِي وَثِيقَةِ الاِسْتِرْعَاءِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ الاِسْتِرْعَاءِ. فَقَال نَقْلاً عَنِ ابْنِ الْعَطَّارِ: يُصَدَّقُ الْمُسْتَرْعَى فِي الْحَبْسِ (يَعْنِي الْوَقْفَ) فِيمَا يَذْكُرُهُ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَتَوَقَّعُهَا وَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ: " أَشْهَدَ فُلَانٌ شُهُودَ هَذَا الْكِتَابِ بِشَهَادَةِ اسْتِرْعَاءٍ، وَاسْتِخْفَاءٍ لِلشَّهَادَةِ: أَنَّهُ مَتَى عَقَدَ فِي دَارِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا تَحْبِيسًا عَلَى بَنِيهِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ لأَِمْرٍ يَتَوَقَّعُهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى مَالِهِ الْمَذْكُورِ، وَلِيُمْسِكَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرْجِعَ فِيمَا عَقَدَ فِيهِ عِنْدَ أَمْنِهِ مِمَّا تَخَوَّفَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِمَا عَقَدَهُ فِيهِ وَجْهَ الْقُرْبَةِ، وَلَا وَجْهَ الْحَبْسِ بَل لِمَا يَخْشَاهُ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِمَا يَعْقِدُهُ فِيهِ مِنَ التَّحْبِيسِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا وَكَذَا. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 2 / 2</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصدر السابق</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>وَمِمَّا ذَكَرُوهُ أَيْضًا أَنَّهُ إِذَا خَطَبَ مَنْ هُوَ قَاهِرٌ لِشَخْصٍ بَعْضَ بَنَاتِهِ فَأَنْكَحَهُ الْمَخْطُوبُ إِلَيْهِ، وَأَشْهَدَ شُهُودَ الاِسْتِرْعَاءِ سِرًّا: أَنِّي إِنَّمَا أَفْعَلُهُ خَوْفًا مِنْهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُخَافُ عَدَاوَتُهُ.</p>وَأَنَّهُ إِنْ شَاءَ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ لِغَيْرِ نِكَاحٍ فَأَنْكَحَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا.</p>وَإِذَا بَنَى ظَالِمٌ أَوْ مَنْ يُخَافُ شَرُّهُ غُرْفَةً مُحْدَثَةً بِإِزَاءِ دَارِ رَجُلٍ وَفَتَحَ بَابًا يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى مَا فِي دَارِهِ عَلَى وَجْهِ الاِسْتِطَالَةِ لِقُدْرَتِهِ، وَجَاهِهِ، فَيُشْهِدُ الرَّجُل أَنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ لِخَوْفِهِ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَضُرَّهُ أَوْ يُؤْذِيَهُ، وَأَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ مَتَى أَمْكَنَهُ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ لِمَعْرِفَتِهِمْ وَأَنَّ الْمُحْدِثَ لِذَلِكَ مِمَّنْ يُتَّقَى شَرُّهُ، وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ مَتَى قَامَ بِطَلَبِ حَقِّهِ. (1)</p>وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ: " مَنْ لَهُ دَارٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ فَبَاعَ أَخُوهُ جَمِيعَهَا مِمَّنْ يَعْلَمُ اشْتِرَاكَهُمَا فِيهَا وَلَهُ سُلْطَانٌ، وَقُدْرَةٌ، وَخَافَ ضَرَرَهُ إِذَا تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَاسْتَرْعَى أَنَّ سُكُوتَهُ عَنِ الْكَلَامِ فِي نَصِيبِهِ وَفِي الشُّفْعَةِ فِي نَصِيبِ أَخِيهِ لِمَا يَتَوَقَّعُهُ مِنْ تَحَامُل الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَإِضْرَارِهِ بِهِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ تَارِكٍ لِطَلَبِهِ مَتَى أَمْكَنَهُ. فَإِذَا ذَهَبَتِ التَّقِيَّةُ، وَقَامَ مِنْ فَوْرِهِ بِهَذِهِ الْوَثِيقَةِ أَثْبَتَهَا، وَأَثْبَتَ الْمِلْكَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصدر السابق</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>وَالاِشْتِرَاكَ، وَأَعْذَرَ إِلَى أَخِيهِ وَإِلَى الْمُشْتَرِي، قُضِيَ لَهُ بِحَقِّهِ وَبِالشُّفْعَةِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَجُوزُ الاِسْتِرْعَاءُ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>47 -</font> قَال ابْنُ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يَجُوزُ الاِسْتِرْعَاءُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ بَابِ التَّطَوُّعِ: كَالطَّلَاقِ، وَالتَّحْبِيسِ وَالْهِبَةِ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ السَّبَبُ إِلَاّ بِقَوْلِهِ، مِثْل أَنْ يُشْهِدَ أَنِّي إِنْ طَلَّقْتُ فَإِنِّي أُطَلِّقُ خَوْفًا مِنْ أَمْرٍ أَتَوَقَّعُهُ مِنْ جِهَةِ كَذَا، أَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَكَانَ أَشْهَدَ أَنِّي إِنْ حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّمَا هُوَ لأَِجْل إِكْرَاهٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا مَعْرِفَةُ الشُّهُودِ وَالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ. وَلَا يَجُوزُ الاِسْتِرْعَاءُ فِي الْبُيُوعِ مِثْل أَنْ يُشْهِدَ قَبْل الْبَيْعِ أَنَّهُ رَاجِعٌ فِي الْبَيْعِ وَأَنَّ بَيْعَهُ لأَِمْرٍ يَتَوَقَّعُهُ؛ لأَِنَّ الْمُبَايَعَةَ خِلَافُ مَا تَطَوَّعَ بِهِ. وَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ فِيهِ ثَمَنًا، وَفِي ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمُبْتَاعِ إِلَاّ أَنْ يَعْرِفَ الشُّهُودُ الإِْكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ أَوِ الإِْخَافَةَ فَيَجُوزُ الاِسْتِرْعَاءُ إِذَا انْعَقَدَ قَبْل الْبَيْعِ وَتَضَمَّنَ الْعَقْدُ شَهَادَةَ مَنْ يَعْرِفُ الإِْخَافَةَ وَالتَّوَقُّعَ الَّذِي ذَكَرَهُ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّجُوعُ عَنِ الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>48 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصدر السابق</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبصرة الحكام بهامش فتح العلي المالك 1 / 336 ط المكتبة التجارية الكبرى</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَلَا يَخْلُو رُجُوعُهُمَا أَنْ يَكُونَ قَبْل قَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا قَبْل الْحُكْمِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمَا، لأَِنَّ الْحَقَّ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْقَضَاءِ، وَالْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِكَلَامٍ مُتَنَاقِضٍ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، لأَِنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا شَيْئًا عَلَى الْمُدَّعِي، وَلَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.</p><font color=#ff0000>49 -</font> وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْل التَّنْفِيذِ: فَإِنْ كَانَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَمْ يَجُزِ الاِسْتِيفَاءُ وَالتَّنْفِيذُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْحُقُوقَ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ شُبْهَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَلَمْ يَجُزِ الاِسْتِيفَاءُ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ. (1)</p>وَإِنْ كَانَ مَالاً أَوْ عَقْدًا اسْتَوْفَى الْمَال لأَِنَّ الْقَضَاءَ قَدْ تَمَّ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ؛ فَلَا يُنْتَقَضُ الْحُكْمُ. وَعَلَى الشُّهُودِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ بِشَهَادَتِهِمْ لإِِقْرَارِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ. (2)</p><font color=#ff0000>50 -</font> أَمَّا إِنْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْحُكْمِ: فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ، لأَِنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 4 / 396، ومنح الجليل 4 / 288، والمغني 12 / 137، والمهذب 2 / 341</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 2 / 341، ومغني المحتاج 4 / 456، الهداية 3 / 132، والفتاوى الهندية 3 / 535، الشرح الكبير 12 / 113، الخرشي 4 / 220، شرح منح الجليل 4 / 284، 289 - 290</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>صَادِقَيْنِ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُونَا كَاذِبَيْنِ، وَقَدِ اقْتَرَنَ الْحُكْمُ وَالاِسْتِيفَاءُ بِأَحَدِ الاِحْتِمَالَيْنِ؛ فَلَا يُنْقَضُ بِرُجُوعٍ مُحْتَمَلٍ، (1) وَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَضْمَنَا مَا أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا. (2)</p>فَإِنْ كَانَ مَا شَهِدَا بِهِ يُوجِبُ الْقَتْل، أَوِ الْحَدَّ، أَوِ الْقِصَاصَ: نُظِرَ، فَإِنْ قَالَا تَعَمَّدْنَا لِيُقْتَل بِشَهَادَتِنَا: وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَبِهِ قَال ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالأَْوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ شُبْرُمَةَ (3) .</p>لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ أَتَيَاهُ بِرَجُلٍ آخَرَ فَقَالَا: إِنَّا أَخْطَأْنَا بِالأَْوَّل، وَهَذَا السَّارِقُ، فَأَبْطَل شَهَادَتَهُمَا عَلَى الآْخَرِ، وَضَمَّنَهُمَا دِيَةَ يَدِ الأَْوَّل، وَقَال: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا (4) .</p>وَلأَِنَّهُمَا أَلْجَآهُ إِلَى قَتْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَزِمَهُمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 341، المغني 12 / 138</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 132</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 4 / 207، المهذب 2 / 341، المغني 12 / 136، 138، الشرح الكبير 12 / 117</p><font color=#ff0000>(4)</font> خبر الشعبي أن رجلين شهدا عند علي. . . . . رواه الإمام الشافعي (الأم: 7 / 49) والطحاوي (اختلاف الفقهاء: 216) ومحمد بن الحسن في كتاب الرجوع عن الشهادة (المبسوط 16 / 178) والبيهقي (السنن الكبرى 10 / 251)</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>الْقَوَدُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَاهُ عَلَى قَتْلِهِ. (1)</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَجُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِمَا، لأَِنَّهُمَا لَمْ يُبَاشِرَا الإِْتْلَافَ، فَأَشْبَهَا حَافِرَ الْبِئْرِ، وَنَاصِبَ السِّكِّينِ، إِذَا تَلِفَ بِهِمَا شَيْءٌ، وَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ. (2)</p>وَإِنْ قَال الشُّهُودُ: أَخْطَأْنَا، أَوْ جَهِلْنَا كَانَتْ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ مُخَفَّفَةً مُؤَجَّلَةً، وَلَا تَتَحَمَّل الْعَاقِلَةُ عَنْهُمَا شَيْئًا؛ لأَِنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِل الاِعْتِرَافَ.</p>وَإِنْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا الشَّهَادَةَ وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَل وَهُمْ يَجْهَلُونَ قَتْلَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَمْدِ، وَمُؤَجَّلَةٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَأِ.</p>فَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا، وَجَبَتْ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ؛ لأَِنَّهُ خَطَأٌ وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لأَِنَّهَا وَجَبَتْ بِاعْتِرَافِهِمْ.</p>فَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ تَعَمَّدَ وَبَعْضَهُمْ أَخْطَأَ وَجَبَ عَلَى الْمُخْطِئِ قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ، وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْقَوَدُ لِمُشَارَكَةِ الْمُخْطِئِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 341</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح أدب القاضي للحصاف تأليف ابن مازة 4 / 508 الفقرة: 1559، وبدائع الصنائع 9 / 4066، الفتاوى الهندية 3 / 555، شرح منح الجليل 4 / 289 - 290</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>وَإِنْ اخْتَلَفُوا، فَقَال بَعْضُهُمْ: تَعَمَّدْنَا كُلُّنَا، وَقَال بَعْضُهُمْ أَخْطَأْنَا كُلُّنَا، وَجَبَ عَلَى الْمُقِرِّ بِعَمْدِ الْجَمِيعِ الْقَوَدُ، وَعَلَى الْمُقِرِّ بِخَطَأِ الْجَمِيعِ قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌(رُجُوعُ بَعْضِ الشُّهُودِ:</span></p><font color=#ff0000>51 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (2) : إِلَى أَنَّهُ إِذَا رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ اسْتِيفَائِهِ فِي شَهَادَةٍ نِصَابُهَا شَاهِدَانِ ضَمِنَ نِصْفَ الْمَال أَوْ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَالْعِبْرَةُ لِمَنْ بَقِيَ لَا لِمَنْ رَجَعَ.</p>وَلَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ أَصْل أَرْبَعَةِ شُهُودٍ فِي شَهَادَةٍ نِصَابُهَا شَاهِدَانِ أَيْضًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ قَائِمًا.</p>وَكَذَا لَوْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْهُمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، لِبَقَاءِ النِّصَابِ.</p>وَلَوْ رَجَعَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِمْ نِصْفُ الْمَال، لِبَقَاءِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ شَطْرُ الشَّهَادَةِ فَيَتَحَمَّلُونَ شَطْرَ الْمَال.</p>وَلَوْ رَجَعَتِ امْرَأَةٌ وَكَانَ النِّصَابُ رَجُلاً وَامْرَأَتَيْنِ غَرِمَتِ الرَّاجِعَةُ رُبُعَ الْمَال.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 341</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 9 / 4072 - 4073، تبيين الحقائق 4 / 245، الفتاوى الهندية 3 / 525، شرح منح الجليل 4 / 292، الخرشي 4 / 221، الهداية 3 / 133، الجمل على شرح المنهج 5 / 406 - 407، نهاية المحتاج 8 / 313</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>وَلَوْ شَهِدَ عَشْرُ نِسْوَةٍ وَرَجُلٌ وَاحِدٌ، فَرَجَعَ ثَمَانٍ مِنْهُنَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِنَّ، لِبَقَاءِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ.</p>وَلَوْ رَجَعَ تِسْعٌ مِنْهُنَّ غَرِمْنَ رُبُعَ الْمَال. .</p>وَهَكَذَا.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ كُل مَوْضِعٍ وَجَبَ الضَّمَانُ فِيهِ عَلَى الشُّهُودِ بِالرُّجُوعِ وَجَبَ أَنْ يُوَزَّعَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا.</p>قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْهُ: إِنَّهُ إِذَا شَهِدَ بِشَهَادَةٍ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ أَتْلَفَ مَالاً فَإِنَّهُ ضَامِنٌ بِقَدْرِ مَا كَانُوا فِي الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَعَلَيْهِ الثُّلُثُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانُوا عَشَرَةً فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ رَجَعُوا جَمِيعًا، وَسَوَاءٌ رَجَعَ الزَّائِدُ عَنِ الْقَدْرِ الْكَافِي فِي الشَّهَادَةِ أَوْ مَنْ لَيْسَ بِزَائِدٍ، فَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالْقِصَاصِ، فَرَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَقَال: عَمَدْنَا إِلَى قَتْلِهِ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَال: أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ.</p>وَإِنْ شَهِدَ سِتَّةٌ بِالزِّنَى عَلَى مُحْصَنٍ فَرُجِمَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ أَوْ ثُلُثُ الدِّيَةِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 12 / 144، الشرح الكبير 12 / 120</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الاِخْتِلَافُ فِي الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>52 -</font> الشَّهَادَةُ إِذَا وَافَقَتِ الدَّعْوَى قُبِلَتْ، وَإِنْ خَالَفَتْهَا لَمْ تُقْبَل؛ لأَِنَّ تَقَدُّمَ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ شَرْطُ قَبُول الشَّهَادَةِ، وَقَدْ وُجِدَتْ فِيمَا يُوَافِقُهَا وَانْعَدَمَتْ فِيمَا يُخَالِفُهَا.</p>وَيَنْبَغِي اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا لِتَكْمُل الشَّهَادَةُ.</p>فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ دِينَارًا، وَشَهِدَ الآْخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا: فَلَا تَكْمُل الشَّهَادَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ. (1)</p><font color=#ff0000>53 -</font> وَيُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.</p>وَذَهَبَ صَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إِلَى أَنَّ الاِتِّفَاقَ فِي الْمَعْنَى هُوَ الْمُعْتَبَرُ. (2)</p>فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ وَالآْخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تُقْبَل الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ، لأَِنَّهُمَا اخْتَلَفَا لَفْظًا، وَذَلِكَ يَدُل عَلَى اخْتِلَافِ الْمَعْنَى لأَِنَّهُ يُسْتَفَادُ بِاللَّفْظِ، وَهَذَا لأَِنَّ الأَْلْفَ لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الأَْلْفَيْنِ، بَل هُمَا جُمْلَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ فَحَصَل عَلَى كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ، فَصَارَ كَمَا إِذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَال. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 12 / 131</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 136، تبيين الحقائق 4 / 229، الفتاوى الهندية 3 / 503</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية 3 / 136</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>وَعِنْدَهُمَا تُقْبَل عَلَى الأَْلْفِ إِذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الأَْلْفَيْنِ.</p>وَهُوَ رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. (1)</p>لأَِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الأَْلْفِ، وَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالزِّيَادَةِ فَيَثْبُتُ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ دُونَ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَحَدُهُمَا، فَصَارَ كَالأَْلْفِ وَالأَْلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ.</p>أَمَّا إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالآْخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ: قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى الأَْلْفِ عِنْدَ الْجَمِيعِ حَتَّى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لاِتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهَا لَفْظًا وَمَعْنًى؛ لأَِنَّ الأَْلْفَ وَالْخَمْسَمِائَةِ جُمْلَتَانِ عُطِفَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى وَالْعَطْفُ يُقَرِّرُ الأَْوَّل. (2)</p><font color=#ff0000>54 -</font> وَمَتَى كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلٍ فَاخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي زَمَنِهِ، أَوْ مَكَانِهِ، أَوْ صِفَةٍ لَهُ تَدُل عَلَى تَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ لَمْ تَكْمُل شَهَادَتُهُمَا.</p>مِثْل أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ دِينَارًا يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَشْهَدَ الآْخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ دِينَارًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَوْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ بِدِمَشْقَ، وَيَشْهَدَ الآْخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ بِمِصْرَ، أَوْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَبْيَضَ وَيَشْهَدَ الآْخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَسْوَدَ: فَلَا تَكْمُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 345، المهذب 2 / 339، والشرح الكبير 12 / 26</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 2 / 137</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>الشَّهَادَةُ؛ لأَِنَّ كُل فِعْلٍ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ شَاهِدَانِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَارُضُ الشَّهَادَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>55 -</font> قَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنَ الْخَصْمَيْنِ مُدَّعِيًا وَيُقِيمُ عَلَى دَعْوَاهُ بَيِّنَةً (شَهَادَةً) كَامِلَةً، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ أَوْ فِي مِلْكٍ مُقَيَّدٍ بِذِكْرِ سَبَبِ التَّمَلُّكِ.</p>فَإِنْ كَانَتَا فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ، لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ سَبَبُ التَّمَلُّكِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الدَّعْوَى تَارِيخًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ فِي يَدِهِمَا مَعًا.</p><font color=#ff0000>56 -</font> أ - فَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا: فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ (2) عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَحْمَدَ (3) لِقَوْلِهِ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (4)</p>وَلأَِنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَذُو الْيَدِ مُدَّعًى عَلَيْهِ، فَجَعَل جِنْسَ الْبَيِّنَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 12 / 131</p><font color=#ff0000>(2)</font> ذو اليد: هو الذي وضع يده على عين بالفعل أو الذي ثبت تصرفه تصرف الملاك. والخارج هنا هو المدعي، أو هو البريء عن وضع اليد، والتصرف على الوجه المشروع - كما في المجلة (م 1757)</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية 3 / 157، الإختيار لتعليل المختار 2 / 116، 117، ومجلة الأحكام العدلية المادة (1757 و 1679، 1680) ، المغني 12 / 167، 168.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الحديث تقدم تخريجه ف6</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ الَّذِي يَدَّعِي مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْخَارِجُ، فَتُقْبَل بَيِّنَتُهُ وَتُرَدُّ بَيِّنَةُ الْيَدِ؛ وَلأَِنَّهَا أَكْثَرُ إِثْبَاتًا، لأَِنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْخَارِجِ، وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ لَا تُثْبِتُهُ، لأَِنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لَهُ بِالْيَدِ، وَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ إِثْبَاتًا كَانَتْ أَقْوَى.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (1) وَالشَّافِعِيَّةُ (2) : إِلَى تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ؛ لأَِنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَانِ، فَتَبْقَى الْيَدُ دَلِيلاً عَلَى الْمِلْكِ، وَدَلِيلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اخْتَصَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ فِي دَابَّةٍ أَوْ بَعِيرٍ، فَأَقَامَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهَا لَهُ نَتْجُهَا، فَقَضَى بِهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ. (3)</p><font color=#ff0000>57 -</font> ب - أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا:</p>فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (4) إِلَى أَنَّهُ يُنْظَرُ: إِنْ: لَمْ يُؤَرِّخَا وَقْتًا: قُضِيَ بِالشَّيْءِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لاِسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ، وَكَذَا إِذَا أَرَّخَا وَقْتًا بِعَيْنِهِ. وَإِذَا أُرِّخَتْ إِحْدَاهُمَا تَارِيخًا أَسْبَقَ مِنَ الثَّانِيَةِ: فَالأَْسْبَقُ أَوْلَى، لأَِنَّهُمَا يُعْتَبَرَانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 309، والشرح الصغير 4 / 307، والمغني 12 / 168</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 2 / 312، مختصر المزني 5 / 261</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم اختصم إليه رجلان في دابة أو بعير. . . " أخرجه الدارقطني (4 / 209 - ط دار المحاسن) من حديث جابر، وضعف إسناده ابن حجر في التلخيص (4 / 210 - ط شركة الطباعة الفنية)</p><font color=#ff0000>(4)</font> الاختيار2 / 118</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>خَارِجَيْنِ، لِوُجُودِهَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا، فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِمَا وَصْفُ (الْمُدَّعِي) فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمَا، وَيُحْكَمُ لِلأَْسْبَقِ؛ لأَِنَّ الأَْسْبَقَ يُثْبِتُ الْمِلْكِيَّةَ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ: إِنْ تَعَذَّرَ تَرْجِيحُ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِوَجْهٍ مِنَ الْمُرَجِّحَاتِ، وَالْحَال؛ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا: سَقَطَتَا؛ لِتَعَارُضِهِمَا، وَبَقِيَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزِهِ. وَفِي ذَلِكَ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ. (1)</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَيْنًا وَهِيَ فِي يَدِ ثَالِثٍ، وَهُوَ مُنْكِرٌ وَلَمْ يَنْسِبْهَا لأَِحَدِهِمَا، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، وَكَانَتَا مُطَلَّقَتِي التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ، أَوْ إِحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً وَالأُْخْرَى مُؤَرَّخَةً: سَقَطَتِ الْبَيِّنَتَانِ، لِتَنَاقُضِ مُوجِبِيهِمَا وَلَا مُرَجِّحَ، وَيَحْلِفُ صَاحِبُ الْيَدِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا.</p>وَفِي قَوْلٍ: تُسْتَعْمَل الْبَيِّنَتَانِ، وَتُنْزَعُ الْعَيْنُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَعَلَى هَذَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ مُنَاصَفَةً فِي قَوْلٍ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُرَجَّحُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ.</p>وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ: تُوقَفُ حَتَّى يَبِينَ الأَْمْرُ أَوْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَنْكَرَ الثَّالِثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 4 / 309</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 480</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>دَعْوَى الْمُدَّعِيَيْنِ، فَقَال: لَيْسَتْ لَهُمَا وَلَا لأَِحَدِهِمَا: أُقْرِعَ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ: حُكِمَ لَهُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْمُدَّعِيَيْنِ بَيِّنَةٌ: تَعَارَضَتَا لِتَسَاوِيهِمَا فِي عَدَمِ الْيَدِ، فَتَسْقُطَانِ لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْعَمَل بِإِحْدَاهُمَا. (1)</p><font color=#ff0000>58 -</font> ج - أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِمَا مَعًا:</p>فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (2) إِلَى التَّفْصِيل:</p>فَإِنْ لَمْ تُؤَرَّخَا تَارِيخًا، وَكَذَا إِذَا أُرِّخَتَا تَارِيخًا مُعَيَّنًا وَكَانَ تَارِيخُهُمَا سَوَاءً: قُضِيَ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ الآْخَرِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا النِّصْفِ خَارِجٌ فَهُوَ مُدَّعٍ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي.</p>وَإِنْ أُرِّخَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الأُْخْرَى: قُضِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّارِيخِ لِلاِحْتِمَال، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُوَ لِصَاحِبِ التَّارِيخِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ فِي أَيْدِيهِمَا كَمَا كَانَتْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ تَسَاقُطُ الْبَيِّنَتَيْنِ، إِذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى بِهَا مِنَ الآْخَرِ، وَقِيل: تُجْعَل بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْل الْقِسْمَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 3 / 526، 527.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر المصادر السابقة، وانظر نهاية المحتاج 8 / 339، ومغني المحتاج 4 / 480.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>وَلَا يَجِيءُ الْقَوْل بِالْوَقْفِ، إِذْ لَا مَعْنَى لَهُ، وَفِي الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الْمُتَنَازِعَيْنِ إِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَتَسَاوَتِ الْبَيِّنَتَانِ مِنْ كُل وَجْهٍ: تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَنْفِي مَا تُثْبِتُهُ الأُْخْرَى، فَلَا يُمْكِنُ الْعَمَل بِهِمَا، وَلَا بِإِحْدَاهُمَا فَتَتَسَاقَطَانِ، وَيَصِيرُ الْمُتَنَازِعَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ، فَيَتَحَالَفَانِ، وَيَتَنَاصَفَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا. (1)</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى تَرْجِيحِ إِحْدَاهُمَا بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ فِي الْبَيِّنَةِ الأَْصْلِيَّةِ لَا الْمُزَكِّيَةِ، وَفِي رَأْيِ بَعْضِهِمْ تُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ إِذَا أَفَادَتِ الْكَثْرَةُ الْعِلْمَ، بِحَيْثُ تَكُونُ الْكَثْرَةُ جَمْعًا يَسْتَحِيل تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ.</p><font color=#ff0000>59 -</font> وَإِنْ كَانَتَا فِي مِلْكٍ مُقَيَّدٍ بِسَبَبِهِ:</p>وَذَلِكَ بِأَنْ يُذْكَرَ الْمِلْكُ عَنْ طَرِيقِ الإِْرْثِ مَثَلاً أَوْ عَنْ طَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوِ النِّتَاجِ.</p>فَفِي الإِْرْثِ يُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ، إِلَاّ إِذَا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا أَسْبَقَ، فَيُقْضَى بِهِ لِلأَْسْبَقِ.</p>أَمَّا إِذَا كَانَا خَارِجَيْنِ، بِأَنْ كَانَ الشَّيْءُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا: فَيُقْسَمُ الشَّيْءُ بَيْنَهُمَا، أَوْ يُقْضَى بِهِ لِلأَْسْبَقِ إِذَا ذَكَرَا تَارِيخًا.</p>وَفِي الشِّرَاءِ: إِذَا ادَّعَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 3 / 523</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>الشِّرَاءَ مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا تَارِيخَ لَهُمَا، وَكَذَا إِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهُمَا سَوَاءٌ، تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا، وَيُتْرَكُ الشَّيْءُ لِلَّذِي فِي يَدِهِ. (1)</p>أَمَّا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْبَقَ: فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ، وَإِذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ يُقْضَى لَهُمَا بِالشَّيْءِ نِصْفَيْنِ.</p>وَفِي النِّتَاجِ: بِأَنْ يَذْكُرَ أَنَّ هَذِهِ النَّاقَةَ نَتَجَتْ عِنْدَهُ، أَيْ: وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ، فَيَكُونُ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى إِذَا لَمْ يُؤَرِّخَا، أَوْ أَرَّخَا وَقْتًا وَاحِدًا؛ لأَِنَّ النِّتَاجَ لَا يَتَكَرَّرُ.</p>لِمَا رُوِيَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي نَاقَةٍ، فَقَال. كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا: نَتَجَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ عِنْدِي. وَأَقَامَا بَيِّنَةً فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ. (2)</p>أَمَّا مَا يَتَكَرَّرُ سَبَبُهُ، كَالْبِنَاءِ، وَالنَّسْجِ، وَالصُّنْعِ، وَالْغَرْسِ: فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى. أَمَّا إِذَا ذَكَرَ أَحَدُهُمَا الْمِلْكَ وَالآْخَرُ النِّتَاجَ: فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى لأَِنَّهَا تُثْبِتُ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ لِصَاحِبِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 309</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أن رجلين اختصما في ناقة. . . رواه الدارقطني من حديث جابر (سنن الدارقطني 4 / 209 الحديث 21) ، والبيهقي (السنن الكبرى 10 / 256) ، وانظر الدر المختار ورد المحتار (4 / 438 ـ 440) ، ومجلة الأحكام العدلية المادة 1758، وانظر نهاية المحتاج 8 / 339، ومصطلح (تعارض ف: 9) ، والمغني 12 / 187</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>وَجَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مَا يَلِي:</p>أ - إِذَا ادَّعَى أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الْمِلْكَ بِالاِسْتِقْلَال وَادَّعَى الآْخَرُ الْمِلْكَ بِالاِشْتِرَاكِ فِي مَالٍ، وَالْحَال أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَصَرِّفٌ أَيْ ذُو يَدٍ: فَبَيِّنَةُ الاِسْتِقْلَال أَوْلَى.</p>ب - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ التَّمْلِيكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةُ.</p>ج - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالإِْجَارَةِ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الإِْجَارَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ.</p>د - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ.</p>هـ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْعَقْل عَلَى بَيِّنَةِ الْجُنُونِ أَوِ الْعَتَهِ.</p>و تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ عَلَى بَيِّنَةِ الْقِدَمِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌كَثْرَةُ الْعَدَدِ وَقُوَّةُ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ:</span></p><font color=#ff0000>60 -</font> إِذَا أَقَامَ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنَ الْمُرَجِّحَاتِ سِوَى كَثْرَةِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى بِأَنْ كَانَتِ الأُْولَى عَشَرَةَ شُهُودٍ وَكَانَتِ الثَّانِيَةُ شَاهِدَيْنِ فَقَطْ، أَوْ تَرَجَّحَتْ إِحْدَاهُمَا بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ بِأَنْ كَانَتْ أَظْهَرَ زُهْدًا وَأَوْفَرَ تَحَرُّجًا مِنَ الأُْخْرَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر مجلة الأحكام العدلية (المادة 1756 وما بعدها)</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>فَهَل تَتَرَجَّحُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى؟ .</p>ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (1) إِلَى تَرْجِيحِهَا بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَقُوَّةِ الْعَدَالَةِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (2) وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (3)، وَقَوْل جُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ (4) : إِلَى أَنَّهُ لَا يُغَلَّبُ الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ فِي الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ وَإِنَّمَا هُمَا سَوَاءٌ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى عَدَدِ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (5)</p>وَبِقَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} . (6)</p>فَمَنَعَ النَّصُّ مِنَ الاِجْتِهَادِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ؛ وَلأَِنَّهُ لَمَّا جَازَ الاِقْتِصَارُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ، وَعَلَى قَبُول الْعَدْل مَعَ مَنْ هُوَ أَعْدَل، دَل عَلَى أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَقُوَّةِ الْعَدَالَةِ. (7)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر حاشية الدسوقي 4 / 177، وتبصرة الحكام 1 / 309</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 173، نتائج الأفكار (تكملة فتح القدير) 6 / 243، والدر المختار 4 / 440، والمغني 12 / 176</p><font color=#ff0000>(3)</font> مختصر المزني: 5 / 261، الأم 6 / 251 ـ 252، الشهادات من الحاوي للماوردي الفقرة 5044 ـ 5045</p><font color=#ff0000>(4)</font> المدونة الكبرى 5 / 188، تبصرة الحكام 1 / 309</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة البقرة / 282</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة الطلاق / 2</p><font color=#ff0000>(7)</font> الشهادات من الحاوي للماوردي الفقرة: 5050</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الأَْبْدَادِ:</span></p><font color=#ff0000>61 -</font> الأَْبْدَادُ: هُمُ الْمُتَفَرِّقُونَ، وَاحِدُهُمْ بُدٌّ، مِنَ التَّبْدِيدِ؛ لأَِنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا فِي ذَلِكَ مُتَفَرِّقِينَ، وَاحِدٌ هُنَا وَآخَرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَوَاحِدٌ الْيَوْمَ وَوَاحِدٌ غَدًا، وَوَاحِدٌ عَلَى مَعْنًى، وَوَاحِدٌ عَلَى مَعْنًى آخَرَ.</p>قَال الْمَالِكِيَّةُ: الَّذِينَ انْفَرَدُوا بِبَيَانِ أَحْكَامِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الأَْبْدَادِ فِي النِّكَاحِ، وَهِيَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَةِ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ، بَل إِنَّمَا عَقَدُوا وَتَفَرَّقُوا، وَقَال كُل وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ:(أَشْهِدْ مَنْ لَقِيتَ) هَكَذَا فَسَّرُوهُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ.</p>فَتَتِمُّ عِنْدَهُمْ بِشَهَادَةِ سِتَّةِ شُهُودٍ: مِنْهُمُ اثْنَانِ عَلَى الْوَلِيِّ، وَاثْنَانِ عَلَى الزَّوْجِ، وَاثْنَانِ عَلَى الزَّوْجَةِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا. وَفِي الْبِكْرِ ذَاتَ الأَْبِ تَتِمُّ بِأَرْبَعَةٍ: مِنْهُمْ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ وَشَاهِدَانِ عَلَى الْوَلِيِّ.</p>وَأَمَّا إِنْ أَشْهَدَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمُ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ صَاحِبُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَلَيْسَتْ شَهَادَةَ أَبْدَادٍ.</p>قَال ابْنُ الْهِنْدِيِّ: شَهَادَةُ الأَْبْدَادِ لَا تَعْمَل شَيْئًا، إِذَا شَهِدَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ نَصٍّ مَا شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَى جَمِيعِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>شَهَادَاتِهِمْ وَاحِدًا، حَتَّى يَتَّفِقَ مِنْهُمْ شَاهِدَانِ عَلَى نَصٍّ وَاحِدٍ.</p>لَكِنْ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ سُئِل مَالِكٌ عَنْ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا فِي مَنْزِلٍ أَنَّهُ مَسْكَنُ هَذَا، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ حَيْزُهُ، فَقَال خَصْمُهُ: قَدِ اخْتَلَفَتْ شَهَادَتُهُمَا. فَقَال مَالِكٌ: مَسْكَنُهُ وَحَيْزُهُ شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَفْتَرِقُ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الاِسْتِخْفَاءِ أَوِ الاِسْتِغْفَال:</span></p><font color=#ff0000>62 -</font> الْمُسْتَخْفِي هُوَ الَّذِي يُخْفِي نَفْسَهُ عَنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيُسْمَعَ قَرَارُهُ وَلَا يُعْلَمَ بِهِ، كَأَنْ يَجْحَدَ الْحَقَّ عَلَانِيَةً وَيُقِرَّ بِهِ سِرًّا، فَيَخْتَبِئُ شَاهِدَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِمَا الْمُقِرُّ لِيَسْمَعَا إِقْرَارَهُ، وَلِيَشْهَدَا بِهِ مِنْ بُعْدٍ، فَشَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَيَّدَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِمَا إِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَخْدُوعٍ وَلَا خَائِنٍ لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ.</p>وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الْمُسْتَخْفِي؛ (2) لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول: {وَلَا تَجَسَّسُوا} (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام بهامش فتح العلي المالك 1 / 338</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 12 / 18، المغني 12 / 101، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 12 / 22، روضة الطالبين للنووي 11 / 243، تبصرة الحكام 1 / 378 وسماها (شهادة الإستغفال) البيان والتحصيل 10 / 56.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الحجرات / 12</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الزُّورِ:</span></p><font color=#ff0000>63 -</font> شَهَادَةُ الزُّورِ مِنَ الْكَبَائِرِ. (1) وَلَا يَجُوزُ الْعَمَل بِهَا وَلَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ فِيمَا بَعْدُ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا: بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: الإِْشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا - فَقَال: أَلَا وَقَوْل الزُّورِ. قَال: فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. (2)</p>وَلأَِنَّ فِيهَا رَفْعَ الْعَدْل، وَتَحْقِيقَ الْجَوْرِ.</p>فَإِذَا أَقَرَّ شَخْصٌ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ أَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ، قَال أَبُو حَنِيفَةَ (3) : يُشَهَّرُ بِهِ فِي السُّوقِ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل السُّوقِ أَوْ فِي قَوْمِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي مَكَانٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ النَّاسُ، وَيُقَال: إِنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ وَحَذِّرُوا النَّاسَ مِنْهُ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر كتاب (الكبائر) للذهبي وقد جعل فيه شهادة الزور الكبيرة الثامنة عشرة فيه (ص 86)</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 261 ـ ط السلفية) ومسلم (1 / 91) ـ ط الحلبي)</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية 3 / 132، فتح القدير 6 / 83</p><font color=#ff0000>(4)</font> قوله " ويقال إنا وجدنا هذا شاهد زور. . " أصل ذلك ما ورد عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يفعلون ذلك انظر أخبار القضاة لوكيع 2 / 19، 3 / 89، المصنف لعبد الرزاق الصنعاني 8 / 325 ـ 326 الأحاديث 15388 ـ 15390، جامع مسانيد الإمام الأعظم 2 / 274، المبسوط 16 / 145، سنن البيهقي الكبرى 10 / 141 ـ 142، الدراية 2 / 172</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>وَلَا يُحْبَسُ وَلَا يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ لِتَحَقُّقِ الْقَصْدِ وَهُوَ الاِنْزِجَارُ.</p>وَكَانَ شُرَيْحٌ يُشَهِّرُهُ وَلَا يَضْرِبُهُ. (1)</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: نُوجِعُهُ ضَرْبًا وَنَحْبِسُهُ. (2)</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لِلإِْمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ شَاهِدَ الزُّورِ بِالضَّرْبِ أَوِ الْحَبْسِ أَوِ الزَّجْرِ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُشَهِّرَ أَمْرَهُ فَعَل (3) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ ضَرَبَ شَاهِدَ الزُّورِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَسَخَّمَ وَجْهَهُ (4) أَيْ: سَوَّدَهُ.</p>وَلأَِنَّ هَذِهِ كَبِيرَةٌ يَتَعَدَّى ضَرَرُهَا إِلَى الْعِبَادِ، وَلَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ فَيُعَزَّرُ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (5) وَالْحَنَابِلَةُ (6) : إِلَى تَعْزِيرِهِ وَضَرْبِهِ وَأَنْ يُطَافَ بِهِ فِي الْمَجَالِسِ.</p>وَعَلَى كُل حَالٍ إِذَا ثَبَتَ زُورُهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَنُبِّهَ النَّاسُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.</p>وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَبْنِيَّ عَلَى شَهَادَتِهِ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر ذلك في أخبار القضاة 3 / 219 ـ 220، المبسوط 16 / 145</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 132، فتح القدير 6 / 83.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 330</p><font color=#ff0000>(4)</font> قوله " لما روي عن عمر أنه ضرب شاهد الزور. . " رواه البيهقي في السنن الكبرى 10 / 142، بسنده عن مكحول عن عمر</p><font color=#ff0000>(5)</font> المدونة الكبرى 5 / 203، تبصرة الحكام 2 / 314.</p><font color=#ff0000>(6)</font> منتهى الإرادات: 678، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 12 / 107، المغني 12 / 153، الشرح الكبير 12 / 131</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>بَاطِلاً (1) لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم اذْكُرُوا الْفَاسِقَ بِمَا فِيهِ لِيَحْذَرَهُ النَّاسُ (2)</p>وَالْمُسْلِمُونَ وَأَهْل الذِّمَّةِ فِي حُكْمِ شَهَادَةِ الزُّورِ سَوَاءٌ، لِقِيَامِ الأَْهْلِيَّةِ فِي حَقِّهِمْ جَمِيعًا فِيمَا تَعَلَّقَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ. (3)</p>وَإِذَا تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ ظَهَرَتْ فِيهَا تَوْبَتُهُ، وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ وَعَدَالَتُهُ: قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (4) وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ (5) وَالشَّافِعِيُّ (6) .</p>وَقَال مَالِكٌ (7) : لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ أَبَدًا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>64 -</font> يُقْصَدُ بِهَا أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّاهِدُ شَهَادَةً تَحَمَّلَهَا ابْتِدَاءً لَا بِطَلَبِ طَالِبٍ وَلَا بِتَقَدُّمِ دَعْوَى.</p>وَمَعْنَى (حِسْبَةً) أَيِ احْتِسَابًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير 12 / 133</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " اذكروا الفاسق بما فيه. . . " رواه ابن أبي الدنيا، وابن عدي، والخطيب من حديث معاوية بن حيدة، ورواه بعضهم عن عائشة:(كشف الخفاء 1 / 114 الحديث 205)</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 16 / 146</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير 12 / 133</p><font color=#ff0000>(5)</font> المبسوط 16 / 146، فتح القدير 6 / 84</p><font color=#ff0000>(6)</font> المهذب 1 / 329، المجموع 2 / 249، روضة الطالبين 11 / 249</p><font color=#ff0000>(7)</font> المدونة الكبرى 5 / 203</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>وَتُقْبَل شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي كُل مَا تَمَحَّضَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، كَالزِّنَى، وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالاِسْتِيلَادِ، وَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ الْعَامَّةِ. (انْظُرْ: حِسْبَةٌ) .</p> </p>2025‌<span class="title">‌ شَهَادَةُ الاِسْتِرْعَاءِ</span></p>انْظُرْ: اسْتِرْعَاءٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الزُّورِ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> شَهَادَةُ الزُّورِ: مُرَكَّبٌ إِضَافِيٌّ يَتَكَوَّنُ مِنْ كَلِمَتَيْنِ هُمَا: الشَّهَادَةُ، وَالزُّورُ.</p>أَمَّا الشَّهَادَةُ فِي اللُّغَةِ، فَمِنْ مَعَانِيهَا: الْبَيَانُ، وَالإِْظْهَارُ، وَالْحُضُورُ، وَمُسْتَنَدُهَا الْمُشَاهَدَةُ إِمَّا بِالْبَصَرِ أَوْ بِالْبَصِيرَةِ.</p>وَأَمَّا الزُّورُ فَهُوَ الْكَذِبُ وَالْبَاطِل، وَقِيل: هُوَ شَهَادَةُ الْبَاطِل، يُقَال: رَجُلٌ زُورٌ وَقَوْمٌ زُورٌ: أَيْ مُمَوِّهٌ بِكَذِبٍ (1) .</p>وَشَهَادَةُ الزُّورِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: هِيَ الشَّهَادَةُ بِالْكَذِبِ لِيُتَوَصَّل بِهَا إِلَى الْبَاطِل مِنْ إِتْلَافِ نَفْسٍ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ، أَوْ تَحْلِيل حَرَامٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلَالٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المفردات في غريب القرآن، ولسان العرب، ومختار الصحاح، والمصباح المنير مادة " شهد ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الطحطاوي على الدر المختار (3 / 260) ط دار المعرفة، بيروت، والعناية بهامش فتح القدير (3 / 226) ، ط بولاق، ومواهب الجليل 6 / 122 ط دار الفكر بيروت، وفتح الباري (10 / 412) ط الرياض الحديثة، والقرطبي 12 / 55 ط الكتب سنة 1964.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ شَرْعًا، قَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فِي كِتَابِهِ مَعَ نَهْيِهِ عَنِ الأَْوْثَانِ فَقَال اللَّهُ تَعَالَى:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّورِ} ، (1) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الأَْسَدِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا، فَقَال: عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الإِْشْرَاكَ بِاللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآْيَةَ: {وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} (2) .</p>وَرَوَى أَبُو بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ، قَال ثَلَاثًا: الإِْشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَكَانَ مُتَّكِئًا - فَقَال: أَلَا وَقَوْل الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْل الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَال يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ: لَا يَسْكُتُ. (3)</p>وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَنْ تَزُول قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ حَتَّى يُوجِبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الحج 30 - 31.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " عدلت شهادة الزور الإشراك بالله ". أخرجه ابن ماجه (2 / 794 - ط الحلبي) وأعله ابن حجر في التلخيص (4 / 90 - ط شركة الطباعة الفنية) بقوله: " إسناده مجهول ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 405 - ط السلفية)، ومسلم (1 / 91 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" لن تزول قدما شاهد الزور ". أخرجه ابن ماجه (2 / 974 - ط الحلبي) وقال البوصيري: " إسناده ضعيف " كذا في مصباح الزجاجة (2 / 38 - ط دار الجنان) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>فَمَتَى ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوِ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عَمْدًا عَزَّرَهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْزِيرِ، (1) وَسَيَأْتِي آرَاءُ الْفُقَهَاءِ فِيهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌بِمَ تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزُّورِ</span>؟</p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ لَا تَثْبُتُ إِلَاّ بِالإِْقْرَارِ؛ لأَِنَّهُ لَا تَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْكَذِبِ فِي إِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ بِأَنْ يَشْهَدَ بِمَا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ: بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ بِفِعْلٍ فِي الشَّامِ فِي وَقْتٍ، وَيَعْلَمَ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْعِرَاقِ، أَوْ يَشْهَدَ بِقَتْل رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ، أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ فِي يَدِ هَذَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَسِنُّهَا أَقَل مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ فَعَل شَيْئًا فِي وَقْتٍ وَقَدْ مَاتَ قَبْل ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يُولَدْ إِلَاّ بَعْدَهُ وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا يُتَيَقَّنُ بِكَذِبِهِ وَيُعْلَمُ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العناية بهامش فتح القدير 6 / 84 ط بولاق، والمبسوط للسرخسي 16 / 145، ط دار المعرفة بيروت، وبدائع الصنائع 6 / 289 - 290 ط دار الكتاب العربي، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 41، وتبيين الحقائق 4 / 223 ط دار المعرفة بيروت، والشرح الصغير 4 / 744 ط دار المعارف بمصر، والقرطبي 12 / 55 ط الكتاب، وروضة الطالبين 11 / 145 ط المكتب الإسلامي، والمهذب 2 / 329 ط دار المعرفة. بيروت، والقليوبي وعميرة 4 / 319 ط عيسى الحلبي، والمغني 9 / 260 ط الرياض، وأعلام الموقعين 1 / 119) ط دار الجيل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div><font color=#ff0000>4 -</font> وَلَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ؛ لأَِنَّهَا نَفْيٌ لِشَهَادَتِهِ، وَالْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ لِلإِْثْبَاتِ دُونَ النَّفْيِ، وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَلَا يُعَزَّرُ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، أَوْ ظُهُورِ فِسْقِهِ أَوْ غَلَطِهِ فِي الشَّهَادَةِ، لأَِنَّ الْفِسْقَ لَا يَمْنَعُ الصِّدْقَ، وَالتَّعَارُضُ لَا يُعْلَمُ بِهِ كَذِبُ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِعَيْنِهَا، وَالْغَلَطُ قَدْ يَعْرِضُ لِلصَّادِقِ الْعَدْل وَلَا يَتَعَمَّدُهُ فَيُعْفَى عَنْهُ. (1) وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} . (2)</p>قَال الشِّيرَازِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:</p>أَحَدُهَا: أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ.</p>وَالثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ مَا يَقْطَعُ بِكَذِبِهِ.</p>وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْل الْحُكْمِ أَمْ بَعْدَهُ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> لَمَّا كَانَتِ الشَّرِيعَةُ لَمْ تُقَدِّرْ عُقُوبَةً مُحَدَّدَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط للسرخسي 16 / 145، وفتح القدير 6 / 83، وتبيين الحقائق 4 / 241 ومواهب الجليل 6 / 122، وروضة الطالبين 11 / 145، وأسنى المطالب 4 / 358، والمغني 9 / 262.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحزاب آية:33.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 329 ط دار المعرفة بيروت، وتبصرة الحكام 2 / 52.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>لِشَاهِدِ الزُّورِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ هِيَ التَّعْزِيرُ، قَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلَاتُ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ لَا مِنْ حَيْثُ مَبْدَأُ عِقَابِ شَاهِدِ الزُّورِ بِالتَّعْزِيرِ، إِذْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْزِيرِهِ. إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عَمْدًا عَزَّرَهُ وُجُوبًا وَشَهَّرَ بِهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَبِهِ قَال شُرَيْحٌ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْزِيرِ، فَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: تَأْدِيبُ شَاهِدِ الزُّورِ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ إِنْ رَأَى تَعْزِيرَهُ بِالْجَلْدِ جَلَدَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَحْبِسَهُ، أَوْ كَشْفَ رَأْسِهِ وَإِهَانَتَهُ وَتَوْبِيخَهُ فَعَل ذَلِكَ، وَلَا يَزِيدُ فِي جَلْدِهِ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ، وَقَال الشَّافِعِيُّ: لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ التَّشْهِيرِ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ: فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُوقِفُهُ فِي السُّوقِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل السُّوقِ، أَوْ مَحَلَّةِ قَبِيلَتِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْقَبَائِل، أَوْ فِي مَسْجِدِهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْمَسَاجِدِ، وَيَقُول الْمُوَكَّل بِهِ: إِنَّ الْحَاكِمَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ وَيَقُول: هَذَا شَاهِدُ زُورٍ فَاعْرِفُوهُ.</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَلَا يُسَخَّمُ وَجْهٌ (أَيْ يُسَوِّدُهُ) لأَِنَّهُ مُثْلَةٌ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُثْلَةِ، (1) وَلَا يُرْكِبُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 119 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن يزيد.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>مَقْلُوبًا، وَلَا يُكَلِّفُ الشَّاهِدَ أَنْ يُنَادِيَ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي الْجُمْلَةِ لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَل مِمَّا يَرَاهُ - مَا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى مُخَالَفَةِ نَصٍّ أَوْ مَعْنَى نَصٍّ. (1)</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوِ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِالزُّورِ عُوقِبَ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ، وَيُطَافُ بِهِ فِي الْمَجَالِسِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ ضَرَبَ شَاهِدَ زُورٍ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَسَخَّمَ وَجْهَهُ. وَعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ بِالشَّامِ: إِذَا أَخَذْتُمْ شَاهِدَ الزُّورِ فَاجْلِدُوهُ بِضَرْبِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَسَخِّمُوا وَجْهَهُ وَطَوِّفُوا بِهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ النَّاسُ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُطَال حَبْسُهُ؛ لأَِنَّهُ أَتَى كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.</p>وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ شَهَادَةِ الزُّورِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ، فَقَال:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّورِ} (2) ، وَلأَِنَّ هَذِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة 6 / 203 ط دار صادر بيروت، وتبصرة الحكام 2 / 213 ط دار الكتب العلمية، والشرح الصغير 4 / 206 ط دار المعارف بمصر، والمهذب 2 / 330، وروضة الطالبين 11 / 144 - 145، المغني 9 / 260 - 262 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الحج / آية:30.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>الْكَبِيرَةَ يَتَعَدَّى ضَرَرُهَا إِلَى الْعِبَادِ بِإِتْلَافِ أَنْفُسِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. (1)</p>7 م - وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا: يُشَهَّرُ بِهِ فِي الأَْسْوَاقِ إِنْ كَانَ سُوقِيًّا، أَوْ بَيْنَ قَوْمِهِ إِنْ كَانَ غَيْرَ سُوقِيٍّ، وَذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي مَكَانِ تَجَمُّعِ النَّاسِ، وَيَقُول الْمُرْسَل مَعَهُ: إِنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ، وَحَذِّرُوهُ النَّاسَ، وَلَا يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ أَوِ الْحَبْسِ؛ لأَِنَّ شُرَيْحًا كَانَ يُشَهِّرُ شَاهِدَ الزُّورِ وَلَا يُعَزِّرُهُ، وَكَانَ قَضَايَاهُ لَا تَخْفَى عَنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّوَصُّل إِلَى الاِنْزِجَارِ؛ وَهُوَ يَحْصُل بِالتَّشْهِيرِ، بَل رُبَّمَا يَكُونُ أَعْظَمَ عِنْدَ النَّاسِ مِنَ الضَّرْبِ، فَيُكْتَفَى بِهِ، وَالضَّرْبُ وَإِنْ كَانَ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ لَكِنَّهُ يَقَعُ مَانِعًا عَنِ الرُّجُوعِ فَوَجَبَ التَّخْفِيفُ نَظَرًا إِلَى هَذَا الْوَجْهِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 289 - 290، وفتح القدير 6 / 83، والبحر الرائق 7 / 125، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 241، وتبيين الحقائق 4 / 242، وشرح العناية بهامش فتح القدير 4 / 84، وابن عابدين 4 / 395، والشرح الصغير 4 / 206، والقوانين الفقهية ص 203 ط دار القلم بيروت، وتبصرة الحكام 2 / 213.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر الرائق 7 / 125 - 126، وتبيين الحقائق 4 / 242، والعناية بهامش فتح القدير 4 / 84، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 3 / 260، والبدائع 6 / 289 - 290.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ نَقْلاً عَنِ الْحَاكِمِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَرْجِعَ عَلَى سَبِيل التَّوْبَةِ وَالنَّدَامَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَرْجِعَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِإِجْمَاعِهِمْ. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يُعْلَمَ رُجُوعُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ فَإِنَّهُ عَلَى الاِخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ: إِلَى أَنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا؛ لأَِنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ لأَِنَّ الْقَضَاءَ يَنْفُذُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ، وَلَا يُزِيل شَيْئًا عَنْ صِفَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ، سَوَاءٌ الْعُقُودُ مِنَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَالْفُسُوخُ، فَلَا يَحِل لِلْمَقْضِيِّ لَهُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، (2) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَل بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 4 / 242.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 333، والشرح الصغير 4 / 295، وروضة الطالبين 11 / 152، والقليوبي 4 / 304، والمهذب 2 / 343، والمغني 9 / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ. (1)</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: يَنْفُذُ قَضَاءٌ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ حَيْثُ كَانَ الْمَحَل قَابِلاً، وَالْقَاضِي غَيْرَ عَالِمٍ بِزُورِهِمْ، لِقَوْل عَلِيٍّ رضي الله عنه لاِمْرَأَةٍ أَقَامَ عَلَيْهَا رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَنْكَرَتْ فَقَضَى لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَتْ لَهُ: لِمَ تُزَوِّجُنِي؟ أَمَا وَقَدْ قَضَيْتَ عَلَيَّ فَجَدِّدْ نِكَاحِي، فَقَال: لَا أُجَدِّدُ نِكَاحَكَ، الشَّاهِدَانِ زَوَّجَاكَ؛ فَلَوْ لَمْ يَنْعَقِدِ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بَاطِنًا بِالْقَضَاءِ لَمَا امْتَنَعَ مِنْ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ عِنْدَ طَلَبِهَا.</p><font color=#ff0000>9 -</font> وَأَمَّا فِي الأَْمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ (أَيِ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ لَهَا سَبَبٌ مُعَيَّنٌ) فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا؛ لأَِنَّ الْمِلْكَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ وَلَيْسَ بَعْضُ الأَْسْبَابِ بِأَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ لِتَزَاحُمِهَا فَلَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُ السَّبَبِ سَابِقًا عَلَى الْقَضَاءِ بِطَرِيقِ الاِقْتِضَاءِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌تَضْمِينُ شُهُودِ الزُّورِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> مَتَى عُلِمَ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِالزُّورِ: تَبَيَّنَ أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ بَاطِلاً، وَلَزِمَ نَقْضُهُ وَبُطْلَانُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 339 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1337 - ط الحلبي) من حديث أم سلمة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 333، والمغني 9 / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>مَا حُكِمَ بِهِ، وَيَضْمَنُ شُهُودُ الزُّورِ مَا تَرَتَّبَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ مِنْ ضَمَانٍ. فَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً: رُدَّ إِلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ إِتْلَافًا: فَعَلَى الشُّهُودِ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّهُمْ سَبَبُ إِتْلَافِهِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شُهُودِ الزُّورِ إِذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، كَأَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ عُدْوَانٍ أَوْ بِرِدَّةٍ أَوْ بِزِنًى وَهُوَ مُحْصَنٌ، فَقُتِل الرَّجُل بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا وَأَقَرَّا بِتَعَمُّدِ قَتْلِهِ، وَقَالَا: تَعَمَّدْنَا الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بِالزُّورِ لِيُقْتَل أَوْ يُقْطَعَ: فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا، لِتَعَمُّدِ الْقَتْل بِتَزْوِيرِ الشَّهَادَةِ، لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ: أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَهُ ثُمَّ عَادَا فَقَالَا: أَخْطَأْنَا، لَيْسَ هَذَا هُوَ السَّارِقَ، فَقَال عَلِيٌّ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعَتْكُمَا، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا، وَإِنَّهُمَا تَسَبَّبَا إِلَى قَتْلِهِ أَوْ قَطْعِهِ بِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ غَالِبًا فَلَزِمَهُمَا كَالْمُكْرَهِ. وَبِهِ قَال ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا شَهِدُوا زُورًا بِمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ قِصَاصًا، فَقُطِعَ أَوْ فِي سَرِقَةٍ لَزِمَهُمَا الْقَطْعُ، وَإِذَا سَرَى أَثَرُ الْقَطْعِ إِلَى</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>النَّفْسِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، كَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قَضَى زُورًا بِالْقِصَاصِ، وَكَانَ يَعْلَمُ بِكَذِبِ الشُّهُودِ.</p>وَتَجِبُ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ إِذَا قَالَا: تَعَمَّدْنَا الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَل بِهَذَا، وَكَانَا مِمَّا يَحْتَمِل أَنْ يَجْهَلَا ذَلِكَ. وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمَا لأَِنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لأَِنَّهُ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِمَا وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِل الاِعْتِرَافَ. (1)</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقِصَاصِ أَوْ شُهُودُ الْحَدِّ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ وَقَبْل الاِسْتِيفَاءِ، لَمْ يُسْتَوْفَ الْقَوَدُ وَلَا الْحَدُّ؛ لأَِنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ عُقُوبَةٌ لَا سَبِيل إِلَى جَبْرِهَا إِذَا اسْتُوْفِيَتْ بِخِلَافِ الْمَال، وَلأَِنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ شُبْهَةٌ لاِحْتِمَال صِدْقِهِمْ، وَالْقَوَدُ وَالْحَدُّ يُدْرَآنِ بِالشُّبْهَةِ، فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَلَا غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ بَل يُعَزَّرُونَ.</p>وَوَجَبَتْ دِيَةُ قَوَدٍ لِلْمَشْهُودِ لَهُ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ بِالْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَقَدْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا فَتَعَيَّنَ الآْخَرُ، وَيَرْجِعُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى الشُّهُودِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 11 / 99 - 300، ونهاية المحتاج 8 / 211، والمهذب 2 / 341، والمغني 9 / 245 - 247، 251، 255، 262، 7 / 645 - 646، وكشاف القناع 6 / 443، والشرح الصغير 4 / 295 ط دار المعارف بمصر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَدَا أَشْهَبَ: إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ؛ لأَِنَّ الْقَتْل بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَتْلٌ بِالسَّبَبِ، وَالْقَتْل تَسَبُّبًا لَا يُسَاوِي الْقَتْل مُبَاشَرَةً، وَلِذَا قَصُرَ أَثَرُهُ، فَوَجَبَتْ بِهِ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ. (1)</p>12 م - وَيَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى شُهُودِ الزُّورِ إِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَى وَيُقَامُ عَلَيْهِمُ الْحَدُّ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ قَبْل الاِسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. وَيُحَدُّونَ فِي الشَّهَادَةِ بِالزِّنَى حَدَّ الْقَذْفِ أَوَّلاً. ثُمَّ يُقْتَلُونَ إِذَا تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ بِالرَّجْمِ.</p>وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالتَّدَاخُل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: فَإِنْ كَانَ فِي الْحُدُودِ قَتْلٌ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِهِ، لِقَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " مَا كَانَتْ حُدُودٌ فِيهَا قَتْلٌ إِلَاّ أَحَاطَ الْقَتْل بِذَلِكَ كُلِّهِ وَلأَِنَّهُ لَا حَاجَةَ مَعَهُ إِلَى الزَّجْرِ بِغَيْرِهِ، وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ حَدَّ الْقَذْفِ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَدْخُل فِي الْقَتْل، بَل لَا بُدَّ مِنَ اسْتِيفَائِهِ قَبْلَهُ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 285، والشرح الصغير 4 / 295.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 4 / 208،209 ط بولاق، والدسوقي (4 / 347) ط دار الفكر، وروضة الطالبين 10 / 164 ط المكتب الإسلامي، والمغني 8 / 213، 214 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَوْبَةُ شَاهِدِ الزُّورِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو ثَوْرٍ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ وَأَتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ تَظْهَرُ فِيهَا تَوْبَتُهُ، وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ فِيهَا وَعَدَالَتُهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} . (1)</p>وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. (2)</p>وَلأَِنَّهُ تَائِبٌ مِنْ ذَنْبِهِ؛ فَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُ كَسَائِرِ التَّائِبِينَ.</p>وَمُدَّةُ ظُهُورِ التَّوْبَةِ عِنْدَهُمْ سَنَةٌ؛ لأَِنَّهُ لَا تَظْهَرُ صِحَّةُ التَّوْبَةِ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ، فَكَانَتْ أَوْلَى الْمُدَدِ بِالتَّقْدِيرِ سَنَةً؛ لأَِنَّهُ تَمُرُّ فِيهَا الْفُصُول الأَْرْبَعَةُ الَّتِي تَهِيجُ فِيهَا الطَّبَائِعُ وَتَتَغَيَّرُ فِيهَا الأَْحْوَال. (3)</p>وَقَال الْبَابَرْتِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: مُدَّةُ ظُهُورِ التَّوْبَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران آية:89.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1420 - ط الحلبي) من حديث ابن مسعود، وفي إسناده مقال، ولكن حسنه ابن حجر لشواهده، كذا في المقاصد الحسنة للسخاوي (ص - 152 - ط الخانجي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح العناية بهامش فتح القدير 6 / 84، وروضة الطالبين 11 / 245، 248، والمهذب 2 / 332، والمغني 9 / 202.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>قَال: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِ الْقَاضِي. (1)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ حِينَ شَهِدَ بِالزُّورِ لَا تُقْبَل لَهُ شَهَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ لاِحْتِمَال بَقَائِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُظْهِرٍ لِلصَّلَاحِ حِينَ الشَّهَادَةِ فَفِي قَبُولِهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَوْلَانِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌شَهَادَتَانِ</span></p> </p>انْظُرْ: إِسْلَامٌ، تَلْقِينٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح العناية بهامش فتح القدير 6 / 84.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 4 / 206.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَهْرٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّهْرُ: الْهِلَال، سُمِّيَ بِهِ لِشُهْرَتِهِ وَوُضُوحِهِ، ثُمَّ سُمِّيَتِ الأَْيَّامُ بِهِ. وَجَمْعُهُ: شُهُورٌ وَأَشْهُرٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشُّهْرَةِ وَهِيَ: الاِنْتِشَارُ وَوُضُوحُ الأَْمْرِ، وَمِنْهُ شَهَرْتُ الأَْمْرَ أُشْهِرُهُ شَهْرًا وَشُهْرَةً فَاشْتَهَرَ أَيْ: وَضَحَ، وَكَذَلِكَ أَشْهَرْتُهُ وَشَهَّرْتُهُ تَشْهِيرًا. (1)</p>وَأَوَّل الشَّهْرِ: مِنَ الْيَوْمِ الأَْوَّل إِلَى السَّادِسَ عَشَرَ. وَآخِرُ الشَّهْرِ مِنْهُ إِلَى الآْخِرِ إِلَاّ إِذَا كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، فَإِنَّ أَوَّلَهُ حِينَئِذٍ إِلَى وَقْتِ الزَّوَال مِنَ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَمَا بَعْدَهُ آخِرُ الشَّهْرِ. وَرَأْسُ الشَّهْرِ: اللَّيْلَةُ الأُْولَى مَعَ الْيَوْمِ. وَغُرَّةُ الشَّهْرِ: إِلَى انْقِضَاءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْهِلَال فَقِيل: إِنَّهُ كَالْغُرَّةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَوَّل يَوْمٍ، وَإِنْ خَفِيَ فَالثَّانِي. وَسَلْخُ الشَّهْرِ: الْيَوْمُ الأَْخِيرُ مِنْهُ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الصحاح والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكليات 5 / 120.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>وَفِي الشَّرْعِ: الْمُرَادُ بِالشَّهْرِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ: الشَّهْرُ الْهِلَالِيُّ. (1) قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (2)</p>. وَلَمْ يَخْتَلِفِ النَّاسُ فِي أَنَّ الأَْشْهُرَ الْحُرُمَ مُعْتَبَرَةٌ بِالأَْهِلَّةِ.</p>قَال الْقُرْطُبِيُّ: هَذِهِ الآْيَةُ تَدُل عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَعْلِيقُ الأَْحْكَامِ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا، إِنَّمَا يَكُونُ بِالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ، دُونَ الشُّهُورِ الَّتِي تَعْتَبِرُهَا الْعَجَمُ وَالرُّومُ وَالْقِبْطُ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ (شُهُورُ سَنَوَاتِهِمْ) عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لأَِنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الأَْعْدَادِ: مِنْهَا مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَمِنْهَا مَا يَنْقُصُ. وَشُهُورُ الْعَرَبِ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مَا يَنْقُصُ. وَالَّذِي يَنْقُصُ لَيْسَ يَتَعَيَّنُ لَهُ شَهْرٌ، وَإِنَّمَا تَفَاوُتُهَا فِي النُّقْصَانِ وَالتَّمَامِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ سَيْرِ الْقَمَرِ فِي الْبُرُوجِ. (3)</p>وَوَرَدَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ هَذَا الأَْصْل فِي بَعْضِ الْمَسَائِل، كَالأَْشْهُرِ السِّتَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي أَقَل الْحَمْل، يُرِيدُونَ بِالشَّهْرِ فِيهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1 / 155، والمغني 7 / 458.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 36.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القرطبي 8 / 133.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَا يَعْنُونَ بِهِ الشَّهْرَ الْهِلَالِيَّ. (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّهْرِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَشْهُرُ الْحَجِّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ هِيَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ هِيَ: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ. وَلِلتَّفْصِيل ر: (أَشْهُرُ الْحَجِّ ف 1 - 4 ج 5 49) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ: هِيَ الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} وَالْمُرَادُ بِهَا: رَجَبُ مُضَرَ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ.</p>وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ:(الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ ف 1 - 6 ج 5 50) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> إِذَا لَمْ تَكُنْ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ذَاتَ قُرْءٍ لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1 / 154، وروضة الطالبين 1 / 153.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>أَشْهُرٍ وَاللَاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} . (1)</p>وَذَاتُ الْقُرْءِ إِذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ اعْتَدَّتْ بِالأَْشْهُرِ. وَالآْيِسَةُ، وَكُل مَنْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَا حَمْل بِهَا قَبْل الدُّخُول أَوْ بَعْدَهُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً عِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ؛ (2) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} . (3)</p>وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ بِالأَْشْهُرِ، وَعِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَانْتِقَال الْعِدَّةِ مِنَ الأَْشْهُرِ إِلَى الأَْقْرَاءِ، وَانْتِقَالُهَا مِنَ الأَْقْرَاءِ إِلَى الأَْشْهُرِ: يُنْظَرُ فِي (عِدَّةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْجَارَةُ مُشَاهَرَةً:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> إِذَا قَال الْمُؤَجِّرُ: آجَرْتُكَ دَارِي عِشْرِينَ شَهْرًا كُل شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلاً جَازَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لأَِنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ وَأَجْرُهَا مَعْلُومٌ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ بِحَالٍ، لأَِنَّهَا مُدَّةٌ وَاحِدَةٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَال: آجَرْتُكَ عِشْرِينَ شَهْرًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الطلاق / 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 449 ط الرياض، وبدائع الصنائع 3 / 195، وفتح القدير 3 / 29، والقوانين الفقهية ص 235 نشر دار الكتاب العربي، ومغني المحتاج 3 / 386، 395، وروضة الطالبين 8 / 370.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 234.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني مع الشرح الكبير 6 / 19 - 20، وتكملة فتح القدير 7 / 176 ط بولاق، والتاج والإكليل 5 / 440.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>أَمَّا إِذَا قَال الْمُؤَجِّرُ: آجَرْتُكَ هَذَا كُل شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ. فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ الإِْجَارَةِ حَسَبَ الاِتِّجَاهَاتِ التَّالِيَةِ:</p> </p>ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى: أَنَّ الإِْجَارَةَ صَحِيحَةٌ إِلَاّ أَنَّ الشَّهْرَ الأَْوَّل تَلْزَمُ الإِْجَارَةُ فِيهِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الشُّهُورِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ فِيهِ بِالتَّلَبُّسِ بِهِ، وَهُوَ السُّكْنَى فِي الدَّارِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه اسْتَقَى لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ كُل دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَجَاءَ بِالتَّمْرِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُل مِنْهُ، (1) قَال عَلِيٌّ: كُنْتُ أَدْلُو الدَّلْوَ وَأَشْتَرِطُهَا جَلْدَةً (2) . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَْنْصَارِ قَال لِيَهُودِيٍّ: أَسْقِي نَخْلَكَ؟ قَال: كُل دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ. وَاشْتَرَطَ الأَْنْصَارِيُّ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا خَدِرَةً عَفِنَةً وَلَا تَارِزَةً يَابِسَةً وَلَا حَشَفَةً. وَلَا يَأْخُذَ إِلَاّ جَلْدَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أن عليا استقى لرجل من اليهود ". أخرجه ابن ماجه (2 / 818 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس، وقال البوصيري:" هذا إسناد ضعيف " كذا في مصباح الزجاجة (2 / 53 - ط دار الجنان) وقال ابن حجر: " رواه أحمد من طريق علي بإسناد جيد " كذا في التلخيص الحبير (3 / 61 - ط شركة الطباعة الفنية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث علي: " كنت أدلو الدلو. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 818 - ط الحلبي) وقال البوصيري: " هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات موقوفًا ". كذا في مصباح الزجاجة (2 / 53 - ط دار الجنان) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>فَاسْتَقَى بِنَحْوٍ مِنْ صَاعَيْنِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. (1)</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا؛ وَلأَِنَّ شُرُوعَهُ فِي كُل شَهْرٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَقْدِ مِنَ الاِتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ أَجْرِهِ وَالرِّضَا بِبَذْلِهِ بِهِ جَرَى مَجْرَى ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَصَارَ كَالْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ. (2)</p>وَالْمَالِكِيَّةُ وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ بِصِحَّةِ الإِْجَارَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَاّ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ الإِْجَارَةَ لَازِمَةً فَلِكُلٍّ مِنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَهُمْ حَل الْعَقْدِ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ، وَلَا كَلَامَ لِلآْخَرِ. (3)</p>وَالْقَوْل الصَّحِيحُ لِلشَّافِعِيَّةِ وَلأَِبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ لأَِنَّ " كُل " اسْمٌ لِلْعَدَدِ، فَإِذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ كَانَ مُبْهَمًا مَجْهُولاً فَيَكُونُ فَاسِدًا كَمَا لَوْ قَال: آجَرْتُكَ مُدَّةً أَوْ شَهْرًا. (4)</p>قَال فِي الإِْمْلَاءِ - وَهُوَ الْقَوْل الْمُقَابِل لِلصَّحِيحِ لِلشَّافِعِيَّةِ -: تَصِحُّ الإِْجَارَةُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي هريرة: أن رجلا من الأنصار قال ليهودي: أسقي نخلك. أخرجه ابن ماجه (2 / 818 - 819 - ط الحلبي) وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 53 - ط دار الجنان) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني مع الشرح الكبير 6 / 18 - 19.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 4 / 60.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المهذب 1 / 403 نشر دار المعرفة، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 18.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>الشَّهْرِ الأَْوَّل، وَتَبْطُل فِيمَا زَادَ؛ لأَِنَّ الشَّهْرَ الأَْوَّل مَعْلُومٌ وَمَا زَادَ مَجْهُولٌ، فَصَحَّ فِي الْمَعْلُومِ وَبَطَل فِي الْمَجْهُول، كَمَا لَوْ قَال: آجَرْتُكَ هَذَا الشَّهْرَ بِدِينَارٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمُرَادُ بِالشَّهْرِ فِي الإِْجَارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ عَقْدَ الإِْجَارَةِ إِذَا انْطَبَقَ عَلَى أَوَّل الشَّهْرِ كَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ وَمَا بَعْدَهُ بِالأَْهِلَّةِ (2) .</p>وَإِنْ لَمْ يَنْطَبِقِ الْعَقْدُ عَلَى أَوَّل الشَّهْرِ تَمَّمَ الْمُنْكَسِرَ بِالْعَدَدِ مِنَ الأَْخِيرِ، وَيُحْسَبُ الثَّانِي بِالأَْهِلَّةِ. بِهَذَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ (3) .</p>وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةٍ - نَقَلَهَا عَنْهُ ابْنُ قُدَامَةَ - وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ يُسْتَوْفَى الْجَمِيعُ بِالْعَدَدِ؛ لأَِنَّ الشَّهْرَ الأَْوَّل يَكْمُل بِالأَْيَّامِ مِنَ الثَّانِي، فَيَصِيرُ أَوَّل الثَّانِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 1 / 403.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 3 / 30 ط بولاق، وابن عابدين 5 / 32، ومطالب أولي النهى 3 / 622، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 5، والمهذب 1 / 403.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني مع الشرح الكبير 6 / 5، ومطالب أولي النهى 3 / 622، وفتح القدير 3 / 30، والمهذب 1 / 403، وروضة الطالبين 5 / 197، والقوانين الفقهية ص 236، والشرح الصغير 2 / 673.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>بِالأَْيَّامِ، فَيَكْمُل بِالثَّالِثِ وَهَكَذَا (1) .</p>وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي كُل مَا يُعْتَبَرُ بِالأَْشْهُرِ، كَعِدَّةِ وَفَاةٍ، وَصَوْمِ شَهْرَيْ كَفَّارَةٍ، وَمُدَّةِ خِيَارٍ، وَأَجَل ثَمَنٍ وَسَلَمٍ لأَِنَّ هَذِهِ الْمَسَائِل تُسَاوِي مَا تَقَدَّمَ مَعْنًى (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّهْرُ الْحَرَامُ</span></p> </p>انْظُرْ: الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ</p> </p>‌<span class="title">‌شَهْرُ رَمَضَانَ</span></p> </p>انْظُرْ: رَمَضَانُ</p> </p>‌<span class="title">‌شُهْرَةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: تَسَامُحٌ، أَلْبِسَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 32، وفتح القدير 3 / 30، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 5.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 3 / 622، وفتح القدير 3 / 30 ط. بولاق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَهْوَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّهْوَةُ لُغَةً: اشْتِيَاقُ النَّفْسِ إِلَى الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ: شَهَوَاتٌ. وَشَيْءٌ شَهِيٌّ، مِثْل لَذِيذٍ، وَزْنًا وَمَعْنًى. وَاشْتَهَاهُ وَتَشَهَّاهُ: أَحَبَّهُ وَرَغِبَ فِيهِ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: تَوَقَانُ النَّفْسِ إِلَى الْمُسْتَلَذَّاتِ (2) .</p>وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: الشَّهَوَاتُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُوَافِقُ الإِْنْسَانَ وَيَشْتَهِيهِ وَيُلَائِمُهُ وَلَا يَتَّقِيهِ (3) .</p>وَفِي إِعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنَ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ مَذَاهِبُ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ.</p>أَحَدُهَا: مَنْعُهَا وَقَهْرُهَا كَيْ لَا تَطْغَى.</p>وَالثَّانِي: إِعْطَاؤُهَا تَحَيُّلاً عَلَى نَشَاطِهَا وَبَعْثًا لِرُوحَانِيَّتِهَا.</p>وَالثَّالِثُ: قَال - وَهُوَ الأَْشْبَهُ -:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ترتيب القاموس المحيط والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات وكشاف اصطلاح الفنون 3 / 788.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 11 / 125.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>التَّوَسُّطُ؛ لأَِنَّ فِي إِعْطَاءِ الْكُل سَلَاطَةً، وَفِي الْمَنْعِ بَلَادَةً (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّهْوَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌نَقْضُ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى: أَنَّ لَمْسَ الْمَرْأَةِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ غَيْرُ نَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى: أَنَّهُ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمُبَاشَرَةِ فَاحِشَةٍ اسْتِحْسَانًا. وَهِيَ مَسُّ فَرْجٍ أَوْ دُبُرٍ بِذَكَرٍ مُنْتَصِبٍ بِلَا حَائِلٍ يَمْنَعُ حَرَارَةَ الْجَسَدِ، أَوْ مَعَ وُجُودِ حَائِلٍ رَقِيقٍ لَا يَمْنَعُ الْحَرَارَةَ.</p>وَكَمَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الرَّجُل يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَرْأَةِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.</p>وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ إِلَاّ بِخُرُوجِ الْمَذْيِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.</p>وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ: أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْفَاحِشَةَ لَا تَخْلُو عَنْ خُرُوجِ الْمَذْيِ غَالِبًا، وَالْغَالِبُ كَالْمُتَحَقِّقِ.</p>وَفِي مَجْمَعِ الأَْنْهُرِ: قَوْلُهُ: (أَيْ مُحَمَّدٍ) :<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) عميرة علي شرح المنهاج 4 / 264، ونهاية المحتاج 8 / 154، وحاشية الجمل 5 / 279.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>أَقْيَسُ، وَقَوْلُهُمَا: أَحْوَطُ (1) .</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى: أَنَّ لَمْسَ الْمُتَوَضِّئِ الْبَالِغِ لِشَخْصٍ يُلْتَذُّ بِمِثْلِهِ عَادَةً - مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى - يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَوْ كَانَ الْمَلْمُوسُ غَيْرَ بَالِغٍ، أَوْ كَانَ اللَّمْسُ لِظُفُرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ كَثَوْبٍ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَائِل خَفِيفًا يُحِسُّ اللَاّمِسُ مَعَهُ بِطَرَاوَةِ الْبَدَنِ، أَمْ كَانَ كَثِيفًا، وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِالْخَفِيفِ، وَمَحَل الْخِلَافِ بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ مَا لَمْ يَقْبِضْ، فَإِنْ قَبَضَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْجِسْمِ نُقِضَ اتِّفَاقًا</p>وَمَحَل النَّقْضِ: إِنْ قَصَدَ التَّلَذُّذَ بِلَمْسِهِ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُل لَهُ لَذَّةٌ حَال لَمْسِهِ، أَوْ وَجَدَهَا حَال اللَّمْسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا لَهَا ابْتِدَاءً. فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَلَمْ تَحْصُل لَهُ لَذَّةٌ فَلَا نَقْضَ وَلَوْ وَجَدَهَا بَعْدَ اللَّمْسِ.</p>وَالْمَلْمُوسُ - إِنْ بَلَغَ وَوَجَدَ اللَّذَّةَ أَوْ قَصَدَهَا - بِأَنْ مَالَتْ نَفْسُهُ لأََنْ يَلْمِسَهُ غَيْرُهُ فَلَمَسَهُ: انْتُقِضَ وُضُوءُهُ؛ لأَِنَّهُ صَارَ فِي الْحَقِيقَةِ لَامِسًا وَمَلْمُوسًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا فَلَا نَقْضَ، وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ.</p>وَأَمَّا الْقُبْلَةُ فِي الْفَمِ فَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قَصَدَ الْمُقَبِّل اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 51، وابن عابدين 1 / 99، وتبيين الحقائق 1 / 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>أَمْ لَا؛ لأَِنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ بِخِلَافِهَا فِي غَيْرِ الْفَمِ. وَسَوَاءٌ فِي النَّقْضِ: الْمُقَبِّل وَالْمُقَبَّل، وَلَوْ وَقَعَتْ بِإِكْرَاهٍ أَوِ اسْتِغْفَالٍ.</p>وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِلَذَّةٍ مِنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ وَلَوْ أَنْعَظَ، وَلَا بِلَمْسِ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى أَوْ بَهِيمَةٍ (1) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْتِقَاءَ بَشَرَتَيِ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِشَهْوَةٍ أَوْ إِكْرَاهٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ يَكُونَ الرَّجُل مَمْسُوحَ الذَّكَرِ، أَوْ خَصِيًّا، أَوْ عِنِّينًا، أَوِ الْمَرْأَةُ عَجُوزًا شَوْهَاءَ أَوْ كَافِرَةً.</p>وَاللَّمْسُ عِنْدَهُمُ: الْحِسُّ بِالْيَدِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بَاقِي صُوَرِ الاِلْتِقَاءِ فَأُلْحِقَتْ بِهِ، بِخِلَافِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْفَرْجِ، فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ لأَِنَّ الْمَسَّ إِنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ، وَاللَّمْسُ يُثِيرُهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ.</p>وَالْمُرَادُ بِالرَّجُل: الذَّكَرُ إِذَا بَلَغَ حَدًّا يَشْتَهِي لَا الْبَالِغُ.</p>وَبِالْمَرْأَةِ: الأُْنْثَى إِذَا صَارَتْ مُشْتَهَاةً لَا الْبَالِغَةُ.</p>وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ الْمَحْرَمِ لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَلَوْ بِشَهْوَةٍ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 1 / 142 - 144.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>الأَْظْهَرِ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، كَالرَّجُل. وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1) .</p>وَالْمَلْمُوسُ رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً كَاللَاّمِسِ فِي نَقْضِ وُضُوئِهِ فِي الأَْظْهَرِ؛ لاِسْتِوَائِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ.</p>وَلَا نَقْضَ بِلَمْسِ الصَّغِيرَةِ أَوِ الصَّغِيرِ إِذَا لَمْ يَبْلُغْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَدًّا يُشْتَهَى عُرْفًا. وَلَا بِلَمْسِ الشَّعْرِ أَوِ السِّنِّ أَوِ الظُّفُرِ فِي الأَْصَحِّ (2) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى. أَنَّ مِنَ النَّوَاقِضِ لِلْوُضُوءِ مَسُّ بَشَرَةِ الذَّكَرِ بَشَرَةَ أُنْثَى لِشَهْوَةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} .</p>وَأَمَّا كَوْنُ اللَّمْسِ لَا يَنْقُضُ إِلَاّ إِذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ فَلِلْجَمْعِ بَيْنَ الآْيَةِ وَالأَْخْبَارِ. لأَِنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ (3) . وَنَصْبُهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي، وَرُوِيَ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 43.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 34 - 35.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عائشة: " فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش. . . ". أخرجه مسلم: (1 / 352 - ط. الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ. غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلِي (1) .</p>وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَمْزَهُ رِجْلَيْهَا كَانَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ. وَلأَِنَّ الْمَسَّ لَيْسَ بِحَدَثٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ دَاعٍ إِلَى الْحَدَثِ، فَاعْتُبِرَتِ الْحَالَةُ الَّتِي يَدْعُو فِيهَا إِلَى الْحَدَثِ، وَهِيَ حَالَةُ الشَّهْوَةِ.</p>وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَسُّ بَشَرَتِهَا بَشَرَتَهُ لِشَهْوَةٍ؛ لأَِنَّهَا مُلَامَسَةٌ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَاسْتَوَى فِيهَا الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى كَالْجِمَاعِ.</p>وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَسِّ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ: أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ؛ لأَِنَّهُ مَعَ الْحَائِل لَمْ يَلْمِسْ بَشَرَتَهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمَسَ ثِيَابَهَا لِشَهْوَةٍ، وَالشَّهْوَةُ لَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ بِمُجَرَّدِهَا. وَلَا يَنْقُضُ مَسُّ الرَّجُل الطِّفْلَةَ، وَلَا مَسُّ الْمَرْأَةِ الطِّفْل. أَيْ: مِنْ دُونِ سَبْعِ سَنَوَاتٍ، وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ مَلْمُوسِ بَدَنِهِ وَلَوْ وَجَدَ مِنْهُ شَهْوَةً؛ لأَِنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ.</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ إِذَا وُجِدَتْ مِنْهُ الشَّهْوَةُ؛ لأَِنَّ مَا يُنْتَقَضُ بِالْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ اللَاّمِسِ وَالْمَلْمُوسِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عائشة: " كنت أنام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري، (الفتح 3 / 80 ط. السلفية) ومسلم (1 / 367 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 1 / 195 طبعة الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءٌ بِانْتِشَارِ ذَكَرٍ عَنْ فِكْرٍ وَتَكْرَارِ نَظَرٍ، وَلَا بِلَمْسِ شَعْرٍ وَظُفُرٍ وَسِنٍّ وَلَا الْمَسِّ بِهِ؛ لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِل، وَلَا مَسِّ عُضْوٍ مَقْطُوعٍ لِزَوَال حُرْمَتِهِ، وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ رَجُلٍ مَسَّ أَمْرَدَ (1) . وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، لِعَدَمِ تَنَاوُل الآْيَةِ لَهُ. وَلأَِنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ شَرْعًا.</p>وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ الرَّجُل الرَّجُل، وَلَا بِمَسِّ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ (2) .</p>وَتَفْصِيل مَا تَقَدَّمَ فِي مُصْطَلَحِ (وُضُوءٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّهْوَةُ وَأَثَرُهَا فِي الصَّوْمِ:</span></p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْنْزَال بِنَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى: أَنَّ إِنْزَال الْمَنِيِّ أَوِ الْمَذْيِ عَنْ نَظَرٍ وَفِكْرٍ لَا يُبْطِل الصِّيَامَ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ: إِذَا اعْتَادَ الإِْنْزَال بِالنَّظَرِ، أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَل يَفْسُدُ الصِّيَامُ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّ إِنْزَال الْمَنِيِّ بِالنَّظَرِ الْمُسْتَدِيمِ يُفْسِدُ الصَّوْمَ؛ لأَِنَّهُ إِنْزَالٌ بِفِعْلٍ يُتَلَذَّذُ بِهِ، وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.</p>وَأَمَّا الإِْنْزَال عَنْ فِكْرٍ فَيُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا يُفْسِدُهُ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأمرد: الشاب طرّ شاربه ولم تنبت لحيته. القاموس.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 1 / 128 - 129.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الإِْنْزَال عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مَسٍّ أَوْ مُعَانَقَةٍ</span>.</p><font color=#ff0000>7 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ إِنْزَال الْمَنِيِّ بِاللَّمْسِ أَوِ الْمُعَانَقَةِ أَوِ الْقُبْلَةِ يُفْسِدُ الصَّوْمَ؛ لأَِنَّهُ إِنْزَالٌ بِمُبَاشَرَةٍ فَأَشْبَهَ الإِْنْزَال بِ‌<span class="title">‌الْجِمَاعِ </span>دُونَ الْفَرْجِ. أَمَّا إِذَا حَصَل مِنَ الْقُبْلَةِ وَالْمُعَانَقَةِ وَاللَّمْسِ إِنْزَال مَذْيٍ فَلَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَيُفْسِدُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ خَارِجٌ تَخَلَّلَهُ الشَّهْوَةُ خَرَجَ بِالْمُبَاشَرَةِ فَأَفْسَدَ الصَّوْمَ كَالْمَنِيِّ (1) .</p>وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (صَوْمٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّهْوَةُ وَأَثَرُهَا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ:</span></p> </p>أ - الْجِمَاعُ:</p><font color=#ff0000>8 -</font> إِذَا وَقَعَ الْجِمَاعُ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ حَجُّهُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا وَقَعَ الْجِمَاعُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَبْل التَّحَلُّل الأَْوَّل فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ فَسَادِ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ بَدَنَةً.</p>وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ التَّحَلُّل الأَْوَّل لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ.</p>وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ: الْمَوْسُوعَةُ 2 191 - 193) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مراقي الفلاح ص 362، وابن عابدين 2 / 112. والقوانين الفقهية ص 118، ومغني المحتاج 1 / 430 - 431 والمغني 3 / 111 - 312 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ وَالتَّقْبِيل وَالْمُبَاشَرَةُ بِغَيْرِ جِمَاعٍ، يَجِبُ عَلَى مَنْ فَعَل شَيْئًا مِنْهَا الدَّمُ، سَوَاءٌ أَنْزَل أَمْ لَمْ يُنْزِل، وَحَجُّهُ صَحِيحٌ عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلَافٍ سَبَقَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ: الْمَوْسُوعَةُ 2 192 - 193) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ النَّظَرُ وَالتَّفَكُّرُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> النَّظَرُ أَوِ التَّفَكُّرُ بِشَهْوَةٍ إِذَا أَدَّى إِلَى الإِْنْزَال لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>وَتَفْصِيل الْخِلَافِ فِيهِ سَبَقَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ: الْمَوْسُوعَةُ 2 193) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ:</span></p>‌<span class="title">‌نَظَرُ الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> أ - إِذَا كَانَتْ زَوْجَةً جَازَ لِلزَّوْجِ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ جَسَدِهَا بِشَهْوَةٍ:</p>ب - إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ ذَاتَ مَحْرَمٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجُوزُ نَظَرُ الْبَالِغِ بِلَا شَهْوَةٍ مِنْ مَحْرَمِهِ الأُْنْثَى. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا كَالرَّقَبَةِ وَالرَّأْسِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، وَلَمْ يُجِزِ الْحَنَابِلَةُ النَّظَرَ إِلَى مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ.</p>وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ جَوَازَ النَّظَرِ إِلَى الصَّدْرِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ، وَلَمْ يُجِيزُوا النَّظَرَ إِلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا؛ لأَِنَّهُ أَدْعَى لِلشَّهْوَةِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>وَتَوَسَّعَ الشَّافِعِيَّةُ فَأَجَازُوا النَّظَرَ إِلَى جَمِيعِ جَسَدِهَا إِلَاّ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، وَأَجَازُوا النَّظَرَ إِلَى السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لأَِنَّهُمَا لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْمَحْرَمِ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يُجِيزُوا النَّظَرَ إِلَاّ إِلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا دُونَ سَائِرِ جَسَدِهَا. هَذَا وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ إِلَى مَحْرَمِهِ الأُْنْثَى.</p>ج - إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَجْنَبِيَّةً حُرَّةً فَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا بِشَهْوَةٍ مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَظَرُ الأَْجْنَبِيِّ إِلَى سَائِرِ بَدَنِ الأَْجْنَبِيَّةِ الْحُرَّةِ إِلَاّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ لِقَوْلِهِ تبارك وتعالى:{قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (1) . إِلَاّ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى مَوَاضِعِ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ خُصَّ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (2) وَالْمُرَادُ مِنَ الزِّينَةِ مَوَاضِعُهَا، وَمَوَاضِعُ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ: الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ، فَالْكُحْل زِينَةُ الْوَجْهِ وَالْخَاتَمُ زِينَةُ الْكَفِّ؛ وَلأَِنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالأَْخْذِ وَالْعَطَاءِ، وَلَا يُمْكِنُهَا ذَلِكَ عَادَةً إِلَاّ بِكَشْفِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، فَيَحِل لَهَا الْكَشْفُ، وَهَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 30.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 31.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَحِل النَّظَرُ إِلَى الْقَدَمَيْنِ.</p>وَالْمَالِكِيَّةُ كَالْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الأَْجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا. أَمَّا النَّظَرُ إِلَى الْقَدَمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُ بَالِغٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ، وَلَوْ شَيْخًا أَوْ عَاجِزًا عَنِ الْوَطْءِ أَوْ مُخَنَّثًا - وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ - إِلَى عَوْرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ - وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ لِلنَّاظِرِ بِلَا خِلَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ: مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ.</p>وَكَذَا يَحْرُمُ عِنْدَهُمْ: النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ تَدْعُو إِلَى الاِخْتِلَاءِ بِهَا لِجِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ بِالإِْجْمَاعِ كَمَا قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.</p>وَكَذَا يَحْرُمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ الأَْمْنِ مِنَ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ لِلنَّوَوِيِّ.</p>وَوَجَّهَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ، وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، وَقَدْ قَال تَعَالَى:{قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} وَاللَاّئِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سَدُّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>الْبَابِ وَالإِْعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيل الأَْحْوَال كَالْخَلْوَةِ بِالأَْجْنَبِيَّةِ.</p>وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، وَنَسَبَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لِجُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ، وَنَسَبَهُ الشَّيْخَانِ لِلأَْكْثَرِينَ، وَقَال الإِْسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ: إِنَّهُ الصَّوَابُ لِكَوْنِ الأَْكْثَرِينَ عَلَيْهِ، وَقَال الْبُلْقِينِيُّ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى تَحْرِيمِ نَظَرِ الرَّجُل إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ الأَْجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَقَال الْقَاضِي: يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ؛ لأَِنَّهُ عَوْرَةٌ، وَيُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ إِذَا أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَنَظَرَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ.</p>هَذَا وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْمَرْأَةِ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَحْرَمًا أَمْ أَجْنَبِيَّةً عَدَا زَوْجَتَهُ وَمَنْ تَحِل لَهُ.</p>وَكَذَا يَحْرُمُ نَظَرُ الأَْجْنَبِيَّةِ إِلَى الأَْجْنَبِيِّ إِذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> مَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ؛ لأَِنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ مِنَ النَّظَرِ فِي إِثَارَةِ الشَّهْوَةِ، وَمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 119 - 124، والشرح الكبير 2 / 215، ومغني المحتاج 3 / 128 - 129، والمغني 6 / 552 - 560.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>حَل نَظَرُهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حَل لَمْسُهُ إِذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فَلَا يَحِل لَهُ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ.</p>أَمَّا الأَْجْنَبِيَّةُ فَلَا يَحِل مَسُّ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَإِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ؛ لأَِنَّهُ أَغْلَظُ مِنَ النَّظَرِ (1) .</p>وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (لَمْسٌ وَمَسٌّ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الشَّهْوَةِ فِي النِّكَاحِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِالزِّنَى.</p>وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ اللِّوَاطَ فِي رِوَايَةٍ.</p>وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللِّوَاطَ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ؛ لأَِنَّ الْمُحَرَّمَاتِ بِاللِّوَاطِ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِنَّ فِي التَّحْرِيمِ، فَيَدْخُلْنَ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَأُحِل لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى: أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا تَثْبُتُ بِالزِّنَى تَثْبُتُ بِالْمَسِّ وَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ.</p>فَيَحْرُمُ أَصْل مَمْسُوسَةٍ بِشَهْوَةٍ وَلَوْ لِشَعْرٍ عَلَى الرَّأْسِ بِحَائِلٍ لَا يَمْنَعُ الْحَرَارَةَ، وَكَذَا يَحْرُمُ أَصْل مَا مَسَّتْهُ.</p>وَيَحْرُمُ أَيْضًا نِكَاحُ أَصْل النَّاظِرَةِ بِشَهْوَةٍ إِلَى ذَكَرٍ، وَأَصْل الْمَنْظُورِ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (زِنًى، لِوَاطٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 235، ومغني المحتاج 3 / 132 - 133، وكشاف القناع 5 / 15 - (ط. دار الفكر.)</p><font color=#ff0000>(2)</font> سور النساء / 24.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>نَظَرٌ، نِكَاحٌ) وَالْعِبْرَةُ لِلشَّهْوَةِ عِنْدَ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ لَا بَعْدَهُمَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَدُّ الشَّهْوَةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> حَدُّ الشَّهْوَةِ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ تَحَرُّكُ الآْلَةِ أَوْ زِيَادَةُ التَّحَرُّكِ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهَا، وَبِهِ يُفْتَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (لِوَاطٌ، وَنِكَاحٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الشَّهْوَةِ فِي الرَّجْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْصُل بِالْقَوْل وَالْفِعْل، وَيَقْصِدُونَ بِالْفِعْل: الْوَطْءَ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَمُقَدَّمَاتُ الْوَطْءِ لَا تَخْلُو عَنْ مَسٍّ بِشَهْوَةٍ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُل بِالْفِعْل كَالْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ (3) . بَل لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْقَوْل قِيَاسًا عَلَى عَقْدِ الزَّوَاجِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَاّ بِالْقَوْل الدَّال عَلَيْهِ.</p>وَتَفْصِيل الْخِلَافِ فِيهِ فِي مُصْطَلَحِ (رَجْعَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 2 / 260 - 261، والمغني 6 / 577.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 280.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 530، والشرح الصغير 2 / 606، والقوانين الفقهية ص 239 ومغني المحتاج 3 / 337، وكشاف القناع 5 / 343</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَسْرُ الشَّهْوَةِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> مَنْ أَرَادَ الزَّوَاجَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ، يَكْسِرْ شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ (1) .</p>فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أُهْبَةَ النِّكَاحِ يَكْسِرْهَا بِالصَّوْمِ، وَلَا يَكْسِرْهَا بِنَحْوِ كَافُورٍ بَل يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْتَال فِي قَطْعِ شَهْوَتِهِ؛ لأَِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْخِصَاءِ، إِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ بِالْكُلِّيَّةِ بَل يُفَتِّرُهَا فِي الْحَال، وَلَوْ أَرَادَ إِعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَال ضِدِّ الأَْدْوِيَةِ لأََمْكَنَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ حَرُمَ (2) .</p>وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (نِكَاحٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 112 - ط. السلفية) ومسلم (2 / 1018 - ط. الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 6 / 179، 8 / 416 - 417، والجمل 5 / 491، وأسنى المطالب 3 / 107، ومطالب أولي النهى 5 / 5.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَهِيدٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّهِيدُ لُغَةً: الْحَاضِرُ. وَالشَّاهِدُ، الْعَالِمُ الَّذِي يُبَيِّنُ مَا عَلِمَهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} . (1) وَالشَّهِيدُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى - وَمَعْنَاهُ الأَْمِينُ فِي شَهَادَتِهِ وَالْحَاضِرُ.</p>وَالشَّهِيدُ الْمَقْتُول فِي سَبِيل اللَّهِ، وَالْجَمْعُ شُهَدَاءُ. قَال ابْنُ الأَْنْبَارِيِّ سُمِّيَ الشَّهِيدُ شَهِيدًا لأَِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ شَهِدُوا لَهُ بِالْجَنَّةِ (2) . وَقِيل: لأَِنَّهُ يَكُونُ شَهِيدًا عَلَى النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ (3) .</p>وَالشَّهِيدُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قِتَال الْكُفَّارِ وَبِسَبَبِهِ (4) .</p>وَيُلْحَقُ بِهِ فِي أُمُورِ الآْخِرَةِ أَنْوَاعٌ يَأْتِي بَيَانُهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْزِلَةُ الشَّهِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الشَّهِيدُ لَهُ مَنْزِلَةٌ عَالِيَةٌ عِنْدَ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 106.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القرطبي 4 / 218.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 1 / 350، وانظر ابن عابدين 1 / 607،608.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>وَتَعَالَى - يَشْهَدُ بِهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فِي عَدَدٍ مِنَ الآْيَاتِ مِنْهَا:</p>قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّهِ أَمْوَاتًا بَل أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} . (1)</p>وقَوْله تَعَالَى: {فَلْيُقَاتِل فِي سَبِيل اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآْخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِل فِي سَبِيل اللَّهِ فَيُقْتَل أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} . (2)</p>وَيَشْهَدُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا:</p>مَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَا أَحَدٌ يَدْخُل الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَْرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ الشَّهِيدَ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَل عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ (3) .</p>وَمَا رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران 170 - 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 74.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 32 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1498 - ط. الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: يَشْفَعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْل بَيْتِهِ (1) .</p>وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ، يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّل دَفْعَةٍ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَْكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ، وَيَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَقْسَامُ الشَّهِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الشَّهِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الأَْوَّل شَهِيدُ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَالثَّانِي شَهِيدُ الدُّنْيَا، وَالثَّالِثُ شَهِيدُ الآْخِرَةِ (3) .</p>فَشَهِيدُ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ هُوَ الَّذِي يُقْتَل فِي قِتَالٍ مَعَ الْكُفَّارِ، مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَكَلِمَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته " أخرجه أبو داود (2 / 34 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وابن حبان (الإحسان 7 / 84 ط. دار الكتب العلمية) واللفظ لأبي داود، وصححه ابن حبان.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" للشهيد عند الله ست خصال ". أخرجه الترمذي (4 / 187 - 188 - ط. الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 1 / 350، نشر المكتبة الإسلامية. حاشية رد المحتار 2 / 252 الطبعة الثانية. حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 425 طبع دار إحياء الكتب العربية. المغني لابن قدامة 2 / 393 - 399، نشر مكتبة القاهرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>هِيَ السُّفْلَى، دُونَ غَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا (1) .</p>فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَال: إِنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال مُسْتَفْهِمًا: الرَّجُل يُقَاتِل لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُل يُقَاتِل لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُل يُقَاتِل لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيل اللَّهِ؟ قَال عليه الصلاة والسلام: مَنْ قَاتَل لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيل اللَّهِ (2) .</p>أَمَّا شَهِيدُ الدُّنْيَا: فَهُوَ مَنْ قُتِل فِي قِتَالٍ مَعَ الْكُفَّارِ وَقَدْ غَل فِي الْغَنِيمَةِ، أَوْ قَاتَل رِيَاءً، أَوْ لِغَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا.</p>وَأَمَّا شَهِيدُ الآْخِرَةِ: فَهُوَ الْمَقْتُول ظُلْمًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَكَالْمَيِّتِ بِدَاءِ الْبَطْنِ، أَوْ بِالطَّاعُونِ، أَوْ بِالْغَرَقِ، وَكَالْمَيِّتِ فِي الْغُرْبَةِ، وَكَطَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا مَاتَ فِي طَلَبِهِ، وَالنُّفَسَاءِ الَّتِي تَمُوتُ فِي طَلْقِهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَاسْتُثْنِيَ مِنَ الْغَرِيبِ الْعَاصِي بِغُرْبَتِهِ، وَمِنَ الْغَرِيقِ الْعَاصِي بِرُكُوبِهِ الْبَحْرَ كَأَنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمَ السَّلَامَةِ، أَوْ رُكُوبُهُ لإِِتْيَانِ مَعْصِيَةٍ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 350.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 28 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1512 - 1513 ط. الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>الْمَعَاصِي، وَمِنَ الطَّلْقِ الْحَامِل بِزِنًى (1) .</p>فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيل اللَّهِ (2) . وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُل مُسْلِمٍ (3) . وَفِي حَدِيثٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌غُسْل الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّ شَهِيدَ الْمُعْتَرَكِ لَا يُغَسَّل، خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، إِذْ قَالَا بِغُسْلِهِ (5) .</p>أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وُجُوبَهَا (6)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 350.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الشهداء خمسة: المبطون. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 144 ط. السلفية) ومسلم (3 / 1521 ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " الطاعون شهادة لكل مسلم " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 180 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1522 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " من قتل دون ماله فهو شهيد " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 123 - ط السلفية) ومسلم (1 / 125 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني لابن قدامة 2 / 393، بداية المجتهد 1 / 232، نشر مكتبة الكليات الأزهرية.</p><font color=#ff0000>(6)</font> تبيين الحقائق 1 / 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>وَهُوَ مَا قَال بِهِ الْخَلَاّل وَالثَّوْرِيُّ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الْقَوْل بِاسْتِحْبَابِهَا (1) .</p>وَيَسْتَدِل الْحَنَفِيَّةُ لِلُزُومِ الصَّلَاةِ بِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ، وَكَانَ يُؤْتَى بِتِسْعَةٍ تِسْعَةٍ، وَحَمْزَةُ عَاشِرُهُمْ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ. وَقَالُوا: إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى غَيْرِهِمْ (2) .</p>وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَْعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَال: أُهَاجِرُ مَعَكَ. فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ، غَنِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قُسِمَ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ. فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَال: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: مَا هَذَا؟ قَال: قَسَمْتُهُ لَكَ، قَال: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 393.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عباس وابن الزبير أنه عليه الصلاة والسلام صلى على شهداء أحد. أخرجهما الطحاوي في شرح المعاني (1 / 503 - ط مطبعة الأنوار المحمدية) وإسناد حديث ابن الزبير حسن، وحديث ابن عباس قال ابن حجر عن أحد رواته:" فيه ضعف يسير " كذا في التلخيص (2 / 117 - ط شركة الطباعة الفنية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>حَلْقِهِ، بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُل الْجَنَّةَ. فَقَال: إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ. فَلَبِثُوا قَلِيلاً ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَال الْعَدُوِّ فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحْمَل قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَهُوَ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَال: صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ. ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِل شَهِيدًا، أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ (1) .</p>وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَال: إِنَّهُ عليه السلام خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْل أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ (2) . وَقَالُوا: إِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ شُرِعَتْ إِكْرَامًا لَهُ، وَالطَّاهِرُ مِنَ الذَّنْبِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا، كَالنَّبِيِّ وَالصَّبِيِّ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ عَدَمَ غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَنَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث شداد بن الهاد: أن رجلا من الأعراب. أخرجه النسائي (4 / 60 - 61 ط المكتبة التجارية) وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عقبة بن عامر: أنه خرج يومًا فصلى على أهل أحد. أخرجه البخاري (الفتح 3 / 209 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1795 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح الخرشي 2 / 140، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 425، شرح منح الجليل على مختصر خليل للشيخ محمد عليش 1 / 312.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>قَال الشَّافِعِيَّةُ (1) : يَحْرُمُ غُسْل الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ حَيٌّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَل عَلَيْهِمْ (2) . وَجَاءَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَل عَلَيْهِمْ وَقَال فِي قَتْلَى أُحُدٍ: زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ (3) .</p>وَلَعَل تَرْكَ الْغُسْل وَالصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ جَمَاعَةُ الْمُشْرِكِينَ إِرَادَةُ أَنْ يَلْقَوْا اللَّهَ جَل وَعَزَّ بِكُلُومِهِمْ لِمَا جَاءَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رِيحَ الْكَلِمِ رِيحُ الْمِسْكِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ (4) وَاسْتَغْنَوْا بِكَرَامَةِ اللَّهِ جَل وَعَزَّ عَنِ الصَّلَاةِ لَهُمْ مَعَ التَّخْفِيفِ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يَكُونُ فِيمَنْ قَاتَل بِالزَّحْفِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْجِرَاحِ وَخَوْفِ عَوْدَةِ الْعَدُوِّ وَرَجَاءِ طَلَبِهِمْ وَهَمِّهِمْ بِأَهْلِيهِمْ وَهَمِّ أَهْلِيهِمْ بِهِمْ.</p>وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إِبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 349.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في قتلى أحد بدفنهم. . . أخرجه البخاري (الفتح 3 / 209 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " زملوهم بدمائهم. . . ". أخرجه النسائي (4 / 78 - ط. المكتبة التجارية) من حديث عبد الله بن ثعلبة، وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ما ورد أن ريح الكلْم ريح المسك. أخرجه البخاري (الفتح 6 / 20 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1498 - 1499، ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ (1) .</p>وَوَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ قَطْرَةٍ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَطْرَةِ دَمٍ تُهْرَاقُ فِي سَبِيل اللَّهِ، أَمَّا الأَْثَرَانِ فَأَثَرٌ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ (2) .</p>وَجُمْهُورُ الْحَنَابِلَةِ يَرَوْنَ حُرْمَةَ غُسْلِهِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، غَيْرَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى كَرَاهَتَهُ، أَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ لَدَيْهِمْ. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُمْ تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَمَال إِلَى هَذَا بَعْضُ عُلَمَائِهِمْ مِنْهُمُ الْخَلَاّل، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي التَّنْبِيهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَابِطُ الشَّهِيدِ الَّذِي لَا يُغَسَّل وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ: مَنْ قَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي الْقِتَال، أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا فِي مَكَانِ الْمَعْرَكَةِ وَبِهِ أَثَرُ جِرَاحَةٍ أَوْ دَمٍ، لَا يُغَسَّل لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ: زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأم 1 / 337، ومغني المحتاج 1 / 349،350.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين. . . " أخرجه الترمذي (4 / 190 - ط. الحلبي) من حديث أبي أمامة، وقال:" حديث حسن غريب ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1 / 399،500 الطبعة الأولى، والمغني 2 / 393.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>وَلَا تُغَسِّلُوهُمْ (1) ، وَلَمْ يُنْقَل خِلَافٌ فِي هَذَا إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ (2) . وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى: أَنَّ كُل مُسْلِمٍ مَاتَ بِسَبَبِ قِتَال الْكُفَّارِ حَال قِيَامِ الْقِتَال لَا يُغَسَّل، سَوَاءٌ قَتَلَهُ كَافِرٌ، أَوْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً، أَوْ عَادَ إِلَيْهِ سِلَاحُهُ، أَوْ سَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ، أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ، أَوْ وُجِدَ قَتِيلاً بَعْدَ الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ مَوْتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ أَثَرُ دَمٍ أَمْ لَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ (3) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُغَسَّل كُل مُسْلِمٍ قُتِل بِالْحَدِيدِ ظُلْمًا وَهُوَ طَاهِرٌ بَالِغٌ، وَلَمْ يَجِبْ عِوَضٌ مَالِيٌّ فِي قَتْلِهِ، فَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ صَبِيًّا، أَوْ وَجَبَ فِي قَتْلِهِ قِصَاصٌ، فَإِنَّهُ يُغَسَّل، وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلاً فِي مَكَانِ الْمَعْرَكَةِ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرٌ لِجِرَاحَةٍ، أَوْ دَمٍ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ كَالْعَيْنِ فَلَا يُغَسَّل.</p>وَلَوْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ مَوْضِعٍ يَخْرُجُ الدَّمُ عَادَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" زملوهم. . . ". سبق تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 2 / 102، الفتاوى الهندية 1 / 167، مواهب الجليل 2 / 246، وروضة الطالبين 2 / 118، المجموع 5 / 260، المغني 2 / 528، الإنصاف 2 / 498.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 5 / 260، روضة الطالبين 2 / 118، مواهب الجليل 2 / 246 - 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>مِنْهُ بِغَيْرِ آفَةٍ فِي الْغَالِبِ كَالأَْنْفِ، وَالدُّبُرِ وَالذَّكَرِ فَيُغَسَّل. وَالأَْصْل عِنْدَهُمْ فِي غُسْل الشَّهِيدِ: أَنَّ كُل مَنْ صَارَ مَقْتُولاً فِي قِتَال أَهْل الْحَرْبِ أَوِ الْبُغَاةِ، أَوْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، بِمَعْنًى مُضَافٍ إِلَى الْعَدُوِّ كَانَ شَهِيدًا، سَوَاءٌ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوِ التَّسَبُّبِ، وَكُل مَنْ صَارَ مَقْتُولاً بِمَعْنًى غَيْرِ مُضَافٍ إِلَى الْعَدُوِّ لَا يَكُونُ شَهِيدًا. فَإِنْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَنْفِيرٍ مِنَ الْعَدُوِّ أَوِ انْفَلَتَتْ دَابَّةُ مُشْرِكٍ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَوَطِئَتْ مُسْلِمًا، أَوْ رَمَى مُسْلِمٌ إِلَى الْعَدُوِّ فَأَصَابَ مُسْلِمًا، أَوْ هَرَبَ الْمُسْلِمُونَ فَأَلْجَأَهُمُ الْعَدُوُّ إِلَى خَنْدَقٍ، أَوْ نَارٍ، أَوْ جَعَل الْمُسْلِمُونَ الْحَسَكَ (1) حَوْلَهُمْ، فَمَشَوْا عَلَيْهَا، فِي فِرَارِهِمْ، أَوْ هُجُومِهِمْ عَلَى الْكُفَّارِ فَمَاتُوا يُغَسَّلُونَ، وَكَذَا إِنْ صَعِدَ مُسْلِمٌ حِصْنًا لِلْعَدُوِّ لِيَفْتَحَ الْبَابَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَزَلَّتْ رِجْلُهُ فَمَاتَ، يُغَسَّل (2) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُغَسَّل الشَّهِيدُ سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَوْ غَيْرَهُ إِلَاّ إِنْ كَانَ جُنُبًا أَوِ امْرَأَةً حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا، أَوْ نِفَاسِهَا، وَإِنْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ، أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ فِي الْقِتَال أَوْ رَفَسَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ مِنْهَا، أَوْ عَادَ إِلَيْهِ سَهْمُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحسك: ما يعمل من الحديد على مثال الشوك ويلقى حول العسكر ويبث في ممرات الخيل فينشب في حوافرها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 1 / 167.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>فِيهَا، فَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ: يُغَسَّل، إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ فِعْل الْعَدُوِّ، وَمَنْ قُتِل مَظْلُومًا، بِأَيِّ سِلَاحٍ قُتِل، كَقَتِيل اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِ يُلْحَقُ بِشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ، فَلَا يُغَسَّل فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ: يُغَسَّل مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ أَوِ الْبُغَاةُ.</p>أَمَّا مَنْ مَاتَ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنَ الَّذِينَ وَرَدَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ شُهَدَاءُ: كَالْغَرِيقِ، وَالْمَبْطُونِ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ شُهَدَاءُ فِي الآْخِرَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنِ الشَّهِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى الشَّهِيدِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ دَمِ الشَّهَادَةِ تُغْسَل عَنْهُ، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى إِزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَثَرِ الْعِبَادَةِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَا تُغْسَل النَّجَاسَةُ إِذَا كَانَتْ تُؤَدِّي إِلَى إِزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ (3) .</p>وَسَبَقَ أَنَّ النَّجَاسَةَ تُغْسَل عَنِ الشَّهِيدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإنصاف 2 / 501،502 وما بعده.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 5 / 260، وروضة الطالبين 2 / 118، ومواهب الجليل 2 / 246.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 1 / 315، روضة الطالبين 2 / 120، الإنصاف 2 / 499، مواهب الجليل 2 / 249.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَوْتُ الشَّهِيدِ بِجِرَاحِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الْمُرْتَثُّ: وَهُوَ مَنْ جُرِحَ فِي الْقِتَال، وَقَدْ بَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ثُمَّ مَاتَ يُغَسَّل وَإِنْ قُطِعَ أَنَّ جِرَاحَتَهُ سَتُؤَدِّي إِلَى مَوْتِهِ (1) .</p>وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي:(ارْتِثَاثٌ 3 9) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَكْفِينُ الشَّهِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> شَهِيدُ الْقِتَال مَعَ الْكُفَّارِ لَا يُكَفَّنُ كَسَائِرِ الْمَوْتَى بَل يُدْفَنُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْمَعْرَكَةِ بَعْدَ نَزْعِ آلَةِ الْحَرْبِ عَنْهُ. لِحَدِيثِ: زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي ثِيَابِهِمْ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(تَكْفِينٌ ف 14) .</p> </p>‌<span class="title">‌دَفْنُ الشَّهِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُدْفَنَ الشُّهَدَاءُ فِي مَصَارِعِهِمْ، وَلَا يُنْقَلُونَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَإِنَّ قَوْمًا مِنَ الصَّحَابَةِ نَقَلُوا قَتْلَاهُمْ فِي وَاقِعَةِ أُحُدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَْمْرِ بِرَدِّ الْقَتْلَى إِلَى مَصَارِعِهِمْ (2) .</p>فَقَدْ قَال جَابِرٌ: فَبَيْنَمَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي وَخَالِي عَادَلَتْهُمَا عَلَى نَاضِحٍ، فَدَخَلَتْ بِهِمَا الْمَدِينَةَ لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا، إِذْ لَحِقَ رَجُلٌ يُنَادِي، أَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 1 / 315، الإنصاف 2 / 502، رد المحتار 1 / 610، مواهب الجليل 2 / 248.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 1 / 344، ابن عابدين 1 / 610، وجواهر الإكليل 1 / 111، والقليوبي 1 / 139، وروضة الطالبين 2 / 120، 131، والمغني 2 / 509، 531، 532.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا حَيْثُ قُتِلَتْ: فَرَجَعْنَا بِهِمَا فَدَفَنَّاهُمَا حَيْثُ قُتِلَا. . (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌دَفْنُ أَكْثَرَ مِنْ شَهِيدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يَجُوزُ دَفْنُ الرَّجُلَيْنِ أَوِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ، فَإِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُول: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَال: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَل عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ (2) .</p>وَدَفَنَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَعَمْرَو بْنَ جَمُوحٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَحَبَّةِ، إِذْ قَال عليه الصلاة والسلام: ادْفِنُوا هَذَيْنِ الْمُتَحَابَّيْنِ فِي الدُّنْيَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ (3) .</p>وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (دَفْنٌ ف 14) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث جابر: بينا أنا في النظارين أخرجه أحمد 3 / 398 - ط الميمنية) وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أيهم أكثرهم أخذًا في القرآن. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 212 - 217 - ط. السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> زاد المعاد في هدي خير العباد 2 / 109، طبع سنة 1390 هـ - 1970م والبدائع 1 / 319، وابن عابدين 1 / 598، والدسوقي 1 / 422، وجواهر الإكليل 1 / 114، والروضة 2 / 138، وكشاف القناع 2 / 143، والمغني 2 / 563، وحديث:" ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا " أخرجه ابن سعد في الطبقات (3 / 562 - ط. بيروت) وإسناده حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شُورَى</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشُّورَى لُغَةً: يُقَال: شَاوَرْتُهُ فِي الأَْمْرِ وَاسْتَشَرْتُهُ: رَاجَعْتُهُ لأََرَى رَأْيَهُ فِيهِ وَاسْتَشَارَهُ: طَلَبَ مِنْهُ الْمَشُورَةَ. وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِ‌<span class="title">‌الرَّأْيِ</span>. وَأَشَارَ يُشِيرُ إِذَا وَجَّهَ الرَّأْيَ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِالْيَدِ: أَوْمَأَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الرَّأْيُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الرَّأْيُ: الْعَقْل وَالتَّدْبِيرُ وَالاِعْتِقَادُ، وَرَجُلٌ ذُو رَأْيٍ أَيْ: بَصِيرَةٍ وَحِذْقٍ بِالأُْمُورِ (2)</p>ب -‌<span class="title">‌ النَّصِيحَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> النَّصِيحَةُ: الإِْخْلَاصُ وَالصِّدْقُ وَالْمَشُورَةُ وَالْعَمَل.</p>نَصَحْتُ لِزَيْدٍ، أَنْصَحُ نُصْحًا وَنَصِيحَةً، هَذِهِ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ (3) .</p>وَفِي الْحَدِيثِ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا: لِمَنْ؟ قَال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير - مادة (شور) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب مادة (رأى) والمصباح المنير مادة (روى) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب والمصباح المنير مادة (نصح) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" الدين النصيحة. . " أخرجه مسلم (1 / 74 - ط الحلبي) من حديث تميم الداري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لِلْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الشُّورَى - مِنْ حَيْثُ هِيَ - رَأْيَانِ:</p>الأَْوَّل: الْوُجُوبُ: وَيُنْسَبُ هَذَا الْقَوْل لِلنَّوَوِيِّ، وَابْنِ عَطِيَّةَ، وَابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، وَالرَّازِيِّ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (1) وَظَاهِرُ الأَْمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ} يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَالأَْمْرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمُشَاوَرَةِ، أَمْرٌ لأُِمَّتِهِ لِتَقْتَدِيَ بِهِ وَلَا تَرَاهَا مَنْقَصَةً، كَمَا مَدَحَهُمْ سبحانه وتعالى فِي قَوْلِهِ:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (2) .</p>قَال ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: وَاجِبٌ عَلَى الْوُلَاةِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ، وَمَا أَشْكَل عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَوُجُوهِ الْجَيْشِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَرْبِ، وَوُجُوهِ النَّاسِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَصَالِحِ، وَوُجُوهِ الْكُتَّابِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْعُمَّال، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْبِلَادِ وَعِمَارَتِهَا.</p>قَال ابْنُ عَطِيَّةَ: " وَالشُّورَى مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ، وَعَزَائِمِ الأَْحْكَامِ، وَمَنْ لَا يَسْتَشِيرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران / 159.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الشورى / 38.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>أَهْل الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَعَزْلُهُ وَاجِبٌ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ (1) ".</p>وَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُ الأَْمْرِ بِالشُّورَى لِمُجَرَّدِ تَطْيِيبِ نُفُوسِ الصَّحَابَةِ، وَلِرَفْعِ أَقْدَارِهِمْ؛ لأَِنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ أَنَّ مَشُورَتَهُمْ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَغَيْرُ مَعْمُولٍ عَلَيْهَا مَعَ اسْتِفْرَاغِهِمْ لِلْجَهْدِ فِي اسْتِنْبَاطِ مَا شُوِرُوا فِيهِ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَطْيِيبٌ لِنُفُوسِهِمْ وَلَا رَفْعٌ لأَِقْدَارِهِمْ، بَل فِيهِ إِيحَاشُهُمْ وَإِعْلَامُهُمْ بِعَدَمِ قَبُول مَشُورَتِهِمْ (2) .</p>الثَّانِي: النَّدْبُ. وَيُنْسَبُ هَذَا الْقَوْل لِقَتَادَةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالرَّبِيعِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ فِي مَكَائِدِ الْحُرُوبِ، وَعِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ، هُوَ تَطْيِيبٌ لِنُفُوسِهِمْ، وَرَفْعٌ لأَِقْدَارِهِمْ، وَتَأَلُّفُهُمْ عَلَى دِينِهِمْ - وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَغْنَاهُ عَنْ رَأْيِهِمْ بِوَحْيِهِ.</p>وَلَقَدْ كَانَتْ سَادَاتُ الْعَرَبِ إِذَا لَمْ يُشَاوَرُوا فِي الأَْمْرِ شَقَّ عَلَيْهِمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُشَاوِرَهُمْ لِيَعْرِفُوا إِكْرَامَهُ لَهُمْ فَتَذْهَبَ أَضْغَانُهُمْ. فَالأَْمْرُ فِي الآْيَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 4 / 249، أحكام القرآن للجصاص 2 / 48، تفسير الفخر الرازي 9 / 67، مواهب الجليل 3 / 395 - 396، بدائع السلك في طبائع الملك 1 / 295.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام القرآن للجصاص 2 / 49.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>كَمَا فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ (1) وَلَوْ أَجْبَرَهَا الأَْبُ عَلَى النِّكَاحِ جَازَ. لَكِنَّ الأَْوْلَى أَنْ يَسْتَأْمِرَهَا، وَيَسْتَشِيرَهَا تَطْيِيبًا لِنَفْسِهَا؛ فَكَذَا هَاهُنَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الشُّورَى فِي حَقِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ فِي سِيَاقِ عَدِّهِمْ لِخَصَائِصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مِنَ الْخَصَائِصِ الْوَاجِبَةِ فِي حَقِّهِ الْمُشَاوَرَةَ فِي الأَْمْرِ مَعَ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ} (3) وَوَجْهُ اخْتِصَاصِهِ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الْمُشَاوَرَةِ - مَعَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أُولِي الأَْمْرِ - أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ كَمَال عِلْمِهِ وَمَعْرِفَتِهِ.</p>وَالْحِكْمَةُ فِي مَشُورَتِهِ صلى الله عليه وسلم لأَِصْحَابِهِ: أَنْ يَسْتَنَّ بِهَا الْحُكَّامُ بَعْدَهُ، لَا لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُمْ عِلْمًا أَوْ حُكْمًا. فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَنِيًّا عَنْ مَشُورَتِهِمْ بِالْوَحْيِ، كَمَا أَنَّ فِي اسْتِشَارَتِهِمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَرَفْعًا لأَِقْدَارِهِمْ، وَتَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ. قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: مَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لأَِصْحَابِهِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " البكر تستأمر " أخرجه مسلم (2 / 1037 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الفخر الرازي 9 / 67، وتفسير القرطبي 4 / 250، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 48.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة آل عمران / 159.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث أبي هريرة: ما رأيت من الناس أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور للسيوطي (2 / 359 - ط. دار الفكر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div><font color=#ff0000>6 -</font> وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَل مُشَاوَرَتِهِ صلى الله عليه وسلم لَا تَكُونُ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ؛ إِذِ التَّشَاوُرُ نَوْعٌ مِنَ الاِجْتِهَادِ وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ.</p>أَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ: فَإِنَّ مَحَل مُشَاوَرَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا هُوَ فِي أَخْذِ الرَّأْيِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُهِمَّاتِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يُشَاوِرُ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يُلْتَمَسُ الْعِلْمُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ مِنْهُ، بِمَا أُنْزِل عَلَيْهِ لأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يَقُول:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّل إِلَيْهِمْ} (1) .</p>أَمَّا فِي غَيْرِ الأَْحْكَامِ فَرُبَّمَا بَلَغَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مِمَّا شَاهَدُوهُ أَوْ سَمِعُوهُ مَا لَمْ يَبْلُغِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.</p>وَقَدْ صَحَّ فِي حَوَادِثَ كَثِيرَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِي مُهِمَّاتِ الأُْمُورِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ. وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَاوَرَ أَصْحَابَهُ فِي أَمْرِ الأَْذَانِ وَهُوَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَال بَعْضُهُمُ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْل نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَال بَعْضُهُمْ: بَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>بُوقًا مِثْل قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَال عُمَرُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا بِلَال قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ (1)</p>وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ مُصَالَحَةَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ وَالْحَارِثَ بْنَ عَوْفٍ الْمُرِّيَّ، حِينَ حَصَرَهُ الأَْحْزَابُ فِي الْخَنْدَقِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، وَيَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا مِنْ غَطَفَانَ عَنْهُ، فَاسْتَشَارَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَالَا لَهُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَمْرًا تُحِبُّهُ فَنَصْنَعُهُ أَمْ شَيْئًا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ لَنَا مِنَ الْعَمَل بِهِ أَمْ شَيْئًا تَصْنَعُهُ لَنَا؟ قَال: بَل شَيْءٌ أَصْنَعُهُ لَكُمْ، فَأَشَارَا عَلَيْهِ أَلَاّ يُعْطِيَهُمَا فَلَمْ يُعْطِهِمَا شَيْئًا (2) .</p>كَمَا اسْتَشَارَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ، فَأَشَارَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْفِدَاءِ، وَأَشَارَ عُمَرُ بِالْقَتْل، فَعَمِل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَأْيِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه (3) وَكَانَ هَذَا قَبْل نُزُول آيَةِ الأَْنْفَال: {مَا كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر: " كان المسلمون حين قدموا المدينة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 77 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أنه أراد مصالحة عيينة بن حصن الفزاري والحارث ابن عوف المري. . . ". أخرجه ابن إسحاق في السيرة من حديث الزهري مرسلا، كذا في البداية والنهاية لابن كثير (4 / 104 - 105 ط مطبعة السعادة) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" استشار في أسارى بدر. . . ". أخرجه مسلم (1385 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَْرْضِ} . (1)</p>وَلَمَّا نَزَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلَهُ بِبَدْرٍ قَال لَهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: يَا رَسُول اللَّهِ أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزِل؟ أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلَا نَتَأَخَّرَ عَنْهُ؟ أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ فَقَال: بَل هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ، قَال: إِنَّ هَذَا لَيْسَ لَنَا بِمَنْزِلٍ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ، حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَنْزِلٍ مِنَ الْقَوْمِ فَنَنْزِلَهُ ثُمَّ نَغُورَ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْقُلُبِ، وَنَبْنِيَ لَكَ حَوْضًا فَنَمْلأََهُ مَاءً، ثُمَّ نُقَاتِل النَّاسَ، فَنَشْرَبَ وَلَا يَشْرَبُونَ. فَقَال صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ (2) .</p>كَمَا شَاوَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَأُسَامَةَ رضي الله عنهما فِي قِصَّةِ الإِْفْكِ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ - مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي؟ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ إِلَاّ خَيْرًا (3) وَكَانَ هَذَا قَبْل نُزُول بَرَاءَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي سُورَةِ النُّورِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنفال / 67.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " نزول منزله ببدر واستشارته الحباب. . . ". أورده ابن هشام في السيرة (2 / 620 - ط الحلبي) نقلا عن ابن إسحاق بإسناد فيه انقطاع.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ما تشيرون علي في قوم يسبون أهلي. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 13 / 340 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> مطالب أولي النهى 5 / 31، الخصائص للسيوطي 3 / 256، حاشية الدسوقي 2 / 212، أحكام القرآن للجصاص 2 / 49 - 50، تهذيب الرياسة وترتيب السياسة للقلعي 178 - 181، نهاية المحتاج 6 / 175 روضة الطالبين 7 / 3، الحطاب 3 / 395، الخرشي 3 / 158.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشُّورَى فِي الْقَضَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَشِيرَ فِيمَا يَعْرِضُ عَلَيْهِ مِنَ الْوَقَائِعِ الَّتِي يُشْكِل عَلَيْهِ أَمْرُهَا إِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ فِيهَا الْحُكْمُ.</p>وَمَحَل الشُّورَى فِي الْقَضَاءِ هُوَ فِيمَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ، وَتَعَارَضَتْ فِيهِ آرَاؤُهُمْ فِي الْمَسَائِل الدَّاخِلَةِ فِي الاِجْتِهَادِ.</p>أَمَّا الْحُكْمُ الْمَعْلُومُ بِنَصٍّ، أَوْ إِجْمَاعٍ، أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ، فَلَا مَدْخَل لِلْمُشَاوَرَةِ فِيهِ.</p>وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ يُؤْمَرُ بِأَلَاّ يَقْضِيَ فِيمَا سَبِيلُهُ الاِجْتِهَادُ إِلَاّ بَعْدَ مَشُورَةِ مَنْ يَسُوغُ لَهُ الاِجْتِهَادُ؛ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقَاضِي مِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ.</p>وَعَلَى الْقَوْل بِالنَّدْبِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُلْزَمُ بِمَشُورَةِ مُسْتَشَارِيهِ فَإِذَا حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ وَإِنْ خَالَفَ اجْتِهَادَهُ، إِلَاّ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُخَالِفُ نَصًّا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعًا، وَذَلِكَ لِوُجُوبِ نَقْضِ حُكْمِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَيُشَاوِرُ الْقَاضِي الْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ مِنَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>الْفُقَهَاءِ، وَيَسْأَلُهُمْ عَنْ حُجَجِهِمْ لِيَقِفَ عَلَى أَدِلَّةِ كُل فَرِيقٍ فَيَكُونَ اجْتِهَادُهُ أَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ (1) .</p>فَإِذَا لَمْ يَقَعِ اجْتِهَادُ الْقَاضِي عَلَى شَيْءٍ، وَبَقِيَتِ الْحَادِثَةُ مُخْتَلِفَةً وَمُشْكِلَةً: كَتَبَ إِلَى: فُقَهَاءِ غَيْرِ مِصْرِهِ، فَالْمُشَاوَرَةُ بِالْكِتَابِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ فِي الْحَوَادِثِ الشَّرْعِيَّةِ (2)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَلْزَمُ الْمُسْتَشَارَ فِي مَشُورَتِهِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> عَلَى مَنِ اسْتُشِيرَ أَنْ يَصْدُقَ فِي مَشُورَتِهِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ (3) وَلِقَوْلِهِ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ (4) .</p>وَسَوَاءٌ اسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ أَمْ فِي أَمْرِ غَيْرِهِ، فَيَذْكُرُ الْمَحَاسِنَ وَالْمَسَاوِئَ كَمَا يَذْكُرُ الْعُيُوبَ الشَّرْعِيَّةَ وَالْعُيُوبَ الْعُرْفِيَّةَ.</p>وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ إِنْ قَصَدَ بِذِكْرِهَا النَّصِيحَةَ.</p>وَهَذَا الْحُكْمُ شَامِلٌ فِي كُل مَا أُرِيدَ الاِجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، كَالنِّكَاحِ، وَالسَّفَرِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 5 / 347، الشرقاوي على التحرير 2 / 494، حاشية القليوبي 4 / 302، مواهب الجليل 6 / 93، كشاف القناع 6 / 315، مطالب أولي النهى 6 / 478، حاشية ابن عابدين 4 / 303.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 303.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" المستشار مؤتمن " أخرجه الترمذي (4 / 585 - ط الحلبي) والحاكم (4 / 131 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي هريرة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تقدم تخريجه ف 3.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>وَالشَّرِكَةِ، وَالْمُجَاوَرَةِ، وَإِيدَاعِ الأَْمَانَةِ، وَالرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ (1) .</p>وَلِفُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ تَفْصِيلٌ فِي حُكْمِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُهُ: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنِ اسْتَشَارَهُ الزَّوْجُ فِي التَّزَوُّجِ بِفُلَانَةَ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا يَعْلَمُهُ فِيهَا مِنَ الْعُيُوبِ لِيُحَذِّرَهُ مِنْهَا، وَيَجُوزُ لِمَنِ اسْتَشَارَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي التَّزَوُّجِ بِفُلَانٍ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا يَعْلَمُهُ فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ لِتَحْذَرَ مِنْهُ.</p>وَمَحَل جَوَازِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ لِلْمُسْتَشَارِ إِذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ حَال الْمَسْئُول عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمُسْتَشَارِ، وَإِلَاّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ؛ لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لأَِخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ: يَجِبُ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ مُطْلَقًا، كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَاوِئَ غَيْرَهُ، أَمْ لَا (2) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ سَوَاءٌ اسْتُشِيرَ أَوْ لَمْ يُسْتَشَرْ فِي النِّكَاحِ وَالْمَبِيعِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، بِأَنْ يَأْمَنَ الذَّاكِرُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ.</p>وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ مَنِ اسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ وَجَبَ ذِكْرُ الْعَيْبِ إِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 2 / 220، حاشية ابن عابدين 5 / 262، مطالب أولي النهى 5 / 11، القليوبي وعميرة 3 / 214، حواشي تحفة المحتاج 7 / 213.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 2 / 348 ط. 7 / 213 (دار المعارف بمصر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>بِهِ الْخِيَارُ كَالْعُنَّةِ وَإِلَاّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً كَبُخْلٍ فَيُسَنُّ ذِكْرُهُ، وَإِلَاّ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْهُ، وَسَتْرُ نَفْسِهِ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: عَلَى مَنِ اسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ أَوْ مَخْطُوبَةٍ أَنْ يَذْكُرَ مَا فِيهِ مِنْ مَسَاوِئَ أَيْ عُيُوبٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ غِيبَةً مُحَرَّمَةً مَعَ قَصْدِهِ بِذِكْرِ ذَلِكَ النَّصِيحَةَ لِحَدِيثِ: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ وَحَدِيثِ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ وَإِنِ اسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ بَيَّنَهُ وُجُوبًا كَقَوْلِهِ: عِنْدِي شُحٌّ وَخُلُقِي شَدِيدٌ وَنَحْوِهِمَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّورَى فِي عَقْدِ الإِْمَامَةِ الْكُبْرَى:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَجْعَل الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِهِ شُورَى بَيْنَ عَدَدٍ مَحْصُورٍ يُعَيِّنُهُمْ فَيَرْتَضُونَ بَعْدَ مَوْتِهِ - أَوْ فِي حَيَاتِهِ بِإِذْنِهِ - أَحَدَهُمْ كَمَا جَعَل عُمَرُ رضي الله عنه الأَْمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ: عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَعُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةُ رضي الله عنهم وَارْتَضَوْا بِالتَّشَاوُرِ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْخِلَافَةُ لِعُثْمَانِ مِنْ بَيْنِهِمْ.</p>وَعَقْدُ الإِْمَامَةِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ دَاخِلٌ فِي الاِسْتِخْلَافِ إِلَاّ أَنَّهُ يَكُونُ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، وَهُنَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حواشي تحفة المحتاج 7 / 213، القليوبي وعميرة 3 / 214</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 5 / 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>يَكُونُ فِي عَدَدٍ مَحْصُورٍ يُعَيَّنُ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَيْنِهِمْ بِالتَّشَاوُرِ.</p>وَالشُّورَى لَيْسَتْ شَرْطًا فِي عَقْدِ الإِْمَامَةِ. وَيَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لِمَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى صَلَاحِيَّتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ وَالِدًا وَلَا وَلَدًا.</p>وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اشْتِرَاطِ رِضَا أَهْل الاِخْتِيَارِ بِهِ:</p>فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ رِضَا أَهْل الاِخْتِيَارِ شَرْطٌ فِي لُزُومِ بَيْعَتِهِ لأَِنَّهَا حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالأُْمَّةِ فَلَمْ تَلْزَمْهُمْ بَيْعَتُهُ إِلَاّ بِرِضَا أَهْل الاِخْتِيَارِ مِنْهُمْ.</p>وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَا أَهْل الاِخْتِيَارِ، لأَِنَّ بَيْعَةَ عُمَرَ رضي الله عنه لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى رِضَا الصَّحَابَةِ؛ وَلأَِنَّ الإِْمَامَ أَحَقُّ بِهَا؛ فَكَانَ اخْتِيَارُهُ فِيهَا أَمْضَى.</p>أَمَّا إِذَا كَانَ وَلَدًا أَوْ وَالِدًا فَلِلْعُلَمَاءِ فِي انْفِرَادِ الإِْمَامِ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لَهُ دُونَ اسْتِشَارَةٍ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَذْهَبُ الأَْوَّل:</span></p>لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لأَِحَدِهِمَا حَتَّى يُشَاوِرَ فِيهِ أَهْل الاِخْتِيَارِ، فَإِذَا رَأَوْهُ أَهْلاً صَحَّ مِنْهُ حِينَئِذٍ عَقْدُ الْبَيْعَةِ لَهُ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الْبَيْعَةِ تَزْكِيَةٌ تَجْرِي مَجْرَى الشَّهَادَةِ، وَتَقْلِيدُهُ عَلَى الأُْمَّةِ يَجْرِي مَجْرَى الْحُكْمِ؛ وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لِوَالِدٍ وَلَا لِوَلَدٍ، وَلَا يَحْكُمَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>لِلتُّهْمَةِ الْعَائِدَةِ إِلَيْهِ بِمَا جُبِل مِنَ الْمَيْل إِلَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَذْهَبُ الثَّانِي:</span></p>يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ أَمْرَهُ نَافِذٌ لِلأُْمَّةِ فَيَغْلِبُ حُكْمُ الْمَنْصِبِ عَلَى حُكْمِ النَّسَبِ، وَلَا تَجِدُ التُّهْمَةُ طَرِيقًا لِلطَّعْنِ فِي أَمَانَتِهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ عَهِدَ بِالإِْمَامَةِ إِلَى غَيْرِ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ:</span></p>يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لِوَالِدِهِ وَلَا يَجُوزُ لِوَلَدِهِ لأَِنَّ الْمَيْل إِلَى الْوَلَدِ أَكْثَرُ وَأَقْوَى مِنَ الْمِيل إِلَى الْوَالِدِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 5 / 120، كشاف القناع 6 / 159، الغياثي للجويني ص 55، الأحكام السلطانية للماوردي 7، 10، حاشية ابن عابدين 3 / 310.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَوْرَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشَّوْرَةُ فِي اللُّغَةِ: الْحُسْنُ وَالْجَمَال، وَالْهَيْئَةُ، وَاللِّبَاسُ. وَقِيل: الشُّورَةُ بِالضَّمِّ: الْهَيْئَةُ وَالْجَمَال، وَالشَّوْرَةُ بِالْفَتْحِ: اللِّبَاسُ، فَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ أَقْبَل رَجُلٌ وَعَلَيْهِ شَوْرَةٌ حَسَنَةٌ (1) .</p>قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: الشُّورَةُ بِالضَّمِّ: الْجَمَال وَالْحُسْنُ، كَأَنَّهُ مِنَ الشَّوْرِ وَهُوَ عَرْضُ الشَّيْءِ وَإِظْهَارُهُ. وَيُقَال لَهَا أَيْضًا: الشَّارَةُ وَهِيَ الْهَيْئَةُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ أَنَّهُ جَاءَ بِشُوَارٍ كَثِيرٍ (2) قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: الشُّوَارُ مَتَاعُ الْبَيْتِ (3) وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الشُّورَةُ مَتَاعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أقبل رجل وعليه شورة حسنة " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 476 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1977 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة إلا أنه عندهما: " شارة ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن اللتبية أنه جاء بشوار كثير. أخرج أصل الحديث البخاري (13 / 164 - الفتح ط السلفية) ومسلم (2 / 1464 - ط الحلبي) من حديث أبي حميد الساعدي وليس فيهما هذا اللفظ المذكور، وفي مسلم:" فجاء بسواد كثير " وذكر هذه اللفظ ابن الأثير في " النهاية "(2 / 508 - ط الحلبي) ولم يعزها إلى أي مصدر كعادته.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، ونهاية ابن الأثير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>الْبَيْتِ؛ مِنْ فِرَاشٍ وَغِطَاءٍ، وَلِبَاسٍ (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْجِهَازُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْجِهَازُ هُوَ: مَا تُزَفُّ بِهِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ مَتَاعٍ، أَوْ يُمَلِّكُهَا إِيَّاهُ زَوْجُهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا كُل مَا تَقُومُ بِهِ حَيَاةُ الإِْنْسَانِ: مِنْ نَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ، وَسَائِرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الإِْنْسَانُ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الْمَتَاعِ: كَالْفِرَاشِ، وَالْغِطَاءِ، وَسَائِرِ الأَْدَوَاتِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَيْهَا: كَآلَةِ الطَّحْنِ، وَالطَّبْخِ كَالْقِدْرِ، وَآنِيَةِ الشُّرْبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الإِْنْسَانُ، وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الْمَالِكِيَّةُ بِالشَّوْرَةِ. وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (3) .</p>قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 4 / 244 - 247.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب بتصرف.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 7 / 193 - 194 وشرح الزرقاني 4 / 244 - 245 وما بعده، المغني 7 / 568، وابن عابدين 2 / 652.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 233.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>وَالآْيَةُ فِي الرِّزْقِ وَالْكِسْوَةِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَتَاعِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (نَفَقَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌انْتِفَاعُ الزَّوْجِ بِشَوْرَةِ زَوْجَتِهِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: لَيْسَ لِلزَّوْجِ الاِنْتِفَاعُ بِمَا تَمْلِكُهُ الزَّوْجَةُ مِنْ مَتَاعٍ كَالْفِرَاشِ، وَالأَْوَانِي، وَغَيْرِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، سَوَاءٌ مَلَّكَهَا إِيَّاهُ هُوَ، أَمْ مَلَكَتْهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَسَوَاءٌ قَبَضَتِ الصَّدَاقَ، أَمْ لَمْ تَقْبِضْهُ (1) .</p>وَلَهَا حَقُّ التَّصَرُّفِ فِيمَا تَمْلِكُهُ بِمَا أَحَبَّتْ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالْهِبَةِ، وَالْمُعَاوَضَةِ، مَا لَمْ يَعُدْ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِضَرَرٍ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ قَبَضَتِ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا فَلِلزَّوْجِ التَّمَتُّعُ بِشَوْرَتِهَا فَيَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ مَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، وَلَهُ النَّوْمُ عَلَى فِرَاشِهَا، وَالاِنْتِفَاعُ بِسَائِرِ الأَْدَوَاتِ الَّتِي تَمْلِكُهَا، وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا. سَوَاءٌ تَمَتَّعَ بِالشَّوْرَةِ مَعَهَا أَوْ وَحْدَهُ وَتَمَتُّعُهُ بِشَوْرَتِهَا حَقٌّ لَهُ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنَ التَّصَرُّفِ بِهَا بِمَا يُزِيل الْمِلْكَ، كَالْمُعَاوَضَةِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفَوِّتَ عَلَيْهِ حَقَّ التَّمَتُّعِ بِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القليوبي 4 / 576، نهاية المحتاج 7 / 199، والمغني 7 / 569، وابن عابدين 2 / 652.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>أَمَّا إِذَا لَمْ تَقْبِضْ صَدَاقَهَا وَإِنَّمَا تَجَهَّزَتْ مِنْ مَالِهَا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَاّ الْحَجْرُ عَنِ التَّصَرُّفِ بِمَا يُزِيل الْمِلْكَ، فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ بَيْعِهَا، وَهِبَتِهَا، وَالتَّصَدُّقِ بِهَا، وَالتَّبَرُّعِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ (1) وَالتَّفْصِيل فِي:(نَفَقَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَوْطٌ</span></p> </p>انْظُرْ: طَوَافٌ، سَعْيٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 4 / 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شَوَّالٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> شَوَّالٌ، وَيُقَال: الشَّوَّال: هُوَ أَحَدُ شُهُورِ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ، الَّذِي يَلِي رَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرُ عِيدِ الْفِطْرِ (1)، وَأَوَّل أَشْهُرِ الْحَجِّ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَوَّالٍ:</span></p>‌<span class="title">‌صِيَامُ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ صِيَامَ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ سُنَّةٌ (3) لِحَدِيثِ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ (4) .</p>وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ لِئَلَاّ يُلْحِقَ الْعَامَّةُ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 197.</p><font color=#ff0000>(3)</font> روضة الطالبين 2 / 387، نهاية المحتاج 3 / 208، كشاف القناع 2 / 337 - 338، أسنى المطالب 1 / 413.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال. . . " أخرجه مسلم (2 / 822 ط الحلبي) من حديث أبي أيوب الأنصاري.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الفتاوى الهندية 1 / 201، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 351، مواهب الجليل 2 / 414، وحاشية الزرقاني 2 / 199.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (صَوْمُ التَّطَوُّعِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا تَثْبُتُ بِهِ رُؤْيَةُ هِلَال شَوَّالٍ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَثْبُتُ هِلَال شَوَّالٍ بِإِكْمَال عِدَّةِ رَمَضَانَ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَا يَثْبُتُ بِهِ هِلَال شَوَّالٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِأَقَل مِنْ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَقَال آخَرُونَ: يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَال الْبَعْضُ: يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ. وَإِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً فَقَدْ رَأَى الْبَعْضُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الرُّؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ، وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ:(رَوِيَّةُ الْهِلَال)(1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَةِ هِلَال شَوَّالٍ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> إِذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِرُؤْيَةِ هِلَال شَوَّالٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ إِلَاّ أَنْ يَحْصُل لَهُ عُذْرٌ يُبِيحُ الإِْفْطَارَ كَالسَّفَرِ، أَوِ الْمَرَضِ، أَوِ الْحَيْضِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَْضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ (2) وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 302، نهاية المحتاج 2 / 151، القليوبي 2 / 50، روضة الطالبين 2 / 348، كتاب الكافي ص 334، مواهب الجليل 2 / 382.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الصوم يوم تصومون. . . " أخرجه الترمذي (3 / 71 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>النَّاسُ، وَالأَْضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ (1) وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّائِي الإِْمَامَ أَوِ الْقَاضِيَ، لَا يَخْرُجُ إِلَى الْمُصَلَّى، وَلَا يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ، وَلَا يُفْطِرُ الرَّائِي سِرًّا وَلَا جَهْرًا.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ بِمَفَازَةٍ لَيْسَ بِقُرْبِهِ بَلَدٌ وَلَيْسَ فِي جَمَاعَةٍ: يَبْنِي عَلَى يَقِينِ رُؤْيَتِهِ فَيُفْطِرُ، لأَِنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا رَأَى شَخْصٌ هِلَال شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَزِمَهُ الْفِطْرُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ سِرًّا (3) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَيْبٌ</span></p> </p>انْظُرْ: شَعْرٌ، اخْتِضَابٌ</p> </p>‌<span class="title">‌شَيْطَانٌ</span></p> </p>انْظُرْ: جِنٌّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " الفطر يوم يفطر الناس ". أخرجه الترمذي (3 / 156 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 1 / 198، الدسوقي 1 / 512، ومواهب الجليل 2 / 389.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل 2 / 308.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" وأفطروا لرؤيته " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 119 - ط السلفية) ومسلم (2 / 762 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شُيُوعٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الشُّيُوعُ مَصْدَرُ شَاعَ - يُقَال: شَاعَ يَشِيعُ شَيْعًا، وَشَيَعَانًا وَشُيُوعًا: إِذَا ظَهَرَ وَانْتَشَرَ. يُقَال: شَاعَ الْخَبَرُ شُيُوعًا فَهُوَ شَائِعٌ إِذَا: ذَاعَ، وَانْتَشَرَ، وَأَشَاعَهُ إِشَاعَةً أَطَارَهُ وَأَذَاعَهُ وَأَظْهَرَهُ.</p>وَفِي هَذَا قَوْلُهُمْ: نَصِيبُ فُلَانٍ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ الدَّارِ، أَيْ: مُتَّصِلٌ بِكُل جُزْءٍ مِنْهَا وَمُشَاعٌ فِيهَا لَيْسَ بِمَقْسُومٍ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>(1)</font>‌<span class="title">‌ الْخَلْطُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْخَلْطُ: تَدَاخُل الأَْشْيَاءِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ، وَقَدْ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْحَيَوَانِ، وَقَدْ لَا يُمْكِنُ كَالْمَائِعَاتِ فَيَكُونُ مَزْجًا (2) .</p> </p><font color=#ff0000>(2)</font>‌<span class="title">‌ الشَّرِكَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> وَهِيَ لُغَةً: الاِخْتِلَاطُ عَلَى الشُّيُوعِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير، لسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>وَشَرْعًا: ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِشَخْصَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ. وَعَبَّرَ عَنْهَا صَاحِبُ الْمُغْنِي بِأَنَّهَا اجْتِمَاعٌ فِي اسْتِحْقَاقٍ أَوْ تَصَرُّفٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> أ - يَحْرُمُ إِشَاعَةُ أَسْرَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَأُمُورِهِمُ الدَّاخِلِيَّةِ مِمَّا يَمَسُّ أَمْنَهُمْ وَاسْتِقْرَارَهُمْ، حَتَّى لَا يَعْلَمَ الأَْعْدَاءُ مَوَاضِعَ الضَّعْفِ فِيهِمْ، فَيَسْتَغِلُّوهَا أَوْ قُوَّتِهِمْ فَيَتَحَصَّنُوا مِنْهُمْ.</p>ب - كَمَا يَحْرُمُ إِشَاعَةُ مَا يَمَسُّ أَعْرَاضَ النَّاسِ وَأَسْرَارَهُمْ الْخَاصَّةَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ} (2) .</p>انْظُرْ: (إِشَاعَةٌ، وَإِفْشَاءُ السِّرِّ) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ ثُبُوتِ الْجَرِيمَةِ بِالشُّيُوعِ فِي النَّاسِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> إِنْ شَاعَ فِي النَّاسِ: أَنَّ فُلَانًا سَرَقَ مَتَاعَ فُلَانٍ، أَوْ زَنَى بِفُلَانَةٍ، لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشُّيُوعِ، بَل لَا بُدَّ مِنَ الإِْثْبَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ.</p>وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي:(حُدُودٌ، وَإِثْبَاتٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية القليوبي 2 / 332، والمغني 5 / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 19.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشُّيُوعُ فِي اللَّوْثِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الشُّيُوعَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، بِأَنَّ فُلَانًا الَّذِي جُهِل قَاتِلُهُ، قَتَلَهُ فُلَانٌ هُوَ لَوْثٌ، فَيَجُوزُ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَحْلِفُوا أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ عَلَى مَنْ قَتَل مُوَرِّثَهُمُ اسْتِنَادًا إِلَى شُيُوعِ ذَلِكَ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ الْمُشَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ بَيْعِ جُزْءٍ مُشَاعٍ فِي دَارٍ كَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ، وَبَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ مُتَسَاوِيَةِ الأَْجْزَاءِ، وَبَيْعِ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(بَيْعٌ)(2) .</p> </p>‌<span class="title">‌قِسْمَةُ الْمُشَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ قِسْمَةُ الْمِلْكِ الْمُشَاعِ بِطَلَبِ الشُّرَكَاءِ، أَوْ بِطَلَبِ بَعْضِهِمْ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ مُنْتَفِعٌ قَبْل الْقِسْمَةِ بِنَصِيبِ غَيْرِهِ، فَإِذَا طَلَبَ مِنَ الْحَاكِمِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِنَصِيبِهِ، وَيَمْنَعَ الْغَيْرَ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهِ، يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ إِجَابَةُ طَلَبِهِ، إِلَاّ إِذَا بَطَلَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ فِي الْمَقْسُومِ بِالْقِسْمَةِ.</p>فَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ تَفُوتُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القليوبي 4 / 165، نهاية المحتاج 7 / 390.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 3 / 170، ابن عابدين 4 / 32، أسنى المطالب 2 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>بِالْقِسْمَةِ، فَلَا يُجَابُ طَلَبُهُمُ الْقِسْمَةَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ إِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ تَبْطُل كُلِّيَّةً؛ لأَِنَّهُ سَفَهٌ، وَإِتْلَافُ مَالٍ بِلَا ضَرُورَةٍ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنِ اقْتَسَمُوا بِالتَّرَاضِي لَا يَمْنَعُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْنَعُ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى إِتْلَافِ مَالِهِ بِالْحُكْمِ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (قِسْمَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌زَكَاةُ الْمُشَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> إِذَا مَلَكَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ نِصَابَ مَالٍ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِلْكًا مُشَاعًا كَأَنْ وَرِثَاهُ، أَوِ اشْتَرَيَاهُ، زَكَّيَاهُ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي:(خُلْطَةٌ، زَكَاةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَهْنُ الْمُشَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ، مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ، كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَهِبَتُهُ، وَوَقْفُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ، إِذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لأَِنَّهُ يَتَعَامَل مَعَ الْمُرْتَهِنِ كَمَا كَانَ يَتَعَامَل مَعَ الرَّاهِنِ، وَقَبْضُهُ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ، فَيَكُونُ بِالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِ الْمَنْقُول، وَبِالنَّقْل فِي الْمَنْقُول، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 11 / 203، نهاية المحتاج 8 / 285، حاشية الدسوقي 3 / 507، ابن عابدين 5 / 165.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 3 / 235، روضة الطالبين 4 / 38 - 39، نهاية المحتاج 4 / 239، كشاف القناع 3 / 326.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ، لِعَدَمِ كَوْنِهِ مُمَيَّزًا، وَمُوجِبُ الرَّهْنِ: الْحَبْسُ الدَّائِمُ مَا بَقِيَ الدَّيْنُ، وَبِالْمُشَاعِ يَفُوتُ الدَّوَامُ؛ لأَِنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُهَايَأَةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَال: رَهَنْتُكَ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشُّيُوعُ مُقَارِنًا أَوْ طَارِئًا، رَهَنَ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ الشَّرِيكَ يُمْسِكُهُ يَوْمًا رَهْنًا، وَيَوْمًا يَسْتَخْدِمُهُ (1) . انْظُرْ:(رَهْنٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌هِبَةُ الْمُشَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ قِسْمَتُهُ، وَمَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَتُهُ، وَسَوَاءٌ وَهَبَهُ لِشَرِيكِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (2) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَجُوزُ هِبَةُ مُشَاعٍ شُيُوعًا مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَلأَِنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُشَاعِ إِلَاّ وَلِلشَّرِيكِ فِيهِ مِلْكٌ، فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ؛ لأَِنَّ الْقَبْضَ الْكَامِل غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَقِيل يَجُوزُ هِبَتُهُ لِشَرِيكِهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُشَاعُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ، بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ إِذَا قُسِمَ تَجُوزُ هِبَتُهُ (3) . وَانْظُرْ:(هِبَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 5 / 315</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 5 / 373، المغني 5 / 655، حاشية الدسوقي 3 / 235.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار وحاشيته 4 / 510 - 511.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِجَارَةُ الْمُشَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَجُوزُ إِجَارَةُ الْمُشَاعِ لِلشَّرِيكِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا إِجَارَتُهُ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّتِهِ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى صِحَّةِ إِجَارَةِ الْمُشَاعِ، وَهُوَ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ:(أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ) ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، لأَِنَّ الإِْجَارَةَ أَحَدُ نَوْعَيِ الْبَيْعِ، فَتَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ، كَمَا تَجُوزُ فِي بَيْعِ الأَْعْيَانِ، وَالْمُشَاعُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ بِالْمُهَايَأَةِ؛ وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ فِي مِلْكِهِ، يَجُوزُ مَعَ شَرِيكِهِ فَجَازَ مَعَ غَيْرِهِ كَالْبَيْعِ؛ وَلأَِنَّهُ يَجُوزُ إِذَا فَعَلَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا فَجَازَ لأَِحَدِهِمَا فِعْلُهُ فِي نَصِيبِهِ مُنْفَرِدًا كَالْبَيْعِ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ، وَهُوَ الْقَوْل الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَا تَجُوزُ إِجَارَةُ الْمُشَاعِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَمْ تَصِحَّ إِجَارَتُهُ كَالْمَغْصُوبِ.</p>وَلأَِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِلَاّ بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ (1) .</p>وَانْظُرْ:(إِجَارَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْفُ الْمُشَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يَجُوزُ وَقْفُ الْمُشَاعِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 4 / 553، الفتاوى الهندية 4 / 447، ابن عابدين 5 / 29، أسنى المطالب 2 / 409، الشرح الصغير 4 / 59 - 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَال: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. قَال: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيل اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيل، وَالضَّيْفِ (1) .</p>وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ يَجُوزُ عَلَى بَعْضِ الْجُمْلَةِ مُفْرِزًا فَجَازَ عَلَيْهِ مُشَاعًا كَالْبَيْعِ، وَكَالْعَرْصَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا فَجَازَ وَقْفُهَا كَالْمُفْرَزَةِ؛ وَلأَِنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الأَْصْل، وَتَسْبِيل الْمَنْفَعَةِ، وَهَذَا يَحْصُل فِي الْمُشَاعِ كَحُصُولِهِ فِي الْمُفْرَزِ (2) .</p>وَقَال مُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَقْبَل الْقِسْمَةَ، أَمَّا مَا لَا يَقْبَل الْقِسْمَةَ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ اتِّفَاقًا (3) .</p>انْظُرْ:(وَقْفٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر: " أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 354 - 355 - ط. السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 643، أسنى المطالب 2 / 457.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 364.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْمِلْكُ الْمُشَاعُ فِي عَقَارٍ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> إِذَا مَلَكَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ عَقَارًا مِلْكًا مُشَاعًا، وَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لأَِجْنَبِيٍّ، ثَبَتَ لِلآْخَرِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.</p>انْظُرْ:(شُفْعَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌صَائِلٌ</span></p>انْظُرْ: (صِيَالٌ) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَابِئَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصَّابِئَةُ لُغَةً: جَمْعُ الصَّابِئِ. وَالصَّابِئُ: مَنْ خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ. يُقَال: صَبَأَ فُلَانٌ يَصْبَأُ: إِذَا خَرَجَ مِنْ دِينِهِ، وَتَقُول الْعَرَبُ: صَبَأَتِ النُّجُومُ إِذَا طَلَعَتْ (1) .</p>وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الصَّابِئَةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مَعَ أَهْل الْمِلَل فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَعَمِل صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْرِيفِ الصَّابِئَةِ عَلَى أَقْوَالٍ هِيَ:</p>أ - أَنَّهُمْ قَوْمٌ كَانُوا عَلَى دِينِ نُوحٍ عليه السلام<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب - صبأ. ومن هذا المعنى ما كانت قريش تقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه صابئ، أي: خرج عن دينها. ونقل ابن القيم: أنها كانت تقول ذلك لما رأته من الشبه بين الدين الذي أتى به صلى الله عليه وسلم ودين الصابئة، فإنهم كانوا يقولون لا إله إلا الله (أحكام أهل الذمة ص 92) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 62.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>- نَقَلَهُ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ (1) .</p>وَنَقَل ابْنُ مَنْظُورٍ عَنِ اللَّيْثِ: هُمْ قَوْمٌ يُشْبِهُ دِينُهُمْ دِينَ النَّصَارَى، إِلَاّ أَنَّ قِبْلَتَهُمْ نَحْوَ مَهَبِّ الْجَنُوبِ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نُوحٍ وَهُمْ كَاذِبُونَ. وَنَقَل قَرِيبًا مِنْهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْخَلِيل (2) .</p>ب - أَنَّهُمْ صِنْفٌ مِنَ النَّصَارَى أَلْيَنُ مِنْهُمْ قَوْلاً. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ</p>وَبِهِ قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ (3) .</p>ج - وَقَال السُّدِّيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: هُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ لأَِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ.</p>د - قَال مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ: هُمْ قَوْمٌ تَرَكَّبَ دِينُهُمْ بَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ (4) .</p>هـ - وَقِيل: هُمْ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.</p>و وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمْ قَوْمٌ بَيْنَ النَّصَارَى وَالْمَجُوسِ (5) .</p>ز - وَقَال الْحَسَنُ أَيْضًا وَقَتَادَةَ: هُمْ قَوْمٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المفردات - صبا يصبو.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب - صبأ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 6 / 591، وتلبيس إبليس لابن الجوزي ص 74 المطبعة المنيرية.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير القرطبي عند الآية 62 من سورة البقرة 1 / 434.</p><font color=#ff0000>(5)</font> تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 74 المطبعة المنيرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ، وَيُصَلُّونَ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَيُصَلُّونَ الْخَمْسَ. رَآهُمْ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَأَرَادَ وَضْعَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ حِينَ عَرَفَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ، وَنَقَل الْقُرْطُبِيُّ: أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ (1) .</p>ح - وَقِيل: إِنَّهُمْ قَوْمٌ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَمَلٌ وَلَا كِتَابٌ وَلَا نَبِيٌّ (2) .</p>ط - وَقَال الصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَعَابِدُ الْكَوْكَبِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ (3) .</p>ى - وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: إِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ؛ لأَِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي حَقِيقَةِ الصَّابِئَةِ:</span></p>اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ دِينِ الصَّابِئَةِ أَهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَمْ لَا، عَلَى أَقْوَالٍ:</p> </p><font color=#ff0000>3 -</font>‌<span class="title">‌ الْقَوْل الأَْوَّل: </span>أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَقَدْ جَعَلَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، لأَِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَلَا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَلَكِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي عند الآية 62 من سورة البقرة 1 / 434.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 74.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 9 / 4330، الخراج لأبي يوسف 122.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبدع 3 / 404.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ لِلْكَعْبَةِ فِي الاِسْتِقْبَال إِلَيْهَا.</p>وَأَمَّا أَحْمَدُ فَقَال فِي رِوَايَةٍ: هُمْ مِنَ النَّصَارَى؛ لأَِنَّهُمْ يَدِينُونَ بِالإِْنْجِيل وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِمَا نُقِل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - وَقَال فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: هُمْ مِنَ الْيَهُودِ لأَِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ، وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَال: إِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ. قَال الْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: الَّذِي تَحَصَّل مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ، يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ، وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ، قَال: وَلِهَذَا أَفْتَى أَبُو سَعِيدٍ الإِْصْطَخْرِيُّ، الْقَاهِرَ بِاللَّهِ بِكُفْرِهِمْ، حِينَ سَأَلَهُ عَنْهُمْ (2) ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِيهِمْ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَعَابِدُ الْكَوَاكِبِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ (3) .</p> </p><font color=#ff0000>4 -</font>‌<span class="title">‌ الْقَوْل الثَّالِثُ: </span>وَهُوَ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ تَرَدَّدُوا فِيهِمْ. قَال النَّوَوِيُّ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ إِنْ خَالَفُوا النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ فَلَيْسُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 9 / 4330، وفتح القدير لابن الهمام 5 / 191، 2 / 374، وحاشية ابن عابدين 3 / 268، ومجمع الأنهر / 670، والمغني لابن قدامة 8 / 496، وكشاف القناع 3 / 118، والمبدع 3 / 404، وتفسير القرطبي 1 / 435.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي عند سورة البقرة 62، 1 / 434.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كتاب الخراج ص 122، والرتاج 2 / 96، والمراجع السابقة للحنفية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>مِنْهُمْ، وَإِلَاّ فَهُمْ مِنْهُمْ. قَال: وَهَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ (أَيْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ)، وَقِيل: فِيهِمْ قَوْلَانِ: قَال: وَهَذَا إِذَا لَمْ يُكَفِّرْهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ لَمْ يُقَرُّوا قَطْعًا. أَيْ: لأَِنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ.</p>وَالْمُرَادُ بِأَصْل دِينِهِمْ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْمَحَلِّيِّ: عِيسَى وَالإِْنْجِيل، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فُرُوعٌ، أَيْ: إِنْ كَانُوا يَتَّبِعُونَ عِيسَى عليه السلام وَيُؤْمِنُونَ بِالإِْنْجِيل فَهُمْ مِنَ النَّصَارَى وَلَوْ خَالَفُوا النَّصَارَى فِي الْفُرُوعِ، مَا لَمْ تُكَفِّرْهُمُ النَّصَارَى بِالْمُخَالَفَةِ فِي الْفُرُوعِ فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ.</p>وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: لَوْ خَالَفُوا النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ وَلَوِ احْتِمَالاً كَأَنْ نَفَوْا الصَّانِعَ أَوْ عَبَدُوا كَوْكَبًا حَرُمَ نِسَاؤُهُمْ عَلَيْنَا (1) .</p> </p><font color=#ff0000>5 -</font>‌<span class="title">‌ الْقَوْل الرَّابِعُ: </span>أَنَّ الصَّابِئَةَ فِرْقَتَانِ مُتَمَيِّزَتَانِ لَا تَدْخُل إِحْدَاهُمَا فِي الأُْخْرَى وَإِنْ تَوَافَقَتَا فِي الاِسْمِ.</p>أ - الْفِرْقَةُ الأُْولَى: هُمُ الصَّابِئَةُ الْحَرَّانِيُّونَ (وَسَمَّاهُمُ ابْنُ النَّدِيمِ وَالشَّهْرَسْتَانِيُّ: الْحَرْنَانِيِّينَ) وَهُمْ: قَوْمٌ أَقْدَمُ مِنَ النَّصَارَى كَانُوا فِي زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام يَعْبُدُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 10 / 305، 306، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 252، ونهاية المحتاج 6 / 288.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، وَيُضِيفُونَ التَّأْثِيرَ إِلَيْهَا، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ. قَال الْجَصَّاصُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ تَسَمَّتْ بِالصَّابِئَةِ، وَهُمُ الْفَلَاسِفَةُ الْحَرَّانِيُّونَ الَّذِينَ بِنَاحِيَةِ حَرَّانَ (1) . وَهُمْ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ، وَلَا يَنْتَمُونَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ، وَلَا يَنْتَحِلُونَ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، فَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا أَهْل كِتَابٍ. وَذَكَرَهُمُ الْمَسْعُودِيُّ وَأَنَّ لَهُمْ سَبْعَةَ هَيَاكِل بِأَسْمَاءِ الزَّهْرَةِ وَالْمِرِّيخِ وَالْمُشْتَرَى وَزُحَل وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ فِي زَمَانِهِ.</p>وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُمُ الشَّهْرِسْتَانِيُّ وَأَطْنَبَ فِي بَيَانِ اعْتِقَادَاتِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ. وَذَكَرَهُمُ ابْنُ النَّدِيمِ فِي فَهْرَسَتِهِ، وَذَكَرَ قُرَاهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ وَمَعَابِدَهُمْ، وَنَقَل عَنِ الْمُؤَلِّفِينَ النَّصَارَى: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُمْ الصَّابِئَةَ، وَأَنَّ الْمَأْمُونَ مَرَّ بِدِيَارِ مُضَرَ فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحَرْنَانِيِّينَ، فَأَنْكَرَ الْمَأْمُونُ زِيَّهُمْ. فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا يَهُودًا وَلَا نَصَارَى وَلَا مَجُوسًا أَنْظَرَهُمْ إِلَى رُجُوعِهِ مِنْ سَفْرَتِهِ، وَقَال: إِنْ أَنْتُمْ دَخَلْتُمْ فِي الإِْسْلَامِ، أَوْ فِي دِينٍ مِنْ هَذِهِ الأَْدْيَانِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَإِلَاّ أَمَرْتُ بِقَتْلِكُمْ. وَرَحَل عَنْهُمْ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، وَهِيَ رِحْلَتُهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حران بلد بديار مضر بينها وبين الرقة يومان وهي على الطريق بين الموصل والشام (معجم البلدان 2 / 235) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَنَصَّرَ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ شِرْذِمَةٌ عَلَى دِينِهِمْ، احْتَالُوا بِأَنْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ الصَّابِئَةَ، لِيَسْلَمُوا وَيَبْقَوْا فِي الذِّمَّةِ (1)</p>. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُمُ الصَّابِئَةَ أَوَّلاً، وَأَنَّهُمْ تَسَمَّوْا بِذَلِكَ فِي آخِرِ عَهْدِ الْمَأْمُونِ.</p>وَأَفَادَ الْبَيْرُونِيُّ: أَنَّ هَذِهِ النِّحْلَةَ هِيَ نِحْلَةُ فَلَاسِفَةِ الْيُونَانِيِّينَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَبْل النَّصْرَانِيَّةِ، وَأَنَّ مِنْ فَلَاسِفَتِهَا: فِيثَاغُورْسُ، وَأَغَاذِيمُونُ، وَوَالِيسُ، وَهُرْمُسُ، وَكَانَتْ لَهُمْ هَيَاكِل بِأَسْمَاءِ الْكَوَاكِبِ، وَأَنَّ الْيُونَانِيِّينَ، وَمِنْ بَعْدِهِمُ الرُّومَانُ، كَانُوا عَلَى هَذِهِ النِّحْلَةِ، ثُمَّ لَمَّا غَلَبَتِ النَّصْرَانِيَّةُ عَلَى بِلَادِ الرُّومِ وَالْيُونَانِ وَتَنَصَّرَ أَهْل هَذِهِ النِّحْلَةِ: بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ أَهْل الْمَشْرِقِ بَقَايَا، وَلَمْ يَكُنِ اسْمُهُمُ الصَّابِئَةَ، وَإِنَّمَا تَسَمَّوْا بِذَلِكَ فِي عَصْرِ الْمَأْمُونِ سَنَةَ 228 هـ (2) وَهُمْ لَيْسُوا مِنَ الصَّابِئَةِ فِي الْحَقِيقَةِ، بَل حَقِيقَةُ الصَّابِئَةِ هُمُ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ.</p>ب - وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: هُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ لَهُمْ شَبَهٌ بِالنَّصَارَى.</p>قَال الْجَصَّاصُ: وَهَؤُلَاءِ بِنَوَاحِي كَسْكَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفهرست لابن النديم ص 444 - 446.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كذا في كتاب البيروني المطبوع والصواب: 218 هـ وهي السنة التي توفي فيها المأمون.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>وَالْبَطَائِحِ (مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ) وَهُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنَ النَّصَارَى إِلَاّ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ دِيَانَتِهِمْ؛ لأَِنَّ النَّصَارَى فِرَقٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهُمُ: الْمَرْقُونِيُّونَ، والآْرْيُوسِيَّةُ، وَالْمَارُونِيَّةُ. وَالْفِرَقُ الثَّلَاثُ مِنَ النَّسْطُورِيَّةِ، وَالْمَلْكِيَّةِ، وَالْيَعْقُوبِيَّةِ يَبْرَءُونَ مِنْهُمْ وَيُجَرِّمُونَهُمْ. وَهُمْ يَنْتَمُونَ إِلَى يَحْيَى وَشِيثٍ. قَال: وَالنَّصَارَى تُسَمِّيهِمْ يُوحَانِسِيَّةَ. أهـ. قَال الْجَصَّاصُ: فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَعْلِهِ الصَّابِئَةَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى هَؤُلَاءِ.</p>وَأَمَّا الْبَيْرُونِيُّ فَيَرَى: أَنَّ هَذِهِ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ أَصْلُهَا الْيَهُودُ الَّذِينَ أَسَرَهُمْ بُخْتَ نَصَّرَ، وَأَجْلَاهُمْ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ إِلَى بَابِل مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُمْ كُورَشُ بِالْعَوْدَةِ إِلَى فِلَسْطِينَ تَخَلَّفَ بِالْعِرَاقِ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَآثَرُوا الإِْقَامَةَ فِي بَابِل، وَلَمْ يَكُونُوا فِي دِينِهِمْ بِمَكَانٍ مُعْتَمَدٍ، فَسَمِعُوا أَقَاوِيل الْمَجُوسِ وَصَبَوْا إِلَى بَعْضِهَا، فَامْتَزَجَ مَذْهَبُهُمْ مِنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ. قَال: وَهَؤُلَاءِ هُمُ الصَّابِئُونَ بِالْحَقِيقَةِ، وَإِنْ كَانَ الاِسْمُ أَشْهَرُ بِالْفِرْقَةِ الأُْولَى، وَكَذَا مَيَّزَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَابْنُ الْقَيِّمِ، وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ: قِيل: فِي الصَّابِئَةِ الطَّائِفَتَانِ، وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي قَال الْبَعْضُ إِنَّهُمْ مِنَ النَّصَارَى يُسَمَّوْنَ (الْمَنْدَائِيِّينَ) وَمِنْهُمُ الآْنَ بَقَايَا فِي جَنُوبِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>الْعِرَاقِ، وَقَدْ صَدَرَتْ عَنْهُمْ دِرَاسَاتٌ حَدِيثَةٌ كَشَفَتْ بَعْضَ مَا عِنْدَهُمْ، وَمِنْهَا مَا كَتَبَهُ بَعْضُ كُتَّابِهِمْ، وَبَعْضُ مَنْ يُعَايِشُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتُرْجِمَتْ بَعْضُ كِتَابَاتِهِمُ الدِّينِيَّةِ إِلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَفِيهَا: أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَبِالْمَلَائِكَةِ، وَبِبَعْضِ الأَْنْبِيَاءِ، مِنْهُمْ: آدَمُ، وَشِيثُ، وَنُوحٌ، وَزَكَرِيَّا، وَيَحْيَى عليهم السلام وَلَا يُؤْمِنُونَ بِمُوسَى، وَلَا بِالْمَسِيحِ، وَلَا التَّوْرَاةِ، وَلَا الإِْنْجِيل، وَيُؤْمِنُونَ بِالتَّعْمِيدِ. وَلَهُمْ عِبَادَاتٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ بِهَا: مِنْ صَلَوَاتٍ، وَزَكَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَأَعْيَادٍ دِينِيَّةٍ، وَيَغْتَسِلُونَ كُل يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، وَلِذَلِكَ قَدْ يُسَمَّوْنَ الْمُغْتَسِلَةَ، وَيُسَمُّونَ اللَّهَ عَلَى الذَّبَائِحِ (1) .</p>وَأَضَافَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِرْقَةً ثَالِثَةً، كَانَتْ قَبْل التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل، كَانُوا مُوَحِّدِينَ؛ قَال: فَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَعَمِل صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} قَال: فَهَؤُلَاءِ كَالْمُتَّبِعِينَ لِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام إِمَامِ الْحُنَفَاءِ قَبْل نُزُول التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل، هُمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر مثلاً كتاب (مفاهيم صابئية مندائية) للباحثة الصابئية ناجية مراني، بغداد 1981 م.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>الَّذِينَ أَثْنَى عَلَيْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى (1) .</p>عَلَى أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ لِلصَّابِئَةِ إِلَى فِرْقَتَيْنِ، وَدَعْوَى أَنَّ الْحَرَّانِيِّينَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُونُوا يَتَسَمَّوْنَ الصَّابِئَةَ حَتَّى كَانَ عَهْدُ الْمَأْمُونِ، دَعْوَى هِيَ مَوْضُوعُ شَكٍّ - وَإِنْ دَرَجَ عَلَيْهَا بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ - فَإِنَّ كُتُبَ الْحَنَفِيَّةِ، تَنْسُبُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الصَّابِئَةَ الَّذِينَ يُعَظِّمُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ لَيْسُوا مُشْرِكِينَ؛ بَل هُمْ أَهْل الْكِتَابِ؛ لأَِنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ تِلْكَ الْكَوَاكِبَ، بَل يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ الْكَعْبَةَ، وَأَنَّ صَاحِبَيْهِ قَالَا: بَل هُمْ كَعُبَّادِ الأَْوْثَانِ (2) وَأَبُو حَنِيفَةَ كَانَ قَبْل الْمَأْمُونِ فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 150 وَالْمَأْمُونُ سَنَةَ 218 هـ. وَكَلَامُهُ وَكَلَامُ صَاحِبَيْهِ مُنْصَبٌّ عَلَى الْحَرَّانِيِّينَ؛ فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، مِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِهِ مُسَمَّيْنَ بِاسْمِ الصَّابِئَةِ. وَنُصُوصُ الْمُؤَرِّخِينَ مُضْطَرِبَةٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن للجصاص 3 / 91، ونهاية المحتاج شرح المنهاج 6 / 288، والرد على المنطقيين لابن تيمية 287 - 289، 654 - 656، ومروج الذهب للمسعودي 1 / 378 نشر عبد الرحمن محمد 1346هـ. والملل والنحل للشهرستاني 2 / 224 - 230 والفهرست لابن النديم ص 444، وفتح القدير 2 / 374، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 1 / 92، والآثار الباقية عن القرون الخالية للبيروني ص 204، 205.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر فتح القدير 4 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>بَعْضُهَا يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ فِرْقَتَانِ، وَبَعْضُهَا عَلَى أَنَّهُمْ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّابِئَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَنْطَبِقُ عَلَى الصَّابِئَةِ الأَْحْكَامُ الَّتِي تَنْطَبِقُ عَلَى الْكُفَّارِ عَامَّةً: كَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الصَّابِئِ لِلْمُسْلِمَةِ، وَكَعَدِمِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنْهُمْ، وَعَدَمِ إِقَامَتِهِمْ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.</p>وَأَمَّا الأَْحْكَامُ الَّتِي تَخْتَصُّ بِأَهْل الْكِتَابِ: كَجَوَازِ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَهُمْ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَأَنْ يَأْكُل مِنْ ذَبَائِحِهِمْ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِجْرَائِهَا عَلَيْهِمْ تَبَعًا لاِخْتِلَافِهِمْ فِي حَقِيقَةِ دِينِهِمْ، فَمَنِ اعْتَبَرَهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، أَوْ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ: أَجْرَى عَلَيْهِمُ الأَْحْكَامَ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالْكِتَابِيِّ، أَوْ مَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ. وَمَنِ اعْتَبَرَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ، وَلَيْسَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ: أَجْرَى عَلَيْهِمُ الأَْحْكَامَ الَّتِي تَنْطَبِقُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ: (أَهْل الْكِتَابِ، أَرْضُ الْعَرَبِ، جِزْيَةٌ)(1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِقْرَارُ الصَّابِئَةِ فِي بِلَادِ الإِْسْلَامِ وَضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> أَمَّا جَزِيرَةُ الْعَرَبِ: فَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب " أخرجه مسلم (3 / 1388 - ط. الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>الصَّابِئِينَ فِيهَا، كَسَائِرِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْل الْكِتَابِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لأَُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَاّ مُسْلِمًا وَحَدِيثِ عَائِشَةَ. آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يُتْرَكُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ (1) وَفِي الْمُرَادِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ خِلَافٌ، وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(أَرْضُ الْعَرَبِ) .</p>وَأَمَّا فِي خَارِجِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ سَائِرِ بِلَادِ الإِْسْلَامِ: فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِقْرَارِ الصَّابِئَةِ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ:</p>فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ إِقْرَارِهِمْ فِيهَا، وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ نَصَارَى، وَأَنَّ تَعْظِيمَهُمْ لِلْكَوَاكِبِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعِبَادَةِ لَهَا.</p>وَقَال صَاحِبَاهُ: لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ كَعِبَادَةِ الْمُشْرِكِينَ لِلأَْصْنَامِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: بِجَوَازِ إِقْرَارِهِمْ كَذَلِكَ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ يَجُوزُ أَنْ تُضْرَبَ عَلَى كُل كَافِرٍ، كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عائشة:" آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أحمد (6 / 275 - ط الميمنية) وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد "(5 / 325 - ط القدسي) : رجاله " رجال الصحيح ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 4 / 370، وفي كتاب الخراج خلاف هذا عن أبي يوسف، الرتاج 2 / 96.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 266، وتفسير القرطبي 1 / 435.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصَّابِئَةَ يَجُوزُ أَنْ تُعْقَدَ لَهُمُ الذِّمَّةُ بِالْجِزْيَةِ، عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُمْ مِنَ النَّصَارَى، إِنْ وَافَقُوهُمْ فِي أَصْل دِينِهِمْ، وَلَوْ خَالَفُوهُمْ فِي فُرُوعِهِ، وَلَمْ تُكَفِّرْهُمُ النَّصَارَى. أَمَّا إِنْ كَفَّرَتْهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لِمُخَالَفَتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ، فَقَدْ قِيل: يَجُوزُ أَنْ يُقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ مُنَاكَحَتُهُمْ، لأَِنَّ مَبْنَى تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، الاِحْتِيَاطُ، بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ (1) .</p>وَهَذَا التَّرَدُّدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّابِئَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلنَّصَارَى (وَهُمُ الْمُسَمَّوْنَ الْمَنْدَائِيِّينَ)، أَمَّا الصَّابِئَةُ عُبَّادُ الْكَوَاكِبِ: فَقَدْ جَزَمَ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْخِلَافَ لَا يَجْرِي فِيهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ بِبِلَادِ الإِْسْلَامِ. قَال: وَلِذَلِكَ أَفْتَى الإِْصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ - الْخَلِيفَةَ الْقَاهِرَ - بِقَتْلِهِمْ، لَمَّا اسْتَفْتَى فِيهِمُ الْفُقَهَاءَ، فَبَذَلُوا لَهُ مَالاً كَثِيرًا فَتَرَكَهُمْ (2) .</p>وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ، لِنَصِّ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنَ النَّصَارَى: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالُوا: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ، وَإِنَّ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ آلِهَةٌ فَهُمْ كَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ، أَيْ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الجمل على المنهج 5 / 213، والأحكام السلطانية 143، والقليوبي 3 / 253 ومغني المحتاج 4 / 244.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 6 / 288، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 1 / 92، وطبقات الشافعية للسبكي 2 / 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ (1) .</p>وَرَجَّحَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْقَوْل الأَْوَّل، قَال: هَذِهِ الأُْمَّةُ - يَعْنِي الصَّابِئَةَ - فِيهِمُ: الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَفِيهِمُ الْكَافِرُ، وَفِيهِمُ الآْخِذُ مِنْ دِينِ الرُّسُل مَا وَافَقَ عُقُولَهُمْ، وَاسْتَحْسَنُوهُ فَدَانُوا بِهِ وَرَضُوهُ لأَِنْفُسِهِمْ، وَعَقْدُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِمَحَاسِنِ مَا عِنْدَ أَهْل الشَّرَائِعِ بِزَعْمِهِمْ، وَلَا يَتَعَصَّبُونَ لِمِلَّةٍ عَلَى مِلَّةٍ، وَالْمِلَل عِنْدَهُمْ نَوَامِيسُ لِمَصَالِحِ الْعَالَمِ، فَلَا مَعْنَى لِمُحَارَبَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، بَل يُؤْخَذُ بِمَحَاسِنِهَا وَمَا تَكْمُل بِهِ النُّفُوسُ، وَتَتَهَذَّبُ بِهِ الأَْخْلَاقُ. قَال: وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّابِئَةُ أَحْسَنُ حَالاً مِنَ الْمَجُوسِ. فَأَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنَ الصَّابِئَةِ بِطَرِيقِ الأَْوْلَى، فَإِنَّ الْمَجُوسَ مِنْ أَخْبَثِ الأُْمَمِ دِينًا وَمَذْهَبًا، وَلَا يَتَمَسَّكُونَ بِكِتَابٍ وَلَا يَنْتَمُونَ إِلَى مِلَّةٍ، فَشِرْكُ الصَّابِئَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَفَّ مِنْهُ فَلَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنْهُ. اهـ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌دِيَةُ الصَّابِئِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ، كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ، وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ الصَّابِئَةُ إِنْ كَانُوا أَهْل ذِمَّةٍ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 3 / 118.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام أهل الذمة 1 / 98.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية وتكملة فتح القدير 8 / 307.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ دِيَةَ الصَّابِئِ كَدِيَةِ النَّصْرَانِيِّ، وَمِقْدَارُهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا إِنْ وَافَقَ الصَّابِئُ النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ وَلَوْ خَالَفَهُ فِي الْفُرُوعِ، مَا لَمْ يُكَفِّرْهُ النَّصَارَى (1) .</p>وَلَمْ يُصَرِّحِ الْحَنَابِلَةُ بِحُكْمِهِمْ فِي مِقْدَارِ الدِّيَةِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَنْ تَكُونَ دِيَةُ الصَّابِئِ نِصْفَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَفِي رِوَايَةٍ: الثُّلُثَ (2) .</p>وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ: أَنْ تَكُونَ دِيَتُهُ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ نَجِدْ لَدَيْهِمُ التَّصْرِيحَ بِمِقْدَارِ دِيَاتِ الصَّابِئَةِ، وَحَيْثُ إِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُمْ كَالنَّصَارَى فِي الذَّبَائِحِ وَنَحْوِهَا، فَلِذَا يَظْهَرُ أَنَّ دِيَاتِهِمْ كَدِيَةِ الْمَجُوسِ، وَهِيَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِلرَّجُل، وَأَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِلْمَرْأَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ ذَبَائِحِ الصَّابِئَةِ،</p>وَحُكْمُ تَزَوُّجِ نِسَائِهِمْ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ: لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُل مِنْ ذَبَائِحِ الصَّابِئَةِ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نِسَائِهِمْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 9 / 258.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروع 6 / 19.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التاج والإكليل للمواق بهامش الحطاب 6 / 257.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>الْكَوَاكِبَ، وَإِنَّمَا يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ لِلْكَعْبَةِ.</p>وَقَال صَاحِبَاهُ: هُمْ مِنَ الزَّنَادِقَةِ وَالْمُشْرِكِينَ، فَلَا تَحِل نِسَاؤُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ.</p>قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْل بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ، فَلَوِ اتَّفَقَ عَلَى تَفْسِيرِهِمُ اتَّفَقَ الْحُكْمُ فِيهِمْ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ ذَبَائِحِ الصَّابِئَةِ لِشِدَّةِ مُخَالَفَتِهِمْ لِلنَّصَارَى (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ خَالَفَ الصَّابِئَةُ النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ (أَيِ الإِْيمَانِ بِعِيسَى وَالإِْنْجِيل) حَرُمَتْ ذَبَائِحُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا إِنْ لَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي ذَلِكَ فَلَا تَحْرُمُ ذَبَائِحُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ عَلَيْنَا، مَا لَمْ تُكَفِّرْهُمُ النَّصَارَى، فَإِنْ كَفَّرَهُمُ النَّصَارَى حَرُمَتْ نِسَاؤُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ ذَبِيحَةُ الْمُبْتَدِعِ إِنْ كَانَتْ بِدْعَتُهُ مُكَفِّرَةً. وَهَذَا الْحُكْمُ الْمُتَرَدَّدُ فِيهِ هُوَ غَيْرُ الصَّابِئَةِ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ، وَهُمُ الْحَرَّانِيَّةُ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مَجْزُومٌ بِكُفْرِهِمْ؛ فَلَا تَحِل مُنَاكَحَتُهُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 2 / 374، وابن عابدين 5 / 188، والبدائع 2 / 271 و 5 / 46.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي على مختصر خليل وحاشية العدوي 2 / 303 المطبعة الشرقية 1316 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>وَلَا ذَبَائِحُهُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِمُ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ (1) .</p>وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الصَّابِئَةُ مِنَ الْيَهُودِ، وَفِي أُخْرَى: هُمْ مِنَ النَّصَارَى. فَعَلَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ: يَجُوزُ أَكْل ذَبَائِحِهِمْ وَنِكَاحُ نِسَائِهِمْ. وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ؛ فَهُمْ كَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْفُ الصَّابِئَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الصَّابِئَةُ إِنْ كَانُوا دَهْرِيَّةً أَيْ: يَقُولُونَ: {مَا يُهْلِكُنَا إِلَاّ الدَّهْرُ} فَهُمْ صِنْفٌ مِنَ الزَّنَادِقَةِ، وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ: بِقَوْل أَهْل الْكِتَابِ صَحَّ مِنْ أَوْقَافِهِمْ مَا يَصِحُّ مِنْ أَوْقَافِ أَهْل الذِّمَّةِ، وَالَّذِي يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فَيَصِحُّ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا عَلَى بِيَعِهِمْ مَثَلاً (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 6 / 288 وحاشية القليوبي 3 / 252، 4 / 240 وكشاف القناع 4 / 240.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 6 / 591.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 5 / 38.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَابُونٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصَّابُونُ: هُوَ الَّذِي يُغْسَل بِهِ الثِّيَابُ مَعْرُوفٌ (1) .</p>وَنُقِل عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ (2) وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَحْمَاضٍ دُهْنِيَّةٍ وَبَعْضِ الْقَلَوِيَّاتِ، وَتُسْتَعْمَل رَغْوَتُهُ فِي التَّنْظِيفِ وَالْغَسْل (3)</p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّابُونِ مِنْ أَحْكَامٍ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - اسْتِعْمَال الصَّابُونِ الْمَعْمُول مِنْ زِيتِ نَجِسٍ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُخْتَارِ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الصَّابُونَ الْمَصْنُوعَ مِنَ الزَّيْتِ النَّجِسِ أَوِ الْمُتَنَجِّسِ طَاهِرٌ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ، قَال فِي الدُّرِّ: وَيَطْهُرُ زَيْتٌ تَنَجَّسَ بِجَعْلِهِ صَابُونًا، بِهِ يُفْتَى لِلْبَلْوَى، كَتَنُّورٍ رُشَّ بِمَاءٍ نَجِسٍ لَا بَأْسَ بِالْخَبْزِ فِيهِ، وَكَطِينٍ تَنَجَّسَ فَجُعِل مِنْهُ كُوزٌ بَعْدَ جَعْلِهِ عَلَى النَّارِ، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ فَرَّعُوهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الصحاح وتجديده للمرعشلي، والمعجم الوسيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>عَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِلْبَلْوَى، وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ. وَالْعِلَّةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ التَّغَيُّرُ وَانْقِلَابُ الْحَقِيقَةِ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالصَّابُونِ، فَيَدْخُل فِيهِ كُل مَا كَانَ فِيهِ تَغَيُّرٌ وَانْقِلَابُ حَقِيقَةٍ (1) وَمِثْلُهُ مَا فِي الْفَتْحِ لاِبْنِ الْهُمَامِ (2) .</p>وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ كَذَلِكَ الاِنْتِفَاعَ بِالصَّابُونِ الْمَعْمُول مِنْ زَيْتِ نَجِسٍ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِطَهَارَتِهِ، فَقَدْ جَاءَ فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ نَقْلاً عَنِ الْمَجْمُوعِ: يَجُوزُ اتِّخَاذُ الصَّابُونِ مِنَ الزَّيْتِ النَّجِسِ (3) قَال الرَّمْلِيُّ: وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ، كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ. ثُمَّ قَال: ثُمَّ يُطَهِّرُهُمَا (4) وَيُفْهَمُ مِنْهُ: أَنَّهُ مَا زَال نَجِسًا؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الأَْصْل عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ إِلَاّ شَيْئَانِ: خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ، وَجِلْدٌ نَجُسَ بِالْمَوْتِ إِذَا دُبِغَ (5) .</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ فَقَالُوا: بِجَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِمُتَنَجِّسٍ، لَا بِنَجِسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَأَكْل آدَمِيٍّ، فَيُسْتَصْبَحُ عِنْدَهُمْ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين وبهامشه الدر المختار 1 / 210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 1 / 176.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 1 / 278.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الرملي على أسنى المطالب 1 / 278، ونهاية المحتاج 2 / 278.</p><font color=#ff0000>(5)</font> نهاية المحتاج 2 / 230،232.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَيُعْمَل مِنْهُ الصَّابُونُ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ.</p>وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ: عَدَمُ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالصَّابُونِ الْمَعْمُول مِنَ النَّجِسِ كَشَحْمِ الْمَيْتَةِ، وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ الاِسْتِصْبَاحِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ إِذَا تُحُفِّظَ مِنْهُ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا تَطْهُرُ نَجَاسَةٌ بِاسْتِحَالَةٍ وَلَا بِنَارٍ، فَالصَّابُونُ الْمَعْمُول مِنْ زَيْتِ نَجِسٍ نَجِسٌ، وَدُخَانُ النَّجَاسَةِ وَغُبَارُهَا نَجِسٌ (2) . وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُسْتَخْرَجُ أَنْ تَطْهُرَ النَّجَاسَاتُ بِالاِسْتِحَالَةِ قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ إِذَا انْقَلَبَتْ، وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - الْوُضُوءُ بِمَاءِ الصَّابُونِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى أَنَّ مَاءَ الصَّابُونِ إِذَا ذَهَبَتْ رِقَّتُهُ وَصَارَ ثَخِينًا لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ، وَإِذَا بَقِيَتْ رِقَّتُهُ وَلَطَافَتُهُ جَازَ (4) قَال ابْنُ الْهُمَامِ فِي تَعْلِيل الْجَوَازِ: الْمُخَالِطُ الْمَغْلُوبُ لَا يَسْلُبُ الإِْطْلَاقَ، فَوَجَبَ تَرْتِيبُ حُكْمِ الْمُطْلَقِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الزرقاني مع حاشية البناني 1 / 34، الحطاب 1 / 117، وفيه أن المتنجس ما كان طاهرًا في الأصل وأصابته نجاسة كالزيت والسمن ونحوه تقع فيه فأرة أو نجاسة، والنجس ما كانت عينه نجسة كالميتة والدم.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 1 / 186.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 2 / 72</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفتاوى الهندية 1 / 21، والخانية بهامش الهندية 1 / 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>الْمَاءِ الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ، أَيْ: جَوَازُ الْوُضُوءِ بِهِ. وَقَدِ اغْتَسَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ، وَالْمَاءُ بِذَلِكَ يَتَغَيَّرُ، وَلَمْ يُعْتَبَرَ الْمَغْلُوبِيَّةُ (1) .</p>وَالأَْصْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ شَيْءٌ يُمْكِنُ حِفْظُهُ مِنْهُ - غَيْرُ التُّرَابِ وَالْمِلْحِ - كَالزَّعْفَرَانِ، وَالتَّمْرِ، وَالدَّقِيقِ، فَتَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ؛ لأَِنَّهُ زَال عَنْهُ إِطْلَاقُ اسْمِ الْمَاءِ. لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي صِفَةِ التَّغَيُّرِ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا، بِأَنْ وَقَعَ فِيهِ قَلِيلٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَاصْفَرَّ قَلِيلاً أَوْ صَابُونٍ أَوْ دَقِيقٍ فَابْيَضَّ قَلِيلاً، بِحَيْثُ لَا يُضَافُ إِلَيْهِ فَوَجْهَانِ: الصَّحِيحُ مِنْهُمَا: أَنَّهُ طَهُورٌ لِبَقَاءِ اسْمِ الْمَاءِ، قَال النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ (2) .</p>وَمِثْلُهُ مَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ حَيْثُ قَالُوا: وَمَا سَقَطَ فِي الْمَاءِ مِنَ الْبَاقِلَاّ، وَالْحِمَّصِ، وَالْوَرْدِ، وَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ مِنَ الطَّاهِرَاتِ، وَكَانَ يَسِيرًا، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في قصعة فيها أثر العجين " أخرجه النسائي (1 / 202 - 203 - ط. المكتبة التجارية) من حديث أم هانئ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع للنووي 1 / 102، 104 والقليوبي 1 / 18 - 19.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>رَائِحَةٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى يُنْسَبَ الْمَاءُ إِلَيْهِ تَوَضَّأَ بِهِ (1) .</p>وَهَذَا إِذَا كَانَ الصَّابُونُ مَعْمُولاً مِنْ زَيْتِ طَاهِرٍ. أَمَّا إِذَا كَانَ مَصْنُوعًا مِنْ غَيْرِ طَاهِرٍ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِطَهَارَتِهِ كَالْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُمْ، أَمَّا مَنْ يَقُول: إِنَّ النَّجِسَ لَا يَطْهُرُ بِاسْتِحَالَتِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ (ر: ف 2)</p>وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ التَّوَضُّؤَ بِمَاءِ الصَّابُونِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا (2) . حَيْثُ قَالُوا: مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ، فَذَلِكَ الْمَاءُ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لِغَيْرِهِ، فَلَا يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَيُسْتَعْمَل فِي الْعَادَاتِ (3) .</p>وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(طَهَارَةٌ وَمِيَاهٌ)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: اسْتِعْمَال الْمُحْرِمِ لِلصَّابُونِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ: بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَال الْمُحْرِمِ الصَّابُونَ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْفَتْحِ: لَوْ غَسَل بِالصَّابُونِ وَالْحُرْضِ (4) لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَقَالُوا: لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا يَقْتُل (أَيِ الْهَوَامَّ) ثُمَّ قَال:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 1 / 26، والمغني 1 / 14.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحطاب 1 / 58،59.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفواكه الدواني 1 / 145.</p><font color=#ff0000>(4)</font> قال في القاموس: الحرض - بضمة وبضمتين - كالأشنان (وهو نبت يغسل به) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>وَمُقْتَضَى التَّعْلِيل عَدَمُ وُجُوبِ الدَّمِ وَالصَّدَقَةِ اتِّفَاقًا، وَلِذَا قَال فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (1) .</p>وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ فِي الصَّابُونِ الْعَادِيِّ، الَّذِي لَا يُعْتَبَرُ طِيبًا؛ لأَِنَّ الْمُحْرِمَ إِنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ اسْتِعْمَال الطِّيبِ، وَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ نَصًّا فِي الْمَوْضُوعِ.</p>وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ:(تَطَيُّبٌ وَإِحْرَامٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2 / 163، فتح القدير 2 / 228.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَاعٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصَّاعُ وَالصُّوَاعُ (بِالْكَسْرِ وَبِالضَّمِّ) لُغَةً: مِكْيَالٌ يُكَال بِهِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ.</p>وَقَال الدَّاوُدِيُّ: مِعْيَارُهُ لَا يَخْتَلِفُ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيِ الرَّجُل الَّذِي لَيْسَ بِعَظِيمِ الْكَفَّيْنِ وَلَا صَغِيرِهَا. وَقِيل: هُوَ إِنَاءٌ يُشْرَبُ فِيهِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْمُدُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْمُدُّ بِالضَّمِّ: كَيْلٌ، وَهُوَ رِطْلَانِ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس المحيط، وتاج العروس، والنهاية في غريب الحديث والأثر، ومختار الصحاح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 1 / 309 ط. دار المعرفة، وبدائع الصنائع 2 / 73 ط. دار الكتاب العربي، والشرح الصغير 1 / 608 ط. دار المعارف بمصر، والدسوقي 1 / 504 - 505 ط. دار الفكر، وروضة الطالبين 2 / 302 ط. المكتب الإسلامي، وحاشية الجمل 2 / 241 ط. دار إحياء التراث العربي، وكشاف القناع 1 / 156 ط. عالم الكتب، ومطالب أولي النهى 2 / 112.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>أَهْل الْعِرَاقِ، وَرِطْلٌ وَثُلُثٌ عِنْدَ أَهْل الْحِجَازِ.</p>وَقَال الْفَيْرُوزُ آبَادِي: قِيل: الْمُدُّ هُوَ مِلْءُ كَفَّيِ الإِْنْسَانِ الْمُتَوَسِّطِ إِذَا مَلأََهُمَا وَمَدَّ يَدَهُ بِهِمَا، وَبِهِ سُمِّيَ مُدًّا (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّ يُسَاوِي رُبُعَ الصَّاعِ، فَالْمُدُّ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّاعِ، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُدَّ وَالصَّاعَ مِنْ وِحْدَاتِ الأَْكْيَال الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ الأَْحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ (2)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْوَسْقُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْوَسْقُ وَالْوِسْقُ: مَكِيلَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَالْوَسْقُ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ مَنًّا (3) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس المحيط، والمصباح المنير، والنهاية، وتاج العروس، ولسان العرب مادة (مدد) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 2 / 40 ط بولاق، وابن عابدين 2 / 76 ط بولاق، والشرح الصغير 1 / 608، والمغني 1 / 222، وكشاف القناع 1 / 155، والأموال لأبي عبيد ص (207) وشرح روض الطالب 1 / 71.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، وتاج العروس مادة (وسق) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير 1 / 608، والقليوبي 1 / 24، والمغني 2 / 700، وجواهر الإكليل 1 / 124، والنهاية في غريب الحديث والأثر 4 / 210.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الْمَنُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْمَنُّ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ مِعْيَارٌ قَدِيمٌ، كَانَ يُكَال بِهِ أَوْ يُوزَنُ، وَقَدْرُهُ إِذْ ذَاكَ رِطْلَانِ بَغْدَادِيَّانِ (1)، وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْفَرَقُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْفَرَقُ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِسُكُونِ الرَّاءِ: مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلاً، وَالْجَمْعُ فُرْقَانٌ (2) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: قَال أَبُو عُبَيْدٍ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَعْلَمُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلاً (3)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الرِّطْل:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الرِّطْل: مِعْيَارٌ يُوزَنُ بِهِ، وَهُوَ بِالْبَغْدَادِيِّ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، فَيُسَاوِي مِثْقَالاً (4) .</p>قَال الرَّافِعِيُّ: قَال الْفُقَهَاءُ: وَإِذَا أُطْلِقَ الرِّطْل فِي الْفُرُوعِ، فَالْمُرَادُ بِهِ رِطْلٌ بَغْدَادِيٌّ، وَالرِّطْل مِكْيَالٌ أَيْضًا (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) معجم لغة الفقهاء، ولسان العرب، والمعجم الوسيط، وتاج العروس مادة (من) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والمصباح المنير، والتاج، والنهاية، والقاموس المحيط، والصحاح مادة (فرق) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 1 / 608، والمغني 1 / 225، والأموال لأبي عبيد ط (208) الطبعة الأولى.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح المنير، والمغرب، والمعجم الوسيط، ولسان العرب مادة (رطل) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> المصباح المنير مادة (رطل) وابن عابدين 2 / 76 ط بولاق، والزرقاني 2 / 131.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّاعِ:</span></p>‌<span class="title">‌مِقْدَارُ الصَّاعِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ الصَّاعِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّاعَ: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ؛ لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ (1) قَال أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَعْلَمُهُ فِي أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَالْفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلاً؛ فَثَبَتَ أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ.</p>وَرُوِيَ: أَنَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَمَا دَخَل الْمَدِينَةَ سَأَلَهُمْ عَنِ الصَّاعِ، فَقَالُوا: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، فَطَالَبَهُمْ بِالْحُجَّةِ فَقَالُوا: غَدًا. فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ سَبْعُونَ شَيْخًا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخَذَ صَاعًا تَحْتَ رِدَائِهِ فَقَال: صَاعِي وَرِثْتُهُ عَنْ أَبِي، وَوَرِثَهُ أَبِي عَنْ جَدِّي، حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.</p>وَالرِّطْل الْعِرَاقِيُّ عِنْدَهُمْ: مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ (2) .</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: الصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " تصدق بفرق بين ستة مساكين " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 18 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 124، وحاشية الدسوقي 1 / 504، شرح المنهاج 2 / 36، وروضة الطالبين 2 / 301، والمغني 1 / 222 - 223.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>لأَِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَهُوَ رِطْلَانِ؛ وَيَغْتَسِل بِالصَّاعِ (1)، فَعُلِمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ مِقْدَارَ الْمُدِّ رِطْلَانِ. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُدَّ رِطْلَانِ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ صَاعُ رَسُول اللَّهِ أَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ لأَِنَّ الْمُدَّ رُبُعُ صَاعٍ بِاتِّفَاقٍ.</p>وَالرِّطْل الْعِرَاقِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: عِشْرُونَ أَسْتَارًا، وَالأَْسْتَارُ: سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الاِغْتِسَال بِالصَّاعِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاِغْتِسَال بِالصَّاعِ مُجْزِئٌ، إِذَا حَصَل الإِْسْبَاغُ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ:" لَيْسَ فِي حُصُول الإِْجْزَاءِ فِي الْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ، وَالصَّاعِ فِي الْغُسْل خِلَافٌ نَعْلَمُهُ " فَإِنْ أَسْبَغَ بِدُونِ الصَّاعِ فِي الْغُسْل أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْغُسْل وَقَدْ فَعَلَهُ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ: الاِغْتِسَال بِالصَّاعِ سُنَّةٌ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْغُسْل عَنْ صَاعٍ تَقْرِيبًا، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فِيمَنِ اعْتَدَل جَسَدُهُ؛ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوَضِّؤُهُ الْمُدُّ، وَيُغَسِّلُهُ الصَّاعُ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَعْتَدِل جَسَدُهُ فَيَخْتَلِفُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أنس:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل - أو كان يغتسل - بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد ". أخرجه البخاري، (الفتح 1 / 304 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البناية شرح الهداية 3 / 355، فتح القدير 2 / 30.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>زِيَادَةً وَنَقْصًا (1) .</p>فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُغَسِّل - أَوْ كَانَ يَغْتَسِل - بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ (2) .</p>وَوَرَدَ: أَنَّ قَوْمًا سَأَلُوا جَابِرًا عَنِ الْغُسْل، فَقَال: يَكْفِيكَ صَاعٌ، فَقَال رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي. فَقَال جَابِرٌ: كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى شَعْرًا مِنْكَ وَخَيْرٌ مِنْكَ، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (3) .</p>وَلَمْ يَنُصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى سُنِّيَّةِ الاِغْتِسَال بِالصَّاعِ.</p> </p>‌<span class="title">‌صَدَقَةُ الْفِطْرِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْدِيرِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِالصَّاعِ، فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الْوَاجِبَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ - عَنْ كُل إِنْسَانٍ - صَاعٌ مِنَ الْبُرِّ أَوِ الشَّعِيرِ أَوْ دَقِيقِهِمَا أَوِ التَّمْرِ، أَوِ الزَّبِيبِ، فَهُمْ يَرَوْنَ عَدَمَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ جَمِيعِ الأَْصْنَافِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 35، والفتاوى الهندية 1 / 16، والمهذب 1 / 38، وروضة الطالبين 1 / 90، والمغني 1 / 222، وكشاف القناع 1 / 156، ونهاية المحتاج 1 / 212.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أنس. . . " سبق تخريجه ف 7.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث جابر: " أن قومًا سألوا جابرًا عن الغسل. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 365 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُل حُرٍّ وَعَبْدٍ، ذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ (1) . وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه قَال: كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُل صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ (2) .</p>وَقَدْ نُقِل عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الدَّارِمِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيِّ: أَنَّ الْوَاجِبَ إِخْرَاجُ صَاعٍ مُعَايَرٍ بِالصَّاعِ الَّذِي كَانَ يُخْرَجُ بِهِ زَمَنَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ الصَّاعُ مَوْجُودٌ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الاِسْتِظْهَارُ بِأَنْ يُخْرِجَ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يُنْقِصُهُ عَنْهُ (3) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْوَاجِبَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَسَوِيقِهِ، أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، لِمَا رَوَى ثَعْلَبَةُ بْنُ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر. . . . أخرجه البخاري (الفتح 3 / 367 - ط السلفية) ومسلم (2 / 677 - ط. الحلبي) واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي سعيد: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم (2 / 678 - ط الحلبي) وأخرجه البخاري (الفتح 3 / 371 - ط السلفية) مختصرًا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 1 / 289، والقوانين الفقهية ص 76، والدسوقي 1 / 504، ومواهب الجليل 2 / 366، وروضة الطالبين 2 / 301، 302، والمجموع 6 / 128 ط السلفية، والمغني 3 / 55، وكشاف القناع 2 / 53 ط. عالم الكتب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>أَنَّهُ قَال: خَطَبَنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَدُّوا عَنْ كُل حُرٍّ وَعَبْدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ (1) .</p>وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.</p>وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ: أَنَّ عَشَرَةً مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم رَوَوْا: عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَاحْتُجَّ بِرِوَايَتِهِمْ.</p>وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الزَّبِيبِ، فَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: نِصْفَ صَاعٍ؛ لأَِنَّ قِيمَةَ الزَّبِيبِ تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أدوا عن كل حر وعبد. . . " يدل عليه ما رواه أبو داود من حديث الحسن أنه قال: خطب ابن عباس رحمه الله في آخر رمضان على منبر البصرة فقال: أخرجوا صدقة صومكم فكأن الناس لم يعلموا فقال: من هاهنا من أهل المدينة؟ قوموا إلى إخوانكم فعلموهم فإنهم لا يعل وهو حديث حسن (جامع الأصول بتحقيق الأرناؤوط 4 / 644) ، وذكر الزيلعي والعيني شواهد له (نصب الراية 2 / 418 - 423 وعمدة القاري 9 / 113 وما بعدها) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>الْحِنْطَةِ فِي الْعَادَةِ، ثُمَّ اكْتَفَى مِنَ الْحِنْطَةِ بِنِصْفِ صَاعٍ؛ فَمِنَ الزَّبِيبِ أَوْلَى.</p>وَرَوَى الْحَسَنُ، وَأَسَدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَال: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَلأَِنَّ الزَّبِيبَ لَا يَكُونُ مِثْل الْحِنْطَةِ فِي التَّغَذِّي، بَل يَكُونُ أَنْقَصَ مِنْهَا، كَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ؛ فَكَانَ التَّقْدِيرُ فِيهِ بِالصَّاعِ، كَمَا فِي الشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ.</p>وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَدَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي الْفِطْرَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَوْ أَدَّى نِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ، وَنِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ وَرُبُعَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ جَازَ (1) .</p>وَهُنَاكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(زَكَاةُ الْفِطْرِ) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ الْوَاحِدَةِ صَاعٌ مِنْ جِنْسَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ الْجِنْسَانِ مُتَمَاثِلِينَ أَوْ أَحَدُهُمَا مِمَّا يَجِبُ وَالآْخَرُ أَعْلَى مِنْهُ، كَمَا لَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع (2 / 72 ط دار الكتاب العربي، وابن عابدين 2 / 76 ط بولاق) والبحر الرائق 2 / 273 ط دار المعرفة، وتبيين الحقائق 1 / 307 ط دار المعرفة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>يَكْسُوَ خَمْسَةً وَيُطْعِمَ خَمْسَةً؛ لأَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِصَاعِ بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ جَمَعَ صَاعًا مِنَ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالأَْقِطِ، وَأَخْرَجَهُ أَجْزَأَهُ كَمَا لَوْ كَانَ خَالِصًا مِنْ. أَحَدِهِمَا (2) .</p>وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌صُبْحٌ</span></p> </p>انْظُرْ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الْمَفْرُوضَةُ، وَأَوْقَاتُ الصَّلَاةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 135.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 253.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صُبْرَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصُّبْرَةُ فِي اللُّغَةِ: الْكَوْمَةُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، جَمْعُهَا صُبَرٌ، كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ، يُقَال: صَبَّرْتُ الْمَتَاعَ: إِذَا جَمَعْتُهُ وَضَمَمْتُ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. وَقِيل: هِيَ الْكَوْمَةُ مِنَ الطَّعَامِ خَاصَّةً، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَجْهُولَةَ الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ أَمْ مَعْلُومَتَهُمَا، وَقِيل: مَا جُمِعَ مِنَ الطَّعَامِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: قَال سُلَيْمَانُ الْجَمَل: أَطْلَقَهَا الْفُقَهَاءُ عَلَى كُل مُتَمَاثِل الأَْجْزَاءِ (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font>‌<span class="title">‌ الْجُزَافُ </span>- مُثَلَّثُ الْجِيمِ - وَهُوَ بَيْعُ مَا يُكَال، أَوْ يُوزَنُ، أَوْ يُعَدُّ جُمْلَةً بِلَا كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ، وَلَا عَدٍّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصُّبْرَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌بَيْعُ الصُّبْرَةِ جُزَافًا:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ جُزَافًا وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح مادة (صبر) ، وكشاف القناع 3 / 168، حاشية الجمل 3 / 34.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 4 / 285، المصباح المنير، والموسوعة الفقهية (مصطلح: جزاف) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ. فَإِنْ قَال: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنَ الْحِنْطَةِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ صِيعَانَهَا؛ لأَِنَّ غَرَرَ الْجَهَالَةِ يَنْتَفِي بِالْمُشَاهَدَةِ (1) . كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَبَيْعُ صُبْرَةٍ: كُل صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَأَرَادَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ شِرَاءَ جَمِيعِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ أَمْ لَا؛ لأَِنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيل. وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْجُمْلَةِ، مَعْلُومَةَ التَّفْصِيل، وَجَهْل الْجُمْلَةِ وَحْدَهُ لَا يَضُرُّ (2) .</p>وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ بَاعَ صُبْرَةً: كُل صَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ فِي صَاعٍ، قَال: لأَِنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، غَيْرَ أَنَّ الأَْقَل مَعْلُومٌ فَيَجُوزُ فِيهِ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ، وَمَا عَدَاهُ مَجْهُولٌ فَيَفْسُدُ، وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ. وَقَال صَاحِبَاهُ: يَجُوزُ فِي الْكُل؛ لأَِنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ بِالإِْشَارَةِ، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ. أَمَّا إِذَا كَالَاهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ بِالإِْجْمَاعِ لِزَوَال الْمَانِعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 9 / 310 - 312، نهاية المحتاج 3 / 413 - 414، ابن عابدين 4 / 22، تبيين الحقائق 4 / 5 - 6، الإنصاف 4 / 303، الكافي 2 / 14 - 15، بلغة السالك 2 / 359، مواهب الجليل 4 / 285.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>قَبْل تَقَرُّرِ الْفَسَادِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ جَوَازِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزَافًا:</span></p> </p><font color=#ff0000>4 -</font>‌<span class="title">‌ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزَافًا مَا يَلِي:</span></p>أ - أَنْ لَا يَغُشَّ بَائِعُ الصُّبْرَةِ، بِأَنْ يَجْعَلَهَا عَلَى دِكَّةٍ أَوْ رَبْوَةٍ، أَوْ يَجْعَل الرَّدِيءَ مِنْهَا أَوِ الْمَبْلُول فِي بَاطِنِهَا، لِحَدِيثِ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا (2) فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ؛ فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ ذَلِكَ بَطَل الْعَقْدُ؛ لِمَنْعِ ذَلِكَ تَخْمِينَ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ، هَذَا إِذَا لَمْ يَرَ قَبْل الْوَضْعِ فِيهِ، فَإِنْ رَأَى الصُّبْرَةَ قَبْل الْوَضْعِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُول التَّخْمِينِ، وَإِنْ جَهِل كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ: بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَحَل مُسْتَوٍ فَظَهَرَ خِلَافُهُ خُيِّرَ مَنْ لَحِقَهُ النَّقْصُ، بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالإِْمْضَاءِ (3) .</p>ب - أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةَ الأَْجْزَاءِ. فَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاؤُهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.</p>ج - أَنْ يَرَى الْمَبِيعَ جُزَافًا حَال الْعَقْدِ، أَوْ قَبْلَهُ إِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ إِلَى وَقْتِ الْعَقْدِ دُونَ تَغَيُّرٍ.</p>د - أَنْ يَجْهَل الْمُتَبَايِعَانِ مَعًا قَدْرَ الْكَيْل أَوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 4 / 5 - 6، ابن عابدين 4 / 22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (1 / 99 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> روض الطالب 2 / 17، كشاف القناع 3 / 169.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>الْوَزْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْلَمُ الْقَدْرَ دُونَ الآْخِرِ فَلَا يَصِحُّ.</p>هـ - أَنْ تَسْتَوِيَ الأَْرْضُ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا الْمَبِيعُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوِيَةً فَفِيهَا التَّفْصِيل السَّابِقُ (1) . (ر: مُصْطَلَحَ " بَيْعُ الْجُزَافِ ") .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ الصُّبْرَةِ إِلَاّ صَاعًا:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> إِنْ بَاعَ الصُّبْرَةَ إِلَاّ صَاعًا، فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَنُزِّل عَلَى الشُّيُوعِ، فَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةَ آصُعٍ كَانَ الْمَبِيعُ تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا. . . أَمَّا إِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ فَلَا يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا، وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ: إِلَاّ أَنْ يُعْلَمَ (2) وَلأَِنَّ الْمَبِيعَ هُوَ: مَا وَرَاءَ الصَّاعِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ لأَِنَّهُ خَالَطَهُ أَعْيَانٌ أُخْرَى، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّخْمِينِ، بَل لَا بُدَّ مِنْ إِحَاطَةِ الْعِيَانِ بِجَمِيعِ جَوَانِبِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا لَمْ يُوجَدْ (3)</p>وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الصُّبْرَةِ الْمُشَاهَدَةِ، أَوْ ثُلُثَهَا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْمَعْلُومَةِ صَحَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة (الموسوعة الفقهية 9 / 74 - 75) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" نهى عن البيع الثنيا " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 50 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1175 ط. الحلبي) من حديث جابر بلفظ " نهى عن المحاقلة والمزابنة والثنيا "، وزاد الترمذي (3 / 85 - ط. الحلبي) :" إلا أن تعلم ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 2 / 17، الكافي 2 / 15، الإنصاف 4 / 303.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ قَال: بِعْتُكَ بَعْضَ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، أَوْ نَصِيبًا مِنْهَا، أَوْ جُزْءًا مِنْهَا، مَا شِئْتَ، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا قَدْرٌ مَعْلُومٌ؛ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِلْغَرَرِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ صُبْرَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَزِيدَهُ صَاعًا أَوْ يُنْقِصَهُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> إِنْ بَاعَ صُبْرَةً: كُل صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ أَوْ يُنْقِصَهُ صَاعًا لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ إِنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى سَبِيل الْهِبَةِ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ.</p>وَإِنْ أَرَادَهَا عَلَى سَبِيل الْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ الصَّاعُ مَجْهُولاً فَهُوَ بَيْعُ مَجْهُولٍ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لَمْ يَصِحَّ - أَيْضًا - إِذَا كَانَ مِنْ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ؛ لأَِنَّنَا نَجْهَل تَفْصِيل الثَّمَنِ وَجُمْلَتَهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ صُبْرَةٍ وَذِكْرُ جُمْلَتِهَا:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> إِذَا بَاعَ صُبْرَةً وَسَمَّى جُمْلَتَهَا، بِأَنْ قَال: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ وَجَدَهَا نَاقِصَةً، أَوْ زَائِدَةً:</p>قَال الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إِنْ زَادَتْ عَلَى الْقَدْرِ الْمُسَمَّى أَوْ نَقَصَتْ مِنْهُ؛ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 9 / 313، والمصادر السابقة، بلغة السالك على الشرح الصغير 2 / 10.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 9 / 314 - 315، الكافي 2 / 15.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>وَتَفْصِيلِهِ، فَكَأَنَّهُ قَال: بِعْتُكَ قَفِيزًا وَشَيْئًا لَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهُ بِدِرْهَمٍ لِجَهْلِهِمَا كَمِّيَّةَ قُفْزَانِهَا (1) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً يَأْخُذُ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْقَدْرِ الْمُسَمَّى فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِقَدْرِهَا (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ بَاعَا الصُّبْرَةَ وَحَزَرَاهَا، أَوْ وَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهَا (أَيْ يُخَمِّنُهَا) فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا كَذَلِكَ فَبِهَا، وَإِلَاّ فَالْخِيَارُ لِمَنْ لَزِمَهُ الضَّرَرُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌صَبْغٌ</span></p> </p>انْظُرْ: اخْتِضَابٌ</p> </p>‌<span class="title">‌صَبِيٌّ</span></p> </p>انْظُرْ: صِغَرٌ</p> </p>‌<span class="title">‌صَحَابِيٌّ</span></p> </p>انْظُرْ: قَوْل الصَّحَابِيِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المحلي على القليوبي 2 / 163، المجموع 9 / 313، الكافي 2 / 16، كشاف القناع 3 / 169.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 4 / 6، ابن عابدين 4 / 35.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير للدردير 3 / 36 - 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صُحْبَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصُّحْبَةُ فِي اللُّغَةِ: الْمُلَازَمَةُ وَالْمُرَافَقَةُ، وَالْمُعَاشَرَةُ. يُقَال: صَحِبَهُ يَصْحَبُهُ صُحْبَةً، وَصَحَابَةً بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: عَاشَرَهُ وَرَافَقَهُ، وَلَازَمَهُ (1) .</p>وَفِي حَدِيثِ قَيْلَةَ: خَرَجْتُ أَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2) .</p>هَذَا مُطْلَقُ الصُّحْبَةِ لُغَةً. أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ: فَإِذَا أَطْلَقُوا الصُّحْبَةَ؛ فَالْمُرَادُ بِهَا صُحْبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الرُّفْقَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الرُّفْقَةُ فِي اللُّغَةِ: مُطْلَقُ الصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ أَوْ غَيْرِهِ، يُقَال: رَافَقَ الرَّجُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإصابة 1 / 7، فتح الباري 7 / 4، علوم الحديث لابن الصلاح 263، والقاموس المحيط.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث قيلة:" خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أورده الهيثمي في المجمع (6 / 11 - ط. القدسي) ضمن حديث طويل وقال: " رواه الطبراني ورجاله ثقات ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>صَاحَبَهُ: وَقِيل فِي السَّفَرِ خَاصَّةً فَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الصُّحْبَةِ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الصَّدَاقَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الصَّدَاقَةُ، وَالْمُصَادَقَةُ: الْمُخَالَّةُ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقَال: صَادَقْتُهُ مُصَادَقَةً وَصَدَاقَةً: خَالَلْتُهُ، وَالصَّدَاقَةُ أَخَصُّ مِنَ الصُّحْبَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصُّحْبَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌مَا تَثْبُتُ بِهِ الصُّحْبَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْمِ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ الصُّحْبَةُ، وَفِي مُسْتَحِقِّ اسْمِ الصُّحْبَةِ. قَال بَعْضُهُمْ:" إِنَّ الصَّحَابِيَّ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِنًا بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإِْسْلَامِ " وَقَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: هَذَا أَصَحُّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.</p>فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ، وَمَنْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَغْزُ مَعَهُ، وَمَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ مِنْ بَعِيدٍ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ، كَالْعَمَى.</p>وَيَخْرُجُ بِقَيْدِ الإِْيمَانِ: مَنْ لَقِيَهُ كَافِرًا وَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا بَعْدُ، إِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ الإِْيمَانِ، كَمَا يَخْرُجُ بِقَيْدِ الْمَوْتِ عَلَى الإِْيمَانِ: مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِْسْلَامِ بَعْدَ صُحْبَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصدر السابق</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ فَلَا يُعَدُّ صَحَابِيًّا.</p>وَهَل يُشْتَرَطُ التَّمْيِيزُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ؟ مِنْهُمْ مَنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ. قَال ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي: بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ " وَعَمَل مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَةِ يَدُل عَلَى الثَّانِي " أَيْ: عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ.</p>وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الصُّحْبَةِ، وَلَا يُعَدُّ فِي الصَّحَابَةِ إِلَاّ مَنْ أَقَامَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَنَةً فَصَاعِدًا، أَوْ غَزَا مَعَهُ غَزْوَةً فَصَاعِدًا، حُكِيَ هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَال ابْنُ الصَّلَاحِ: هَذَا إِنْ صَحَّ: طَرِيقَةُ الأُْصُولِيِّينَ (1) .</p>وَقِيل: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصُّحْبَةِ: طُول الاِجْتِمَاعِ وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ مَعًا، وَقِيل: يُشْتَرَطُ أَحَدُهُمَا، وَقِيل: يُشْتَرَطُ الْغَزْوُ مَعَهُ، أَوْ مُضِيُّ سَنَةٍ عَلَى الاِجْتِمَاعِ، وَقَال أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل: لأَِنَّ لِصُحْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَرَفًا عَظِيمًا لَا يُنَال إِلَاّ بِاجْتِمَاعٍ طَوِيلٍ يَظْهَرُ فِيهِ الْخُلُقُ الْمَطْبُوعُ عَلَيْهِ الشَّخْصُ، كَالْغَزْوِ الْمُشْتَمِل عَلَى السَّفَرِ الَّذِي هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَالسَّنَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْفُصُول الأَْرْبَعَةِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا الْمِزَاجُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإصابة 1 / 7، فتح الباري 7 / 4، علوم الحديث لابن الصلاح 263.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 196.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طُرُقُ إِثْبَاتِ الصُّحْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الصُّحْبَةُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> - مِنْهَا: التَّوَاتُرُ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> - ثُمَّ الاِسْتِفَاضَةُ، وَالشُّهْرَةُ، الْقَاصِرَةُ عَنِ التَّوَاتُرِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> - ثُمَّ بِأَنْ يُرْوَى عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ فُلَانًا لَهُ صُحْبَةٌ، أَوْ عَنْ أَحَدِ التَّابِعِينَ بِنَاءً عَلَى قَبُول التَّزْكِيَةِ عَنْ وَاحِدٍ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> - ثُمَّ بِأَنْ يَقُول هُوَ إِذَا كَانَ ثَابِتَ الْعَدَالَةِ وَالْمُعَاصَرَةِ - أَنَا صَحَابِيٌّ، أَمَّا الشَّرْطُ الأَْوَّل: وَهُوَ الْعَدَالَةُ فَجَزَمَ بِهِ الآْمِدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: أَنَا صَحَابِيٌّ، قَبْل ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ يَلْزَمُ مِنْ قَبُول قَوْلِهِ: إِثْبَاتُ عَدَالَتِهِ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْل الْقَائِل: أَنَا عَدْلٌ، وَذَلِكَ لَا يُقْبَل.</p>وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمُعَاصَرَةُ فَيُعْتَبَرُ بِمُضِيِّ مِائَةِ سَنَةٍ وَعَشْرِ سِنِينَ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ عُمْرِهِ لأَِصْحَابِهِ: أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَْرْضِ أَحَدٌ (1) وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) علوم الحديث لابن الصلاح 264، الإصابة 1 / 8 - 9 وحديث:" أريتكم ليلتكم هذه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح / 1 / 211 - ط. السلفية) ومسلم (4 / 1965 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر واللفظ لمسلم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>ذَلِكَ كَانَ قَبْل مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم بِشَهْرٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌عَدَالَةُ مَنْ ثَبَتَتْ صُحْبَتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّةِ: عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ عُدُولٌ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَاّ شُذُوذٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ.</p>وَهَذِهِ الْخِصِّيصَةُ لِلصَّحَابَةِ بِأَسْرِهِمْ، وَلَا يُسْأَل عَنْ عَدَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَل ذَلِكَ أَمْرٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، لِكَوْنِهِمْ عَلَى الإِْطْلَاقِ مُعَدَّلِينَ بِتَعْدِيل اللَّهِ لَهُمْ وَإِخْبَارِهِ عَنْ طَهَارَتِهِمْ، وَاخْتِيَارِهِ لَهُمْ (2) بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ، قَال تَعَالَى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآْيَةَ (3) .</p>قِيل: اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الآْيَةَ وَارِدَةٌ فِي أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.</p>وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (4) وَقَال تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} (5) الآْيَةَ وَفِي نُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ كَثْرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ: أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث جابر أخرجه مسلم (4 / 1966) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإصابة 1 / 9 - 10، علوم الحديث 264.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة آل عمران / 110.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 143.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة الفتح / 29.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْل أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ (1) .</p>وَقَال صلى الله عليه وسلم: اللَّهَ، اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ أَذَانِي، وَمَنْ أَذَانِي فَقَدْ أَذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ (2) .</p>قَال ابْنُ الصَّلَاحِ: ثُمَّ إِنَّ الأُْمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَعْدِيل جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمْ فَكَذَلِكَ، بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الإِْجْمَاعِ، إِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَنَظَرًا إِلَى مَا تَمَهَّدَ لَهُمْ مِنَ الْمَآثِرِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَتَاحَ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ نَقَلَةَ الشَّرِيعَةِ (3) .</p>وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِتَعْدِيلِهِمْ، وَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَ تَعْدِيل اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُمْ إِلَى تَعْدِيل أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده. . . " أخرجه البخاري (الفتح 7 / 21 - ط. السلفية) ومسلم (4 / 1967 - ط. الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري، واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الله الله في أصحابي. . . " أخرجه الترمذي (5 / 696 - ط. الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري، وقال:" هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " وذكر هذا الحديث الذهبي من مناكير راويه عن أبي سعيد في الميزان (4 / 564 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي (301) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>الْخَطِيبِ فِي " الْكِفَايَةِ " أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِدْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِيهِمْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لأََوْجَبَتِ الْحَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ، وَنُصْرَةِ الإِْسْلَامِ، وَبَذْل الْمُهَجِ وَالأَْمْوَال، وَقَتْل الآْبَاءِ، وَالأَْبْنَاءِ، وَالْمُنَاصَحَةِ فِي الدِّينِ، وَقُوَّةِ الإِْيمَانِ وَالْيَقِينِ: الْقَطْعَ بِتَعْدِيلِهِمْ، وَالاِعْتِقَادَ بِنَزَاهَتِهِمْ، وَأَنَّهُمْ كَافَّةً أَفْضَل مِنْ جَمِيعِ الْخَالِفِينَ بَعْدَهُمْ وَالْمُعَدَّلِينَ الَّذِينَ يَجِيئُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ، ثُمَّ قَال: هَذَا مَذْهَبُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَمَنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ، وَرَوَى بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيَّ قَال:" إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُل يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ "، ذَلِكَ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَالْقُرْآنَ حَقٌّ، وَمَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ، وَإِنَّمَا أَدَّى إِلَيْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ الصَّحَابَةُ، وَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا، لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى، وَهُمْ زَنَادِقَةٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِنْكَارُ صُحْبَةِ مَنْ ثَبَتَتْ صُحْبَتُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي 46 - 49، وعلوم الحديث 264، الإصابة 1 / 17 و 18.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 377، وشرح الزرقاني 8 / 74، نهاية المحتاج 7 / 419، مطالب أولي النهى 6 / 287.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (1) وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ غَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، كَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم فَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ: عَلَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا الإِْنْكَارِ. وَهُوَ مَفْهُومُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْل الْحَنَفِيَّةِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَكْفُرُ لِتَكْذِيبِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؛ وَلأَِنَّهُ يَعْرِفُهَا الْعَامُّ، وَالْخَاصُّ، وَانْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، فَنَافِي صُحْبَةِ أَحَدِهِمْ، أَوْ كُلِّهِمْ مُكَذِّبٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَبُّ الصَّحَابَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ، أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَإِنْ نَسَبَ إِلَيْهِمْ مَا لَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِمْ، أَوْ فِي دِينِهِمْ بِأَنْ يَصِفَ بَعْضَهُمْ بِبُخْلٍ، أَوْ جُبْنٍ، أَوْ قِلَّةِ عِلْمٍ، أَوْ عَدَمِ الزُّهْدِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَكْفُرُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ.</p>أَمَّا إِنْ رَمَاهُمْ بِمَا يَقْدَحُ فِي دِينِهِمْ أَوْ عَدَالَتِهِمْ كَقَذْفِهِمْ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ قَذَفَ الصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ: عَائِشَةَ رضي الله عنهما زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التوبة / 40.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 4 / 118، وحاشية الدسوقي 4 / 303، وكشاف القناع 6 / 172.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَصِّ الْقُرْآنِ.</p>أَمَّا بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ سَبَّهُمْ، فَقَال الْجُمْهُورُ: لَا يَكْفُرُ بِسَبِّ أَحَدِ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ عَائِشَةَ بِغَيْرِ مَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ (1) وَيَكْفُرُ بِتَكْفِيرِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ أَوِ الْقَوْل بِأَنَّ الصَّحَابَةَ ارْتَدُّوا جَمِيعًا بَعْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَنَّهُمْ فَسَقَوْا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الرِّضَا عَنْهُمْ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أَنَّ نَقَلَةَ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ كُفَّارٌ، أَوْ فَسَقَةٌ، وَأَنَّ هَذِهِ الأُْمَّةَ الَّتِي هِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ، وَخَيْرُهَا الْقَرْنُ الأَْوَّل كَانَ عَامَّتُهُمْ كُفَّارًا، أَوْ فُسَّاقًا، وَمَضْمُونُ هَذَا: أَنَّ هَذِهِ الأُْمَّةَ شَرُّ الأُْمَمِ، وَأَنَّ سَابِقِيهَا هُمْ أَشْرَارُهَا، وَكُفْرُ مَنْ يَقُول هَذَا مِمَّا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ (2) .</p>وَجَاءَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: يَجِبُ إِكْفَارُ مَنْ كَفَّرَ عُثْمَانَ، أَوْ عَلِيًّا، أَوْ طَلْحَةَ، أَوْ عَائِشَةَ، وَكَذَا مَنْ يَسُبُّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ يَلْعَنُهُمَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 7 / 419، شرح الزرقاني 8 / 74، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 6 / 318، 319.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 282.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 6 / 318 - 319، مطالب أولي النهى 6 / 287.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صِحَّةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصِّحَّةُ فِي اللُّغَةِ: وَالصُّحُّ وَالصِّحَاحُ ضِدُّ السَّقَمِ، وَهِيَ أَيْضًا: ذَهَابُ الْمَرَضِ. وَالصِّحَّةُ فِي الْبَدَنِ: حَالَةٌ طَبِيعِيَّةٌ تَجْرِي أَفْعَالُهُ مَعَهَا عَلَى الْمَجْرَى الطَّبِيعِيِّ، وَقَدِ اسْتُعِيرَتِ الصِّحَّةُ لِلْمَعَانِي فَقِيل: صَحَّتِ الصَّلَاةُ إِذَا أَسْقَطَتِ الْقَضَاءَ، وَصَحَّ الْعَقْدُ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، وَصَحَّ الْقَوْل إِذَا طَابَقَ الْوَاقِعَ، وَالصَّحِيحُ الْحَقُّ: وَهُوَ خِلَافُ الْبَاطِل (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الصِّحَّةُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مِنْ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ (ر: مُصْطَلَحُ حُكْمٌ ف 4) .</p>وَاخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي تَعْرِيفِ الصِّحَّةِ.</p>فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الصِّحَّةَ عِبَارَةٌ عَمَّا وَافَقَ الشَّرْعَ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ لَمْ يَجِبْ، وَيَشْمَل عِنْدَهُمُ الْعِبَادَاتِ وَالْعُقُودَ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْعِبَادَاتِ: انْدِفَاعُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير والصحاح ولسان العرب مادة (صحح) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>فَفِي تَعْرِيفِ الْحَنَفِيَّةِ زِيَادَةُ قَيْدٍ، إِذْ هِيَ عِنْدَهُمْ: مُوَافَقَةُ أَمْرِ الشَّارِعِ عَلَى وَجْهٍ يَنْدَفِعُ بِهِ الْقَضَاءُ.</p>وَفِي الْمُعَامَلَاتِ تَرَتُّبُ أَثَرِهَا وَهُوَ مَا شُرِعَتْ مِنْ أَجْلِهِ، كَحِل الاِنْتِفَاعِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَالاِسْتِمْتَاعِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ.</p>وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ فِيمَنْ صَلَّى ظَانًّا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، فَتَكُونُ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَِنَّهُ وَافَقَ الأَْمْرَ الْمُتَوَجَّهَ عَلَيْهِ فِي الْحَال، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَوُجُوبُهُ بِأَمْرٍ مُتَجَدِّدٍ، فَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ اسْمُ الصِّحَّةِ وَتَكُونُ هَذِهِ الصَّلَاةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِعَدَمِ انْدِفَاعِ الْقَضَاءِ.</p>وَوَجْهُ قَوْلِهِمْ إِنَّ الصِّحَّةَ لَا تَتَحَقَّقُ إِلَاّ بِتَحْقِيقِ الْمَقْصُودِ الدُّنْيَوِيِّ مِنَ التَّكْلِيفِ وَهُوَ فِي الْعِبَادَاتِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ، وَفِي الْمُعَامَلَاتِ بِتَحْقِيقِ الأَْغْرَاضِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، كَمِلْكِ الرَّقَبَةِ فِي الْبَيْعِ، وَمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي النِّكَاحِ، وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِي الإِْجَارَةِ، وَالْبَيْنُونَةِ فِي الطَّلَاقِ.</p>وَمَا لَمْ يُوصَل إِلَى الْمَقَاصِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ يُسَمَّى بُطْلَانًا وَفَسَادًا.</p>وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الصَّحِيحُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ مَا اجْتَمَعَ أَرْكَانُهُ وَشَرَائِطُهُ حَتَّى يَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْحُكْمِ (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المستصفى 1 / 94 - 95، مسلم الثبوت (مع المستصفى) 1 / 120 - 121، تيسير التحرير 2 / 234 - 235، جمع الجوامع بحاشية العطار 1 / 140 - 142، التلويح على التوضيح 2 / 122 - 123، التعريفات 132.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْجْزَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْجْزَاءُ لُغَةً الْكِفَايَةُ وَالإِْغْنَاءُ.</p>وَاصْطِلَاحًا: مُوَافَقَةُ أَمْرِ الشَّارِعِ بِأَنْ يَكُونَ الْفِعْل مُسْتَجْمِعًا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّرُوطِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَنْدَفِعَ بِفِعْلِهِ الْقَضَاءُ، فَالصِّحَّةُ وَالإِْجْزَاءُ مُتَرَادِفَانِ فِي الاِسْتِعْمَال، إِلَاّ أَنَّ الإِْجْزَاءَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الصِّحَّةِ (1) . وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِجْزَاءٌ ف 1، 2)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْبُطْلَانُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْبُطْلَانُ لُغَةً الضَّيَاعُ وَالْخُسْرَانُ.</p>وَاصْطِلَاحًا: يَخْتَلِفُ تَعْرِيفُ الْبُطْلَانِ تَبَعًا لِلْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ. فَالْبُطْلَانُ فِي الْعِبَادَاتِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعِبَادَةِ حَتَّى كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، كَمَا لَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ. وَالْبُطْلَانُ فِي الْمُعَامَلَاتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ تَقَعَ الْمُعَامَلَةُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ.</p>وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْبُطْلَانُ هُوَ الْفَسَادُ بِمَعْنَى أَنْ تَقَعَ الْمُعَامَلَةُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تيسير التحرير 2 / 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>بِأَصْلِهِ أَوْ بِوَصْفِهِ أَوْ بِهِمَا. (ر: مُصْطَلَحُ بُطْلَانٌ ف 1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الأَْدَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الأَْدَاءُ لُغَةً: الإِْيصَال.</p>وَاصْطِلَاحًا: فِعْل بَعْضِ - وَقِيل كُل - مَا دَخَل وَقْتُهُ قَبْل خُرُوجِهِ، وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْقَضَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْقَضَاءُ لُغَةً: الأَْدَاءُ.</p>وَاصْطِلَاحًا: مَا فُعِل بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضٍ</p>(ر: مُصْطَلَحُ أَدَاءٌ ف 1)</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ كُلٍّ مِنَ الأَْدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَبَيْنَ الصِّحَّةِ، أَنَّهُمَا يَأْتِيَانِ وَصْفًا لِلصِّحَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّحَّةِ مِنْ أَحْكَامٍ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> أَهْلِيَّةُ الإِْنْسَانِ لأَِدَاءِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ تَتَعَلَّقُ بِقُدْرَتَيْنِ: قُدْرَةِ فَهْمِ الْخِطَابِ وَذَلِكَ بِالْعَقْل، وَقُدْرَةِ الْعَمَل بِهِ وَهِيَ بِالْبَدَنِ.</p>وَلَقَدِ اعْتُبِرَ الْمَرَضُ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ؛ لأَِنَّ لَهُ أَثَرًا فِي نَقْصِ التَّكْلِيفِ وَعَدَمِ تَمَامِهِ؛ لأَِنَّ الْمَرِيضَ يَتَرَخَّصُ بِرُخَصٍ كَثِيرَةٍ شُرِعَتْ لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُ، كَمَا يَكُونُ الْمَرَضُ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال سَبَبًا لِلْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ. (ر: أَهْلِيَّةٌ ف 9 وَف 13) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>فَإِذَا كَانَ الإِْنْسَانُ صَحِيحَ الْبَدَنِ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ التَّكْلِيفُ كَامِلاً لِتَحَقُّقِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ جُمْلَةً مِنَ الأَْحْكَامِ يُشْتَرَطُ فِيهَا صِحَّةُ الْبَدَنِ مِنْهَا:</p><font color=#ff0000>(1)</font> يُشْتَرَطُ فِي إِمَامِ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ يَؤُمُّ الأَْصِحَّاءَ أَنْ يَكُونَ سَالِمًا مِنَ الأَْعْذَارِ، كَسَلَسِ الْبَوْل، وَانْفِلَاتِ الرِّيحِ، وَالْجُرْحِ السَّائِل، وَالرُّعَافِ. (ر: إِمَامَةُ الصَّلَاةِ ف 10) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْجِهَادِ السَّلَامَةُ مِنَ الضَّرَرِ، فَلَا يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَى الْعَاجِزِ غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لأَِنَّ الْعَجْزَ يَنْفِي الْوُجُوبَ، وَالْمُسْتَطِيعُ: هُوَ الصَّحِيحُ فِي بَدَنِهِ مِنَ الْمَرَضِ. (ر: جِهَادٌ ف 21)</p><font color=#ff0000>(3)</font> وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الإِْمَامَةَ الْكُبْرَى أَنْ يَكُونَ سَلِيمَ الْحَوَاسِّ وَالأَْعْضَاءِ مِمَّا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ لِلنُّهُوضِ بِمَهَامِّ الإِْمَامَةِ.</p>(الإِْمَامَةُ الْكُبْرَى ف 10)</p><font color=#ff0000>(4)</font> وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْحَجِّ: الاِسْتِطَاعَةُ، وَمِنْهَا صِحَّةُ الْبَدَنِ، وَسَلَامَتُهُ مِنَ الأَْمْرَاضِ وَالْعَاهَاتِ الَّتِي تَعُوقُ عَنِ الْحَجِّ. (ر: حَجٌّ ف 19) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(5)</font> لَا تُشْتَرَطُ صِحَّةُ الْبَدَنِ فِي إِقَامَةِ حَدِّ الرَّجْمِ، أَوِ الْقِصَاصِ؛ لأَِنَّ نَفْسَهُ مُسْتَوْفَاةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَبَيْنَ الْمَرِيضِ.</p>أَمَّا الْجَلْدُ فَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ مِمَّا يُرْجَى بُرْؤُهُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَأْخِيرِ إِقَامَةِ الْحَدِّ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْخِيرِ. أَمَّا إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ كَانَ الْجَانِي ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ لَا يَحْتَمِل السِّيَاطَ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْحَال إِذْ لَا غَايَةَ تُنْتَظَرُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُضْرَبَ ضَرْبًا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلَفُ. (ر: حُدُودٌ ف 14) .</p><font color=#ff0000>(6)</font> لَا يَجُوزُ لِلصَّحِيحِ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِرُخَصِ الْمَرِيضِ؛ لأَِنَّهَا رُخْصَةٌ ثَبَتَتْ تَخْفِيفًا عَنِ الْمَرِيضِ لِعُذْرِ الْمَرَضِ فَتَقْتَصِرُ عَلَيْهِ. (ر: رُخْصَةٌ ف 15، 16) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِحَّةُ الْحَدِيثِ:</span></p><font color=#ff0000>(7)</font> عَرَّفَ الْمُحَدِّثُونَ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ بِأَنَّهُ: مَا اتَّصَل سَنَدُهُ بِنَقْل الثِّقَةِ (وَهُوَ الْعَدْل الضَّابِطُ عَنْ مِثْلِهِ) مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلَا عِلَّةٍ. فَيَشْتَرِطُونَ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ خَمْسَةَ شُرُوطٍ:</p>الأَْوَّل: اتِّصَال السَّنَدِ، فَخَرَجَ الْحَدِيثُ الْمُنْقَطِعُ، وَالْمُعْضَل، وَالْمُعَلَّقُ، وَالْمُدَلَّسُ، وَالْمُرْسَل.</p>الثَّانِي: عَدَالَةُ الرُّوَاةِ. فَخَرَجَ بِهِ رِوَايَةُ مَجْهُول الْحَال، أَوِ الْعَيْنِ أَوِ الْمَعْرُوفِ بِالضَّعْفِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>الثَّالِثُ: ضَبْطُ الرُّوَاةِ. وَخَرَجَ بِهِ الْمُغَفَّل كَثِيرُ الْخَطَأِ.</p>الرَّابِعُ: السَّلَامَةُ مِنَ الشُّذُوذِ، وَخَرَجَ بِهِ الْحَدِيثُ الشَّاذُّ.</p>الْخَامِسُ: السَّلَامَةُ مِنَ الْعِلَّةِ الْقَادِحَةِ، وَخَرَجَ بِهِ الْحَدِيثُ الْمُعَل.</p>وَخَالَفَ فِي هَذَا الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ؛ فَمَدَارُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ عَلَى عَدَالَةِ الرُّوَاةِ. وَالْعَدَالَةُ عِنْدَهُمْ: هِيَ الْمُشْتَرَطَةُ فِي قَبُول الشَّهَادَةِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْفِقْهِ. كَمَا كَانَ لَهُمْ نَظَرٌ فِي اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنَ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعِلَل الَّتِي يُعَلِّل بِهَا الْمُحَدِّثُونَ الْحَدِيثَ، لَا تَجْرِي عَلَى أُصُول الْفُقَهَاءِ.</p>مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ إِذَا أَثْبَتَ الرَّاوِي عَنْ شَيْخِهِ شَيْئًا فَنَفَاهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ، أَوْ أَكْثَرُ عَدَدًا، أَوْ أَكْثَرُ مُلَازَمَةً مِنْهُ. فَإِنَّ الأُْصُولِيِّينَ يُقَدِّمُونَ رِوَايَةَ الْمُثْبِتِ عَلَى النَّافِي وَيَقْبَلُونَ الْحَدِيثَ.</p>أَمَّا الْمُحَدِّثُونَ فَيُسَمُّونَهُ شَاذًّا؛ لأَِنَّ الشُّذُوذَ عِنْدَهُمْ: مَا يُخَالِفُ فِيهِ الرَّاوِي فِي رِوَايَتِهِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.</p>وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَبِل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>الْحَدِيثَ الْمُرْسَل، الَّذِي يَقُول فِيهِ التَّابِعِيُّ: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا أَوْ فَعَل كَذَا. وَرَدَّ الْمُحَدِّثُونَ الْمُرْسَل لِلْجَهْل بِحَال الْمَحْذُوفِ، لأَِنَّهُ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ صَحَابِيًّا، أَوْ تَابِعِيًّا، وَلَا حُجَّةَ فِي الْمَجْهُول (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌صَحِيحٌ</span></p> </p>انْظُرْ: صِحَّةٌ</p> </p>‌<span class="title">‌صَدَاقٌ</span></p> </p>انْظُرْ: مَهْرٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تدريب الراوي ص22، 23، الاقتراح في بيان الاصطلاح ص152 - 155، المستصفى 1 / 155 - 168، 169، تيسير التحرير 3 / 39 وما بعدها وص102، شرح ألفية العراقي (التبصرة والتذكرة) 1 / 12 - 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَدَاقَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصَّدَاقَةُ فِي اللُّغَةِ: مُشْتَقَّةٌ مِنَ الصِّدْقِ فِي الْوُدِّ وَالنُّصْحِ، يُقَال: صَادَقْتُهُ مُصَادَقَةً وَصَدَاقًا، وَالاِسْمُ الصَّدَاقَةُ أَيْ: خَالَلْتُهُ (1)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: اتِّفَاقُ الضَّمَائِرِ عَلَى الْمَوَدَّةِ، فَإِذَا أَضْمَرَ كُل وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ مَوَدَّةَ صَاحِبِهِ فَصَارَ بَاطِنُهُ فِيهَا كَظَاهِرِهِ سُمِّيَا صَدِيقَيْنِ (2)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الصُّحْبَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الصُّحْبَةُ هِيَ فِي اللُّغَةِ: الْعِشْرَةُ الطَّوِيلَةُ</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الرُّفْقَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الرُّفْقَةُ هِيَ: الصُّحْبَةُ فِي السَّفَرِ خَاصَّةً (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، تفسير الماوردي في تفسير آية 61 من سورة النور في قوله تعالى:(أو صديقكم) ، الفروق اللغوية لأبي هلال.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّدَاقَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌التَّرْغِيبُ فِي الصَّدَاقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> رَغَّبَتِ الشَّرِيعَةُ فِي الصَّدَاقَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَبَّرَتْ عَنْهَا فِي الْغَالِبِ بِالأُْخُوَّةِ فِي اللَّهِ (1)</p>قَال تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَى الأَْعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الأَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} (2) .</p>وَجَاءَ فِي الأَْثَرِ: الْمَرْءُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ (3)</p>‌<span class="title">‌الأَْكْل فِي بَيْتِ الصَّدِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّ لِلصَّدِيقِ الأَْكْل فِي بَيْتِ صَدِيقِهِ وَبُسْتَانِهِ، وَنَحْوِهِمَا فِي حَال غَيْبَتِهِ، إِذَا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ مِنْهُ (4) .</p>وَقَال الزَّمَخْشَرِيُّ: يُحْكَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ دَخَل دَارَهُ فَإِذَا فِيهَا حَلْقَةٌ مِنْ أَصْدِقَائِهِ، وَقَدِ اسْتَلُّوا سِلَالاً مِنْ تَحْتِ سَرِيرِهِ فِيهَا أَطَايِبُ الأَْطْعِمَةِ، وَهُمْ مُكِبُّونَ عَلَيْهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الماوردي في تفسير الآية 61 من سورة النور، وتفسير القاسمي عند تفسير الآية نفسها</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 61.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" المرء كثير بأخيه " أخرجه ابن عدي في الكامل (3 / 1099 - ط الفكر) ، واتهم أحد رواته بالوضع.</p><font color=#ff0000>(4)</font> روضة الطالبين 7 / 338.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>يَأْكُلُونَ مِنْهَا، فَتَهَلَّلَتْ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ سُرُورًا، وَضَحِكَ يَقُول: هَكَذَا وَجَدْنَاهُمْ، يُرِيدُ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ لَقِيَهُمْ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: فِي جَوَازِ ذَلِكَ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ (1) :.</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصَّدِيقَ يَأْكُل مِنْ مَنْزِل صَدِيقِهِ فِي الْوَلِيمَةِ بِلَا دَعْوَةٍ دُونَ غَيْرِهَا.</p>وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَأْكُل فِي الْوَلِيمَةِ وَغَيْرِهَا، إِذَا كَانَ الطَّعَامُ حَاضِرًا غَيْرَ مُحْرَزٍ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نَسْخِ مَا تَقَدَّمَ بَعْدَ ثُبُوتِ حُكْمِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ.</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى ثُبُوتِهِ لَمْ يُنْسَخْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَبِهِ قَال قَتَادَةَ.</p>وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ (2) بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} الآْيَةَ (3)، وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ (4) وَجَاءَ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الماوردي في تفسير الآية 61 من سورة النور، تفسير القاسمي، تفسير الخازن.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الماوردي في آية:(ليس على الأعمى حرج) . . إلخ من سورة النور / 61.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النور / 27.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه " أخرجه الدارقطني (3 / 26 - ذ. دار المحاسن) من حديث أنس بن مالك، وفي إسناده جهالة، لكن أورد له ابن حجر شواهد تقويه في التلخيص (3 / 45 - 46 ط. شركة الطباعة الفنية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} (1) أَنَّهُ إِذَا دَل ظَاهِرُ الْحَال عَلَى رِضَا الْمَالِكِ قَامَ ذَلِكَ مَقَامَ الإِْذْنِ الصَّرِيحِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> تُقْبَل شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ فِي قَوْل عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: يُشْتَرَطُ لِقَبُول شَهَادَةِ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ: أَلَاّ تَكُونَ الصَّدَاقَةُ بَيْنَهُمَا مُتَنَاهِيَةً، بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَال الآْخَرِ، وَأَنْ يَبْرُزَ فِي الْعَدَالَةِ، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ: اشْتِرَاطَ أَلَاّ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ، يَأْكُل مَعَهُمْ وَيَسْكُنُ عِنْدَهُمْ كَأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِمْ (3)</p>(ر: مُصْطَلَحُ شَهَادَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 61.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل في تفسير (أو صديقكم) الآية 61 من سورة النور.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 376، المغني 9 / 194، حاشية الدسوقي 4 / 169، نهاية المحتاج 8 / 304، القليوبي 4 / 322.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَدَقَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصَّدَقَةُ بِفَتْحِ الدَّال لُغَةً: مَا يُعْطَى عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا عَلَى وَجْهِ الْمَكْرُمَةِ (1) .</p>وَيَشْمَل هَذَا الْمَعْنَى الزَّكَاةَ وَصَدَقَةَ التَّطَوُّعِ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ تُسْتَعْمَل بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الشَّامِل، فَيُقَال لِلزَّكَاةِ: صَدَقَةٌ، كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآْيَةَ (2) .</p>وَيُقَال لِلتَّطَوُّعِ: صَدَقَةٌ كَمَا وَرَدَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَتَحِل لِغَنِيٍّ، أَيْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ (3)</p>يَقُول الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: الصَّدَقَةُ: مَا يُخْرِجُهُ الإِْنْسَانُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المعجم الوسيط في اللغة مادة (صدق)، وهذا معنى ما قيل: إنها ما أعطيته في ذات الله، كما ورد في لسان العرب وتاج العروس، ومتن اللغة - مادة (صدق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة الآية (60) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 3 / 120، والمغني لابن قدامة 5 / 649.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>كَالزَّكَاةِ. لَكِنَّ الصَّدَقَةَ فِي الأَْصْل تُقَال: لِلْمُتَطَوَّعِ بِهِ، وَالزَّكَاةُ تُقَال: لِلْوَاجِبِ (1)</p>وَالْغَالِبُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: اسْتِعْمَال هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ خَاصَّةً.</p>يَقُول الشِّرْبِينِيُّ: صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ هِيَ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ غَالِبًا (2) وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ كَلَامِ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا، يَقُول الْحَطَّابُ: الْهِبَةُ إِنْ تَمَحَّضَتْ لِثَوَابِ الآْخِرَةِ فَهِيَ الصَّدَقَةُ (3)، وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ الْبَعْلِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِي الْمُطْلِعِ عَلَى أَبْوَابِ الْمُقْنِعِ (4) .</p>وَفِي وَجْهِ تَسْمِيَتِهَا صَدَقَةً يَقُول الْقَلْيُوبِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لإِِشْعَارِهَا بِصِدْقِ نِيَّةِ بَاذِلِهَا (5) ، وَهَذَا الْمَعْنَى الأَْخِيرُ أَيْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْبَحْثِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَقَدْ تُطْلَقُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْوَقْفِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ: أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُقَال لَهُ: ثَمْغٌ. . . فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ، وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المفردات للأصفهاني، وتاج العروس مادة (صدق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 120.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل للحطاب 6 / 49.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المطلع ص291.</p><font color=#ff0000>(5)</font> القليوبي على شرح المنهاج 3 / 195.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ (1) .</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَقَدْ تُطْلَقُ الصَّدَقَةُ: عَلَى كُل نَوْعٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كُل مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْهِبَةُ، الْهَدِيَّةُ، الْعَطِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْهِبَةُ، وَالْهَدِيَّةُ، وَالْعَطِيَّةُ، كُلٌّ مِنْهَا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، إِلَاّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ هَذَا التَّمْلِيكُ لِثَوَابِ الآْخِرَةِ فَصَدَقَةٌ، وَإِذَا كَانَ لِلْمُوَاصَلَةِ وَالْوِدَادِ فَهِبَةٌ، وَإِنْ قُصِدَ بِهِ الإِْكْرَامُ فَهَدِيَّةٌ. فَكُل وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ قَسِيمٌ لِلآْخَرِ. وَالْعَطِيَّةُ شَامِلَةٌ لِلْجَمِيعِ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْعَارِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْعَارِيَّةُ: إِبَاحَةٌ أَوْ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ عَيْنٍ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ لِصَاحِبِهَا بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر: " تصدق بأصله، لا يباع ولا يوهب ولا يورث ". أخرجه البخاري: (الفتح 5 / 392 - ط. السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> صحيح مسلم بشرح النووي 7 / 91 وحديث: " كل معروف صدقة ". أخرجه البخاري: (الفتح 10 / 447 - ط. السلفية) من حديث جابر بن عبد الله وأخرجه مسلم (2 / 697 - ط. الحلبي) من حديث حذيفة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 6 / 116، وحاشية العدوي 2 / 233، ومنتهى الإرادات 2 / 518، والقليوبي 3 / 110، 111، والمغني لابن قدامة 5 / 649، والمطلع على أبواب المقنع ص291.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 4 / 502، والشرح الصغير للدردير 3 / 570، والزرقاني 6 / 126، وشرح المنهاج وحواشيه، 5 / 115، والمغني لابن قدامة 5 / 220.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>وَعَلَى هَذَا فَكُلٌّ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ تَبَرُّعٌ لَكِنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ، وَالْعَارِيَّةَ إِبَاحَةٌ أَوْ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَالصَّدَقَةُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهَا. كَمَا سَيَأْتِي. وَالْعَارِيَّةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَدِّ الْعَيْنِ لِمَالِكِهَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مُصْطَلَحِ:(إِعَارَةٌ)(1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّدَقَةِ وَفَضْلِهَا:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> إِنَّ أَدَاءَ الصَّدَقَةِ مِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ، وَإِغَاثَةِ اللَّهِيفِ، وَإِقْدَارِ الْعَاجِزِ، وَتَقْوِيَتِهِ عَلَى أَدَاءِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْعِبَادَاتِ.</p>وَالصَّدَقَةُ شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ، وَهِيَ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ إِيمَانِ مُؤَدِّيهَا وَتَصْدِيقِهِ، وَلِهَذَا سُمِّيَتْ صَدَقَةً (2) .</p>وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْل الصَّدَقَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:</p><font color=#ff0000>1 -</font> مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِل إِلَاّ ظِلُّهُ. . . فَذَكَرَ مِنْهُمْ: رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموسوعة الفقهية ج5 / 181.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع للكاساني 2 / 3، وفتح القدير 2 / 153، وشرح الترمذي لابن العربي 3 / 90، الفروع لابن مفلح 2 / 288.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " سبعة يظلهم الله في ظله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 143 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div><font color=#ff0000>2 -</font> مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَل اللَّهُ إِلَاّ الطَّيِّبَ، إِلَاّ أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً تَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَل كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَقْسَامُ الصَّدَقَةِ:</span></p> </p><font color=#ff0000>7 -</font>‌<span class="title">‌ الصَّدَقَةُ أَنْوَاعٌ:</span></p>أ - صَدَقَةٌ مَفْرُوضَةٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ عَلَى الأَْمْوَال، وَهِيَ زَكَاةُ الْمَال، وَتُنْظَرُ أَحْكَامُهَا فِي مُصْطَلَحِ:(زَكَاةٌ) .</p>ب - صَدَقَةٌ عَلَى الأَْبْدَانِ، وَتُنْظَرُ أَحْكَامُهَا فِي مُصْطَلَحِ:(زَكَاةُ الْفِطْرِ) .</p>ج - صَدَقَةٌ يَفْرِضُهَا الشَّخْصُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهِيَ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ بِالنَّذْرِ، وَتُنْظَرُ أَحْكَامُهَا فِي (نَذْرٌ) .</p>د - الصَّدَقَاتُ الْمَفْرُوضَةُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، كَالْفِدْيَةِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَتُنْظَرُ أَحْكَامُهَا فِي مُصْطَلَحِ:(فِدْيَةٌ وَكَفَّارَةٌ) .</p>هـ - صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، وَنُبَيِّنُ أَحْكَامَهَا فِيمَا يَلِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " ما تصدق أحد بصدقة من طيب. . . " أخرجه الترمذي (3 / 40 - ط الحلبي) وأصله في البخاري (الفتح 3 / 278 - ط السلفية) ومسلم (2 / 702 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الصَّدَقَةُ مَسْنُونَةٌ، وَرَدَ النَّدْبُ إِلَيْهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الأَْحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ.</p>أَمَّا مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (1) .</p>يَقُول ابْنُ الْعَرَبِيِّ: جَاءَ هَذَا الْكَلَامُ فِي مَعْرِضِ النَّدْبِ وَالتَّحْضِيضِ عَلَى إِنْفَاقِ الْمَال فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَفِي سَبِيل اللَّهِ بِنُصْرَةِ الدِّينِ (2) . وقَوْله تَعَالَى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَِنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (3) .</p>وَأَمَّا مِنَ الأَْحَادِيثِ فَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا الدَّحْدَاحِ لَمَّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَا أَرَى رَبَّنَا يَسْتَقْرِضُ مِمَّا أَعْطَانَا لأَِنْفُسِنَا، وَلِي أَرْضَانِ: أَرْضٌ بِالْعَالِيَةِ وَأَرْضٌ بِالسَّافِلَةِ، وَقَدْ جَعَلْتُ خَيْرَهُمَا صَدَقَةً. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كَمْ عِذْقٍ (4) مُذَلَّلٍ لأَِبِي الدَّحْدَاحِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة الآية (245) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام القرآن 1 / 230.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المزمل الآية (20) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> العذق بالفتح النخلة، وبالكسر العرجون بما فيه من الشماريخ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>الْجَنَّةِ (1) وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْيٍ، كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ (2) .</p>قَال النَّوَوِيُّ: الصَّدَقَةُ مُسْتَحَبَّةٌ، وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ آكَدُ، وَكَذَا عِنْدَ الأُْمُورِ الْمُهِمَّةِ، وَعِنْدَ الْكُسُوفِ، وَعِنْدَ الْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ، وَبِمَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، وَفِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ، وَالأَْوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ، كَعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَيَّامِ الْعِيدِ، وَمِثْل ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْبُهُوتِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّدَقَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الْكَلَامُ عَنِ الصَّدَقَةِ يَسْتَوْجِبُ التَّطَرُّقَ لِلأُْمُورِ التَّالِيَةِ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> - الْمُتَصَدِّقُ: وَهُوَ، مَنْ يَدْفَعُ الصَّدَقَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عبد الله بن مسعود: في قصة أبي الدحداح. أخرجه القرطبي بإسناده في " الجامع لأحكام القرآن "(3 / 237 - 238 - ط. دار الكتب المصرية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أيما مؤمن أطعم مؤمنًا على جوع. . . . " أخرجه الترمذي (4 / 633 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري، وقال:" هذا حديث غريب، وقد روي هذا عن عطية، عن أبي سعيد مرفوعًا، وهو أصح عندنا وأشبه ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> روضة الطالبين 2 / 341، المجموع 6 / 237، والمبسوط للسرخسي 12 / 92، والمغني لابن قدامة 3 / 82، وكشاف القناع 2 / 295، ط. بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>وَيُخْرِجُهَا مِنْ مَالِهِ</p><font color=#ff0000>(2)</font> - الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَنْ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ مِنَ الْغَيْرِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> - الْمُتَصَدَّقُ بِهِ: وَهُوَ الْمَال الَّذِي يُتَطَوَّعُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> - النِّيَّةُ: وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الْمُتَصَدِّقُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ: تَبَرُّعٌ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا:</p>أ - أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ مِنْ أَهْل التَّبَرُّعِ، أَيْ: عَاقِلاً بَالِغًا رَشِيدًا، ذَا وِلَايَةٍ فِي التَّصَرُّفِ.</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مِنَ الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ، أَمَّا الصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ (1) فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل التَّصَرُّفِ أَصْلاً، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الصبي المميز عند الفقهاء: هو الذي يفرق بين الخير والشر، ويدرك نتائج تصرفه، وقد حدده الفقهاء حسب الأغلبية أن يكون عمره سبع سنين فما فوق، والصبي غير المميز: هو من لا يدرك نتائج تصرفه، فلم يبلغ السابع من عمره. (ابن عابدين 5 / 421، جواهر الإكليل 1 / 22، ومجلة الأحكام العدلية م (943)</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجلة الأحكام العدلية: م (957، 966) ، والمنثور للزركشي 2 / 301، والتوضيح والتلويح 3 / 159، والفواكه الدواني 2 / 216.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>وَأَمَّا الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ: فَإِنَّ الصَّدَقَةَ مِنْهُ تُعْتَبَرُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا، وَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةَ ضَرَرًا دُنْيَوِيًّا، وَالَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ، كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْوَقْفِ، وَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ لَا تَصِحُّ، بَل تَقَعُ بَاطِلَةً، حَتَّى لَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ أَوِ الْوَصِيُّ؛ لأَِنَّ إِجَازَتَهُمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ لَاغِيَةٌ، وَقَدِ اسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَصِيَّةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الَّذِي يَعْقِل الْوَصِيَّةَ (1) .</p>وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِمْ لِلسَّفَهِ، أَوِ الإِْفْلَاسِ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنَ التَّصَرُّفِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمُ الصَّدَقَةُ (2) وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(حَجْرٌ)</p>وَكَمَا لَا تَصِحُّ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مِنَ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، لَا تَصِحُّ الصَّدَقَةُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ قِبَل أَوْلِيَائِهِمْ نِيَابَةً عَنْهُمْ، لأَِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ التَّبَرُّعَ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 508، 5 / 110، ومجلة الأحكام العدلية م / 967، والتوضيح مع التلويح 3 / 159، والمنثور للزركشي 2 / 301، والمغني لابن قدامة 5 / 663، وجواهر الإكليل 2 / 97، 98 وشرح منتهى الإرادات 2 / 539، والخرشي 8 / 167.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 89 - 92، ومجلة الأحكام العدلية م (998) والمغني لابن قدامة 5 / 663، و4 / 520، وجواهر الإكليل 2 / 97، 98.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>أَمْوَال مَنْ تَحْتَ وِلَايَتِهِمْ (1)</p>ب - أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَال الْمُتَصَدَّقِ بِهِ، أَوْ وَكِيلاً عَنْهُ، فَلَا تَصِحُّ الصَّدَقَةُ مِنْ مَال الْغَيْرِ بِلَا وَكَالَةٍ. وَمَنْ فَعَل ذَلِكَ يَضْمَنُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ؛ لأَِنَّهُ ضَيَّعَ مَال الْغَيْرِ عَلَى صَاحِبِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، يَقُول التُّمُرْتَاشِيُّ: شَرَائِطُ صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي الْوَاهِبِ: الْعَقْل، وَالْبُلُوغُ، وَالْمِلْكُ (2) . ثُمَّ قَال: وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ (3)</p>وَلأَِنَّ الصَّدَقَةَ مِنَ الْقُرُبَاتِ فَتُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِيمَا إِذَا تَصَدَّقَ مِنْ مَال الْغَيْرِ دُونَ إِذْنِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌صَدَقَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ مَال زَوْجِهَا:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا لِلسَّائِل وَغَيْرِهِ بِمَا أَذِنَ الزَّوْجُ صَرِيحًا. كَمَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ مِنْ مَال الزَّوْجِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ إِذَا كَانَ يَسِيرًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ:(الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ)(4) .</p>وَيَسْتَدِل الْفُقَهَاءُ عَلَى الْجَوَازِ بِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: قَال رَسُول<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التوضيح والتلويح 3 / 159، 160.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار بهامش ابن عابدين 4 / 508.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نفس المرجع 4 / 522، وانظر المغني 4 / 516.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية في فتح القدير 7 / 341، وشرح الترمذي لابن العربي 3 / 177، 178، وشرح النووي على صحيح مسلم 7 / 112، والمغني 4 / 516.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْل ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا (1) وَلَمْ يَذْكُرْ إِذْنًا.</p>وَعَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ إِلَاّ مَا أَدْخَل عَلَيَّ الزُّبَيْرُ فَهَل عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ (2) مِمَّا يُدْخِل عَلَيَّ؟ فَقَال: ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ، وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكَ (3) .</p>وَلأَِنَّ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ كَمَا عَلَّلَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ (4) .</p>قَال فِي الْهِدَايَةِ: يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ مَنْزِل زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ، كَالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ (5) وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَصْكَفِيُّ (6)</p>وَيَقُول النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ لِصَحِيحِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها. . . " أخرجه مسلم (2 / 710 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الرضخ العطية القليلة، يقال:(رضخت له رضخا) أعطيته ليس بالكثير (المصباح المنير والمطلع على أبواب المقنع ص216) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أسماء: ارضخي ما استطعت. أخرجه مسلم (2 / 714 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> نفس المراجع</p><font color=#ff0000>(5)</font> الهداية مع فتح القدير 7 / 341.</p><font color=#ff0000>(6)</font> الدر المختار بهامش ابن عابدين 5 / 103.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>مُسْلِمٍ: الإِْذْنُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: الإِْذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالثَّانِي: الإِْذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَإِعْطَاءِ السَّائِل كَعُمْرَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ فِيهِ، وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ، فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ (1) .</p>وَمِثْلُهُ مَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حَيْثُ قَال: وَيَحْتَمِل عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَحْمُولاً عَلَى الْعَادَةِ. وَأَنَّهَا إِذَا عَلِمَتْ مِنْهُ، أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الْعَطَاءَ وَالصَّدَقَةَ فَعَلَتْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُجْحِفْ، وَعَلَى ذَلِكَ عَادَةُ النَّاسِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: غَيْرَ مُفْسِدَةٍ (2)</p>وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: الإِْذْنُ الْعُرْفِيُّ يَقُومُ مَقَامَ الإِْذْنِ الْحَقِيقِيِّ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَال لَهَا: افْعَلِي هَذَا (3)</p>وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ التَّصَدُّقُ مِنْ مَال زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا، لِمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تُنْفِقُ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَاّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا، قِيل: يَا رَسُول اللَّهِ: وَلَا الطَّعَامَ؟ قَال: ذَاكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) صحيح مسلم بشرح النووي 7 / 112.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الترمذي لابن العربي 3 / 177، 178.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 4 / 516.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>أَفْضَل أَمْوَالِنَا (1) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالأَْوَّل - أَيِ الْجَوَازُ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ - أَصَحُّ، لأَِنَّ الأَْحَادِيثَ فِيهَا خَاصَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ (2) .</p>أَمَّا إِذَا مَنَعَهَا مِنَ الصَّدَقَةِ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَكُنِ الْعُرْفُ جَارِيًا بِذَلِكَ، أَوِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ، أَوْ شَكَّتْ فِي رِضَاهُ، أَوْ كَانَ شَخْصًا يَشُحُّ بِذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِهِ إِلَاّ بِصَرِيحِ إِذْنِهِ، كَمَا حَقَّقَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ (3) .</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَمَا ذُكِرَ مِنْ حُكْمِ تَصَدُّقِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَال زَوْجِهَا يُطَبَّقُ عَلَى تَصَدُّقِ الْخَازِنِ مِنْ مَال الْمَالِكِ، فَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ: وَلِلْخَازِنِ مِثْل ذَلِكَ أَيْ: مِنَ الأَْجْرِ (4)، أَيْ: إِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَثُوبَةِ، كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ أَجْرٌ كَامِلٌ، كَمَا قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ، أَوْ مَعْنَاهُ الْمُشَارَكَةُ فِي الأَْجْرِ مُطْلَقًا، لأَِنَّ الْمُشَارِكَ فِي الطَّاعَةِ مُشَارِكٌ فِي الأَْجْرِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا تنفق المرأة شيئًا من بيتها. . . " أخرجه الترمذي (3 / 48 - 49 ط. الحلبي) وقال: " حديث حسن ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المراجع.</p><font color=#ff0000>(3)</font> صحيح مسلم بشرح النووي 7 / 112، وابن عابدين 5 / 103، والمغني لابن قدامة 4 / 516.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح الترمذي لابن العربي 3 / 177.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>أَكْثَرَ مِنَ الآْخَرِ، كَمَا حَقَّقَهُ النَّوَوِيُّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَصَدُّقُ الزَّوْجَةِ مِنْ مَالِهَا بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْبَالِغَةَ الرَّشِيدَةَ لَهَا حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا، بِالتَّبَرُّعِ، أَوِ الْمُعَاوَضَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَزَوِّجَةً، أَمْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَالزَّوْجَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ زَوْجِهَا فِي التَّصَدُّقِ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ (2)</p>وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال لِلنِّسَاءِ: تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ (3) وَلَمْ يَسْأَل وَلَمْ يَسْتَفْصِل، فَلَوْ كَانَ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُنَّ بِغَيْرِ إِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ لَمَا أَمَرَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ، وَلَا مَحَالَةَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَهَا زَوْجٌ وَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، كَمَا حَرَّرَهُ السُّبْكِيُّ (4) .</p>وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْل التَّصَرُّفِ، وَلَا حَقَّ لِزَوْجِهَا فِي مَالِهَا، فَلَمْ يَمْلِكِ الْحَجْرَ عَلَيْهَا فِي التَّصَرُّفِ بِجَمِيعِهِ، كَمَا عَلَّلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح صحيح مسلم للنووي 7 / 112، وشرح الترمذي لابن العربي 7 / 178.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 3 / 91، والمجموع (التكملة للسبكي) 12 / 272، والمغني لابن قدامة 4 / 513.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " تصدقن ولو من حليكن. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 328 - ط السلفية) ومسلم (2 / 695 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> تكلمة المجموع للسبكي 13 / 272، 273.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني لابن قدامة 4 / 514.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يُحْجَرُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الرَّشِيدَةِ لِزَوْجِهَا الْبَالِغِ الرَّشِيدِ فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ أَنَّ امْرَأَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِحُلِيٍّ لَهَا، فَقَال لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ عَطِيَّةٌ حَتَّى يَأْذَنَ زَوْجُهَا، فَهَل اسْتَأْذَنْتِ كَعْبًا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى كَعْبٍ، فَقَال: هَل أَذِنْتَ لَهَا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا؟ قَال: نَعَمْ. فَقَبِلَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) . وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مَالِهَا التَّجَمُّل بِهِ لِزَوْجِهَا، وَالْمَال مَقْصُودٌ فِي زَوَاجِهَا، حَيْثُ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَِرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا (2)</p>وَالْعَادَةُ أَنَّ الزَّوْجَ يَزِيدُ فِي مَهْرِهَا مِنْ أَجْل مَالِهَا وَيَتَبَسَّطُ فِيهِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ، فَتَعَلَّقَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 798 - ط. الحلبي) والطحاوي في شرح المعاني (4 / 351 - ط مطبعة الأنوار المحمدية) وقال الطحاوي: " حديث شاذ لا يثبت "، ولكن ورد الحديث دون القصة المذكورة بلفظ:" لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها " أخرجه أبو داود (3 / 816 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" تنكح المرأة لأربع " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 132 - ط السلفية) ومسلم (2 / 1086 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 308، وشرح الزرقاني 5 / 306، وجواهر الإكليل 2 / 102، والمغني لابن قدامة 4 / 513، 514.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>وَمَحَل الْحَجْرِ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعِهَا بِزَائِدٍ عَنِ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهَا إِذَا كَانَ التَّبَرُّعُ لِغَيْرِ زَوْجِهَا. وَأَمَّا لَهُ فَلَهَا أَنْ تَهَبَ جَمِيعَ مَالِهَا لَهُ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ لأَِحَدٍ (1) .</p>هَذَا، وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ مَالِهِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ (ر: مَرَضُ الْمَوْتِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَصَدِّقِ، مِنَ الْعَقْل، وَالْبُلُوغِ، وَالرُّشْدِ، وَأَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ، فَيَصِحُّ التَّصَدُّقُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ إِفْلَاسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، لأَِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُمْ، فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ الأَْوْلِيَاءِ (2) .</p>وَحَيْثُ إِنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ لِثَوَابِ الآْخِرَةِ، فَهُنَاكَ أَشْخَاصٌ لَا تَصِحُّ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ، وَآخَرُونَ تَصِحُّ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ هَذَا الْمَوْضُوعَ كَالتَّالِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الصَّدَقَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 308.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التوضيح مع التلويح 3 / 159، وابن عابدين 5 / 91، 110، ومجلة الأحكام العدلية م (967) والمغني لابن قدامة 5 / 660</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْل صَدَقَةِ الْفَرِيضَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى حُرْمَتِهَا، وَذَلِكَ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ (1)</p>وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَل عَنْهُ، فَإِنْ قِيل: صَدَقَةٌ قَال لأَِصْحَابِهِ: كُلُوا، وَلَمْ يَأْكُل، وَإِنْ قِيل لَهُ: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَل مَعَهُمْ (2) .</p>وَعَلَى ذَلِكَ: فَالصَّدَقَةُ بِالْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ أَبْدَل اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ بِهَا الْفَيْءَ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيل الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ الْمَبْنِيِّ عَلَى عِزِّ الآْخِذِ، وَذُل الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الصَّدَقَةُ عَلَى آل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ: عَلَى عَدَمِ جَوَازِ صَدَقَةِ الْفَرِيضَةِ عَلَى آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لآِل مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي مع الشرح الكبير 2 / 212، وجواهر الإكليل 1 / 273، والحطاب 3 / 397، ومغني المحتاج 3 / 120، والمغني لابن قدامة 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام سأل عنه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 203 - ط السلفية) ومسلم (2 / 756 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 2 / 260، وعمدة القاري 3 / 135.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد " أخرجه مسلم (2 / 753 - ط الحلبي) من حديث عبد المطلب بن ربيعة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>أَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهَا عَلَيْهِمْ. وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: بِعَدَمِ الْجَوَازِ (1) وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (آلٌ 4 وَ 10)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّصَدُّقُ عَلَى ذَوِي الْقَرَابَةِ وَالأَْزْوَاجِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ التَّصَدُّقِ عَلَى الأَْقْرِبَاءِ، وَالأَْزْوَاجِ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ، بَل صَرَّحَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِمْ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا، وَلَوْ كَانُوا مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ (2)، فَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُل عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ (3) وَقَال صلى الله عليه وسلم: الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ (4) .</p>قَال الشَّافِعِيَّةُ: دَفْعُ الصَّدَقَةِ لِقَرِيبِ أَقْرَبَ فَأَقْرَبَ رَحِمًا وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 1 / 122 وجواهر الإكليل 1 / 138 والمغني 2 / 655 - 656.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير مع الهداية (2 / 22، 23، ط. بولاق) ، والمجموع للنووي 6 / 238، والمغني لابن قدامة 2 / 659، وكشاف القناع 2 / 336.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إذا أنفق الرجل على أهله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 136 ط. السلفية) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " الصدقة على المسكين صدقة " أخرجه الترمذي (3 / 38 - ط الحلبي) من حديث سلمان بن عامر، وقال:" حديث حسن ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>أَفْضَل مِنْ دَفْعِهَا لِغَيْرِ الْقَرِيبِ، وَلِلْقَرِيبِ غَيْرِ الأَْقْرَبِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ أَتَيَتَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتَا لِبِلَالٍ: سَل لَنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَل يُجْزِئُ أَنْ نَتَصَدَّقَ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَيَتَامَى فِي حُجُورِنَا؟ فَقَال: نَعَمْ لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ (1) .</p>هَذَا وَقَدْ رَتَّبَ الشَّافِعِيَّةُ مَنْ يُفَضَّل عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ فَقَالُوا: هِيَ فِي الأَْقْرَبِ فَالأَْقْرَبِ، وَفِي الأَْشَدِّ مِنْهُمْ عَدَاوَةً أَفْضَل مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِيُتَأَلَّفَ قَلْبُهُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُجَانَبَةِ الرِّيَاءِ وَكَسْرِ النَّفْسِ، وَأُلْحِقَ بِهِمُ الأَْزْوَاجُ مِنَ الذُّكُورِ وَالإِْنَاثِ، ثُمَّ الرَّحِمِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ، كَأَوْلَادِ الْعَمِّ وَالْخَال. ثُمَّ فِي الأَْقْرَبِ فَالأَْقْرَبِ رَضَاعًا، ثُمَّ مُصَاهَرَةً، ثُمَّ وَلَاءً، ثُمَّ جِوَارًا، وَقُدِّمَ الْجَارُ الأَْجْنَبِيُّ عَلَى قَرِيبٍ بَعِيدٍ عَنْ دَارِ الْمُتَصَدِّقِ، بِحَيْثُ لَا تُنْقَل إِلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَلَوْ كَانَ بِبَادِيَةٍ (2) . وَمِثْلُهُ مَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 121، وأسنى المطالب شرح روضة الطالب 1 / 406 وحديث:" إن امرأتين أتيتا رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 328 - ط. السلفية) ومسلم (2 / 195 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 1 / 407، ومغني المحتاج 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 2 / 296.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ التَّصَدُّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالأَْغْنِيَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> الأَْصْل أَنَّ الصَّدَقَةَ تُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَهَذَا هُوَ الأَْفْضَل، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ (1) . وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (2) وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تَحِل لِلْغَنِيِّ (3) ؛ لأَِنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ كَالْهِبَةِ فَتَصِحُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ (4) . قَال السَّرَخْسِيُّ: ثُمَّ التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ يَكُونُ قُرْبَةً يُسْتَحَقُّ بِهَا الثَّوَابُ، فَقَدْ يَكُونُ غَنِيًّا يَمْلِكُ النِّصَابَ، وَلَهُ عِيَالٌ كَثِيرَةٌ، وَالنَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ عَلَى مِثْل هَذَا لِنَيْل الثَّوَابِ (5) . لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْغَنِيِّ التَّنَزُّهُ عَنْهَا، وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لأَِخْذِهَا؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ الْمُتَعَفِّفِينَ عَنِ السُّؤَال مَعَ وُجُودِ حَاجَتِهِمْ، فَقَال:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِل أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} (6) وَيُكْرَهُ لَهُ أَخْذُهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا إِنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ، كَمَا يَحْرُمُ أَنْ يَسْأَل، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْغَنِيُّ بِالْمَال، وَالْغَنِيُّ بِالْكَسْبِ، لِحَدِيثِ: مَنْ سَأَل النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الروض 1 / 407، ومغني المحتاج 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البلد الآية:16.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراد بالغنى هنا: هو الذي يحرم عليه الزكاة (مغني المحتاج 3 / 120) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط 12 / 92، ومغني المحتاج 3 / 120، وكشاف القناع 2 / 298.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المبسوط 12 / 92.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة البقرة الآية 273.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>يَسْأَل جَمْرًا، فَلْيَسْتَقِل أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ (1) أَيْ: يُعَذَّبُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.</p>لَكِنْ نَقَل الرَّمْلِيُّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: جَوَازُ طَلَبِهَا لِلْغَنِيِّ، وَيُحْمَل الذَّمُّ الْوَارِدُ فِي الأَْخْبَارِ عَلَى الطَّلَبِ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ (2) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الصَّدَقَةُ عَلَى الْكَافِرِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْكَافِرِ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ: هُوَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكٌ لأَِجْل الثَّوَابِ، وَهَل يُثَابُ الشَّخْصُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَى الْكُفَّارِ؟ .</p>فَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَنْقُول عَنْ مُحَمَّدٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: إِنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِلْكُفَّارِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ أَمْ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ؟ مُسْتَأْمَنِينَ أَمْ غَيْرَ مُسْتَأْمَنِينَ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَمْ يَكُنِ الأَْسِيرُ يَوْمَئِذٍ إِلَاّ كَافِرًا (3) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: فِي كُل كَبِدٍ رَطْبَةٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 120، وشرح الروض 1 / 406، وابن عابدين 2 / 69 وحديث:" من سأل الناس أموالهم تكثرا. . . " أخرجه مسلم (2 / 720 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الرملي على شرح الروض 1 / 406.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 67، ومغني المحتاج 3 / 121، وشرح الروض 1 / 406، والمغني لابن قدامة 2 / 659.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>أَجْرٌ (1) وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِل أُمِّي؟ قَال: نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ (2) وَلأَِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحْمُودَةٌ فِي كُل دِينٍ، وَالإِْهْدَاءُ إِلَى الْغَيْرِ مِنْ مَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ (3) .</p>وَفَرَّقَ الْحَصْكَفِيُّ فِي الدُّرِّ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ فَقَال: وَجَازَ دَفْعُ غَيْرِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ إِلَى الذِّمِّيِّ - وَلَوْ وَاجِبًا - كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَفِطْرَةٍ خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ.</p>وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا فَجَمِيعُ الصَّدَقَاتِ لَا تَجُوزُ لَهُ (4) .</p>وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الشِّرْبِينِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَال: قَضِيَّةُ إِطْلَاقِ حِل الصَّدَقَةِ لِلْكَافِرِ. أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَا فِي الْبَيَانِ عَنِ الصَّيْمَرِيِّ وَالأَْوْجَهُ مَا قَالَهُ الأَْذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ: هَذَا فِيمَنْ لَهُ عَهْدٌ، أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" في كل كبد رطبة أجر ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 41 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1761 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أسماء بنت أبي بكر: " قدمت علي أمي وهي مشركة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 233 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 67.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار بهامش ابن عابدين 2 / 67.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>ذِمَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ يُرْجَى إِسْلَامُهُ، أَوْ كَانَ بِأَيْدِينَا بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ. فَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الْمُتَصَدَّقُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الْمُتَصَدَّقُ بِهِ هُوَ: الْمَال الَّذِي يُعْطَى لِلْفَقِيرِ وَذِي الْحَاجَةِ، وَحَيْثُ إِنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ لأَِجْل ثَوَابِ الآْخِرَةِ، فَيَنْبَغِي فِي الْمَال الْمُتَصَدَّقِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْحَلَال الطَّيِّبِ، وَلَا يَكُونَ مِنَ الْحَرَامِ أَوْ مِمَّا فِيهِ شُبْهَةٌ، كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ مَالاً جَيِّدًا، لَا رَدِيئًا، حَتَّى يَحْصُل عَلَى خَيْرِ الْبِرِّ وَجَزِيل الثَّوَابِ (2) .</p>وَقَدْ بَحَثَ الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الأَْحْكَامَ، وَحُكْمُ التَّصَدُّقِ مِنَ الأَْمْوَال الرَّدِيئَةِ وَالْحَرَامِ كَالتَّالِي:</p> </p>‌<span class="title">‌التَّصَدُّقُ بِالْمَال الْحَلَال وَالْحَرَامِ وَالْمَال الْمُشْتَبَهِ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> لَقَدْ حَثَّ الإِْسْلَامُ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ مِنَ الْمَال الْحَلَال وَالطَّيِّبِ، وَأَنْ تَكُونَ مِمَّا يُحِبُّهُ الْمُتَصَدِّقُ. فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَل اللَّهُ إِلَاّ الطَّيِّبَ، إِلَاّ أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 26، والمجموع 6 / 24، وكشاف القناع 2 / 295 - 298، والاختيار 3 / 54، وشرح الترمذي 3 / 164.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَل، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلَوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ (1) وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّبِ هُنَا الْحَلَال، كَمَا قَال النَّوَوِيُّ (2) .</p>وَعَنْهُ أَيْضًا: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَل إِلَاّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَال:{يَا أَيُّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (3) . وَقَال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (4) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُل يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ (5) .</p>قَال النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ الأَْحَادِيثِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَوَاعِدِ الإِْسْلَامِ وَمَبَانِي الأَْحْكَامِ. . . وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الإِْنْفَاقِ مِنَ الْحَلَال، وَالنَّهْيُ عَنِ الإِْنْفَاقِ مِنْ غَيْرِهِ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَشْرُوبَ وَالْمَأْكُول وَالْمَلْبُوسَ وَنَحْوَ ذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ما تصدق أحد بصدقة " سبق تخرجه ف 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح صحيح مسلم للنووي 7 / 88 - 100، والمجموع 6 / 241.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المؤمنون آية: 51.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 172.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " أيها الناس إن الله طيب. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم 2 / 703 ط. عيسى الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَلَالاً خَالِصًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ (1) .</p>وَحَذَّرَ الْحُسَيْنِيُّ فِي كِفَايَةِ الأَْخْيَارِ مِنْ أَخْذِ مَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ لِلتَّصَدُّقِ بِهِ، وَنَقَل عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَوْلَهُ: لأََنْ أَرُدَّ دِرْهَمًا مِنْ حَرَامٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ حَتَّى بَلَغَ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ (2) .</p>وَعَلَى هَذَا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْتَارَ الرَّجُل أَحَل مَالِهِ، وَأَبْعَدَهُ عَنِ الْحَرَامِ وَالشُّبْهَةِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، كَمَا حَرَّرَهُ النَّوَوِيُّ (3) .</p>وَإِذَا كَانَ فِي عُهْدَةِ الْمُكَلَّفِ مَالٌ حَرَامٌ، فَإِنْ عَلِمَ أَصْحَابُهُ وَجَبَ رَدُّهُ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْحَابُهُ يَتَصَدَّقْ بِهِ.</p>أَمَّا الآْخِذُ أَيْ: الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَرَفَ أَنَّ الْمَال الْمُتَصَدَّقَ بِهِ مِنَ النَّجِسِ أَوِ الْحَرَامِ كَالْغَصْبِ، أَوِ السَّرِقَةِ، أَوِ الْغَدْرِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ وَلَا يَأْكُل مِنْهُ. وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَجَازَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَخْذَهُ لَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ (4) .</p>يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ وَمَظَالِمُ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا، وَأَيِسَ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح صحيح مسلم للنووي 7 / 100.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كفاية الأخيار للحسيني 1 / 124.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 6 / 241.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 3 / 323، والمجموع 6 / 241، فتح القدير مع الهداية 4 / 348، ومطالب أولي النهى 4 / 65، 66، 5 / 135، والجمل 3 / 23.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>مَعْرِفَتِهِمْ، فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِقَدْرِهَا مِنْ مَالِهِ، وَإِنِ اسْتَغْرَقَتْ جَمِيعَ مَالِهِ (1) .</p>وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ: يُؤْمَرُ بِالتَّصَدُّقِ بِالأَْمْوَال الَّتِي حَصَلَتْ بِالْغَدْرِ، كَالْمَال الْمَغْصُوبِ (2) .</p>قَال الْجَمَل مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَوْصَى بِالنَّجِسِ صَحَّ عَلَى مَعْنَى نَقْل الْيَدِ، لَا التَّمْلِيكِ (3) .</p>وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ: بِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ نَحْوُ غُصُوبٍ، أَوْ رُهُونٍ، أَوْ أَمَانَاتٍ، لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا، وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ، فَلَهُ الصَّدَقَةُ بِهَا مِنْهُمْ - أَيْ: مِنْ قِبَلِهِمْ. وَقَال بَعْضُهُمْ: يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ (4) .</p>وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الدُّيُونِ الَّتِي جُهِل أَرْبَابُهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (5) .</p>أَمَّا الأَْمْوَال الَّتِي فِيهَا شُبْهَةٌ فَالأَْوْلَى الاِبْتِعَادُ عَنْهَا، وَلِهَذَا قَال النَّوَوِيُّ فِي التَّصَدُّقِ بِمَا فِيهِ شُبْهَةٌ: إِنَّهُ مَكْرُوهٌ (6) .</p>قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْحَلَال بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 223.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 4 / 348.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجمل 3 / 23.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مطالب أولي النهى 1 / 65، 66.</p><font color=#ff0000>(5)</font> نفس المرجع 4 / 68.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المجموع 6 / 241.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْل الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّصَدُّقُ بِالْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> يُسْتَحَبُّ فِي الصَّدَقَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ أَيِ: الْمَال الْمُعْطَى مِنْ أَجْوَدِ مَال الْمُتَصَدِّقِ وَأَحَبِّهِ إِلَيْهِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (2) قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَالْمَعْنَى لَنْ تَكُونُوا أَبْرَارًا حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، أَيْ: نَفَائِسِ الأَْمْوَال وَكَرَائِمِهَا، وَكَانَ السَّلَفُ رضي الله عنهم إِذَا أَحَبُّوا شَيْئًا جَعَلُوهُ لِلَّهِ تَعَالَى. فَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ أَكْثَرَ الأَْنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَال أَنَسٌ رَاوِي الْحَدِيثِ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الحلال بين والحرام بين. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 126 ط. السلفية) من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة آل عمران - الآية 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُول اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ قَال: فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ (1) .</p>وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَشْتَرِي أَعْدَالاً مِنْ سُكَّرٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، فَقِيل لَهُ: هَلَاّ تَصَدَّقْتَ بِقِيمَتِهَا؟ قَال: لأَِنَّ السُّكَّرَ أَحَبُّ إِلَيَّ فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ مِمَّا أُحِبُّ (2) .</p>وَالْمُرَادُ بِالآْيَةِ حُصُول كَثْرَةِ الثَّوَابِ بِالتَّصَدُّقِ مِمَّا يُحِبُّهُ. وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَال الْمُتَصَدَّقُ بِهِ كَثِيرًا، وَيُسْتَحَبُّ التَّصَدُّقُ وَلَوْ بِشَيْءٍ نَزْرٍ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (3) وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ (4) .</p>وَنَهَى اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنِ التَّصَدُّقِ بِالرَّدِيءِ مِنَ الْمَال. قَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير روح المعاني 3 / 222، 223 وحديث " أن أبا طلحة كان أكثر الأنصار مالا من نخل " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 325 ط. السلفية) واللفظ له، ومسلم (صحيح مسلم 2 / 693 ط. عيسى الحلبي) من حديث أنس مالك رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 4 / 133، وانظر في الموضوع كشاف القناع 2 / 299.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الزلزلة / 8.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كفاية الأخيار 1 / 125 وحديث:" اتقوا النار ولو بشق تمرة " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 448 ط. السلفية) ومسلم (صحيح مسلم 3 / 704 ط. عيسى الحلبي) مرفوعًا من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (1) أَيْ: لَا تَتَصَدَّقُوا بِالصَّدَقَةِ مِنَ الْمَال الْخَبِيثِ، وَلَا تَفْعَلُوا مَعَ اللَّهِ مَا لَا تَرْضَوْنَهُ لأَِنْفُسِكُمْ.</p>وَرَجَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَنَّ الآْيَةَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ حَيْثُ قَال: لَوْ كَانَتْ فِي الْفَرِيضَةِ لَمَا قَال: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ} لأَِنَّ الرَّدِيءَ وَالْخَبِيثَ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ فِي الْفَرْضِ بِحَالٍ، لَا مَعَ تَقْدِيرِ الإِْغْمَاضِ وَلَا مَعَ عَدَمِهِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مَعَ عَدَمِ الإِْغْمَاضِ فِي النَّفْل (2)</p>وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْل بَرَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، أَنَّ الآْيَةَ فِي التَّطَوُّعِ، نُدِبُوا إِلَيْهِ أَنْ لَا يَتَطَوَّعُوا إِلَاّ بِمُمْتَازٍ جَيِّدٍ (3) وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَجُلٍ عَلَّقَ قِنْوَ حَشَفٍ فِي الْمَسْجِدِ: لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا وَقَال: إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُل الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة الآية (267) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> القرطبي 3 / 326.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القرطبي 3 / 320، 321.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مختصر سنن أبي داود 2 / 213. وحديث: " لو شاء رب هذه الصدقة " أخرجه النسائي (سنن النسائي 5 / 43 - 44 نشر مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب) وأبو داود (سنن أبي داود 2 / 261 ط. استانبول) واللفظ له من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه. وفي سنده صالح بن أبي عريب، لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات (جامع الأصول في أحاديث الرسول بتحقيق الأرناؤوط 6 / 456 نشر مكتبة الحلواني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌التَّصَدُّقُ بِكُل مَالِهِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَتِهِ، وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا يُنْقِصُ مُؤْنَةَ مَنْ يَمُونُهُ أَثِمَ. وَمَنْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ بِمَالِهِ كُلِّهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّل وَالصَّبْرِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَاّ فَلَا يَجُوزُ.</p>وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَنْ يُنْقِصَ نَفَقَةَ نَفْسِهِ عَنِ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ.</p>وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ (1) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الإِْنْسَانَ مَا دَامَ صَحِيحًا رَشِيدًا لَهُ التَّبَرُّعُ بِجَمِيعِ مَالِهِ عَلَى كُل مَنْ أَحَبَّ. قَال فِي الرِّسَالَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِلَّهِ. لَكِنْ قَال النَّفْرَاوِيُّ: مَحَل نَدْبِ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْمَال أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ طَيِّبَ النَّفْسِ بَعْدَ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ، لَا يَنْدَمُ عَلَى الْبَقَاءِ بِلَا مَالٍ. وَأَنَّ مَا يَرْجُوهُ فِي الْمُسْتَقْبَل مُمَاثِلٌ لِمَا تَصَدَّقَ بِهِ فِي الْحَال، وَأَنْ لَا يَكُونَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَل لِنَفْسِهِ، أَوْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، أَوْ يُنْدَبُ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَإِلَاّ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ ذَلِكَ (2) بَل يَحْرُمُ عَلَيْهِ إِنْ تَحَقَّقَ الْحَاجَةَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية عابدين على الدر المختار 2 / 71، والاختيار لتعليل المختار 3 / 54.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 323.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>نَفَقَتُهُ، أَوْ يُكْرَهُ إِنْ تَيَقَّنَ الْحَاجَةَ لِمَنْ يُنْدَبُ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الأَْفْضَل أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا يَفْضُل عَنْ حَاجَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ، وَمُؤْنَةِ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ (1) .</p>وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ (2) : الأَْوْلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنَ الْفَاضِل عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ عَلَى الدَّوَامِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول (3) وَلأَِنَّ نَفَقَةَ مَنْ يَمُونُهُ وَاجِبَةٌ وَالتَّطَوُّعُ نَافِلَةٌ، وَتَقْدِيمُ النَّفْل عَلَى الْفَرْضِ غَيْرُ جَائِزٍ.</p>فَإِنْ كَانَ الرَّجُل لَا عِيَال لَهُ، فَأَرَادَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَكَانَ ذَا مَكْسَبٍ، أَوْ كَانَ وَاثِقًا مِنْ نَفْسِهِ يُحْسِنُ التَّوَكُّل وَالصَّبْرَ عَلَى الْفَقْرِ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَحَسَنٌ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: أَمَرَنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالاً عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المرجع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 3 / 83، 84.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 294 ط. السلفية) بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجه مسلم (صحيح مسلم 2 / 717 ط. عيسى الحلبي) من حديث حكيم بن خزام بلفظ " أفضل الصدقة (أو خير الصدقة) عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَبْقَيْتَ لأَِهْلِكَ؟ قُلْتُ: مِثْلَهُ. قَال: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُل مَا عِنْدَهُ فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَبْقَيْتَ لأَِهْلِكَ؟ قَال: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقُلْتُ لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ بَعْدَهُ أَبَدًا (1) قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَهَذَا كَانَ فَضِيلَةً فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه لِقُوَّةِ يَقِينِهِ، وَكَمَال إِيمَانِهِ، وَكَانَ أَيْضًا تَاجِرًا ذَا مَكْسَبٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمُتَصَدِّقِ أَحَدُ هَذَيْنِ كُرِهَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ مَالِهِ. فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ، وَيَقُول هَذِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النَّاسَ، خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى (2) ؛ وَلأَِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا أَخْرَجَ جَمِيعَ مَالِهِ لَا يَأْمَنُ فِتْنَةَ الْفَقْرِ، وَشِدَّةَ نِزَاعِ النَّفْسِ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ فَيَنْدَمُ، فَيَذْهَبُ مَالُهُ، وَيَبْطُل أَجْرُهُ، وَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عمر رضي الله عنه قال:" أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق. . . " أخرجه (أبو داود 2 / 312 - 313 ط. استانبول) واللفظ له، (والترمذي 5 / 574 نشر دار الكتب العلمية - بيروت) . وقال: هذا حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " يأتي أحدكم بما يملك " أخرجه أبو داود من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه مرفوعا (سنن أبي داود 2 / 310 - 311 ط. استانبول) وفيه عنعنة ابن اسحاق (جامع الأصول في أحاديث الرسول 6 / 465 بتحقيق الرناؤوط)</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 3 / 83،84.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>وَاتَّفَقَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ مَعَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ فِي: أَنَّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِعِيَالِهِ وَدَيْنِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ فَضَل عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَهَل يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الْفَاضِل؟ فِيهِ عِنْدَهُمْ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: إِنْ صَبَرَ عَلَى الضِّيقِ فَنَعَمْ، وَإِلَاّ فَلَا بَل يُكْرَهُ ذَلِكَ، قَالُوا: وَعَلَيْهِ تُحْمَل الأَْخْبَارُ الْمُخْتَلِفَةُ الظَّاهِرِ (1)</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا - النِّيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> الصَّدَقَةُ قُرْبَةٌ؛ لأَِنَّهَا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، لأَِجْل ثَوَابِ الآْخِرَةِ، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ النِّيَّةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (2) وَيُسْتَحَبُّ فِي الصَّدَقَةِ أَنْ يَنْوِيَ الْمُتَصَدِّقُ ثَوَابَهَا لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.</p>وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ كُل مَنْ أَتَى بِعِبَادَةٍ مَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَلَاةً أَمْ صَوْمًا أَمْ صَدَقَةً أَمْ قِرَاءَةً، لَهُ أَنْ يَجْعَل ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ نَوَاهَا لِنَفْسِهِ (3) .</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ:" وَالأَْفْضَل لِمَنْ يَتَصَدَّقُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كفاية الأخيار للحسيني 1 / 124، وأسنى المطالب 1 / 407.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إنما الأعمال بالنيات. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 9 ط. السلفية) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2 / 236، والبدائع 6 / 218، والخرشي على مختصر خليل 7 / 102، والمغني لابن قدامة 5 / 649، و 3 / 82، وأشباه ابن نجيم ص 29، وأشباه السيوطي ص 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>نَفْلاً أَنْ يَنْوِيَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ لأَِنَّهَا تَصِل إِلَيْهِمْ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ (1) .</p>وَتَفْصِيل أَحْكَامِ النِّيَّةِ فِي مُصْطَلَحِ:(نِيَّةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِخْفَاءُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> الأَْفْضَل فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَنْ تَكُونَ سِرًّا، وَهَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَصِحُّ وَيُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْعَلَنِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (2) .</p>وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِل إِلَاّ ظِلُّهُ وَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلاً تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ (3) وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 71.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة الآية 272.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. . . "" رجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " سبق تخريجه ف 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ (1) .</p>وَلأَِنَّ الإِْسْرَارَ بِالتَّطَوُّعِ يَخْلُو عَنِ الرِّيَاءِ وَالْمَنِّ، وَإِعْطَاءُ الصَّدَقَةِ سِرًّا يُرَادُ بِهِ رِضَا اللَّهِ سبحانه وتعالى وَحْدَهُ. وَنُقِل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَوْلُهُ: صَدَقَةُ السِّرِّ فِي التَّطَوُّعِ أَفْضَل مِنْ صَدَقَةِ الْعَلَانِيَةِ بِسَبْعِينَ ضِعْفًا (2) .</p>قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ أَنَّ الْحَال فِي الصَّدَقَةِ يَخْتَلِفُ بِحَال الْمُعْطِي لَهَا وَالْمُعْطَى إِيَّاهَا وَالنَّاسِ الشَّاهِدِينَ لَهَا.</p>أَمَّا الْمُعْطِي فَلَهُ فَائِدَةُ إِظْهَارِ السُّنَّةِ وَثَوَابِ الْقُدْوَةِ، وَآفَتُهَا الرِّيَاءُ، وَالْمَنُّ، وَالأَْذَى. وَأَمَّا الْمُعْطَى إِيَّاهَا فَإِنَّ السِّرَّ أَسْلَمُ لَهُ مِنَ احْتِقَارِ النَّاسِ لَهُ، أَوْ نِسْبَتِهِ إِلَى أَنَّهُ أَخَذَهَا مَعَ الْغِنَى وَتَرْكِ التَّعَفُّفِ.</p>وَأَمَّا حَال النَّاسِ فَالسِّرُّ عَنْهُمْ أَفْضَل مِنَ الْعَلَانِيَةِ لَهُمْ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ رُبَّمَا طَعَنُوا عَلَى الْمُعْطِي لَهَا بِالرِّيَاءِ، وَعَلَى الآْخِذِ لَهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 2 / 232، 234، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 236، وحاشية القليوبي 3 / 204، 205، والمهذب 1 / 183، وكشاف القناع 2 / 266. وحديث:" صنائع المعروف تقي مصارع السوء. . . ". أخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وإسناده حسن (مجمع الزوائد 3 / 115 نشر مكتبة القدسي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام القرآن لابن العربي 1 / 236.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>بِالاِسْتِغْنَاءِ، وَلَهُمْ فِيهَا تَحْرِيكُ الْقُلُوبِ إِلَى الصَّدَقَةِ. لَكِنَّ هَذَا الْيَوْمَ قَلِيلٌ (1) وَيَقُول الْخَطِيبُ: إِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَأَظْهَرَهَا لِيُقْتَدَى بِهِ مِنْ غَيْرِ رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ، فَهُوَ أَفْضَل (2) .</p>أَمَّا صَدَقَةُ الْفَرْضِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ إِظْهَارَهَا أَفْضَل كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَرْكُ الْمَنِّ وَالأَْذَى:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> يَحْرُمُ الْمَنُّ وَالأَْذَى بِالصَّدَقَةِ، وَيَبْطُل الثَّوَابُ بِذَلِكَ، فَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمَنِّ وَالأَْذَى، وَجَعَلَهُمَا مُبْطِلَيْنِ لِلصَّدَقَاتِ حَيْثُ قَال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَْذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} (3) وَحَثَّ سبحانه وتعالى الْمُنْفِقِينَ فِي سَبِيل اللَّهِ بِعَدَمِ إِتْبَاعِ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى فَقَال: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (4)</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، فِي أَنَّ الْمَنَّ وَالأَْذَى فِي الصَّدَقَةِ حَرَامٌ يُبْطِل الثَّوَابَ. قَال الْقُرْطُبِيُّ: عَبَّرَ تَعَالَى عَنْ عَدَمِ الْقَبُول<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المرجع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة الآية 264.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة الآية 262.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>وَحِرْمَانِ الثَّوَابِ بِالإِْبْطَال (1) .</p>وَقَال الشِّرْبِينِيُّ: الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ حَرَامٌ مُبْطِلٌ لِلأَْجْرِ لِلآْيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. قَال: فَقَرَأَهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مِرَارٍ. قَال أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: الْمُسْبِل، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ (2) .</p>وَجَعَلَهُ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْكَبَائِرِ فَقَال: وَيَحْرُمُ الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مِنَ الْكَبِيرَةِ وَيَبْطُل الثَّوَابَ بِذَلِكَ (3) .</p>وَهَل تُبْطِل الْمَعْصِيَةُ الطَّاعَةَ؟ فِيهِ خِلَافٌ. قَال الْقُرْطُبِيُّ: الْعَقِيدَةُ أَنَّ السَّيِّئَاتِ لَا تُبْطِل الْحَسَنَاتِ، وَلَا تُحْبِطُهَا. فَالْمَنُّ وَالأَْذَى فِي صَدَقَةٍ لَا يُبْطِل صَدَقَةً أُخْرَى (4)</p> </p>‌<span class="title">‌التَّصَدُّقُ فِي الْمَسْجِدِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّصَدُّقِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى جَوَازِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القرطبي 3 / 311، ومغني المحتاج 3 / 122، وكشاف القناع 2 / 298.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم 1 / 102 ط. عيسى الحلبي) من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع عن متن الإقناع 2 / 298.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القرطبي 3 / 311</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>وَبَعْضُهُمْ بَيَّنُوا لَهُ شُرُوطًا لَا يَجُوزُ بِغَيْرِهَا. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَا يَحِل أَنْ يَسْأَل شَيْئًا مَنْ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ بِالْفِعْل أَوْ بِالْقُوَّةِ، كَالصَّحِيحِ الْمُكْتَسِبِ، وَيَأْثَمُ مُعْطِيهِ إِنْ عَلِمَ بِحَالِهِ؛ لأَِنَّهُ أَعَانَهُ عَلَى الْمُحَرَّمِ (1) ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ السَّائِل إِذَا كَانَ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَلَا يَتَخَطَّى الرِّقَابَ، وَلَا يَسْأَل إِلْحَافًا، بَل لأَِمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَا بَأْسَ بِالسُّؤَال وَالإِْعْطَاءِ. ثُمَّ قَال نَقْلاً عَنِ الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَا يَجُوزُ الإِْعْطَاءُ إِذَا لَمْ يَكُونُوا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ (2) . وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مِنْ تَعْلِيقِ رَجُلٍ قِنْوَ حَشَفٍ فِي الْمَسْجِدِ يَدُل كَذَلِكَ عَلَى مُطْلَقِ الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْتَبَرْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ (3)</p>كَمَا يَدُل عَلَى الْجَوَازِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَل مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِسَائِلٍ يَسْأَل فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَخَذْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 71.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 554.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القرطبي 3 / 321.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ . . . " أخرجه أبو داود (سنن أبي داود 2 / 309 ط. استانبول) والحاكم (المستدرك 1 / 412 نشر دار الكتاب العربي) من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر وصححه ووافقه الذهبي. إلا أن في إسناده المبارك بن فضالة وهو متكلم فيه (ميزان الاعتدال 3 / 431 ط. عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>وَيَقُول الْبُهُوتِيُّ: يُكْرَهُ سُؤَال الصَّدَقَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالتَّصَدُّقُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ يَقُول:" وَلَا يُكْرَهُ التَّصَدُّقُ عَلَى غَيْرِ السَّائِل وَلَا عَلَى مَنْ سَأَل لَهُ الْخَطِيبُ (1) ". وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (مَسْجِدٌ)</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْوَال وَالأَْمَاكِنُ الَّتِي تُفَضَّل فِيهَا الصَّدَقَةُ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ الْحَالَاتِ وَالأَْمَاكِنَ الَّتِي تُفَضَّل فِيهَا الصَّدَقَةُ، وَيَكُونُ أَجْرُهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا، وَمِنْ هَذِهِ الْحَالَاتِ وَالأَْمَاكِنِ مَا يَأْتِي:</p>قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فِي رَمَضَانَ أَفْضَل مِنْ دَفْعِهَا فِي غَيْرِهِ، لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: سُئِل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَل؟ قَال: صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ (2) . وَلأَِنَّ الْفُقَرَاءَ فِيهِ يَضْعُفُونَ وَيَعْجِزُونَ عَنِ الْكَسْبِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ. وَتَتَأَكَّدُ فِي الأَْيَّامِ الْفَاضِلَةِ كَعَشْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 371.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ قال: صدقة في رمضان ". أخرجه الترمذي (سنن الترمذي 3 / 52 نشر دار الكتب العلمية) من حديث أنس رضي الله عنه وفي سنده صدقة بن موسى وفيه مقال. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وصدقة بن موسى ليس عندهم (جامع الأصول في أحاديث الرسول بتحقيق الأرناؤوط 9 / 261)</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>ذِي الْحِجَّةِ، وَأَيَّامِ الْعِيدِ، وَكَذَا فِي الأَْمَاكِنِ الشَّرِيفَةِ، كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَفِي الْغَزْوِ، وَالْحَجِّ، وَعِنْدَ الأُْمُورِ الْمُهِمَّةِ، كَالْكُسُوفِ وَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ (1) .</p>ثُمَّ نَقَل عَنِ الأَْذْرَعِيِّ قَوْلَهُ: وَلَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ أَرَادَ التَّطَوُّعَ بِصَدَقَةٍ، أَوْ بِرٍّ فِي رَجَبٍ، أَوْ شَعْبَانَ مَثَلاً، أَنَّ الأَْفْضَل لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الأَْوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ، بَل الْمُسَارَعَةُ إِلَى الصَّدَقَةِ أَفْضَل بِلَا شَكٍّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ التَّصَدُّقَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَْيَّامِ الْفَاضِلَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِمَّا يَقَعُ فِي غَيْرِهَا (2) .</p>وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: وَفِي أَوْقَاتِ الْحَاجَةِ أَفْضَل مِنْهَا فِي غَيْرِهَا (3) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} (4) .</p>وَعَلَّل الْحَنَابِلَةُ فَضْل الصَّدَقَةِ فِي رَمَضَانَ بِأَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فِيهِ، وَلأَِنَّ فِيهِ إِعَانَةً عَلَى أَدَاءِ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ، وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 2 / 296.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البلد الآية (14) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 3 / 82.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>وَيُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا، التَّوْسِيعُ عَلَى الْعِيَال، وَالإِْحْسَانُ إِلَى الأَْقَارِبِ وَالْجِيرَانِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ - لَا سِيَّمَا فِي عَشَرَةٍ آخِرَهُ؛ لأَِنَّ فِيهِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَهُوَ أَفْضَل مِمَّا عَدَاهُ مِنَ الأَْيَّامِ الأُْخْرَى (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّجُوعُ فِي الصَّدَقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَرْجِعَ فِي صَدَقَتِهِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالصَّدَقَةِ الثَّوَابُ، وَقَدْ حَصَل، وَإِنَّمَا الرُّجُوعُ يَكُونُ عِنْدَ تَمَكُّنِ الْخَلَل فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ كَمَا يَقُول السَّرَخْسِيُّ (2) . وَيَسْتَوِي أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ عَلَى غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ فِي أَنْ لَا رُجُوعَ فِيهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ (3) .</p>وَعَمَّمَ الْمَالِكِيَّةُ الْحُكْمَ فَقَالُوا: كُل مَا يَكُونُ لِثَوَابِ الآْخِرَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا، وَلَوْ مِنْ وَالِدٍ لِوَلَدِهِ (4) لَكِنَّهُمْ قَالُوا: لِلْوَالِدِ أَنْ يَعْتَصِرَ مَا وَهَبَهُ لاِبْنِهِ وَذَلِكَ بِشُرُوطٍ تُذْكَرُ فِي (هِبَةٌ) .</p>وَنُصُوصُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَتَّفِقُ مَعَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِ الْمُتَصَدِّقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب شرح الروض 1 / 406.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط للسرخسي 12 / 92، وابن عابدين 4 / 522.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 12 / 92.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفواكه الدواني 2 / 217.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>فِي صَدَقَتِهِ (1) أَمَّا الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ فَتُذْكَرُ أَحْكَامُهَا فِي مُصْطَلَحِ: (هِبَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌صَدَقَةُ الْفِطْرِ</span></p> </p>انْظُرْ: زَكَاةُ الْفِطْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 5 / 684، ومطالب أولي النهى 4 / 104، وروضة الطالبين 4 / 363.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَدِيدٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> فِي اللُّغَةِ: صَدِيدُ الْجُرْحِ: مَاؤُهُ الرَّقِيقُ الْمُخْتَلِطُ بِالدَّمِ قَبْل أَنْ يَغْلُظَ فَإِنْ غَلُظَ سُمِّيَ مِدَّةً (بِكَسْرِ الْمِيمِ) . وَالصَّدِيدُ فِي الْقُرْآنِ: مَا يَسِيل مِنْ جُلُودِ أَهْل النَّارِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْقَيْحُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْقَيْحُ: الْمِدَّةُ الْخَالِصَةُ الَّتِي لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالصَّدِيدِ:</span></p>‌<span class="title">‌حُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَالطَّهَارَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّ الصَّدِيدَ نَجِسٌ كَالدَّمِ، لأَِنَّهُ مِنَ الْخَبَائِثِ، وَالطِّبَاعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة (صدد) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المعجم الوسيط ولسان العرب والحطاب مع المواق 1 / 104 - 105.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div>السَّلِيمَةُ تَسْتَخْبِثُهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌انْتِقَاضُ الْوُضُوءِ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ الصَّدِيدِ مِنَ الْجُرْحِ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ الصَّدِيدِ مِنَ الْجُرْحِ؛ لأَِنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَهُمْ هِيَ: مَا خَرَجَتْ مِنَ السَّبِيلَيْنِ فَقَطْ، أَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَرَسَا الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْكُفَّارِ بِسَهْمٍ فَنَزَعَهُ وَصَلَّى وَدَمُهُ يَجْرِي، وَعَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ (3) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ النَّجِسِ مِنَ الآْدَمِيِّ الْحَيِّ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: دَخَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ فَقَرَّبَتْ لَهُ عِرْقًا فَأَكَل فَأَتَى الْمُؤَذِّنُ فَقَال: الْوُضُوءَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 60 والدسوقي 1 / 56، ومغني المحتاج 1 / 79، وكشاف القناع 1 / 124، والمغني 1 / 186.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 32، والدسوقي 1 / 114 - 115.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حرسا المسلمين. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 136 - ط. عزت عبيد دعاس) من حديث جابر بن عبد الله، وصححه ابن خزيمة (1 / 24 - ط. المكتب الإسلامي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>الْوُضُوءَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا عَلَيْنَا الْوُضُوءُ فِيمَا يَخْرُجُ وَلَيْسَ عَلَيْنَا فِيمَا يَدْخُل (1) ، عَلَّقَ الْحُكْمَ بِكُل مَا يَخْرُجُ، أَوْ بِمُطْلَقِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْمَخْرَجِ، إِلَاّ أَنَّ خُرُوجَ الطَّاهِرِ لَيْسَ بِمُرَادٍ فَبَقِيَ خُرُوجُ النَّجِسِ مُرَادًا.</p>وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ، أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلْسٌ، أَوْ مَذْيٌ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ (2)، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ.</p>وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ لَمَّا اسْتُحِيضَتْ: تَوَضَّئِي فَإِنَّهُ دَمُ عِرْقٍ انْفَجَرَ (3)، أَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ وَعَلَّل بِانْفِجَارِ دَمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي أمامة: إنما علينا الوضوء. أخرجه الطبراني (8 / 249 - ط وزارة الأوقاف العراقية) وأورده الهيثمي في المجمع (2 / 152 - ط. القدسي) وأعله بضعف راويين فيه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من أصابه قيء أو رعاف أو قلس ". أخرجه ابن ماجه (1 / 385، 389 ط. الحلبي) من حديث عائشة، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 223 ط دار الجنان) " هذا إسناد ضعيف ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث قوله لفاطمة بنت أبي حبيش:" توضئي. . . . ". حديث عائشة بلفظ: " إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي " ولم نهتد إلى اللفظ الوارد في البحث.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>الْعِرْقِ لَا بِالْمُرُورِ عَلَى الْمَخْرَجِ، وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: الْوُضُوءُ مِنْ كُل دَمٍ سَائِلٍ (1) وَالأَْخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَدَتْ مَوْرِدَ الاِسْتِفَاضَةِ، حَتَّى وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا مِثْل ذَلِكَ، مِنْهُمْ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ (2) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَعَلَى ذَلِكَ إِنْ سَال الصَّدِيدُ عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ وَالْقُرْحِ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ لِوُجُودِ الْحَدَثِ وَخُرُوجِ النَّجِسِ، وَهُوَ انْتِقَال النَّجِسِ مِنَ الْبَاطِنِ إِلَى الظَّاهِرِ، لَكِنَّهُ لَا يَنْقُضُ إِلَاّ إِذَا سَال وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، فَلَوْ ظَهَرَ الصَّدِيدُ عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ وَلَمْ يَسِل لَمْ يَكُنْ حَدَثًا؛ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَسِل كَانَ فِي مَحَلِّهِ إِلَاّ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَتِرًا بِالْجِلْدَةِ، وَانْشِقَاقُهَا يُوجِبُ زَوَال السُّتْرَةِ لَا زَوَال الصَّدِيدِ عَنْ مَحَلِّهِ، وَلَا حُكْمَ لِلنَّجَسِ مَا دَامَ فِي مَحَلِّهِ، فَإِذَا سَال عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ فَقَدِ انْتَقَل عَنْ مَحَلِّهِ فَيُعْطَى لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ.</p>وَعِنْدَ زُفَرَ: يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ سَوَاءٌ سَال عَنْ مَحَلِّهِ أَمْ لَمْ يَسِل؛ لأَِنَّ الْحَدَثَ الْحَقِيقِيَّ عِنْدَهُ هُوَ ظُهُورُ النَّجِسِ مِنَ الآْدَمِيِّ الْحَيِّ، وَقَدْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث تميم الداري:" الوضوء من كل دم سائل ". أخرجه الدارقطني (1 / 157 - ط دار المحاسن) وأعله بانقطاع في سنده وبجهالة راويين فيه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 1 / 24.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٦)</span><hr/></div>ظَهَرَ؛ وَلأَِنَّ ظُهُورَ النَّجِسِ اعْتُبِرَ حَدَثًا فِي السَّبِيلَيْنِ، سَال عَنْ رَأْسِ الْمَخْرَجِ أَوْ لَمْ يَسِل، فَكَذَا فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ (1) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَالْحَنَابِلَةُ كَالْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ الأَْصْل انْتِقَاضُ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ النَّجِسِ مِنَ الْبَدَنِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ أَمْ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا اسْتَدَل بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَاّ أَنَّ الَّذِي يَنْقُضُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْكَثِيرُ مِنْ ذَلِكَ دُونَ الْيَسِيرِ، قَال الْقَاضِي: الْيَسِيرُ لَا يَنْقُضُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الدَّمِ: إِذَا كَانَ فَاحِشًا فَعَلَيْهِ الإِْعَادَةُ، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى بَزَقَ دَمًا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَابْنُ عُمَرَ عَصَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ دَمٌ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، قَال أَحْمَدُ: عِدَّةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ تَكَلَّمُوا فِيهِ.</p>وَحَدُّ الْكَثِيرِ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي نَصِّ أَحْمَدَ: هُوَ مَا فَحُشَ فِي نَفْسِ كُل أَحَدٍ بِحَسَبِهِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ: الْفَاحِشُ مَا فَحُشَ فِي قَلْبِكَ، قَال الْخَلَاّل: إِنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، قَال فِي الشَّرْحِ: لأَِنَّ اعْتِبَارَ حَال الإِْنْسَانِ بِمَا يَسْتَفْحِشُهُ غَيْرُهُ فِيهِ حَرَجٌ فَيَكُونُ مَنْفِيًّا، وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: إِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا يَفْحُشُ فِي نُفُوسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ، وَلَوِ اسْتَخْرَجَ كَثِيرَهُ بِقُطْنَةٍ نَقَضَ أَيْضًا؛<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 25.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٦)</span><hr/></div>لأَِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمُعَالَجَةٍ لَا أَثَرَ لَهُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَعَدَمِهِ، وَقَدْ نُقِل عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِل: كَمِ الْكَثِيرُ؟ فَقَال: شِبْرٌ فِي شِبْرٍ، وَفِي مَوْضِعٍ قَال: قَدْرُ الْكَفِّ فَاحِشٌ، وَفِي مَوْضِعٍ قَال: الَّذِي يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مِقْدَارَ مَا يَرْفَعُهُ الإِْنْسَانُ بِأَصَابِعِهِ الْخَمْسِ مِنَ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَقِيل لَهُ: إِنْ كَانَ مِقْدَارَ عَشَرَةِ أَصَابِعَ؟ فَرَآهُ كَثِيرًا (1)</p> </p>‌<span class="title">‌صَلَاةُ مَنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ أَوْ بَدَنُهُ بِالصَّدِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: طَهَارَةَ الثَّوْبِ، وَالْبَدَنِ، وَالْمَكَانِ مِنَ النَّجَاسَةِ، فَإِذَا أَصَابَ الْبَدَنَ أَوِ الثَّوْبَ شَيْءٌ مِنَ الصَّدِيدِ فَإِنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ يُعْفَى عَنِ الْيَسِيرِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ غَالِبًا لَا يَسْلَمُ مِنْ مِثْل هَذَا؛ وَلأَِنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.</p><font color=#ff0000>8 -</font> لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْيَسِيرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ غَيْرِ زُفَرَ قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَمَا دُونَهُ، فَإِنْ زَادَ لَمْ تَجُزِ الصَّلَاةُ بِهِ، وَقَال زُفَرُ: لَا يُعْفَى عَنْهُ؛ لأَِنَّ قَلِيل النَّجَاسَةِ وَكَثِيرَهَا سَوَاءٌ.</p>وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُعْفَى عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ، أَمَّا قَدْرُ الدِّرْهَمِ فَقَدْ قِيل: إِنَّهُ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 1 / 124 - 125، والمغني 1 / 184 - 186.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٧)</span><hr/></div>الْكَثِيرِ وَقِيل: إِنَّهُ مِنَ الْقَلِيل.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قِيل: يُعْفَى عَنِ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ عَلَى الرَّاجِحِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْهَا غَالِبًا، فَلَوْ وَجَبَ الْغُسْل فِي كُل مَرَّةٍ لَشَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَمَّا مَا خَرَجَ مِنْهَا بِفِعْلِهِ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ، وَقِيل: يُعْفَى عَنِ الْيَسِيرِ فَقَطْ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَتَعَافَاهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ،</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الْيَسِيرُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُنْقِضِ الْوُضُوءَ، أَيْ: مَا لَا يَفْحُشْ فِي النَّفْسِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌صَدِيقٌ</span></p> </p>انْظُرْ: صَدَاقَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 1 / 32، والهداية 1 / 35، والدسوقي 1 / 73، ومغني المحتاج 1 / 194، والوجيز 1 / 48، والمهذب 1 / 67، وكشاف القناع 1 / 190، وشرح منتهى الإرادات 1 / 102، والحطاب والمواق 1 / 104 - 105.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صِرَافَةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: صَرْفٌ</p> </p>‌<span class="title">‌صُرَدٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَةٌ</p> </p>‌<span class="title">‌صَرَعٌ</span></p> </p>انْظُرْ: جُنُونٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَرْفٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الصَّرْفُ فِي اللُّغَةِ: يَأْتِي بِمَعَانٍ، مِنْهَا: رَدُّ الشَّيْءِ عَنِ الْوَجْهِ، يُقَال: صَرَفَهُ يَصْرِفُهُ صَرْفًا إِذَا رَدَّهُ وَصَرَفْتُ الرَّجُل عَنِّي فَانْصَرَفَ. وَمِنْهَا: الإِْنْفَاقُ، كَقَوْلِكَ: صَرَفْتُ الْمَال، أَيْ: أَنْفَقْتُهُ. وَمِنْهَا الْبَيْعُ، كَمَا تَقُول: صَرَفْتُ الذَّهَبَ بِالدَّرَاهِمِ، أَيْ: بِعْتُهُ. وَاسْمُ الْفَاعِل مِنْ هَذَا صَيْرَفِيٌّ، وَصَيْرَفٌ، وَصَرَّافٌ لِلْمُبَالَغَةِ. وَمِنْهَا الْفَضْل وَالزِّيَادَةُ.</p>قَال ابْنُ فَارِسٍ: الصَّرْفُ: فَضْل الدِّرْهَمِ فِي الْجَوْدَةِ عَلَى الدِّرْهَمِ، وَالدِّينَارِ عَلَى الدِّينَارِ (1)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ عَرَّفَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، بِأَنَّهُ بَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ، جِنْسًا بِجِنْسٍ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسٍ، فَيَشْمَل بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، كَمَا يَشْمَل بَيْعَ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ، فَيَدْخُل فِيهِ بَيْعُ الْمَصُوغِ بِالْمَصُوغِ أَوْ بِالنَّقْدِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، ولسان العرب في المادة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 334، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 5 / 215، والهداية مع فتح القدير والعناية 6 / 258، ومغني المحتاج 2 / 25، والمغني لابن قدامة 4 / 41، وشرح منتهى الإرادات 2 / 201.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٨)</span><hr/></div>قَال الْمَرْغِينَانِيُّ: سُمِّيَ بِالصَّرْفِ لِلْحَاجَةِ إِلَى النَّقْل فِي بَدَلَيْهِ مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ، أَوْ لأَِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إِلَاّ الزِّيَادَةُ، إِذْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ، وَالصَّرْفُ هُوَ الزِّيَادَةُ (1) .</p>وَعَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ مُغَايِرٍ لِنَوْعِهِ، كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، أَمَّا بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ مِثْلِهِ، كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، أَوْ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، فَسَمَّوْهُ بِاسْمٍ آخَرَ حَيْثُ قَالُوا: إِنِ اتَّحَدَ جِنْسُ الْعِوَضَيْنِ، فَإِنْ كَانَ‌<span class="title">‌ الْبَيْعُ </span>بِالْوَزْنِ فَهُوَ الْمُرَاطَلَةُ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَدَدِ فَهُوَ الْمُبَادَلَةُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الْبَيْعُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الْبَيْعُ بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ: مُبَادَلَةُ الْمَال بِالْمَال بِالتَّرَاضِي، كَمَا عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ (3) أَوْ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ، كَمَا قَال الْمَالِكِيَّةُ (4) أَوْ: هُوَ مُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ تُفِيدُ مِلْكَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ، كَمَا عَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ (5) ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية مع الفتح 6 / 258، 259.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 3 / 2، والحطاب 4 / 226، وانظر حاشية الصاوي على الشرح الصغير 3 / 63.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير مع الهداية 5 / 445.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير للدردير 3 / 12.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية القليوبي على شرح المنهاج 2 / 152.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٩)</span><hr/></div>أَوْ: هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَال بِالْمَال تَمْلِيكًا وَتَمَلُّكًا كَمَا عَرَّفَهُ الْحَنَابِلَةُ (1) .</p>وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَشْمَل الْبَيْعُ الصَّرْفَ، وَ‌<span class="title">‌السَّلَمَ</span>، وَالْمُقَايَضَةَ، وَالْبَيْعَ الْمُطْلَقَ. فَالصَّرْفُ قِسْمٌ مِنَ الْبَيْعِ بِهَذَا الْمَعْنَى. أَمَّا الْبَيْعُ بِالْمَعْنَى الأَْخَصِّ فَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ، أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ (2) . وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ الْبَيْعُ قَسِيمًا لِلصَّرْفِ، وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ أَشْهَرُ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ سُمِّيَ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ (3)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الرِّبَا:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الرِّبَا لُغَةً: الزِّيَادَةُ، وَفِي الاِصْطِلَاحِ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ: فَضْلٌ خَالٍ عَنْ عِوَضٍ بِمِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ مَشْرُوطٌ لأَِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْمُعَاوَضَةِ (4)، وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّرْفَ إِذَا اخْتَلَّتْ شُرُوطُهُ يَدْخُلُهُ الرِّبَا.</p> </p>ج - السَّلَمُ:</p><font color=#ff0000>4 -</font> السَّلَمُ هُوَ: بَيْعُ شَيْءٍ مُؤَجَّلٍ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني والشرح الكبير 4 / 2، كشاف القناع 3 / 146.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مجلة الأحكام العدلية م (120) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> تنوير الأبصار على هامش ابن عابدين 4 / 176، 177.</p><font color=#ff0000>(5)</font> مجلة الأحكام العدلية م (123) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٩)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ الْمُقَايَضَةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْمُقَايَضَةُ هِيَ: بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ، أَيْ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَشْرُوعِيَّةُ الصَّرْفِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> بَيْعُ الأَْثْمَانِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ أَيِ: الصَّرْفُ جَائِزٌ إِذَا تَوَافَرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ الآْتِيَةُ؛ لأَِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ قَال تَعَالَى: {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (2) وَقَدْ وَرَدَ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مِنْهَا مَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (3) أَيْ: بِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ الْحَدِيثَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقَدْرِ، لَا فِي الصُّورَةِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ (4) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجلة الأحكام العدلية م (123) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة - الآية (275) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع الفتح 6 / 258، 260، والبدائع 5 / 215، والمغني 4 / 30 وحديث:" الذهب بالذهب والفضة بالفضة ". أخرجه مسلم (3 / 1211 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> العناية على هامش الهداية 6 / 260. وحديث: " جيدها ورديئها سواء ". قال الزيلعي في نصب الراية (4 / 37 - ط المجلس العلمي) : " غريب " يعني أنه لا أصل له، ثم قال: ومعناه يؤخذ من إطلاق حديث أبي سعيد الذي سيأتي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٠)</span><hr/></div>بِالذَّهَبِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ (1) .</p>وَحَيْثُ إِنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ بَيْعُ الأَْثْمَانِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ إِلَاّ الزِّيَادَةُ وَالْفَضْل دُونَ الاِنْتِفَاعِ بِعَيْنِ الْبَدَل فِي الْغَالِبِ، وَالرِّبَا كَذَلِكَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَفَضْلٌ، وَضَعَ الْفُقَهَاءُ لِجَوَازِ الصَّرْفِ شُرُوطًا تُمَيِّزُ الرِّبَا عَنِ الصَّرْفِ، وَتَمْنَعُ النَّاسَ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا.</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ الصَّرْفِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - تَقَابُضُ الْبَدَلَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّرْفِ تَقَابُضُ الْبَدَلَيْنِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْل افْتِرَاقِهِمَا. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قال ابن الهمام: الشف بالكسر من الأضداد، يقال للنقصان والزيادة، والمراد هنا لا تزيدوا بعضها على بعض (فتح القدير 6 / 260) . وحديث:" لا تبيعوا الذهب بالذهب ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 380 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1208 - ط. الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٠)</span><hr/></div>افْتَرَقَا قَبْل أَنْ يَتَقَابَضَا، أَنَّ الصَّرْفَ فَاسِدٌ (1) .</p>وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ (2) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ (3) وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا (4) ، وَنَهَى أَنْ يُبَاعَ غَائِبٌ بِنَاجِزٍ (5)، وَقَال صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَاّ هَاءَ وَهَاءَ (6) .</p><font color=#ff0000>8 -</font> وَالاِفْتِرَاقُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّرْفِ هُوَ افْتِرَاقُ الْعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا، فَيَأْخُذُ هَذَا فِي جِهَةٍ، وَهَذَا فِي جِهَةٍ أُخْرَى، أَوْ يَذْهَبُ أَحَدُهُمَا وَيَبْقَى الآْخَرُ، حَتَّى لَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 5 / 215، فتح القدير على الهداية 6 / 259، والقوانين الفقهية ص 251، جواهر الإكليل 2 / 10، ومغني المحتاج 2 / 25، والمغني لابن قدامة 4 / 41، وكشاف القناع 3 / 266.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الذهب بالذهب. . . " تقدم تخريجه فـ 6.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " بيعوا. . . " أخرجه الترمذي (3532 ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت وأصله في مسلم.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " نهى عن بيع الذهب بالورق دينا ". أخرجه أحمد (4 / 368 - ط. الميمنية) من حديث البراء بن عازب، وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " نهى أن يباع غائب بناجز ". تقدم فـ 6.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حيث: " الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 347 - ط السلفية) من حديث عمر بن الخطاب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥١)</span><hr/></div>كَانَا فِي مَجْلِسِهِمَا لَمْ يَبْرَحَا عَنْهُ لَمْ يَكُونَا مُفْتَرِقَيْنِ وَإِنْ طَال مَجْلِسُهُمَا، لاِنْعِدَامِ الاِفْتِرَاقِ بِالأَْبْدَانِ، وَكَذَا إِذَا قَامَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا فَذَهَبَا مَعًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَنْزِل أَحَدِهِمَا أَوْ إِلَى الصَّرَّافِ فَتَقَابَضَا عِنْدَهُ، وَلَمْ يُفَارِقْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، جَازَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ الْمَجْلِسَ هُنَا كَمَجْلِسِ الْخِيَارِ، كَمَا حَرَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1)</p>وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ صُوَرًا أُخْرَى أَيْضًا لَا تُعْتَبَرُ افْتِرَاقًا بِالأَْبْدَانِ، فَيَصِحُّ فِيهَا الصَّرْفُ كَمَا إِذَا نَامَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (2) وَلَا بُدَّ فِي التَّقَابُضِ مِنَ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ، فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ وَإِنْ حَصَل الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ (3) .</p><font color=#ff0000>9 -</font> وَهَذَا الشَّرْطُ أَيِ: التَّقَابُضُ مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الصَّرْفِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بَيْعَ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ، كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ (4) .</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ مَنَعُوا التَّأْخِيرَ فِي الصَّرْفِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 215، فتح القدير 6 / 259، وتكملة المجموع للسبكي 10 / 9، ومغني المحتاج 2 / 24، وكشاف القناع 3 / 266.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 5 / 215.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية ص 251، ومغني المحتاج 2 / 22.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 5 / 216.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥١)</span><hr/></div>مُطْلَقًا، وَقَالُوا: يَحْرُمُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ إِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ طَوِيلاً، كَمَا يَحْرُمُ إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ كِلَا الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ فُرْقَةِ بَدَنٍ.</p>وَيُمْنَعُ التَّأْخِيرُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ كَانَ غَلَبَةً، كَأَنْ يَحُول بَيْنَهُمَا عَدُوٌّ أَوْ سَيْلٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.</p>وَقَال ابْنُ جُزَيٍّ: إِنْ تَفَرَّقَا قَبْل التَّقَابُضِ غَلَبَةً فَقَوْلَانِ: الإِْبْطَال وَالتَّصْحِيحُ (1) أَمَّا التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ بِدُونِ فُرْقَةِ بَدَنٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَتُهُ، وَمَذْهَبُ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ جَوَازُهُ (2) .</p>قَال الدَّرْدِيرُ: وَأَمَّا دُخُول الصَّيْرَفِيِّ حَانُوتَهُ لِتَقْلِيبِ الدَّرَاهِمِ فَقِيل: بِالْكَرَاهَةِ، وَقِيل: بِالْجَوَازِ. وَكَذَلِكَ دُخُولُهُ الْحَانُوتَ لِيُخْرِجَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ (3) .</p>وَفِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل لِلْحَطَّابِ: سُئِل مَالِكٌ عَنِ الرَّجُل يَصْرِفُ مِنَ الصَّرَّافِ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ، وَيَقُول لَهُ: اذْهَبْ بِهَا فَزِنْهَا عِنْدَ الصَّرَّافِ، وَأَرِهِ وُجُوهَهَا وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ فَقَال: أَمَّا الشَّيْءُ الْقَرِيبُ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَهُوَ يُشْبِهُ عِنْدِي مَا لَوْ قَامَا إِلَيْهِ جَمِيعًا. وَنُقِل عَنِ ابْنِ رُشْدٍ: أَسْتَخِفُّ ذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 10، والشرح الصغير 3 / 49، والقوانين الفقهية ص 250.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 10.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 3 / 49.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٢)</span><hr/></div>لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ، إِذْ غَالِبُ النَّاسِ لَا يُمَيِّزُونَ النُّقُودَ؛ وَلأَِنَّ التَّقَابُضَ قَدْ حَصَل بَيْنَهُمَا قَبْل ذَلِكَ (1) . فَلَمْ يَكُونَا بِفِعْلِهِمَا هَذَا مُخَالِفَيْنِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَاّ هَاءَ وَهَاءَ (2) وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمِقْدَارُ لَا يُسَامَحُ فِيهِ فِي الصَّرْفِ لَوَقَعَ النَّاسُ بِذَلِكَ فِي حَرَجٍ شَدِيدٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول:{وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ فِي الصَّرْفِ، فَلَوْ وَكَّل الْمُتَصَارِفَانِ مَنْ يَقْبِضُ لَهُمَا، أَوْ وَكَّل أَحَدُهُمَا مَنْ يَقْبِضُ لَهُ، فَتَقَابَضَ الْوَكِيلَانِ، أَوْ تَقَابَضَ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ وَوَكِيل الآْخَرِ قَبْل تَفَرُّقِ الْمُوَكَّلَيْنِ، أَوْ قَبْل تَفَرُّقِ الْمُوَكَّل وَالْعَاقِدِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُوَكِّل جَازَ الْعَقْدُ، وَصَحَّ الْقَبْضُ؛ لأَِنَّ قَبْضَ الْوَكِيل كَقَبْضِ مُوَكِّلِهِ. وَإِنِ افْتَرَقَ الْمُوَكَّلَانِ، أَوِ الْمُوَكَّل وَالْعَاقِدُ الثَّانِي قَبْل الْقَبْضِ، بَطَل الصَّرْفُ، افْتَرَقَ الْوَكِيلَانِ أَوْ لَا فَالْمُعْتَبَرُ فِي الاِفْتِرَاقِ الْمُخِل لِلصَّرْفِ هُوَ افْتِرَاقُ الْعَاقِدَيْنِ لَا الْوَكِيلَيْنِ (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 4 / 303.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء ". تقدم تخريجه ف 6.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الحج (78) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 5 / 516، الاختيار 2 / 39، ومغني المحتاج 2 / 22، وكشاف القناع 3 / 266.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٢)</span><hr/></div>فَإِذَا عَقَدَ وَوَكَّل غَيْرَهُ فِي الْقَبْضِ، وَقَبَضَ الْوَكِيل بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ صَحَّ. وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ:(الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (1)) .</p>وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ إِنْ وَكَّل غَيْرَهُ فِي الْقَبْضِ بَطَل الصَّرْفُ، وَلَوْ قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ؛ لأَِنَّهُ مَظِنَّةُ التَّأْخِيرِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَبْضُ بَعْضِ الْعِوَضَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> إِذَا حَصَل التَّقَابُضُ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ دُونَ بَعْضِهِ وَافْتَرَقَا بَطَل الصَّرْفُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا حَصَل فِيهِ التَّقَابُضُ، وَلَهُمْ فِيهِ اتِّجَاهَانِ:</p>الأَْوَّل: صِحَّةُ الْعَقْدِ فِيمَا قُبِضَ وَبُطْلَانُهُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ. وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.</p>الثَّانِي: بُطْلَانُ الْعَقْدِ فِي الْكُل، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة، وانظر مواهب الجليل 4 / 303 وما بعدها، جواهر الإكليل 2 / 10، والشرح الصغير 3 / 49، والقوانين الفقهية ص 251، والمغني 4 / 60.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 10، والشرح الصغير 3 / 49، والقوانين الفقهية ص 251.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير مع الهداية 6 / 267، الاختيار للموصلي 2 / 41، وتبيين الحقائق للزيلعي 4 / 138، ومواهب الجليل للحطاب 4 / 306، وبداية المجتهد 2 / 173، وحاشية القليوبي مع عميرة 2 / 167، ونهاية المحتاج 3 / 412، وكشاف القناع على متن الإقناع 3 / 266، والمغني لابن قدامة 4 / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٣)</span><hr/></div>وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الأَْمْثِلَةِ وَالْفُرُوعِ الَّتِي ذَكَرُوهَا:</p><font color=#ff0000>12 -</font> أ - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ: لَوْ بَاعَ إِنَاءَ فِضَّةٍ، وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ، وَافْتَرَقَا، صَحَّ فِيمَا قُبِضَ وَالإِْنَاءُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَبَطَل فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ، سَوَاءٌ أَبَاعَهُ بِفِضَّةٍ أَمْ بِذَهَبٍ؛ لأَِنَّهُ صَرْفٌ وَهُوَ يَبْطُل بِالاِفْتِرَاقِ قَبْل الْقَبْضِ، فَيَتَقَدَّرُ الْفَسَادُ بِقَدْرِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَلَا يَشِيعُ لأَِنَّهُ طَارِئٌ.</p>وَلَا يَكُونُ هَذَا تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ أَيْضًا؛ لأَِنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ، لَا مِنْ جِهَةِ الْعَاقِدِ، كَمَا حَرَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. وَقَال الْبَابَرْتِيُّ فِي تَعْلِيلِهِ: تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْل تَمَامِهَا لَا يَجُوزُ، وَهَاهُنَا الصَّفْقَةُ تَامَّةٌ، فَلَا يَكُونُ مَانِعًا (1) .</p><font color=#ff0000>13 -</font> ب - ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِنِ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا الصَّرْفُ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ فُسِخَ، وَإِنْ عَقَدَا عَلَى الْمُنَاجَزَةِ ثُمَّ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ انْتُقِضَ الصَّرْفُ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّظِرَةُ بِاتِّفَاقٍ. فَإِنْ كَانَتِ النَّظِرَةُ فِي أَقَل مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ انْتُقِضَ صَرْفُ دِينَارٍ، وَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية مع الفتح 6 / 267، والزيلعي 4 / 138.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٣)</span><hr/></div>كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ انْتُقِضَ صَرْفُ دِينَارَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارَيْنِ انْتُقِضَ صَرْفُ ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ، وَهَكَذَا أَبَدًا، وَمَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ عَلَى اخْتِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (1) .</p>وَمِثْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ، ثُمَّ قَال: وَمَبْنَى الْخِلَافِ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ يُخَالِطُهَا حَرَامٌ وَحَلَالٌ، هَل تَبْطُل الصَّفْقَةُ كُلُّهَا أَوِ الْحَرَامُ مِنْهَا فَقَطْ (2) ؟</p><font color=#ff0000>14 -</font> ج - وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ (3) أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَقْبَضَ لِلْبَائِعِ مِنْهَا خَمْسَةً وَتَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْسِ فَقَطْ لَمْ يَبْطُل فِيمَا قَابَلَهَا. وَيَبْطُل فِي بَاقِي الْمَبِيعِ. وَلَوِ اسْتَقْرَضَ مِنَ الْبَائِعِ خَمْسَةً غَيْرَهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَأَعَادَهَا لَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ. بِخِلَافِ مَا لَوِ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ تِلْكَ الْخَمْسَةَ فَأَعَادَهَا لَهُ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَبْطُل فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (4) .</p><font color=#ff0000>15 -</font> د - وَذَكَرَ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ فِي السَّلَمِ وَالصَّرْفِ، ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْل تَقَابُضِ الْبَاقِي بَطَل الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ فَقَطْ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل للحطاب 4 / 306.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 173.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القليوبي 2 / 167، ونهاية المحتاج 3 / 412.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المرجعين السابقين مع تقديم وتأخير في العبارة.</p><font color=#ff0000>(5)</font> كشاف القناع 3 / 267.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٤)</span><hr/></div>وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ: لَوْ صَارَفَ رَجُلاً دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلَاّ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَفْتَرِقَا قَبْل قَبْضِ الْعَشَرَةِ كُلِّهَا. فَإِنْ قَبَضَ الْخَمْسَةَ وَافْتَرَقَا بَطَل الصَّرْفُ فِي نِصْفِ الدِّينَارِ. وَهَل يَبْطُل فِي مَا يُقَابِل الْخَمْسَةَ الْمَقْبُوضَةَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - الْخُلُوُّ عَنِ الْخِيَارِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ) أَنَّ الصَّرْفَ لَا يَصِحُّ مَعَ خِيَارِ الشَّرْطِ. فَإِنْ شُرِطَ الْخِيَارُ فِيهِ لِكِلَا الْعَاقِدَيْنِ أَوْ لأَِحَدِهِمَا فَسَدَ الصَّرْفُ، لأَِنَّ الْقَبْضَ فِي هَذَا الْعَقْدِ شَرْطُ صِحَّةٍ، أَوْ شَرْطُ بَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ (2) وَالْخِيَارُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ، فَيَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبْضِ كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ. قَال ابْنُ الْهُمَامِ، لَا يَصِحُّ فِي الصَّرْفِ خِيَارُ الشَّرْطِ؛ لأَِنَّهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ أَوْ تَمَامَهُ، وَذَلِكَ يُخِل بِالْقَبْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 4 / 60.</p><font color=#ff0000>(2)</font> اختلف الفقهاء في القبض: هل هو شرط صحة العقد، أو شرط البقاء على الصحة؟ فقيل: هو شرط الصحة، فعلى هذا ينبغي أن يشترط القبض مقرونا بالعقد إلا أن حالهما قبل الافتراق جعلت كحالة العقد تيسيرا، فإذا وجد القبض فيه يجعل كأنه وجد حالة العقد، وقيل: هو شرط الب ونهاية المحتاج 3 / 412، وشرح منتهى الإرادات 2 / 200) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٤)</span><hr/></div>الْمَشْرُوطِ، وَهُوَ الْقَبْضُ الَّذِي يَحْصُل بِهِ التَّعْيِينُ. لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: إِذَا أَسْقَطَ الْخِيَارَ فِي الْمَجْلِسِ يَعُودُ الْعَقْدُ إِلَى الْجَوَازِ، لاِرْتِفَاعِهِ قَبْل تَقَرُّرِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يَبْطُل الصَّرْفُ بِتَخَايُرٍ، أَيْ: بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فِيهِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْزَمُ بِالتَّفَرُّقِ (2) .</p>وَهَذَا كُلُّهُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْقَبْضِ. إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: لَا يُتَصَوَّرُ فِي النَّقْدِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ، لأَِنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ عَلَى مِثْلِهَا لَا عَيْنِهَا، حَتَّى لَوْ بَاعَهُ هَذَا الدِّينَارَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، لِصَاحِبِ الدِّينَارِ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَهُ. وَكَذَا لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا - الْخُلُوُّ عَنِ اشْتِرَاطِ الأَْجَل:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ إِدْخَال الأَْجَل لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 219، وفتح القدير مع الهداية 6 / 258، 263، وجواهر الإكليل 2 / 14، والحطاب 4 / 308، ومغني المحتاج 2 / 24.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 201.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير على الهداية 6 / 258، والمراجع السابقة، وانظر إرشاد السالك مع أسهل المدارك 2 / 234، والمدونة 4 / 189، والجمل 3 / 103، والبدائع 5 / 219، وتكملة المجموع للسبكي 10 / 8.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٥)</span><hr/></div>لأَِحَدِهِمَا فَإِنِ اشْتَرَطَاهُ لَهُمَا، أَوْ لأَِحَدِهِمَا فَسَدَ الصَّرْفُ؛ لأَِنَّ قَبْضَ الْبَدَلَيْنِ مُسْتَحَقٌّ قَبْل الاِفْتِرَاقِ، وَالأَْجَل يُفَوِّتُ الْقَبْضَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ شَرْعًا، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ (1) .</p>وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِنِ اشْتُرِطَ الأَْجَل ثُمَّ أَبْطَل صَاحِبُ الأَْجَل أَجَلَهُ قَبْل الاِفْتِرَاقِ، فَنَقَدَ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ افْتَرَقَا عَنْ تَقَابُضٍ، يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا عِنْدَهُمْ، خِلَافًا لِزُفَرَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا - التَّمَاثُل:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> وَهَذَا الشَّرْطُ خَاصٌّ بِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الصَّرْفِ، وَهُوَ بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ.</p>فَإِذَا بِيعَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، أَوِ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، يَجِبُ فِيهِ التَّمَاثُل فِي الْوَزْنِ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ، وَالصِّيَاغَةِ وَنَحْوِهِمَا. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. زَادَ الْحَنَفِيَّةُ: وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ عَدَدًا. وَالشَّرْطُ التَّسَاوِي فِي الْعِلْمِ، لَا بِحَسَبِ نَفْسِ الأَْمْرِ فَقَطْ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمَا التَّسَاوِيَ، وَكَانَ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ مُتَحَقِّقًا لَمْ يَجُزْ إِلَاّ إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَجْلِسِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 219، ومغني المحتاج 2 / 24، وكشاف القناع للبهوتي 3 / 264.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 5 / 219، قال الكاساني: وهاتان الشريطتان: (شرط الخلو عن الخيار والأجل) فريعتان لشريطة القبض، إلا أن إحداهما تؤثر في نفس القبض والأخرى في صحته.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 234، والقوانين الفقهية ص 251، وجواهر الإكليل 2 / 10، ومغني المحتاج 2 / 24، والمغني لابن قدامة 4 / 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٥)</span><hr/></div>وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلَا تَبِيعُوا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهُمَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ (1)</p>وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي‌<span class="title">‌ أَنْوَاعِ الصَّرْفِ</span>.</p> </p>أَنْوَاعُ الصَّرْفِ:</p><font color=#ff0000>19 -</font> مِنَ الأَْمْثِلَةِ وَالصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ الصَّرْفِ وَالأَْحْكَامِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِكُل صُورَةٍ، يُمْكِنُ تَقْسِيمُ الصَّرْفِ إِلَى الأَْنْوَاعِ الآْتِيَةِ:</p> </p>‌<span class="title">‌النَّوْعُ الأَْوَّل - بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ: (الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) بِجِنْسِهِ</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ فِي الْمِقْدَارِ وَالْوَزْنِ، فَيَحْرُمُ بَيْعُ النَّقْدِ بِجِنْسِهِ تَفَاضُلاً، كَمَا يَحْرُمُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ نَسَاءً (2) وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:(لا تبيعوا الذهب بالذهب. . .) تقدم تخريجه ف 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير مع الهداية 6 / 259، 260، وتبيين الحقائق للزيلعي 4 / 134 وما بعدها، والاختيار للموصلي 2 / 40، والشرح الصغير للدردير 3 / 47، 48، وبداية المجتهد 2 / 170 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 22 - 24، والمغني لابن قدامة 4 / 3 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 251، 252.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٦)</span><hr/></div>مَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ. . . مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ (1) وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ (2) وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ (3) وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا (4) .</p><font color=#ff0000>21 -</font> وَلَا اعْتِبَارَ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فِي الذَّهَبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد ". تقدم بمعناه ف 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشِِف بالكسر من الأضداد: يقال للنقصان والزيادة، والمراد هنا لا تزيدوا بعضها على بعض (فتح القدير 6 / 260) . وحديث " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل. . . " تقدم ف 6.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين ". أخرجه مسلم (3 / 1209 - ط. الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " الذهب بالذهب وزنا بوزن ". أخرجه مسلم (3 / 1212 - ط. الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٦)</span><hr/></div>وَالْفِضَّةِ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ (1)</p>وَاشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَلَى عِلْمٍ بِمِقْدَارِ الْعِوَضَيْنِ، وَبِالتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ بَيْعُ النَّقْدِ بِجِنْسِهِ مُجَازَفَةً، بِأَنْ لَمْ يَعْلَمِ الْعَاقِدَانِ كَمِّيَّةَ الْعِوَضَيْنِ، وَإِنْ كَانَا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ مُتَسَاوِيَيْنِ قَالُوا: وَجَهْل التَّسَاوِي حَالَةَ الْعَقْدِ كَعِلْمِ التَّفَاضُل فِي مَنْعِ الصِّحَّةِ (2) إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: إِنْ بَاعَهَا مُجَازَفَةً ثُمَّ وَزْنًا فِي الْمَجْلِسِ فَظَهَرَا مُتَسَاوِيَيْنِ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَصَارَ كَالْعِلْمِ فِي ابْتِدَائِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ التَّسَاوِي بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ خِلَافًا لِزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُ يَقُول: الشَّرْطُ التَّسَاوِي، وَقَدْ ثَبَتَ، وَاشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِهِ زِيَادَةٌ بِلَا دَلِيلٍ (3) .</p><font color=#ff0000>22 -</font> وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالصِّيَاغَةِ وَالصِّنَاعَةِ أَيْضًا، فَيَدْخُل فِي إِطْلَاقِ الْمُسَاوَاةِ الْمَصُوغُ بِالْمَصُوغِ، وَالتِّبْرُ بِالآْنِيَةِ، فَعَيْنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَتِبْرُهُمَا، وَمَضْرُوبُهُمَا، وَغَيْرُ الْمَضْرُوبِ مِنْهُمَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" جيدها ورديئها سواء " تقدم ف 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 260، الاختيار 2 / 40، والقوانين الفقهية ص 254، وجوار الإكليل 2 / 10، وروضة الطالبين 3 / 385، وكشاف القناع 3 / 253.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 6 / 260، والاختيار 2 / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٧)</span><hr/></div>وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا، وَالْمَكْسُورُ كُلُّهَا سَوَاءٌ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا مَعَ التَّمَاثُل فِي الْمِقْدَارِ، وَتَحْرِيمُهُ مَعَ التَّفَاضُل، حَتَّى لَوْ بَاعَ آنِيَةَ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ، أَوْ آنِيَةَ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَحَدُهُمَا أَثْقَل مِنَ الآْخَرِ لَا يَجُوزُ، مَعَ تَفْصِيلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَأْتِي بَيَانُهُ (1) وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا (2) وَمَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِإِنَاءٍ كِسْرَوَانِيٍّ قَدْ أُحْكِمَتْ صِيَاغَتُهُ، فَبَعَثَنِي بِهِ لأَِبِيعَهُ، فَأُعْطِيتُ وَزْنَهُ وَزِيَادَةً، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَال: أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا (3) .</p>هَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الصِّحَاحِ بِالْمُكَسَّرَةِ، وَلأَِنَّ لِلصِّنَاعَةِ قِيمَةً،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 259 - 260، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 3 / 43، ومغني المحتاج 2 / 22 - 25، وكشاف القناع 3 / 52.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 147، 260، ومغني المحتاج 2 / 42، والمغني لابن قدامة 4 / 10، 11. وحديث: " الذهب بالذهب تبرها وعينها ". أخرجه أبو داود (3 / 644 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والنسائي (7 / 277 ط. المكتبة التجارية) من حديث عبادة بن الصامت، وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٧)</span><hr/></div>بِدَلِيل حَالَةِ الإِْتْلَافِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ ضَمُّ قِيمَةِ الصِّنَاعَةِ إِلَى الذَّهَبِ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنْ قَال لِصَائِغٍ: صُغْ لِي خَاتَمًا وَزْنُهُ دِرْهَمٌ، وَأُعْطِيكَ مِثْل وَزْنِهِ وَأُجْرَتَكَ دِرْهَمًا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ، وَلِلصَّائِغِ أَخْذُ الدِّرْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا مُقَابَلَةَ الْخَاتَمِ وَالثَّانِي أُجْرَةً لَهُ (1) وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبُهُوتِيُّ (2) .</p>وَقَدْ تَفَرَّدَ الْمَالِكِيَّةُ بِتَسْمِيَةِ بَيْعِ النَّقْدِ بِجِنْسِهِ الْمُرَاطَلَةَ أَوِ الْمُبَادَلَةَ، فَبَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: إِمَّا مُرَاطَلَةٌ، إِمَّا مُبَادَلَةٌ، وَإِمَّا صَرْفٌ. فَالْمُرَاطَلَةُ بَيْعُ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ وَزْنًا. وَالْمُبَادَلَةُ بَيْعُ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ عَدَدًا. وَالصَّرْفُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، أَوْ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِفُلُوسٍ (3) .</p>وَقَدْ صَرَّحُوا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ بِحُرْمَةِ التَّفَاضُل فِي بَيْعِ الْعَيْنِ بِمِثْلِهَا مُطْلَقًا.</p>قَال الدَّرْدِيرُ: حَرُمَ فِي عَيْنٍ رِبَا فَضْلٍ أَيْ: زِيَادَةٍ وَلَوْ مُنَاجَزَةً إِنِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَلَا يَجُوزُ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمَيْنِ، وَلَا دِينَارٌ بِدِينَارَيْنِ (4) وَفِي رِسَالَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ: وَمِنَ الرِّبَا فِي غَيْرِ النَّسِيئَةِ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 4 / 10، 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 199.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفواكه الدواني 2 / 112.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير للدردير 3 / 47.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٨)</span><hr/></div>مُتَفَاضِلاً، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ (1) وَقَال خَلِيلٌ: وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ (2) .</p>وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ يَدُل عَلَى حُرْمَةِ الْمُفَاضَلَةِ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ بِمِثْلِهَا مُطْلَقًا، وَلَوْ قَلَّتِ الزِّيَادَةُ، لَكِنَّهُمْ أَجَازُوا الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِل، كَمَا حَرَّرَهُ النَّفْرَاوِيُّ وَغَيْرُهُ:</p> </p><font color=#ff0000>23 -</font> الأُْولَى - الْمُبَادَلَةُ: وَهِيَ بَيْنَ الْعَيْنِ بِمِثْلِهَا عَدَدًا، حَيْثُ قَالُوا: تَجُوزُ الْمُبَادَلَةُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِمِثْلِهِمَا إِنْ تَسَاوَيَا عَدَدًا وَوَزْنًا، وَجَازَتِ الزِّيَادَةُ فِي مُبَادَلَةِ الْقَلِيل مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِشُرُوطٍ:</p>أ - أَنْ تَقَعَ تِلْكَ الْمُعَاقَدَةُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ دُونَ الْبَيْعِ.</p>ب - أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ أَوِ الدَّنَانِيرُ الَّتِي وَقَعَتِ الْمُبَادَلَةُ فِيهَا مَعْدُودَةً، أَيْ: يُتَعَامَل بِهَا عَدَدًا لَا وَزْنًا.</p>ج - أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ أَوِ الدَّنَانِيرُ الْمُبَدَّلَةُ قَلِيلَةً دُونَ سَبْعَةٍ.</p>د - أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ، لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ.</p>هـ - أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي كُل دِينَارٍ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفواكه الدواني 2 / 111.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٨)</span><hr/></div>دِرْهَمٍ السُّدُسَ فَأَقَل. قَال الصَّاوِيُّ: هَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَابْنُ جَمَاعَةَ لَكِنْ قَال فِي الْعُبَابِ: أَكْثَرُ الشُّيُوخِ لَا يَذْكُرُونَ هَذَا الشَّرْطَ، وَقَدْ جَاءَ لَفْظُ (السُّدُسِ) فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ يَحْتَمِل لِلتَّمْثِيل وَالشَّرْطِيَّةِ.</p>وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الدُّسُوقِيُّ (1) .</p>و أَنْ تَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، أَيْ: يَقْصِدُ الْمَعْرُوفَ، لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ وَالْمُغَالَبَةِ (2) .</p>قَال الدُّسُوقِيُّ: وَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ الْمُبَادَلَةِ مِنْ كَوْنِ الدَّرَاهِمِ أَوِ الدَّنَانِيرِ مَسْكُوكَةً. وَهَل يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ قَوْلَانِ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِهِمَا. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا يُتَعَامَل بِهِ عَدَدًا مِنْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْكُوكِ. وَاعْتَمَدَهُ الصَّاوِيُّ (3) .</p> </p><font color=#ff0000>24 -</font>‌<span class="title">‌ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: </span>الْمُسَافِرُ تَكُونُ مَعَهُ الْعَيْنُ غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ، وَلَا تَرُوجُ مَعَهُ فِي الْمَحَل الَّذِي يُسَافِرُ إِلَيْهِ، فَيَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا لِلسَّكَّاكِ لِيَدْفَعَ لَهُ بَدَلَهَا مَسْكُوكًا - وَيَجُوزُ لَهُ دَفْعُ أُجْرَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 3 / 64، والدسوقي 3 / 41.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 41، والشرح الصغير للدردير 3 / 63، 64، والفواكه الدواني 2 / 111.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 41، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 3 / 64.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٩)</span><hr/></div>السِّكَّةِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ؛ لأَِنَّ الأُْجْرَةَ زِيَادَةٌ، وَعَلَى كَوْنِهَا عَرْضًا تُفْرَضُ مَعَ الْعَيْنِ عَيْنًا. وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلضَّرُورَةِ؛ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الْمُسَافِرِ مِنَ السَّفَرِ عِنْدَ تَأْخِيرِهِ لِضَرْبِهَا (1) .</p> </p><font color=#ff0000>25 -</font>‌<span class="title">‌ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: </span>الشَّخْصُ يَكُونُ مَعَهُ الدِّرْهَمُ الْفِضَّةُ، وَيَحْتَاجُ إِلَى نَحْوِ الْغِذَاءِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لِنَحْوِ الزَّيَّاتِ وَيَأْخُذَ بِبَعْضِهِ طَعَامًا، وَبِالنِّصْفِ الآْخَرِ فِضَّةً، حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ، أَوْ عِوَضِ كِرَاءٍ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَل، لِوُجُوبِ تَعْجِيل الْجَمِيعِ، وَكَوْنِ الْمَدْفُوعِ دِرْهَمًا فَأَقَل لَا أَكْثَرَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ وَالْمَدْفُوعُ مَسْكُوكَيْنِ، وَأَنْ يَجْرِيَ التَّعَامُل بِالْمَدْفُوعِ وَالْمَأْخُوذِ وَلَوْ لَمْ تَتَّحِدِ السِّكَّةُ، وَأَنْ يَتَّحِدَا فِي الرَّوَاجِ، وَأَنْ يُتَعَجَّل الدِّرْهَمُ وَمُقَابِلُهُ مِنْ عَيْنٍ وَمَا مَعَهَا (2) وَهَذَا فِي الْمُبَادَلَةِ.</p><font color=#ff0000>26 -</font> أَمَّا الْمُرَاطَلَةُ - وَهِيَ بَيْعُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ: ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَزْنًا بِصَنْجَةٍ أَوْ كِفَّتَيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي، وَلَا تُغْتَفَرُ فِيهَا الزِّيَادَةُ وَلَوْ قَلِيلاً (3) .</p><font color=#ff0000>27 -</font> وَتَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدَ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ، كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَل بِدَنَانِيرَ مِصْرِيَّةٍ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفواكه الدواني 2 / 111.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 111، 112.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 3 / 64، 65.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٩)</span><hr/></div>إِسْكَنْدَرِيَّةٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَغْرِبِيَّةَ أَجْوَدُ مِنَ الْمِصْرِيَّةِ، وَهِيَ أَجْوَدُ مِنَ الإِْسْكَنْدَرِيَّةِ، أَوْ يَكُونُ بَعْضُهُ أَجْوَدَ وَالْبَعْضُ الآْخَرُ مُسَاوٍ لِجَمِيعِ الآْخَرِ فِي الْجَوْدَةِ، لَا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَدْنَى مِنَ الآْخَرِ، وَبَعْضُهُ أَجْوَدَ مِنْهُ، كَسَكَنْدَرِيَّةٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَل بِمِصْرِيَّةٍ، فَلَا يَجُوزُ لِدَوَرَانِ الْفَضْل بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّوْعُ الثَّانِي - بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآْخَرِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآْخَرِ مُتَفَاضِلاً فِي الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ، أَوْ مُتَسَاوِيًا، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالآْخَرِ جُزَافًا، بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا قَدْرَ وَوَزْنَ الْبَدَلَيْنِ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (2) .</p>لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الصَّرْفِ أَيْضًا التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ، لِحُرْمَةِ رِبَا النَّسَاءِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الصَّرْفِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَاّ هَاءَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 3 / 65، والشرح الكبير 3 / 42، 43.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ". أورده الزيلعي في نصب الراية (4 / 4 ط. المجلس العلمي) وقال " غريب بهذا اللفظ "، ثم أحال إلى حديث عبادة بن الصامت والذي تقدم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٠)</span><hr/></div>وَهَاءَ قَال ابْنُ الْهُمَامِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: (رِبًا) أَيْ: حَرَامٌ (1) وَاسْتَثْنَى حَالَةَ التَّقَابُضِ مِنَ الْحَرَامِ بِحَصْرِ الْحِل فِيهَا، فَيَنْتَفِي الْحِل فِي كُل حَالَةٍ غَيْرِهَا، فَيَدْخُل فِي عُمُومِ الْمُسْتَثْنَى حَالَةُ التَّفَاضُل وَالتَّسَاوِي وَالْمُجَازَفَةِ، فَيَحِل كُل ذَلِكَ (2) .</p>وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الْوَحِيدُ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْمَالِكِيَّةُ بِالصَّرْفِ.</p> </p>الْقِسْمُ الثَّالِثُ: بَيْعُ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا شَيْءٌ آخَرُ:</p><font color=#ff0000>29 -</font> إِذَا بَاعَ نَقْدًا بِنَقْدِ غَيْرِ جِنْسِهِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا مَتَاعٌ، كَأَنْ بَاعَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَثَوْبٍ، أَوْ سَيْفًا مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِفِضَّةٍ، أَوْ بِهَا وَمَعَهَا مَتَاعٌ آخَرُ، وَحَصَل التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْعَقْدُ، مُجَازَفَةً كَانَ أَوْ مُتَفَاضِلاً أَوْ مُتَسَاوِيًا؛ لأَِنَّهُ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي فِي الْحَقِيقَةِ، لاِخْتِلَافِ الْجِنْسَيْنِ، فَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُل وَالْمُجَازَفَةُ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ.</p><font color=#ff0000>30 -</font> أَمَّا إِذَا بَاعَ نَقْدًا مَعَ غَيْرِهِ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ، كَفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَمَعَهَا شَيْءٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 235، والشرح الصغير للدردير 3 / 48، ومغني المحتاج 2 / 204، وكشاف القناع 3 / 254، والمغني لابن قدامة 4 / 11، 39، وشرح منتهى الإرادات 2 / 199.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 262، 263.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٠)</span><hr/></div>كَدِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ وَمُدِّ عَجْوَةٍ، أَوْ كَسَيْفٍ مُحَلًّى بِالذَّهَبِ أَوْ فِضَّةٍ بِثَمَنِ جِنْسِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:</p>فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ نَقْدٍ بِجِنْسِهِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا شَيْءٌ آخَرُ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ، أَوْ بَيْعُ دِرْهَمٍ وَثَوْبٍ. كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مُحَلًّى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَسَيْفٍ أَوْ مُصْحَفٍ بِجِنْسِ حِلْيَتِهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ بِمَسْأَلَةِ:(مُدُّ عَجْوَةٍ) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِخَيْبَرِ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ وَهُوَ مِنَ الْغَنَائِمِ تُبَاعُ، فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَال لَهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَفِي رِوَايَةٍ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا جَمَعَ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْجِنْسِ وَجَبَ أَنْ يَنْقَسِمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآْخَرِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الآْخَرِ فِي نَفْسِهِ، فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ اخْتَلَفَ مَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْعِوَضِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الْمُفَاضَلَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث فضالة بن عبيد:" الذهب بالذهب وزنا بوزن ". أخرجه مسلم (3 / 1211 - ط الحلبي) والرواية الأولى لأبي داود (3 / 647 - تحقيق عزت عبيد دعاس) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦١)</span><hr/></div>أَوِ الْجَهْل بِالْمُمَاثَلَةِ (1) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، يَجُوزُ بَيْعُ نَقْدٍ مَعَ غَيْرِهِ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَزِيدَ الثَّمَنُ (أَيِ النَّقْدُ الْمُفْرَدُ) عَلَى النَّقْدِ الْمَضْمُومِ إِلَيْهِ. وَإِلَاّ بِأَنْ تَسَاوَى النَّقْدَانِ، أَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمُفْرَدُ أَقَل بَطَل الْبَيْعُ، لِتَحَقُّقِ التَّفَاضُل الْمُحَرَّمِ. وَكَذَا إِذَا لَمْ يُدْرَ الْحَال؛ لاِحْتِمَال الْمُفَاضَلَةِ وَالرِّبَا (2) .</p>فَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنَ الْحِلْيَةِ، وَكَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ جَازَ، وَذَلِكَ لِمُقَابَلَةِ الْحِلْيَةِ بِمِثْلِهَا ذَهَبًا كَانَتْ أَمْ فِضَّةً.</p>وَالزِّيَادَةُ بِالنَّصْل وَالْحَمَائِل وَالْجَفْنِ. وَالْعَقْدُ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الصِّحَّةِ لَمْ يُحْمَل عَلَى الْفَسَادِ. وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَل مِنْ قَدْرِ الْحِلْيَةِ أَوْ مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ رِبًا. وَلأَِنَّهُ قَبَضَ قَدْرَ الْحِلْيَةِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ؛ لأَِنَّهُ صَرْفٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ (3) .</p>وَلَوِ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَالْحِلْيَةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَبَضَ مِنْهَا عَشَرَةً فَهِيَ فِي حِصَّةِ الْحِلْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا، حَمْلاً لِتَصَرُّفِهِ عَلَى الصِّحَّةِ. وَكَذَا إِذَا قَال خُذْهَا مِنْ ثَمَنِهِمَا؛ لأَِنَّ قَصْدَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 4 / 39 - 41، ومغني المحتاج 2 / 28، 29.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير مع الهداية 6 / 266.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 2 / 40، 41 وابن عابدين 4 / 236، 237.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦١)</span><hr/></div>الصِّحَّةُ، وَقَدْ يُرَادُ بِالاِثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} (1) فَإِنِ افْتَرَقَا لَا عَنْ قَبْضٍ بَطَل الْبَيْعُ فِيهِمَا إِنْ كَانَتِ الْحِلْيَةُ لَا تَتَخَلَّصُ إِلَاّ بِضَرَرٍ كَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَخَلَّصُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ جَازَ فِي السَّيْفِ وَبَطَل فِي الْحِلْيَةِ (2) .</p><font color=#ff0000>31 -</font> وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ تَبَايَعَا فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَأَحَدُهُمَا أَقَل وَمَعَ أَقَلِّهِمَا شَيْءٌ آخَرُ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ بَاقِيَ الذَّهَبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَيَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.</p>أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ كَالتُّرَابِ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لِتَحَقُّقِ الرِّبَا، إِذِ الزِّيَادَةُ لَا يُقَابِلُهَا عِوَضٌ (3) .</p><font color=#ff0000>32 -</font> أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالأَْصْل عِنْدَهُمْ فِي بَيْعِ الْمُحَلَّى الْمَنْعُ؛ لأَِنَّ فِي بَيْعِهِ بِصِنْفِهِ بَيْعَ ذَهَبٍ وَعَرَضٍ بِذَهَبٍ، أَوْ بَيْعَ فِضَّةٍ وَعَرَضٍ بِفِضَّةٍ لَكِنْ رُخِّصَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ:</p><font color=#ff0000>1 -</font> أَنْ تَكُونَ تَحْلِيَتُهُ مُبَاحًا، كَسَيْفٍ وَمُصْحَفٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الرحمن الآية (22) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 2 / 40، 41، وفتح القدير 6 / 266، وابن عابدين 4 / 237.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع الفتح 6 / 272.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٢)</span><hr/></div><font color=#ff0000>2 -</font> وَأَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ قَدْ سُمِّرَتْ عَلَى الْمُحَلَّى بِأَنْ يَكُونَ فِي نَزْعِهَا فَسَادٌ أَوْ غُرْمُ دَرَاهِمَ.</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَأَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَل؛ لأَِنَّهُ تَبَعٌ (1) ، وَهَل يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ؟ خِلَافٌ. وَالْمُعْتَمَدُ الأَْوَّل. فَإِنْ بِيعَ سَيْفٌ مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِسَبْعِينَ دِينَارًا ذَهَبًا، وَكَانَ وَزْنُ حِلْيَتِهِ عِشْرِينَ وَلِصِيَاغَتِهَا تُسَاوِي ثَلَاثِينَ، وَقِيمَةُ النَّصْل وَحْدَهُ أَرْبَعُونَ لَمْ يَجُزْ عَلَى الأَْوَّل وَجَازَ الثَّانِي (2) .</p>قَال ابْنُ رُشْدٍ فِي تَعْلِيل قَوْل الإِْمَامِ مَالِكٍ: صِحَّةَ بَيْعِ الْمُحَلَّى إِنْ كَانَ فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ الثُّلُثُ فَأَقَل، إِذَا كَانَتِ الْفِضَّةُ قَلِيلَةً لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فِي الْبَيْعِ. وَصَارَتْ كَأَنَّهَا هِبَةٌ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّوْعُ الرَّابِعُ - بَيْعُ جُمْلَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِجُمْلَةٍ مِنْهَا:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ) إِلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ جُمْلَةً مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ، أَوْ بِجُمْلَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بَطَل الْعَقْدُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 3 / 40، والقوانين الفقهية ص 252، وبداية المجتهد 2 / 172.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المراجع.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 2 / 172.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٢)</span><hr/></div>وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعَ مَسْأَلَةِ: (مُدِّ عَجْوَةٍ) ، وَقَالُوا فِي عِلَّةِ بُطْلَانِهِ إِنَّ اشْتِمَال أَحَدِ طَرَفَيِ الْعَقْدِ أَوْ كِلَيْهِمَا عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَوْزِيعُ مَا فِي الآْخَرِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ، وَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوِ الْجَهْل بِالْمُمَاثَلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْجَهْل بِالْمُمَاثَلَةِ حَقِيقَةُ الْمُفَاضَلَةِ فِي بَابِ الرِّبَا (1) قَالُوا: إِنَّ التَّوْزِيعَ هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، كَمَا فِي بَيْعِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ بِأَلْفٍ. وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةٌ وَالسَّيْفِ خَمْسُونَ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيِ الْقِيمَةِ، وَلَوْلَا التَّوْزِيعُ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ (2) .</p>قَال السُّبْكِيُّ: وَلَا يُتْرَكُ التَّوْزِيعُ وَإِنْ أَدَّى إِلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ إِذَا كَانَ لَهُ مُقْتَضًى حُمِل عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَدَّى إِلَى فَسَادِ الْعَقْدِ أَوْ إِلَى صَلَاحِهِ، كَمَا إِذَا بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَلَمَّا كَانَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُقَابَلَةَ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِلثَّمَنِ حُمِل عَلَيْهِ وَإِنْ أَدَّى إِلَى فَسَادِهِ، وَلَمْ يُحْمَل عَلَى أَنَّ أَحَدَ الدِّرْهَمَيْنِ هِبَةٌ وَالآْخَرَ ثَمَنٌ لِيَصِحَّ الْعَقْدُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 28، والمغني لابن قدامة 4 / 39، 41.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجعين السابقين وتكملة المجموع للسبكي 10 / 329، وقد ذكر مسألة بيع الجملة من الدراهم والدنانير بجملة منهما نصا، بخلاف سائر كتب الشافعية حيث لم توجد فيها مسألة بالنص، وإن كانت مفهومة من قاعدة (مد عجوة) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> تكملة المجموع 10 / 239.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٣)</span><hr/></div>وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِعَدَمِ جَوَازِ صَرْفِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مِنْ جَانِبٍ بِمِثْلِهِمَا مِنْ جَانِبٍ آخَرَ. فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ بِاحْتِمَال رَغْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي دِينَارِ الآْخَرِ، فَيُقَابِلُهُ بِدِينَارِهِ وَبَعْضِ دِرْهَمِهِ، وَيَصِيرُ بَاقِي دِرْهَمِهِ فِي مُقَابَلَةِ دِرْهَمِ الآْخَرِ. قَالُوا: إِنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ سَدُّ الذَّرَائِعِ فَالْفَضْل الْمُتَوَهَّمُ كَالْمُحَقَّقِ، وَتَوَهُّمُ الرِّبَا كَتَحَقُّقِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ نَوْعِهِ (1) .</p><font color=#ff0000>34 -</font> وَقَال الْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ، صَحَّ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ، وَيُجْعَل كُل جِنْسٍ مُقَابَلاً بِخِلَافِ جِنْسِهِ، فَيَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ بِدِينَارَيْنِ، وَبَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِينَارٍ، وَهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِيهِمَا، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ.</p>وَقَالُوا فِي تَوْجِيهِ صِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ إِنَّ فِي صَرْفِ الْجِنْسِ إِلَى خِلَافِهِ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ، وَإِلَى جِنْسِهِ فَسَادَهُ، وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ، فَحَمْل الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى، وَلأَِنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي مُطْلَقَ الْمُقَابَلَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمُقَيَّدٍ، لَا مُقَابَلَةُ الْكُل بِالْكُل بِطَرِيقِ الشُّيُوعِ، وَلَا مُقَابَلَةُ الْفَرْدِ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 10، والشرح الصغير 3 / 48، 49، والدسوقي 3 / 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٣)</span><hr/></div>جِنْسِهِ وَلَا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَيُحْمَل عَلَى الْمُقَيَّدِ الْمُصَحِّحِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعَمَل بِالإِْطْلَاقِ (1) .</p>قَال فِي الْهِدَايَةِ: إِنَّ الْمُقَابَلَةَ الْمُطْلَقَةَ تَحْمِل الْفَرْدَ بِالْفَرْدِ، كَمَا فِي مُقَابَلَةِ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ وَإِنَّهُ طَرِيقٌ مُتَعَيَّنٌ لِتَصْحِيحِهِ، فَيُحْمَل عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ (2) .</p>وَقَال الْمَوْصِلِيُّ فِي تَوْجِيهِهِ: إِنَّهُمَا قَصَدَا الصِّلَةَ ظَاهِرًا، فَيُحْمَل عَلَيْهِ تَحْقِيقًا لِقَصْدِهِمَا وَدَفْعًا لِحَاجَتِهِمَا (3) .</p><font color=#ff0000>35 -</font> وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا إِذَا بَاعَ أَحَدَ عَشَرَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ فَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ بِمِثْلِهَا، وَالدِّينَارُ بِالدِّرْهَمِ؛ لأَِنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ فِي الدَّرَاهِمِ التَّمَاثُل وَهُوَ مَوْجُودٌ ظَاهِرًا، إِذِ الظَّاهِرُ مِنْ حَال الْبَائِعِ إِرَادَةُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْمُقَابَلَةِ حَمْلاً عَلَى الصَّلَاحِ، وَهُوَ الإِْقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ الْجَائِزِ دُونَ الْفَاسِدِ، فَبَقِيَ الدِّرْهَمُ بِالدِّينَارِ، وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا؛ لأَِنَّهُمَا جِنْسَانِ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار لتعليل المختار للموصلي 2 / 40، وفتح القدير مع الهداية 6 / 368، 369، وتبيين الحقائق للزيلعي 4 / 138، 139، والبناية على الهداية للعيني 6 / 700 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية مع الفتح 6 / 269.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 2 / 40.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية مع فتح القدير والعناية 6 / 271.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌النَّوْعُ الْخَامِسُ - الصَّرْفُ عَلَى الذِّمَّةِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ:</span></p>لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الصَّرْفِ عِدَّةُ صُوَرٍ:</p> </p><font color=#ff0000>36 -</font> الأُْولَى: أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ فِي مَجْلِسٍ، ثُمَّ اسْتَقْرَضْتَ أَنْتَ دِينَارًا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ إِلَى جَانِبِكَ، وَاسْتَقْرَضَ هُوَ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ، فَدَفَعْتَ إِلَيْهِ الدِّينَارَ وَقَبَضْتَ الدَّرَاهِمَ.</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّهُ: صَحَّ الصَّرْفُ إِذَا تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لأَِنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ يَجْرِي مَجْرَى الْقَبْضِ عِنْدَ الْعَقْدِ (1) .</p>وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الصَّرْفُ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا حَاضِرًا وَاسْتَقْرَضَ الآْخَرُ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ تَسَلَّفَا فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ؛ لأَِنَّ تَسَلُّفَهُمَا مَظِنَّةُ الطُّول الْمُخِل بِالتَّقَابُضِ، وَإِنْ تَسَلَّفَ أَحَدُهُمَا وَطَال فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَطُل جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمْ يُجِزْهُ أَشْهَبُ. قَال الْحَطَّابُ: وَلُقِّبَتِ الْمَسْأَلَةُ بِالصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 235، ومغني المحتاج 2 / 23، 25، والمغني لابن قدامة 4 / 51، 52.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 235، ومغني المحتاج 2 / 23 - 25، والمغني لابن قدامة 4 / 51، 52.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل للحطاب 4 / 309، الموافق عليه 4 / 310.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>37 -</font>‌<span class="title">‌ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: </span>أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ فِي ذِمَّةِ رَجُلٍ ذَهَبٌ وَلِلآْخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ مَثَلاً، فَاصْطَرَفَا بِمَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا. وَلُقِّبَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالصَّرْفِ فِي الذِّمَّةِ.</p>فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الصَّرْفِ، وَعَلَّلُوا عَدَمَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِالإِْجْمَاعِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (1) .</p><font color=#ff0000>38 -</font> وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: صَحَّ بَيْعُ مَنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ دَيْنٌ بِدِينَارٍ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ، أَيْ مِنْ دَائِنِهِ، فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ دَيْنٌ، فَبَاعَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَشَرَةُ دِينَارًا بِالْعَشَرَةِ الَّتِي عَلَيْهِ، وَدَفَعَ الدِّينَارَ إِلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ. وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الْعَشْرَتَيْنِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى مُوَافَقَةٍ أُخْرَى.</p>وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ جَعَل ثَمَنَهُ دَرَاهِمَ لَا يَجِبُ قَبْضُهَا، وَلَا تَعَيُّنُهَا بِالْقَبْضِ؛ لأَِنَّ التَّعْيِينَ لِلاِحْتِرَازِ عَنِ الرِّبَا، أَيْ: رِبَا النَّسِيئَةِ، وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الروضة 3 / 516، ومغني المحتاج 2 / 25، والمغني لابن قدامة 4 / 53، 54، وكشاف القناع 3 / 270. وحديث:" نهى عن بيع الكالئ بالكالئ " أخرجه البيهقي (5 / 290 - ط. دار المعارف العثمانية) وضعفه ابن حجر في بلوغ المرام (ص193 - ط عبد المجيد حنفي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٥)</span><hr/></div>رِبَا فِي دَيْنٍ سَقَطَ، وَإِنَّمَا الرِّبَا فِي دَيْنٍ يَقَعُ الْخَطَرُ فِي عَاقِبَتِهِ (1) .</p>أَمَّا إِذَا بَاعَ الْمَدِينُ الدِّينَارَ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ: بِغَيْرِ ذِكْرِ: (دَيْنٍ عَلَيْهِ) وَدَفَعَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ لِلْمُشْتَرِي فَيَصِحُّ ذَلِكَ إِذَا تَوَافَقَا عَلَى مُقَاصَّةِ الْعَشَرَةِ بِالْعَشَرَةِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ، لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي بَدَل الصَّرْفِ قَبْل قَبْضِهِ، وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّهُ بِالتَّقَابُضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الأَْوَّل وَانْعَقَدَ صَرْفٌ آخَرُ مُضَافٌ إِلَى الدَّيْنِ (2) .</p>هَذَا، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتَيْنِ فِي الْوَصْفِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالآْخَرُ مُؤَجَّلاً أَوْ أَحَدُهُمَا غَلَّةً (3) وَالآْخَرُ صَحِيحًا فَلَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ إِلَاّ إِذَا تَقَاصَّا أَيِ: اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَتَقَاصَّا، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمَ وَلِلْمَدْيُونِ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَيْهِ تَصِيرُ الدَّرَاهِمُ قِصَاصًا بِمِائَةٍ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 239، والهداية مع الفتح وحاشية العناية 6 / 262، والزيلعي 4 / 140.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المراجع.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الغلة هي: الدارهم أو الدنانير المقطعة - انظر تبيين الحقائق 4 / 139.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٥)</span><hr/></div>قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ، وَيَبْقَى لِصَاحِبِ الدَّنَانِيرِ عَلَى صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مَا بَقِيَ مِنْهَا (1) .</p><font color=#ff0000>39 -</font> أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا فِي الْمَوْضُوعِ وَقَالُوا: إِنْ وَقَعَ صَرْفُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَإِنْ تَأَجَّل الدَّيْنَانِ عَلَيْهِمَا، بِأَنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ دَنَانِيرُ مُؤَجَّلَةٌ وَلِلآْخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ اتَّفَقَ الأَْجَلَانِ أَمِ اخْتَلَفَا، وَتَصَارَفَا قَبْل حُلُولِهِمَا بِأَنْ أَسْقَطَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَهُ عَلَى الآْخَرِ فِي نَظِيرِ إِسْقَاطِ الآْخَرِ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لأَِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ كَمَا قَال ابْنُ رُشْدٍ (2) . كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِنْ تَأَجَّل مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَل الآْخَرُ. قَال الأَْبِيُّ فِي وَجْهِ عَدَمِ الْجَوَازِ: إِنَّ الْحَقَّ فِي أَجَل دَيْنِ النَّقْدِ لِلْمَدِينِ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ أَخْذُهُ قَبْل أَجَلِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَدِينِ. فَإِنْ تَأَجَّلَا فَقَدِ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَحِقَّهُ حَتَّى يَحِل أَجَلُهُ، فَيَقْضِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَاهُ بِالصَّرْفِ عَنْ عَقْدِهِ بِمُدَّةِ الأَْجَل، وَإِنْ تَأَجَّل مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَدِ اشْتَرَى الْمَدِينُ الْمُؤَجِّل مَا هُوَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ إِلَاّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ، فَيَقْضِيهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ عَنْ صَرْفِهِ بِمُدَّةِ الأَْجَل (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 239، 240.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 10، 11 وبداية المجتهد 2 / 174.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 2 / 10، 11، الحطاب 4 / 310، والشرح الكبير 3 / 50، 51.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٦)</span><hr/></div>هَذَا فِي الصَّرْفِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَهُمْ بَيْنَ دَيْنَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. وَنَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِي الْمُقَاصَّةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ دَيْنَيْنِ مُتَّحِدَيِ النَّوْعِ وَالصِّنْفِ (1)</p>وَتَفْصِيل أَحْكَامِ الْمُقَاصَّةِ فِي مُصْطَلَحِهَا.</p> </p><font color=#ff0000>40 -</font>‌<span class="title">‌ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: </span>اقْتِضَاءُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الآْخَرِ، بِأَنْ كَانَ لَكَ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ فَتَأْخُذَ مِنْهُ دَنَانِيرَ، أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ فَتَأْخُذَ مِنْهُ دَرَاهِمَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا.</p>وَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ، بِشَرْطِ قَبْضِ الْبَدَل فِي الْمَجْلِسِ. وَذَلِكَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ، إِنِّي أَبِيعُ الإِْبِل بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، وَآخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 76، 77، والقوانين الفقهية ص 287، وبداية المجتهد 2 / 174، 175.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عمر: إني أبيع الأبل بالبقيع. . . أخرجه أبو داود (3 / 651 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ونقل البيهقي عن شعبة أنه أعله بالوقف على ابن عمر، كذا في التلخيص الحبير لابن حجر (3 / 26 - ط شركة الطباعة الفنية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٦)</span><hr/></div>وَهَذَا يَدُل عَلَى جَوَازِ الاِسْتِبْدَال عَنِ الثَّمَنِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ (1) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِيمَا إِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ فِي الذِّمَّةِ مُؤَجَّلاً.</p>وَقَال الْقَاضِي وَهَذَا يَحْتَمِل وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ، وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ وَمَشْهُورُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ لأَِنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُسْتَحَقُّ قَبْضُهُ، فَكَانَ الْقَبْضُ نَاجِزًا فِي أَحَدِهِمَا، وَالنَّاجِزُ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ. وَالآْخَرُ الْجَوَازُ وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّهُ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوضِ، فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِتَعْجِيل الْمُؤَجَّل. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ إِذَا قَضَاهُ بِسِعْرِ يَوْمِهَا، وَلَمْ يَجْعَل لِلْمَقْضِيِّ فَضْلاً لأَِجْل تَأْجِيل مَا فِي الذِّمَّةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّوْعُ السَّادِسُ: صَرْفُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ:</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ إِنْ رَاجَتْ نَظَرًا لِلْعُرْفِ: أَمَّا إِذَا بِيعَتْ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُصَارَفَةً فَقَدْ فَصَّلُوا صُوَرَهَا وَأَحْكَامَهَا عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 244، وحاشية القليوبي 2 / 214، وروضة الطالبين 3 / 515، ومغني المحتاج 2 / 70، والمغني لابن قدامة 4 / 54، 55.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 4 / 54 وما بعدها، وانظر المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٧)</span><hr/></div>قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مَا غَلَبَ ذَهَبُهُ أَوْ فِضَّتُهُ حُكْمُهُمَا حُكْمُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْخَالِصَيْنِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ النُّقُودَ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيل غِشٍّ لِلاِنْطِبَاعِ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْخَالِصِ بِهِ، وَلَا بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِلَاّ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا.</p>وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْغِشُّ مِنْهُمَا فَفِي حُكْمِ الْعُرُوضِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ؛ فَصَحَّ بَيْعُهُ بِالْخَالِصِ إِنْ كَانَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْمَغْشُوشِ؛ لِيَكُونَ قَدْرُهُ بِمِثْلِهِ وَالزَّائِدِ بِالْغِشِّ. وَيَجُوزُ كَذَلِكَ صَرْفُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلاً وَزْنًا وَعَدَدًا بِصَرْفِ الْجِنْسِ لِخِلَافِهِ، أَيْ: بِأَنْ يَصْرِفَ فِضَّةً كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى غِشِّ الآْخَرِ، وَذَلِكَ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ؛ لأَِنَّهُ صَرْفٌ فِي الْبَعْضِ لِوُجُودِ الْفِضَّةِ أَوِ الذَّهَبِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ فِي - الْغِشِّ أَيْضًا -؛ لأَِنَّهُ لَا تَمْيِيزَ إِلَاّ بِضَرَرٍ (1) .</p>وَإِنْ كَانَ الْخَالِصُ مِثْل الْمَغْشُوشِ، أَوْ أَقَل مِنْهُ، أَوْ لَا يُدْرَى فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلرِّبَا فِي الأَْوَّلَيْنِ، وَلاِحْتِمَالِهِ فِي الثَّالِثِ، وَلِلشُّبْهَةِ فِي الرِّبَا حُكْمُ الْحَقِيقَةِ.</p>وَهَذَا النَّوْعُ، أَيِ: الْغَالِبُ الْغِشِّ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إِنْ رَاجَ، لِثَمَنِيَّتِهِ حِينَئِذٍ، لأَِنَّهُ بِالاِصْطِلَاحِ صَارَ أَثْمَانًا، فَمَا دَامَ ذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار مع حاشية رد المحتار 4 / 240، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 5 / 220.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٧)</span><hr/></div>الاِصْطِلَاحُ مَوْجُودًا لَا تَبْطُل الثَّمَنِيَّةُ. وَإِنْ لَمْ يَرُجْ تَعَيَّنَ بِالتَّعْيِينِ كَالسِّلْعَةِ، لأَِنَّهَا فِي الأَْصْل سِلْعَةٌ وَإِنَّمَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِالاِصْطِلَاحِ، فَإِذَا تَرَكُوا الْمُعَامَلَةَ بِهَا رَجَعَتْ إِلَى أَصْلِهَا (1) .</p>قَالُوا: وَصَحَّ الْمُبَايَعَةُ وَالاِسْتِقْرَاضُ بِمَا يَرُوجُ مِنَ الْغَالِبِ الْغِشُّ وَزْنًا وَعَدَدًا، أَوْ بِهِمَا عَمَلاً بِالْعُرْفِ. أَمَّا الْمُتَسَاوِي غِشُّهُ وَفِضَّتُهُ، أَوْ ذَهَبُهُ فَكَغَالِبِ الْفِضَّةِ أَوِ الذَّهَبِ فِي التَّبَايُعِ وَالاِسْتِقْرَاضِ، فَلَمْ يَجُزْ إِلَاّ الْوَزْنُ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ إِلَاّ إِذَا أَشَارَ إِلَيْهِمَا، فَيَكُونُ بَيَانًا لِقَدْرِهَا وَوَصْفِهَا.</p>أَمَّا فِي الصَّرْفِ فَحُكْمُ مُتَسَاوِي الْغِشِّ وَالْفِضَّةِ أَوِ الذَّهَبِ حُكْمُ مَا غَلَبَ غِشُّهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ بِصَرْفِ الْجِنْسِ إِلَى خِلَافِ جِنْسِهِ، أَيْ: بِأَنْ يَصْرِفَ مَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْغِشِّ إِلَى مَا فِي الآْخَرِ مِنَ الْفِضَّةِ (2) .</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَظَاهِرُهُ جَوَازُ التَّفَاضُل - هُنَا أَيْضًا - لَكِنْ قَال الزَّيْلَعِيُّ نَقْلاً عَنِ الْخَانِيَّةِ: إِنْ كَانَ نِصْفُهَا صُفْرًا وَنِصْفُهَا فِضَّةً لَا يَجُوزُ التَّفَاضُل، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فِيمَا إِذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّ فِضَّتَهَا لَمَّا لَمْ تَصِرْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 240، 241، والبدائع 5 / 220.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجعين السابقين، وتبيين الحقائق للزيلعي 4 / 141، 142، وفتح القدير مع الهداية 6 / 274، 275.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٨)</span><hr/></div>مَغْلُوبَةً جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا فِضَّةٌ فِي حَقِّ الصَّرْفِ احْتِيَاطًا (1) .</p><font color=#ff0000>42 -</font> وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِلَى جَوَازِ بَيْعِ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ، كَدَنَانِيرَ فِيهَا فِضَّةٌ أَوْ نُحَاسٌ، أَوْ دَرَاهِمَ فِيهَا نُحَاسٌ بِمَغْشُوشٍ مِثْلِهِ مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً. قَال الْحَطَّابُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَسَاوَ غِشُّهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ. وَجَازَ بَيْعُ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ بِخَالِصٍ مِنَ الْغِشِّ عَلَى الْقَوْل الرَّاجِحِ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا.</p>وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ، أَيْ: مَنْعُ بَيْعِ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ بِالنَّقْدِ الْخَالِصِ مِنَ الْغِشِّ، وَنَقَل الأَْبِيُّ عَنِ التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ: أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ جَوَازُ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِصِنْفِهِ الْخَالِصِ إِذَا كَانَ يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ (2) .</p>وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ: أَنْ يُبَاعَ لِمَنْ يَكْسِرُهُ لِيُصَيِّغَهُ حُلِيًّا، أَوْ لَا يَغُشَّ بِهِ بِأَنْ يَدَّخِرَهُ لِعَاقِبَةٍ مَثَلاً.</p>وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ غِشُّهُ بِهِ: كَالصَّيَارِفَةِ، وَفَسْخُ بَيْعِهِ مِمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَقُدِّرَ عَلَيْهِ إِلَاّ أَنْ يَفُوتَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل للحطاب 4 / 335، وجواهر الإكليل 2 / 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٨)</span><hr/></div>الْمَغْشُوشُ (1) .</p><font color=#ff0000>43 -</font> أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: الْغِشُّ الْمُخَالِطُ فِي الْمَوْزُونِ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا، قَلِيلاً كَانَ أَمْ كَثِيرًا؛ لأَِنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ وَيَمْنَعُ التَّمَاثُل (2) . فَلَا تُبَاعُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ بِمَغْشُوشَةٍ، وَلَا فِضَّةٌ مَغْشُوشَةٌ بِفِضَّةٍ مَغْشُوشَةٍ (3) قَال السُّبْكِيُّ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْخَالِصَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ، وَإِنْ قَل الْغِشُّ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْغِشُّ مِمَّا قِيمَتُهُ بَاقِيَةٌ أَمْ لَا، لَا خِلَافَ بَيْنَ الأَْصْحَابِ فِي ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ الْغِشُّ مِمَّا قِيمَتُهُ بَاقِيَةٌ فَبَيْعُ الْخَالِصَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ هُوَ بَيْعُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَشَيْءٍ، فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ (مُدِّ عَجْوَةٍ) .</p>وَلأَِنَّ الْفِضَّةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ؛ فَأَشْبَهَ بَيْعَ تُرَابِ الصَّاغَةِ وَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ (4) .</p>وَأَمَّا الْمَغْشُوشَةُ بِغِشٍّ لَا قِيمَةَ لَهُ بَاقِيَةٌ فَلِلْجَهْل بِالْمُمَاثَلَةِ، أَوْ تَحَقُّقِ الْمُفَاضَلَةِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْخَالِصَةِ، وَلَا بِالْمَغْشُوشَةِ مِثْلِهَا (5) .</p>وَنَقَل السُّبْكِيُّ عَنْ صَاحِبِ التُّحْفَةِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 16، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 3 / 65، 66.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تكملة المجموع للسبكي 10 / 398.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 1 / 281.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تكملة المجموع 1 / 408، 409.</p><font color=#ff0000>(5)</font> تكملة المجموع 10 / 409، والمهذب 1 / 281، ومغني المحتاج 2 / 17.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٩)</span><hr/></div>الْمَغْشُوشَةِ: أَنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُهَا وَإِمْسَاكُهَا إِذَا كَانَ النَّقْدُ الَّذِي فِي أَيْدِي النَّاسِ خَالِصًا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَغْرِيرَ النَّاسِ فَلَوْ كَانَ جِنْسُ النَّقْدِ مَغْشُوشًا فَلَا كَرَاهَةَ.</p>قَال السُّبْكِيُّ: وَأَفَادَ الرُّويَانِيُّ - أَيْضًا - أَنَّ الْغِشَّ لَوْ كَانَ قَلِيلاً مُسْتَهْلَكًا بِحَيْثُ لَا يَأْخُذُ حَظًّا مِنَ الْوَرِقِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي إِبْطَال الْبَيْعِ؛ لأَِنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ. وَقَدْ قِيل: يَتَعَذَّرُ طَبْعُ الْفِضَّةِ إِذَا لَمْ يُخَالِطْهَا خَلْطٌ مِنْ جَوْهَرٍ آخَرَ. . قُلْتُ: وَذَلِكَ صَحِيحٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْبِلَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ (زَمَانِ السُّبْكِيِّ) ضُرِبَتِ الْفِضَّةُ خَالِصَةً فَتَشَقَّقَتْ، فَجُعِل فِيهَا فِي كُل أَلْفِ دِرْهَمٍ مِثْقَالاً مِنْ ذَهَبٍ فَانْصَلَحَتْ، لَكِنَّ مِثْل هَذَا إِذَا بِيعَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِيزَانِ مَا مَعَهُ مِنَ الْغِشِّ (1) .</p>وَكُل مَا ذُكِرَ فِي الْفِضَّةِ يَأْتِي فِي الذَّهَبِ حَرْفًا بِحَرْفٍ (2) .</p><font color=#ff0000>44 -</font> وَفَصَّل الْحَنَابِلَةُ فِي بَيْعِ الأَْثْمَانِ الْمَغْشُوشَةِ بِمِثْلِهَا بَيْنَ مَا يَكُونُ الْغِشُّ فِيهِ مُتَسَاوِيًا وَمَعْلُومَ الْمِقْدَارِ وَمَا يَكُونُ الْغِشُّ فِيهِ غَيْرَ مُتَسَاوٍ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ فَقَالُوا بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ فِي الأَْوَّل وَعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الثَّانِي.</p>قَال الْبُهُوتِيُّ: الأَْثْمَانُ الْمَغْشُوشَةُ إِذَا بِيعَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تكملة المجموع للسبكي 10 / 409، 410، 411.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المرجع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٩)</span><hr/></div>بِغَيْرِهَا، أَيْ: بِأَثْمَانٍ خَالِصَةٍ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَجُزْ، لِلْعِلْمِ بِالتَّفَاضُل، وَإِنْ بَاعَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا مَغْشُوشًا بِمِثْلِهِ، وَالْغِشُّ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مُتَفَاوِتٌ، أَوْ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ لَمْ يَجُزْ؛ لأَِنَّ الْجَهْل بِالتَّسَاوِي كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُل.</p>وَإِنْ عُلِمَ التَّسَاوِي فِي الذَّهَبِ الَّذِي فِي الدِّينَارِ، وَعُلِمَ تَسَاوِي الْغِشِّ الَّذِي فِيهِمَا جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالآْخَرِ، لِتَمَاثُلِهِمَا فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ الذَّهَبُ، وَفِي غَيْرِهِ، أَيِ: الْغِشِّ وَلَيْسَتْ مِنْ مَسْأَلَةِ (مُدِّ عَجْوَةٍ) ، لِكَوْنِ الْغِشِّ غَيْرَ مَقْصُودٍ، فَكَأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْمِلْحِ فِي الْخُبْزِ (1) .</p>وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعُقُودِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي أَعْيَانِهَا، فَعَلَى هَذَا إِذَا تَبَايَعَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَبَضَهُ غِشًّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَبِيعِ مِثْل: أَنْ يَجِدَ الدَّرَاهِمَ رَصَاصًا، أَوْ نُحَاسًا، أَوْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالصَّرْفُ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ بَاعَهُ غَيْرَ مَا سَمَّى لَهُ.</p>وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ مِثْل: كَوْنِ الْفِضَّةِ سَوْدَاءَ، أَوْ خَشِنَةً، أَوْ سِكَّتِهَا غَيْرَ سِكَّةِ السُّلْطَانِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الإِْمْسَاكِ وَبَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 3 / 261، 262.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 4 / 48 - 51.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌النَّوْعُ السَّابِعُ - الصَّرْفُ بِالْفُلُوسِ:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> الْفُلُوسُ هِيَ النُّحَاسُ، أَوِ الْحَدِيدُ الْمَضْرُوبُ الَّذِي يُتَعَامَل بِهَا. فَهِيَ الْمَسْكُوكُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (1) .</p>وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْفُلُوسِ، لأَِنَّهَا أَمْوَالٌ مُتَقَوَّمَةٌ مَعْلُومَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً يَجِبُ تَعْيِينُهَا، لأَِنَّهَا عُرُوضٌ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً لَمْ يَجِبْ لأَِنَّهَا مِنَ الأَْثْمَانِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (2) .</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا صُرِفَتِ الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ نَسَاءً، أَوْ صُرِفَتِ الْفُلُوسُ بِالْفُلُوسِ تَفَاضُلاً. وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ اتِّجَاهَانِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل:</span></p><font color=#ff0000>46 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ - عَدَا مُحَمَّدٍ - وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيِّ وَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى: أَنَّهُ لَا رِبَا فِي فُلُوسٍ يُتَعَامَل بِهَا عَدَدًا وَلَوْ كَانَتْ نَافِقَةً؛ لِخُرُوجِهَا عَنِ الْكَيْل وَالْوَزْنِ، وَعَدَمُ النَّصِّ وَالإِْجْمَاعِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَال الْبُهُوتِيُّ (3) ؛ وَلأَِنَّ عِلَّةَ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الثَّمَنِيَّةُ الْغَالِبَةُ الَّتِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 16.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 3 / 45، ومغني المحتاج 2 / 17، وشرح منتهى الإرادات 2 / 194.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 194، وكشاف القناع 3 / 252، والفروع 4 / 148، 150.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٠)</span><hr/></div>يُعَبَّرُ عَنْهَا - أَيْضًا - بِجَوْهَرِيَّةِ الأَْثْمَانِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنِ الْفُلُوسِ وَإِنْ رَاجَتْ، كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ (1) .</p>وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ الْفُلُوسَ مِنَ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً (2) . وَوَجَّهَهُ الْحَنَفِيَّةُ: بِأَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا هِيَ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ، وَهُوَ الْكَيْل أَوِ الْوَزْنُ الْمُتَّفِقُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْمُجَانَسَةُ وَإِنْ وُجِدَتْ هَاهُنَا فَلَمْ يُوجَدِ الْقَدْرُ لأَِنَّ الْفُلُوسَ تُبَاعُ بِالْعَدَدِ (3) ، وَهَذَا إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِأَعْيَانِهَا.</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْفُلُوسِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ بَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ، وَجَوْزَةٍ بِجَوْزَتَيْنِ، وَسِكِّينٍ بِسِكِّينَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (4) .</p>هَذَا، وَقَدْ فَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَوْضُوعِ فَقَالُوا: يَجُوزُ بَيْعُ الْفَلْسِ بِالْفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا دَيْنًا؛ لأَِنَّ الثَّمَنِيَّةَ فِي حَقِّهِمَا تَثْبُتُ بِاصْطِلَاحِهِمَا، إِذْ لَا وِلَايَةَ لِلْغَيْرِ عَلَيْهَا، فَتَبْطُل بِاصْطِلَاحِهِمَا، وَإِذَا بَطَلَتِ الثَّمَنِيَّةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 2 / 22، ومغني المحتاج 2 / 25، والجمل 3 / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 2 / 22، والقليوبي مع شرح المنهاج 3 / 52، ومغني المحتاج 2 / 25.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 5 / 185.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية مع الفتح 6 / 162، والمراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧١)</span><hr/></div>تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَلَا يَعُودُ وَزْنِيًّا لِبَقَاءِ الاِصْطِلَاحِ عَلَى الْعَدِّ.</p>وَقَال مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ لأَِنَّ الثَّمَنِيَّةَ تَثْبُتُ بِاصْطِلَاحِ الْكُل فَلَا تَبْطُل بِاصْطِلَاحِهِمَا، وَإِذَا بَقِيَتْ أَثْمَانًا لَا تَتَعَيَّنُ؛ فَصَارَ كَمَا إِذَا كَانَا بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا كَبَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ (1) .</p>قَال ابْنُ الْهُمَامِ: صُوَرُ بَيْعِ الْفَلْسِ بِجِنْسِهِ أَرْبَعٌ:</p>الأُْولَى: أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا فَلَا يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْفُلُوسَ الرَّائِجَةَ أَمْثَالٌ مُتَسَاوِيَةٌ - قَطْعًا - لاِصْطِلَاحِ النَّاسِ عَلَى سُقُوطِ قِيمَةِ الْجَوْدَةِ مِنْهَا، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا فَضْلاً خَالِيًا مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ وَهُوَ الرِّبَا.</p>الثَّانِيَةُ: أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهِمَا فَلَا يَجُوزُ - أَيْضًا - وَإِلَاّ أَمْسَكَ الْبَائِعُ الْفَلْسَ الْمُعَيَّنَ وَقَبَضَهُ بِعَيْنِهِ مِنْهُ مَعَ فَلْسٍ آخَرَ، لاِسْتِحْقَاقِهِ فَلْسَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ عَيْنُ مَالِهِ، وَيَبْقَى الْفَلْسُ الآْخَرُ خَالِيًا عَنِ الْعِوَضِ.</p>الثَّالِثَةُ: أَنْ يَبِيعَ فَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا بِفَلْسٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ كَذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ لَوْ جَازَ لَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَلْسَيْنِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ أَحَدَهُمَا مَكَانَ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ؛ فَيَبْقَى الآْخَرُ فَضْلاً بِلَا عِوَضٍ اسْتُحِقَّ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَهَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية مع الفتح 6 / 162.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧١)</span><hr/></div>إِذَا رَضِيَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ.</p>الرَّابِعَةُ: أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِعَيْنِهِمَا، فَيَجُوزُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:</span></p><font color=#ff0000>47 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، جَزَمَ بِهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - إِلَى: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْفُلُوسِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً وَلَا نَسَاءً، وَلَا بَيْعُهَا بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ نَسَاءً (2) .</p>فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَرَأَيْتَ إِنِ اشْتَرَيْتَ خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ تِبْرِ ذَهَبٍ بِفُلُوسٍ فَافْتَرَقْنَا قَبْل أَنْ نَتَقَابَضَ؟ قَال: لَا يَجُوزُ لأَِنَّ مَالِكًا قَال: لَا يَجُوزُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ وَلَا تَجُوزُ الْفُلُوسُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا بِالدَّنَانِيرِ نَظِرَةً (3) .</p>وَنَقَل ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ أَنَّهُمَا كَرِهَا الْفُلُوسَ بِالْفُلُوسِ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ أَوْ نَظِرَةٌ، وَقَالَا: إِنَّهَا صَارَتْ سِكَّةً مِثْل سِكَّةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ (4) وَحَمَل بَعْضُهُمُ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير مع الهداية 6 / 162، 163.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المدونة الكبرى 3 / 395، 396، فتح القدير مع الهداية 6 / 162، 163، وكشاف القناع 3 / 252، والفروع وتصحيحها 4 / 147، 151.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المدونة 3 / 395، 396.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نفس المرجع.</p><font color=#ff0000>(5)</font> إرشاد السالك مع شرحه أسهل المدارك 2 / 233.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٢)</span><hr/></div>وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ لِقَوْل مُحَمَّدٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ - أَيْضًا - بِأَنَّ الْفُلُوسَ أَثْمَانٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلاً، كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَدَلَالَةُ الْوَصْفِ عِبَارَةٌ عَمَّا تُقَدَّرُ بِهِ مَالِيَّةُ الأَْعْيَانِ، وَمَالِيَّةُ الأَْعْيَانِ كَمَا تُقَدَّرُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ تُقَدَّرُ بِالْفُلُوسِ - أَيْضًا - فَكَانَتْ أَثْمَانًا، وَالثَّمَنُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) فَالْتُحِقَ التَّعْيِينُ فِيهِمَا بِالْعَدَمِ. فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا، كَمَا لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا. وَلأَِنَّهَا إِذَا كَانَتْ أَثْمَانًا فَالْوَاحِدُ يُقَابِل الْوَاحِدَ، فَبَقِيَ الآْخَرُ فَضْل مَالٍ لَا يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الرِّبَا، كَمَا حَرَّرَهُ الْكَاسَانِيُّ (1) .</p>وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الأَْظْهَرُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ يَغْلِبُ عَلَيْهَا حُكْمُ الأَْثْمَانِ، وَتُجْعَل مِعْيَارًا لأَِمْوَال النَّاسِ. وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَضْرِبَ لَهُمْ فُلُوسًا تَكُونُ بِقِيمَةِ الْعَدْل فِي مُعَامَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ لَهُمْ (2) .</p>هَذَا، وَتَفْصِيل التَّعَامُل بِالْفُلُوسِ وَأَحْكَامِهَا فِي مُصْطَلَحِ (فُلُوسٌ (3)) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 185.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجموع فتاوى ابن تيمية 29 / 468، 469.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أما الأوراق النقدية (البنكنوت) فلم يبحثها المتقدمون من الفقهاء، لعدم وجودها في زمانهم، وقد كتبت فيها رسائل جديدة أشملها (الورق النقدي) للشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع، بحث فيها التاريخ وحقيقة الورق النقدي، ثم قيمته وحكمه مستنبطا مما كتبه الفقهاء في النقود وأحكام الفلوس، واستنتج أن الورق النقدي ثمن قائم بذاته له حكم النقدين من الذهب والفضة في جريان الربا والصرف ونحوهما (اللجنة)</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ظُهُورُ عَيْبٍ أَوْ نَقْصٍ فِي بَدَل الصَّرْفِ:</span></p><font color=#ff0000>48 -</font> لَقَدْ سَبَقَ الْقَوْل: بِأَنَّ الصَّرْفَ لَا يَقْبَل خِيَارَ الشَّرْطِ لأَِنَّ الْخِيَارَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ أَوْ تَمَامَهُ، وَذَلِكَ مُخِلٌّ بِالْقَبْضِ الْمَشْرُوطِ.</p>أَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْعَقْدِ فَيَثْبُتُ فِي الصَّرْفِ؛ لأَِنَّ السَّلَامَةَ عَنِ الْعَيْبِ مَطْلُوبَةٌ عَادَةً فَفِقْدَانُهَا يُوجِبُ الْخِيَارَ كَسَائِرِ الْبِيَاعَاتِ.</p>هَذَا، وَلِلْفُقَهَاءِ فِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ نَذْكُرُهُ فِيمَا يَلِي:</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ بَدَل الصَّرْفِ إِذَا كَانَ عَيْنًا فَرَدُّهُ بِالْعَيْبِ يَفْسَخُ الْعَقْدَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّدُّ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا نَقَدَ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا بِأَنْ وَجَدَ الدَّرَاهِمَ الْمَقْبُوضَةَ زُيُوفًا أَوْ كَاسِدَةً، أَوْ وَجَدَهَا رَائِجَةً فِي بَعْضِ التِّجَارَاتِ دُونَ الْبَعْضِ - وَذَلِكَ عَيْبٌ عِنْدَ التِّجَارَةِ - فَرَدَّهَا فِي الْمَجْلِسِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالرَّدِّ، حَتَّى لَوِ اسْتَبْدَل مَكَانَهُ مُضِيَّ الصَّرْفِ.</p>وَإِنْ رَدَّهَا بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ بَطَل الصَّرْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، لِحُصُول الاِفْتِرَاقِ لَا عَنْ قَبْضٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ لَا يَبْطُل إِذَا</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٣)</span><hr/></div>اسْتَبْدَل فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ (1) .</p>وَإِذَا ظَهَرَ الْعَيْبُ فِي بَعْضِهِ فَرَدَّ الْمَعِيبَ فِي الْمَرْدُودِ انْتُقِضَ الصَّرْفُ فِي الْمَرْدُودِ، وَبَقِيَ فِي غَيْرِهِ؛ لاِرْتِفَاعِ الْقَبْضِ فِيهِ فَقَطْ (2) .</p>وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِعِبَارَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَتَفْصِيلٍ حَيْثُ قَالُوا:</p>إِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فِي دَرَاهِمِهِ، أَوْ دَنَانِيرِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ غِشٍّ، أَوْ غَيْرِ فِضَّةٍ وَلَا ذَهَبٍ كَرَصَاصٍ وَنُحَاسٍ، فَإِنْ كَانَ بِالْحَضْرَةِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَةٍ وَلَا طُولٍ جَازَ لَهُ الرِّضَا وَصَحَّ الصَّرْفُ وَطَلَبَ الإِْتْمَامَ فِي النَّاقِصِ أَوِ الْبَدَل فِي الْغِشِّ وَالرَّصَاصِ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ إِنْ لَمْ تُعَيَّنِ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ.</p>وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ، أَوْ طُولٍ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ رَضِيَ بِغَيْرِ النَّقْصِ صَحَّ الصَّرْفُ، وَإِلَاّ نُقِضَ، وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ (3) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى الْعَيْنِ عَلَى أَنَّهَا فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ، وَخَرَجَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا نُحَاسًا بَطَل الْعَقْدُ؛ لأَِنَّهُ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ نُحَاسًا، أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي دُونَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع للكاساني 5 / 219، 220.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 236.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير للدردير 3 / 58، 59، وجواهر الإكليل 2 / 13.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٣)</span><hr/></div>بِالْقِسْطِ، وَلِصَاحِبِ الْبَاقِي الْخِيَارُ بَيْنَ الإِْجَازَةِ وَالْفَسْخِ. وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مَعِيبًا تَخَيَّرَ وَلَمْ يَسْتَبْدِل؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى عَيْنِهِ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ الْحَقُّ إِلَى غَيْرِهِ (1) .</p>وَإِنْ وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا نُحَاسًا قَبْل التَّفَرُّقِ اسْتَبْدَل بِهِ. وَإِنْ خَرَجَ نُحَاسًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَطَل الْعَقْدُ لِعَدَمِ التَّقَابُضِ. وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مَعِيبًا اسْتَبْدَل فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، وَإِنْ فَارَقَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ. وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الأَْثْمَانَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ عِنْدَهُمْ (2) وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْفِقْرَةِ التَّالِيَةِ.</p>وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ حَيْثُ قَالُوا: إِنْ ظَهَرَ عَيْبٌ فِي جَمِيعِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَلَوْ يَسِيرًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَنُحَاسٍ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْمَسِّ فِي الذَّهَبِ بَطَل الْعَقْدُ؛ لأَِنَّهُ بَاعَهُ غَيْرَ مَا سَمَّى لَهُ. وَإِنْ ظَهَرَ فِي بَعْضِهِ بَطَل الْعَقْدُ فِيهِ فَقَطْ (3) ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الصَّرْفُ عَيْنًا بِعَيْنٍ، بِأَنْ يَقُول: بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِمَا وَهُمَا حَاضِرَانِ. وَالْعَيْبُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَبِيعِ كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ (4) .</p>أَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ مِثْل: كَوْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 2 / 76، والمهذب 1 / 279.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المراجع.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 3 / 267، 268، والمس نوع من النحاس.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 4 / 47، 48.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٤)</span><hr/></div>الْفِضَّةِ سَوْدَاءَ، أَوْ خَشِنَةً، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الإِْمْسَاكِ وَبَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَالرَّدِّ، وَلَيْسَ لَهُ الْبَدَل؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ وَاقِعٌ عَلَى عَيْنِهِ، فَإِذَا أَخَذَ غَيْرَهُ أَخَذَ مَا لَمْ يَشْتَرِ (1) .</p>وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ كَأَنْ يَقُول: بِعْتُكَ دِينَارًا مِصْرِيًّا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَصِحُّ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِمَا بِالتَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِذَا تَقَابَضَا فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَبَضَهُ عَيْبًا قَبْل التَّفَرُّقِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْبَدَل، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى مُطْلَقٍ لَا عَيْبَ فِيهِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ رَضِيَهُ بِعَيْبِهِ وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ جَازَ، وَإِنْ أَخَذَ الأَْرْشَ فَإِنْ كَانَ الْعِوَضَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ لإِِفْضَائِهِ إِلَى التَّفَاضُل فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمَاثُل. وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ جَازَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَيُّنُ النُّقُودِ بِالتَّعْيِينِ فِي الصَّرْفِ:</span></p><font color=#ff0000>49 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى: أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالْعَقْدِ فِيمَا عَيَّنَاهُ، وَيَتَعَيَّنُ عِوَضًا فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُهُ كَمَا فِي سَائِرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المرجع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 4 / 51، 52.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٤)</span><hr/></div>الأَْعْوَاضِ، وَإِنْ خَرَجَ مَغْصُوبًا بَطَل الْعَقْدُ، وَهَذَا لأَِنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ عِوَضٌ فِي عَقْدٍ فَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَسَائِرِ الأَْعْوَاضِ؛ وَلأَِنَّ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ غَرَضًا فِي التَّعْيِينِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَثَرٌ، وَلِهَذَا لَوِ اشْتَرَى ذَهَبًا بِوَرِقٍ بِعَيْنِهِمَا فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا فِيمَا اشْتَرَاهُ عَيْبًا مِنْ جِنْسِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَقْبَل، وَلَيْسَ لَهُ الْبَدَل كَمَا سَبَقَ (1) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَكَذَا الْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ: إِنَّ الأَْثْمَانَ النَّقْدِيَّةَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَيْ: إِنَّ الْبَدَلَيْنِ فِي الصَّرْفِ لَا يَتَعَيَّنَانِ بِالتَّعْيِينِ، فَلَوْ تَبَايَعَا دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ جَازَ أَنْ يُمْسِكَا مَا أَشَارَا إِلَيْهِ فِي الْعَقْدِ وَيُؤَدِّيَا بَدَلَهُ قَبْل الاِفْتِرَاقِ.</p>وَذَلِكَ لأَِنَّ الثَّمَنَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا نُقِل عَنِ الْفَرَّاءِ، فَلَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلاً لِلتَّعْيِينِ بِالإِْشَارَةِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الصَّرْفِ بِغَيْرِ الإِْشَارَةِ.</p>وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ إِبْدَالُهَا، وَلَا يَبْطُل الْعَقْدُ بِخُرُوجِهَا مَغْصُوبَةً (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 3 / 258، جواهر الإكليل 5 / 13، ومواهب الجليل للحطاب 4 / 278، والمهذب 1 / 266، والمغني لابن قدامة 4 / 50 وكشاف القناع 3 / 270.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 244، والفتاوى الهندية 3 / 12، وفتح القدير 5 / 468، والمغني لابن قدامة 4 / 50.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أ</span></p>الآمدي: هو علي بن أبي علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>ابن أبي حازم: هو عبد العزيز بن أبي حازم:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 339.</p>ابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>ابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نجيح:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 277.</p>‌<span class="title">‌ابن الأنباري (271 - 328 ه</span>ـ)</p>هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن بن بيان، أبو بكر، ابن الأنباري. محدث، مفسر، لغوي، نحوي، قال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحدا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٦)</span><hr/></div>من تصانيفه: " عجائب علوم القران "، و " غريب الحديث "، و " كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان "، و " المشكل في معاني القران ". [سير أعلام النبلاء 15 / 274 - 279، وتاريخ بغداد 3 / 189، والأعلام 7 / 226، ومعجم المؤلفين 11 / 143] .</p> </p>ابن بطال: هو علي بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p> </p>ابن تيمية (تقي الدين) : هو أحمد بن عبد الحليم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p> </p>ابن جزي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p> </p>ابن الجوزي: هو عبد الرحمن بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p> </p>ابن الحاجب: هو عثمان بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p> </p>ابن حبيب: هو عبد الملك بن حبيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 399.</p> </p>ابن حجر العسقلاني: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 399.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٧)</span><hr/></div>ابن حجر المكي: هو أحمد بن حجر الهيتمي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p> </p>ابن حكيم: هو محمد بن أسعد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن خويز منداد: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 8 ص 277.</p> </p>ابن رجب: هو عبد الرحمن بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن رشد: هو محمد بن أحمد (الجد) :</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>‌<span class="title">‌ابن الزركشي (؟ - 733 ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن الحسن، المعروف بابن الزركشي، شهاب الدين، فقيه مشارك في بعض العلوم، درس بالمدرسة الحسامية. من تصانيفه: " شرح الهداية ". [الجواهر المضيئة 1 / 64،. والفوائد البهية ص 16، ومعجم المؤلفين 1 / 192] .</p> </p>ابن السبكي: هو عبد الوهاب بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>ابن شاس: هو عبد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 329.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٧)</span><hr/></div>ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</p>ابن الصلاح: هو عثمان بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p> </p>ابن عابدين: محمد أمين بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عباس: هو عبد الله بن عباس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عبد البر: هو يوسف بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</p>ابن عبد الحكم: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 342.</p>ابن عبد السلام: هو محمد بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>ابن العربي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>ابن عرفة: هو محمد بن محمد بن عرفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>ابن عطية: هو عبد الحق بن غالب:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 401.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٨)</span><hr/></div>ابن عقيل: هو علي بن عقيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 401.</p>ابن علية: هو إسماعيل بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 401.</p>ابن فرحون: هو إبراهيم بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p>ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p>ابن القاسم: هو محمد بن قاسم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p>ابن قدامة: هو عبد الله بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p> </p>ابن قيم الجوزية: هو محمد بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p>ابن كثير: هو إسماعيل بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 330.</p>ابن كثير: هو محمد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 320.</p>ابن الماجشون: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٨)</span><hr/></div>ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p>ابن المنذر: هو محمد بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p>ابن الهمام: هو محمد بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>ابن الهندي: هو أحمد بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p> </p>ابن وضاح: هو محمد بن وضاح:</p>تقدمت ترجمته في ج 12 ص 327.</p>ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>أبو إسحاق الإسفرايني: هو إبراهيم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>‌<span class="title">‌أبو البركات الحارثي (486 هـ - 562 ه</span>ـ) :</p>هو الخضر بن شبل بن عبد الله، أبو البركات، الحارثي. الدمشقي، الشافعي. فقيه خطيب دمشق. ومدرس الغزالية والمجاهدية، كان من أكابر الفقهاء، بني له نور الدين مدرسة ودرس بها. أخذ عنه ابن عساكر وقال: سديد</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٩)</span><hr/></div>الفتوى واسع الحفظ ثبتا في الرواية، وكان عالما بالمذهب ويتكلم في الأصول والخلاف، سمع من ابن الموازيني. [طبقات الشافعية للسبكي 7 / 83، وشذرات الذهب 4 / 205، وسير أعلام النبلاء 20 / 592، والنجوم الزاهرة 5 / 375] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو بكار الحكم بن فروخ </span>(؟ -؟)</p>هو الحكم بن فروخ، أبو بكار الغزال البصري. روى عن أبي المليح بن أسامة وعكرمة. وعنه شعبة ومحمد بن سوار وحماد بن زيد ومسلم بن إبراهيم. قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أحمد: صالح الحديث. (تهذيب التهذيب 2 / 437) .</p> </p>أبو بكر عبد العزيز بن جعفر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 346.</p> </p>أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>أبو الخطاب: هو محفوظ بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أبو خيثمة (160 - 234 ه</span>ـ) .</p>هو زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة، النسائي، البغدادي، محدث بغداد في عصره، أصله من " نسا " شهرته ببغداد. روى عن عبد الله بن إدريس، وابن عيينة وابن علية وغيرهم، وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وغيرهم قال النسائي وابن معين: ثقة، وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتا حافظا. من تصانيفه: " كتاب العلم " في الظاهرية، أكثر الإمام مسلم من الرواية عنه. [تهذيب التهذيب 3 / 342، وتاريخ بغداد 8 / 482، والأعلام 3 / 87]</p> </p>أبو الدرداء: هو عويمر بن مالك:</p>تقدمت ترجته في ج 3 ص 346.</p>أبو ذر: هو جندب بن جنادة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 403.</p>أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 337.</p>أبو سعيد الأصطخري: هو الحسن بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p> </p>أبو سعيد الخدري: هو سعد بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٠)</span><hr/></div>أبو العالية رفيع بن مهران:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 343.</p>أبو عبد الله بن حامد: هو الحسن بن حامد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p> </p>أبو عبيد: هو القاسم بن سلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>‌<span class="title">‌أبو الفرج الدارمي (؟ - 448 ه</span>ـ) :</p>هو محمد بن عبد الواحد بن محمد، أبو الفرج الدارمي، البغدادي، الشافعي، فقيه، قال الخطيب: " هو أحد الفقهاء موصوف بالذكاء وحسن الفقه والحساب " وقال أبو إسحاق في الطبقات: " كان فقيها حاسبا شاعرا متصرفا، ما رأيت أفصح منه لهجة " سمع أبا الحسن الدارقطني وأبا عمر بن حيويه وأبا محمد بن موسى. حدث عنه: الخطيب، وأبو علي الأهوازي، وأبو طاهر الحنائي والفقيه نصر المقدسي وغيرهم. من تصانيفه:" الاستذكار ". [تاريخ بغداد 2 / 361، وطبقات الفقهاء ص 128، وسير أعلام النبلاء 18 / 52] .</p> </p>أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 338.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٠)</span><hr/></div>أبو مسعود البدري: هو عقبة بن عمرو</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 348.</p>أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 338.</p> </p>أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>الأبي المالكي: هو محمد بن خليفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 8 ص 280.</p>أبي بن كعب:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 349.</p>الأذرعي: هو أحمد بن حمدان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</p> </p>إسحاق بن راهويه:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</p> </p>إسحاق بن منصور:</p>تقدمت ترجمته في ج 9 ص 288.</p>‌<span class="title">‌إسماعيل بن سعيد </span>(؟ -؟) :</p>هو إسماعيل بن سعيد بن عبيد الله بن جبير بن حية الثقفي الجبيري البصري. روى عن أبيه. وعنه بشر بن دام وغيره.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨١)</span><hr/></div>روى له الترمذي حديثا واحدا في الجنائز وصححه، وذكره ا‌<span class="title">‌ب</span>ن حبان في الثقات. [تهذيب التهذيب 1 / 303] .</p> </p>الإسنوي: هو عبد الرحيم بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 349.</p> </p>أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p> </p>إمام الحرمين: هو عبد الملك بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 350.</p>أنس بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</p>الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p>ب</p>البابرتي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>الباجي: هو سليمان بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>البخاري: هو محمد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 343.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌بشر بن الحارث (150 - 227 ه</span>ـ)</p>هو بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن، أبو نصر، المروزي، المعروف بالحافي. من كبار الصالحين، له في الزهد والورع أخبار، وهو من ثقات رجال الحديث. قال المأمون: لم يبق في هذه الكورة أحد يستحى منه غير هذا الشيخ بشر بن الحارث. [تاريخ بغداد 7 / 67، وطبقات ابن سعد 7 / 342، والبداية والنهاية 10 / 249] .</p> </p>البلقيني: هو عمر بن رسلان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p> </p>البندنيجي: هو محمد بن هبة الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 352.</p> </p>البهوتي: هو منصور بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p>البويطي: هو يوسف بن يحيى:</p>تقدمت ترجمته في ج 15 ص 306.</p>البيضاوي: هو عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 319.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ت</span></p>تميم الداري: هو تميم بن أوس:</p>تقدمت تر‌<span class="title">‌ج</span>مته في ج 3 ص 353.</p>‌<span class="title">‌ث</span></p>الثوري: هو سفيان بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>ج</p>جابر بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 408.</p> </p>الجرجاني: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 326.</p>الجصاص: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ح</span></p>الحسن البصري: هو الحسن بن يسار:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 346.</p>‌<span class="title">‌الحسيني (818 - 874 ه</span>ـ) .</p>هو حمزة بن أحمد بن علي بن محمد بن العباس، الحسيني، الدمشقي، الشافعي فقيه، مؤرخ، حافظ، حفظ القرآن والتنبيه وتصحيحة للأسنوي وغيرها من الكتب، وأخذ الفقه عن ابن قاضي شهبة وكان فاضلا مفننا متواضعا لطيف الذات والعشرة كثير التودد والفضل. من تصانيفه:" الإيضاح على تحرير التنبيه للنووي " و " بقايا الخبايا " استدرك فيه على خبايا الزوايا للزركشي في فروع الفقه الشافعي، " وفضائل بيت المقدس ". [الضوء اللامع 3 / 163، وإيضاح المكنون 2 / 486، ومعجم المؤلفين 4 / 77] .</p> </p>الحصكفي: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٣)</span><hr/></div>الحطاب: هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p>حماد بن أبي سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p>الحليمي: هو الحسين بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p>الحموي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 321.</p> </p>‌<span class="title">‌خ</span></p>الخرشي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p>الخرقي: هو عمر بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p>الخطابي: هو حمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p>الخلال: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٣)</span><hr/></div>خليل: هو خليل بن إسحاق:</p>تق‌<span class="title">‌د</span>مت ت‌<span class="title">‌ر</span>جمته في ج 1 ص 349.</p>د</p>الدردير: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 350.</p>الدسوقي: هو محمد بن أحمد الدسوقي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 350.</p> </p>ر</p>الراغب: هو الحسين بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 347.</p> </p>‌<span class="title">‌الرافعي: (233 1 - 8 0 3 1 ه</span>ـ)</p>هو عبد الغني بن أحمد بن عبد القادر الرافعي البيساري الفاروقي، قاض، من فقهاء الحنفية ولد وتعلم في طرابلس بالشام وأخذ الحديث عن علماء دمشق، وعين مفتيا لطرابلس ثلاث سنوات فقاضيا في لواء " تعز " باليمن.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٤)</span><hr/></div>من تصانيفه: " تعليقات على حاشية ابن عابدين على الدرر "، و " شرح بديعية الصفي الحلي ". [إيضاح المكنون 1 / 282، والأعلام 4 / 158] .</p> </p>الرافعي: هو عبد الكريم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 351.</p> </p>ربيعة الرأي: هو ربيعة بن فروخ:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 351.</p>الرحيباني: هو مصطفى بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 411.</p>الرملي: هو خير الدين الرملي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p>الروياني: هو عبد الواحد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p> </p>‌<span class="title">‌ز</span></p>الزرقاني: هو عبد الباقي بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٤)</span><hr/></div>الزركشي: هو محمد بن بهادر:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 412.</p>زفر: هو زفر بن الهذيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>الزمخشري: هو محمود بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 348.</p>الزهري: هو محمد بن م‌<span class="title">‌س</span>لم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>زيد بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>الزيلعي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>س</p>سالم بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>السبكي: هو علي بن عبد الكافي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سحنون: هو عبد السلام بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 412.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٥)</span><hr/></div>السدي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 413.</p>سعد بن أبي وقاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سعيد بن جبير:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p> </p>سعيد بن المسيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سليمان بن يسار:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 288.</p>السيوطي: هو عبد الرحمن بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</p>‌<span class="title">‌ش</span></p>الشافعي: هو محمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</p> </p>الشبراملسي: هو علي بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</p> </p>الشربيني: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٥)</span><hr/></div>الشعبي: هو عامر بن شراحيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p> </p>‌<span class="title">‌الشهاب الخفاجي (979 - 1069ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن محمد بن عمر. أبو العباس، الخفاجي، المصري الحنفي. قاضي القضاة وصاحب التصانيف في الأدب واللغة، رئيس المؤلفين ورأس المصنفين في عصره. من تصانيفه:" نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض "، و " عناية القاضي وكفاية الراضي، حاشية على تفسير البيضاوي، و " شفاء العليل فيما في كلام العرب من الدخيل ". [خلاصة الأثر 1 / 331،والأعلام 1 / 227 - 228، ومعجم المؤلفين 2 / 138] .</p> </p>الشيخ عليش: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p> </p>الشيرازي: هو إبراهيم بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p> </p>الشيخان:</p>تقدم بيان المراد بهذا اللفظ في ج 1 ص 357.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ص</span></p>الصاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 357.</p> </p>صاحب البدائع: هو أبو بكر بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>صاحب تحفة المحتاج: هو أحمد بن حجر الهيثمي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>صاحب العناية: هو محمد بن محمد بن محمود البابرتي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>صاحب فتح القدير: هو محمد بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p> </p>صاحب نهاية المحتاج: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p> </p>صاحب النهر: هو عمر بن إبراهيم بن نجيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٦)</span><hr/></div>صاحب الهداية: هو علي بن أبي بكر المرغيناني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p>الصاحبان:</p>تقدم بيان المراد بهذا اللفظ في ج 1 ص 357.</p> </p>‌<span class="title">‌ض</span></p>الضحاك: هو الضحاك بن مخلد:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 290.</p> </p>‌<span class="title">‌ط</span></p>طاوس بن كيسان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p>الطحاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ع</span></p>عائشة:</p>تقدمت ترجمتها في ج 1 ص 359.</p>‌<span class="title">‌عبد الرحمن بن القاسم: (. . . - 124 ه</span>ـ)</p>هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، التيمي القرشي. من سادات أهل المدينة فقها وعلما وديانة وحفظا للحديث وإتقانا. روى عن أبيه وابن المسيب وعبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله وغيرهم، وعنه الزهري وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم. قال العجلي وأبو حاتم والنسائي: ثقة. [تهذيب التهذيب 6 / 254، والأعلام 4 / 97] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرحيم القشيري (. . . - 514 ه</span>ـ) .</p>هو عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن، أبو نصر، القشيري، الشافعي. فقيه أصولي، مفسر، أديب، ناشر،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٧)</span><hr/></div>ناظم، حاسب. من تصانيفه:" الموضح " في فروع الفقه الشافعي، و " تفسير القرآن ". [طبقات الشافعية ص 73، معجم المؤلفين 5 / 207، وهدية العارفين 1 / 559، وإيضاح المكنون 2 / 606، والأعلام 4 / 120] .</p> </p>عبد الله بن أحمد بن حنبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 363.</p> </p>عثمان البتي: هو عثمان بن مسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 17 ص 347.</p> </p>عثمان بن عفان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p> </p>العدوي: هو علي بن أحمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 375.</p> </p>علي بن أبي طالب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 361.</p> </p>عطاء بن أسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p> </p>عمران بن حصين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٨)</span><hr/></div>عمر بن الخطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p>عمر بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p>عمرو بن حزم:</p>تقدمت ترجته في ج 14 ص 295.</p>عمرو بن الشريد:</p>تقدمت ترجمته في ج 15 ص 315.</p>عمرو بن العاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 354.</p>العنبري: هو عبيد الله بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p>‌<span class="title">‌غ</span></p>الغزالي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 363.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ف</span></p>الفتوحي: هو محمد بن أحمد:</p>ت‌<span class="title">‌ق</span>دمت ترجمته في ج 3 ص 365.</p> </p>فضالة بن عبيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 12 ص 342.</p>ق</p>القاضي: أبو بكر بن الطيب: هو محمد بن الطيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p> </p>القاضي أبو الطيب: هو طاهر بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 343.</p> </p>‌<span class="title">‌قاضي الجماعة (513 - 592 ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعد بن حريث، أبو العباس، اللخمي الجياني القرطبي، كان مقرئا مجودا محدثا مكثرا، ذاكرا لمسائل الفقه عارفا بأصوله ماهرا في كثير</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٩)</span><hr/></div>من علوم الأوائل ثاقب الذهن متوقد الذكاء. من تصانيفه: " المشرق في إصلاح المنطق "، و " وتنزيه القرآن عما لا يليق بالبيان ". [الديباج ص 47 - 48، وبغية الوعاة ص 139، ومعجم المؤلفين 1 / 268] .</p> </p>القاضي حسين: هو حسين بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</p> </p>القاضي عبد الوهاب: هو عبد الوهاب بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 365.</p> </p>قاضيخان: هو حسن بن منصور:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p> </p>قتادة بن دعامة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p> </p>القرافي: هو أحمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p> </p>القرطبي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</p> </p>القليوبي: هو أحمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ك</span></p>ا‌<span class="title">‌ل</span>كاساني: هو أبو بكر بن‌<span class="title">‌ م</span>سعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p> </p>الكرخي: هو عبيد الله بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>ل</p>الليث بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 368.</p>م</p>مالك: هو مالك بن أنس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p> </p>الماوردي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٠)</span><hr/></div>المتولي: هو عبد الرحمن بن مأمون:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 420.</p> </p>مجاهد بن جبر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p> </p>محمد بن الحسن الشيباني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 370.</p> </p>المرغيناني: هو علي بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>المزني: هو إسماعيل بن يحيى المزني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>مطرف بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 422.</p> </p>المغيرة بن شعبة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 422.</p> </p>‌<span class="title">‌المغيرة بن عبد الرحمن (؟ - 105ه</span>ـ)</p>هو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، أبو هاشم، المدني. روى عن أبيه وهشام بن عروة وعبد الله بن سعيد وغيرهم. وعنه ابنه عياش ومحرز بن سلمة المدني ويعقوب بن محمد الزهري وغيرهم. قال يعقوب بن شيبة: وهو أحد فقهاء المدينة وكان يفتي فيهم، وقال الزبير بن بكار:</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٦</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٠)</span><hr/></div>كا‌<span class="title">‌ن </span>فق‌<span class="title">‌ي</span>ها وذكره ابن حبان في الثقات. [تهذيب التهذيب 10 / 264، وشذرات الذهب 1 / 310، والأعلام 8 / 201] .</p> </p>الموصلي: هو عبد الله بن محمود:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 423.</p>ن</p>أنس بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</p>النفراوي: هو عبد الله بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>النووي: هو يحيى بن شرف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 373.</p> </p>ي</p>يحيى بن سعيد الأنصاري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 374.</div>
</div></body></html>