المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتابُ الرَّجْعَةِ شَرْطُ المُرْتَجِعِ: أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ، ــ   كتاب الرجعة هي المرة من الرجوع، - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٨

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌كِتابُ الرَّجْعَةِ شَرْطُ المُرْتَجِعِ: أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ، ــ   كتاب الرجعة هي المرة من الرجوع،

‌كِتابُ الرَّجْعَةِ

شَرْطُ المُرْتَجِعِ: أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ،

ــ

كتاب الرجعة

هي المرة من الرجوع، وفتح رائها أفصح من الكسر عند الجوهري، وعند الأزهري الكسر أكثر.

وهي في الشرع: الرد إلى النكاح بعد طلاق غير بائن على وجه مخصوص، وذكرها بعد الطلاق موافق لقوله تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} ؛ لأن الرد الرجعة باتفاق المفسرين، وقوله تعالى:{فِي ذَلِكَ} أي: في العدة، وكان هذا في صدر الإسلام في حق كل مطلقة حتى خص الله تعالى الطلاق في ثلاث، بقوله {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآية.

وأما اشتراط إرادة الإصلاح .. فخرج مخرج الغالب أو الواقع؛ لأن كل مراجع- سواء قصد الخير أو الشر - مزيل لما تشعث من النكاح، وقال الشافعي: المراد إصلاح الطلاق بالرجعة، وفسره عطاء بن أبي رباح بالإصلاح في الدين، والبغوي قال: فلا تصح الرجعة إلا لمن أراد بها صلاح دينه وتقوى دينه، وهذا مذهب تفرد به.

ويدل لها من السنة قوله صلى الله عليه وسلم لعمر: (مره فليراجعها)، وقوله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقال لي: راجح حفصة؛ فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة رواه أبو داوود [2277] وابن ماجه [2016] من حديث ابن عمر بإسناد حسن.

وأجمعت الأمة على جوازها.

قال: (شرط المرتجع: أهلية النكاح بنفسه): لأنها كإنشاء النكاح، قال في

ص: 7

وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ .. فَلِلْوَلِّي الرَّجْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَهُ ابْتِدَاءُ النكِّاحِ. وَتَحْصُلُ بِرَاجَعْتُكِ وَرَجَعْتُكِ وَارتَجَعْتُكِ

ــ

(الدقائق): وإنما قال: (بنفسه): ليحترز عن الصبي والمجنون؛ فإنهما أهل للنكاح بوليهما لا بأنفسهما، ويدخل فيه السكران والعبد، فالسكران تصح رجعته على المذهب كما سبق في (الطلاق)، وتصح رجعة العبد بغير إذن سيده على الصحيح، وتصح أيضًا رجعة السفيه؛ لأنهما من أهل النكاح بأنفسهما وإن كان شرطهما إذن الولي والمولى. اهـ

وأورد عليه المحرم؛ فإنه يراجع في الأصح وليس له أهلية النكاح.

فرع:

من تحته حرة وأمة إذا طلق الأمة .. تصح رجعته لها مع أنه إذ ذاك ليس أهلًا لنكاح الأمة، كذا نقله في زوائد (الروضة) عن المروروذي، لكن جزم في (المطلب) بالمنع؛ لأنه ليس بأهل للعقد عليها حينئذ، والصحيح ما في (الروضة).

ولو عتقت الرجعية تحت عبد .. فالظاهر أن له الرجعة قبل اختيارها، وليس للمرتد رجعة كما ليس له ابتداء نكاح.

قال: (ولو طلق فجن .. فللولي الرجعة على الصحيح حيث له ابتداء النكاح)؛ لأنه قائم مقامه، هذا بناء على جواز التوكيل في الرجعة، وهو الصحيح.

ومقتضى عبارة المصنف: أن مقابل الصحيح وجه ضعيف، ولا حقيقة له، إنما هو بحث للرافعي جزم به الجيلي، لكنة ذكره في (المحرر) فتابعه المصنف.

قال: (وتحصل براجعتك ورجعتك وارتجعتك)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: (فليراجعها) ولا خلاف في صراحة هذه الالفاظ إذا وصلها باسم المرأة أو ضميرها أو إشارة إليها، فإن عري عن ذلك كقوله: راجعت وارتجعت .. لم يكف، والصحيح: أنه لا يشترط أن يضيف إلى النكاح أو إلى الزوجية أو نفسه، بل يستحب فيقول: إلى نكاحي، أو إلى زوجيَّتي، أو اليَّ.

ص: 8

وَالأَصَحُّ: أَنَّ الرَّدَّ وَالإِمْسَاكَ صَرِيحَانِ، وَأَنَّ التَزْوِيجَ وَالنِّكَاحَ كِنَايَتَانِ. وَلْيَقُلْ: رَدَدْتُهَا إِلَيَّ أَوْ إِلَى نِكَاحِي

ــ

قال: (والأصح: أن الرد والإمساك صريحان) أما الرد .. فلقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم لوكانة:(ارددها)، وأما الإمساك .. فلقوله تعالى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} .

والثاني: أنهما كنايتان؛ لأنهما لم يشتهرا اشتهار الصرائح، وفي (المهمات): أنه الصواب المنصوص، وضعف ما صححه المصنف.

وفي الإمساك وجه ثالث: أنه لغو؛ لان معنى الإمساك الاستدامة، قال الله تعالى:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} ، ولأنه يحتمل إرادة الإمساك باليد وفي البيوت.

قال: (وأن التزويج والنكاح كنايتان)؛ لعدم استعمالهما في الرجعة.

والثاني: أنهما صريحان: لأنهما صالحان لابتداء العقد والحل، فلأن يصلحا للتدارك أولى.

والثالث: أنهما لغو؛ لعدم الإشعار بذلك.

كل هذا إذا قال: تزوجتك أو نكحتك وحده، فلو جرى العقد على صورة الإيجاب والقبول .. اطرد الخلاف.

وظاهر كلام (الشرح الكبير): أنها تحل؛ لأنه آكد في الإباحة، وقال المصنف في (فتاويه): إنه الصحيح.

وفي صحة الرجعة بغير العربية من جميع اللغات طرق: أصحها: الصحة مطلقًا كنكاح.

قال: (وليقل: رددتها إلي أو إلى نكاحي)؛ ليكون صريحًا، إذ قد يفهم منه الرد إلى أهلها بسبب الفراق، وعبارة (المحرر): وينبغي أن يقول كذا، وظاهرها عدم الوجوب، وأن الصراحة غير متوقفة على ذلك، وهذا هو الشهور الذي اقتضاه

ص: 9

وَالْجَدِيدُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الإِشْهَادُ، فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ. وَلَا تَقْبَلُ تَعْلِيقًا،

ــ

كلام الجمهور كما قاله في (الكفاية) و (المهمات).

قال الشيخ تاج الدين الفزاري: سألني الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن قول المرتجع: راجعتها إلى عقد نكاحي، وهي لم تخرج عن النكاح؛ فإنها زوجته في جميع الأحكام، حتى في الوطء عند أبي حنيفة؟ فأجبته بأن معناه: أنها رجعت إلى النكاح الكامل الذي لم تكن فيه مقارنة البينونة بانقضاء العدة، فاستحسنه.

قال: (والجديد: أنه لا يشترط الإشهاد)، وبه قال أبو حنيفة: لأن الرجعة في حكم استدامة النكاح السابق، ولذلك لا يحتاج إلى الولي ورضا المرأة.

وفي (سنن أبي داوود)[2179] و (ابن ماجه)[2025] و (البيهقي)[7/ 373] بإسناد حسن: أن عمران بن حصين رضي الله عنهما سئل عمن راجع امرأته ولم يشهد فقال عمران: (راجعَ في غير سنة فليُشهدِ الآن) فلو كان الإشهاد شرطًا .. لما كان للإشهاد على ما سبق معنى، وإنما يستحب الإشهاد على الإقرار بالرجعة؛ لأنهما قا يتنازعان فلا يصدق على ما سيأتي.

والقديم - وهو منصوص في (الأم)، وبه قال مالك -: يشترط؛ لقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} و {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} ، ومثار الخلاف: أن الرجعة في حكم الاستدامة أو الابتداء، وعن أحمد روايتان كالقولين، وحيث لم نوجبه .. يستحب بالاتفاق.

قال: (فتصح بكناية) بناء على أنه لا يشترط الإشهاد؛ لأنه يستقل به كالطلاق، ولهذا أتى به ب (الفاء)، فإن قلنا: يشترط .. لم تصح بها كالنكاح.

قال: (ولا تقبل تعليقًا)؛ لأنها إما ابتداء عقد .. فلا تقبله كالنكاح، أو استدامة .. فكذلك كاختيار من أسلم على أكثر من أربع، سواء علق بمدة أو قدوم أو بمشيئة الله تعالى أو غيره فلو قال: راجعتك إن شئت فقالت: شئت .. لم تصح، ولو فتح الهمزة أو أتى ب (إذ) .. صح، قاله في (الروضة)، ولم يفرق بين نَحويَّ وغيره، والمتجه التفصيل.

ص: 10

وَلَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ كَوَطْءٍ .. وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ بِمَوْطُوءَةٍ طُلِّقَتْ بِلَا عِوَضٍ لَمْ تَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا، بَاقِيَةٍ فِي الْعِدَّةِ،

ــ

قال: (ولا تحصل بفعل كوطء) وإن قصد به الرجعة؛ لأنه يوجب العدة فكيف يقطعها، وفي وجه: تصح بالوطء والقبلة والمباشرة بشهوة قياسًا على وطء البائع الجارية المبيعة في زمن الخيار؛ فإنه يكون فسخًا، والفرق أن الملك يحصل بالفعل كالغنيمة والسبي بخلاف النكاح، هذا في القادر، وأما الأخرس .. فتصح منه الإشارة المفهمة.

قال: (وتختص الرجعة بموطوءة) فغيرها لا رجعة لها؛ إذ لا عدة لها، والرجعة إنما تكون في العدة.

ودخل في عبارته: الموطوءة في الدبر وهو الأصح، بناء على الصحيح أنه يوجب العدة، لكنه تخرج من استدخلت ماء الزوج، والأصح: وجوب العدة بذلك كما ستأتي في بابها، وتخرج ذات الخلوة أيضا؛ فالمذهب أنه لا عدة عليها، فإن أوجبناها بها .. فالأصح ثبوت الرجعة، وكان صواب العبارة: تختص الموطوءة بالرجعة كما تقدم غير مرة.

قال: (طُلِّقت) فإن فسخ نكاحها .. فلا رجعة؛ لأن الله تعالى أناطها بالطلاق فاختصت به.

قال: (بلا عوض) فالتي طلقت به بانت وملكت نفسها.

ودخل في الضابط: إذا كان الطلاق بالإجبار بحق كطلاق المولي، وما إذا طلقت نفسها بتمليك الزوج، وما إذا قال لغير المدخول بها: إن وطئتك فأنت طالق ثم وطئها .. فإن له الرجعة.

قال: (لم تستوف عدد طلاقها) بالإجماع.

قال: (باقية في العدة) فإن انقضت .. تعذرت مراجعتها بالاتفاق، لكن يستثنى ما إذا خالطها المطلق كالأزواج من غير وطء وقلنا ببقاء العدة .. فإنه لا رجعة لها بعد انقضاء الأقراء كما سيأتي في (العدد).

وكلام المصنف يشمل الطلاق المبهم، والأصح: أنه لا رجعة فيه؛ لأن الرجعة

ص: 11

مَحَلٍّ لِحِلٍّ، لَا مُرْتَدَّةٍ. وَإِذَا ادَّعَتِ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ وَأَنْكَرَ .. صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ وَضْعَ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إِمْكَانٍ، وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ .. فَالْأَصَحُّ: تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ

ــ

لا تقبل التعليق فلا تقبل الإبهام، فإذا طلق إحدى امرأتيه ثم قال قبل التعيين أو التبيين: راجعت المطلقة .. لم تصح، خلافًا لأبي علي بن أبي هريرة.

قال: (محل لحل، لا مرتدة) كابتداء النكاح، وقال المزني: إذا راجع في العدة .. فهي موقوفة: إذ اجتمعا في الإسلام .. تبينَّا صحتها، وإلا .. فلا.

وعلم من مجموع كلامه أنه لا يشترط علم المرأة ولا رضاها، ولا رضي وليها ولا علمه ولا العميد إن كانت أمة، وهو كذلك، لكن يستحب الإعلام.

قال: (وإذا ادعت انقضاء عدة أشهر وأنكر .. صدق بيمينه)؛ لأن اختلافهما راجع إلى اختلافهما في وقت الطلاق.

ولو اختلفا في أصله .. كان القول فيه قول الزوج، فكذلك إذا اختلفا في وقته؛ لأن القاعدة: أن من قبل قوله في شيء .. قبل قوله في صفته، ولو انعكست الصورة فأدعى الانقضاء وقال: طلقتك في رمضان، فقالت: في شوال .. صدقت بيمينها؛ لأنها غلظت على نفسها.

قال: (أو وضع حمل لمدة إمكان، وهي ممن تحيض لا آيسة .. فالأصح: تصديقها بيمين)؛ لأنها مؤتمنة على ذلك، ولأن إقامة البينة على الولادة قد تعسر أو تتعذر.

والثاني: لا تصدق وتطالب بالبينة؛ لأنها مدعية، والغالب أن القوابل يشهدن بالولادة، ولا فرق في ذلك بين الولد الحي والميت، والكامل والناقص، وكذلك المضغة إذا اكتفينا بها كما هو المذهب.

وحيث صدقناها فكذبها .. حلفت، فإن نكلت .. حلف وله الرجعة.

وسكت المصنف عن الصغيرة؛ لأنه لا يقع الاختلاف معها إذ لا حكم لقولها.

ص: 12

وَإِنِ ادَّعَتْ وِلَادَةَ تَامٍّ .. فَإِمْكَانُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ مِنْ وَقْتِ الإِمْكَانِ، أَوْ سَقْطٍ مُصَوَّرٍ .. فَمِئَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ،

ــ

قال: (وإن ادعت ولادة تام .. فإمكانه) أي: أقل إمكانه (ستة أشهر ولحظتان) كما استنبطه علي رضي الله عنه من قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ، {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} رواه مالك في (الموطأ)[2/ 825]، ورجع عثمان ومن حضر إلى قوله فصار إجماعًا.

وروى العتبي: أن عبد الملك بن مروان ولد لستة أشهر، قال ابن الرفعة: وولد الحسين لستة أشهر من ولادة أخيه الحسن، وهذا خلاف ما قاله الجمهور؛ لأن الحسن ولد في نصف شهر رمضان سنة ثلاث، وولد الحسين في شعبان سنة أربع.

ثم لا بد من لحظتين من حين إمكان اجتماع الزوجين، لحظة للإنزال ولحظة للوضع.

قال: (من وقت الإمكان) أي: من إمكان اجتماع الزوجين بعد النكاح؛ لأن النسب يثبت بالإمكان.

قال: (أو سقط مصور .. فمئة وعشرون يومًا ولحظتان) لحظة للوطء ولحظة للإسقاط ومئة وعشرون يومًا لمقامه في الجوف؛ لما روى الشيخان [خ 3208 - م2643] عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم يجمع خلقه ي بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد).

وأما ما رواه مسلم [2645] بلفظ: (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة .. بعث الله إليها ملكا فصورها) الحديث .. فحديث ابن مسعود أصح منه؛ لاتفاتهما على إخراجه، أو أن بعض الأمر كذا وبعضهم كذا، أو أن هذا من الترتيب الإخباري كأنه قال: أخبركم بكذا ثم أخبركم بكذا.

ص: 13

أَوْ مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ .. فَثَمَانُونَ، يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ. أَوْ انْقِضَاءَ أَقْرَاءٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَطُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ .. فَأَقَلُّ الإِمْكَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ، أَوْ فِي حَيْضٍ .. فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَحْظَةٌ،

ــ

وتعبير المصنف أحسن من قوله في (الروضة): أربعة أشهر؛ فإن العدد لا بد منه قطعًا، ثم ما ذكره الشيخان هنا هو المشهور، وذكرا في (باب العدد) في الكلام على عدة الأمة أن الولد يتصور في ثمانين يومًا، وهو كذلك في (الشامل) و (الحاوي) وكثير من كتب العراقيين.

قال: (أو مضغة بلا صورة .. فثمانون يومًا ولحظتان) أي: من إمكان الوطء؛

لحديث ابن مسعود المتقدم، وإنما يحكم بها إذا شهد القوابل أنها أصل آدمي.

قال: (أو انقضاء أقراء، فإن كانت حرة وطلقت في طهر .. فأقل الإمكان اثنان وثلاثون يومًا ولحظتان) بأن تطلق وقد بقي لحظة وهي قرء ثم تحيض يومًا وليلة ثم تطهر خمسة عشر يومًا وذلك قرءان، ثم تحيض يومًا وليلة ثم تطهر خمسة عشر وذلك قرء ثالث، ثم تحيض لحظة يتبين بها تمام الطهر.

قال الرافعي: وإنما يتصور ذلك إذا كان الطلاق تعليقًا بآخر جزء من الطهر، وفي وجه: لا تعتبر اللحظة الأولى، وقولٍ: إنه لا يحكم بانقضاء العدة بمجرد الطعن في الحيض آخرًا، بل يشترط يوم وليلة، فتعتبر ثلاثة وثلاثون يومًا ولحظة.

وإذا قلنا: أقل الحيض يوم فقط .. نقص من المدة المذكورة ليلتان، وجاءت الأوجه المتقدمة، ولا يخفى أن اللحظة الثانية ليست من العدة، بل لاستيقان انقضائها، فلا تصح الرجعة فيها، وكلام المصنف يوهم خلافه.

هذا كله في طهر غير المبتدأة، أما إذا طلقت المرأة قبل أن تحيض ثم حاضت وقلنا بالصحيح أن القرء هو المحتوش .. فأقل الإمكان في حقها ثمانية وأربعون يومًا ولحظة.

قال: (أو في حيض .. فسبعة وأربعون ولحظة) بأن تطلق في أخر جزء من

ص: 14

أَوْ أَمَةً وَطُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ .. فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ، أَوْ حَيْضٍ .. فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَلَحْظَةٌ

ــ

الحيض ثم تطهر خمسة عشر، ثم تحيض يومًا وليلة ثم تطهر خمسة عشر، ثم تحيض يومًا وليلة وتطهر خمسة عشر، ثم تطعن في الحيض، وفي لحظة الطعن ما ذكرناه في المطلقة في الطهر، ولا حاجة هنا إلى تقدير لحظة في الأول؛ لأن اللحظة هناك تحب قرءًا.

وسها في (الوسيط) و (الوجيز) فقال: ولحظتان، ووقع ذلك في كلام الماوردي وغيره.

فرع:

الطلاق في النفاس كالطلاق في الحيض في هذا الحكم بناء على أن الدم الذي تراه نجعله حيضًا وهو الأصح، فإذا قال لها: إن ولدت فأنت طالق وطلقت بالولادة فأقل زمن يصدق فيه سبعة وأربعون يومًا ولحظة كما لو طلقت في الحيض، وإن لم نجعله حيضًا .. لم يصدق فيما دون اثنين وتسعين يومًا ولحظة، منها ستون للنفاس، هكذا ذكره البغوي، ولم يعتد المتولي بالنفاس قرءًا، واعتبر مضي مئة وسبعة أيام ولحظة، وهي مدة النفاس ومدة ثلاثة أطهار وحيضتين، واللحظة للطعن.

قال: (أو أمة وطلقت في طهر .. فستة عشر يومًا ولحظتان) وذلك بأن تطلق وقد بقي لحظة من الطهر وهو قرء، ثم تحيض يومًا وليلة ثم تطهر خمسة عشر يومًا وذلك قرءان، ثم تحيض لحظة يتبين فيها تمام الطهر، وهذا كما تقدم.

قال: (أو حيض .. فأحد وثلاثون ولحظة) أي: للطعن في الثالثة بأن تطعن في آخر جزء من الحيض ثم تطهر خمسة عشر، ثم تحيض يومًا وليلة ثم تطهر خمسة عشر، ثم لحظة كما تقدم.

وهذا في الذاكرة، فلو لم تتذكر هل كان طلاقها في الحيض أو الطهر فالصواب: أن يحمل أمر ها على الحيض؛ لأنا نشك في انقضاء العدة، والأصل دوامها، كذا قاله الصيمري وغيره.

ص: 15

وَتُصَدَّقُ إِنْ لَمْ تُخَالِفْ عَادَةً دَائِرَةً، وَكَذَا إِنْ خَالَفَتْ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ وَطِئَ رَجْعِيَّةً وَاسْتَانَفَتِ الأَقْرَاءَ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ .. رَاجَعَ فِيمَا كَانَ بَقِيَ

ــ

وقال المارودي: يحمل أمرها على أقل الحالين، وهو أن يكون الطهر فتنقضي عدتها باثنين وثلاثين ولحظتين، وقول شيخه أصوب مما قال.

قال: (وتصدق) أي: حرة كانت أو أمة (إن لم تخالف عادة دائرة)؛ لقوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} ، ولأنه لا يعرف إلا من جهتها فصدقت عند الإمكان، فإن كذبها الزوج .. حلفت، فإن نكلت .. حلفه وثبت له الرجعة.

قال: (وكذا إن خالفت في الأصح) بأن كانت عادتها الدائرة فوق ذلك؛ لأن العادة قد تتغير وهي مؤتمنة.

والثاني: (لا تصدق للتهمة، وهو المنصوص في (الأم) و (البويطي) في (كتاب العدد)، ورجحه الإمام فيه، وقال والده: إنه المذهب، وقال الروياني: إنه الاختيار في هذا الزمان.

لا جرم صوبه في (المهمات)؛ لمخالفة الأصل الظاهر، أما الأصل .. فعدم انقضاء العدة، وأما الظاهر .. فمخالفة العادة، وهذا في النقص عن العادة، فإن مضى الزمن المعتاد وادعت عدم الانقضاء .. ففي أخر (العدد) من (الشرح و (الروضة) نقلًا عن الإمام وغيره: أنها تصدق وجهًا واحدًا ثم أبدى الإمام احتمالًا؛ لأنا لو صدقناها .. لربما تمادي ذلك إلى سن الإياس، وفية إجحاف بالزوج، ونقل الرافعي عن (حلية الروياني) أنها إذا قالت: انقضت عدتي .. فواجب أن يسألها عن حالها كيف، وكيف الطهر، ويحلفها عند التهمة؛ لكثرة الفساد، والذي في (حلية الروياني): الاختيار أن يسألها إلى أخره، ولم يذكر لفظة الوجوب.

قال: (ولو وطئ رجعية) أي: بشبهة أو غيرها (واستأنفت الأقراء من وقت الوطء .. راجع فيما كان بقي)؛ لأن الرجعة تختص بعدة الطلاق وإن كانت العدة من

ص: 16

وَيَحْرُمُ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا،

ــ

الزوج، فإذا مضى قرء ثم وطئها .. استأنفت عدة لهذا الوطء، فإذا وقع بعد مضي قرأين .. بقية الرجعة في قرء واحد، وإن كان بعد قرء .. بقية الرجعة في قرأين.

وحكي الرافعي وجهًا في (باب تداخل العدتين): أن عدة الطلاق تنقطع بما طرأ من الوطء، وسقط باقيها، وتتمحض العدة الواجبة عن الوطء.

قال: وقياسه أن لا تثبت الرجعة في البقية، لكن الإجماع صد عنه، ثم ذكر بعد أسطر ما يخدش حكاية الإجماع.

تنبيه:

لو قال: استأنفت العدة كان أعم؛ ليشمل ما لو كانت من ذوات الأشهر، وما لو أحبلها بالوطء .. فإن عدتها الوضع.

والأصح في (الروضة): أن له الرجعة قبل الوضع، ويمكن أن يقال: إن قوله: (واستأنفت) ب (الواو) فيه تنبيه على الحامل؛ فإنها لا تستأنف.

قال: (ويحرم الاستمتاع بها) ولو بلمس أو نظر بشهوة أو بغيرها؛ لأن النكاح يبيح الوطء فيحرمه الطلاق لأنه ضده، وبهذا قال مالك، وأباح أبو حنيفة وطأها، وعن أحمد روايتان كالمذهبين.

احتج أبو حنيفة بتسميته بعلًا، وبأنه يطلق، وهو منقوض بالمظاهر وزوج الحائض.

واستدل الشافعي [1/ 203] بما رواه عن مالك عن نافع عن ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي بمسكن حفصة، وكانت طريقه إلى المسجد، فكان يسلك الطريق الآخر. من أدبار البيوت كراهة أن يستأذن عليها حتى يراجعها.

قال ابن الرفعة: ومن حرم الوطء .. بناه على أنه لا تحصل به الرجعة، فإن قلنا: تحصل -كما حكاه مجلي – فيتجه أن لا يحرم كما في طلاق إحدى زوجتيه وقلنا: إن الوطء يكون تعيينًا.

ص: 17

فَإِنْ وَطِئَ .. فَلَا حَدَّ، وَلَا يُعَزَّرُ إِلَّا مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ، وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ إِنْ لَمْ يُرَاجِعْ، وَكَذَا إِنْ رَاجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَيَصِّحُ إِيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَطَلَاقٌ وَلِعَانٌ وَيَتَوَارَثَانِ

ــ

قال: (فإن وطئ .. فلا حد) على الصحيح ولو علم التحريم؛ لاختلاف العلماء في إباحته.

وقيل: إن علم التحريم .. حد مؤاخذة له باعتقاده.

قال: (ولا يعزو إلا معتقد تحريمه)؛ لإقدامه على ما يعلم أنه ممتنع عليه، فإن كان جاهلًا أو ممن يعتقد الإباحة .. لم يعزر، وهذا يخالف قولهم: إن الإنكار لا يكون في المختلف فيه، والتعزير أبلغ إنكارًا.

قال: (ويجب مهر مثل إن لم يراجع)؛ لأنه لم يكن له وطؤها، ولئلا يخلو الوطء عن عقر وعقوبة.

قال: (وكذا إن راجع على المذهب) هذا هو المنصوص، ونص فيما إذا ارتدت فوطئها في العدة ثم أسلمت .. أن لا مهر لها.

فقيل: فيهما قولان، والأصح: تقريرهما، والفرق أن أثر الطلاق لا يرتفع بالرجعة، بل نقص العدد به باق، فيكون ما بعد الرجعة وما قبل الطلاق كعقدين، وأثر الردة يرتفع بالإسلام، فيكون الوطء مصادفًا للعقد الأول.

فإن قيل: إيجاب مهر يؤدي إلى إيجاب مهرين في عقد واحد .. فالجواب: أن هذا المهر وجب بوطء الشبهة دون العقد.

وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا أوجب المهر غير الشافعي، وشبهته قوية؛ لأنها محرمة عليه إلا برجعة، وقد أجمعوا على أن الموطوءة بشبهة لها مهر المثل.

قال: (ويصح إيلاء وظهار وطلاق ولعان ويتوارثان)؛ لأن الرجعية زوجة في هذه الأحكام الخمس، وهي التي عناها الشافعي بقوله: في خمس؛ أي: من كتاب الله، المواد هذه الأحكام.

فلو قال: زوجاتي طوالق .. طلقة الرجعية على المنصوص، وأما خلعها .. ففيه

ص: 18

وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ رَجْعَةً فِيهَا فَأَنْكَرَتْ؛ فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الاِنْقِضَاءِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، َوَقَالَ: رَاجَعْتُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَتْ: بَلِ السَّبْتِ .. صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، أَوْ عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَتْ: انْقَضَتِ الْخَمِيسَ، فَقَالَ: السَّبْتَ .. صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ .. فَالأَصَحُّ: تَرْجِيحُ سَبْقِ الدَّعْوَي؛

ــ

قولان: أصحهما: صحته، ثم لا حكم لإيلائه وظهاره حتى يراجع.

ومسألتا الإرث والطلاق مكررتان في الكتاب، وأغرب صاحب (البيان) فحكي وجهًا عن المسعودي: أن الإيلاء منها لا يصح.

وفي (البحر) وجه: أنه لا يصح الظهار.

وفي (الجيلي) وجه: أنه لا يصح الطلاق، وعزاه ل (البسيط) وليس فيه، والمختار في (الروضة) هنا أن الرجعية لا يطلق فيها ترجيح هل هي زوجة أو لا كالقولين في (النذر)؟ هل يسلك به مسلك الواجب أو الجائز؟ وفي (الإبراء) هل هو إسقاط أو تمليك؟ والذي قاله في (النذر) و (الإبراء) مخالف لما قاله في بابيهما.

قال: (وإذا ادعى والعدة منقضية رجعة فيها فأنكرت، فإن اتفقا على وقت الانقضاء كيوم الجمعة، وقال: راجعت يوم الخميس فقالت: بل السبت .. صدقت بيمينها) أي: أنها لا تعلمه راجع يوم الخميس؛ لأن وقت انقضاء العدة متفق عليه، والاختلاف قبله، والأصل أنه ما راجع، وقيل: هو المصدق؛ لأن الرجعة تتعلق به، وقيل: السابق بالدعوى.

قال: (أو على وقت الرجعة كيوم الجمعة، وقالت: انقضت: الخميس، فقال: السبت .. صدق بيمينه)؛ لأن وقت الرجعة متفق عليه، والأصل أن العدة لم تنقض قبله.

الثاني: أنها المصدقة بيمينها؛ لأنها مصدقة في دعوى انقضاء العدة.

والثالث: يصدق السابق بالدعوى، فإن ادعيا معًا .. سقط هذا الوجه.

قال: (وإن تنازعا في السبق بلا اتفاق .. فالأصح: ترجيح سبق الدعوي) فإن

ص: 19

فَإِنِ ادَّعَتِ الاِنْقِضَاءَ ثُمَّ ادَّعَى رَجْعَةً قَبْلَهُ .. صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، أَوْ ادَّعَاهَا قَبْلَ انْقِضَاءٍ فَقَالَتْ: بَعْدَهُ .. صُدِّقَ. قُلْتُ: فَإِنِ ادَّعَيَا مَعًا .. صُدِّقَتْ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَمَتَى ادَّعَاهَا وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ، .. صُدِّقَ

ــ

قالت هي أولًا: انقضت، ثم قال الزوج: راجعتك قبل انقضاء العدة .. فهي المصدقة بيمينها، وإن قال الزوج أولًا: راجعتك قبل انقضاء عدتك ثم قالت: بعد انقضائها .. فهو المصدق، فمن سبقت دعواه .. رجح قوله؛ لاستقرار الحكم بقوله:

والثاني: أن القول قول الزوج استبقاء للنكاح؛ لأن الأصل بقاء الزوجية.

والثالث: أن القول قولها؛ لأنها تخبر عما لا مطلع عليه إلا من جهتها، والزوج متمكن من الإشهاد.

والرابع: يقرع بينهما ويقدم قول من خرجت قرعته.

قال: (فإن ادعت الانقضاء ثم ادعى رجعة قبله .. صدقة بيمينها)؛ لأنها إذا قالت: انقضت عدتي .. فلا بد من تصديقها، ولا التفات إلى قوله بعد التصديق.

قال: (أو ادعاها قبل انقضاء فقالت: بعده .. صدق)؛ لأنه يملك الرجعة، وقد صحت في الظاهر فلا يقبل قولها في إبطالها.

قال: (قلت: فإن ادعيا معًا .. صدقة والله أعلم) المراد أنها تصدق بيمينها؛ لأن انقضاء العدة لا يعلم إلا من جهتها، والزوج يمكنه الإشهاد على الرجعة ولم يترجح سبق حتى يتقدم به.

وقيل: القول قوله، وقيل: يقرع.

وحاصل الخلاف في المسألة والتي قبلها خمسة أوجه، والمراد ب (سبق الدعوي) عند الحاكم.

قال ابن عجيل اليمني وغيره: فلو قالا: لا نعلم سبقًا ولا ترتيبًا .. فالأصل بقاء العدة وولاية الرجعة.

قال: (ومتى ادعاها والعدة باقية .. صدق)؛ لقدرته على الإنشاء.

وعن صاحب (التقريب) أن القول قولها؛ لأن الأصل عدم الرجعة، وهو بعيد جدًا

ص: 20

وّمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ .. قُبِلَ اعْتِرَافُهَا. وَإِذَا طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ: وَطِئْتُ فَلِي الرَّجْعَةُ وَأَنْكَرَتْ .. صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْمَهْرِ، فَإِنْ قَبِضَتْهُ .. فَلَا رُجُوعَ لَهُ،

ــ

ومقتضى إطلاق المصنفة تصديقه بلا يمين.

وفصل الماوردي فقال: إن لم يتعلق به قبل الرجعة حق لها .. فلا يمين عليه، وإن تعلق به كما لو كان وطئها قبل إقراره بالرجعة فطالبته بالمهر فأنكر وجوبه وادعى الرجعة قبله .. حلف.

تنبيه:

هذا إذا اختلفا ولم تنكح زوجًا غيره، فإن نكحت ثم اختلفا وادعى الرجعة، فإن أقام بينة .. فهي زوجته، سواء دخل بها الثاني أم لا، وإن لم تقم بينة .. سمعت دعواه عليها؛ لتحليفها على الصحيح، ولا يقبل إقرارها له، وفي سماع دعواه على الزوج الثاني وجهان.

قال: (ومتى أنكرتها وصدقت ثم اعترفت .. قبل اعترافها)؛ لأنها جحدت حقًا ثم اعترفت به، واستشكله الإمام؛ لأن قولها الأول، يقتضي تحريمها عليه، فقبول نقيضه مشكل، وقد قالوا: أنها إذا ادعت أخوة الرضاع أو النسب ثم أكذبت نفسها .. لم يقبل منها، وقاموا تأبيد الحرمة.

قال: (وإذا طلق دون ثلاث وقال: وطئت فلي الرجعة وأنكرت .. صدقت بيمين)؛ لأن الأصل عدم الدخول، فعلى هذا: لا رجعة له، ولا نفقة لها

ولا سكني، ولها أن تنكح، لكن هو ليس له أن ينكح أختها ولا أربعًا سواها حتى يمضي زمن عدتها.

قال: (وهو مقر بالمهر، فإن قبضته .. فلا رجوع له)؛ لإقراره به لها.

هذا إذا كان دينًا، فإن كان الصداق عينًا وامتنع الزوج من قبول النصف. ففي (شرح المفتاح) لأبي منصور أنه يقال له: إما أن يقبله، وإما أن يبرئها منه، ومراده

ص: 21

وَإِلَاّ .. فَلَا تُطَالِبُهُ إِلَاّ بِنِصْفٍ

ــ

أن القاضي يتلطف به في ذلك، لا أنه يجب، والبراءة من الأعيان لا تصح، والحق أن نصف العين المقبوضة حينئذ في حكم عين أقر بها لشخص فأنكر .. فيأتي فيها الخلاف المشهور.

قال: (وإلا) أي: وان لم تكن قبضته) .. فلا تطالبه إلا بنصف)؛ لأنه الذي استحقته بالعقد، فإذا أخذت ثم عادت واعترفت بالدخول فهل لها أخذ النصف الثاني أو لا بد من إقرار مستأنف من الزوج؟ وجهان.

تتمة:

طلق زوجته الأمة واختلفا في الرجعة .. فكل موضع قبلنا فيه قول الزوج إذا كانت حرة فكذا هنا، وحيث قبلنا قول المرأة فهنا القول قول السيد، قاله المتولي وابن الصباغ، وهو قول أبي يوسف ومحمد، واختاره الشاشي، وقواه المصنف.

وقال البغوي: المعتبر تصديقها، ولا أثر لقول السيد، وهو قول الأئمة الثلاثة، قال في (المهمات): وهو مذهب الشافعي المنصوص في (الأم) و (البويطي) وهو الصواب.

* * *

خاتمة

لو كانت المرأة صبية أو معتوهة فقال الزوج بعد انقضاء عدتها: راجعتها فيها .. لم يصدق إلا ببينة، سواء صدقة وليها أم لا، وسواء كان الولي أبًا أم غيره.

ولو كانت صحيحة فعرض لها مرض أذهب عقلها ثم قال بعد انقضاء عدتها: كنت راجعتها فيها .. لم يقبل، فإن أفاقت وصدقته .. قبل وكانت زوجته.

ص: 22

كتاب الإيلاء

ص: 23