الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نجد من ذوي الفهم والنقد، وذلك حينما كنت في البصرة. أسأل الله تعالى لطفه والنصر عليها. وسميتها "النكت الشنيعة في بيان الخلاف بين الله تعالى والشيعة"، وذلك في كثير من المسائل الدينية.
[النكتة 1]
منها أن الله تعالى قد حكم بأن جميع أفعال العباد من خير وشر مخلوقة له تعالى واقعة بإرادته وقدرته عز وجل.
لقوله: {خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}
وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}
وقوله: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}
وقوله: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ}
وقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ}
وقوله: {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ}
وقوله: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}
وقوله: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}
وقوله: {مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ}
وقوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}
وغير ذلك من الآيات. تعني أن جميع الحسنات بخلق الله تعالى. فما لهم لا يفهمون ذلك! أما العبد فليس له إلا الكسب الذي هو مدار الثواب.
وأما قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} فهو على سبيل الإنكار، والكلام على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري. والتقدير: فما
أصابك إلا الله تعالى، أي كيف تكون هذه التفرقة أمرا واردا على سبيل مجرد السببية ذلك دون الإيجاد والخلق توفيقا بين الكلامين؛ لأنه يمكن تأويل الآية الأخيرة بأحد هذين الوجهين المذكورين ولا يمكن تأويل الأولى، فيتعين حمل الثانية على الأولى دون العكس.
وأما قوله تعالى توبيخا للكفار: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا}
وقوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ}
وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ}
وقوله: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}
وقوله: {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}
وقوله: {لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}
وقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}
وقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}
وقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}
وأمثال ذلك من الآيات، فهو محمول على السببية والكسب والجزء الاختياري الذي هو مناط التكليف ومدار الثواب والعقاب؛ لا على الإيجاد والخلق والتأثير، توفيقا بين هذه الآيات السابقة المعارضة لها ظاهرا، لأنه يمكن تأويل هذه الآيات بالحمل على الكسب والجزء الاختياري والسببية. ولا يمكن تأويل الآيات السابقة المصرحة بأن جميع أفعال العبادبخلق الله تعالى بتأويل حسن يقبله العقل المستقيم،
كما أول بعض الشيعة بأن الفعل يجوز أن يسند ما له دخل في الجملة، ولا شك أن الله مبدئ لجميع الكائنات وينتهي إليه الكل، فلهذا السبب جاز إسناد أفعال العباد إليه.
أقول: ولا يخفى عليك أن تأويل الآيات الدالة على أن أفعال العباد بقدرتهم بمثل هذه التأويل أولى أو أحق من تأويل الآيات المصرحة بأن جميع أفعال العباد بخلق الله تعالى بذلك التأويل، محافظة لتوحيد الحالق، ويكفي الكسب في ترتيب الثواب والعقاب، ولا تكفي السببية في توحيد الخالق، على أن نسبة المدخلية في الجملة إلى الله تعالى مع كونه الفاعل الخالق على الإطلاق إنما هو من سوء الأدب:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} بل الحري بأن يكون له مدخل في الفعل إنما هو العبد لكونه كاسبا
وله الجزء الاختياري في فعله لا الخلق والإيجاد والتأثير، إذ لا مؤثر ولا خالق في الوجود سوى الله تعالى، مع أنه إن أراد بمدخلية الله تعالى في أفعال العباد أن أفعالهم صادرة بإرادته تعالى فقد ثبت مطوبنا من أنه لا يمكن صدور شيء في الوجود إلا بإرادته وقدرته تعالى، وإن أراد أفعال العباد حادثة بمجموع قدرة الله تعالى وقدرة العبد لزم القصور في قدرة الله تعالى.
والشيعة خالفوا في ذلك فقالوا إن أفعال العباد صادرة منهم بتأثيرهم وإيجادهم كالمعتزلة.
نعم، توحيد الخالق ليس من الأمور المهمة التي تجب محافظتها
عند الشيعة، لأنهم يعتقدون أن عليا وأولاده رضي الله عنهم
يتصرفون في الكائنات ويفعلون ما يشاؤون بإرادتهم. بل قال بعضهم: إن عليا كرم الله وجهه هو المقدر للأرزاق، كما قال ابن معتوق الحويزي من شعرائهم -لعنه الله- في مدحه رضي الله عنه:
ومعدن العلم مهبط الوحي ** لا بل مقدّر الأرزاق
والرافضة مع مخالفتهم لله تعالى فقد بارزوا الله تعالى بإثبات
قدرة خالقة لهم لقدرته تعالى، والكلام على هذه المسألة بالتفصيل